هذه سبيلي
01-15-2012, 09:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال لي شيخ الإسلام
قال الإمام ابن قيم الجوزية :
و قال لي شيخ الإسلام يرحمه الله -
و قد جعلت أُورد عليه إيرادًا بعد إيراد- :
" لا تَجْعَلْ قلبك للإيرادات و الشبهات مثل السِّفِنْجَةِ ، فيتشرَّبَها ، فلا ينضحَ إلاَّ بها ،
و لكنِ اجعله كالزّجاجةِ الْمُصْمَتَةِ تَمُرُّ الشُّبُهاتُ بظاهرها ، و لا تستقرُّ فيها ،
فيراها بصفائه ، و يدفعها بصلابته ،
و إلا فإذا أشْرَبْتَ قلبَكَ كلَّ شبهةٍ تمرُّ عليها صار مَقَرًّا للشُّبُهاتِ " أو كما قال .
فما أعلم أنِّي انتفعت بوصيَّة في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك .
و إنَّما سُمِّيَتِ الشُّبْهةُ شُبهةً لإشتباه الحقِّ بالباطل فيها ؛ فإنَّها تلبس ثوبَ الحق على جسم الباطل ،
و أكثرُ الناسِ أصحاب حُسْنِ ظاهرٍ ، فينظرُ الناظرُ فيما أُلْبِسَتْهُ منَ اللِّباس فيعتقدُ صحَّتَها .
و أما صاحب العلم و اليقين ؛ فإنه لا يغترُّ بذلك ، بل يجاوز نظره إلى باطنها و ما تحتَ لباسها ،
فينكشفُ له حقيقتُها ، و مثالُ هذا: الدرهم الزائفِ ؛
فإنه يغترُّ به الجاهل بالنقد نظرًا إلى ما عليه من لباس الفضَّة ،
و الناقد البصير يجاوز نظره إلى ما وراء ذلك فيطَّلعُ على زيفه .
فاللفظ الحسن الفصيح هو للشبهة بمنزلة اللباس من الفضة على الدِّرهم الزائف ،
و المعنى كالنحاس الذي تحته .
و كم قَدْ قَتَلَ هذا الاغترارُ مِن خَلْقٍ لا يحصيهم إلا اللهُ !
و إذا تأمَّل العاقلُ الفَطِنُ هذا القدر و تدبَّره رأى أكثرَ النَّاسِ يقبل المذهَبَ و المقالة بلفظٍ ،
و يردُّها بعينها بلفظٍ آخر .
و قد رأيتُ أنا من هذا في كُتُبِ النَّاس ما شاء الله .
المصدر : (( مفتاح دار السعادة ))
المجلد الأول / الصحفة ( 443 )
----------------
من بريدي
قال لي شيخ الإسلام
قال الإمام ابن قيم الجوزية :
و قال لي شيخ الإسلام يرحمه الله -
و قد جعلت أُورد عليه إيرادًا بعد إيراد- :
" لا تَجْعَلْ قلبك للإيرادات و الشبهات مثل السِّفِنْجَةِ ، فيتشرَّبَها ، فلا ينضحَ إلاَّ بها ،
و لكنِ اجعله كالزّجاجةِ الْمُصْمَتَةِ تَمُرُّ الشُّبُهاتُ بظاهرها ، و لا تستقرُّ فيها ،
فيراها بصفائه ، و يدفعها بصلابته ،
و إلا فإذا أشْرَبْتَ قلبَكَ كلَّ شبهةٍ تمرُّ عليها صار مَقَرًّا للشُّبُهاتِ " أو كما قال .
فما أعلم أنِّي انتفعت بوصيَّة في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك .
و إنَّما سُمِّيَتِ الشُّبْهةُ شُبهةً لإشتباه الحقِّ بالباطل فيها ؛ فإنَّها تلبس ثوبَ الحق على جسم الباطل ،
و أكثرُ الناسِ أصحاب حُسْنِ ظاهرٍ ، فينظرُ الناظرُ فيما أُلْبِسَتْهُ منَ اللِّباس فيعتقدُ صحَّتَها .
و أما صاحب العلم و اليقين ؛ فإنه لا يغترُّ بذلك ، بل يجاوز نظره إلى باطنها و ما تحتَ لباسها ،
فينكشفُ له حقيقتُها ، و مثالُ هذا: الدرهم الزائفِ ؛
فإنه يغترُّ به الجاهل بالنقد نظرًا إلى ما عليه من لباس الفضَّة ،
و الناقد البصير يجاوز نظره إلى ما وراء ذلك فيطَّلعُ على زيفه .
فاللفظ الحسن الفصيح هو للشبهة بمنزلة اللباس من الفضة على الدِّرهم الزائف ،
و المعنى كالنحاس الذي تحته .
و كم قَدْ قَتَلَ هذا الاغترارُ مِن خَلْقٍ لا يحصيهم إلا اللهُ !
و إذا تأمَّل العاقلُ الفَطِنُ هذا القدر و تدبَّره رأى أكثرَ النَّاسِ يقبل المذهَبَ و المقالة بلفظٍ ،
و يردُّها بعينها بلفظٍ آخر .
و قد رأيتُ أنا من هذا في كُتُبِ النَّاس ما شاء الله .
المصدر : (( مفتاح دار السعادة ))
المجلد الأول / الصحفة ( 443 )
----------------
من بريدي