كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
01-13-2012, 11:01 PM
يقول محمد قطب حفظه الله : فقد تعودنا خلال دراستنا للتاريخ أن نرد الأمر كله إلى الظروف السياسية والحربية والاقتصادية.. إلخ، كأنه أمر بشري بحت، وأرضي بحت، لا دخل فيه للسنن الربانية التي يجري من خلالها قدر الله في هذا الكون. كما تعودنا –بفعل الغزو الفكري- أن نغفل الخصوصية التي قدّرها الله لهذه الأمة بالذات.
فإذا كانت الظروف السياسية والحربية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية.. إلخ هي التي تقرر مصاير الأمم في الأرض، فليس ذلك لأن هذه الظروف لها –في ذاتها- قوة الحسم والفصل، كما تُخَيَّلُ إلينا مناهج التأريخ الجاهلية، ولكن لأن سنة الله في الأمم الجاهلية أن يكلها إلى الأسباب التي تتخذها، وتجعلها أنداداً من دون الله:
(مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ) .
أي ينالون من النتائج بقدر ما يبذلون من الجهد.
بل قد يزيدهم الله نجاحاً وتمكيناً كلما أمعنوا في البعد عنه، والركون إلى الأسباب الأرضية:
(فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ..) .
وكل ذلك إلى حين، وعلى حساب نصيبهم في الآخرة:
(فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) .
(مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ، أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) .
أما قدر الله للأمة المسلمة فمختلف. ولهذه الأمة خصوصية في قدر الله..
وليست الخصوصية أن ينصرها الله ويمكن لها في الأرض دون أن تتخذ الأسباب كما توهمت الأمة في عهودها الأخيرة!
كلا! فهذا مخالف للسنن العامة التي أجراها الله في حياة البشر جميعاً، مؤمنهم وكافرهم على السواء.. وفي كتاب الله نصوص صريحة تلزم هذه الأمة باتخاذ الأسباب:
(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ..) .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) .
(هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ...) .
ولكن الخصوصية هي أن الله لا ينصر هذه الأمة إلا حين تتخذ الأسباب من خلال توكلها على الله، أي من خلال العقيدة الصحيحة.. أي من خلال توجهها إلى الله واستمساكها بدينه. وهي خصوصية متناسبة مع التكليف الضخم الذي كلفته هذه الأمة، وأنها أمة خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ) .
(وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ) .
فالأسباب الأرضية وحدها –التي يكل الله الجاهليين إليها، وينصرهم بها ويمكن لهم في الأرض بمقدار ما يجتهدون فيها –لا تصلح وحدها سنداً لهذه الأمة، وأداة للتمكين والنصر ما لم يوثقوا صلتهم بالله؛ وأبرز دليل على ذلك هزيمة المسلمين يوم حنين، بينما الأسباب الأرضية كانت في جانبهم، حين غفلوا لحظة عن التوكل الحق على الله، وقالوا: لن نغلب اليوم من قلة! ثم عودة النصر إليهم في نفس المعركة حين عدّلوا موقفهم النفسي ورجعوا إلى الله:
(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ، ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ) .
بينما يبارك الله في الأسباب ويضاعف ثمارها حين يصدق التوكل على الله:
(قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ) .
(..وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
(وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) .
وأبرز دليل على ذلك في تاريخنا المعاصر انتصار المجاهدين الأفغان على أضعاف أضعافهم من العدد والعدة والأسباب الأرضية، التي كان يجب أن تؤدي –في حسابات البشر الأرضية- إلى انتصار الروس!
فإذا كانت الظروف السياسية والحربية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية.. إلخ هي التي تقرر مصاير الأمم في الأرض، فليس ذلك لأن هذه الظروف لها –في ذاتها- قوة الحسم والفصل، كما تُخَيَّلُ إلينا مناهج التأريخ الجاهلية، ولكن لأن سنة الله في الأمم الجاهلية أن يكلها إلى الأسباب التي تتخذها، وتجعلها أنداداً من دون الله:
(مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ) .
أي ينالون من النتائج بقدر ما يبذلون من الجهد.
بل قد يزيدهم الله نجاحاً وتمكيناً كلما أمعنوا في البعد عنه، والركون إلى الأسباب الأرضية:
(فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ..) .
وكل ذلك إلى حين، وعلى حساب نصيبهم في الآخرة:
(فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) .
(مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ، أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) .
أما قدر الله للأمة المسلمة فمختلف. ولهذه الأمة خصوصية في قدر الله..
وليست الخصوصية أن ينصرها الله ويمكن لها في الأرض دون أن تتخذ الأسباب كما توهمت الأمة في عهودها الأخيرة!
كلا! فهذا مخالف للسنن العامة التي أجراها الله في حياة البشر جميعاً، مؤمنهم وكافرهم على السواء.. وفي كتاب الله نصوص صريحة تلزم هذه الأمة باتخاذ الأسباب:
(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ..) .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) .
(هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ...) .
ولكن الخصوصية هي أن الله لا ينصر هذه الأمة إلا حين تتخذ الأسباب من خلال توكلها على الله، أي من خلال العقيدة الصحيحة.. أي من خلال توجهها إلى الله واستمساكها بدينه. وهي خصوصية متناسبة مع التكليف الضخم الذي كلفته هذه الأمة، وأنها أمة خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ) .
(وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ) .
فالأسباب الأرضية وحدها –التي يكل الله الجاهليين إليها، وينصرهم بها ويمكن لهم في الأرض بمقدار ما يجتهدون فيها –لا تصلح وحدها سنداً لهذه الأمة، وأداة للتمكين والنصر ما لم يوثقوا صلتهم بالله؛ وأبرز دليل على ذلك هزيمة المسلمين يوم حنين، بينما الأسباب الأرضية كانت في جانبهم، حين غفلوا لحظة عن التوكل الحق على الله، وقالوا: لن نغلب اليوم من قلة! ثم عودة النصر إليهم في نفس المعركة حين عدّلوا موقفهم النفسي ورجعوا إلى الله:
(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ، ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ) .
بينما يبارك الله في الأسباب ويضاعف ثمارها حين يصدق التوكل على الله:
(قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ) .
(..وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
(وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) .
وأبرز دليل على ذلك في تاريخنا المعاصر انتصار المجاهدين الأفغان على أضعاف أضعافهم من العدد والعدة والأسباب الأرضية، التي كان يجب أن تؤدي –في حسابات البشر الأرضية- إلى انتصار الروس!