المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في الكتب المخطوطة المنسوبة لأبي الحسن الأشعري



حسن الخطاف
11-23-2005, 10:41 AM
قراءة في الكتب المخطوطة المنسوبة لأبي الحسن الأشعري
تمهيد :
خلف الأشعري وراءه إنتاجا يشهد على غزارة علمه وتنوع ثقافته ، فله ما يقرب من مائة مصنف بين صغير كبير ، وصلنا من مصنفاته بضعة مصنفات وهي مطبوعة ، وهذه المصنفات هي:
1- الإبانة عن أصول الديانة .
2- رسالة استحسان الخوض في علم الكلام .
3- رسالة أهل الثغر .
4- اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع .
5- مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين .
6- رسالة في الإيمان .
المصنفات المخطوطة :
إضافة إلى الكتب السابقة هناك ثلاثة كتب مخطوطة منسوبة للأشعري وهو منها براء وهي :
1- شجرة اليقين وتخليق نور سيد المرسلين وبيان حال الخلق يوم الدين:
يعد هذا الكتاب من الكتب المنسوبة للأشعري وهو منه بريئ ، وقد اطلعت على هذا المخطوط في مخطوطات تونس ، وله أربع نسخ تحمل نفس التسمية مكتوبة بخط مغربي ، واحدة في مخطوطات المكتبة العبدلية، ذات رقم( 8846 ) ،وعدد صفحاتها(71) ، مسطرة (15)،مقاس (20,5 × 15,5 ) والنسخ الأُخرفي مخطوطات في دار الكتب الوطنية
أما مضمونه فيشير إليه العنوان ، وبدايته:
(( الحمد لله رب العالمين ، والصلاة السلام على خير البرية وآله أجمعين ، أما بعد : فقد جاء في الخبر ،أن الله تعالى خلق شجرةً من نوره ، فسماها شجـرة اليقين ثم خلق نور سيدنا محمدٍ r في حجاب من درةٍ بيضاء ، مثله كمثل الطاووس ، ووضعها على تلك الشجرة ، فسبح عليها مقدار سبعين سنة )) ثم جاء فيه عن الرسول r (( فمن عرق رأسه خلق الملائكة ، ومن عرق وجهه خلق العرش والكرسي واللوح …ومن عرق ظهره خلق البيت المعموروالكعبة))
وأهم أبوابه : في خلق آدم عليه السلام ،وذكر الملائـكة والموت والأرواح ، والقبر والمصيبة عند الموت ، وخروج الروح من البدن ، وذكر الصور والبعث والحشر ، وذكر الميزان والصراط، والنار وصفتها.
هذه هي أهم الأبواب ، التي تكلم عنها الكتاب ، وهو مدسوس على الأشعري ، والكشف عن ذلك لا يحتاج إلى مزيد تأمل ، فلا نعتقد أن الأشعري يصل مستواه العلمي إلى هذا المستوى .
2- الدرة الفريدة في العقيدة :
لم نجد إشارة إلى هذا المخطوط لدى الذين اهتموا بآ ثارالأشعري ، وهو موجود برقم (895) في مخطوطات المكتبة الوطنية بتونس ، وهو مكتوب بخطٍ مغربي ، نسخ في سنة (1060 هـ ) على يد فتح الله ابن محمد ، وهو عبارة عن (3) صفحات ، مقاس ( 20×14 ) ، مسطرة (17 ).
أما مضمونه فيتعلق بالعقيدة ، وبدايته (( قال شيخ السنة ، وإمام أهل لسان المتكلمين ، وعمدة العارفين إمامنا وسيدنا أبو الحسن الأشعــري رضي الله عنه : الحمد لله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ولا يُحاط بقدره وهو على كل شيءٍ قدير ، تعالى عن إدراك الإفهام ، وتنزه عن تخيل الأوهام)).
أما عن نسبته للأشعري ، فقد تبين لنا بعد طول بحث ، أن هذا المخطوط أُنتحل من كتاب الغزالي ( قواعد العقائد في التوحيد ) ونُسب للأشعري ، والمقارنة بين الكتابين تكشف عن ذلك ، فهما متساويان من حيث الحجم ، وأما من حيث المضمون فهما متفقان تمام الاتفاق ، ونكتفي بالمقارنة التالية فيما يتعلق بالإلهيات.
التنزيه :
يقول الغزالي : (( وأنه ليس بجسمٍ مصور ، ولا جوهرٍ محدودٍ مقدر ، وأنه لا يماثل الأجسام …فلا يماثل موجوداً ولا يماثله موجود… ولا تحيط به الجهات ولا تكتنفه الأرضون ولا السماوات)).
وجاء في المخطوط في بيان تنزيه الله : (( ليس بجسمٍ مصور ، ولا جوهرٍ محدود مقدر، لا يماثل شيئاً ولا يماثله شيء ، لا تحويه الجهات ، ولا تحيط به الأرض والسماوات )) .
الاستواء :
لقد تكلم الغزالي مباشرة بعد الكلام السابق عن الاستواء (( وأنه مستوٍ على العرش على الوجه الذي قاله ، وبالمعنى الذي أراده ، استواءً منزهاً عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال ، لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ومقهورون في قبضته . . . رفيع الدرجات عن العرش والسماء ، كما أنه رفيع الدرجات عن الأرض والثرى ، وهو مع ذلك قريب من كل موجود ، وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد )) .
وكذلك جاء الحديث عن الاستواء في المخطوط ، مباشرة بعد التنزيه مُنتحلا بشكلٍ حرفي من كتاب الغزالي: (( استوى على العرش المجيد ، على الوجه الذي قاله ، والمعنى الذي أراده ، استواءً منزهاً عن المماسة والاستقرار ، والتمكن والحلول والانتقال ، وأنه تعالى لا يحمله العرش ، بل العرش وحملته محمولون بلطيف قدرته ، ومقهورون في قبضته ، رفيع الدرجات عن العرش ، كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى ، وهو مع ذلك قريب من الورى أقرب إلى العبد من حبل الوريد )).
وتكلم الغزالي عن صفة الحياة والقدرة والعلم والإرادة والسمع والبصر والكلام ، وتحدث صاحب المخطوط عن هذه الصفات بشكل متماثل مع كلام الغزالي.
بعد هذا لعل سائلاً يقول : لماذا لا يكون الغزالي هو الذي أخذ هذا الكلام من شيخه الأشعري ؟ وبالتالي يصبح المخطوط صحيح النسبة له .
والجواب عن هذا أن ما جاء في المخطوط لا يتماشى مع نمطية تفكيره الموجودة في كتبه الأخرى وتبيين ذلك : أن الأشعري أثبت الصفات الخبرية –كاليد والاستواء –كما هو معروف عنه ، وأنكر حمل النص في هذه الصفات على المجاز ، وهذا على خلاف ما هو موجود في المخطوط ، فقوله فيها استوى على العرش على الوجه الذي قاله والمعنى الذي أراده ، لايتفق مع ما جاء في كتبه الأخرى ، فهو في كتبه الأخرى أقرب إلى إثبات صفة الاستواء ، وعليه فهذا الكلام يتفق مع فكر الغزالي في مفهومه لهذه الصفات يقول في كتابه إلجام العوام: (( وأن ما وصف الله تعالى به نفسه ، أو وصفه به رسوله ، فهو كما وصفه وحق بالمعنى الذي أراده، وعلى الوجه الذي قاله )) وهذا الكلام يتفق مع كلامه السابق في قواعد العقائد ، وأيضاً نجد في المخطوط – فيما يتعلق بكلام الله – تصريحاً بحدوث اللفظ والخط واتهاما بالضلال للقائلين بقدمه ، وهذا على خلاف ما هو موجود في كتب الأشعري ؛ حيث لم نعثر على هذا التفريق .
3- مقدمة سيدي أبي الحسن الأشعري في علم التوحيد:
أشار الأستاذ فؤاد سزكين إلى وجود هذا المخطوط له ،باسم (العقيدة ) ، على النحو التالي : (العقيدة) : الأزهر 3/278 ، عقيدة: 3203 (4 ورقات، 1150هـ ) ، أما مضمونه فقد تكلم فيه عن أهمية النظر ووجوبه ، بأن ينظر إلى مصنوعات الله ليصل إليه ، ثم تكلم عن صفات الله وخلق الأفعال ، والمعجزة والشفاعة والتوبة ، وتكلم عن الصحابة ، ولم أطلع على هذا المخطوط وهو من الكتب المدسوسة عليه أيضاً. .
وواضح بجلاء أن هذا الدس وضعه أعداؤه قصد النيل من مكانة الأشعري العلمية