د. هشام عزمي
12-01-2005, 12:26 AM
الحمد لله ، أما بعد ..
إن أشرف الناس وأعلاهم قدرًا وهمة أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أغير الخلق على الأمة ، والله سبحانه وتعالى أشد غيرة منه كما ثبت في الصحيحين عنه صلوات ربي وسلامه عليه أنه قال (( أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغير منه ، والله أغير مني )).
وفي صحيح مسلم كذلك في خطبة الكسوف : (( يا أمة محمد ، ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو ترني أمته )).
يقول ابن القيم في الجواب الكافي : (( وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة ، ومن لا غيرة له لا دين له ؛ فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح ، فتدفع السوء والفواحش ، وعدم الغيرة تميت القلب فتموت له الجوارح ؛ فلا يبقى عندها دفع البتة .
ومثل الغيرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه ، فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلاً ولم يجد دافعًا ، فتمكن فكان الهلاك ، ومثلها مثل صياصي الجاموس التي تدفع بها عن نفسه وعن ولده ، فإذا كسرت طمع فيه عدوه )) ابن القيم ، الجواب الكافي ص71 .
لكن هذه الغيرة لبست بلا ضابط ، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب اليه العذر من الله ، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين )).
يقول ابن القيم : (( فجمع في هذا الحديث بين الغيرة التي أصلها كراهة القبائح وبغضها ، وبين محبة العذر الذي يوجب كمال العدل والرحمة والاحسان ، والله سبحانه - مع شدة غيرته - يحب أن يعتذر إليه عبده ، ويقبل عذر من اعتذر اليه ، وأنه لايؤاخذ عبيده بارتكاب ما يغار من ارتكابه حتى يعذر اليهم ، ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه إعذارًا وإنذارًا ، وهذا غاية المجد والاحسان ونهاية الكمال .
فان كثيرا ممن تشتد غيرته من المخلوقين تحمله شدة الغيرة على سرعة الإيقاع والعقوبة من غير إعذار منه ، ومن غير قبول لعذر من اعتذر اليه ، بل قد يكون له فى نفس الامر عذر ولاتدعه شدة الغيرة أن يقبل عذره ، وكثير ممن يقبل المعاذير يحمله على قبولها قلة الغيرة حتى يتوسع في طريق المعاذير ، ويرى عذرًا ما ليس بعذر ، حتى يعتذر كثير منهم بالقدر ، وكل منهما غير ممدوح على الاطلاق .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن من الغيرة ما يحبها الله ، ومنها ما يبغضها الله ، فالتي يبغضها الله الغيرة من غير ريبة ... )) وذكر الحديث .
وإنما الممدوح اقتران الغيرة بالعذر ، فيغار في محل الغيرة ، ويعذر في موضع العذر )) المصدر السابق ص70 .
يتبع إن شاء الله . . .
إن أشرف الناس وأعلاهم قدرًا وهمة أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أغير الخلق على الأمة ، والله سبحانه وتعالى أشد غيرة منه كما ثبت في الصحيحين عنه صلوات ربي وسلامه عليه أنه قال (( أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغير منه ، والله أغير مني )).
وفي صحيح مسلم كذلك في خطبة الكسوف : (( يا أمة محمد ، ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو ترني أمته )).
يقول ابن القيم في الجواب الكافي : (( وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة ، ومن لا غيرة له لا دين له ؛ فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح ، فتدفع السوء والفواحش ، وعدم الغيرة تميت القلب فتموت له الجوارح ؛ فلا يبقى عندها دفع البتة .
ومثل الغيرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه ، فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلاً ولم يجد دافعًا ، فتمكن فكان الهلاك ، ومثلها مثل صياصي الجاموس التي تدفع بها عن نفسه وعن ولده ، فإذا كسرت طمع فيه عدوه )) ابن القيم ، الجواب الكافي ص71 .
لكن هذه الغيرة لبست بلا ضابط ، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب اليه العذر من الله ، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين )).
يقول ابن القيم : (( فجمع في هذا الحديث بين الغيرة التي أصلها كراهة القبائح وبغضها ، وبين محبة العذر الذي يوجب كمال العدل والرحمة والاحسان ، والله سبحانه - مع شدة غيرته - يحب أن يعتذر إليه عبده ، ويقبل عذر من اعتذر اليه ، وأنه لايؤاخذ عبيده بارتكاب ما يغار من ارتكابه حتى يعذر اليهم ، ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه إعذارًا وإنذارًا ، وهذا غاية المجد والاحسان ونهاية الكمال .
فان كثيرا ممن تشتد غيرته من المخلوقين تحمله شدة الغيرة على سرعة الإيقاع والعقوبة من غير إعذار منه ، ومن غير قبول لعذر من اعتذر اليه ، بل قد يكون له فى نفس الامر عذر ولاتدعه شدة الغيرة أن يقبل عذره ، وكثير ممن يقبل المعاذير يحمله على قبولها قلة الغيرة حتى يتوسع في طريق المعاذير ، ويرى عذرًا ما ليس بعذر ، حتى يعتذر كثير منهم بالقدر ، وكل منهما غير ممدوح على الاطلاق .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن من الغيرة ما يحبها الله ، ومنها ما يبغضها الله ، فالتي يبغضها الله الغيرة من غير ريبة ... )) وذكر الحديث .
وإنما الممدوح اقتران الغيرة بالعذر ، فيغار في محل الغيرة ، ويعذر في موضع العذر )) المصدر السابق ص70 .
يتبع إن شاء الله . . .