المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس سهلة في علم المناظرة



كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
02-29-2012, 10:46 PM
هذه الدروس للشيخ الفاضل أبو مصطفى البغدادي وقد عقدها بأسلوب سهل واضح لا لبس فيه ولله الحمد نتمنى أن يستفيد منها الجميع ..

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
02-29-2012, 10:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد...
فهذه دروس في علم المناظرة شرعت بالكتابة فيها وضعتها على متن آداب البحث للشيخ العلامة طاش كبرى زاده، وهي معتمدة اعتمادا كاملا على ما سبق شرحه في الواضح.
والله أسأل أن يعيننا على الإتمام على خير إنه سميع مجيب.



بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الأول
مقدمةالمناظرة: مسائل يبحث فيها عن أحوال وظائف المتناظرين من حيث كونها مقبولة أو مردودة.
وفائدتها: حفظ الذهن عن الخطأ في المناقشات.
بمعنى أن الإنسان باعتبار كونه مفكرا لا بد أن يحمل آراء واعتقادات معينة فيها من الاختلاف والتعدد الشيء الكثير، وبما أنه اجتماعي بطبعه فلا بد أن تحصل بين الناس مناقشات ومناظرات كل طرف منهم يحاول أن يثبت صحة رأيه، فكان لا بد من وضع ضوابط تحكم المناقشات حتى لا تحيد عن الهدف الذي من أجله انعقدت وهو ظهور الحق والصواب وتتحول إلى مصارعة فمن أجل ذلك وضعوا علم المناظرة.
ثم إن المناقشة والمناظرة تقتضي وجود عنصرين رئيسين هما:
1- موضوع تجري حوله المناظرة، مثل حرمة الغناء.
2- شخصان يتناظران: أحدهما يتبنى صحة القضية ويدافع عنها وآخر ينفيها ويهاجمها.
فزيد من الناس يدافع عن رأي وقضية ما كحرمة الغناء، وعمرو يهاجم ذلك الرأي، فلزيد وظيفة ودور يقوم به، ولعمرو وظيفة ودور آخر.
وعلم المناظرة يعطيكَ مجموعة من القواعد والمسائل التي تتحدث عن الطرق والوسائل التي يمكن أن يستعملها كل من المتناظرين للدفاع عن رأيه أو الهجوم على رأي صاحبه ويبين لك أن هذه الطريقة في النقاش مقبولة سائغة أو مردودة لا يجوز استعمالها.
مثال: قال زيدٌ: هذا الآية تدل على الوجوب والدليل عليه هو أنها أمر- وكل أمر يدل على الوجوب.
فيقول له عمرو: فقوله تعالى: ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) أمر ولم يدل على الوجوب بل على الندب.
فهنا أبطل عمرو دعوى زيد بأن كل أمر يدل على الوجوب بالنقض بأن أثبت تخلف الدليل وعدم اطراده فقد وجد لفظ الأمر ولم يوجد معه الوجوب.
فهذا النقض يسمى بالنقض المشهور لأنه هو الذائع المعروف فحينئذ نقول:
( النقض المشهور وظيفة مقبولة ) فهذه مسألة من مسائل علم المناظرة.
مثال: قال زيد هذا الشخص يجب قتله، والدليل على ذلك أنه قد قتل شخصا مكافئا له عمدا عدوانا- وكل من قتل شخصا مكافئا له عمدا عدوانا يجب قتله.
فيقول له عمرو هذا منقوض بالذي ينفذ القصاص على القاتل فإنه يقتل شخصا مكافئا له عمدا ومع هذا لا يجب قتله.
فهذا النوع من النقض يسمى بالنقض المكسور وهو أن يترك من دليل الخصم بعض الأوصاف المؤثرة.
فهنا عمرو ترك من استدلال زيد كلمة عدوان وهي لها مدخل وتأثير في ثبوت القصاص لأن من ينفذ القصاص لم يقتل عدوانا بل نفذ حكم الله.
( فهذا النقض المكسور وظيفة مردودة ) لا يجوز ارتكابها لأنها نوع مغالطة وهذه مسألة أخرى من مسائل علم المناظرة.
فقد تبين لكَ أن علم المناظرة هو مسائل يبين فيها الوظائف المقبولة والمردودة للمتناظرين.
فوظائف المتناظرين هي: الاعتراضات والأجوبة التي تحدث بين المتناظرين، وتسمى بالأبحاث الكلية لأنها قواعد كلية تنطبق على الأبحاث الجزئية التي تتعلق بموضوع معين.
مثال: النقض المشهور بحث كلي ينطبق على كل النقوضات الجزئية مثل نقض كل أمر يدل على الوجوب في المثال السابق.
مثال: النقض المكسور بحث كلي ينطبق على كل النقوضات المكسورة مثل نقض كل من قتل شخصا مكافئا له يجب قتله في المثال السابق.
وتسمى الوظيفة المقبولة مثل النقض المشهور بالوظيفة الموجَّهَة.
وتسمى الوظيفة غير المقبولة مثل ذلك النقض المكسور بالوظيفة غير الموجَّهَة.
ومعنى كونها موجهة أنها تتوجه إلى كلام الخصم وتدفعه فهي مجدية ومقبولة في المناظرة.
وأما غير الموجهة فبعكسه لا تتوجه إلى كلام الخصم ولا تدفع كلامه فهي غير مجدية وغير مقبولة في المناظرة.
ثم إن الفرق بين المنطق والمناظرة هو أن المنطق يبحث فيه عن أحوال التعريف والدليل أي يعرفك طريقة رفع المجهول، وأما علم المناظرة فيعرفك الطريق الصحيح للمناظرة حول التعريف والدليل.
فالمنطق يعلمك أحوال التعريف والدليل، والمناظرة تعلمك الاعتراضات التي يمكن أن تتوجه على التعريف والدليل، وكذا الأجوبة الممكنة عنها.
تنبيه: يسمى هذا العلم أيضا بآداب البحث والمناظرة.


( أسئلة )
1- في ضوء ما تقدم ما هو علم المناظرة وما هي فائدته ؟
2- ما هي أركان المناظرة ؟
3- ما الفرق بين المنطق والمناظرة ؟

د. هشام عزمي
02-29-2012, 11:39 PM
جميل جدًا ورائع ..
متابع بشغف ..!

أبو عثمان
03-02-2012, 09:44 AM
وانا كذلك
دائماً ما تبهرنا بالمفاجآت سيدي عاطف .

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
03-02-2012, 06:22 PM
( الدرس الثاني )

تعريف المناظرة وبيان ما تجري فيه

قد علمتَ أن علم المناظرة هو: مسائل يبحث فيها عن أحوال وظائف المتناظرين من حيث كونها مقبولة أو مردودة، وفائدته حفظ الذهن عن الخطأ في المناقشات.

ثم إن لفظ المناظرة يطلق ويراد به أحد معنيين:
الأول: هو العلم المخصوص وهو الذي عرفناه بأنه مسائل يبحث فيها ....
والثاني: هو اسم للمحاورة التي تجري بين اثنين فأكثر بقصد ظهور الحق.
فتارة يطلق لفظ المناظرة ويراد به قواعد هذا الفن الذي ندرسه، وتارة يطلق على اسم مصطلح من مصطلحات هذا العلم وهو المحاورة بين اثنين بقصد ظهور الحق.

واحترزنا بقيد ( بقصد ظهور الحق ) عن المجادلة والمكابرة.
فأما المجادلة فهي: المحاورة بين اثنين لا لإظهار الصواب بل لإلزام الخصم.
فكل من المتجادلين يقصد نصرة رأيه وإبطال رأي خصمه ولا التفات لهما لظهور الحق ولذا ترى العناد والإصرار على الرأي هو دأبهما.
وأما المكابرة فهي: المحاورة بين اثنين بقصد إظهار العلم والفضل.
فليس قصد المتكلم لا إظهار الصواب ولا نصرة رأيه بل أن يظهر أمام الخصم والناس سعة علمه ومقدرته على المنازعة ولذا تراه ينازع حتى في البديهيات الواضحات، وهي مذمومة أشد الذم فليحذر منها المسلم.

فالمحاورة تتنوع إلى ثلاثة أقسام بحسب القصد والهدف من ذلك الحوار هي:
1- المناظرة إن قصد ظهور الحق.
2- المجادلة إن قصد نصرة الرأي.
3- المكابرة إن قصد إظهار العلم.
وقد يختلف قصد المتحاورين كأن يدخل زيد الحوار مع الرغبة في ظهور الحق، ويدخله عمرو بقصد نصرة رأيه فقط فتكون المحاورة بالنسبة لزيد مناظرة، وبالنسبة لعمرو مجادلة.

هذا ما يتعلق ببيان معنى المناظرة.
وأما ما تجري فيه المناظرة أي ما يكون محل البحث والنقاش فهو القضية لأنها هي التي تحتوي على نسبة خبرية تحتمل مطابقة المواقع أو عدمه، فيحصل فيها اختلاف الرأي وتقع المناقشات والاستدلالات بين الخصمين وتسمى القضية بالدعوى والمسألة مثل الله واحد، وأبو بكر إمام عادل، والغناء محرم ونحو ذلك.

وأما الإنشاء فلا تجري فيه المناظرة نحو اكتبْ الدرس، وكذا اللفظ المفرد نحو زيد، والمركب نحو غلام زيد لعدم وجود النسبة الخبرية، ولكن قد تقع المناظرة في غير القضية كالتعريف لأنه يتضمن القضية.

بيانه: إذا قلنا في تعريف الإنسان: حيوانٌ ناطقٌ، فهذا اللفظ هو مركب ناقص ليس فيه إسناد أو نسبة لأنه موصوف وصفته فالحيوان موصوف والناطق صفته، فالمفروض أنه لا تجري المناظرة في التعريف ولكن قالوا: إن هذا التعريف حينما يأتي به الشخص فقد ادعى في ضمنه عدة دعاوى منها:
هذا التعريف جامع وهذه قضية أي مركب خبري لأنها ذات موضوع ومحمول.
وهذا التعريف مانع وهذه قضية أيضا.

فصار التعريف من هذه الجهة محلا للمناظرات والمناقشات بأن يقول الخصم لا أسلم أن تعريف الإنسان بأنه حيوان ناطق صحيح لأنه غير جامع أو غير مانع أو ليس بأوضح من المعرّف.
بمعنى أن التعريف من جهة شروطه المذكورة في المنطق تجري فيه المناظرة لاستلزامه النسبة الخبرية.
والحاصل هو أن الذي تجري فيه المناظرة لذاته هو القضية، وأما التعريفات فهي تجري فيها المناظرات لا لذاتها بل لأنها تستلزم وتستتبع القضية والنسبة فصحت المناظرة فيها من هذا الجانب.

( أسئلة )

1- في ضوء ما تقدم على ماذا يطلق لفظ المناظرة؟
2- ما الفرق بين المناظرة والمجادلة والمكابرة؟
3- كيف جرت المناظرة في التعاريف مع أنها ليس قضايا؟

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-01-2012, 02:07 AM
تسجيل متابعة

محمد الصيعري
06-09-2012, 01:25 AM
أنت رائعاً ومذهلاً دائماً فأرجوا منك أن لا تحرمنا من جديدك . جزاك الله خيراً