AbuOmar
12-01-2005, 10:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن أكثر ما دعاني إلى أن أكتب (استفزني للكتابة :204: )، هو مقال موجود في منتدى للملاحدة بعنوان "التدليس اللغوي عند دعاة الإعجاز العلمي" حيث يسوق كاتبه بعض الأمثلة على ما يدّعيه أنه تدليس لغوي في بعض الآيات القرآنية لتصبح إعجازاً، ثم يقوم بتفصيل معاني هذه الكلمات من معاجم اللغة، بحيث يُثبت أن المعاني لا تتوافق مع الإعجاز، هذا المقال تم استقباله بالتهليل من قبل اللادينيين في منتداهم، ولم يكلف أي شخص منهم مراجعة ما نقله الكاتب من المراجع الأصلية أو استخدام مراجع أخرى لتبيان معاني الكلمات، خصوصاً أن "Godless" كان يستخدم لسان العرب في مواضع تارة ويغفله في مواضع تارة أخرى...
إنني أترك فكرة الإعجاز العلمي لحكم القارئ، وأنا لست بصدد الدفاع عن الإعجاز العلمي هنا ، وإنما هدفي هو تبيان التدليس المنهجي الذي يتبعه اللادينون في مقالاتهم بحيث يوهمون القارئ بالحيادية والمنهجية العلمية في الطرح وهو أبعد ما يكون عن ذلك.
نبدأ بالاقتباس الأول حيث يقول "Godless":
سأبدأ باية شهيرة روج لها الاعجازيون كثيرا:
{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}....(الأنعام: 125)
حيث يدعي الاعجازيون ان هذه الاية قد اخبرت بالحقيقة العلمية أنه كلما ارتفع الإنسان في السماء انخفض الضغط الجوي وقلّت كمية الأكسجين مما يتسبب في حدوث ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس...حيث
أن التغير الهائل في ضغط الجو الذي يحدث عند التصاعد السريع في السماء، يسبب للإنسان ضيقاً في الصدر وحرجاً ...
تعالوا لنرى حقيقة ما تقوله الكلمة محل الادعاء :
(يَـصّـَـعّــَدُ فِي السَّمَاءِ)
هل فعلا تعني الصعود الى اعلى؟
الحقيقة هي ان (يَـصّـَـعّــَدُ فِي) معناها ليس ما يحاول ان يلصقها بها العالم الكبير..... يصعد بتشديد الصاد --ملحقة ب :"في كذا" -- تعني محاولة -على مشقة- في عمل شيء صعب أو مستحيل ...و لك ان تطالع ما تقوله المعاجم في ذلك :
(تَصَعَّدَ) يتصعَّد، ويَصَّعَّد: تَصاعدَ. و- في الشيءِ: مضى فيه على مشقة. وفي التنزيل العزيز:كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في السَّمَاءِ . و- النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُهُ. و- الشيءُ الرَّجلَ: جَهَده وبلغ منه
لاحظوا هنا أعزائي أنه لم يستخدم غير مرجع واحد فقط، وهذا أحد مقاتل البحث العلمي، كما أنه لم يذكر اسم المعجم الذي استخدمه...
لنرى ماذا قال لسان العرب لابن منظور في هذا الموضوع:
"صعد: صَعِدَ المكانَ وفيه صُعُوداً وأَصْعَدَ وصَعَّدَ: ارتقى مُشْرِفا"... ثم ". قال الأَزهري:والاصِّعَّادُ عندي مثل الصُّعُود. قال الله تعالى: كأَنما يَصَّعِّد في السماء. يقال: صَعِدَ واصَّعَّدَ واصَّاعَدَ بمعنى واحد.".
كما أن الزبيدي في تاج العروس أقتبس نفس كلام الأزهري " قال الأزهري: والاصعاد عندي مثل الصعد، قال الله تعالى: كأنما يصعد في السماء يقال: صعد، واصعد، واصاعد، بمعنى واحد.".
هذان المعجمان يُعدّان من أمهات معاجم اللغة، وقد استخدما "يصّعّد في السماء" كمثال من القرآن على أن المعنى الارتقاء لأعلى...
ثم يستعين "Godless" ببعض كتب التفسير فيقتبس (وهو من تفسير القرآن العظيم للرازي):
وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ " كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء " يَقُول مَثَله كَمَثَلِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَصْعَد إِلَى السَّمَاء. وَقَالَ الْحَكَم بْن أَبَان عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس " كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء " يَقُول فَكَمَا لَا يَسْتَطِيع اِبْن آدَم أَنْ يَبْلُغ السَّمَاء فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَطِيع أَنْ يُدْخِل التَّوْحِيد وَالْإِيمَان قَلْبه حَتَّى يُدْخِلهُ اللَّه فِي قَلْبه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ " كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء " كَيْفَ يَسْتَطِيع مَنْ جَعَلَ اللَّه صَدْره ضَيِّقًا أَنْ يَكُون مُسْلِمًا. وَقَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير : وَهَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِقَلْبِ هَذَا الْكَافِر فِي شِدَّة ضِيقه عَنْ وُصُول الْإِيمَان إِلَيْهِ يَقُول فَمَثَله فِي اِمْتِنَاعه مِنْ قَبُول الْإِيمَان وَضِيقه عَنْ وُصُوله إِلَيْهِ مَثَل اِمْتِنَاعه عَنْ الصُّعُود إِلَى السَّمَاء وَعَجْزه عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعه وَطَاقَته وَقَالَ فِي قَوْله " كَذَلِكَ يَجْعَل اللَّه الرِّجْس عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ" يَقُول كَمَا يَجْعَل اللَّه صَدْر مَنْ أَرَادَ إِضْلَاله ضَيِّقًا حَرَجًا كَذَلِكَ يُسَلِّط اللَّه الشَّيْطَان عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْثَاله مِمَّنْ أَبَى الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله فَيُغْوِيه وَيَصُدّهُ عَنْ سَبِيل اللَّه وَقَالَ اِبْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : الرِّجْس الشَّيْطَان وَقَالَ مُجَاهِد : الرِّجْس كُلّ مَا لَا خَيْر فِيهِ وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم الرِّجْس الْعَذَاب.
الحقيقة لا اعرف فعلا...هل وصلت جرأة الكذب بالاعجازيين الى درجة التغيير في معنى لغوي لكلمة يمكن لأي شخص التأكد منها من المصادر المتاحة ؟؟؟
كما رأينا فمعنى اللفظ (يَـصّـَـعّــَدُ فِي) كذا , لا علاقة له اطلاقا بالصعود و انما المحاولة على مشقة في عمل شيء مستحيل كما تخبرنا المعاجم و التفاسير معا...
ولكن، ماذا عن كتب التفاسير الأخرى ؟؟
فمثلاً يقول الثعالبي في تفسيره (الجواهر الحسان في تفسير القرآن) في هذه الآية " وقوله سبحانه إذاً يصعد في السماء أي كأن هذا الضيّقُ الصدرِ متى حاول الإيمان أو فكر فيه يجد صعوبته عليه والعياذ بالله كصعوبة الصعود في السماء قاله ابن جريج وغيره وفي السماء يريد من سفل إلى علو وتحتمل الآية أن يكون التشبيه بالصاعد في عقبة كؤود كأنه يصعد بها في الهواء ويصعد معناه يعلو ويصعد معناه يتكلف من ذلك ما يشق عليه"
عندما يقوم باحث في أي مجال بعمل بحث معتبر، يقوم (في الفصل الثاني عادةً من بحثه) بإدراج ما يُسمى بـ"الدراسات السابقة" وفي الدراسات اللغوية والإسلامية هنا تكون كتب التفسير والمعاجم، حيث يُدرج الباحث الآراء المشابهة والآراء المختلفة مع الفرض الذي يفرضه في بحثه، ثم يقوم بتوضيح أسباب التشابه وأسباب الاختلاف، وترجيح بعض الآراء (بشكل علمي وليس على هواه)، وهذا ما لم يقم به الكثير من الأشخاص اللادينيين في مقالاتهم التي يطعنون بها في الإسلام...
نكمل
أقتباس:
"يذكرني هذا باية اخرى...قريبة من الموضوع الأول في تحريف معنى كلمة في اللغة العربية لغرض الصاق ظاهرة علمية باية..حيث يورد الاعجازيون الاية التاية من سورة الذاريات :
(و السماء بنيناها بأيد و انا لموسعون)
حيث يقول الاعجازيون ان هذه الاية اخبرت بحقيقة التوسع الكوني !!!
ذهبت لأرى ما تقوله المعاجم حول المعنى اللغوي لهذه الكلمة "موسع" ((بدون تشديد السين))...
المحيط :
أوْسَعَ يُوسِعُ إِيسَاعاً : ((صار ذا سعه وغِنى ))
"محيط المحيط" :
وأوسع الرجل إيساعًا صار ذا سعةٍ وغنًى. ومنهُ في سورة الذاريات : (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) أي أغنياءُ قادرون.
و يتفق معهم ايضا القاموس المحيط حول هذا المعنى اللغوي :
و قوله (وإنَّا لَمُوسِعُونَ): أغْنياءُ قادِرُونَ
ففي الاية ..يقول الله عن نفسه انه ذو سعة (قدرة) و غنى... و لا علاقة لها اطلاقا بالتوسع الكوني !!"
ولكن، ماذا يقول مرة أخرى لسان العرب:
"واسْتَوْسَعَ الشيءَ: وجده واسِعاً وطلبَه واسِعاً، وأَوْسَعَه ووَسَّعَه: صيَّره واسعاً. وقوله تعالى: والسماءَ بنيناها بأَيد وإِنا لَمُوسِعُون؛ أَراد جعلنا بينها وبين الأَرض سَعةً، جعل أَوْسَعَ بمعنى وَسَّعَ، وقيل: أَوْسَعَ الرجلُ صار ذا سَعةٍ وغِنًى، وقوله: وإنا لموسعون أَي أَغنِياءُ قادِرون."
بينما يقول الزبيدي في تاج العروس:
وأوسع الرجل: صار ذا سعة وغنى، وهو مجاز: ومنه قوله تعالى: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره. ويقال: أوسع الله تعالى عليه، أي: أغناه كما في الصحاح كوسع عليه توسيعا، وهو مجاز، وقوله تعالى: والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون أي: أغنياء قادرون من أوسع: صار ذا سعة، كما في الصحاح". ...ثم..."وأوسعه صيره واسعا، وقيل في قوله تعالى: وإنا لموسعون أي جعلنا بينها وبين الأرض سعة، جعل أوسع بمعنى وسع. "
أعتقد أنه لا داعي من إكمال تدقيق مقالته، لأن أسخف مثالين-على حد قوله- وُجد أنه يدلس فيهما ، فما بالك بالأمثلة الأخرى!!!
أنا لا أنتقص من قدر المراجع التي استخدمها Godless كالمحيط ومحيط المحيط لأنها مراجع عربية أصيلة، ولكن هناك العديد من كلمات اللغة العربية التي تحتمل أكثر من معنى حسب وقوعها في الجملة، وما أنتقده هو عدم استخدام المراجع التي تثبت عكس ما يقوله كاتب المقال لأنها لا تناسب أهدافه، ثم يقول "كل المراجع تقول"... ومن ثم يخلص الكاتب إلى أن الملحد هو الذي يبحث عن الحقيقة، والشخص الذي يؤمن بأي دين (المسلمون خصوصاً) هم أناس لا يستخدمون عقولهم !!!!
وللحديث عن شبهاتهم بقية
إن أكثر ما دعاني إلى أن أكتب (استفزني للكتابة :204: )، هو مقال موجود في منتدى للملاحدة بعنوان "التدليس اللغوي عند دعاة الإعجاز العلمي" حيث يسوق كاتبه بعض الأمثلة على ما يدّعيه أنه تدليس لغوي في بعض الآيات القرآنية لتصبح إعجازاً، ثم يقوم بتفصيل معاني هذه الكلمات من معاجم اللغة، بحيث يُثبت أن المعاني لا تتوافق مع الإعجاز، هذا المقال تم استقباله بالتهليل من قبل اللادينيين في منتداهم، ولم يكلف أي شخص منهم مراجعة ما نقله الكاتب من المراجع الأصلية أو استخدام مراجع أخرى لتبيان معاني الكلمات، خصوصاً أن "Godless" كان يستخدم لسان العرب في مواضع تارة ويغفله في مواضع تارة أخرى...
إنني أترك فكرة الإعجاز العلمي لحكم القارئ، وأنا لست بصدد الدفاع عن الإعجاز العلمي هنا ، وإنما هدفي هو تبيان التدليس المنهجي الذي يتبعه اللادينون في مقالاتهم بحيث يوهمون القارئ بالحيادية والمنهجية العلمية في الطرح وهو أبعد ما يكون عن ذلك.
نبدأ بالاقتباس الأول حيث يقول "Godless":
سأبدأ باية شهيرة روج لها الاعجازيون كثيرا:
{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}....(الأنعام: 125)
حيث يدعي الاعجازيون ان هذه الاية قد اخبرت بالحقيقة العلمية أنه كلما ارتفع الإنسان في السماء انخفض الضغط الجوي وقلّت كمية الأكسجين مما يتسبب في حدوث ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس...حيث
أن التغير الهائل في ضغط الجو الذي يحدث عند التصاعد السريع في السماء، يسبب للإنسان ضيقاً في الصدر وحرجاً ...
تعالوا لنرى حقيقة ما تقوله الكلمة محل الادعاء :
(يَـصّـَـعّــَدُ فِي السَّمَاءِ)
هل فعلا تعني الصعود الى اعلى؟
الحقيقة هي ان (يَـصّـَـعّــَدُ فِي) معناها ليس ما يحاول ان يلصقها بها العالم الكبير..... يصعد بتشديد الصاد --ملحقة ب :"في كذا" -- تعني محاولة -على مشقة- في عمل شيء صعب أو مستحيل ...و لك ان تطالع ما تقوله المعاجم في ذلك :
(تَصَعَّدَ) يتصعَّد، ويَصَّعَّد: تَصاعدَ. و- في الشيءِ: مضى فيه على مشقة. وفي التنزيل العزيز:كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في السَّمَاءِ . و- النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُهُ. و- الشيءُ الرَّجلَ: جَهَده وبلغ منه
لاحظوا هنا أعزائي أنه لم يستخدم غير مرجع واحد فقط، وهذا أحد مقاتل البحث العلمي، كما أنه لم يذكر اسم المعجم الذي استخدمه...
لنرى ماذا قال لسان العرب لابن منظور في هذا الموضوع:
"صعد: صَعِدَ المكانَ وفيه صُعُوداً وأَصْعَدَ وصَعَّدَ: ارتقى مُشْرِفا"... ثم ". قال الأَزهري:والاصِّعَّادُ عندي مثل الصُّعُود. قال الله تعالى: كأَنما يَصَّعِّد في السماء. يقال: صَعِدَ واصَّعَّدَ واصَّاعَدَ بمعنى واحد.".
كما أن الزبيدي في تاج العروس أقتبس نفس كلام الأزهري " قال الأزهري: والاصعاد عندي مثل الصعد، قال الله تعالى: كأنما يصعد في السماء يقال: صعد، واصعد، واصاعد، بمعنى واحد.".
هذان المعجمان يُعدّان من أمهات معاجم اللغة، وقد استخدما "يصّعّد في السماء" كمثال من القرآن على أن المعنى الارتقاء لأعلى...
ثم يستعين "Godless" ببعض كتب التفسير فيقتبس (وهو من تفسير القرآن العظيم للرازي):
وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ " كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء " يَقُول مَثَله كَمَثَلِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَصْعَد إِلَى السَّمَاء. وَقَالَ الْحَكَم بْن أَبَان عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس " كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء " يَقُول فَكَمَا لَا يَسْتَطِيع اِبْن آدَم أَنْ يَبْلُغ السَّمَاء فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَطِيع أَنْ يُدْخِل التَّوْحِيد وَالْإِيمَان قَلْبه حَتَّى يُدْخِلهُ اللَّه فِي قَلْبه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ " كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء " كَيْفَ يَسْتَطِيع مَنْ جَعَلَ اللَّه صَدْره ضَيِّقًا أَنْ يَكُون مُسْلِمًا. وَقَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير : وَهَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِقَلْبِ هَذَا الْكَافِر فِي شِدَّة ضِيقه عَنْ وُصُول الْإِيمَان إِلَيْهِ يَقُول فَمَثَله فِي اِمْتِنَاعه مِنْ قَبُول الْإِيمَان وَضِيقه عَنْ وُصُوله إِلَيْهِ مَثَل اِمْتِنَاعه عَنْ الصُّعُود إِلَى السَّمَاء وَعَجْزه عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعه وَطَاقَته وَقَالَ فِي قَوْله " كَذَلِكَ يَجْعَل اللَّه الرِّجْس عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ" يَقُول كَمَا يَجْعَل اللَّه صَدْر مَنْ أَرَادَ إِضْلَاله ضَيِّقًا حَرَجًا كَذَلِكَ يُسَلِّط اللَّه الشَّيْطَان عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْثَاله مِمَّنْ أَبَى الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله فَيُغْوِيه وَيَصُدّهُ عَنْ سَبِيل اللَّه وَقَالَ اِبْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : الرِّجْس الشَّيْطَان وَقَالَ مُجَاهِد : الرِّجْس كُلّ مَا لَا خَيْر فِيهِ وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم الرِّجْس الْعَذَاب.
الحقيقة لا اعرف فعلا...هل وصلت جرأة الكذب بالاعجازيين الى درجة التغيير في معنى لغوي لكلمة يمكن لأي شخص التأكد منها من المصادر المتاحة ؟؟؟
كما رأينا فمعنى اللفظ (يَـصّـَـعّــَدُ فِي) كذا , لا علاقة له اطلاقا بالصعود و انما المحاولة على مشقة في عمل شيء مستحيل كما تخبرنا المعاجم و التفاسير معا...
ولكن، ماذا عن كتب التفاسير الأخرى ؟؟
فمثلاً يقول الثعالبي في تفسيره (الجواهر الحسان في تفسير القرآن) في هذه الآية " وقوله سبحانه إذاً يصعد في السماء أي كأن هذا الضيّقُ الصدرِ متى حاول الإيمان أو فكر فيه يجد صعوبته عليه والعياذ بالله كصعوبة الصعود في السماء قاله ابن جريج وغيره وفي السماء يريد من سفل إلى علو وتحتمل الآية أن يكون التشبيه بالصاعد في عقبة كؤود كأنه يصعد بها في الهواء ويصعد معناه يعلو ويصعد معناه يتكلف من ذلك ما يشق عليه"
عندما يقوم باحث في أي مجال بعمل بحث معتبر، يقوم (في الفصل الثاني عادةً من بحثه) بإدراج ما يُسمى بـ"الدراسات السابقة" وفي الدراسات اللغوية والإسلامية هنا تكون كتب التفسير والمعاجم، حيث يُدرج الباحث الآراء المشابهة والآراء المختلفة مع الفرض الذي يفرضه في بحثه، ثم يقوم بتوضيح أسباب التشابه وأسباب الاختلاف، وترجيح بعض الآراء (بشكل علمي وليس على هواه)، وهذا ما لم يقم به الكثير من الأشخاص اللادينيين في مقالاتهم التي يطعنون بها في الإسلام...
نكمل
أقتباس:
"يذكرني هذا باية اخرى...قريبة من الموضوع الأول في تحريف معنى كلمة في اللغة العربية لغرض الصاق ظاهرة علمية باية..حيث يورد الاعجازيون الاية التاية من سورة الذاريات :
(و السماء بنيناها بأيد و انا لموسعون)
حيث يقول الاعجازيون ان هذه الاية اخبرت بحقيقة التوسع الكوني !!!
ذهبت لأرى ما تقوله المعاجم حول المعنى اللغوي لهذه الكلمة "موسع" ((بدون تشديد السين))...
المحيط :
أوْسَعَ يُوسِعُ إِيسَاعاً : ((صار ذا سعه وغِنى ))
"محيط المحيط" :
وأوسع الرجل إيساعًا صار ذا سعةٍ وغنًى. ومنهُ في سورة الذاريات : (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) أي أغنياءُ قادرون.
و يتفق معهم ايضا القاموس المحيط حول هذا المعنى اللغوي :
و قوله (وإنَّا لَمُوسِعُونَ): أغْنياءُ قادِرُونَ
ففي الاية ..يقول الله عن نفسه انه ذو سعة (قدرة) و غنى... و لا علاقة لها اطلاقا بالتوسع الكوني !!"
ولكن، ماذا يقول مرة أخرى لسان العرب:
"واسْتَوْسَعَ الشيءَ: وجده واسِعاً وطلبَه واسِعاً، وأَوْسَعَه ووَسَّعَه: صيَّره واسعاً. وقوله تعالى: والسماءَ بنيناها بأَيد وإِنا لَمُوسِعُون؛ أَراد جعلنا بينها وبين الأَرض سَعةً، جعل أَوْسَعَ بمعنى وَسَّعَ، وقيل: أَوْسَعَ الرجلُ صار ذا سَعةٍ وغِنًى، وقوله: وإنا لموسعون أَي أَغنِياءُ قادِرون."
بينما يقول الزبيدي في تاج العروس:
وأوسع الرجل: صار ذا سعة وغنى، وهو مجاز: ومنه قوله تعالى: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره. ويقال: أوسع الله تعالى عليه، أي: أغناه كما في الصحاح كوسع عليه توسيعا، وهو مجاز، وقوله تعالى: والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون أي: أغنياء قادرون من أوسع: صار ذا سعة، كما في الصحاح". ...ثم..."وأوسعه صيره واسعا، وقيل في قوله تعالى: وإنا لموسعون أي جعلنا بينها وبين الأرض سعة، جعل أوسع بمعنى وسع. "
أعتقد أنه لا داعي من إكمال تدقيق مقالته، لأن أسخف مثالين-على حد قوله- وُجد أنه يدلس فيهما ، فما بالك بالأمثلة الأخرى!!!
أنا لا أنتقص من قدر المراجع التي استخدمها Godless كالمحيط ومحيط المحيط لأنها مراجع عربية أصيلة، ولكن هناك العديد من كلمات اللغة العربية التي تحتمل أكثر من معنى حسب وقوعها في الجملة، وما أنتقده هو عدم استخدام المراجع التي تثبت عكس ما يقوله كاتب المقال لأنها لا تناسب أهدافه، ثم يقول "كل المراجع تقول"... ومن ثم يخلص الكاتب إلى أن الملحد هو الذي يبحث عن الحقيقة، والشخص الذي يؤمن بأي دين (المسلمون خصوصاً) هم أناس لا يستخدمون عقولهم !!!!
وللحديث عن شبهاتهم بقية