المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مثال القطار وأهل الإلحاد



هشام بن الزبير
02-24-2012, 08:40 PM
مثال القطار

فتح صاحبنا عينيه فوجد نفسه في قطار كأن الأرض تطوى من تحته, لا يذكر إلا أنه وجد نفسه هنا, نبت في رأسه السؤال: "من جاء بي إلى هنا وإلى أين أسير؟" نظر حوله فوجد الناس منهمكين في مشاغلهم, فهذا يقرأ والآخر يلعب بجواله وتلك تُسَكِّتُ صغيرها, بدا عليهم السكون فغلب على ظنه أنهم يعلمون من أمر الرحلة ما جعلهم مطمئنين.
التفت إلى الكهل عن يمينه فسأله: " عفوا, إلى أين يتجه بنا القطار؟" نظر إليه دون أن يرفع بصره عن الجريدة وقال: " المهم أننا في القطار." ثم أطرق ليغرق في كومة الأوراق الرمادية من جديد. هم صاحبنا أن يلح عليه في السؤال لكنه عدل عن ذلك وقام إلى شاب في مقدمة العربة فسأله:
"معذرة, ما هي وجهة القطار؟" نظر إليه الشاب مستغربا وقال: "القطار هو الوجهة, هذا كل شيء." كان وقع هذا الجواب أشد عليه من سابقه, فعاد إلى مكانه وحاول أن يصنع كما يصنع الآخرون لعله يشعر ببعض السكينة, لكن الأسئلة انهالت عليه كالسهام: "لماذا؟ كيف؟ إلى أين؟" عندها قام وتنحنح وبدأت الكلمات تسيل من فيه: " أيها السادة, امنحوني لحظات من وقتكم رجاء, أنا تائه, لا أذكر شيئا من أمري إلا أني فتحت عيني ووجدتني في هذا القطار, أخبروني إلى أين نمضي ولماذا؟"
نظر حوله فوجد أكثر الناس لم يحفل به, وبعضهم اكتفى بتحريك رأسه, أحس بالضياع, نظر إليه رجل تبدو عليه أمارات النباهة يحمل كتابا, وقال له: "سيدي, لقد ذهب زمان الفلسفة, إننا في زمان العلم والتقنية والسرعة والمعلومات, فكيف تزعجنا بأسئلتك الأفلاطونية؟"
قام إليه مسرورا بجوابه قائلا: "شكرا لك أيها الأستاذ, حدثني عن العلم: ماذا يقول عن هذا القطار ومنشئه ومبتدئه ومنتهاه."
وضع الكتاب على فخذه و أجابه: "لا أحد يملك جواب سؤالك عن منشإ القطار ولا نقطة انطلاقه ولا محطة نهايته, لقد قرر العلماء أن القطار هو الغاية, وأنه قد يكون ذا صفة لا نهائية, لكنهم اجتهدوا في تحصيل العلم البراجماتي, لقد صاغوا النظريات الدقيقة التي تشرح القوانين والأنظمة التي تتحكم في القطار, وتوقفوا عن طرح مثل أسئلتك الرومانسية."
استمع صاحبنا لهذه الكلمات التي لم تزده إلا حيرة وشعر كأنه عطشان لا يجد إلا ماء أجاجا, فعاود الكرة من جديد: " فهمتك سيدي, لكن أليس من مواضيع العلم البحث عن معنى أو مغزى ما وراء وجودنا في هذا القطار؟" بدأ صبر الرجل المثقف ينفد, فقال متأففا: " للأسف لا يوجد مغزى عميق, اذهب للمطعم واحصل على بعض الطعام والكولا, شاهد بعض الأفلام, استمتع بوقتك يا رجل, هل يصعب عليك ذلك؟ استمتع بوقتك فإنك لا تدري متى تنتهي رحلتك, فاغتنم أيامك كما يفعل الجميع."
قام صاحبنا وهو يتمتم: "ليس القطار كل شيء, حتما إن لهذا الأمر معنى ومغزى, إن عقلي يدلني على ذلك, ولن أرتاح حتى يخبرني أحد ما بالحقيقة, كل الحقيقة."

ابو ذر الغفارى
02-24-2012, 09:11 PM
سبحان الله العظيم نسأل الله الطمأنينة بالايمان والثبات حتى الممات
جزاك الله خيرا مثال رائع على الأسئلة الفطرية التى من لطف الله لا تسكت فى نفس أحد الا بالايمان
ولا حيلة للكافر الا بالسكر وتغيب العقل فى الشهوات والملذات وأى شيء حتى لا يفكر بهذه الأسئلة من خلقنى ولماذا خلقنى والى أين المصير
أنى أحبك فى الله يا شيخنا

هشام بن الزبير
02-25-2012, 09:37 PM
أحبك الله الذي أحببتني فيه أخي أحمد, وتذكر دائما أني أخوك لا أقل ولا أكثر.
هذا المثال يصور حالة الضياع التي يحياها من يكبت صوت فطرته وعقله ويرضى بفتات العلم المادي الذي لا يملك أن ينفذ إلى حقائق الأشياء ولا يزيد على دراسة ظواهرها, إن الحياة رحلة نقطعها فكيف يجدر بمسافر أن يرتاح قبل أن يجهز زاده ويعرف وجهته؟

أبو عثمان
02-25-2012, 09:53 PM
الله ..
رواية رائعة ومعبرة عن الواقع المنظور , سبحان من رزقك هذه القريحة
ونحمد الله على الطمأنينة
ونلاحظ امراً مهماً اننا تفوقنا على الفلسفة المادية بعلم ما قبل وما بعد المادة , وبعبارة اخرى السبب الفاعل والسبب الغائي , اما هم فتفكيرهم ينحصر فيما بين الشيئين السابقين .
فالحمد لله علمنا اشمل وانفسنا مطمئنّه , وهم علمٌ قاصر ونفسٌ متعبة لإشتياط سياط المادية عليها ! .

بحب دينى
02-25-2012, 10:20 PM
والله يا اخى موضوع رائع جداً ، اسأل الله جل وعلا ان يجعله فى موازين حسناتك وان يرزقك الحكمه والاخلاص ...اللهم آمين

الجالامبو
02-26-2012, 01:15 AM
تجاهل أول فقرة و إستبدل كلمة "قطار" بكلمة "جنة" و أعد قراءة المقال.

Maro
02-26-2012, 02:24 AM
تجاهل أول فقرة و إستبدل كلمة "قطار" بكلمة "جنة" و أعد قراءة المقال.

بدأت تندّع أهى:
وما وجه الشبه بين كلمتى (القطار) و(الجنة) حتى تستبدل إحداهما بالأخرى؟ :eek:

مواطن
02-26-2012, 06:52 AM
جزاك الله خيرا استاذ هشام

هشام بن الزبير
02-26-2012, 01:41 PM
إخواني الكرام: أبو عثمان و بحب ديني و مارو ومواطن.
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.

هشام بن الزبير
02-26-2012, 01:48 PM
تجاهل أول فقرة و إستبدل كلمة "قطار" بكلمة "جنة" و أعد قراءة المقال.
أولا: مرحبا بك أيها الجالامبو.
ثانيا: هل شعرت أنك اعترفت لتوك بالإلحاد حين عقبت على الموضوع؟
أما اللادينية التي تدعيها فتقتضي أنك تؤمن بخالق, وأنك لا تنكر أن للوجود معنى وحكمة وإن كنت لا تدركها.
ثالثا: لم أفهم وجه الشبه بين الجنة وبين مثال القطار الذي ضربته.
فالجنة غيب, والقطار بل الكون بأسره شهادة.
والسؤال عن المعنى لا يختفي من الوجود بمجرد تغيير الألفاظ, فالجنة نفسها لها وجود ومعنى وحكمة, لكن الإشكال أن أهل الإلحاد يريدون أن ينتزعوا من الإنسان هذه النزعة الفطرية وهذا العطش الروحي لفهم معنى الحياة والحكمة من خلق الكون بما فيه, ويمنحونه ماء أجاجا من مستنقع العشوائية والصدفة والعبثية.

مشرف 9
02-29-2012, 01:36 AM
تجاهل أول فقرة و إستبدل كلمة "قطار" بكلمة "جنة" و أعد قراءة المقال.

من أذكى تعليقات الزميل الجالامبو على الإطلاق ! - لو بيدي لأعطيته جائزة -
حيث تخيل نفسه كعبقري للإلحاد واضعا إحدى قدميه على الأخرى أمام المدفأة الكبيرة وبيده كوب الشاي لينطق بعبارة واحدة - ألمعية - تهدم جمال قصة أخينا هشام بأكملها فقال ما قال !

ورغم أن لأبي جالامبو في الحقيقة عين , إلا أن زميلنا الجالامبو بلا عين - وربما بلا عقل أيضا -
فأخونا هشام وفي أول مثاله يقول عن الرجل

لا يذكر إلا أنه وجد نفسه هنا,
ونحن في الجنة نعرف كيف دخلناها وماذا كان قبلها وما هو سبب استحقاقنا لها إلخ

ويقول أخونا هشام عن نفس الرجل بطل هذا المثال

من جاء بي إلى هنا وإلى أين أسير؟
ونحن في الجنة نعرف يقينا مَن الذي أحضرنا فيها ولا تسير الجنة بالزمن لنهاية محددة كالحياة في القطار أو الدنيا أصلا ! فالقطار له نهاية وهو الوقوف , والدنيا لها نهاية وهي الموت ! وأما الجنة فخلود ولا موت ! فلعمر الله لا نعرف ما هي اللغة العقلية التي يفكر بها أمثال الزميل الجالامبو !

والله هو الشافي
- جيد تنقية المنتدى من المرضى خوفا من عدوى الـ ....... الذكاء :): -

د. هشام عزمي
02-29-2012, 02:35 AM
تجاهل أول فقرة و إستبدل كلمة "قطار" بكلمة "جنة" و أعد قراءة المقال.

ياللذكاء والألمعية ..!
القطار يرمز للجنة ..!
طيب ، الحمد لله أن الجالامبو فهم أن القصة رمزية وأن القطار مجرد رمز ..
الصورة ليست قاتمة تمامًا ..
نستطيع أن نهنئه على ذكائه في إدراك هذا الجزء على الأقل ..
لكن فهمه أن القطار في هذه القصة يرمز للجنة ..!!
لا ، لا ، هذا كثيرٌ جدًا ..!
حرام عليكم تعذيبنا بهذه اللمحات العبقرية يا بني ملحدستان ..!

هيزم
03-01-2012, 02:03 PM
الحمد لله الذي اراحنا من الجالامبو

ابو ذر الغفارى
03-01-2012, 07:12 PM
أظن ان الزميل جلامبو هداه الله يقصد أنه كما أن هذه الدنيا بما فيها لا تستطيع تقديم اجابة شافية لهذه الأسئلة الفطرية فكذلك الدين لم يفلح فى تقديم اجابة شافية وأنه كما أن الحياة الدنيا لا تصلح أن تكون هى الهدف فكذلك الآخرة لا تصلح أن تكون هى الهدف
وهذا باطل بالطبع لأن الله ما جعل هذه الأسئلة فى نفس كل انسان الا ليتوجه الى ربه فيعرفه ويعبده
ويتنعم بقربه فى الدنيا وعندها تسكن نفسه وترضى بهذا الشعور تمام الرضى
والجنة هى دار القرب من الله فسقفها عرش الرحمن وفيها يرى أهل الجنة رب العالمين
وهذا هو أعظم نعيمها كما جاء فى الأثر