المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "



ماكـولا
01-02-2012, 12:45 AM
صفات الله جل في علاه , صفات مثلى , تبارك القدوس عما خاض في غمار صفاته الجاهلون , وتنزه الباري عن ما وصفه الافاكون , وتبارك الرب القدير

قد لخص الله قاعدة بين الخالق والمخلوق , والرب والمربوب , وباين بين صفاتهم في ابلغ عبارة واوجز نظارة
فقال جل من قال " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"

فأثبت سمع وبصر , مع علمه بأنه مخلوقاته قد خلقها بسمع وبصر فأشار لكل ذي لب وعقل , بأنه الرب الجليل وانه لا مماثلة بينه وبين مخلوقاته , وان وجدت المشابه في الصفة الا انها منفية المثلية !

فكذلك الله ووجوده ووصفاته وان اشتركت مع وجود المخلوق المربوب وصفاته المحدثة , فهي لا تماثل سمع الله ولا بصره !

فوجود الله ليس كوجود الانس او الجن , وان اشتركوا في الوجود , فكما انه لا يُنفى الوجود لاجل التنزيه ! فكذلك لا تعطل الصفة لاجل ما يرد على الخاطر من امور مجانبة لصحيح المنقول وعين المعقول .

والقول في الذات كالقول بالصفات سواءاً بسواء , فكما ان علم الله ليس كعلم الانس ولا الجن , وكذا الرحمة والرأفة التي هي من صفات مطلق الكمال للخالق , وان كان قد وصف بها نبيه صلى الله عليه وسلم على كونها صفة مطلقة مقيدة بالمخلوق فوصف نبيه بكونه " رؤوف رحيم " وان كان الله قد قال عن نفسه " رؤوف رحيم ", ومعلومٌ بأن كلتا الصفتين لا مماثلة بينهما وان وقعت المشابهة.


فقول الله لابليس " ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي .." كقول الله " والملائكة باسطوا ايديهم " وقوله " وخذ بيدك ضغثا "

فالعرب تعي وتفهم معنى اليد , ولكنها لا تعرف كيف تكون يد الملك المخلوق من نور , ولا تعرف ايدي الجن المخلوقة من نار , وان كانت تعي معنى اليد , الا انها لا تقيس لفساد قياس النور والنار على الطين !


ولله المثل الاعلى

فالله سبحانه عليمٌ خبيرٌ حكيمٌ وقد انزل القرآن بلسانٍ عربيٍ مبين , وما كان ربك نسياً .

و مسألة الاشارة فهي لتقريب المثال الى مقصود الكلام, دون قصد تكلف في تشبيه أو تكييف للصفة , فهذا جائز وهو من عادة العرب , وهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم

فقد روى اهل السنن من حديث ابي هريرة رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " - إلى قوله - " إن الله كان سميعا بصيرا " رأيت النبي صلى الله عليه و سلم يضع إبهامه على أذنه وأصبعه الدعاء على عينه

وما رواه البخاري من حديث انس حديث أنس رضي الله عنه : "إنَّ الله لا يخفى عليكم إنَّ الله ليس بأعور (وأشار إلى عينيه) ، وإن المسيح الدجال أعور عين اليمنى ، كأن عينه عنبة طافية". رواه البخاري (7407) .


قال ابن خزيمة في (كتاب التوحيد) (1/97) بعد أن ذكر جملة من الآيات

تثبت صفة العين : (فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما ثبَّت الخالق البارئ لنفسه من العين ، وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد ثبَّته الله في محكم تَنْزيله ببيان النبي صلى الله عليه الذي جعله الله مبيِّناً عنه عَزَّ وجلَّ في قوله : " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ " ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التَنْزيل ، الذي هو مسطور بين الدفتين ، مقروء في المحاريب والكتاتيب) .

وقال (1/114) : "نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى ، وما في السماوات العلى ".

وبوَّب الَّلالَكَائي في (أصول الاعتقاد) (3/412) بقوله : (سياق ما دل من كتاب الله عَزَّ وجلَّ وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن صفات الله عَزَّ وجلَّ الوجه والعينين واليدين).


وكلام الائمة معلوم في اثبات ما اثبته الله في كتابه من غير تحريف ولا تغيير ولا تكييف ولا تأويل ولا تعطيل .

والله الهادي , لان يبصرنا به , لنعبده حق عبادته على هدى مستقيم , وليكرمنا بالثبات على الذي يحبه ويرضاه سبحانه جل في علاه

فصفات الله جل في علاه الذاتية والفعلية تمر كما هي بلا تمثيل ولا تكييف ولا تأويل ولا تعطيل , فنؤمن بقول الله " ما منعت ان تسجد لما خلقت بيدي " وانها يدين تليقان بجلاله لا نعرف كيفيتها اذ ان معرفة الكيفية يستلزم معرفة الصفة ! فنؤمن بالمعنى , وننفوض الكيفية لكوننا عرب
والقرآن نزل بهذا اللسان العربي المبين , ولكوننا نفهم قول ربنا " والملائكة باسطوا ايديهم " ولكننا نجهل كيفية يد الملك الذي خلق من نور , ونؤمن بمنعى اليد التي لا تشاكل ايادي البشر , كما قال الله عن الانسي " لان بسطت الي يدك ... " علمنا بأنها كأيادي البشر لكونهم كذلك , وان جهلنا حيثيتها بالتحديد .

وعلى هذا اجماع السلف في اثبات الصفات على ما ذكرت

ابن عبد البر الصغير
01-03-2012, 01:22 AM
جزاك الله خيرا :


وكلام الائمة معلوم في اثبات ما اثبته الله في كتابه من غير تحريف ولا تغيير ولا تكييف ولا تأويل ولا تعطيل

ولا تمثيل أيضا، لأن الآية مدارها نفي التشبيه والتمثيل .

نمرها صريحة كما أتت *** مع اعتقادنا لما له اقتضت

من غير تحريف ولا تعطيل *** وغير تكييف ولا تمثيل

بل قولنا قول أئمة الهدى *** طوبى لمن بهديهم قد اهتدى‏.


ومثل هذا ما جاء في اللمعة للإمام ابن قدامة الحنبلي : "فمما جاء من آيات الصفات قول الله عز وجل (ويبقى وجه ربك) الرحمن 27 وقوله سبحانه وتعالى (بل يداه مبسوطتان) المائدة 64 وقوله تعالى إخبارا عن عيسى عليه السلام أنه قال (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) المائدة 116 وقوله سبحانه ‏(وجاء ربك)‏ الفجر 22 وقوله تعالى ‏(هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله)‏البقرة 210 وقوله تعالى‏(رضي الله عنهم ورضوا عنه)‏‏ المائدة 119 وقوله تعالى‏(‏يحبهم ويحبونه‏)‏ المائدة 54 وقوله تعالى في الكفار ‏(‏غضب الله عليهم‏)‏ الفتح 6 وقوله تعالى ‏(‏اتبعوا ما أسخط الله‏)‏الفتح 6‏‏ وقوله تعالى (كره الله انبعاثهم)‏ التوبة 46

ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة الى سماء الدنيا‏"‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏"‏يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة‏"‏

وقوله‏:‏ ‏"‏يضحك الله الى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة‏.‏‏"‏

فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته نؤمن به ولا نرده ولا نجحده ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره ولا نشبهه بصفات المخلوقين ولا بسمات المحدثين ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير ‏(‏ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‏)‏ الشورى 11 وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه‏.‏ "

وقول الإمام الحافظ الحكمي في شرحه لسلم الوصول :" أي ومن غير تشبيه لشيء من صفات الله بصفات خلقه، فكما أنا نثبت له ذاتا لا تشبه الذوات، فكذلك نثبت له ما أثبت لنفسه من الأسماء والصفات، ونعتقد تنزهه وتقدسه عن مماثلة المخلوقات ‏(‏ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‏)‏، ‏(‏الشورى 11‏)‏، وإذا كان القول على الله بلا علم في أحكام الشريعة، هو أقبح المحرمات كما قال تعالى‏:‏ ‏(‏قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركروا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون‏)‏، ‏(‏الأعراف 33‏)‏ فكيف بالقول على الله بلا علم في إلهيته وربوبيته، وأسمائه وصفاته من تشبيه خلقه به أو تشبيهه لخلقه في اتخاذ الأنداد معه، وصرف العبادة لهم، وإن اعتقاد تصرفهم في شيء من ملكوته تشبيه للمخلوق بالخالق، كما أن تمثيل صفاته تعالى بصفات خلقه تشبيه للخالق بالمخلوق، وكلا التشبيهين كفر بالله عز وجل أقبح الكفر، وقد نزه الله تعالى نفسه عن ذلك كله في كتابه، كما قال تعالى‏:‏ ‏(‏قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد‏)‏، وقال تعالى‏:‏ ‏(‏رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا‏)‏، ‏(‏مريم 65‏)‏، وقال تعالى‏:‏ ‏(‏فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‏)‏، وقال تعالى‏:‏ ‏(‏للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم‏)‏، ‏(‏النحل 60‏)‏، وقال تعالى‏:‏ ‏(‏فلا تضربوا الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون‏)‏، ‏(‏النحل 74‏)‏، وغير ذلك من الآيات، بل جميع القرآن من أوله إلى خاتمته في هذا المعنى، بل لم يرسل الله تعالى رسله، ولم ينزل كتبه إلا بذلك ‏(‏والله يقول الحق وهو يهدي السبيل‏)‏، ‏(‏الأحزاب 4‏)‏‏.‏ ".

ماكـولا
01-03-2012, 01:35 AM
بارك الله فيكم

جُنيد الله
01-03-2012, 01:37 AM
بارك الله فيك استاذ ماكولا
يقول الشهرستاني_رحمه الله:
"اعلم ان جماعة كثيرة من السلف بثبتون لله صفات أزلية من العلم و القدرة و الحياة و الارادة و السمع و البصر و الكلام,و لا بفرقون بين صفات الذات و صفات الافعال و يسوقونها سوقا واحدا
و كذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين و الرجلين و الوجه و لا يؤولون ذلك,ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات و السلف يثبتونها ,سمي السلف صفاتية و المعتزلة معطلة.فبلغ بعض السلف في
اثبات الصفات حد التشبيه بصفات المحدثات"

ماكـولا
01-03-2012, 02:09 AM
حفظكم الرحمن

اما قوله
فبلغ بعض السلف في اثبات الصفات حد التشبيه بصفات المحدثات
اغلب من تكلم في طريقة السلف لم يفهم طريقتهم في امرار الصفة مع تفويض الكيفية وعلمهم بمعنى الصفة , فظن بعضهم انهم شابهوا بين الخالق والمخلوق , مع كون المراد من ذلك ان القول في الذات انها مغيرة لذوات المحدثات , كالقول في الصفات , فلكلٍ صفاته التي تليق به , ولله سبحانه المثلى الاعلى .

فطريقة السلف معروفة وتجد كثيراً من كلامهم مبثوثاً في الموضوع المثبت في هذا القسم .

فقول الشهرستاني -رحمه الله - " فبلغ بعض السلف .." ان كان المقصود ان هذه المذهب قد حدا بهم الى القول بذلك , فهذا غير سديد , وليست طريقتهم
وقد بالغوا في الانكار على من خالفهم سواءاً منهم النافين او الغالين , ولا يحدو بصاحبه القول بالمذكور الا اذا وقع في المحظور, وهو عدم فهمه لما قد تقرر من عقيدة السلف في الصفات

ومقولة الامام مالك معلومة مشهور وقيل انه اخذها من شيخة , وقيل هي من قول ام سلمة , وقوله " الاستواء معلوم , والكيف مجهول , والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة "
فمن قال ان القول بالاستواء هو مشابه لاستواء المخلوق فقد أخطأ , فكما ان ذات الله سبحانه ليس كمثلها شيء , فكذلك صفاته سواءاً بسواء
فإن الكلام على الصفات كالكلام في الذات
شيء احببت توضيحه
بارك الله فيك

التواضع سيصون العالم
01-03-2012, 02:23 AM
أمرها بدون كيف و اخرج من زحم الجدالات.... : ) : )

ابن عبد البر الصغير
01-03-2012, 02:56 AM
الشهرستاني حسب فهمي لكتابه الملل والنحل يقصد بالسلف، المعنى اللغوي وليس الاصطلاحي، وقد أدخل في هذا المصطلح عددا من علماء الكلام وغيرهم، وحتى في تقسيمه للفرق فقد اعتبر "الصفاتية" هم أهل السنة والجماعة والأشاعرة والماتريدية والمشبهة والكرَّامية.

وهو يقصد بالمشبهة الحشوية كالهشامين من الشيعة ومضر وكهمس وأحمد الهجيمي والكرَّامية ومن وافقهم في معتقداتهم من بعض أهل الحديث.

ماكـولا
01-03-2012, 02:56 AM
حفظكم الرب
اذا امرها المكلف بلا كيف فقد آمن بها , وخرج من الزحمة , لمحدودية العقل في تكييف ما لا يدركه
بارك الله فيك