المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرية التطور هل اعجبت بعض المسلمين..!



مبلغ
03-02-2012, 05:05 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،، أما بعد،

في 1802 م نشر الباحث الفرنسي -لامارك- في كتابه ( فلسفة علم الحيوان ) فكرة تطور الكائنات ثم تبعه الباحث الانجليزي -تشارلز داروين- في عام 1859 بكتاب ( أصل الأنواع ) فاشتهرت نظرية تطور الإنسان مما يشبه القرد فترة من الزمن ، و رغم عدم وجود شواهد لإثبات النظرية ، إلا أنها أصبحت قاعدة في دين الملحدين المعاصرين حيث أنها توحي لهم بأنهم تحت مظلة العلم والحضارة و متقدمين على من يؤمن بالخالق سبحانه وتعالى الله عما يصفون. وفي نفس الوقت تساعدهم في التخلص من بعض الإزعاج النفسي الذي يراود الملحد إذا أثار شيء ما فطرته الطبيعية التي تذكره بما لا يريده عن الحياة والموت و سبب وجوده ، كما يحتج بها الداروينيه لأنفسهم بأنهم على ثوابت علمية ، وأعتقد أن هذه الفكرة أو الأسلوب الذي يبني عليه الداوينيين إلحادهم ، معلومة في قاعدتها التي لا تتغير.! وهو مرض نفسي قديم .. يرجع فيه الملحد الأمر إلى الصدفة وطول الدهر..!
وذلك عندما يثور الاستفهام في داخله أو يثيره أحد من الناس..

قال المولى سبحانه :
{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ } الجاثية24

فهي ظاهرة قديمة في سلوك الإنسان وليس لها علاقة بالعلم حيث يدعي الملحد عدم وجود خالق ويقنع نفسه بأن الوقت هو سبب وجوده وفناءه بأي شكل من الأشكال
و تتكون هذه الفكرة كرد فعل يمكن تسميته (بتطرف الغرائز) لأنه نوع من التمرد على مسلمات العقل ، كالإنكار الصريح لوجود خالق للأشياء المحسوسة التي لا يمكن أن توجد من غير شيء ، و الجحود الغير عقلاني لـ مسئلة (أن الحياة لا يمكن أن تنتج من غير الحي) وأعتقد أن ذلك ليس إلا أثر خلل في موازين الشهوة الإنسانية ومقومات السيطرة عليها لتنظيمها ، فيتبلور منه هذا التمرد الذي يتخلص به الملحد من التفكير (بأنه مخالف) لأي تنظيم أو قيد يحول بينه و بين شيء من رغباته ، وهو بلا شك سلوك غير طبيعي يدل على خلل في أهم الخصائص الإنسانية (تقييد الغرائز) وضده خاصية حرية الغرائز المطلقة التي تعيش بها (الحيوانات) وهذا وارد في القرآن المجيد قال الله تعالى:

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179

فبين الله سبحانه أنهم أشباه الأنعام بل أضل منها ، لأنهم تشابهوا معها فيما اشتركوا فيه من السلوك ، و من العدل الحكم عليهم بأنهم أضل منها لأن لهم قدرات ليست للأنعام لكنهم لم يستخدموها لتمييز سلوكهم عن سلوك الأنعام.!

ومن الطبيعي أن يكون هذا التطرف ناتج عوامل متطرفة ، مختلفة (بحسب البيئة) ولكنها غير طبيعية بجملتها وتؤدي لمعاناة نفسية تتضاعف حتى تورث هذا التمرد في الرغبة بحرية الغرائز المطلقة... هذا بالنسبة للمرتد عن الدين
وأما الناشيء في البيئة الملحدة فالوضع بالنسبة له لذة حيوانية بحرية ، و ضدها التنظيم والتقييد للغرائز و الشهوات ، ومن المتعب الإستغناء عن العشوائية بالتنظيم ومن المجهد التخلي عن الحرية الحيوانية بالقيود الإنسانية.. إلا بفضل من الله ورحمته ورغبة صادقة من الإنسان في السير إلى الصراط المستقيم..

وغالباً ما يظهر للباحث في هذا المجال خلل اجتماعي في حياة الملحد مثل (تشارلز داروين) نفسه صاحب الداروينية حيث أنجب أبناء غير شرعيين ، فمع استحالة الرجوع عن ذلك الوضع و ربما مع عدم وجود فرصة التوبة و المغفرة في دينه لم يجد مخرج لشخصيته المرموقة من ذلك النقص و الانحطاط في السلوك الاجتماعي .! غير التمرد على مفاهيم التنظيم الديني برمته و الاعتذار لنفسه بأن ما فعله طبيعي و ليس من وراءه أي نقص في سلوكه ولا حتى حساب رباني..

ومع أن داروين قد ذهب و لم يثبت نظريته ، ما يزال يشبث بها الملحدون اليوم و التي تعجبهم كثيرا لأنها باسم العلم.. وتنفي فكرة آدم في الأديان.. وحيث أن بعضهم لا يلقا قبولا لصيغة أن الإنسان أصله قرد ، فصاروا يتمسكون ( بالفكرة ) بدل النظرية.! فيطرحون الاحتمالات التي تدعم الفكرة مثل ( نفي أن يكون للإنسان أصل معروف ) ولو أنهم لا يملكون البينة حتى لأنفسهم على صحة هذا الأمر.! إلا أن المزيد من الوقت يعني مزيداً من الحرية النفسية المطلقة بالنسبة للملحد..

و المهم أن بعض المسلمين بسبب قلة التدبر في آيات القرآن المجيد وربما الوقوع على بعض ما يفتريه الملاحدة ، يذهبون إلى التصديق بأن العلم أثبت أن أصل الإنسان لم يكن مثل إنسان اليوم.! ويزيد في ذلك ما يروج في وسائل الإعلام تحت غطاء ( البرامج العلمية ) من ناحية و تصوير وتزوير التشابه بين أشكال بعض العظام من الناحية الأخرى ..
ويحدث ذلك مع الجهل أو قلة الإيمان بأن الله سبحانه قد بدأ خلق الإنسان بـ (آدم)..
واعتقد أن من الواجب (في هذا الزمان الذي يروج فيه للإلحاد بشكل غريب) أن يتركز البحث في هذه المسائل وفي تعليم المسلم أن هذا لا جدال فيه مهما أدعى الناس من وجود علم أو دليل على غيره..! فهم لا يملكون إلا الظن في جميع الأحوال.. و الحق هو ما نزل من العليم الحكيم في القرآن الكريم..

وقد كان من دوافع كتابتي لهذا المقال ، اني اطلعت على بعض المناظرات في موضوع خلق الإنسان و قد سمعت فيها من يستدل (بسوء الفهم اللغوي لبعض آيات القرآن) على فكرة مفادها بأن أصل الإنسان ليس آدم ..

ومع أن نظرية التطور العشوائي لم تكون محل النقاش إلا اننا بحاجة إلى التركيز لكشف بطلانها من الباحثين و المختبرات العلمية ، ولا اعتقد أن الأمر سيكون معقد حيث أن لكل خلية شفرة معلومات دقيقة تنطلق منها لتشكل ما في شفرتها بدقة متناهية و الجينات الوراثية يستحيل ان تلغيها أي طفرة فلا بد ان تظهر في الأجيال وهذا ما يفند أن البشر ليسوا من أصل بشري فلم ينجب احد من البشر مخلوقا غير إنسان.!
ولي عليها تعليق من منظور فقهي أو فلسفي ، و من غير قواعد علم الاحياء فأقول لعامة الناس :
يدعي الباحثين بأن التمساح و السلاحف من أقدم المخلوقات على الأرض..
فكان لزاماً على الداروينية أن يعدلوا في ميزانهم و يعطوا التمساح و السلحفة حقهما من التطور.. فأين نصيبهم من النظرية مهما كان..؟!
فإن لم يكن التطور حليف الأقدم فمن العدل أن يكون الأسرع..
لماذا لم يسبق بالتطور من له دورة حياة أسرع ، حيث أن أجياله ستفوق بكثير أجيال البشر ، ومن له امكانيات بقاء قوية جدا مع سرعة دورة حياته مثل الذباب أين نصيبه من التطور..!؟

و أخيرا أعتقد بأن القرد بجميع أنواعه ، من أكثر الحيوانات ضلالاً و أبعدهم عن مؤهلات التطور ، فهو لا يعرف يخزن طعاماً ولا ينقله أو يجمعه ليتزود به مع توفر الذراعين و حتى لا يبنى له بيتا أو يحفر جحراً ويستعمر ما يناسبه من الأرض كباقي المخلوقات الأكثر تنظيما.. ولم تتطور لديه مهارة تميزه عن الحيوانات بأي شكل مع وجود الشبه بينه وبين الإنسان في البنية الجسدية و الكف و الأصابع.. و أخيرا لم و لن ينطق أو يقلد ما يسمع كأقل شيء يؤهل تلك الفكرة الدنيئة في حق البشر كافة..!

و لو صح أن هناك طفرات جينية متعاقبة تُخرج المخلوق عن أصله و نوعه لكان ( النمل ) أولى المخلوقات بالتطور لقدمه على الأرض قبل الإنسان بملايين السنين (حسب الأبحاث في هذا المجال) ولدقة أنظمته وطرق معيشته و نماءه..!
ولكان الإنسان بمعرفته وأطواره السابقة والحالية قد طور جيناته و اتخذ لنفسه أجنحة طيران..فلا شيء أحوج من ذلك بعد الماء و الغذاء..!
وأما عن مزاعم بعض المسلمين حول إمكانية أن أصل الإنسان ليس آدم فأقول:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،، جاء في القرآن المجيد
{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ }آل عمران33

ذهب البعض إلى أن ( اصطفى آدم ) تدل على الاختيار و فهموا منها أن هناك غير آدم من البشر موجودين في وقته وتم اختياره من بينهم ، وهذا طبعا غير صحيح لأن الاختيار بالاصطفاء - منه التصفية - و يعني بدقة أن يصفو إنسان بشيء له دون غيره من جنسه..وهذا مالا يطيق فعله الإنسان

و اصطفاء الرحمن سبحانه لأي شيء ، ليس مثل تصفية و استخلاص الإنسان لشيء ما ، لأن قدرة الله سبحانه على الإصطفاء منها خلق ما يشاء من صفات لمن يصطفيه فهو الإله سبحانه ، و الله سبحانه يصطفي ما يشاء من مخلوقاته على من يشاء سواء كان بالخلق أو بالعطاء أو التكليف أو ما يشاء الخالق سبحانه.. وقد اصطفى ( آدم بذاته ) ليكون أول إنسان يخلقه من سلالة من طين و يسجد له الملائكة و يجعله خليفة في الأرض ولم يصطفي ( موسى أو عيسى عليهم الصلاة والسلام ليكون أحد منهما محل آدم عليه السلام )
وآية اصطفاء آدم ليكون بذاته أول البشر لا تدل على وجود غيره ، بل تدل على علم الله سبحانه بما يخلق مع قدرته على اصطفاء من يشاء من عباده بما يشاء من الصفات..
والاصطفاء متنوع فمنه آل نوح بالنجاة من الغرق ولتنشأ منهم الأمم وكذلك آل إبراهيم بالنبوة و رفع القواعد من البيت العتيق و هكذا ..
فلكل منهم شأن مختلف ولكنهم جميعا مصطفين عن غيرهم من الخلق بأمر الله وبما أختاره الله لهم فهو فعل اصطفائهم بصفة لا تكون لغيرهم كاصطفاء محمد عليه الصلاة والسلام ليكون خاتم النبيين..

وقد قال الله سبحانه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :

إذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ{72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ{73} إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ{74} قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ{75} قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{76} قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ{77} وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ{78} قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{79} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ{80} إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ{81} قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{83} قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ{84} لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ{85}

وهذا دليل على أن أصل جنس البشر و أول إنسان هو آدم الذي خلقه الرحمن سبحانه وأمر الملائكة بالسجود له ، كما تفيدنا الآيات بأن إبليس أول الجآن و أصل الشياطين
(قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) وقال الله سبحانه ( لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ ) فهذا يبين لنا أن ابليس هو المصدر..

و أحب أن ألفت الإنتباه إلى أن قول الله سبحانه :
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة30

لا يمكن الإستدلال به على وجود سوابق في الإفساد وسفك الدماء ولا علاقة لها بالجآن من قريب و لا بعيد حتى و إن ورد ذلك في بعض التفاسير..! حيث لم يجعل الله سبحانه خليفة له من الجن من قبل فأفسد وسفك الدماء ثم استنبط الملائكة ذلك العلم من تصرفات الخليفة السابق..! ولو كان هناك خليفة سابق فأين النبأ في الآية..!؟
سبحان الله عما يصفون..
وسيكون قول الملائكة في محل الإعتراض بدل أن يكون في محل التقديس فسبحان الله العظيم..
و إن كانت الآية تثير الاستفهام مما قاله الملائكة فذلك من الفرق بين مستوى تقديسنا لله سبحانه و كمال تقديسهم له ، و لفهمهم التام بمعنى ( خليفة الله ) والذي سيملك من القدرة ما يجعله مناسب لصفة ( خليفة في الأرض ) فيمكنه البناء و الهدم و السيطرة و الحكم على من في الأرض من الدواب و المخلوقات ، والتقديس هو أن ذلك المخلوق سيملك قدرة الخليفة ومهما كان ومهما سيكون ، لن يصل إلي مستوى عدل الله سبحانه ولا حكمته ولا حلمه ورحمته ولا علمه ولا أي صفة من صفات الله سبحانه وتعالى...
فما باله لا يفسد و يسفك الدماء إذا صار ( خليفة ) وملك تلك الصفة وهو لن يبلغ حد كمال الله سبحانه ، بأي حال..

وختاما قال الله تعالى
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }آل عمران59
فبهذا يبين لنا أنه لا ريب في أن عيسى عليه الصلاة و السلام مخلوق من غير أب مثل أول إنسان خلقه الله من غير أب وهو آدم ..

و الحمدلله رب العالمين