المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آراء في أشهر الآراء : سيجموند فرويد (تفسير الأحلام) ..



الورّاق
03-10-2012, 07:11 PM
الحلقة الأولى :

http://3.bp.blogspot.com/-j7krCLkWD2I/T1tJgeWWIAI/AAAAAAAAACc/zGk9p6uAVAc/s1600/0.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-cgojMCd_u7Q/T1tJsL-Xn1I/AAAAAAAAACk/UgxWnIHpQKQ/s1600/0+%281%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-vx6wnhYogFg/T1tJ_p5Y7wI/AAAAAAAAACs/8vb74iSUu6w/s1600/0+%282%29.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-KwlkrZwRJVw/T1t6KC5AzTI/AAAAAAAAAC0/fpbBpDluSiw/s1600/0+%283%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-_2FnzkCWFYs/T1t6TpgDmyI/AAAAAAAAAC8/70-bM4pXDAc/s1600/0+%284%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-Dp2PXoAiUvg/T1t6sMMKKeI/AAAAAAAAADE/x1Y0oyaAlho/s1600/12+%284%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-BTxBChexuSc/T1t6zmOlTXI/AAAAAAAAADM/UMJK8zXiWl4/s1600/12+%285%29.jpg

16 – 17 : حلم ديلبوف :

لو كان الكلام صحيحا لكان كل شخص مرت عليه حالة ديلبوف ، وهذا الكلام يشبه كلام سقراط الذي يقول ان المعرفة تذكر بعد نسيان ، و كلاهما غير واقعي ، بدليل ان الاحلام تركب لنا اسماء لا يمكن ان توجد ولا في القاموس ، و تقدم لنا صورا لا يمكن ان تـُرى في اي البوم ، الصور التي ترد في الاحلام هي اوضح مثال ، ولو كانت مرت علينا في السابق لما اندهشنا كل ذلك الاندهاش . الدليل الاخر هو ان الاحلام تاتي على شكل سيناريو ، فهل من المعقول ان السيناريو هذا مر علينا من قبل ؟

اذا كان هذا صحيحا عند ديلبوف فهذا صحيح عن الجميع ، فشخص حلم في زمننا هذا انه يجلس مع نابليون وسقراط في مقهى على القمر ، فهل نقول انه حدث له هذا الحدث في الطفولة و نسيه ؟ هذا لا يمكن منطقيا ان يحدث ..

وما دام الحلم يقدم لنا سيناريوات جديدة ، فيستطيع ان يقدم كلمات و صور جديدة . ثم كيف يحتفظ عقل ديلبوف بكلمة لم يحفظها في وقتها ؟ واستعان باخصائي في علم النبات ليكتب اسم النبتة ؟ واذا كان قد حفظها بطريقة واعية ، فلا يمكن ان يقول انه لا يعرف هذه الكلمة بتاتا . لأنه لا يوجد نسيان مطلق ، بدليل تراجع النسيان كلما عرضنا الاختيار من متعدد ، فأنت مثلا نسيت اسم مؤلف كتاب ما ، وعندما اعرض لك مجموعة اسماء مؤلفين ، فتجد انك تتعرف او تقترب منه ، اذاً انت لم تفقد اصل المعلومة . اذا لا وجود حقيقي لمنطقة العقل الباطن التي يعتمد عليها فرويد في كل كتاباته . ولو كان الانسان بما فيه العقل الباطن المزعوم يملك هذه القدرة الخارقة على الحفظ من مجرد كلمة لاتينية تمر عليه واستوعبها العقل الباطن الخارق ، لاستفاد الانسان من هذا الشيء .

شعور الانسان ليس الة تصوير او مطبعة كما يتصور فرويد ، بحيث يصور كل ما مر عليه ! مهمّاً كان او غير مهم !

http://1.bp.blogspot.com/-cOKZtBWcxPA/T1t7Q-wgcxI/AAAAAAAAADU/rwaZiEhgS54/s1600/12+%286%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-o5hL1ID6bM4/T1t7Y-WwD8I/AAAAAAAAADc/mRJfD8fZ63U/s1600/12+%287%29.jpg

كلام هيلد برانت وحلم فرويد – الصفحة 18-19 و ما قبلها :

العكس يكون احيانا ، فلماذا يتم تجاهل هذه النقطة ؟ احيانا يكون الانسان في فرح و أنس و هزل ، وفي منامه يرى احلاما جادة .

ما مصلحة العقل الباطن من تركيب صورة اعور مع اعور ؟ هل هو لتحذير الشخص ام ماذا ؟ شعور الانسان غير عبثي ، والا لماذا اكثر الاحلام عبارة عن مخاوف ؟ هذا دليل على التحذير والتنبيه .

http://2.bp.blogspot.com/-k1J9Tades7Y/T1t7roUcZ0I/AAAAAAAAADk/RU_OlWNgr9o/s1600/12+%288%29.jpg

كلام يسن ص 19 - 20 :

هذا صحيح ، وهو نوع من الاحلام و ليس كلها ، ومنه نفهم ان مصدر الاحلام هو شيء واعي ، وليس شيئا مجنونا عبثيا .

ثم لماذا لم يحلم ماير ان عودا دخل بين اصبعيه ؟ ما دام ان الواقع هو اساس الاحلام ؟ ثم لماذا تجنح الاحلام الى التخويف ؟ ان التخويف والاحلام المفزعة وكثرتها دليل على قلق داخلي يشير الى خطأ في الوجهة العامة لحياة الفرد و طريقة تفكيره .

http://1.bp.blogspot.com/-774FSZSJBrA/T1t740guljI/AAAAAAAAADs/Uxl9Z2FQ4Y8/s1600/12+%289%29.jpg

http://3.bp.blogspot.com/-pK4BzE9itkA/T1t8ATb8wwI/AAAAAAAAAD0/f7v_nis8UNI/s1600/12+%2810%29.jpg

ص 21 - 22: يسن و ديفيدسون :

كلام يسن هذا يخالف الكلام السابق لديفيدسون . الضمير يدخل في الحلم ، بدليل ان الانسان يشعر بالضيق والالم لانه فعل فعلا مشينا في الحلم ، وعندما يصحو يشعر بالفرح لانه كان يحلم . اي ان ضميره كان يزعجه وهو في الحلم . وهذا النوع من الاحلام معهود عند كثير من الناس . و كون الضمير يدخل في الحلم ، هذا يدل على اصالته في النفس البشرية ، وانها ليست شريرة بالخالص و وحشية وشهوانية كما يعرضها فرويد ونيتشه و بقية الماديين .

البعض يبكي من الندم اثناء الحلم ، ويصحو و يجد دموعه على خده . اننا نبكي في احلامنا احيانا على موت احد مرتبط بنا ، ثم نصحو فرحين باننا كنا نحلم .

الحقيقة ان الاحلام كلها مشاعر مكبوتة و ليست جنسا مكبوتا كما يتصور فرويد ، وهي مشاعر تستعمل الصور والاصوات المركبة كوسائل للتعبير . ان الضمير احيانا يتحرك في الاحلام في حين لم يتحرك في الواقع ، مثل من يحلم انه يعتذر لاحد وهو يرفض ذلك الاعتذار في اليقظة . و هذه هي الحقيقة : الضمير والمثل والنفور من الخطأ و الخطرهي اغلب مادة الاحلام . اذا للاحلام دور ايجابي ، لان اكثر الناس يمارسون كبتا لمشاعرهم الانسانية بل و احتقارا لها بينما يمارسون إطلاقا للغرائز الجسدية ، فلا تجد المشاعر الانسانية متنفسا لها الا في الاحلام . اما الدوافع الجنسية فلها نصيبها القليل من الاحلام ، كحاجة من الحاجات البيولوجية ، ولو كانت الاحلام كلها بدوافع جنسية كما يتصور فرويد ، لما وُجدت الاحلام الجنسية الواضحة والصريحة .

اذا اختزال فرويد للاحلام بانها بدوافع جنسية غامضة لا قيمة له ، بسبب ظهور الاحلام الجنسية متى ما دفعت الحاجة اليها ليس الا . وهي تشبه حاجة الدفء او الجوع او العطش . وهذه ايضا من الاشياء النادرة ، اما اكثر الاحلام فهي عبارة عن مشاعر انسانية يحيط بها القلق او الخوف او الفزع . مما يعني ان الحاجات الانسانية هي الاهم ، و حاجة الجسد موجودة ولكنها الاقل في خارطة الاحلام ، بل حتى الاحلام الجسدية تدخل فيها المشاعر ، كأن يحلم البردان بأنه يمشي على الجليد في ديار غربة ، ولا يعرف الطريق . فالمشاعر استغلت حتى الحاجات الجسدية .

لا يوجد اي حلم غير مسبغ بالمشاعر . بل قد ترى حلما مفزعا ، واذا نظرت فيما رايت لا تراه مفزعا في الواقع . وترى شيئا بارع الاثارة والجمال في الحلم ، وعندما تتذكره في اليقظة تجده امرا لا يستحق كل هذا . مما يدل على ان الأحلام تغطّس بالمشاعر .

وهذا الكلام يرد على دعوى فرويد بمادية الاحلام بحجة ان صور الاحلام موجودة في عالم المادة . وفي الحقيقة أن هذه الصور والمشاهد ليست هي المقصودة بذاتها بقدر المشاعر المرتبطة بها . بدليل تغيّر صور ومشاهد الاحلام التي تعبّر عن عدم الاحساس بالامن مثلا . فالصور تتغير والشعور لا يتغير . اذا تلك الصور المادية عبارة عن وسائل توضيح ليس الا . و بالتالي فالاحلام ليست مادية بل معنوية . وبالتالي تسقط فكرة مادية الانسان الكاملة .

فولكت ص 22 :

هذا ليس على الاطلاق ، ولا يعمم على كل الناس . والكثير يرى صورا جنسية يكبحها الحياء والعفاف والضمير ، والكثير من الناس يرى نفسه في الاحلام مظلوما او مقتولا و ليس قاتلا ، أو قاتلا بالخطأ ويخشى من المطاردة ، وهكذا نستطيع ان نعرف الناس من احلامهم . الشخص الحالم هو نفسه في اليقظة وهو نفسه في النوم . و فولكت لم يخبرنا عن موقفه من الجنس في اليقظة . هل لديه ضوابط و كوابح ام لا ، مع أنه لا يبدو ذلك .

كل شيء يعمل فيه ضميرنا في اليقظة ، فإنه يعمل في الاحلام . فالضمير لا ينام كما يتصور فرويد و باقته المنتقاة من رواة الأحلام .

http://1.bp.blogspot.com/-y1ewqE309Mg/T1t8Z_1xjBI/AAAAAAAAAD8/oZIcudbaNHc/s1600/12+%2812%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-tEx7xlea0WI/T1t8hABkxXI/AAAAAAAAAEE/ql9JQflnwHg/s1600/12+%2813%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-p9fNspgtxsw/T1t9RRRyAvI/AAAAAAAAAEU/yic6bNwqPcc/s1600/12+%2814%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-Dt1eW9ypCUc/T1t9ejDYupI/AAAAAAAAAEc/9GcLsDtIlLA/s1600/12+%2815%29.jpg

ص 24 – 25 :

الم يتخذ فرويد نفسه الاسلوب الرمزي ايضا في التفسير للاحلام واعادتها الى دوافع جنسية من خلال صور الاحلام وما تحمله من رموز ؟ مع انه تأويل رمزي بعيد و مثير للضحك احيانا . بل لقد فسّر سلوك الصغار والكبار في اليقظة على طريقة الرمز كعادة مص الاصابع و هواية جمع الطوابع إلخ .. بنفس الطريقة الشاطحة والمغرقة في الرمزية . كل ما في الامر انه نقل الرمز من عالم الفضيلة الى عالم الرذيلة . و بدل ان تكون للرموز دلالات راقية ، جعل لها دلالات منحطة .

http://3.bp.blogspot.com/-TnUFfHzBEdQ/T1t9Cs9fo8I/AAAAAAAAAEM/OBNak7IL9BE/s1600/12+%2816%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-JQ4ZzWPkD0c/T1t9yqq8U8I/AAAAAAAAAEk/2aZcytPQLHA/s1600/12+%2817%29.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-EdCAXgMKkwM/T1t97297hKI/AAAAAAAAAEs/813mk--EfQQ/s1600/12+%2818%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-hFdzYKN39JE/T1t-JPKHBdI/AAAAAAAAAE0/wgUkURGWwDo/s1600/12+%2819%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-Dqc6O4VnCFM/T1t-X8RsfvI/AAAAAAAAAE8/H3GGFWhVkcc/s1600/12+%2820%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-YD0_eHJ0ark/T1t-hTfPJmI/AAAAAAAAAFE/c-HDAgFSA9M/s1600/12+%2821%29.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-gcBlS_dNY_Y/T1t-sQUUlYI/AAAAAAAAAFM/Vez0DqRoBeE/s1600/12+%2822%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-avfaJvf5ytk/T1t-1nlwYDI/AAAAAAAAAFU/oAZuIi2Esuo/s1600/12+%2823%29.jpg

ص 28 – 35 كل تحليل الحلم :

ليس صحيحا ان يكون دافع كل الاحلام هو تحقيق رغبات . خصوصا ونحن نعرف ان اكثر الاحلام عبارة عن مخاوف ومشاعر ، مما يشير الى نسبة الخوف و الرغبة ومساحة كل منهما في حياة الانسان .

في اليقظة الاكثر هي الرغبة في سلوك الناس ، وفي الاحلام الاكثر هو الخوف . مما يعني ان اكثر الناس مفرطين في رغباتهم ومهملين لمخاوفهم ، على العكس تماما من راي فرويد . (كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الاخرة) (وتأكلون التراث اكلا لما ، وتحبون المال حبا جما) (زين للناس حب الشهوات) ، هذه هو مجال الرغبات .

لاحظ من تحليله انه يكشف عن رغبات كلها انانية ، و كأن الناس في يقظتهم يفتقرون للأنانية ، والذات عنده في الحلم ذاتُ شريرة و منتقمة ، بموجب التحليل الذي قدّمه . أي ان في دواخلنا رغبات مكبوتة لا تعرف الحلال ولا الحرام ، وهي التي تظهر لنا في الاحلام لأن الرقابة تخف .

إن اقل مساحة في الاحلام هي للرغبات . والمشاعر التي يلفها الحذر والقلق هي الصبغة المسيطرة على الاحلام وليست الرغبات . ويمكن اجراء استبيان و سيجد من يجريه ان مثل هذا الكلام هو الاقرب للصواب ، فليست الاحلام نافذة ومتنفسا – و كأنها نادي ليلي – تمارس فيها الرغبات التي يرفضها المجتمع وتـُعرض فيه صنوف الرغبات والشهوات المكبوتة والمخالفة لمشاعر الفضيلة عند الانسان ، بما فيها الرغبات الاجرامية والشريرة كما يصور لنا فرويد و يريدنا ان نقبل بأن الإنسان عبارة عن شرير مهذب ، تُخفـّف الحضارة من حدة انانيته في النهار لتعود تلك الانانية على أوجها اذا هو نام . وكأن البشر يعيشون في جنة فضيلة مزيفة وهم في عالم اليقظة ، ليت هذا يكون على الاقل ، هذا ما يحاول فرويد ان يثبت انه هو الواقع ، ولكنه بعيد عن الواقع ومختلف تماما عنه . مما يذكرنا بقصة الدكتور جيكل و مستر هايد الخيالية . حيث يكون الدكتور جيكل طيبا في النهار ، وينقلب الى مجرم و وحش وهو المستر هايد في الليل بعد شربه للدواء الذي اخترعه هو . فالشرور مكانها هو عالم اليقظة وليس عالم الاحلام ، ولهذا اضطر الى اعتساف الرموز في الاحلام لأنه فشل في اثبات ان الاحلام تدعو الى الشر .

انتهت الحلقة الأولى ..

وتتبعها الحلقة الثانية بإذن الله ..

الورّاق
03-11-2012, 01:41 PM
الحلقة الثانية :

http://1.bp.blogspot.com/-_Z6NZUq_3ng/T1yFnyup5LI/AAAAAAAAAFc/6-lZ_idteZA/s1600/38.jpg

ص 38 :

هو الان حصر كل الاحلام في تحقيق الرغبات ، وهذا الحصر غير علمي ولا واقعي ، مع انه يعرف الكثير من المخاوف في الاحلام و تجاوزها او ربما حاول ادراجها بطريقة ملتوية تحت اطار الرغبة . فهو يقدم هذه المقدمات لكي اذا تبنيناها قدّم لنا ما يهدف اليه وهو تأصيل الشر كأصل طبيعي في الإنسان والنفس البشرية ، وحينها لن يسمى شرا ، بل سيسمى طبيعة . و لكن المشكلة هي في المسلّمات وليست في النتائج المترتبة عليها ، فأنا ارفض مسلمات فرويد قبل ان أقبل نتائجه ؛ لأنها غير شاملة وغير دقيقة وانتقائية .

لا يمكن ان يعتبر الخوف رغبة ، و الاحلام مليئة بالمخاوف ، بدليل ظهورها الى السطح اذا كانت عنيفة على شكل كوابيس مفزعة يستيقظ النائم على اثرها مرعوبا . ولكن لم يستيقظ نائم على اثر رغبة ، مما يدل على سيطرة المخاوف و ليس الرغبات على الاحلام . و قليل من الناس بل من النادر من تتصف احلامهم بالسعادة وتحقيق الرغبات ، والاحلام من حيث سعادتها وكآبتها لهي افضل دليل ومعيار على صحة المسار من خطئه ، و كل من انحرف عن الطريق السوي ، فعلى قدر انحرافه يعاقبه شعوره في الاحلام ، اذا استثنينا الاحلام الجسدية ، وهي قليلة ولا قيمة كبيرة لها ، كأن يتعرض النائم للحرارة او البرد او اصوات مزعجة او استثارة جنسية .

http://2.bp.blogspot.com/-uyuvUcRkyps/T1yF9TTdc7I/AAAAAAAAAFk/9GgWOWkQLxY/s1600/38+%281%29.jpg

بموجب الكلام السابق ، يكون الحلم عبثي ، لأنه يقدم احلاما لا تقدم نتيجة كما في مثال حلم العطش ، في حين قال سابقا أن كل الاحلام ذات معنى و لها هدف ، فكيف يستمر وجود هذا الحلم الذي لا يقدم نتيجة ؟ وطالما انه لا يقدم اي نتيجة ، اذا ليس له هدف ولا معنى !

اذا هو لم يفسر الاحلام التي من مثل حلم العطش و لماذا تـَرِد ..

http://4.bp.blogspot.com/-4GzFcEUz23c/T1yGNXE-UVI/AAAAAAAAAFs/4P4y9gZMGi0/s1600/38+%282%29.jpg

في حلم المستشفى ، هذا يعني ان الضمير لا ينام ، كان بإمكانه ان ينام دون ان يـُقدم له حلم ، إذا فلماذا قـُدِّم الحلم ؟ هو قدّم لأجل الضمير ، واستعدادا نفسيا لعملية النهوض ؛ لأنه في حالة الحلم ، الآن هو في حالة حركة ونشاط في ذلك الحلم ، وستجده يستيقظ من نفسه بدافع من هذا الحلم . فكونه يقف امام المغسلة و يـُرجل شعره ويذهب الى المستشفى ، هذه كلها من أجل الاستعداد للاستيقاظ لأن الجسم منهك ، أي كأن الحلم يريد ان يضعه في الصورة . بالتالي فالحلم الذي يضع امامك صورة واجب من الواقع ، فهذا يعني انه يريد ان يدخلك في جوه ويمهد لذلك، لا أن يهرب بك عنه كما يتصور فرويد ، فالشعور لا يَخدَع .

مثل هذه الاحلام ، أسميها احلام الإيقاظ . و مثلما ذكر قبل ذلك من مثال النائم الذي يتعرض جسمه لحرارة ، ستجده يحلم انه مثلا قرب نار ، ثم تقع قدمه في النار في الحلم ، ثم يستيقظ فزعا لأنه حرّك قدمه وهو نائم كي يبتعد عن النار ، فاصطدمت بحافة السرير مثلا ثم استيقظ ، لأن اي رسالة ترد من الجسم ، تُعيد الذات إلى الجسم وبسرعة بدافع الخوف على الجسد من الخطر . ولذلك ترى اي شخص توقظه من نومه لا بد انه في حالة فزع و لو قليلة . لذلك ايقاظ النائم بطريقة خشنة لا يخلو من خطورة . و مثل أن يقوم النائم إذا حرّك احد رجليه ليجد ان الشمس مثلا او المدفأة كانت عند قدميه ، فيغيّر من مكانه ويعود للنوم مرة اخرى . فهذه الحركة التي كانت في الحلم انتقلت الى الواقع ، فجاءت اشارات من الرِّجل الى المخ ثم الى الذات (الوعي) . فاستيقظ النائم على اثرها مثلما يستيقظ اذا حرّك احد رجله كمؤثر خارجي . و لهذا يجري تحريك النائم ممن يريدونه ان يستيقظ و ينادون عليه بصوت مرتفع كمؤثرات خارجية ، و نجد انه في حالات التعب الشديد لا يتحرك النائم ، ولكن قـُرْب الاستيقاظ تكثر الحركة لعله يصطدم بشيء فيستيقظ من النوم .

ان الشعور الانساني هو الجوهرة الثمينة المودعة في كل شخص ، فهو لا يكذب ولا يكذب عليه ، وسلوكه كله محسوب وليس عبثي ، وهو الحريص علينا اكثر من انفسنا . لهذا اكثر الناس لا تكون احلامهم مطمئنة و سعيدة ، وان بدوا في يقظتهم احسن حالا من احلامهم ، فالشعور لا يغش ولا يجاري صاحبه على كل ما يرغب به ، لان له خطاً مفطوراً عليه وأمانة يريد ان يوصلها ، وإن كان لا يـُلزِم صاحبه ، بل يشير عليه و يحذ ّره بكل الوسائل . وهذا دليل على نسبة الخطأ الكبيرة في حياة الناس . فالأحلام معيار الحقيقة والطريق القويم ، ولا يمكن ان يكون الانسان على اتجاه خاطئ في يقظته وتكون احلامه سعيدة في نفس الوقت و راضية عنه .

الحلم هو الذي يدخل الشخص في النوم وهو الذي يوقظه منه ، وهذه وظيفة للاحلام و ليست كل وظائفها ، ولم يفطن لها فرويد ، و لم يعلم اننا ننام بحلم ونصحو بحلم ، لكنها احيانا تكون احلاما غامضة ولا نستطيع تذكرها . النوم هو ان تنفصل عن عالم الواقع ، و حتى تنفصل لا بد ان يقدّم لك عالم آخر غير عالم الواقع ، فتترك هذا الجسد ليستريح وتنطلق الى العالم الاخر . و كذلك في عملية الاستيقاظ ، ينقلك الحلم الى الواقع ، فالحلم المذكور يجعل فرويد يستيقظ من فراشه و يرجل شعره . كل ما في الامر ان يصنع الحلم حدثا معينا يسبب حركة مثل ان يرجل شعره ويمشي الى المستشفى ، وهكذا يتحرك النائم حتى يستيقظ . فلا أحد يستيقظ الا بحركة ، منه أو من غيره . وأحلام قبل النوم خيالية اكثر من أحلام الاستيقاظ ، فهي واقعية لأجل الاستيقاظ و العودة للواقع .

ولهذا السبب يتقلب النائم وربما ينزع عنه الغطاء ، في حركة حـُلـُمية . وليست كل الاحلام يتذكرها الانسان . و اثناء الحركة الاستيقاظية يلامس جسم النائم شيئا او يصطدم بشيء فيعود الى الواقع رأسا . مثل الطالب الذي يحلم بأن الامتحان فاته ، فاذا استيقظ وجد الوقت لم يحن بعد .

هناك احلام ضد الاستيقاظ تجعل الواقع خيالا ، مثل جرس المنبه الذي يحوله الحلم الى سمفونية داخلة في حفلة احلام مثلا . و هذه تحدث اذا صار هناك مثير خارجي للاستيقاظ ، ولكنها ليست خطرا ، فالاحساس بالخطر يسبب رجوعا مباشرا للواقع .

http://2.bp.blogspot.com/-_OXusSv6oCc/T1yGiOnWrtI/AAAAAAAAAF0/8SifVKq5bn4/s1600/38+%283%29.jpg

هو يحاول ان يجعل الاحلام معرض رغبات ، كان عليه ان يسأل : هل تحقق الاستيقاظ بعد هذه الاحلام ام لا . وبما انهم ذكروها ، فربما تكون هي اخر الاحلام وهي التي استيقظوا بعدها . وهي التي تُذكر بالعادة .

هذا يشبه حال الحاقن ، فربما يحلم انه يتبول ، فتجده بعد هذا الحلم مباشرة يستيقظ و يذهب للتبول ، ولكنه لم يتبول وهو نائم ، وإلا لو كان تحقيق الرغبات هو الصحيح لكان تبول في الفراش . وهذا يثبت ان تحليل فرويد خاطئ للاحلام على اعتبار ان الحلم تحقيق رغبات كما يقول فرويد . طالما حقق الرغبات في الانتقام والجنس ، فلماذا لا يحققها في التبول ونحوه ؟

http://4.bp.blogspot.com/-fspfIsHBvtA/T1yHBDlNLLI/AAAAAAAAAF8/n6QXEwtOjVA/s1600/38+%284%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-fDAPYecdxo4/T1yHKItBigI/AAAAAAAAAGE/w6o9Clo-3wQ/s1600/38+%285%29.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-bMa13KKd1Io/T1yHV0lerGI/AAAAAAAAAGM/YErKplwon8w/s1600/38+%286%29.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-VFGzAGKZ0cc/T1yHjgQU0ZI/AAAAAAAAAGU/PskScPV4RgU/s1600/38+%287%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-yxtsNclJmuA/T1yHslWx3lI/AAAAAAAAAGc/xM6mZh011Oc/s1600/38+%288%29.jpg

حلمه مع ر :

ألم يقل انه لا مكان للندم أو المثالية في الاحلام ؟ وإنما رغبات مكبوتة ؟

http://1.bp.blogspot.com/-jS7bH4F8-mM/T1yH9vuGwXI/AAAAAAAAAGk/F5pJMOSoCVo/s1600/38+%289%29.jpg

الرغبة والرقابة :

وضع الرغبة و وضع الندم .. كلاهما في الحلم كما فسره .. فعلى اي اساس جعل الرغبة هي النابعة من الاعماق ، بينما الرقابة قادمة من السطح ومن الخارج ؟ هذا ينبئ عن رغبته هو في تسطيح المشاعر الطيبة ، و نفي جذورها الضاربة في النفس ..

http://4.bp.blogspot.com/-bv3OV-mhTAY/T1yISpFqTdI/AAAAAAAAAGs/L89Urr1snmg/s1600/38+%2810%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-o55ST1O8UWY/T1yIa-ddGhI/AAAAAAAAAG0/kINb5oXlaAM/s1600/38+%2811%29.jpg

حلم السمك المدخن :

واضح تفسير الاحلام عند فرويد أنه مرتبط بالرغبة بالشر ، هذا هو التفسير الفرويدي للأحلام .. وكل حلم يقابله يفسره بأنه رغبة للشر ولكنها مكبوتة ، ولاحظ كثرة تفسيره للأحلام بالحقد الدفين ، ولو سال الحالمين هل انتم تحقدون ، لتفاجئوا بهذا السؤال ، فهو يريد ان يجعلهم حاقدين رغما عنهم ، وهذا ما اضطره لاختراع فكرة العقل الباطن الذي لا يعيه صاحبه ، ليجعله مخرجا وخزانا للشرور والغرائز المنفلتة والانانية التي تريد ازالة الجميع عن الوجود ، ليقول للشخص : أنت تحقد أو ترغب جنسيا ، فيرد الآخر : إن هذا لم يدر في خلدي ، فيقول: لا !! هو دار في خلد عقلك الباطن ، الذي لا تعرفه وأنا الذي اعرفه !!

نلاحظ ان انصار فرويد يعظمون ويجلون اكتشافه لما يسمونه بالعقل الباطن ، لأنه هو المخرج لتوهيم الناس بان قلوبهم مليئة بالشرور ولكنهم لا يعلمون ، لأن العقل الظاهر يحاربها ويراقبها ويمنعها من الظهور للسطح ، مما يساوي أنني انا وانت والاخرين عبارة عن اشرار ، لكننا لا نعرف مدى ما نحمله من شر .. وهذا ما يفسر لنا اضطراره لفكرة الهو و الانا والانا الاعلى ، كحل لهذا المأزق ..

هكذا فكّر فرويد .. وهذه هي وسائله لادخال هذا الوهم الخطير الى المجتمعات .. ومن خلال هذه الفكرة اللعينة (العقل الباطن الشرير) ، من الممكن توهيم الآخر بما لا يدركه ولا يحسه بكل بساطة .. ولاحظ أن هذه الطريقة طريقة سحرية وليست علمية ، لأنه يحيل الشخص الى مجهول ، وهو العقل الباطن الذي لا يحس ولا يدرك على حسب افتراضه .. مع ان هذا المجهول لا وجود حقيقي له ، فكيف يوجد شيء لا يدركه عقل صاحبه وهو فيه ؟ وكيف نتذكر اشياء لا نتذكرها ؟

لهذا كبروا كلمة "اكتشاف العقل الباطن" ، ففرويد اكتشف غير الموجود في الحقيقة ، لكي يوصّل ويؤصل من خلاله وجود الشر في الانسان . و ليعتبر الخير شيء طارئ صنعه المجتمع ليس الا .. لاحظ انه لا يرجع الخير الى العقل الباطن ، فقط يرجع الشرور والاطماع والاحقاد والشهوات و الوحشية .. اذا فرويد لم يرد خيرا بالبشرية ، واراد ان يحولهم الى الشر والفساد والتدمير .. كأنه يقول لهم : هذه هي طبيعتكم فلا تنفروا منها واستجيبوا لها ..

لاحظوا ولا ننسى ايضا ، أن فرويد كان يمارس التنويم المغناطيسي و فشل فيه ، فاضطر الى اختراع هذه الخدعة لكي ينوم الجميع دفعة واحدة .. ونجح بتنويمه للغرب دفعة واحدة ..

كل محاولاته من اجل ان يسقط الدين والاخلاق .. وهو شخص ملحد و يهودي الاصل وعضو في منظمة بناي بريث القومية المتطرفة ، و الجميع يعرف ان القومية المتطرفة اليهودية تحمل عداء للاديان والشعوب الاخرى (الجوييم) ، و تريد ان تنتقم منهم وتعيد لهم نفس التهم التي الصقوها باليهود عبر التاريخ ، مثل الحقد والطمع والشهوانية والمادية والانانية والجشع الخ .. هذه النقاط هي التي يفسر من خلالها فرويد ليس الاحلام فقط ، بل الانسان كله .. كي يقول : ما فيش حد احسن من حد .. و مع الاسف ليست افكار فرويد فقط التي تنحى هذا المنحى ، هي نفس افكار الماديين و الماسونيين النورانيين ، إلخ السلسلة المادية الالحادية و العدمية .

كل انسان لا شك انه تخطر عليه خواطر من الرغبات الفجة والشهوانية ، و غالبا يطردها بسرعة .. على هذه الهمزات الشيطانية اعتمد فرويد (اي كأن الشيطان هو اصلنا) ، و كأنه يقول لكل شخص : ما دام انها تاتيك مثل هذه الخواطر و تحاربها ، اذا العقل الباطن هو الذي اتى بها ، و العقل الواعي صنيعة المجتمع والدين والحضارة هو الذي طردها ، اي ان الطارئ يطرد الاصلي ، ومن هنا صدقه الكثيرون بوجود منطقة العقل الباطن الشريرة الوهمية .. و نسي او تجاهل ان الانسان تاتيه خواطر خيرة و يطردها احيانا .. على اعتبار انها مثالية و صعبة التطبيق .. فلماذا لا يقول انها جاءت من العقل الباطن ايضا ؟

واذا كان العقل الظاهر هو الذي يرد داوفع العقل الباطن (الشريرة طبعا حسب فرويد) ، فمن الذي رد تلك الدوافع الخيرة والمثالية والتي تمر ايضا بنفس الطريقة ؟ وهي بالطبع لم تاتي من العقل الظاهر الذي صنعه المجتمع حتى يقول ان العقل الباطن هو الذي ردها ! لأنها ببساطة غير موجودة في المجتمع بسبب مثاليتها الزائدة .. ثم اذا كان العقل الظاهر هو المسيطر وهو خيّر كما يراه فرويد و مـُقحـَم على العقل الباطن ، اذا لكانت الدنيا جنة ، فمن اين هذه الشرور التي لا تتوقف ليل نهار وفي كل مكان على ظهر الارض ؟

كل ما في الامر ، اذا اردت ان ترد على فرويد : انظر الى الجانب المظلم الذي همّشه و سلِّط أنت الضوء عليه .. وهنا يهرب شيطان فرويد كما تهرب بقية الشياطين اذا رأت النور ..

لاحظ نيته الخبيثة في تركيزه على ناحية الرغبة في الاحلام ، و كأنه يقول : ان الرغبة ، وليس الخوف من الله أو الخطأ ، هي محرككم الاصيل ، فتحركوا بموجب الرغبة ، و ما الرغبة الا شهوات كالجنس أو شرور كالانتقام .. فأطلقوها حتى تستجيبوا لذواتكم وتكونوا انتم ، وبالتالي تشفون من امراضكم العصبية ! .. مع ان الناس يعرفون ان اكثر احلامهم تصوير لقلق ومخاوف ، وليست رغبات .. بل هي الاقل في الاحلام .. فالخوف هو سيد الاحلام ،

ثم هو يفسر الخوف بانه رقابة من العقل الظاهر على الحلم ايضا .. واذا كان العقل الظاهر يراقب الحلم بهذا الشكل ، فلماذا يسمح بالتجاوزات اللامنطقية في الحلم ؟

هو يحيلنا على وهم ، فكيف يسمى عالما ؟؟ العالم هو من يحيل الى وضوح .. وليس الى الغموض .. ما الفرق بينه وبين الساحر والمشعوذ ؟؟ الساحر يحيل سلوك الانسان وامراضه الى السحر ، واذا قلت له : ما هو السحر واين السحر ؟ قال لك : هو شيء غامض لا يعرف ، والساحر فرويد يحيلك إلى العقل الباطن .. وهو شيء غامض ومبهم ولا يحسه صاحبه ولا يعرفه إلا من خلال فرويد ..

اذا فرويد مثل الساحر : يحيلنا على مجهول .. لكنه سمي عالما وبقي الساحر ساحرا وبقي المشعوذ مشعوذا ..

هذا مع أنه لا يعتمد على شيء علمي في تفسيراته .. و كل ما يقوله عن ان سبب الاحلام هو الرغبة ، تستطيع ان تقول أن سبب الاحلام هو الخوف .. حتى لو كانت الرغبة ظاهرة في الحلم ، تستطيع ان تقول انه خوف من ذهاب تلك الرغبة .. كل ما في الامر هو أن فرويد فسر لنا نفسه و ما تنطوي عليه ، ولم يفسر الاحلام كما هي ولا الإنسان كما هو ..

اذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه .. وصدّق ما يعتاده من توهم ..

وهذا هو ظن فرويد : احقاد وشهوة انتقام وشهوات جنسية إلخ .. من العفن العميق في نفوسنا حسب وجهة نظر فرويد ، والذي يتجمّل هو لكشفها لنا .. اي يتجمل عن طريق قبحنا ..

هذا اختزال كريه لمكنونات النفس البشرية ، و تعسّف كل صورة للاحلام على انها من النوع السيء .. والإنسان – اي انسان- كما يعلم الجميع ، ليس كله سيء ، فلماذا اذاً تكشفه احلامه على انه ليس فيه الا السوء ؟ هنا يكون الشك في الكاشف وليس في المكشوف ..

لا اظن فرويد انه يستطيع ان يفسر حلما واحدا على محمل اخلاقي يحمل الخير و الرقي .. ان هذا الشيء يتعبه .. وحتى في تحقيقاته مع الحالمين ، يتلمس خيوطا للرذيلة يتمسك بها حتى يعيد جدلها بقوة .. ويبني عليها حكمه ..

انتهت الحلقة الثانية ..
وتليها الحلقة الثالثة بإذن الله ..

ابو ذر الغفارى
03-12-2012, 02:56 PM
جزاك الله خيرا على هذا المجهود لكن هذا الموضوع مكانه فى قسم المذاهب الفكرية وليس هنا لكى يحظى بحظه من القراءة
وأول مرة أعرف أن هذا اليهودى الخبيث المريض نفسيا كان يصرح بتعاطيه للكوكاين
فلا علم ولا أخلاق ولافطرة ولا وعى لما يقول حتى ...
وحقيقة التنويم المغناطيسى المزعوم هى نوع من السحر الأسود النتوارث بين بعض قبائل اليهود
والغريب أن الرؤيا التى ذكرها فى قصة سيدنا يوسف وأقر بها تهدم محاولة حصر الأحلام فى تفسير مادى لأن الرؤية شيء خارق للعادة وهى ثابتة ومتكررة من ثقات من الأنبياء والصالحين وحتى تقع لبعض الكفار كما فى حالة ملك مصر وهذا إخبار لشيء سيقع فى المستقبل فلا حيلة لأحد فيه
والله المستعان

بن حيان
03-12-2012, 06:26 PM
أرحب بالزميل الوراق
نسأل الله بمنه وكرمه أن يكتب لك الأجر والمثوبة على مجهودك ووقتك الذي تبذله لتنوير إخوانك وإيضاح ما قد يشكل عليهم
ولعلك تتذكر أنني كنت على نقيض أفكارك في الفترة الماضية وأحمد الله الذي هداني للصواب
أخوك بن حيان

الورّاق
03-12-2012, 10:11 PM
جزاك الله خيرا على هذا المجهود لكن هذا الموضوع مكانه فى قسم المذاهب الفكرية وليس هنا لكى يحظى بحظه من القراءة
وأول مرة أعرف أن هذا اليهودى الخبيث المريض نفسيا كان يصرح بتعاطيه للكوكاين
فلا علم ولا أخلاق ولافطرة ولا وعى لما يقول حتى ...
وحقيقة التنويم المغناطيسى المزعوم هى نوع من السحر الأسود النتوارث بين بعض قبائل اليهود
والغريب أن الرؤيا التى ذكرها فى قصة سيدنا يوسف وأقر بها تهدم محاولة حصر الأحلام فى تفسير مادى لأن الرؤية شيء خارق للعادة وهى ثابتة ومتكررة من ثقات من الأنبياء والصالحين وحتى تقع لبعض الكفار كما فى حالة ملك مصر وهذا إخبار لشيء سيقع فى المستقبل فلا حيلة لأحد فيه
والله المستعان

شكرا لك اخي الكريم ..

مبتلى
03-12-2012, 11:26 PM
أتابع موضوعك الماتع النافع جزاك الله خيرا

الورّاق
03-14-2012, 04:31 PM
أتابع موضوعك الماتع النافع جزاك الله خيرا

اهلا بك اخي ..

تحياتي لك ..

الورّاق
03-14-2012, 04:33 PM
أرحب بالزميل الوراق
نسأل الله بمنه وكرمه أن يكتب لك الأجر والمثوبة على مجهودك ووقتك الذي تبذله لتنوير إخوانك وإيضاح ما قد يشكل عليهم
ولعلك تتذكر أنني كنت على نقيض أفكارك في الفترة الماضية وأحمد الله الذي هداني للصواب
أخوك بن حيان

نشكر الله ان من عليك ، واتمنى لك المزيد من الاستنارة والتنوير .. وهذا اجمل خبر لهذا اليوم .

وفقك الله ورعاك ..

وعفوا ان تجاوزتُ ردك ، فمعذرة ..

الورّاق
03-14-2012, 04:35 PM
الحلقة الثالثة :

http://2.bp.blogspot.com/-IuZ2Kio0xW4/T2CmwemKWoI/AAAAAAAAAHU/Y8BAoaZKhMs/s1600/50_page_048.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-4G7TbnBuzk4/T2CiBoy4MCI/AAAAAAAAAG8/SitlmWBVPsk/s1600/51.jpg

حلم اوتو و كارل :

ما فائدة الاحلام اذا صارت الرقابة موجودة ؟ ما فرقها عن الواقع ؟ اذا كانت الرقابة موجودة فلماذا لا تراقب عدم منطقية الحلم مثلما تراقب عدم المنطقية في حالة اليقظة والوعي ؟ وما دامت الرقابة قائمة بهذا الشكل الدقيق حتى في الحلم ، فلماذا تظهر الرغبة الغير مرغوبة ؟ اين الرقابة عنها ؟ و ما دامت تحب المحاضر ، فلماذا لم تحلم به مباشرة ؟ ما شأن الموت و حبها له ؟؟ والحب متعة ، فلماذا تنغص على نفسها بآلام الموت ؟ الا يرى اننا نضحك على تناقضات كثيرة في الاحلام ؟ فاين الرقابة عنها ؟

لماذا لا نقول ان رؤية ذلك المحاضر ذكرتها بحضوره السابق عندما مات اوتو فخافت على الطفل الثاني ؟ الم تقل لفرويد انها تحب الطفلين ؟ بينما حبها للمحاضر هو من توقعات فرويد ، والتوقع ليس مثل الاعتراف ؟

ثم هو يصر على ان حلمها رغبة ، بينما هي تتحداه في اين هي الرغبة في حلمها .. والرغبة لها انعكاس بالبهجة ، ولم تقل له ان حلمها كان بهيجا ، اذاً الرغبة لم تحقق شيئا ، اي انها لم تكن موجودة في الحلم اصلا ..

أي تحقق للرغبة يضفي بهجة ، فلماذا مثل هذا الحلم ليس بهيجا ؟ بعد ان قامت من نومها ، لا شك انها تألمت مما رأته في الحلم ، بل وفرحت انها كانت تحلم و لم يكن حقيقيا ، بينما الرغبة تكون على العكس من هذا تماما ، فيتمنى المستيقظ انه لم يستيقظ ..

سؤال اخر : لماذا تظهر الرغبة بشكل مباشر و صافي وطويل احيانا في الاحلام ؟ و تذكرها بعد اليقظة واضح ، فاين الرقابة عنها ؟ هناك اناس لم يروا حلما سعيدا في حياتهم ، وهم مليؤون بالرغبات . و زد على هذا ، انهم من النوع المتحرر في الواقع ، اي لا يمارسون كبت و لا قمع على انفسهم في الواقع .. بعبارة اخرى : هم اناس مستغرقين في المتعة واللذة (الرغبة) في اليقظة ، و متالمون وصارخون في الاحلام ! فهل يعقل انهم يمارسون رقابة و هم نومى ، ولا يمارسونها وهم مستيقظون ؟ و ان المجتمع والدين والاخلاق تؤثر بهم اذا ناموا فقط ؟ و كأنها بطانية نسجها المجتمع ؟ فإذا نام تسلّط ذلك المجتمع عليه وحرمه من رغباته التي لم يحرمه منها في اليقظة ؟؟ واضح ان في الامر خطأ اساسي في فهم الانسان ..

http://2.bp.blogspot.com/-m-97Iy9SzFI/T2CipeHRMaI/AAAAAAAAAHE/viIcY2saOhM/s1600/51+%282%29.jpg

أحداث اليوم السابق :

هذا ليس صحيح ، الحلم له صلة بالذاكرة ، الذاكرة غير زمنية ، عندما تتذكر منظرين من مناظر الذاكرة ، احدهما قديم والاخر حديث ، لا تجد اي فرق سببه الزمن بين المنظرين .. فبقاء الحدث على حسب صفاء ادخاله للذاكرة وعلى الحاجة لتثبيته فيها ، ولا شأن للزمن بعد ذلك ..

اذا الحلم ليس شرطا انه مرتبط باحداث اليوم الماضي مثلما افترض فرويد ، واي شخص يتذكر احلامه يعلم هذا ، في النادر ان تكون مرتبطة باحداث اليوم الماضي .. وهذه المحاولة تعسفية متكلفة حين يسال صاحب كل حلم : ماذا فعلت في اليوم السابق .. ليقوم باعتساف الربط ، مع ان الحالم لم ير شيئا من احداث اليوم السابق .. وهي عملية تسطيحية للأحلام وتفريغ لها من رسالتها الشعورية العميقة .

يعتقد فرويد انه لا يؤثر علينا سوى الاحداث والاشخاص الاخرين ، على مبدأ الورقة البيضاء التي يتبناها الفكر المادي الالحادي ، وهذا غير صحيح . فأحيانا لحظة تأمل أو تفكير تنبع من داخلنا ، تغيـّر مجرى حياتنا بالكامل بدون احداث ولا اشخاص .. وتجعلنا نؤثر على الآخرين .. بدلا من ان يؤثروا علينا كما يفترض الماديون ..

http://1.bp.blogspot.com/-gC8aFls_IJc/T2Ci7J49diI/AAAAAAAAAHM/Bz70tjiLDhQ/s1600/51+%283%29.jpg

اذا عجز فرويد ان يجد علاقة بين الحلم واحداث اليوم السابق ، لجأ الى الميتافيزيقا ، وفسر عجزه بقناع يضعه العقل الواعي ، حتّى يخطّأ فرويد في تفسيره .. !

لماذا العقل الواعي مرة يضع قناعا ومرة لا يضعه ؟ لماذا لا نقول ان فرويد عجز ان يجد علاقة بين الحلم واحداث اليوم السابق في حلم ما .. ؟ أم أن هذا لا ينبغي ، ونضع العقل الواعي و رقابته شماعة لأخطاء فرويد في التفسير ؟ هو لم يحدد علميا متى يتدخل العقل الواعي و متى لا يتدخل ، ولماذا .. اذاً كل ما في الامر انه قدم شماعة و مخرج للاسئلة المحرجة ..

ثم كيف يتدخل العقل الواعي والشخص نائم ؟ اذا هو واعي ومستيقظ و ليس نائماً ! النائم نائم والواعي واعي ..

في الحقيقة ، يبدأ "إخراج" الأحلام معتمدا على الاشياء التي جرى التركيز عليها شعوريا في الاونة الاخيرة و ليس في اليوم السابق فقط ، أو معلومات و ذكريات متكررة ومتركزة عبر السنين (اعتيادية في العقل الوسيط) ، سواء رآها الشخص و ركز عليها ، او سمع احدا يتكلم عنها ، او شاهد فيلما ، او فكر هو و ركز في ذهنه على اشياء ، فالشعور ينظر في هذه المجموعة الجاهزة من قديم و حديث و يستعملها في الحلم كمداخل جاهزة لتفريغ المشاعر من خلالها ، و الحديثة اكثر لقربها من التركيز ، و ليس يحلم لاجلها (الا اذا وضح الشعور ذلك ، مثل من يرى طعاما في الحلم ، ويشعر بالجوع في الحلم ايضا ، اما من يرى طعاما ولا يشعر بالجوع فالطعام هنا وسيلة لفكرة اخرى و ليس غاية) ؛ والسبب ان النائم او القريب من النوم في حالة كلل ذهني ولا يستطيع ان يركز ، فيأخذ الشعور من المـُركـّزات الجاهزة والقريبة التناول كمداخل ليصنع منها احلاما ، لدرجة انك تستطيع ان تركز على اشياء وتدخلها في احلامك احيانا . لكنها ليست هي المقصودة في الحلم كما يتبادر الى اذهان اكثر المفسرين ومنهم فرويد . وهذا يسقط فكرة الرمزية في الاحلام ، فما هذه الصور الا وسائل ، و الدليل انها مأخوذة من اهتمامات اليوم السابق .

الحلم يبدأ منطقيا ثم يأخذ منحى بعد الاستغراق في النوم ويبتعد عن المنطقية تبعا لتنامي الكلل الذهني الواقعي ، اي يتحرر من العقل الواقعي ، فينطلق كما يشاء ، لهذا السبب يحلم الاطفال من واقع ما يثيرهم في اليوم السابق . ولهذا السبب لا نجد احداث اليوم السابق كما هي ، فهي مجرد وسائل جاهزة لا تحتاج الى تفكير . ولهذا يغيرها الحلم ولا يبقيها على حالها ، ولهذا الاحياء تحتاج الى النوم ، لان الواقع يحتاج الى تركيز والتركيز مرهق ، وهذه هي فائدة النوم الحقيقية . وليس لراحة الجسم فقط كما يقول الاطباء . بدليل : اجعل شخصا ينام 7 ساعات ، وشخص اخر يستلقي مثل النائم 7 ساعات ، ستجد الاول زادت راحته والاخر زاد تعبه ، مع ان عضلات كليهما مرتاحة . لان المستلقي يزداد تفكيره و بالتالي يزداد ارهاقه . والتفكير الضاغط والتركيز هو اقوى اسباب الارق ، ان لم يكن هو الارق نفسه . هذا في حالة التركيز الغير اختياري ، وغالبا ما يكون في اوضاع تغلب عليها الضغوط النفسية والمشاكل العاطفية . اما التركيز المختار كمذاكرة التلاميذ في الليل او قيادة السيارة ، فهي تؤدي الى الشعور بالرغبة بالنوم ، وربما لو انشغل الشخص بشيء آخر يذهب ذلك الشعور القوي لحاجة النوم . لكن اذا كان مع السائق الارق من يحادثه يزداد تركيزه .

اذا الاحلام راحة لانها تحرر من سيطرة عالم المادة ، اذا التركيز ليس الا الارتباط بعالم المادة وقوانينها وما يتعلق بذلك من اخطار . مشاكل الواقع تنتقل الى الاحلام لكي تـُعالج ويوضح الخاطئ منها والصواب .

اذا : على عكس فرويد تماما : الحلم يبدأ من احدث الذكريات وليس من اقدمها . لينطلق من احدث الذكريات المهمة عند الشعور الى ما يشاء ، لان الشعور مهتم بالحاضر والمستقبل ، وليس بالماضي ومشاكله ، فضلا عن الماضي السحيق المنسي في الطفولة المبكرة كما تصور فرويد . و يجب ان نلاحظ ان الحلم يعتمد على ما جرى الاهتمام به و التركيز عليه ، وليس شرطا ان يكون حاضرا ، و يعتمد عليها كوسائل وليس غايات بحد ذاتها ، فمثلا رايت قطارا مسرعا قد يدخل في حلمك ولكن ليس لكي تتعرف على عالم القطارات ، بل ليوظفه لغاية شعورية ، كأن تكون راكبا في قطار امامه البحر و يسير بسرعة جنونية لينبهك ان مسيرة حياتك ليست سليمة ، اي ليعبر الشعور عن قلقه ، وقد تكون ركزت على منظر طفل رايته في ذلك اليوم ، فيجعل منه الحلم واقفا في طريق ذلك القطار . او يجعلك انت ذلك الطفل .

كما نلاحظ ان الذكريات لا قيمة حقيقية لها وليست هي المقصودة في الاحلام ، و لم يصنع الحلم لاجلها ، لانها موجودة في الذاكرة ، ولكنها وسائل لتمرير ما يريده الشعور ، لهذا يعبث بها ويقلبها كما يشاء . ولو كانت مهمة بذاتها لقدمها كما هي ، واذا لم يعتمد الشعور على ذكرياته من صور واشكال واصوات و و الخ ، فعلى ماذا يعتمد ؟

والكبت القديم لا قيمة له ، لان الشعور معني بالكبت الحاضر ، فليس الشعور مجنونا لكي يهتم بمشاكل ولى زمانها ، بينما لديه مشاكل حاضرة ومستقبلية . فشخص كان جائعا قبل يومين ، والان هو يعاني من التخمة .. هل يهمه شعوره بالجوع قبل يومين ؟ ام انه مشغول بشعوره الان و ما يعاني منه ؟

بل اذهب الى اكثر من هذا ، ان الشعور لا يـُحسّ إلا في وقته ، ولا يتكرر الشعور مرة اخرى ولا يمكن استرجاعه كما هو ، اما ما نعرفه عن الامنا و افراحنا القديمة ، فليس الشعور يتكرر فيها ، وإنما سيناريو و تفكير صنعهما العقل عن تلك الذكريات . لاننا لا نقدم احاسيسنا و واقعنا كما كانت بالضبط . وهذا واضح عند كثير من الناس مثلا عندما يصف طفولته بانها سعيدة ، سوف يقدم لك وضعا مثاليا يستبعد فيه كل الاشياء المؤذية ، وهذا قطعا لم يكن هو الواقع ولم يكن هو شعوره في ذلك الوقت . سيقول لك : كنا ونحن صغار لا نهتم بشيء ، لكنه عندما كان صغيرا لم يكن يعلم بهذه الميزة ، اذا هو يصف افكاره عن تلك الفترة و ليس شعوره . لان الشعور لا يتكرر ، فضلا عن ان ينحبس ويظل كذلك لسنين طويلة . مع ان مشكلته حـُلت . ولو جارينا فرويد لصار شعور الانسان يتمسك بما لا قيمة له ..

نحن لا نذوق الشعور مرتين و بنفس الدرجة ، حتى شعور الالم لا يتكرر هو نفسه بنفس الدرجة . كذلك شعور البهجة لا يتكرر نفس الشعور عند تكرر نفس المؤثر ، فلكل مؤثر شعور مستقل ، اذا كل شعور ياتي مرة ولا يعود مرة اخرى . وهذا يسقط فكرة الكبت لشعوري ، ويسقط فكرة مادية الانسان ، وإلا لكان يتكرر نفس الشعور بطريقة الية حسب تكرر المؤثرات .

كل مرة يسمع فيها الانسان اغنية مفضلة ، يسمعها بشعور مختلف ، واذا توقف تجدُّد الشعور نحوها ، توقف اقباله على تلك الاغنية ، وتحول الى الملل . اذا فرويد يتكلم لنا عن رغبة مكبوتة ، اي شعور يستمر مكبوتا يكرر نفسه طول السنين ، مخالفا بهذا ابسط فهم للشعور الانساني الذي لا يتكرر ولا بين اللحظة واللحظة الاخرى . فكيف يبقى حبيسا لعشرات السنين وهو هو ؟ وهكذا نعرف ان الماديين هم الابعد دائما عن فهم النفس البشرية ،

لاحظ اننا كثيرا ما نتمنى استحضار شعور سابق بهيج تجاه شيء ، ولكننا لا نفلح . رغم اننا نـُعـِد نفس المؤثرات الخراجية ، مما يعني ان الشعور لا يتكرر ولا يختزن ولا يثبـَّت لا في عقل ظاهر ولا باطن ، مع عدم اقرارنا بوجود العقل الباطن الغير مدرك اصلا ، بل يعبر عن لحظته ويذهب لياتي شعور اخر بعده ، مشكلا نهر الشعور المتدفق والذي يمشي الى الامام إلى ان تتوقف الحياة ، وليس الى الخلف .

اذا : كل الصور والاشكال لا قيمة لها بذاتها في الحلم ، ولا تـُفهم الا من خلال معرفة الشعور المصاحب لها . لان الصور قد تستعمل في اكثر من حلم . اذا كل رموز فرويد وغيره من المفسرين لا قيمة لها . فالشعور ليس محتاجا للترميز ، لانه يتواصل مع صاحبه . والعقل اصلا موجود في الاحلام وليس كما يتصور فرويد ان العقل الواعي غائب في الحلم . ولو لم يكن موجودا ، فكيف سيتم اخراج الحلم ونحن نرى في الاحلام اننا نفكر بنفس العقل الذي نفكر به ونحن في حالة الوعي ؟ بل احيانا نفكر بطريقة اذكى و افضل ، فأحيانا تنتج افكار عبقرية وحلول لمشاكل لم يستطع العقل في حالة اليقظة ان يحلها ..

كثير من المبتكرين اشاروا الى انهم حلوا كثيرا من المشاكل في احلامهم ، اذا العقل الواعي موجود في الحلم وليس غائبا ولا في موقع الرقيب كما يتصور فرويد ، لانه موجود و يفكر في الحلم ، بل و يشارك الشعور في بناءه ، فكيف يكون العقل رقيبا على نفسه ؟ لا يمكن ان يتم حلم بدون عقل واعي (قانون) ..

المفقود في الحلم هو المنطق الواقعي ، اما الاحساس و العقل فموجودان في الحلم ، وهذا الفقد له فائدة ، حتى لا تختلط الاحلام مع ذكريات العقل الواقعي .

فمثلا شخص بل اكثر الاشخاص يحلمون في اماكنهم القديمة ، لسبب انها حاضرة في اذهانهم واحلامهم اكثر لان شعورهم اعتاد عليها اكثر ، فادخالها في الحلم اسهل من ادخال المسكن الجديد ، و وجود الاشياء القديمة في الاحلام بكثرة هو ما وهـّم فرويد ان الاحلام تعتمد على الذاكرة القديمة . لكن الحقيقة و بكل بساطة هي لأن الوصول اليها اسهل بسبب الاعتياد . لان الحلم حالة عدم تركيز ، ولاحظ ان الانسان وهو مستيقظ في حالة الشرود ، يرجع للاشياء التي اعتاد عليها قديما ، فمثلا شخص غيّر مكان اقامته في المدينة ، لا بد انه سهى عدة مرات و اتجه الى البيت السابق ، لانه في حالة عدم تركيز ، هذا تماما ما يجري في الاحلام ..

اذا كان في اليوم السابق اشياء لفتت الانتباه ، سوف تدخل في اخراج الحلم ، و اذا لم توجد ، فسوف يعتمد الحلم على القديم من الاشياء التي جرى عليها التركيز وتكون حاضرة في الذهن . و هذا معاكس تماما لما ذهب اليه فرويد ، فهو يجعل الاحلام تعتمد على ذكريات منسية ، وهذا ما لا يستطيعه العقل الحالم ، فالتذكر عملية شاقة وتحتاج الى تركيز كبير ، و عرفنا ان الحلم لا يستعمل الا اشياء واضحة مركـّزة في الذاكرة ، فكيف به ان يعتمد على ذكريات منسية ايضا ؟

لاحظ ان الانسان يحتاج الى حالة من النشاط والتيقظ الكبيرين لكي يتذكر تفصيلات حدث قديم ، كذلك التلميذ في الامتحان ، يحتاج الى تركيز كبير حتى يتذكر ما درسه قبل مدة . اذا ً هناك تناسب طردي بين الذكريات القديمة والتركيز العقلي ، فكلما زاد التركيز كلما زادت القدرة على تذكر التفاصيل القديمة ، وهذا يتناسب مع حالة اليقظة والنشاط وليس مع حالة النوم التي يكسل فيها كل شيء ما عدا الشعور .

الشخص المستيقظ لتوه من النوم ، تكون ذاكرته ضعيفة قبل ان يشرب قهوته ، لان الذاكرة تحتاج الى مجهود و طاقة ونشاط ، ولهذا كبار السن تضعف ذاكرتهم اليومية لان اجسامهم ضعيفة ، لكن الشعور شيء آخر لا يعتمد على الطاقة ولا التركيز ، لهذا يتذكر كبار السن امورا و احداثا قديمة بكل صفاء و وضوح ، ولكنهم لا يستطيعون حفظ رقم التلفون او عنوان مسكنهم الجديد الا بصعوبة .

وهكذا نعرف لماذا اشياء تظهر في احلامنا واشياء لا تظهر ، واحيانا تظهر اشياء غير مهمة لنا ، والسبب هو اننا قد ركزنا عليها في اليوم السابق ، سواء رايناها او قرأناها او سمعنا بها او نحن تذكرناها و ركزنا عليها . بعبارة اخرى : الاحلام تعتمد على الذاكرة المنشَّطـَة ، و ما يرد في الاحلام ليس هو المقصود ولا رمزاً الى مقصود . لأن لكل حلم سياق شعوري ، وهو المقصود تماما ، مثلما نشاهد الفيلم ، نرى فيه احداثا وصورا وقصة وممثلين ، لننتهي في الاخير الى هدف الفيلم ، كأن يكون رفض الاستعمار و التسلط ، او انتصار الخير على الشر والمحبة على العداوة او غير ذلك من الاهداف ، وكلها اهداف راقية ، وهذه هي ثمرة الفيلم ، اذا الحلم له ثمرة ايضا ، وأحرى بكل شخص اذا ان ينظر الى احلامه من خلال هدفها وثمرتها ، ويهتم بهذا الجانب وإلا لاصبح مثل مـُشاهد الفيلم الذي لا يذكر منه الا الوان السيارات او الملابس التي كان يرتديها الممثلون .

ونحن نؤمن بالرؤيا ، ولكن فهمها وتمييزها عن الاحلام العادية يحتاج لان تكون بطريقة مختلفة عن طريقة الاحلام العادية . فالتكرر مثلا علامة بارزة على الرؤية ، لان الاحلام لا تتكرر بسبب ان الشعور لا يتكرر ، فلو تكرر حلم بنفسه شكلا ومضمونا لاصبح حلما غير عاديا . وربما ايضا من علاماتها : سمو هدفها ووضوح الرؤية وعدم اختلاطها وتصديق الواقع لها ، والله اعلم .

حتى الاحلام المفزعة والمخيفة ليست الا منبهات لتعديل المسار الى الطريق السليم . وهكذا يجب ان يكون تفسير الاحلام حتى لا يفرّغ من رسالتها مجاملة ً لاصحاب الاهواء . فضلا عن ان تحرف عن رسالتها الى عالم الرذيلة كما فعل فرويد مع الاسف ، حيث جعلها تحمل رسائلا خبيثة كالانتقام والحقد والشهوة الجنسية المستعرة والانانية وحب التملك ، مع ان صاحبها لا يشعر بذلك ..

هذا عكس كامل لرسائل الاحلام ، لدرجة انه يفسر من يقوم فزعا من نومه لانه رأى والده ميتا او مقتولا ، بأن هذا الشخص الحالم في داخله كان يتمنى هذه الميتة لوالده . ليس بعد هذا "القلب" من تزوير . آن الاوان لكي تـُدرس الاحلام على طبيعتها و من خلال اهدافها التي تشير اليها مشاعرها المصاحبة .. حتى نستفيد من هذه الدروس اليومية ، والتي تقدّم لنا رغما عن اختيارنا . انها نعمة مهدرة واحيانا كثيرة مزورة ..

لكل الاحلام اهداف ، ولا يوجد شيء عبثي في الطبيعة . و كل اهدافها تنصب في جانب الخير والحقيقة . لكن ليس كل انسان يقبل الحقيقة ، خصوصا اذا كانت ضد هواه واختياره . لان دافعها هو الشعور ، والشعور لا يعرف الا البحث عن الطريق الامثل في كل شيء .

انتهت الحلقة الثالثة ..

وتليها الحلقة الرابعة بإذن الله ..

الورّاق
03-16-2012, 07:25 PM
الحلقة الرابعة :

http://3.bp.blogspot.com/-5aIuy3EI648/T2NtVPbvc8I/AAAAAAAAAHc/ae8Ol2uklv4/s1600/56.jpg

هذا تصريح واضح أن منهجه في التفسير هو الخبث ، اي تفسير البراءة بالخبث .. وبالتالي فالخبث معتمد في كل نظرياته ..

الحقيقة ان تفسيره هو للحلم غير بريء .. فرويد فسر نفسه ولم يفسر الحلم ، فهذا ربط سخيف وبعيد ، وكأن الجنس هو محور الكون ! كأنه ينسى او يتناسى أن الجنس له اجواؤه اصلا .. فامرأة منشغلة بسوق و شراء حاجيات للمنزل وصرف و اسعار و اخطار طريق إلخ .. كيف ستفكر بهذه الاشياء من خلال اشكال الخضر نفسها ، و كانها لا تعرف الخضر !!؟؟

حتى المريض بالادمان الجنسي لا تستثيره اشكال الخضر او المطارق او البنايات ، وتحرك فيه دوافع جنسية .. الجنس مرتبط بالجنس الآخر من البشر وليس مرتبط بالخضر والاشكال الهندسية ..

حتى الناس المدمنين على النكات الجنسية ، لا يشعرون بدافع جنسي ، بل بدافع الفكاهة التي لا تغضب احدا ، وهي قادرة على اضحاك اي شخص حسب اعتقادهم ..

اذا كان الحلم مرتبط باحداث اليوم السابق ، هذا يعني ان فرويد يقول ان الحلم مرتبط بالواقع ، بينما الواقع يقول : لا يمكن لأحد أن يدخل سوق الخضار و الجزارين ، ويخرج وهو مستثار جنسيا ! اذا تفسيره خيالي وليس واقعي ، ما دام ان الحلم يفسّر بالواقع كما هو منهجه ..

ثم إن محل القصاب اخر مكان يثير الغريزة الجنسية ، انه مكان يذكر بالمشرحة والموت والدماء والروائح الكريهة والحشرات الطائرة و ليس بالجنس ، وهي اكثر الاشياء تنفيرا من الجنس .. وهذا ما يفسر ضعف الدافع الجنسي عند رؤية اثار اصابة او اعاقة كالاعضاء المبتورة او الجروح النازفة او الاورام عند الطرف الاخر .. فالمرض والموت في تضاد مع الجنس ..

وحتى لو كان للفظة اكثر من معنى ، فالمعنى الاخر للفظة لا يتبادر الى الذهن ابدا ما دمت منشغلا بأحد معنييها .. لا أحد يجمع معنيين في وقت واحد .. فالعقل لا يستطيع التركيز الا على شيء واحد .. فعندما يقول الطبيب للطلبة وهو يشرح لهم العين و تركيبها ، لا يمكن ان يتبادر الى ذهنه او ذهن الطلاب المعنى الآخر لكلمة عين بمعنى نبع الماء او البئر .. ولا ان يسبب هذا اشكالية في الفهم .. فالكلمة يحكمها السياق دائما ..

http://1.bp.blogspot.com/-OIt48_w1Ko8/T2Ntl0mcWcI/AAAAAAAAAHk/UfF_7yudi5k/s1600/56+%281%29.jpg

اذا كانت كل هذه الرغبات الجامحة والتي تنزّز مع كل جهة ومع كل اداة و كل شيء نتناوله في حياتنا وأحلامنا .. اذا اذا اُطلق الامر لعنانه و فتح صمام الخزان على مصراعيه ، فماذا سيكون الوضع ؟ هل سيقضي الناس ليلهم ونهارهم بالجنس ؟ هذه الفكرة لا تتحمل تطبيقها كما يريد .. فتطبيقها يفضح تهافتها .. و لماذا يتقزز ممارسو الجنس كلما اسرفوا في الجنس ، و يفقدون اثارتهم ؟

بموجب كلام فرويد ، الجنس مثل بئر البترول الذي يريد ان ينفجر باي وسيلة ، او البركان ، لانه جعل الانسان لا يفكر الا بالجنس ولا يحلم الا بالجنس .. على راي المثل (حلم الإطط كله فيران) .. و بقية حياة الانسان واهتماماته لا قيمة لها و لا وجود ! الانسان من وجهة نظر فرويد انبوب او اسطوانة مليئة بالمواد الجنسية ليس الا ، و تخرج مكنوناتها من ادنى شق او فتحة !

السؤال الفلسفي : أليس الجنس لبقاء النوع ، وهي واحدة من حاجات الانسان وغرائزه ، و ليست كلها ؟ اليست عملية التلقيح تتم من خلال حيوان منوي واحد إلى بويضة واحدة من بين ملايين الحيوانات المنوية التي تخرج في وقت واحد و تكون كافية وقادرة لو اعطيت الفرصة ان تملأ الارض بملايين الأطفال دفعة واحدة ؟ الانثى كل ما تملكه في كل حياتها هو 400 بويضة ، و حيوان منوي واحد يكفي لتلقيحها واستمرار الحياة ..

اذا عملية ابقاء النوع لا تستغرق الا وقتا بسيطا من حياة الانسان ، فلماذا يوظّف اللاشعور كل طاقاته و وقته للجنس . مع ان سكان الارض يقارب السبع مليارات ! ولا مشكلة ابدا في بقاء النوع ولم تواجه البشرية هذه المشكلة في يوم من الايام !! بل المشكلة هل العكس : كثرة الزحام ، مما اضطر إلى موانع الحمل و تحديد النسل ..

وغريزة الجنس لا تتحكم بالغرائز الاخرى الا اذا اندفعت هي ، بل هناك غرائز اخرى اقوى منها وتتحكم بها ، فالمريض مثلا او الخائف لا يستطيع ممارسة الجنس ؛ لأن حاجة البقاء اهم من حاجة تكثير النوع ، بل ان الغرائز العليا غير الحيوانية في الإنسان قادرة على ابعاد غريزة الجنس ، مثلما يمتنع الانسان بدافع الامانة ان يمارس الجنس مع امراة اؤتمن عليها وتعهد بحفظها . اذا غرائزه المثالية منعته من ممارسة هذه الغريزة ، بل حتى ان كرامة الانسان قادرة على منعه من ان يمارس الجنس ، وهذا شيء حاصل و كثير . نتخيل ان رجل على وشك ممارسة الجنس مع امراة ، لكنها قالت له كلاما اشعره بالاهانة ، ستجد انه ينسحب و يموت الدافع الجنسي في تلك اللحظة لديه .. وهذا الشيء معروف ، لهذا تعطى النساء دروسا لتجعل الرجل يتقبلها جنسيا ، كالنظافة و الرائحة ، مما يدل على ان غريزة الجنس ليست هي اقوى الغرائز ، لأنها تحتاج إلى محفزات .. وكأن هناك شعرة بين الاثارة الجنسية وبين التقزز ..

أما غريزة الغذاء مثلا ، فعند الضرورة قد يأكل الانسان حتى الجيف . اذا غريزة الجنس تحتاج الى مسوغات كثيرة حتى تتم ، فكيف تكون هي المتحكمة في سلوك الانسان ؟ و رأينا كيف ان الغرائز الاخرى تتحكم بها ، قوة غريزة الجنس تكون اذا تحركت ، حينها يصعب ايقاف اندفاعها . ولكن تحركها محدود ويحتاج الى اثارة و شروط كثيرة وعدم تدخل الغرائز الاقوى في الموضوع .. لكنها اذا اندفعت فمن الصعب ايقافها باي دافع اخر .. حتى لو كانت الدوافع التي تحاول ايقافها اقوى ..

هذا مع ان الجنس غريزة اصيلة من غرائز الانسان ، و هدفها معروف ، ولا يسمى الشيء غريزة حتى يكون هدفه معروف وفي مصلحة الجنس البشري . وحب التملك ليس غريزة كما يزعمون . لأنه ليس في مصلحة الجنس البشري .. وغريزة الموت (أو الفناء) التي يدعيها فرويد عندما اشتعلت الحرب العالمية الثانية و رأى الدول تتسابق على الحرب ، هو افتراض سخيف جدا ، فالغرائز لا تتناقض ، فكيف توجد غريزة البقاء وغريزة الفناء و تعملان جنبا الى جنب في الانسان ؟ هذا تناقض ، والحياة لا تقوم على التناقض ، لان التناقض نفسه فناء ، مثلما تتصادم قوتان متساويتان ، سوف تذهب كلا القوتين ، وتكون محصلة القوى المتصادمة صفر . هؤلاء قاموا للحرب ليسوا لاجل ان يقتلوا انفسهم ، بل ليقتلوا غيرهم ويأخذوا اموالهم ليواصلوا الحياة بشكل افضل ماديا ..

فرويد رأى كثرة الحروب في تلك الفترة في اوروبا ودخول دول كثيرة و بسرعة فيها ، فتخيل ان غريزة الفناء اشتغلت لدى سكان اوروبا ! ونسي ان غريزة الطمع والاستعمار هي السبب ، وان الحروب يشعلها الراسماليون و المنتفعون منها ، وليست بارادة الشعوب . بل ان وقودها هم الشعوب المسكينة . وها هي توقفت الحرب العالمية الثانية بارادة الشعوب وضغطها ، وبسرعة ، فهل انتهى دور غريزة الفناء ؟

اذا على كلام فرويد : العقل الباطن مجنون ويصرف طاقاته في مالا فائدة منه للحياة ، لأننا عرفنا ان هدف الجنس هو بقاء النوع ليس الا .. فاذا تلقحت بويضة الانثى ، فهي تحتاج الى اكثر من سنة للاستعداد لعملية تلقيح اخرى .. بدليل ان اللذة الجنسية تخبو مباشرة بعد القذف .. اي تمت الرسالة .. فماذا يفعل شعورها واحلامها وعقلها الباطن في هذه الفترة ؟ هل يبحث عن بقاء النوع وهي حامل بالنوع ؟ هذا جنون !!

عملية بقاء النوع من اسهل العمليات و انجحها ، العالم يعاني من كثرة المواليد و ليس من قلتها . لا في القديم ولا في الحديث .. لننظر الى الحيوان : هل يقضي وقته في الجنس ؟ ام ان لديه عقلا واعيا يمنعه و افسده الدين وجعله يمنع الثور من القفز اليومي والدائم على الاناث ؟ !!

فرويد وضح نفسه عندما قال انه سيفسر بخبث .. هذه هي الحقيقة .. والخبث دائما يكسره المنطق .. فالخبث قرين الغباء وليس قرين الذكاء كما يتصور الكثيرون .. اليست حاجة البقاء هي اقوى حاجات الانسان وليست حاجة حفظ النوع ؟ بدليل استئصال المبيض او الخصيتين في حالة السرطان حتى تبقى الحياة ؟ اذا اين تفسيره للأحلام النابعة من هذه الحاجة ؟ لماذا يلتف على تفسير المخاوف والكوابيس و يفسرها بدوافع جنسية ؟ هذا تعسف يثير الشفقة على طريقة التفكير ..

لو كان الجنس بهذا الحجم الهائل الذي يتخيله ، فلماذا نجد الكثيرين لا يتزوجون ؟ مع ان الزواج مسموح ويدفع اليه العقل الواعي بحكم ضغوط المجتمع المتكررة على الفرد حول عدم زواجه .. اذا اين هي الطاقة الهائلة مع ان اكثرهم قادرين جنسيا و من الجنسين ؟ ولا نجده يمارس الجنس بطريقة خاطئة مثلا ، و اذا سُئل عن الموضوع قال بانه لا يهتم بهذا الشيء كأولوية ، و لديه من الاعمال والهوايات ما يجذبه اكثر .. او يبحث عن الشريك المناسب لافكاره واخلاقه و نظرته للحياة ، اي غرائز عليا تحكمت في الغريزة الدنيا ..

ليس صحيحا ان نفسر الاشياء في الحلم بتفسيرات محددة تنطبق على كل شخص ، و المشكلة انه هو نفى هذا الشيء في اول حديثه .. ثم يعود ليقول ان الشمعة بطبيعة الحال ترمز للعضو الجنسي .. فان كانت مستقيمة فهو قادر على الانتصاب ، وإن كانت رخوة فهو مصاب بالعجز .. وهذا تناقض وقع فيه فرويد ..

هناك من يرى الشمعة في الظلام ، ترمز له بالامل الذي انفتح لشعوره بعد حالة ياس و كآبة ..

فسياق الحلم هو الذي يشرح الحلم ، و ليس اجزاء منتقاة من الحلم .. فالحلم رسالة شعورية ، وعند فرويد الحلم رسالة جنسية أو حقدية .. والشعور اوسع من الجنس ، فبينهما علاقة خصوص وعموم .. اذا فرويد خصص العام بدون دليل ، حتى يدعو للاباحية ، و تبعه بذلك الغاوون .. لكن الغواية لا تصمد للمنطق ..

ثم لو كان الجنس بهذه القيمة الاساسية ، والعقل الواعي يمارس السيطرة والتسلط ، فلماذا تتم العلمية الجنسية في دقائق احيانا ؟ لماذا لا تطول ما دام ان العقل الواعي سمح هذه المرة ؟ فهذه فرصة العقل الباطن ، فلماذا يقطعها بمشاعر التقزز ؟ لماذا يقطعها و يذهب الى النوم لكي يحلم بالجنس على شكل باذنجان او كوسة و قد قام عن الجنس الحقيقي ؟

http://4.bp.blogspot.com/-Ls4YKs_KrAo/T2Nt2PDC7XI/AAAAAAAAAHs/Prxrd5ikddo/s1600/56+%282%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-n4Gv2XDEaGI/T2NuBBijdBI/AAAAAAAAAH0/CDQUP_dCuz0/s1600/56+%283%29.jpg

لماذا يتكلف ويتعسف في تفسير الحلم باشياء لم تخطر على بال الحالم ، لا في الوعي ولا مرت بمشاعره اثناء الحلم ؟ لا شك ان هذه الطريقة طريقة سقيمة جدا في تفسير الاحلام .. لأن المشاعر موجودة في الاحلام وهو لم يشر الى هذه الناحية .. والمشاعر كافية لتفسير الحلم بدون هذا اللف والدوران .. لو كان الدافع جنسيا لشعر بالجنس .. وهناك احلام جنسية تأتي مباشرة و صريحة ، اذا فرويد فاشل في تفسير الاحلام ..

لا يوجد حلم بدون مشاعر .. بل ان المشاعر احيانا تظهر بدون حلم يرى او يسمع ، وهذا ما نسميه بالكوابيس ، او بعض صور الكوابيس ، حيث يستيقظ الانسان فجأة مفزوعا ، مع أنه لم ير ولم يسمع شيئا في حلمه .. إنها مشاعر خوف لم تنتظر حتى تأخذ من الذاكرة و تركب حلما ..

السؤال الاخر : لماذا يستعيد صورا قديمة ؟ الحلم عبارة عن شحنة شعورية ، تعبـّر عن حالة الشعور الراهنة ، وليس عن مشاعر سابقة قبل سنين ، لأنه يحلم الان وليس يحلم في ذلك الوقت ، ففي ذلك الوقت حلـُم بما يناسب مشاعره في ذلك الوقت وبما فيه الكفاية ..

و سؤال آخر : لماذا الاحلام بشكل يومي تقريبا ؟ ما هذا الا لأنها تعبر عن المشاعر الراهنة في هذا اليوم ، سواء كانت من غرائز دنيا ام عليا ، فالمشاعر ليست ثابتة على وتيرة واحدة ، و كل شعور لا يعود بنفس الصيغة والدرجة مرة اخرى .. والحلم الواحد لا يحمل شعورا واحدا فقط .

المشكلة هي ان من يفسرون الاحلام ، يهتمون بالصور والمشاهدات الخارجية ، اي انشغلوا بغير المهم و تركوا المهم ، ومن بينهم فرويد .. فهو لم يختلف عن المفسرين القدماء ، لأنه يقف على المشاهدات والصور في الحلم و يفسرها بطريقة مقننة وثابتة ، ولا يسأل عن المشاعر كيف كانت في الحلم .. ولا هو ولا غيره يهتمون بالمشاعر المصاحبة للحلم والهدف من وراء الحلم ، مع انها هي بيت القصيد ، ومن رايي ان هذه هي الطريقة التي نستفيد منها في فهم الحلم و فهم الرسالة التي يقدمها الحلم ، وهي هدف الحلم اصلا . وبالتالي نستفيد من احلامنا لتخبرنا عن مصادر قلقنا وعن مدى صحة مسيرتنا في الحياة من خطأها ، ولهذا يكون الحلم نعمة كبيرة على الانسان ، وخير مقياس للكشف عن حياته الداخلية ، لانه يسد الثغرة ، فالانسان وهو مستيقظ اكثر اهتمامه بالعالم الخارجي ، اذا متى سيهتم بعالمه الداخلي ؟ اذا نام .

بعبارة اخرى وبعكس ما تصور فرويد : اذا غابت رقابة العقل والحواس ، يلتفت الانسان الى نفسه ، ليخرج الشعور مكنوناته وحاجاته ونجاحاته وفشله وغاياته .. نحن نلاحظ الاحلام لا تعبث بالمشاعر وان كانت تعبث بالمادة ، و هذا دليل على ان المشاعر اهم عند الانسان من المادة ، فشخص تجله وتحبه لا يمكن ان تراه بشكل مزري في الحلم ، وشخص كان مهماً و كنت تخافه و تحذره ، استطعت ان تفهم ضعفه وتحس بقوتك عليه ، فلن تراه في الحلم بشكل مخيف و ذو مهابة كما كان ..

المشاعر لا تغش ولاتتناقض ولا تعبث .. اما الاشياء الخارجية والمادية فالشعور يمنتجها كما يشاء لكي تخدم رسالته ، فلا يعترف بفوارق المكان و الزمان ، فمن الممكن ان تجلس في الحلم على مقاعد الدراسة مع انك تخرجت منذ زمن ، و من الممكن ان ياتي بقريب لك توفي منذ زمن ويجعله معك في الفصل ، ومن الممكن ان يجعل من بيتك القديم مدرسة ، وفي نفس الوقت توجد غرفة نومك ، لكن الكلام على الرسالة التي يحملها الحلم ، لا تنشغل وانت تفسر الحلم بالاشياء المادية من صور واشكال واشخاص واماكن ، بل اهتم بالمشاعر التي انتظمت الحلم ، وهكذا تستطيع ان تفهم الحلم ..

الشعور ليس ماديا حتى يتخذ رموزا معينة ويستمر عليها ، بدليل ان اشياء معينة تاتي في اكثر من حلم بمشاعر مختلفة ، فمنظر البيت القديم مثلا ، قد ياتي في حلم بهيج ، و قد ياتي بحلم حزين ، و البيت هو البيت .. او يكون شخصا من الاشخاص ، قد تراه في حلم مفزع ، و قد تراه في حلم هادئ ، و قد تراه في حلم سعيد ، اذا المحور هو الشعور وليست الاشياء الخارجية ..

كلما تحترم الحلم أكثر كلما يصفو أكثر وكلما يبدأ بإخبارك بماذا تحتاج وحتى يرتب لك حاجاتك , وربما تصل الحالة الى التواصل مع شعورك عبر الاحلام ، بحيث يحل لك مشكلة عجزت ان تحلها في اليقظة ، بحيث تتحول الاحلام الى مصدر للعبقرية . فعلى حسب احترام الشعور الداخلي تبرز العبقرية في الاحلام ، وايضا يبتعد الحلم عن اللامعقولية وتأتي الأحلام واضحة و صافية . أما المشاعر المتضاربة والصور الغريبة التي تراها في الحلم ، فكأن الشعور يريد أن يثير من خلالها اهتمامك ويستفزك , وإذا احترمته يبدأ يتحول إلى أوامر واضحة, ولاحقا مع احترامك للحلم ستستطيع أن تطلب أن يأتيك شيء في الحلم وسيأتيك ..

ليست كل شمعة ترمز الى الجنس كما يتخيل فرويد ، فقد تاتي في سياقات متعددة . اليس الشعور هو الذي ينظم الحلم ويختار ما يشاء ليدخله في الحلم ؟ هذا الكلام يسقط كل معاجم تفسير الاحلام الجامدة والتي تفسر كل شيء مادي بتفسير معين مستمر وعند كل الاشخاص ، مثل من يفسرون الصندوق بالثروة مثلا ، ومثلما يفسر فرويد الشمعة بالعضو الجنسي ، ومثل ما يفسرون البئر بالزوجة ، ومثل ما يفسرون الافعى بالعدو ..

هذه تفسيرات ليست لازمة او دائمة ، بدليل انه قد يرى الانسان في منامه انه مع شخصية عظيمة ، لكن اذا نظرت الى السياق ، تجده يلعب معه ويتركه الى شخص آخر !

انتهت الحلقة الرابعة ..

وتتبعها الحلقة الخامسة بإذن الله ..

الورّاق
03-23-2012, 10:50 AM
الحلقة الخامسة ..

http://3.bp.blogspot.com/-DpLofaQB7Ys/T2wxs9A0XhI/AAAAAAAAAH8/ddZAQmFbgVg/s1600/62.jpg

عدم الاكتراث بالحلم ليس خاصا بمثل هذه الحالة ، ولو كان خاصا بها لكان الكلام صحيحا ، فالحالم يرى شخصا متوفى من سنين ، ولا يتفاجا برؤيته ، وقد يرى ان حيوانات تطير من غير اجنحة ولا يكترث لذلك وكأن الامر عادي . اذا هذا الربط غير دقيق بين عدم الاكتراث الذي يبديه الناس تجاه الحالم المتعري ، و بين حاجته للتحرر من سيطرة المجتمع والاعراف كما اراد فرويد .. لان كل الاحلام اصلا غير منطقية ، و ليس فيها اكتراث الا حسب ما يريد الشعور ان يجعل فيها اكتراثا ، لدرجة ان الحالم قد يرى نفسه شخصا اخر او يتكلم مع حيوان ولا يكترث لذلك .. فأحيانا ينهض النائم مفزوعا من منظر عادي في اليقظة ، ولا يدر لماذا كان مفزوعا ، لان الشعور يقوم بعملية اخراج لهذا الفيلم فيوزع المشاعر والموسيقى التصويرية والمؤثرات في الحلم كما يشاء و يريد هو دون اعتبار لعلاقة الاشياء في عالم الواقع ، لهذا لا قيمة ابدا لتفسير مشاهد الحلم بما هو معهود عند الناس ، وهذا من ضمن منهج فرويد واكثر مفسري الاحلام غيره . تماما عكس الرمزية ، فلا قيمة لارتباط الاشياء بعالم الواقع عند الحالم ، والا لماذا لا ينبهر من اشياء عجيبة و بينما يتأثر من اشياء عادية في عالم الواقع ؟

شعور الانسان يريد عنوة ان تكون الاحلام غير منطقية ، لماذا ؟ لئلا تختلط مع الواقع في الذاكرة ، و هذه الحيلة الشعورية هي التي تجعل الاحلام تـُنسى بداية من اول ما يفتح النائم عينيه ويستيقظ ، ولو كان الحالم يكترث اثناء حلمه لعدم المنطقية ، لاصبح الحلم واقعيا ولم يعد حلما ، وهذا ما لا يريده الشعور ، لأن الشعور ثائر على الواقع ويريد تغييره للافضل ، ولو كان الحلم منطقيا ، لاختلط في الذاكرة مع الواقع ، و صار الانسان يتذكر اشياء لم تحدث في الواقع .. لهذا يتبخر الحلم بسرعة بعد اليقظة ، الا اذا حاولنا تثبيته في الواقع ، اي : ندخله في الذاكرة على انه حلم ، ومن هنا تقبل الذاكرة ان تـُدخله ،

بمعنى آخر : كل حلم ينسى إذا لم نرد نحن ان يبقى ، من خلال تكرار ذكره ، ومع ذلك تتهرب الكثير من جزئياته ، وهكذا نفهم سر هروب الاحلام بطريقة اكثر منطقية من تفسير فرويد الذي يقول ان العقل الواعي يحارب العقل الباطن ويريد ان يطمس معالمه ويمزق افلامه ، ولهذا ننسى الاحلام ..

اذا السبب الحقيقي والمنطقي لنسيان الاحلام ، هو ان الشعور لا يريدها ان تختلط مع الواقع ، والا لاصبح الانسان مجنونا ، و لما قبلت شهادته في شيء .. لا بد ان يجعل الشعور في الحلم امورا غير واقعية ومضحكة احيانا ، لكي يميز الانسان بين ما هو حقيقة و واقع وما كان حلما ليليا .. حتى يعتمد الانسان على ذاكرته اذا هو استيقظ ، والا لتذكر اشياء يحسبها من الواقع بينما كانت احلاما .. فعندما يجعلك في الحلم تطير او تجلس مع شخص مات منذ زمن ، او تنتقل من مكان الى آخر بنفس اللحظة ، و تذكر هذا الحلم ، ستعرف ان هذه الذكريات لا يمكن ان تكون واقعية وانها من باب الاحلام ، لان الواقع ليس فيه مثل هذه الامور ، لهذا السبب ، انا اشك في كل الاحلام التي ذكرها فرويد ، لان ليس فيها و لا شيء غير واقعي الا ما قل .. اذا هو يرتب احلاما لكي تخدم فكرته .. او يفبركها .. ولا يمكن لاحد ان يشككه في ما قال ، لانه سيقول له : هل انا الحالم ام انت ؟

تخيل لو كانت احلام الناس مثل احلام فرويد : كيف سيفرقون بين ذاكرتهم الحقيقية و بين ما رأوه في الاحلام ، مع ان الرؤيا نفسها ؟ فنحن نرى ونحن نيام مغمضين العيون ، مثلما نرى ونحن مستيقظون مفتحي العيون !! كل الناس احلامهم مليئة بالمخالفات المنطقية الا فرويد ! لماذا ؟؟ هو يخترع احلامه او يفبركها .. بل ان كل حلم لاي شخص تجد فيه نقطة او اكثر تثير الاستغراب او الضحك لمخالفتها للواقع ، و يقول : كيف كنت اقبلها وأنا نائم ؟؟

اذا اراد لك الشعور ان تنام ، يعطيك احلاما منطقية حتى لا تنتبه ، فمثلا شخص يريد شعوره ان ينام ، و لكنه يخاف ان يتاخر عن العمل مثلاً ، فيجعله يحلم بطريقة اعتيادية ليس فيها مخالفة للمنطق ، كأن يفرش اسنانه و يرتدي ملابسه ويركب سيارته و يذهب الى العمل ..

و تجد ان الحلم اول ما يغيره هو المكان ، حتى تنتبه للمفارقة اذا استيقظت ، نادرا ما يحلم الانسان وهو بنفس المكان والغرفة التي يحلم بها حتى لا يختلط مع الواقع ، لا يمكن ان ياتي الحلم بنفس الوضع الواقعي الذي تعيش فيه في حياتك الاعتيادية ، بل يغير في المكان وفي الزمان و في العلاقات ، لكنه لا يغير في الشعور ابدا ..

كما ان الشعور ينهي الحلم في حالة رعب أو خوف للحالم ، بحيث تنتهي باليقظة ، ولا يستمر هذا الخوف او الرعب طويلا ، لان الرسالة الشعورية وصلت .

احيانا نشعر اننا حلمنا ولا نذكر شيئا ، كما اننا احيانا نستيقظ ونجد اننا في حالة مزاجية مختلفة ، عندما نربط هذا بهذا نعرف فائدة الاحلام ، وهي تغيير وضعية المزاج . فاحلامنا تؤثر في مزاجنا ، تماما مثل الاحداث التي تحصل لنا في اليقظة ، بحيث تؤثر في مزاجنا .

http://1.bp.blogspot.com/-o5Sjk0NhRmI/T2wx7SiNOwI/AAAAAAAAAIE/7lRCn18ASUc/s1600/62+%281%29.jpg

هذا التفسير الجنسي الممل والمتكرر عند فرويد ، والذي يصبغه على كل شيء ، على المطعم وعلى سوق الخضار والسقوط وربما القتال و ربما الموت .. فشخص يتعرى و يشعر بالخزي : اين شعور الجنس هنا ؟ لماذا لا يشعر باللذة الجنسية بدلا من الخزي ؟ ثم هل التعري يعني الجنس ؟ اذا تعرى الانسان يعني مارس الجنس ؟ يتعرى للسباحة والاستحمام والعلاج ولتبريد الجسم .. إلخ ..

وعدم اكتراث الناس هنا هو الجزء الغير منطقي ، لكي يعلم الحالم ان ما رآه هو حلم و ليس من الواقع ، لان الواقع بعكس هذا تماما .. فاللامنطقية من اساسات الحلم ، كي لا يـُشْكـِل مع منطق الواقع ..

ولماذا يعطيه الرموز الجنسية ولا يعطيه اللذة الجنسية ؟ بل يعطيه شعورا اخر مناقضا لشعور اللذة ، كشعور الخزي او الخوف مثلاً !! مع ان العقل الباطن يقدّم الاحلام على مزاجه ! فهل العقل الواعي هو الذي حرم من اللذة ، أم انه الشعور نفسه ؟ واذا كان العقل الباطن قدم صورة العري ، فمن الذي ازال اللذة الجنسية عن تلك الصورة و احل محلها الشعور بالخزي ؟ و ما فائدتها اذا ؟ سيقول انه العقل الظاهر ! اذا لماذا لم يمسح الصورة من الاساس ما دام يستطيع ان يمسح شعورها ؟ ام ان صلاحية العقل الواعي انتهت عند هذا الحد ؟ الاولى ان يطمس الصورة من اساسها بدلا من ان يطمس التعليق ..

هذه صور يفسرها فرويد على انها جنسية ، مع انها خالية من الشعور الجنسي ! اذا فرويد يريد ان يفسرها رغما عنها .. من يحلم بالاكل يصاحبه شعور بالجوع اثناء حلمه .. فلماذا من يحلم بالجنس – و كل الاحلام عند فرويد جنس – خالية من الشعور الجنسي ؟ بينما تأتي احلام مفعمة بالشعور الجنسي في بعض الاحيان ! فاين الرقابة عنها رغم وضوحها وصفائها ؟

مشكلة فرويد ومفسري الاحلام الاخرين ، انهم يراعون الصور ولا يراعون الشعور الذي ينتظم هذه الصور ، وهو الهدف منها اصلا .. لا فرويد ولا غيره يسالون عن تتابع المشاعر في الحلم ، لكنهم يسالون و بدقة عن التفاصيل المادية في الحلم ، و التي يذهبون بتاويلها إلى انها رموز يفسرها المفسر نفسه ، و كأن الاحلام لغة لها ابجدية لا يعرفها الا المفسر ! بما يشبه اللغة الهيروغليفية ، حيث العصفور يرمز للحرف الفلاني ، والماء يرمز لحرف آخر ، وهكذا .. و كأن فرويد مثل شامبليون امام الرسومات الفرعونية ..

هذه الطريقة في تأويل الأحلام يجب ان تنتهي ، و بالتالي خير مفسر للحلم هو الشخص الحالم نفسه ، عندما يتذكر مشاعره و علاقتها بالمواقف والاشياء لكي يفهم حاجات داخله التي يريدها و الامور التي يكرهها او يخاف منها .. بمعنى : افهم نفسك من احلامك ..

و كلما احترم الانسان تلك المعلومات التي يقدمها حلمه عنه ، كلما زادت وضوحا في الاحلام القادمة .. بمعنى : لا تتذكر الاحداث والصور فقط ، بل ركز على مشاعرك عندما كنت تحلم ، ولن تفيدك الصور والاحداث كثيرا ، لأنها اصلا غير منطقية .. و تأتي من خلال التجميع والتركيب ، وربما تاتي بتركيب اخر في حلم اخر . اذا في فهم الانسان ليس هناك من طريق الا الشعور و الشعور فقط .. فهو بوابة المعرفة في عالم الانسان .. مع العلم انه لا وجود حقيقي لمنطقة العقل الباطن التي تخيلها فرويد ، ولا وجود للعقل الظاهر ايضا كما تخيل .. فالإنسان هو هو .. ولا وجود لمنطقة الانا الاعلى ولا للهو ، فكل هذه الاشياء من اختراعات فرويد ..

واكثر الصور التي يستخدمها الحلم هي صور قريبة ، وليست بعيدة ممعنة في القدم كما يقول فرويد ، ، لأن الشعور يهمه المستقبل ، وليس منشغلا بالماضي ، وإلا لكان شعورا مجنونا .. كل رسائل الشعور لاجل مستقبل حياتك ولاجل ان تتغير نحو الافضل والاكمل من كل شيء من حاجات الشعور .. واذا اراد الشعور شيئا من الحالم ، فتجده يضخ مشاعر قوية على هذا الامر نظرا لاهميته .. ولأن الحالم سوف ينتبه للصور ولا ينتبه للمشاعر ، ولهذا يضخ بقوة ..

وهذا التفسير للخزي من العري في الطفولة غير صحيح ، فالطفل يفرح بالعري لان ملابسه ضيقة عليه ، الا ترى انه يفرح اذا خلع نعليه ؟ ام انه يستمتع بعري جزئي الآن و امه تلاحقه بالحذاء وهو لا يحبه ؟ اما انتباههم لأعضاؤهم التي كانت مخبأة ، فهو من باب التعرف على الجسم والفضول .. فتخيل ان ركبته مغطاة طول الوقت ، فأكيد انه سوف يتحسسها و يطيل النظر اليها اذا كشفت .. الاطفال لا يشعرون باللذة الجنسية اصلا الا عندما يقتربون من البلوغ ، و فرويد يريد ان يحملهم تبعة الجنس حتى قبل ان تنضج اعضاؤهم الجنسية .. ولو كان هذا صحيحا لوجد الانجذاب بين الجنسين عند الاطفال ، مع ان الواقع ان التنافر اكثر بين الجنسين عند الاطفال ..

اما شعور الحب بين الجنسين فهو اقدم عند الاطفال من شعور الجنس ، فهو يحب من الجنس الآخر حتى قبل ان يشعر بشعور الانجذاب الجنسي المرتبط بالافرازات الهرمونية الجنسية .. مما يعني ان الحب اقوى من الجنس . وتستمر هذه المعادلة لدرجة ان اختلال الحب يقضي على الرغبة الجنسية و يؤدي الى الطلاق او الافتراق ..

وهو الآن يبني حكما بعلم النفس بموجب رواية التوراة ، ويعممها على علم النفس ، وكأن الناس يهودا مثله عندما كان يهوديا قبل ان يلحد .. فالقصة في القرآن على العكس تماما ، آدم وحواء اخرجوا من الجنة بعد ان نزع الشيطان لباسهما ، فطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة .. أي بعد العري تم الخروج من الجنة ، وليس بعد اللباس الذي يكرهه فرويد فيما يبدو كثيرا ..

http://2.bp.blogspot.com/-0sRp03T0dmo/T2wyPgdDEEI/AAAAAAAAAIM/UqMEjXpf5Mk/s1600/62+%282%29.jpg

لو كان هذا الكلام صحيحا لكانت احلامنا تعرضنا بلا لباس .. فمن اندر النادر ان تجد شخصا حلم مرة بانه بغير لباس ، و ممكن اجراء احصائية على هذا .. بينما فرويد يصوره على انه واقع متكرر ..

يبدو ان هذا النوع من الاحلام خاص بفرويد وحده ! بل ان الانسان كثيرا ما يرى نفسه يرتدي ملابس مختلفة ، اما ان يكون عريانا من كل لباس ، فهذا اندر من الكبريت الازرق .. لأن الحالم عادة لا يتأمل نفسه ولا جسمه ، فهي رؤيا ، أي يرى اشياء حوله ..

والشهوة الجنسية ليست منصبة على جسم الشخص بل على جسم آخر ، ولا احد يشتهي نفسه جنسيا . إذا التعري للآخرين وليس لانفسنا .. اذا من الممكن ان نفسر حلمه على طريقته بأنه يتعرى ولا يكترث له الآخرون ، أنه دليل على ان الناس ليس محركهم الاول هو الجنس ، والا لالتفتوا إلى هذا الجسم العاري .. او انه من النوع الذي لا يجذبهم جنسيا ..

http://2.bp.blogspot.com/-zHBF7p_D_bE/T2wygD2zKUI/AAAAAAAAAIU/2_xhhAz00uE/s1600/62+%283%29.jpg

كيف يقول : احلامنا ؟ مع اني اجزم ان كل القراء لم يروا انفسهم عراة الا ما ندر ، وربما مرة واحدة .. فكيف يتكلم عنها كحقيقة واقعة ؟ ثم انه يسميها احلام استعراضية ، مع انها موصوفة بمشاعر الخزي!! وهل من يشعر بالخزي بامكانه ان يستعرض ؟

اضافة الى ان التعري نفسه عند الاطفال و في الاحلام ليس شرطا ان يكون بدافع جنسي ، والاقرب انه بدافع الخلسة والاحساس بكسر الحواجز و التمرد .. لأن الاطفال يفعلونها في اشياء اخرى غير التعري ، مثل ممارسة التدخين خفية ، فهل نقول مثل فرويد انه يدخن وهو يشعر بلذة التدخين مثل الكبار ؟ طبعا لا ، بل انه يسعل ويستغرب كيف يحب الكبار هذا الدخان .. كل شيء يـُمنع الانسان منه خصوصا الطفل وهو لم يقتنع في داخله تكون لديه رغبة بتجريبه ، بما في ذلك التعري ، ولكن دون ان يكون امام الناس .. مما يعني انه امتنع عنه لاجل الناس بالدرجة الاولى ، وهذا الكسر للحاجز لا يعني انه سوف يستمر ، و لكن لكي يثبت لنفسه انه قادر على فعل ما يشاء .. بما في ذلك هذا الحلم للشخص الذي يريد ان يتعرى امام الغرباء ، و الغرباء هم الاشد رقابة دائما ، بدليل اننا نهتم بهندامنا اكثر عندما نقابل ضيوفا غرباء ..

هذا النوع من الممكن ان نسميه : التأكد من السيطرة على الذات او القرار ، و منه جاء المثل : كل ممنوع مرغوب ، و هذه من القضايا الوجودية التي تتعلق بالانسان .. لأنه يخشى ان يكون امّعة ، والشعور لا يثق الا بنفسه (قانون) .. لاحظ عندما يكبر المنطق عند الشخص و يثق به ، حينها يكون غير محتاجا للتجريب الا نادراً .. بعبارة اخرى : التجريب عند الصغار اكثر منه عند الكبار في الامور الممنوعة .. فالشعور يثق بالمنطق السليم ، ولكن الصغير يكون منطقه ضعيفا ، ولهذا يحتاج للتجريب بنفسه ..

لو كان ذلك الحالم يشعر بلذة جنسية ، لكان تاويله اقرب .. لكنه يشعر بالخزي ! اذا هذا التفسير الذي قدمته هو الاقرب .. كل انسان يستطيع يوميا ان يختلي بنفسه ، و مع ذلك لا يجد رغبة في ان يتعرى ، مع انه لا توجد رقابة .. الحقيقة ان الطفل يريد ان يتعلم بنفسه ، و يريد ان يمتنع عن الاشياء التي حذره الكبار منها عن قناعة .. لاحظ ان التحذيرات للطفل عن الاشياء الساخنة لا تفيد كثيرا مثلما يفيد ان يلمس الابريق الساخن ، حينها سيكون قد تعلم ، و التعلم افضل من التعليم ..

لو كان هذا الامر خاص بالتعري ، لكان كلام فرويد سليما ، و لكننا نجده في امور كثيرة يـُنهى عنها الصغار ، اذا فرويد كبر المسألة و وجّهها الى غير وجهتها .. فضلا عن ان التعري الكامل ليس شرطا في الممارسة الجنسية ، وهناك شعوب لا تعرف التعري الكامل حتى اثناء الممارسة الجنسية ، والقياس على الاوروبيين فقط قياس غير علمي ، فهم الذي اشتهروا بالتعري .. نتيجة لتاثير فرويد وغيره ، ولوا ان الطقس لا يخدمهم ، لربما تعروا طيلة ايام السنة .. وهذا نتيجة لتاثير فرويد ومن تبعه .. لكن البرد قارص هناك ..

كما ان التعري يجعل الاثارة الجنسية اقل بحكم الاعتياد و تكرار المنظر ، و بالتالي يفقد التعري اثارته التي ارادها فرويد ، وليس ذلك في صالح الغريزة على الامد الطويل .. و هو يؤدي إلى انتشار الشذوذ الجنسي بسبب الملل وفقدان الاثارة .. و اي فقدان للاثارة في اي حاجة من حاجات الانسان دليل على الاسراف فيها على حساب حاجات اخرى ، فالحاجات الاخرى التي لم تشبع هي المسؤولة عن التنفير من الحاجات المشبعة (قانون) .. و بالتالي فنظرية فرويد كلها خاطئة من ان الكبت الجنسي هو الذي سبب الامراض النفسية .. فعند الشعور بفقدان الاثارة او ضعفها ، هذا دليل على انك اسرفت في هذا الشأن (قانون) ..

ولا شك ان الاثارة الجنسية عند الشعوب الغربية المعتادة على مناظر العري والمشاهد الجنسية اقل منها عند الشعوب الاخرى .. لأن الاسراف في الاهتمام بموضوع الجنس هو طريق يؤدي في اغلب الاحوال الى العنـّة وفقدان الشهوة الجنسية او تدنيها .. فالشهوة دائما مرتبطة بالاثارة و بالحاجات الداخلية ، فإذا كان هناك اثارة ولا يقابلها حاجة داخلية ، فإن الإثارة تاخذ في البرود و قلة التأثير .. لأن الجنس ياتي من الداخل وليس من الخارج ، مثله مثل بقية الرغبات ، فالجوع هو الذي يحسّن الطعام وليس الطعام حسنا بحد ذاته ، و قديما قالوا : الجوع افضل المقبلات .. وبالتالي : الجوع الجنسي هو اقوى المثيرات ..

اذا احلام العري لا تستحق ان تسمى احلاما نموذجية ، بسبب ندرتها .. وربما تكثر عند احد اعتاد العري او ما يشبه العري في حياته ، على ان يكون رأى نفسه بوضعه المعتاد الذي يمارسه على الشاطئ ان كان من رواد تلك الشواطئ ..

فرويد عرى اوروبا ، و قد جاء دوره كي يعرّيه العقل ..

------------------------------------
انتهت الحلقة الخامسة ..
وتليها الحلقة السادسة بإذن الله ..

الورّاق
04-05-2012, 06:03 PM
الحلقة السادسة ..

http://2.bp.blogspot.com/-7Nqh16nsxXk/T3MXwC-TeyI/AAAAAAAAAIc/_ce_Yx2AiUg/s1600/66.jpg

هذا غير صحيح ، كل رغبة مقترنة بالزمن الحاضر . من الجنون أن يموت الزمن ولا تموت الرغبة ! على كلام فرويد : قد يكون الشخص قد شعر بالبرد قبل عشرين سنة ! اذا رغبته بالتدفئة لا تزال قائمة حتى الان ! اذا عليه ان يشتري مدفأة كهربائية و ملابس شتوية حتى لو كان في الصيف ، ليقضي تلك (الرغبة-الدين) . و هو يقول ان الحلم تحقيق رغبات مدفونة لم تحقق في حينها في الطفولة ، و ذهبت الطفولة و بقيت الرغبات مكبوتة ! اذا كلامه غير منطقي ولا واقعي ، لأن كل مكبوت ينتظر التنفيس ..

اذا سقطت فكرة المدفونات في اللاشعور كلها ، و سقط معها اللاشعور كله ؛ لانه لا رغبة تتعلق بالماضي اصلا .. الرغبة مرتبطة بالحاضر و المستقبل .. فالماضي مات و لا يمكن ان يحقق فيه اي شيء من رغباته ، مثلما ماتت معه مخاوفه و مثلما مات واقعه واسعار عملته .. كل يوم يـُنقل الانسان الى واقع جديد و تجربة جديدة و اختبار جديد ، و يـُنقـَل معه العالم كله .. لا يبق من الماضي الا ما له علاقة بالمستقبل .. اما الباقي فلا قيمة له .. ولهذا ندرس التاريخ لاخذ العبرة للمستقبل و الحاضر - الذي هو مستقبل قريب - ..

اذا الماضي ليس مجالا للشعور .. و اذا ندّمك الشعور على اشياء في الماضي ، فهذا لأجل مراعاتها مستقبلا و لتصحيح مسارك .. فالشعور ليس مجنونا لكي يهتم برغبات مات زمانها .. و كل رغبة معلقة حتى ولو كانت بدايتها في الماضي ، لم تـُعلّق إلا لأجل إمكانية تحقيقها في المستقبل ..

اذا على تفسير فرويد : ينبغي ان يكون هذا الشخص الحالم يرغب في موت والده مستقبلا و ليس في الماضي ، لأنه لا رغبة تـُقسَم على الماضي . و طبعا هذا التفسير سيكون مجنونا ايضا .. فالشخص يبكي حرقة على والده الذي مات في الحلم ، ثم يكون يريد له ان يموت مستقبلا حتى يضحك فرحا بعد ان بكى حرقة ؟؟!! هل تجتمع رغبتان متضادتان في شخص واحد و في وقت واحد ؟ هذه هي النكتة بعينها ، فالنكتة مبنية على التناقض ..

لماذا لا يقول ببساطة : ان هذا الشخص خائف على ان يموت والده ، وان يكون مقصرا في حقه ؟ وان يندم بعد موته ، فيقدمه له على انه مات حتى ينتبه .. و هذا اكبر دليل على ان هذا الشخص يحب والده .. على عكس تفسير فرويد انه يكره والده في اعماقه ويتمنى موته ، و اراد ان يلطفها فرويد بان قال ان تلك الرغبة في موته كانت في الماضي فقط ، وجاء الحلم ليحققها مع ان رغبته الان تغيرت وصار لا يريد له ان يموت !! على هذا المنطق الغريب : اذا كنا نحب تناول الساندويتش ، ثم اصبحنا لا نحبه ابدا : هذا يعني عند فرويد ان الرغبتين كلاهما موجودتان في دواخلنا ، بالرغم من انهما متناقضتان !! وأأسف عن استعمال مثال الساندويتش ، فقد تكون ترمز رمزا جنسيا و انا لا ادري !!

اما الحالم الذي يرى ان عزيزا عليه مات وهو لا يكترث له في الحلم ، فقد تكون نقطة التركيز الشعوري ليست على هذا الموضوع ، و سيكون لها تركيز آخر, و تكون هذه الرؤية لذلك العزيز الميت من باب إحداث التناقضات في الحلم ، حتى لا يُشكل مع الواقع ، ومن الممكن ان أسميها : (عملية تشطيب الحلم) ، كي لا يختلط مع الواقع في الذاكرة ، أو قد يكون رسالة لأن يستعد الشخص لمثل هذه الحوادث و يتحملها ، فربما ان تكثيف الشعور متناسب عكسيا مع عدم اكتراثنا الواقعي , بحيث يهتم بما لا نهتم به في العادة ويقلل المشاعر لما أخذ حقه من مشاعرنا في اليقظة , فالحلم عملية إخراج معقدة تشبه اخراج الفيلم ، و كلها غير عبثية .

* الشقاق والشجار:

كل هذا كلام تعميمي , ولا يوجد أطفال لا يكفون عن الشجار فيما بينهم أبدا دون أن يمروا بلحظات صفاء وانسجام ولعب . ونحن نعرف متى يتم الشجار بينهم .. دائما الشجار له اسباب واضحة و منطقية عند الأطفال, و يذكرونها إذا سألناهم عن سبب الشجار , فلماذا الذهاب بعيدا ؟ كثير من هذه الشجارات بسبب الأنانية ، و اكثرها بسبب الخطأ وعدم معرفة الاعتذار وعدم معرفة قبوله ..

انظر إلى أطفال يلعبون بالرمل و يرفعون التراب و يلقونه على الارض ، فلأن حركاتهم غير دقيقة تجد أن أحدهم رمى التراب على وجه صديقه دون أن يقصد ، مثلما رماه على شعره هو ، فيلجأ الآخر إلى العنف على اعتبار النية ؛ فالأطفال يعرفون النية , و هي ليست أمراً مكتسباً . أو أطفال يركبون في سيارة مثلا , فأحدهم يبكي و يضرب أخاه لأن الآخر يدوس على رجله دون أن يدري , و لو لم تكن المحبة هي الاساس لما اجتمعوا . أي أن أكثر أسباب الشجار غير مقصودة عند الأطفال , لأن الأطفال لم تتكامل الخبرة عندهم و كذلك المنطق ، و لا كيفية معالجة المشاكل ، فيلجأون إلى العنف .. فطفل يبكي لأنه يريد الحليب ، مع أنه يرى أمه وهي تعد الحليب له ، فلا يعرف أن هناك زمن يجب احترامه حتى يتحقق له ما يريد , لأنه لا يعرف آلية إعداد الحليب . و لو كان يعرفها لانتظر دون أن يبكي . كذلك يفعل هذا الطفل مع طفل آخر يريد منه شيئا ، فيعتقد هذا الطفل أن الآخر يتعمد التأخير فيغضب عليه و يشاجره .

الطفل يعرف النية أكثر من معرفته بالآليات والكيفيات , حتى إذا ضربه الجدار و ضُرِب الجدار وعنّف يشعر بالراحة , مما يعني أن ربط العمل بالنية أمر أساسي يجب ان نتعلمه من الأطفال .. ومن الأخطاء التي تؤدي إلى ضعف الفهم هو تجريد العمل عن النية , أو القول عن النية ، كما تطالب الثقافة الغربية بإلحاح ؛ لأن فطرة الأطفال كشفت لنا أهمية هذا الأمر .. و الدين مع الفطرة ، لذلك تـُعتمد النية أساسا لقياس العمل في الدين الصحيح و ليس العكس ، فليس العمل هو المهم في الدين بل النية اهم منه .. و بسبب اعتماد الأطفال على النية فمن السهل خداع الأطفال عن طريق ادعاء إظهار النية الحسنة , و لو كانت طبيعة الإنسان شريرة لكان الأطفال أشرارا و لما كانوا مضرب المثل في البراءة .

إذا الطفل يراقب النية فقط و ما يدل عليها ، فإذا ضربته وأنت مكشر الوجه فإنه يبكي ، و إذا ضربته بنفس الضربة و أنت مبتسم فإنه يضحك .. إن الطفل ينظر إلى عينيك و أنت تتعامل معه .. فرويد يريد أن يجعل من الشذوذ قاعدة و من القاعدة شذوذ في كل الأمور , لهذا هو يدري أن أكثر القراء لن يتقبلوا فكرته ، لأن أكثر القراء عندهم منطق .

ليس صحيحا ان الشر هو الاساس والفطرة كما يريد فرويد .. لاحظ انه جعل الاصغر و الاكبر بمستوى عقلي واحد ! كثيرا ما يشعر الاصغر بأنه مظلوم ، في حين يكون الاخ الاكبر حريص على مصلحة الاصغر ويحبه ، لان الاكبر يعرف اكثر مما يعرف الاصغر .. هذا يشبه منظر الطفل الذي يصرخ في وجه امه وهي تعد الحليب ، لانه يراها قد اساءت اليه ، اذا : لماذا لا يقول فرويد ان صراخ هذا الرضيع يعني حقدا على الام و بغضا خفيا لها لانها اغضبته يوما من الايام؟

هو تناسى ان سوء الفهم يزول ، ومع الوقت نكتشف الحقيقة ، وأن آباءنا لم يكونوا يريدوا لنا الا الخير ، في حين كنا نحسبهم يعاملونا بشر .. اين دور المعرفة في حسابات فرويد ؟ فشخص كنت تظنه يهملك و يتصدد عنك ، ثم اكتشفت انه يحبك : هل شعورك قبل ان يعرف هذه الحقيقة سوف يستمر موجودا فيه ؟ ام ان معرفة الاسباب ستزيله ؟ واذا عرف السبب بطل العجب .. الحقيقة ان سيئاته ستنقلب الى حسنات ..

اذا : تعميمات فرويد بوجود الحقد اللازم بين افراد الاسرة وبقاؤه مكبوتا في اللاشعور تعميم غير حقيقي ، لأنه أهمل تغير النظرة بعد نماء العقل .. والإنسان يسحب كل مشاعره السلبية عن اي احد إذا اكتشف انه قد فهمه فهما خاطئا ، فذاكرة الانسان ليست مستودعا : كل ما وضع فيها يستمر كما تصور فرويد ! هذا التصور خاطئ وغير واقعي البتة .. والا لاستمرت مشاعرنا عن الاشخاص رغم تغيرهم ، مع اننا كنا نفهمهم بطريقة خاطئة ! واصبحنا نفهم بطريقة جيدة .. فهل تبقى المشاعر السيئة عنهم هي هي ؟؟ هذا كلام غير معقول يبني عليه فرويد كل نظرته للانسان ..

فرويد يتصور ان المشاعر لا تزول حتى بعد المعرفة التي تقتضي ان تغير المشاعر ، فكيف تتغير المعرفة ولا تتغير المشاعر ؟ هذا كلام غير علمي ولا منطقي و لا واقعي ، ومع ذلك يبني عليه فرويد كل نظرته التي يسميها علم نفس .. !! وما بني على خطأ فكله خطأ ..

ذلك المستودع الذي سيبقي مشاعرا بنيت على خطأ : ما الفائدة منه ؟ انه مستودع مجنون ! يجعلك تظلم احدا وهو لا يستحق الظلم بل يستحق الشكر بعد ان اكتشفت انه كان يحبك !.. في هذه الحالة ماذا تفعل ؟ هل تشكره تبعا لما اكتشفته فيه من خير مؤخرا ؟ ثم تضربه تبعا لشعورك المترسب من معرفة خاطئة سابقة ؟؟

لو انسقنا وراء فرويد ، اذا لكان في داخل كل انسان شخص مجنون آخر مختلف عنه تماما ، يحاول ان يخرج في اي فرصة .. هذا المجنون سيضر بالذات وليس يعمل لمصلحتها ، انه يريد ان يؤذي الاشخاص الذين يحبون الذات ويقفون معها ! اذا هو يعمل ضد بقاء الذات ! اذا لماذا يوجد في الذات ؟

لماذا يختزن الانسان مشاعر خاطئة لا فائدة منها ، وتبين ان الحقيقة هي عكسها ؟ المشاعر مرتبطة بالمعلومات في تعاملنا مع الاخرين, وإذا كانت المعلومات خاطئة قدمت مشاعر خاطئة ، واذا صُححت هذه المعلومات زالت تلك المشاعر الى غير رجعة .. بل تحل المحبة في مكانها ..

شعور الانسان حيوي وايجابي ، وليس مستودع نفايات منتهية الصلاحية من الماضي ولا فائدة منها كما تخيل فرويد .. وإذا كان فرويد لم يفهم هذه المعلومة البسيطة فكيف نثق به في الباقي؟ بل كيف نثق بسلامة منطقه أصلا كمفكر؟ إذا انطلقنا معه فسوف نصدق أن شخصا دفعنا بقوة ولم نكن نعرف السبب حينها ، ثم عرفنا بعد حين أنه انقذنا من السقوط , يريدنا فرويد ان نصدق أن مشاعر الكره له بعد أن دفعنا مباشرة ً باقية ٌ ومدفونة في نفوسنا وتنتظر فرصة للخروج حتى ونحن نقبل يده امتنانا لانقاذه لنا !! واذا لم نـُخرِج مشاعرنا المكبوتة اصبحنا مرضى عصابيين !! هذا جنون!

النتيجة الفرويدية : شخص أنقذ حياتي سأشكره ، ومع ذلك أكنّ له بعض الحقد في داخلي لأنه افزعني ودفعني بقوة ! هذا هو تفكير فرويد ! هل هو يتكلم عن البشر الذين نعرفهم أم بشر متخيلين لا يعرفون إلا إضمار الشر والحقد حتى لمن أحسن إليهم؟ الغضب كان بسبب هذه الدفعة القوية, و هذه الدفعة القوية سوف يحبها الشخص لأنها أنقذت حياته. هذا الشعور بالكراهية الذي ثبت لنا أنه غبي لأنه نتيجة معلومة خاطئة عند فرويد لا يذهب , بل يتراجع إلى صندوق أسود خفي يسميه فرويد العقل الباطن ، لا يجتمع فيه إلا الشر والموبقات ! ثم تخرج هذه المشاعر الشريرة الخاطئة من فلتات اللسان أو المنام أو السلوك بدون وعي !! والنتيجة: كل إنسان مجنون وشرير لأنه يتصرف بلا وعي ! هل هذا علم نفس؟! المشاعر تنقلب تبعا للمعرفة إلى ضدها ولا تبقى على حالها , فكل المشاعر المتعلقة بخارج الشخص مرتبطة بالمعرفة , مثل أحد تقول أنه كان يكرهني لأنه يتصدد عني وتشعر نحوه بالغضب والإهانة ، ثم تكتشف لاحقا أنه كان يحبك ولكنه كان خجلانا منك .. ومثله موقف الخضر عليه السلام حين أعاب سفينة المساكين حتى لا تـُغصب منهم ..

بناء على فرويد : حتى لو عرفوا الغاية من عمل الخضر فسيظلوا يحقدون عليه في عقلهم الباطن مع أنه أنقذ سفينتهم ! ويخرج ذلك الحقد على شكل أحلام أو فلتات !! فتخيل علم نفس كامل يبنى على فكرة مجنونة قد لا توجد حتى عند المجانين !! و هي بقاء المشاعر رغم تغير المعرفة !! فالأطفال عند فرويد سوف يبقى شيء من حقدهم الطفولي وغضبهم حتى و هم كبار , أي حقد الأصغر على الأكبر سيبقى , ويحاولون أن يخبئوا ذلك من خلال الإيثار عندما يكبرون حتى يواروا سؤءتهم .. و بموجب كلامه يجب عندما يكبرون أن يكون الإيثار أكثر عند الأصغر ، لأنه هو الذي يحمل الحقد الأكثر ، و هذا غير ظاهر .

الحقيقة أن المشاعر هي أهم شيء في الإنسان ، فلماذا تخبأ؟ وكيف تعمل المشاعر ونحن لا نحس بها؟ إنها تخرج وتتعبنا و مع ذلك لا نستطيع دائما أن نسايرها, فما بالك أن تؤثر فينا و هي خفية منسية؟ هذا كلام شاطح وغريب, لا يصلح أن يقام عليه ولا حتى نظرية, فما بالك بعلم كما يسمونه ؟؟

http://4.bp.blogspot.com/-v79WqeNxUj0/T3MYU5uLRTI/AAAAAAAAAIk/V3hqeQKvvaE/s1600/66+%281%29.jpg

الرغبات الانتقامية السيئة :

ما الفائدة ؟ عدنا إلى الصندوق الاسود الذي يعمل أشياء لا فائدة منها إطلاقا , حيث يظهر حقدا طفوليا انتهى عهده و أحرقته المعرفة .. ليس العقل الباطن في حقيقته عند فرويد إلا صندوق باندورا الأسطوري الذي لا يخرج منه إلا الشرور .

نسي فرويد أن هناك مشاعر طيبة بين الأطفال أيضا, فاين موقعها من الاعراب ؟ أم أن العقل الباطن لا يجمع إلا المشاعر السيئة؟ ألم يضحك الطفل مع أخيه يوما من الأيام؟ و يتضايق إذا لم يجده ليمرح معه ؟ أليس الطفل الأصغر عادة يتاثر بأخيه الأكبر و يقلده ؟ هل هناك تقليد بدون محبة وإعجاب؟ أين هذا من حسابات فرويد ما دام أن المستودع (العقل الباطن) لا يغادر شعورا صغيرا ولا كبيرا إلا أحصاه ؟ لا يستطيع ان يقول أنه لم يبق تلك المشاعر الطيبة, إذا لماذا لا تخرج هذه المشاعر الطيبة في الاحلام أيضا ؟ أليست مشاعرا مثل مشاعر الكراهية ؟

فرويد ينظر بعين واحدة, ويفسر الأحلام من خلال المشاعر السيئة فقط, وكأن المشاعر الحسنة لا وجود لها, هذا مخالف لموضوعية العلم, فكيف يسمى ما كتبه علما وكيف يسمى هو عالما ؟ مع أنه يعتمد على نصف الحقيقة ، إذا سلمنا أنها حقيقة اصلا.

ما موقف فرويد من المشاعر الطيبة؟ هذا هو السؤال, ولا أظنه سيقول أن الطفل لا يعرف أن يحب إلا نفسه ، فهذا غير صحيح ولا مشاهد, فالأطفال عندهم مشاعر طيبة, ويختلفون مثل الكبار في اخلاقيتهم وطيبتهم, فكما أن الكبار ليسوا سواء في أخلاقهم ، كذلك الأطفال أيضا, هناك أطفال يفرحون لتعذيب حيوان وأطفال يبكون من هذا المنظر. إذا ليست الأخلاق مكتسبة من المجتمع كما يتوهم الماديون ، لأن تفاوتها موجود عند الصغار حتى في الطفولة المبكرة . إذا اساس الأخلاق فطري، وإلا ما الذي يجعل المجتمع يهتم بالأخلاق لو لم يكن لها اساس فطري؟ بل كيف يعرفها المجتمع و هي ليس لها أساس فطري؟ هل يعقل انه اختلقها من العدم؟ إذا لماذا لم يختلق غيرها و هي موجودة في كل المجتمعات ؟ لماذا لا يكون مجتمعا ما اختلق أخلاقا ومجتمع اختلق شيئا آخر ؟ من الذي دل المجتمعات كلها رغم اختلاف مواقعهم الجغرافية على الأخلاق؟

وإذا كانت الاخلاق إلى هذه الدرجة مهمة لحماية المصلحة ، فلماذا لم تتحول إلى قوانين رسمية مثل قوانين الحقوق و تدخل في المحاكم كما دخلت عند كل تلك المجتمعات ؟

كل هذا وغيره يثبت أن النظرة المادية للإنسان نظرة بعيدة عن الصواب و لا تلامس أرض الواقع الإنساني, و تعتمد على التعسفات البعيدة, والتي لا تسلم من النقد بحد ذاتها ، رغم بعدها الفاحش والملتوي .

حتى إيثار الكبار لا يعني هذا أن أنانيتهم قد ذهبت ، لكن تغير مجالها فقط من الحلوى إلى الوظيفة والتجارة ، أي توسعت دائرة المكاسب ليس إلا . الأطفال يحبون المنزل ويحبون الأسرة و يتألمون إذا أصيب إخوانهم , بل يبكي الطفل الصغير ويتضايق إذا رأى إخوانه يتشاجرون , ويتألم إذا أصيب أحد إخوته أو مرض ويحاول أن يساعده, و يخاف على إخوته و يحامي عنهم .. وهذا شيء مشاهد, لماذا لا تظهر هذه في الأحلام وتفسَّر تفسيرات إيجابية ؟ ام أن المخرِج فرويد لا يريد إلا المشاهد السيئة والمقاطع الجنسية ؟

المشكلة أن هذه المشاعر الطيبة سوف يترجمها فرويد و من على شاكلته من الماديين بأنها مشاعر سيئة تخرج على شكل مشاعر حسنة ! إذ كيف نثبت وجود المشاعر الحسنة إذا كانت ستترجم بمشاعر سيئة كلها ؟ المخرج يريدها سوداوية ! هل ستترجم على أنها أنانيات ؟ إذا أين مكان المحبة في الوجود ؟ أم أنها ليست موجودة ايضا ؟

الأطفال يعرفون الإيثار و ليست معرفته فقط خاصة بالكبار , بل حتى قبل أن يتعلموه من الكبار .. انظر إلى طفل رضيع يجد شيئا يمصه ثم يرفع يده و يقدمه لك : هل دافعه أناني أيضا هنا ؟ أم أنه يريدك ان تبتهج مثلما أنه يبتهج ؟ الأنانية ليست غريزة في الانسان كما يتخيل فرويد و الماديون ، إنها مكتسبة بسبب الشعور بالظلم والخوف من طمع و جشع الاخرين . الطمع هو سبب الأنانيات .. الماديون والمصحليون والراسماليون هو من اوجدوا الانانيات وغذوها بين الناس ، اي انهم يعلمون الناس الاخلاق السيئة ..

الإنسان ليس بطبعه أناني , حتى المُؤْثـِرون الذين يتكلم عنهم فرويد لو وجد بينهم شخص اكثر طمعا ، لاضطروا للتخلي عن الإيثار ، إلا النادر منهم .. فإذا كان مجموعة أصحاب تعودوا أن يحاسب أحدهم عن الآخر في المطعم , و أحدهم صار أنانيا و رفض أن يحاسب عن غيره ، فسوف يحولهم إلى الأنانية .. إذا الأنانية تُكتَسب و ليست أصيلة , ويمكن زيادتها و إنقاصها .. على عكس تفسير الماديين ان الانانية هي الاصل والايثار هو المكتسب . بدليل التجربة : وجود شخص شديد الايثار في المجموعة سوف يدفعهم للايثار بنسب متفاوتة محدودة ، وبعضهم سيبقى على حاله ، لكن وجود شخص طماع وجشع مستأثر بين مجموعة ، سوف يحولهم بسرعة الى الاحتراز وحماية مصالحهم خوفا منه ..

هذا يعني ان الجشع و المادية تغيـّر الناس الى الاسوأ وبسرعة ، بدافع الخوف وليس بدافع الغريزة .. اما الذي يعلمهم الخير فهو لن يؤثر في الجميع ، لكن تاثيره سيكون مبني على الغريزة . و كونه لا يغيّر الجميع دليل على عدم وجود الخوف ، واسرع المشاعر واقواها هو الخوف ، اذا المادي والطماع يفسد اخلاق الناس و يبعدهم عن الايثار ، والراسمالية تحول الناس الى طماعين و جشعين ، لانها تريد ان تستأثر بكل المال لها .

تخيل ان لك جار جشع و طماع ويتحين الفرص لياخذ ما لديك او يتكسب من وراءك .. هذا سيجعلك تحترز اكثر وتحافظ على اموالك وتطيل سورك وتغلق ابوابك وتظهر بمظهر الجشع مثله .. اذا سوء الاخلاق يمكن ان يـُفرض ، لكن حسن الخلق ياتي بالاختيار .. الماديون فرضوا على الناس المادية ، ثم قالوا : انهم ماديون مثلنا !

اذا الانانية والمادية والبخل والراسمالية هي الفيروس المعدي وليس الدين والاخلاق كما يصورون .. وهذا بالتجربة والدليل والعقل والمنطق .. الجشعون والطماعون جعلوا الناس يتهالكون على العملة و جمع المال ، خوفا من سيطرة اؤلئك الجشعين عليهم والذين لن يرحموه .. اذا الراسمالية عدوة المجتمع وعدوة الاخلاق وعدوة الكرم والايثار والانسان .. والاسلام الحقيقي صديق لكل هذه الاشياء ..

الغيرة عند الاطفال :

من وجهة نظره ، الاطفال صرحاء في الشر ، و لكن اذا بدا منهم خير فليسوا صرحاء فيه ، هذه قسمى ضيزى . مشاعر الغيرة التي عند الكبار هي نفسها التي عند الصغار ، سببها الخوف من الاهمال و ليس سببها عدواني ، بمعنى : الصغير او الكبير ، يحب ان ياخذ حقه من العناية والاحترام ، و يـُحِب ان ياخذ الاخرون حقهم ايضا و لكن ليس على حسابه .. تخيل طفلا يعطى كل الاهتمام ، بينما يهمل و يهان اخاه الاخر ، هنا لن تزداد سعادته بل سوف يتضايق ، و هذا الشيء حاصل في الواقع وتدور حوله الكثير من قصص الاطفال و كيف يتألم الطفل وهو يرى امه او ابوه يهينون ابن الخادمة الذي يلعب معه و يخصونه هو بالهدايا من دونه .. اذا الانسان ليس شريرا بطبعه كما يريد فرويد ، بل الشر مكتسب ..

لاحظ ان فرويد يستشهد بمواقف معينة من حياة الطفل ليثبت ان الطفل كله شر ! و من كان كله شر ينبغي ان يكون كل سلوكه شر ، خصوصا وهو طفل صغير قبل ان يقول ان المجتمع هو الذي لقنه هذا الخير وعلمه الاحتيال . ان براءة الاطفال مضرب المثل في حسن النية ، و الشر يبدأ بنية . يفترض ان تلك الطفلة المذكورة تحاول ان تفسد اي شيء يشغل اهتمام والديها عنها ، بما في ذلك الكتب او الجريدة او القطة ، و المفترض ان تحاول كل يوم ان تخنق اخاها ، و ليس مرة واحدة ، هذا ان صدقت القصة ، لانها بعيدة عن الواقع وليس لها شواهد معتادة . طفلة بهذا السن تحاول احيانا ان تحمل اخاها او تلعب معه بطريقة خشنة ، لانها لا تعرف مدى خطورة ذلك ، و لذلك تمنع الامهات الاطفال الكبار ان يلعبوا مع الرضيع ، لانهم يعاملونه و كأنه بمثل سنهم . و قد ياتي من يفسر هذا بأنه سلوك عدواني (محاولة اغتيال) مثل فرويد .

هل جرب فرويد ان يؤذي اخاها الصغير امامها لينظر هل تصفق له ام تغضب ؟ هل سألها على الاقل : هل تتمنين له ان يموت او يطرد من المنزل او يرمى في الشارع ؟ لا شك انها سوف تبكي .. هو اتهمها بدون تحقيق .. ولم يكلف نفسه البحث عن الحقيقة ، بل اكتفى بما يريده و يبحث عنه بطريقته الانتقائية .. لا شك انه مر على نماذج لا تناسب بحثه فاهملها .

فرويد يريد شيطنة البشر و اظهارهم كالابالسة المتخفين ، و الشر الذي يصدر منهم يسميه صراحة و وضوحا ، والخير الذي يظهر منهم في وعيهم او احلامهم ، يجتهد لتاويله بشرّ خفي .. فكيف يسمى عالما و اول شروط العلم هو الموضوعية ؟ يستطيع غير فرويد ان يقول عن المظاهر الخيّرة بانها هي الاصل ، ويجتهد لتبرير المظاهر الشريرة .. اذا فرويد اختار بين اتجاهين .. ليس بدافع علمي بل بدافع ايديولوجي و رغبة بتبرير الشر وتأصيله ، حتى لا يـُستـَنكر الشر على اعتبار انه هو الاصل فينا .. فهل نستطيع ان نقول عنه انه كان يريد خيرا بالبشرية وهو يجردها من الخير بدلا من تشجيعه ؟ و هل نستطيع ان نصفه بالموضوعية والعلمية والنزاهة والانسانية و نحن نراه يختار بين اتجاهين دون ان يحدّه العلم على ذلك ؟

المزاحم الفضولي :

هذا افتراض عريض وغير مشاهد . ثم نسي فرويد ان الطفل دائما بحاجة الى طفل يلعب معه . بل ان الطفل يؤثر الاطفال حتى على والديه احيانا كثيرة ، تخيل طفلا يجلس مع والديه ، ثم ياتي طفل مثل سنه او اصغر او اكبر ، فبلا شك انه سوف يتفلت عنهما و يذهب اليه ويخرج معه للحديقة تاركا والديه وعطفهما .

الاطفال يمضون اكثر الوقت مع بعضهم البعض ، لان اهتمامات الكبار ليست هي اهتمامات الصغار . في كل منزل ، نجد الاطفال يجلسون مع بعضهم اكثر من جلوسهم عند والديهم ، و توضع لهم غرف خاصة للعب . اي : ان الطفل محتاج لاخيه وقتاً اكثر من الوقت الذي يحتاجه مع والديه . بمعنى : اذا مات اخوه او اخته فسوف يفتقد شيئا مهما في حياته . هذا من ناحية المصلحة التي يؤمن بها فرويد ، و لم ناتي الى ناحية المشاعر الخيرة التي لا يؤمن بها . اذا ليس من مصلحة الطفل ان يموت من يلعب معه لكي يستاثر بحنان والديه . الطفل ليس محتاجا فقط للحنان ، بل للعب ايضا ، فهل نسي فرويد ذلك ؟ اذا مات الذي يلعب معه او سوف يلعب معه ، اذا هو يخسر ، وبالتالي يحزن .

فرويد يفكر من خلال الانانية ، لكنه ضيـّق حتى هذه الانانية ، و كأن الطفل يعيش ليكسب حنان والديه فقط ، بينما حاجات الطفل اكثر من هذا . فهو يمل من حنان والديه ويحتاج الى من هم في مثل مستواه العقلي ، حتى الاثرياء اذا كان لهم طفل وحيد ، يضطرون احيانا لتبني طفل كي يلعب مع ولدهم ، و ما اكثر الاسئلة التي يطرحها الطفل على امه الحامل : متى سياتي الطفل ؟ كيف سيكون شكله ؟ هل هو ولد ام بنت ؟ يقولها بلهفة و شوق ، و نجد الاولاد يريدون ان يكون ولدا ، و البنات يردن ان تكون بنتا . هذا يعني ان الجديد سوف يقوي الفريق ، لذلك يتنافسون عليه . فاين هي مشاعر العداء للقادم الجديد ؟

و في البيوت ، اكثر من يفرح بالمولود الجديد هم الاطفال . لا يوجد طفل يحب الوحدة . لو انطلقنا مع تفكير فرويد ، سيكون كل طفل محب للوحدة ، لانه يريد ان يقتل اي مولود و يبقى هو الوحيد في المنزل ، وهذا غير واقعي . الطفل يكره الوحدة . و الطفل محتاج للاطفال ، لهذا لا يحبذ الطفل ان يذهب مع والدته الى احد قبل ان يسأل : هل عندهم اطفال ام لا . فرويد لم ينظر الى المسألة من كل النواحي ، نظر فقط الى حنان الوالدين .. فرويد يفكر بعقلية سوق المال .

الطفل الجديد يعني للطفل القديم التفوق ، وهو الذي يؤكد للطفل الاقدم بأنه اصبح كبيرا ، و هذا شيء يحبه الطفل . و الطفل يتخيل و يفترض في اخيه الصغير مساعدا جديدا له ، و احداً يستطيع ان يسمع كلامه و ينفذ اوامره و يلعب معه ويقبل توجيهه . اذا الطفل الجديد مكسب للطفل الكبير في كل النواحي . انا احسبها مصلحيا لفرويد الآن ، اي لا زلنا في نطاق الانانية التي يفهمها هو ، اي انه فاشل حتى في حسبة الانانية .

http://4.bp.blogspot.com/-fop7YpYEKKM/T3MZeJPvJSI/AAAAAAAAAIs/trb1Q2fOYzI/s1600/66+%282%29.jpg

كيف ادركوا "شناعتها" ؟ هل بفعل المجتمع ام بإحساسهم ؟ اذا كان من احساسهم ، فأين احساسهم حينها يوم كانوا صغارا ؟ هل الاحساس بالشناعة لا ياتي الا اذا كبر الانسان ؟

هل الاخلاق تتكون تكوناًُ ؟ و يغرسها المجتمع في الافراد ؟ المجتمع يقدم تعليمات : ينبغي ولا ينبغي . فهل من خلال التعليمات يحس الانسان بالجمال والشناعة ؟ ام ان احساسه مفطور على ذلك وهذا هو المناسب كي تستقيم الفكرة ؟

المجتمع ينبهنا و يفصّل لنا عن اشياء لم نكن نعرف انها تؤدي الى الشناعة ، او الى اللطف . إذا : الشعور موجود في الاساس ، و لكن المجتمع اعطاه تفصيلا و توسيعا على صور الحياة ليس الا . لأن الطفل قادم من حياة ضيقة الى حياة واسعة ، و يريد ان يكون وضعه حسنا ، فيحتاج إلى الاستفادة ممن سبقوه الى الحياة الواسعة .

لاحظ اننا نقول للطفل ان هذا الشيء مخزي و عيب ، ولا نحتاج الى شرح لهذه الكلمة ، بل نحتاج إلى شرح كيفية كون ذلك الفعل سيئا . اما كلمة "سيء" و "مشين" و "عيب" و "حرام" فهي تكفي بحد ذاتها . الطفل يريد ان يعرف ما هي الاشياء العيب ، و لكنه لا يريد ان يعرف لماذا العيب سمي عيبا ، و لماذا نتقيد بتاثير هذه الكلمة . هذا دليل على انها موجودة في داخله . فلا ياتي طفل ويتساءل : لماذا تتكلمون عن الاخلاق كثيرا و تريدونا ان نكون اخلاقيين ؟ ما الفائدة منها ؟ طبعا لا احد من الاطفال يسأل هكذا ، بل يسأل : ما هو العيب ؟ و ما هو العيب فيما فعلته انا ؟ اما العيب بحد ذاته فمتفق عليه و معروف بسبب معرفة الاشياء الحسنة ، و ان ضدها هو الاشياء السيئة ، مثلما يـُعرف الشر من الخير و الخير من الشر .

http://2.bp.blogspot.com/-QHzsJ4-2dEo/T3MZ37qTV-I/AAAAAAAAAI0/kLiZN-uptdI/s1600/66+%283%29.jpg

اذا سلمنا بالمقدمة الخاطئة بأن الاحلام كلها رغبات ، فهل يوجد طفل في الدنيا تسره حياة الوحدة ؟ فلا اطفال يلعب معهم ولا حتى يستعرض مواهبه امامهم ولا يتعلم منهم ؟ .. خصوصا وان اكثر الالعاب تحتاج الى اكثر من شخص ، فهل الوالدين سيلعبان مع الطفل كل الوقت ؟ اذا هذه الطفلة خاسرة ، بنفس التحليل الاناني النفعي الفرويدي المجرد من المشاعر ، اي بحسبة عقل مادي هي خاسرة ووضعها بئيس : طفلة بدون اطفال تلعب معهم .

ثم يقول انه تحرى وتقصى : هل تحرى عن شعورها حول : هل كان هذا الحلم كان بهيجا ام حزينا ؟ هذه من بديهيات التحري .. نستطيع ان نقول و بكل بساطة ، انه بعدما مات طفل من اقاربها ، خافت ان يموت البقية . فيكون الخوف هو دافع الحلم وليس الرغبة كما هو واقع في أكثر احلام البشر ، و تأثرت بهذه الحادثة وظهرت لها في الاحلام . ولو كانت ترغب فعلا في ان يموتوا ، لجاءها هذا الحلم قبل ان تقع الحادثة التي تحرى عنها فرويد – وهي موت طفل من اقاربها قريبا - و ليس بعدها .

دافع الخوف اكبر واكثر من بقية الدوافع الاخرى في الاحلام . بل حتى في الحياة العادية ، فلماذا نفرق بين الاحلام والواقع الى هذا الحد ؟ فالمخاوف تتحكم بنا اكثر من تحكم الرغبات ، حتى في الواقع واليقظة . فالشخص الذي يحلم هو نفسه الشخص المستيقظ ، والدوافع هي نفسها . اخبر شخصا عن شارع خطر فيه لصوص ، وعن شارع آخر فيه منتزهات واماكن للهو .. بايهما سيهتم اكثر ويحرص على عدم نسيانه ؟ اكيد انه الشارع الخطر . اذا دوافع الخوف اقوى عند الانسان من دوافع الرغبة ، والانسان هو الانسان ، مستيقظا او نائما .

حياة الانسان في الدنيا محوطة بالخوف ، بل حتى الرغبات يدخل فيها خوف فقدها و ينكـّدها . و بما ان الحالم يخاف وهو في الحلم ، اذا نفس شعوره وهو مستيقظ هو نفسه وهو يحلم . و ما دام الخوف يدخل حتى في الاحلام ، اذا كيف نقول ان الاحلام كلها رغبات ؟ اين العقل الباطن ليحتال على المخاوف و يزيلها من الحلم و يمنعها ؟ لو كانت احلامنا كلها رغبات ، لكانت كل احلامنا متعة ، لكن الواقع هو العكس ، فلا يكاد يخلو حلم من لحظة خوف او قلق . بل ان الكثير من الاحلام عبارة عن خوف مجسد (فزع او كوابيس) . حتى الرغبات التي نراها في الحلم سرعان ما يتسرب اليها الخوف . والخوف هو الذي ينهي الحلم في اكثر الاحيان .

مصدر ازعاج :

شعور الاطفال وقتي و في حينه ، فلا يعرفون كيف يكوّنوا احقادا ، والا لماذا وصفوا بالبراءة ؟ فرويد يريد ان يجعلهم حاقدين و يستحضرون ازعاج الطفل حتى في لحظات موت ذلك الطفل . و هذا التفسير غير منطقي . و ناسيا انه لا يوجد طفل ليس ياتي منه الا الازعاج فقط . هذا غير واقعي . و كثير من الاباء والامهات يتفهمون مشاعر الطفل بعد ان ياتي طفل جديد ، فيحاولون تعويضه و تطمينه وتفهيمه ، فتزداد سعادته بضمان الحنان و زيادة فرد يدخل البهجة على حياته . و كثير من الاطفال الاذكياء يتفهمون ان الاطفال الصغار بحاجة الى عناية اكثر منهم ، لانهم ضعفاء ، و ليس لانهم مفضلين عليهم . بل هم يبدأون بالحنان نحو الطفل الصغير و يستملحونه و تعجبهم حركاته و صغر جسمه . وهذا سـُخرة من الله ، فكل صغير له قبول واستملاح عند النفوس ، صغارا او كبارا .

في العادة ، كل شيء سوف يبتعد نهائيا لا نتذكر اساءاته بل نتذكر حسناته ، لهذا السبب نرى كل الناس يتالمون لموت اي احد . مع ان بينهم مشاحنات و عداوات . لهذا يقال : اذكروا محاسن موتاكم . فبمجرد ان تعرف ان شخصا قد مات او قتل ، تجد ان كراهيتك له تنسحب في تلك اللحظة ، او ابتداء من تلك اللحظة ، و تبحث له عن بعض الحسنات والميزات حتى لو لم تقلها ، بل قلت عكسها .. هذا الشيء ينطبق على الاشياء المادية التي تذهب عنا الى غير رجعة ، كل شيء يذهب الى غير رجعة يحدث شعورا بالالم . و هذا الشيء معروف عند الاطفال ايضا ، حتى عندما يموت حيوان في المنزل او يـُذهب به ليـُباع يتألم الاطفال ، حتى لو كان ذلك الحيوان مزعجا لهم ، فما بالك ان يموت احد افراد العائلة و يفرح الاطفال ؟ هذه محاولة ابلسة و شيطنة للشعور الانساني النبيل و لبراءة الاطفال واظهارهم بمظهر الشياطين ، ليس فقط الانانيين بل يحملون شعور القتل و الافناء للآخرين ، و هذا ظلم واضح لبراءة الطفولة ، اراد منه فرويد ان يبرر لظلم الكبار و امبريالية الغرب و راسماليته من خلاله .

واضح انه ينتصر للجانب الشرير في الحياة و ليس للجانب الخيّر ، و من يفعل هكذا لا يقال عنه انه يضمر الخير للبشرية . ولا يستحق ان يوصف بالانسانية ابدا .. فهي منه براء .. و يسمى من مثل فرويد من المفكرين بالمفكرين الغير انسانيين .. و ما دام هناك اناس يوصفون بالانسانية ، اذا يجب ان يكون هناك من يوصف بعدم الانسانية ، يجب ان يعرف كلا النوعين احتراما للمعرفة والتاريخ .. فرويد حصل على اعلى النقاط التي تؤهله ليصنف كمفكر غير انساني .. ومن يستنكر هذا عليه ان يخبرنا بمن هم اذا المفكرون غير الانسانيين ، او يطالب بشطب كلمة"انساني" من الاساس ما دام لا يوجد لها ضد . فلا يوجد شيء الا وله ضد .. ولا صفة الا ولها عكس ..

نعم فرويد و ماركس ونيتشه وسام هاريس وداوكينز (لتفضيله الحيوانية على الانسانية) مفكرون غير انسانيون ، واعلنوا هـُزْأهم بالانسانية ومقوماتها .. وليس من حقهم ان يوصفوا بما سخروا منه و حاربوه .. ومن وافق شيئا أخذ حكمه ..ومن قلدهم واحترم افكارهم فهو مثلهم ..

لم يـُبقِ البشرية الا التنحية الجزئية لبعض الشرور ، و إلا لفنيت منذ القدم . إذاً وجود الخير ولو نسبيا هو سر بقاء البشرية . و كلما زادت نية الخير و ابتعدت نية الشر ، كلما زادت حياة الناس سعادة . والماديون ينكرون وجود ما ابقى وجودهم (الخير) ، فلماذا يستغرب منهم ان ينكروا وجود من اوجد الخير الذي ابقاهم ؟

http://1.bp.blogspot.com/-8h8nkN8ab18/T3MabpuTCRI/AAAAAAAAAI8/jqLVzxr8rUA/s1600/66+%284%29.jpg

الرقيب :

قبل قليل يشير الى ان الطفل لا يكترث بغياب والديه او غياب اي احد ، و ان غياب امه مثل غياب الخادمة تماما . و الآن يشير إلى أنه يحمل حقدا و امنية بغيابهم !! فالولد يتمنى غياب والده ليحظى بحنان امه ، حسنا : و حنان والده الذي سيفقده : هل اصبح بلا قيمة ؟ الم يفرط باخيه الصغير و يتمنى موته لاجل حنان ذلك الوالد و تلك الوالدة ؟ الان نجده بدأ يفرط في ذلك الحنان و يوزعه على المقابر ! ماذا بقي من التناقض المثير للاشمئزاز عقليا قبل ان يكون اخلاقيا ؟

العجيب ان تلك الام التي لا يكترث لغيابها ، اصبح شعوره يقاتل لكي لا يبقى الا هي في العائلة (فكرة راسمالية لا تبقي الا على واحد) !! بعد ان يذهب اخوته و ابوه الى غير رجعة ! الم يقل قبل قليل ان مثلها مثل المربية ؟ فكيف صارت تستحق كل تلك التضحيات بالابرياء لاجلها ؟ اليس هذا تناقضا عقليا ؟

فرويد لم يبتعد عن الوصايا العشر فقط ، بل ابتعد عن العقل والمنطق وناقض نفسه بنفسه دون ان يدري .. فرويد و امثاله من الماديين يريدون القارئ المتلقي الذي يقرأ قراءة اللحظة ولا يخرج بفكره عن الصفحة التي امام عينيه الان ، لكنهم لا يريدونه ان يتجاوز هذا الخط بحيث يربط كلامهم السابق بكلامهم اللاحق . انهم يريدون القارئ للاستيعاب ولا يريدون القارئ للتفكير والنقد .

http://2.bp.blogspot.com/-yAJAa6flzNk/T3MasyI3byI/AAAAAAAAAJE/ZstWrnzbLro/s1600/66+%285%29.jpg

فرويد يحمـّل كلام الاطفال اكثر مما يحتمل ، فهل طفلة في الرابعة تعرف معنى الزواج ؟ فرويد يريد الادانة فقط .

اطفال في سن مبكرة ، يرون امهاتهم و اباءهم نظرة مثالية ، فكيف يفكرون بهم جنسيا ؟ و لو سرنا مع منطق فرويد لأحب الولد أخته التي اصغر منه بدافع جنسي و ليست امه . الم يتفرج فرويد على الاطفال وهم يلعبون ؟ الم يجد البنات يقلدن امهاتهن و الاولاد يقلدون اباءهم ؟ هذا اسمه اقتداء ، و ليس انتظارا للحظة زوالهم عن الحياة ليقعدوا في مقاعدهم في نفس الأسرّة (هذه فكرة راسمالية من سوق المال)!

هذا اليهودي يرسمل العلاقات الاجتماعية ولا يفرق بين دكان المرابي وحنان الأسرة .. !

الاب و الام بالنسبة للاطفال الصغار هم المستقبل ، هم النموذج الذي سوف نكون مثله ، فهل احد يقلد احد ويعجب به وهو يكرهه ويتمنى زواله ليحل محله ؟ هذا منطق مشروخ !! ثم زوال من ؟ هذه لا يفعلها ولا حتى الموظفون في عملهم ، لا يتمنى موظف ان يٌفصل المدير ليحل محله ، فما بالك باطفال لا امل لهم بالحياة الا من خلال هذين الوالدين ؟ بل لا يثقون بأي احد بمقدار ما يثقون بوالديهم ولا يشعرون بالامن الا بصحبتهم ، ومع هذا يتمنون زوالهم !

اللعب شيء والواقع شيء آخر . لعب الاطفال تدريب وليس بدافع الحقد وإعداد المؤامرة ، البنت لا تريد ان تقوم باعمال المنزل بدلا من والدتها لأنها تعرف أنه عمل شاق ، بل تريد ان تمرح و تلعب كما تشاء ، الاطفال لا يحبون الالتزام ، و دور امها مليء بالالتزامات . لكن يسرّ الطفل ان يظهر بمظهر الكبير ، لو كان الاطفال يعرفون الدافع الجنسي مثل الكبار لفعلوه ، ما الذي يمنعهم ؟ ولماذا يتمنونه فقط ؟ و ايضا لفكروا بمن في عمرهم ، بدلا من ان يفكروا بممارسة الجنس مع اباءهم وامهاتهم الذين يفوقونهم بالوزن والعمر أضعافاً . هذه شطحات خارجة عن افق المعقول . ولا تدل على ان فرويد يفهم حتى الدافع الجنسي و مُهيـّئاته . ترى ما الذي يفهمه فرويد غير سوق المال ؟

فرويد لا نستطيع ان نقول انه يعرف اي شيء عن الانسان ، بما في ذلك الجنس . كلنا مررنا بالطفولة وخطرت على بالنا افكار كثيرة و نعرف مشاعرنا عندما كنا صغارا .. كل شيء فيها الا الاشياء التي يقترحها فرويد . ايكتب عن الانسان والبشر الذين نعرفهم ، أم يتكلم عن سكان كوكب اخر ؟ منذ الثالثة من عمري وانا اتذكر كل مشاعري وافكاري ، بل اتذكر الاماكن التي ارتبطت بها تلك الافكار . لم تزرني عقدة اوديب يوما من الايام ، و لا اظن قارئا قد زارته ، ولم افكر واتمنى زوال اخوتي الصغار من الحياة ولم أتمنى يوم من الأيام زوال أبي / بل كنت أخاف من ذلك أشد الخوف لأنني أحبه وأتعلم منه منذ أن رأته عيني وإن كنت أغضب منه أحيانا لأسباب أعرفها بوضوح ، مع انني اذكر مشاعري منذ السنة الثالثة من عمري. فمتى تكون هذه المشاعر التي يتكلم عنها فرويد ؟ في اي شهر هي من عمر الانسان ؟

و متى يعرف الطفل ان اباه يمارس الجنس مع امه حتى يتمنى أن يكون هو بدلا من أبيه كما يزعم هذا الطرح الشاذ ؟ هل يتمنى شيء لا يعرفه ؟ كل الأطفال دون سن المدرسة لا يعرفون إلا أن المستشفى أخرج طفلا من بطن أمه ، و بعضهم لا يعرف ولا حتى هذه ، حيث يتصور أن المستشفى مثل السوق وذهبت أمه و اشترت طفلا جديدا ! ولا يدري كيف تكوّن هذا الطفل . و اسئلتهم تدل على أنهم لا يعرفون العملية الجنسية برمتها ، فكيف يحسدون أمهم واباهم على ممارسة الجنس و يتمنون زوالهم ليحتلوا أماكنهم في ممارسة الجنس الذي لا يعرفونه ؟

عقل فرويد يستطيع أن يستوعب تمني شيء غير معروف ، و لا يعرف الطفل عن ممارسة الجنس و أنه سبب الإنجاب الا في سن متاخرة ، في المراهقة ربما أو قبل ذلك بقليل . و كل الاباء يعرفون مدى تعلق الابناء الذكور بهم ، و مراقبة حركاتهم منذ السنوات الاولى . و يعرف غريزيا ان هذا هو قدوته ، و كذلك البنات يركزن على امهاتهن اكثر من التركيز على اباءهن ، على العكس تماما مما يذكر فرويد . فالطفل الولد يفرح ان يحمله ابوه اكثر من امه و العكس .

كما ان الحنان مختلف بين الاب والام ، فبعض الاسر تكون الام اكثر حنانا على الاطفال ، و بعض الاسر يكون العكس ، مع ان الاكثر هو حنان الاب من وجهة نظري بشكل عام . اما تضايق بعض الاطفال الذكور من اباءهم او البنات من امهاتهن احيانا ، و الذي فسره فرويد بكل عبقرية بالرغبة الجنسية و الاستحواذ ، فهذا كلام سخيف و غير منطقي ؛ لان الولد يركز على والده و يرى فيه مستقبل حياته ، و يكون حساسا من ناحيته كلما اهمله او منعه او صرخ في وجهه . و نحن نتأثر بقسوة ممن نحبهم اكثر من قسوة من لا نحبهم بشكل عام ، قال الشاعر :

و ظلم ذوي القربى اشد مضاضة .. على النفس من وقع الحسام المهند ..

لهذا فالبنت يبقى في نفسها شيء من معاملة والدتها لها ، تزول احيانا و ترجع وقد تنمحي نهائيا حسب المعرفة و تقدير ظروف الوالدة . وكذلك الابن مع ابيه . ليس لانهم يكرهونهم بل العكس تماما ، لانهم يحبونهم . و التأكد من اخلاص الوالدين عند الاطفال كفيل مع الزمن بازالة كل ما يعلق في النفس منهما و يعكر صفو المحبة . و كلما تقدم الانسان بالسن كلما التمس العذر لوالديه . حتى يكاد يطهّرهما من اي تقصير بعد ان يفقدهما . و دائما الابناء يعلقون اخطاء اباءهم على ظروف الحياة والاخرين .

الام بسبب الضغوط الكثيرة قد تنهر ابنتها وتكشف اخطائها ، لأنه و بتلقائية : تربية الاولاد تميل نحو الاب ، وتربية البنات تميل نحو الام . و لا توجد بنات يربيهن ابوهن بالكامل مع وجود امّهن ، و لا العكس . لا بد من تأثير النوع ، حتى الاب الذي يربي بناته ، يربيهن من خلال نماذج انثوية ، وكذلك الام عندما تربي اولادها الذكور ؛ فهي تربيهم من خلال اخوانها (اخوالهم) مثلا ، لان للذكر طبيعة حياة تختلف عن طبيعة حياة الانثى بكل مناحي الحياة .

والاطفال الصغار يريدون ان يتعرفوا على الحياة بشكل اسرع ، واقصر وآمن طريق هو من خلال الوالدين ، واذا كان الطفل ذكرا فالطريق الاقصر هو من خلال والده ، و للبنت فهو من خلال امها . اذا كل فكرة فرويد خاطئة . فالبنت تميل لامها اكثر ، و لكنها تغضب منها اذا لم تقدّر هذا الميل ، كذلك الولد يميل لابيه اكثر ، و لكنه يغضب من ابيه اذا لم يقدّر هذا الميل .

الطفل يتعقد اكثر بسبب الاب ، والطفلة تتعقد اكثر بسبب الام ، والعيادات النفسية تشهد بذلك . فرويد جيـّر هذا على انه نفور من البنت عن امها لانها تحتل فراش الزوجية عن ابيها ! فهل هناك اغرب و ابشع من هذا التفسير ؟ مع ان السبب واضح ، فالبنت تعرف انها ستعيش كل حياتها انثى ، لذلك تهمها امها الانثى ، لانها تضمن اخلاص هذه المراة لها ، و تضمن معرفتها اكثر منها . و من خلال تقليدها تستطيع ان تخرج الى الحياة الواسعة كأنثى ، و كذلك الولد مع ابيه . و ما اكثر ان تشاهد الاولاد الذكور يلاحقون اباءهم و يفرحون بخروجهم معهم ، و كذلك البنات يلاحقن امهاتهن ، فاين هو النفور الذي يزعمه فرويد ؟

الولد ينتقد اباه اكثر ، والبنت تنتقد امها اكثر ، و نلاحظ عند الاخوان والاخوات بعد موت الوالدين ، كثرة ذكر البنات لامهن ، وكثرة ذكر الاولاد لابيهم ، و هذا يظهر في احلامهم ايضا ، و كلا الجانبين ينظران نظرة قدسية الى الوالد ان كانوا ذكورا ، او الام ان كن اناثا . هذه القدسية هي التي كانت منذ الطفولة .

صورة نادرة جدا – و لها اسبابها - ان وجدتَ طفلا ذكرا يتعلق بامه ولا يتعلق بوالده . إلا أن تكون امه قد شوهت له صورة والده ، وهذا يحدث كثيرا في حالات الطلاق ، لكن مكان والده يبقى فارغا في نفسه .

تركيز فرويد على كلمة الحنان غير علمي ولا واقعي ، فالطفل ليس كالبيضة التي تحتاج للدفء والحنان فقط ، الطفل يريد من يوسع مداركه ، و يُؤخذ بيده الى الحياة بدون خطر . الطفل يفتخر بقوة والده ولا يحقد عليه كما يتصور فرويد ، والطفل يفتخر بثقافة والده و يتصور انه يعرف كل شيء و يعرف من خلال اي الوالدين يكون امتداده . لا توجد فكرة الحقد اصلا بين الوالدين و الابناء ، فالوالدين لا يحقدون على ابناءهم ولا العكس ، مهما كان الوضع . و بالتالي لا احد يتمنى الشر للاخر ، وكما قيل في المثل : عداوة الاحباب تدخن ولا تحترق .

لهذا يميل كل طفل الى من هو على جنسه . الولد يعرف انه لن يكون اما يوما من الايام و لا ربة منزل ولن يلبس مثل ملابس امه ولن يتكلم بنفس طريقتها ، فلماذا اذا يهتم بها و يهمل والده الذي سيكون مثله يوما ما ؟ الطفل لا يفكر انه سيكون في يوم ما مكان والده في الاسرة ، ولا البنت تفكر هكذا . الطفل يعرف انه سيكبر و تكون له اسرة جديدة غير اسرة والده ، و يكثر الطفل من كلمة : اذا كبرتُ ، وهو يعرف ان الجميع يكبر وليس فقط هو . فاذا كبر الطفل و صار في عمر والده ، يعرف ان الجميع سوف يكبرون مثله و لن يكون ابا عليهم ، لانه فرد من هذه الاسرة ، فهل يكون ابا على نفسه ايضا ؟ الطفل ليس احمقا الى هذه الدرجة حتى يتخيل زوال ابوه و يكون هو الاب لهذه الاسرة ، وزوج هذه المراة التي هي امه .

النوم مع الام :

هذا ليس صحيحا و لا مطردا ، بل اكثر الاولاد يحب ان ينام مع والده ، لان والده يشعره بالحماية اكثر ، و لانه يرى فيه افضل صديق . فرويد يحمـّل سلوك الاطفال معاني خبيثة لا يعرفها الاطفال . الحقيقة ان كل الاطفال و من كل الاعمار الطفولية يحبون ان يناموا مع والديهم ، لأن هذا يعطيهم احساسا بالامن و الوئام اكثر من ان يكون كل طفل في غرفة منفردة ، اذا لم يكن هذا ممكنا احبوا ان يناموا مع بعضهم . او مع اختهم الكبيرة او اخاهم الكبير ، كاقرب صورة للوالدين .. حتى البنت في غياب والدها يعجبها ان تنام مع والدتها ، و يعرف فرويد هذه الصورة ، و لكنه حذفها من الفيلم لانها لا تعجبه . وهل ذلك الطفل الذي ذكر ، ألن يفرح اذا نام بين والديه كليهما ؟ الحقيقة انه سوف تزود فرحته اكثر بحضور والديه اكثر من غياب احدهما ويشعر بالامان اكثر ، هو يقيس على نماذج مفردة و منتقاة دون استعراض حياة الطفولة باكملها .

الم يلاحظ فرويد ان الطفل يحب ان يلبس ملابسا مثل ملابس والده ؟ و يفرح عندما يجلس على مقود السيارة ؟ و كذلك عندما ينام في فراش والده ؟ كل هذه من ضمن تدريبات الاستعداد للمستقبل ، و مستقبل الطفل مهم عنده . فالاب عند الطفل يعني صورته و هو كبير ، و من ضمنها ان ينام على فراش والده ، فالنوم على فراش والده تماما مثل الجلوس على مكتب والده ، او الجلوس في مجلسه و شرب قهوته وربما غليونه او سيجارته .. هذه سلوكات بريئة . الطفل مشغول بمستقبله و تحقيق ذاته و ليس مشغولا بالجنس . ولو كان مشغولا بالجنس لتبين في اوضاع اخرى . بل ان الطفل الذكر و في كل المجتمعات يحب ان يصادق اطفالا ذكورا ، و كذلك تفعل البنات . مما يعني غياب الانجذاب الجنسي قبل بوادر البلوغ . و يتضايق الطفل الذكر اذا عومل او شبـّه بالبنت ، و كذلك تتضايق البنت اذا شبّهت بالاولاد . اذا كل افتراضات فرويد من مخيلته و ليست من الواقع . فاين هو البحث العلمي الواقعي الذي يدعيه ؟

عدم وجود الانجذاب الجنسي بين الاولاد والبنات و هم يقضون اوقاتا طويلة مع بعضهم ، الا يكفي دليلا لاسقاط فكرة فرويد من جذعها ؟ انهم مجموعة ذكور واناث يلعبون ويستطيعون ان يختفون عن الانظار ، فلماذا لا تظهر تلك النوازع الجنسية الجامحة فيهم واقعيا ؟ وعوضا عن ذلك تظهر في الاحلام والامنيات المكبوتة ؟ بمعنى : لا يقوم الطفل باي انجذاب جنسي لابنة الجيران وهو يلعب معها . بل يعاملها كما يعامل الولد ، بينما يحسد اباه على ممارسة الجنس مع امه !! اليس هذا جنونا ليس بعده جنون ؟

كل طفل يريد ان يكون كبيرا ، و هذا همه الاول ، حتى امنيات الاطفال فيما بينهم كلها مسبوقة عندهم بكلمة : عندما اكبر سوف اشتري سيارة من نوع كذا ، وسوف اصبح في المهنة الفلانية ، و غالبا يتمنى ان يكون مثل والده او قريبا منه ، وهكذا كلما كبر يعدل في هذه الامنيات بحيث تبتعد عن واقع والده بعض الشيء .. مما يعني ان الوالد هو مركز اهتمامه في البداية ، ثم يبدأ بزيادة هذه الاهتمامات من غير والده كلما كبر متاثرا بالاخرين .. اذا الوالد هو مركز اهتمام الطفل الاول و ليست الوالدة , والبنت عكس ذلك تماما .. قد يميل الطفل الى امه بسبب قسوة والده او اهماله ، وليس بسبب الجنس ، وقد تميل البنت الى والدها غالبا لانه لا يدقق عليها و يراقبها كما تفعل والدتها ..

الطفل يعرف - بسبب وجود الكبار - انه ليس في الوضع النموذجي ، و انه في فترة انتقالية ضعيفة و قاصرة ، لدرجة انه يكره ان يقال له : انت طفل . و يحب من يقول له : انت رجل أو امرأة . حتى اسم التدليع كلما كبر الطفل يبدا برفضه ، لانه يرمز لطفولته .

وهذا ليس محتما ، بل المحتم بان يرغب ان ينام مع امه و ابيه ايضا ، لانه اذا غابت امه رغب بان ينام مع والده ، و هي صورة واقعية حذفها المخرج . لماذا لا نقول بانه يرغب باستمرار غياب والدته حتى ينعم بوالده الذي يميل اليه فطريا ؟ و كل هذا غير وارد . فالطفل انسان و ليس وحشا صغيرا كما يتصور فرويد .

----------------------------------------
انتهت الحلقة السادسة ..

وتليها الحلقة السابعة بإذن الله ..

الورّاق
04-05-2012, 06:07 PM
الحلقة السابعة :

http://3.bp.blogspot.com/-9UR8sQt9zOI/T32m4JVcT7I/AAAAAAAAAJM/bDfY7kXhtRQ/s1600/72.jpg

قبل ان نخوض في هذا : لماذا لم تظهر الامراض في حينها ؟ انه يتكلم عن مرحلة بعيدة ، و هي ما بعد البلوغ ، اليست لتلك المرحلة ظروفها الصعبة و التي سمي المراهق لاجلها مراهقا ، من الرهق والصعوبة ؟ هل الامراض تختفي ثم تظهر ؟ حتى الفيروسات لا تفعل هذا .. الامراض اذا وُجـِدت ظهرت ، و اذا لم توجد لا تظهر .. اذا كل هذه الفكرة خاطئة اكلينيكيا . العاقل لا يصدق مثل هذا الكلام ، ان هذا يشبه ان يضربك احد ، ثم لا تتألم و لا تحس بالالم من تلك الضربة ولا تصرخ الا بعد خمس سنوات ! اما في حينها فلم تكن تشعر بشيء !

الالم موجود اصلا لكي ينبه على الخطر والضرر في حينه ، و ليس لكي يظهر بعد عشرات السنين . ما الفائدة من ظهور ذلك الألم متأخرا ؟ فرويد بنى كل تحليلاته النفسية لمرضاه على هذا الاساس الخاطئ والغير منطقي ولا العلمي ولا الواقعي . كل ضرر يتعرض له الشخص جسديا او نفسيا يكون اشد ايلامه في وقته . ثم يبدا الالم بالتلاشي تدريجيا .

فرويد يزعم ان مواقف طفولية بريئة و ساذجة ومنسية ، ظهرت بعد عشرات السنين لتكوّن مرضا عصبيا خطيرا ، و هذا كلام غير منطقي اطلاقا . انه يهمش كل مشاكل الحياة عندما يكبر الاطفال ، و يقطع دورها وتاثيرها الذي لا يخفى على احد . ثم يذهب لينبـّش عن اثار منسية في بواكير الطفولة و من خلال الاحلام – فما اضعف هذه الخيوط وابعدها عن العلمية : ذكريات طفولة منسية و يعرفها من خلال الاحلام ! يا للعلمية ويا لقوة المنهج العلمي !! - ليجعلها مسؤولة عن كل ما يحدث للشخص من مشاكل عصبية ونفسية ! كيف تثق بتشخيص طبي يعتمد على هذه الخيوط المتهالكة ؟

الجميع يلاحظ سرعة نسيان الطفل ، فتجده يبكي مثلا وينقلب الى الضحك عند ادنى مثير ، وبقايا دموع البكاء على خده وهو يضحك ، فكيف نصدق كلام فرويد و نحن نرى سرعة نسيان الطفل ؟ ما بالك ان يحتضن هذه الهنات الصغيرة لتظهر بعد عشرات السنين على شكل امراض عصبية وعقلية لا فكاك منها الا بالتفسخ الاخلاقي وتعويض ما فات جنسيا في الطفولة المبكرة ؟ هذا كلام يصلح لغير العقلاء .

ان هذا المنهج الخاطئ في التحليل يشبه شجرة كبرت و اثمرت ثم مرضت ، فياتي فرويد لينبش في جذعها عن اثار ضربات فاس قديمة ! ليجعلها هي المسؤولة عن ما اصاب الشجرة رغم انها عاشت سنينا و هي متعافية !

ان حجة فرويد واحالته على الماضي المنسي ، تشبه احالة الملاحدة المؤمنين بالصدفة المستمرة على ملايين السنين كمخرج آمن لتبرير عدم معقولية الفكرة . و كيف تؤثر فينا و تغير حياتنا النفسية والعصبية أحداثٌ لا نذكرها لضآلتها و نسيناها لتفاهتها ؟ بل لم تحدث اصلا ، و لكنه يحاول ان يحمّلنا اياها من خلال تفسيره للأحلام بعد ان فشل في التنويم المغناطيسي كما يعترف هو ، لكي يجعل المريض يتحدث عن ذكرياته المنسية من تلقاء نفسه .. و قفزه للاحلام ليس الا تعويضا عن فشله في التنويم المغناطيسي .

أيعقل ان تؤثر فينا احداث تافهة ومنسية في حين نذكر الاحداث الجسيمة حتى و نحن اطفال ؟ وهكذا غير العلمي يسير في المنطقة المظلمة دائما وفي ظل الحقيقة و ليس مع الحقيقة . بل و يختلقها اذا لم يجدها لكي يحيل على مجهول ، و مع هذا يتبجح بالعلمية وهو يسير في الظلام الذي لا يدركه حتى صاحب الشأن والقضية .

الامراض النفسية والعصبية تحتاج الى مشاكل بحجمها حتى تكون سببا معقولا لها ، و ليست مشاكل اطفال طواها النسيان . هذا الاحتجاج الغير منطقي يشبه ان تقول لشخص : ان كل مشاكلك النفسية والاجتماعية والعصبية كانت بسبب وقوعك من الدراجة عندما كنت طفلا ! فهل تستطيع ان تنفي كلامي ؟! هذا النوع من التفكير يسمى : الصيد في الماء العكر . لأن تلك الحالات المرضية غير معروفة السبب مباشرة ، فوجدها فرويد فرصة ليربطها بما يريد ، و يجعلها دليلا على تأصل الخبث في النفس البشرية . مما يعني ان فرويد لم يرد الشفاء لمرضاه والعافية بقدر ما ارادها لنظريته المريضة التي تهدف الى افساد المجتمع وابعاده عن الفضيلة والعفاف نتيجة حقد ماسوني نوراني على شعوب الجوييم . و لو انه بحث مع مرضاه في مشاكلهم الحاضرة فكريا و نفسيا واجتماعيا و اخلاقيا ، لكان اقرب لكي ينفعهم ويساعدهم كما يدعي .

شروط السفور :

متى ظهرت الرغبة السافرة في الاحلام بموت احد الوالدين ؟ و من هو الذي يحلم بهذا الشكل ؟ فرويد يتكلم عن رؤية عزيز علينا يموت ، ثم يسميها رغبة ! بدون ان يقول الحلم ذلك ! هي رغبة على مزاج فرويد ! مع انهم يقولون له أنهم يبكون و هم يرون الاعزة عليهم يموتون ، فيقول : بكاؤكم هذا هو من الفرح بموتهم ! و في اسوأ الأحوال يقولون انهم لم يكترثوا بموتهم ، و عدم الاكتراث لا يساوي الرغبة . فكيف يسد الفراغات بكلام من عنده ؟

لا اظن احدا من القراء ظهرت له تلك الرغبة السافرة بأن يموت شخص عزيز عليه ويفرح لذلك . و لا حتى المجنون ربما . و هذه الشروط متحققة مع الجميع ، و صولون لم يكن مجنونا عندما لم يضع عقوبة لقاتل ابيه ، فصولون يتفق معنا و ليس مع فرويد . بعد فرويد وتحليلاته يجب ان يوضع قانون لمن يقتل اباه ! و ليس الرومان فقط ، بل كل البشر يعرفون ذلك الا فرويد ومن يصفق له من المنتفعين بشذوذ افكاره المغرضة . ولو لم تتضح الغائية في افكار فرويد ، لجاز وصفه بالجنون ، و لكنه ليس مجنونا ما دامت غايته واضحة ، سيكون شيئا اخر .

الشرط الثاني :

شخص لا يخطر بباله ان يتمنى موت ذلك العزيز ، بل و يقلق حذاري ان يموت ذلك العزيز ! ثم تقول عنه انه يريد موته ؟!! اذا ما قيمة المشاعر ؟ وما قيمة معرفتنا وتأكدنا منها ؟ هذا يعني ان فرويد يفهمنا اكثر مما نفهم انفسنا . و بموجب هذا الاختراق السافر للنفس البشرية و مشاعرها و لعقول الناس ، يجوز لفرويد ان يقول لشخص يحب الموسيقى : انت لا تحب الموسيقي ! ولكنك تحب تكسير الحجارة او الشاي بالحليب ! يقول ذلك الشخص : انا اشعر بهذا الحب واتعامل مع الموسيقى كل يوم ! يقول له : انها حيلة من العقل الباطن للالتفاف على العقل الظاهر و مراقبته ليس الا !

وهكذا يستطيع ان يمر على كل شيء نقول راينا فيه و بنفس الطريقة ! ما قيمة علم يهمل العقل ؟ فرويد يقدم علم نفس لا يهتم بالنفس و لا باحاسيسها ولا بقلقها ، فاي علم نفس هذا ؟

http://3.bp.blogspot.com/-V78077hcvU8/T32nLYaXPyI/AAAAAAAAAJU/fa0JKs0_uAE/s1600/72+%281%29.jpg

نماذج الاحلام :

الاحلام ليس لها نماذج ، و كل حلم هو كيان مستقل بحد ذاته ، ولا يعيد الشعور نفسه . ولا تكرر الاحلام نفسها الا في حالات خاصة ونادرة ، وهو ما يمكن تسميته بالرؤيا الالهية ، اذا ثبت التكرر بنفس الوضع . و ما يسميه فرويد احلاما نموذجية ، هناك اشخاص لم تمر عليهم اطلاقا ، و ليس كل شخص حلم بالرسوب في الامتحان . و لا كل شخص حلم بموت عزيز ، هذا عدا ان طريقة الحلم بموت عزيز تختلف من شخص الى شخص ، وتختلف في تكررها مع الشخص نفسه . الاحلام صدى الشعور ، والشعور لا يتكرر بنفس الصيغة ابدا . اذا عنده خطأ منهجي وهو تصنيف الاحلام الى نماذج متكررة عند كل الناس .

ليس لنا شعور واحد تجاه اي شيء ، حتى لو كان ذلك الشيء يتكرر في حياتنا . فحبك لصديقك قبل اسبوع ليس هو نفسه حبك له اليوم ولا غد ، مع ان كلها يقال عنها محبة . حتى استماعك لنفس الاغنية ، في كل مرة تسمعها ، تسمعها بشعور مختلف . فالشعور لا يكرر نفسه والا لصارت الحياة عبثية . نحن في كل يوم و كل ساعة غيرنا في الساعات الماضية و غيرنا في الايام الماضية . لا يوجد في الحياة شيء ثابت ولا متكرر طبقا للاصل . اذا لا يوجد نماذج لمشاعرنا ولا لاحلامنا ولا توجد احلام نموذجية تتكرر عند كل البشر .

تحليل الحلم بالامتحان :

عبقرية و تحليل لا يستطيع المرء الا ان يضحك امامها !! انها صدمة الفكاهة ! و امتحان للقدرة على الضحك لاطول وقت ! هذا بالضبط هو الشعور الذي انتابني عندما قرأت هذا التحليل العجيب وليس تهجما مني .. امتحان مادة الكيمياء في حقيقته امتحان في القدرات الجنسية و استمرارها !

هذه الاحلام تزور اطفالا في الابتدائية لم يعرفوا الممارسة الجنسية حتى يخافوا من فقدان استمرارها وتفوقها !

اتيان الطفل لافعال جنسية :

وهنا فكاهة اخرى ..

الشعور لا يبدد طاقاته ، فرسوبه في مادة معينة ، اخذ حقه من الانتباه و اللوم . بقي ان ينبهنا الشعور للامور التي نأمن منها . و هنا يكون للحلم فائدة . لأن من مأمنه يؤتى الحذِر ، و كم مرة تتضرر درجاتنا او نرسب في مواد كنا واثقين من تفوقنا فيها . فما فائدة الحلم في ان يجعلك ترسب في الطب الشرعي وانت قد رسبت فيه ؟ و صرت تخاف من تكرر الرسوب فيه في اليقظة ؟ و هذا يؤيد كلامي بأن الأحلام من اهم وظائفها التنبيه والتحذير ، اي منطلقة من خوف وليس من رغبة . ما الفائدة من أن يخوفك الحلم من مادة خفت الرسوب فيها ، لانك قد رسبت فعلا ؟

و ما دخل الجنس في هذه الامور ؟ و هل انتهت مشاكل الانسان بحيث لا يهتم شعوره الا بالفزع من ضعف جنسي قد ياتي في اخر العمر ؟ بينما هو يخوض معارك الحياة والامتحانات الدراسية الصعبة وهو في اوج تأجج طاقاته الجنسية التي تزعجه حتى عن الدراسة ؟ كأن شعور الانسان لا يعنيه شيء الا الجنس ! مع ان الجنس له غاية محددة و هي بقاء النسل من خلال نطفة واحدة تكفي لتقوم بالغرض من بين مئات الملايين من النطف التي ينتجها جسمه في القذفة الواحدة ، فما بالك باعدادها طول الحياة ؟ فلماذا يخاف الشعور وهو يمتلك كل هذه الامكانات الجنسية ؟

ثم ان فرويد فسر هذا الحلم بالخوف ، مع انه قرر منذ بداية الكتاب ان كل الاحلام تنطلق من رغبة !! فهل نسي ما وعد به نفسه ؟ ام انه مضطر هذه المرة ليكسر القاعدة التي بنى عليها كتابه و فسر من خلالها الاحلام السابقة بالرغبة ، بما في ذلك موت عزيز نبكي عليه في الاحلام بأنها رغبة بموته !!؟؟ فلماذا فسر هذا الحلم بالخوف هذه المرة على قدراتنا الجنسية ؟ و لهذا نفزع من الامتحانات المدرسية في الاحلام ؟

كل ما في الامر انه بنى على قاعدة ليست صحيحة ، فنسيها و عاد الى الاصل ، أي ان اصل الاحلام خوف . فأثبت بنفسه هذا الاصل من دون ان يدري .

كلما ذاق الشعور الامن والرضا عن الذات ، كلما كان هناك فسحة لظهور الاحلام السعيدة ، ولا يعني هذا انها ستدوم ، فلا بد ان تاتي احلام تحمل الخوف ، لكن ذلك الخوف غالبا يكون لاسباب خارجية . أما من يحلم باحلام الخوف الذاتي الداخلي و ضياع الهدف من الحياة ستكون الاحلام السعيدة بعيدة عنه . الاحلام السعيدة هي معيار الصحة الداخلية ، حتى الاحلام التي تحمل خوفا من الاخرين و ظلمهم واخطاؤهم لم تخرج عن احلام الصحة النفسية . كما انه لا توجد احلام سعيدة بكاملها ، وهذا طبيعي ومنطقي؛ لان مشاعر الخوف هي اقوى المشاعر واخطرها ، وبالتالي تتسرب حتى الى الاحلام السعيدة . الانسان و هو مستيقظ اقوى مشاعره واكثرها حضورا هو الخوف بصور متعددة و مختلفة الدرجة ، والامر كذلك نفسه و هو يحلم في المنام .

بعبارة اخرى : اذا كانت احلامك تؤيد منهجك في الحياة ، فهذا دليل على الرضا الشعوري ، حتى لو كان فيها بعض التخويفات فهي تخوفات منطقية . لكنها تشير الى السلام الداخلي . إن مقياس الصحة النفسية والنفس المطمئنة هو ان تنطبق مشاعرك وافكارك وأنت تحلم على افكارك واخلاقياتك و أنت مستيقظ , بحيث لو ان هذا الحلم وقع في الواقع لكان تفكيرك و شعورك هو نفسه. حتى لو كان في الحلم مشاعر خطر او خوف ، سيكون الوضع نفسه لو حدث هذا في اليقظة .
كل شخص يسير في طريق خاطئ تجد أحلامه ضده وليست تؤيده.
التجارب الشعورية والاخلاقية التي نمر فيها في الاحلام بصور قد لا تقع في واقعنا ، هو تدريب واعداد لنا حتى نفكر بتلك الطريقة لو وقع ما يشبهها ، و تطابق الاحلام مع واقع الشخص النفسي و الفكري ، دليل على صدقه مع نفسه و وضوح منهجه ، و له ان يطمئن ويعتبر نفسه صحيحا نفسيا . كل الاحلام التي تحمل الضياع و عدم وضوح الرؤية وعدم القدرة على الحل لا تدل على ان الشخص يحمل افكارا ترضي شعوره و يثق بها . اما الاحلام التي تظهر ردود افعالنا على انها سليمة حتى لو كان الجو مليء بالمخاطر ، فانها تدل على الثقة الشعورية بافكارنا ، ولكنها تحذرنا من مخاطر قد تقع من الاخرين او من الظروف ، او تعدنا لامتحانات اصعب يجب ان نتجهز لها قبل وقوعها .

احلام الضياع واحلام السقوط في الهاوية و التي تنتهي بدخول منطقة مظلمة ، تدل على عدم وضوح الرؤية في الداخل . وهذه المنبهات على عدم الانسجام بين المشاعر والافكار تظهر عادة في اول النوم كومضة سريعة . تختلف هذه المنبهات من شخص الى اخر لكنها تتفق في الروح الواحدة حيث تحمل رسالة مفادها ان طريقك في الحياة غير واضح المعالم ، بمعنى آخر : ابحث عن طريق افضل . حتى تكون انت هو انت . في اليقظة او في الاحلام ، و بنفس ردود الافعال الواضحة و المجدية . و هذه الحالة لا تكون ابدا الا لمن عرف الله واسلم حياته كلها له ، حينها تكون احلامه مدرسة له و مؤيدة لافكاره . بل تحثه على التمسك بها .

وحينها يستطيع الانسان ان يعرف حتى نواقصه من خلال الاحلام . فالحلم مثل الرائد ، والرائد لا يكذب اهله . احلامنا لا تغشنا بل هي خير ناصح لنا . انها على عكس ما تخيل فرويد تماما ، انها تستغل رقابة العقل الواعي الذي صنعته اختياراتنا مما يقدم مجتمع المصلحة ، فتخرج لكي تبصّرنا بما نحن محتاجون له فعلا ، لماذا شخص ناجح في حياته المادية والعملية و يحلم احلاما تدل على الضياع والرعب ؟ مع انه في الواقع يقال عنه انه ناجح و ذو بصيرة ؟ اذا الحلم لا يغش صاحبه و يخبره بالحقيقة بدون نفاق وليس كما يفعل المجتمع في نفاقه للنجاحين ماديا واجتماعيا .

على قدر ما يظهرك الحلم بانك سيد الموقف و تعلم الطريق الصحيح ، على قدر ما هو يشجعك على طريقة تفكيرك . و يعرف الشخص حينها انه غير منافق و انه لم يلزم نفسه بشيء لم يقتنع به . حينها لن تقول عن نفسك انك لم تفهم نفسك و انك تتبنى افكارا ليست لك ، لان شعورك من خلال الاحلام ايدها و لم يعارضها ، وهذا يعني الانسجام بين الاختيار والشعور . وهذا من علامات النفس المطمئنة . فاطمئنانها معها حتى وهي في المنام (يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية) .

الشخص المؤمن والمتبني للفضيلة يجد نفسه في الاحلام يمر بفتن واخطار ويخرج منها ناجيا هذا هو الحلم السعيد . لأن الدنيا ليست جنة ، و جنتها هي الافكار السليمة والصحيحة . احلامنا تتأثر بتغير افكارنا وتتغير معها ، و ليست وليدة ذكريات منسية كما يتخيل فرويد ، فالشخص الذي عرف منهجا سليما و مقنعا لحياته ، تصبح احلامه افضل فيما بعد ، اذا الاحلام من بنات الشعور و ليست من بنات الذكريات المنسية ، لانها تتغير مع تغير افكار الشخص و تغير مناهجه في الحياة . فالشخص الذي كان ماجنا ثم اصبح عفيفا ، ستكون العفة معه في الاحلام مع انها لم تكن معه من قبل ، ولا يستطيع ان يمارس الجنس المحرم في احلامه . اذا اين هي الرغبات ؟ بل اين هي الرقابة ؟

في هذه الحالة تكون مشكلة الشخص المستقيم في حياته هي مع الخارج و ليست مع داخله . فالاستبصار في اليقظة في الامور المعنوية و الاخلاق يعني استبصارا في الاحلام ايضا . ولو قال فرويد : هذا تدخل من العقل الواعي ، فسنقول له : اذا لماذا الشعور بالنفور والكراهة ؟ والناس لا يعطوننا شعورا بل افكارا . ولو كانت الرقابة تتدخل كما يقول فرويد ، لدخلت الرقابة و ناقضت الشعور القائم فجأة ، كأن يكون الشخص يحلم انه يقتل احدا ظلما و فجأة يصحو ضميره ، و كل هذا اثناء الحلم ، فمثل هذا لا يكون ، ما يثبت خطا فكرة تدخل العقل الواعي التي يعتمد عليها فرويد ، لان التدخل سيعني تناقضا في الحلم بين المشاعر والافكار مع نفسها ، وهذا لا يكون . اذا فكرة تدخل العقل الواعي افتراضية وليست واقعية ولا تشهد عليها الاحلام . اما ان يكون رفض هذا الشيء في البداية ، فكيف تكون الرقابة التي تدخلت ؟ الا ان كانت هي التي انتجت الحلم كله ؟ و مثال آخر : لا يمكن ان يحلم احد بأنه يسرق وهو يعرف انه يسرق ، ثم فجأة يندم على فعلته في حلم واحد ، و الا لكان تدخل الرقابة حقيقي . لان الشخص لا يستطيع ان يحوي نيتين في وقت واحد .

الاخطاء التي نخاف من وقوعها في الاحلام هي من سوء فهم الاخرين لقصدنا ، لا يمكن ان تكون لك شخصيتين او نيتين في الحلم ، فأول الحلم ترى انك مجرم ، و في اخر الحلم تكون ملاكا ! هذا لا يقع . ما يجري في الاحلام يجري تماما في الواقع ، لا يمكن ان تكون الدكتور جيكل والمستر هايد في الوقت نفسه ، فأحدهما خير و الثاني شرير في شخص رجل واحد . لو سلمنا بما يقول فرويد بتدخل الرقابة ، لكان علينا ان نصدق بان كل البشر عبارة عن دكتور جيكل و مستر هايد : شخصيتان متناقضتان في شخص واحد ، ومثل هذا لا يكون .

افكارك التي تتبناها وانت مستيقظ هي نفس افكارك وانت تحلم ، رغم اختلاف المكان والزمان . الشخص الذي يختار افكارا غير طبيعية كاسلوب في حياته و قائمة على الانانية والمصلحة (شر فقط) ، لا تصاحبه في احلامه . بل ستكون احلامه من النوع المزعج ، مما يدل على ان الاحلام تاتي من الشعور الرافض للافكار السيئة و ليس من الاختيار ، والشعور حقيقة مستقل عنا ، و لا يقبل الا ما هو حقيقي من افكارك و يتعامل معها . ومن اختار الحقيقة طريقا لحياته ، سيجد ان افكاره تلك مؤيـَّدَة من طرف احلامه.
من الملاحظ أن أحلامنا دائما تركز على نقاط الضعف عندنا لكي نحصنها أكثر. بعبارة اخرى: الأحلام معنية بالفضيلة وتركز على نقاط ضعفنا فيها أو بعدنا عنها, وهي تركز على المخاوف ، حتى الشخص الذي يشعر بالبرد لا يحلم بمكان دافئ ، بل يحلم أنه في العراء أو على ثلج , ثم يحدث في الحلم تخويف أو خطر بعدها يستيقظ الشخص, و لو كانت الأحلام مبنية على الرغبة لحلم بالدفء, فالحلم لا يضيع الوقت , إنه يؤدي هدفين في وقت واحد : يريد أن يوقظك من البرد وبنفس الوقت يريد أن ينبهك لخطر محتمل ليس له علاقة بالبرد . حتى النائم الجائع إذا حلم بالأكل ، لا نستطيع أن نقول أن الدافع هو الرغبة , يصلح أن نقول هو الخوف والاستحثاث الذي دفعه لكي يحلم بالطعام خوفا من عواقب الجوع حتى يستيقظ , و كثيرا ما يحلم الإنسان بالطعام وهو ليس جائع , فيكون مجيئه ليس لذات الطعام بل لهدف آخر.

الحلم خير دليل على واقعنا النفسي, وعلينا ان نحترم هذه الدلالة. الأحلام ليست لعبا, فالحلم هو أفضل مخرج افلام في العالم.

--------------------------------------

انتهت الحلقة السابعة

و تتبعها الحلقة الثامنة باذن الله ..

الورّاق
04-11-2012, 07:11 PM
الحلقة الثامنة :

http://2.bp.blogspot.com/-x6EPPab3-K0/T4Wh7tky-NI/AAAAAAAAAKQ/tXAw83Ghyqo/s1600/76.jpg

لماذا يعتمد على الرمزية اذا ؟ الاقدمون كانوا يعتمدون على الرمزية ، فما فرقه عنهم في منهجه ؟ هم ايضا يقولون : ننطلق من الرمز الى المعنى الباطن !

ولماذا لعبة القط و الفار يلعبها الشخص مع نفسه ؟ اليس نائما ؟ وبعيدا عن عالم الواقع ؟ واذا كان الانسان يفعلها في يقظته ، فما الذي يجبره على فعلها في منامه ؟ و ما الفائدة من ذلك ؟ كأن حال اليقظة والمنام شيء واحد عند فرويد ، مع ان عالم الاحلام عالم اخر غير عالم الواقع .. اذا هذه الرقابة لا فائدة منها .

وما جدوى المصادرة فالمجتمع غير موجود معنا في احلامنا حتى يسجل علينا مآخذا و عيوبا .. لماذا الخوف اذا من الناس و هم غير موجودين ؟ هذا كلام غير مقنع . لأنه يجعل الانسان يعمل عملا لا فائدة منه على الاطلاق . لنفترض ان الرقابة غير موجودة في الاحلام ، هل ستهتز صورة الانسان عند المجتمع ؟ طبعا لا ، لانهم لا يعرفون احلامه ما هي .. اذا ما فائدة عملية الرقابة ؟ فائدتها ان تؤمّن لفرويد مخرجا امنا حتى لا يعترف باصالة الفضيلة في شعور الانسان .

فرويد مؤمن ان الاخلاق يفرضها علينا المجتمع و نحن في عالم اليقظة، و يريد ان يطبق هذا حتى على عالم الاحلام ، حتى مع ان المجتمع غير موجود فيه وجودا حقيقيا . لان فرويد وجد ما لم يحب في تتبعه للاحلام ، و هو ان الاحلام ايضا تحترم الفضائل والقيم ، لهذا ادخل الرقابة الواقعية على عالم الاحلام ، لكي يبرئ الانسان من كل فضيلة ، و كانه يقول : المجتمع معك ، سواء استيقظت او نمت ، والا فانت شر خالص في حقيقتك .

فكرة واهنة تقوّى من خلال عكازات ، لانها ليست حقيقية في عالم اليقظة ، وعالم الاحلام كشف زيفها . اين هي الرقابة عن تناقض الصور في الاحلام ؟ وتداخل الازمنة ؟ والتحدث مع اناس ماتوا من زمان ؟ لماذا لم تصحح الرقابة هذه الاوضاع الغير منطقية ؟ اذا لا توجد رقابة على الاحلام اصلا ، لسبب بسيط وهو ان الرقابة مرتبطة باليقظة و الوعي ، ونحن امام شخص نائم لا يعي ما حوله .

الرقابة عرفها فرويد في عالم اليقظة ، اذا هي مرتبطة بذلك العالم فقط . فعلى اي اساس يربطها بالمنام والاحلام ؟ لا يوجد اساس واقعي و لا علمي لهذا الربط .

لا يوجد تنكر في الحلم ، و لماذا التنكر ؟ لا يوجد اشخاص ولا مجتمع هنا . الشعور يريد الا يختلط الحلم مع الذكريات الواقعية ، لهذا يحصل هذا التقطيع و الربط الذي نتصور انه عشوائي ، مع انه ليس كذلك . و اذا عرف السبب بطل العجب . ولو كانت الاحلام كلها تجري على نفس منطق الواقع ، لاختلط الواقع علينا بالاحلام . وهذا الامر كافي لان يجعل المرء مجنونا ، فيشهد بوقوع شيء لم يقع ، و لا يعلم أرآه في الحلم ام في الواقع ..

اذا لا بد من عملية التقطيع ، وهي اجراء صحي يقوم به الشعور حتى لا تضطرب الذاكرة . ومع هذا ايضا ، يعمل الشعور على مسح الحلم خوفا من بعض الاختلاطات في الواقع ولو كانت جزئية ، الا اذا اراد الشخص ان يثبّته في ذاكرته على انه حلم ، و الا فطريقه الى المسح سريع ، منذ ان يفتح عينيه على عالم اليقظة . لكن الشعور المصاحب للحلم يفعل فعله في اليقظة ، حتى ان احلامنا تؤثر في مشاعرنا في اليوم التالي . اذا الحلم ادى مهمته دون ان يضر بالذاكرة والعقل والمصداقية . و كما قلنا ان اساس الحلم هو مشاعر .

التيارين السطحي والخفي :

ما الفائدة اذا كان صاحب الحلم لم يفهم هذه اللغة ؟ ام ان من فعل الحلم يعلم بوجود محلل نفسي كبير اسمه فرويد سيحل هذه الالغاز عندما يعرض عليه الحلم ؟ و اذا لم يكن فرويد موجودا ، من سيحل هذه الشفرة الهيروغليفية ؟ اذا الاحلام عبارة عن عبث في هذه الحالة ولا فائدة منها .

http://2.bp.blogspot.com/-2An-aNk-Ruo/T4WidT2RVDI/AAAAAAAAAKY/sGaD9Ef1xpI/s1600/76+%281%29.jpg

ما فرقه هنا عن المحللين و المفسرين السابقين؟ هم يأخذون الصور كمفردات معزولة عن بقية صور الحلم و المشاعر السائدة فيه .. أراد ان يخالفهم ففعل مثلهم تماما . ونعلم ان اي رسالة يتم فهم مضمونها ليس من خلال حرف فيها او كلمة واحدة ، بل من منظومة الحروف التي تشكل كلمات و جمل . إذا هو يريد ان يفهم الرسالة من حرف واحد يختاره هو ، بحيث يكون متناسب مع فكرته المسبقة .

اخذ صورة واحدة وتعميمها على الحلم بل وعلى حياة الشخص كلها ، إن لم تكن هذه هي الانتقائية بعينها ، فماذا تكون ؟ وان لم تكن هي تعميم الجزء على الكل ، فماذا عساها ان تكون ؟ ان هذا خطأ منهجي في دراسة اي شيء .

الحلم لا ياتي عبارة عن صور مفككة ، بل ياتي على شكل رسالة ذات مونتاج واحد . نعم قد ياتي اكثر من حلم في الليلة الواحدة ، و هذا يدل على ان كل حلم مستقل عن الآخر ، أي انه رسالة او قضية مستقلة عن الاخرى . و اذا كان هذا منهجه ، فما اسهل ان يجعل كل الاحلام في صالح فكرته . لانه سيبحث عن جزئية مناسبة او صورة واحدة كما يقول ، ثم يبني عليها كل ما يريد ، فيحرّف الحلم عن هدفه الاساسي الى الهدف الذي وضعه مسبقا هذا المفسر ، ليستدل من خلال الاحلام على تأصل الشر و سيطرة الغرائز الحيوانية و نفي الغرائز الانسانية في الانسان .

حتى لو كان الحلم اخلاقيا فسوف يتحايل عليه ويقول انه من تاثير العقل الظاهر و يلتقط صورة او جزئية و ينطلق وراءها لما يريد . هذا الشيء تستطيع ان تفعله في الرسائل والخطابات العادية بين البشر ، و هذا ما اخذه النقاد على المدرسة النفسية في النقد الادبي المعتمد على فرويد ، و الذي اخرج كل الادباء بانهم عبارة عن مرضى نفسيين و يعانون من الكبت الجنسي و عقد النقص والامراض العصابية ، حتى لو كانوا يتغنون باماجد الاخلاق في شعرهم ، بحيث يبحث عن كلمة لها اكثر من ايحاء و يصرفها الى الايحاء الذي يريده هو ، ويقول ان الشاعر عبر عن غرائزه من حيث لا يدري .

فكرة تقويل الناس ما لم يقولوا هي ابعد ما يكون عن العلمية واقرب من الهوى و ما نريد ان يكون وليس ما هو كائن ، وتـُصنف من ضمن الاخلاق السيئة . اذا منهج فرويد اصلا غير علمي . لأنه يترك كل الحلم ويختار لقطة بسيطة فيه و يفسر من خلالها كل الحلم . هذا يشبه من يفتح صفحة واحدة من كتاب ، و يحكم من خلالها على كل الكتاب . هذا لا يعتبر من المنهجية العلمية ، المفترض ان يدرس كل الحلم دون انتقاء حتى تكون دراسة علمية . بل لا يكفي حلم واحد لاصدار حكم على نفسية الشخص .

التيار السطحي والتيار الخفي :

هنا ربط فرويد بين كل الاحلام و الذكريات ، فرويد يرى ان الاحلام ليست الا ترجمان الذكريات ، بل و الذكريات المنسية : على اي اساس علمي بنى هذا الربط ؟ لماذا الاحلام عنده فقط لذكريات ؟ وما فائدة تجرر الذكريات ؟ و ليته ربط الاحلام بكل الذكريات على الاقل ، انه يربط احلام البشر كلها بذكريات عن اشياء مرغوبة و مكبوتة ! هذا كله بلا دليل علمي ! حتى ان الشخص يحلم باشياء مستقبلية بعض الاحيان ، اي بعيدة عن ذكرياته و عالمه ، وفرويد سوف يعيده بالقوة الى ذكرياته الشهوانية المكبوتة .. هذا شخص يحلم في المستقبل !! ليس يحلم في ذكرياته ! ولو شاء الحلم لاحضر له ذكرياته !

لو حلم شخص بانه قتل فمات ، ثم قام من موته ، لفسرها فرويد برغبة جنسية مدفونة ! ثم صار يلف و يدور ، وسوف يفسر القتل بفقدان القدرة الجنسية ! و الموت بحالة كمون جنسي ! و البعث والوقوف من القبر بنهضة الشهوة الجنسية و ازدهارها ! وهكذا يستطيع كل شخص ان يفسر مثل فرويد ، لانه سهـّل عملية تفسير الاحلام ، لانه ربطها بالجنس ، فكلما عرض امامك حلم ، ما عليك الا ان تربطه بالجنس باي شكل من الاشكال ، و ستجده يعجب فرويد و اتباعه ! نستطيع ان نربط مثلما فعل فرويد كل الاحلام بشيء واحد ، فنقول مثلا : كل الاحلام تدور حول جمع الثروة و التملك ، فهذا الذي حلم انه مات ثم استيقظ من موته ، هذا اشارة الى رغبته في ان يكون ثروة من جديد بعد ان خسر ! و نستطيع ان نفسر كل الاحلام بالرغبة في الحياة ، فهذا الذي يحلم بانه قام بعد موته ، يشير الى رغبته بان لا يموت ! وهكذا ..

التفسير و الربط النظري لا حد له ، لدرجة انك تستطيع تفسير كل شيء بكراهية الجوع و طلب الشبعة . فهذا الذي يحلم انه مات ، اي يخاف من الجوع ، و يحلم انه قام من موته ، اي انه شبع !! الى ما لا نهاية من هذه التفسيرات السخيفة التي تحصر الانسان المتعدد في شيء واحد . و ما اسهل التأويل والتعسف والانتقال من المعنى الظاهر الى المعنى الباطن اذا لم يسعفنا المعنى الظاهر .

فرويد متاثر بالكابالا اليهودية التي تفسر النصوص بمعاني باطنية بعيدة جدا عن ظاهرها و يختلقها المفسر . والكابالا اساس فكرة التفسير الباطني للنصوص . و فرويد ادخل الكابالا من تراثه اليهودي الى الاحلام والمجتمع والنفس البشرية .

والتكثيف الذي يشير اليه هو اعتراف بالاختزال والانتقائية التي سيقوم بها ، وهذا ليس من المنهج العلمي .

http://3.bp.blogspot.com/-sQEufpEPAXk/T4Wiv2LA_KI/AAAAAAAAAKg/K6nFnnatkGo/s1600/76+%282%29.jpg

هذه نتيجة وصل اليها بدون دليل ويريد ان يجعلها اساسا في البحث .. لماذا لا تنشط النفس الا لذكريات ؟ هذا حصر بدون سبب مقنع . ولو كانت الذكريات مهمة على النفس فلماذا تنساها ؟ الذكريات تعني الماضي ، والماضي لا قيمة له مقابل المستقبل . اذا المنطق يقول هدف الاحلام هو المستقبل و ليس الماضي وتجرير ذكرياته .. نحن لا نعرف انفسنا في الماضي ، بل نعرف انفسنا في الحاضر اكثر من ان نعرف انفسنا في الماضي . كل شخص سوف يتفاجأ عندما يرى نفسه على شريط فيديو او صور قد التقطت له في ماضيه البعيد دون ان يدري . سوف يرى شخصا مختلفا . ولو كانت الاحلام استجرارا للماضي ، لكنا نعرف انفسنا في الماضي بشكل جيد و كل ليلة . اذا لماذا نتفاجأ عندما نرى انفسنا على شرائط قديمة و لا نتذكر انفسنا ولا حتى و نحن في تلك الحالة ؟ بل و ننتقد انفسنا لماذا لبسنا هكذا او لماذا قلنا هكذا ..

اذا فرويد يبني على اساسات غير سليمة ، ليست الذكريات هي همّ الانسان بل المستقبل ودائما المستقبل ، بل ان المستقبل اهم عندنا من الحاضر . و نستطيع ان نضغط على انفسنا في الحاضر مقابل الازدهار في المستقبل . اذا فرويد جعل الاحلام و النفس البشرية تتحرك نحو الشيء القليل في قيمته والفاقد لاهميته وهو الماضي ، بل الماضي السحيق ! وتدور حوله ولا تفارقه ! مع انها تعلم ان الماضي لا يعود . فرويد يفسر بطريقة رجعية .. كل شخص يركز على الماضي ويعيش فيه ، يـُنتـَقد في عقله لان الماضي ولى وانتهى .

تفسير الاحلام عند فرويد ، هو نفس الوقوف على الاطلال عند امرؤ القيس و شعراء الجاهلية ، اي ان احلامنا هي وقوف على الاطلال في كل ليلة على مبدأ (قفا "كبت" من ذكرى حبيب و منزل .. بسقط اللوى بين الدخول فحومل) . و هذا ضد التجدد و الحيوية و ضد المنطق والعقل .. النفس عند فرويد تبذل مجهودات لا فائدة منها ، لانها تبكي على الماضي و تعيش ذكرياته !

و فرويد ليس بهذا الغباء ، انه عندما يربط الاحلام بالذكريات القديمة ذات الرغبات المكبوتة ، فكأنه يقول : عليك ان تصحح الوضع الذي كان في الماضي . بحيث تحرر ذلك الكبت حتى لا يلاحقك في احلامك وتفك العقد والامراض النفسية المرتبطة بذلك الكبت ، اي التحرر من الدين والاخلاق حتى تكون سليما نفسيا و تنام نوما خاليا من الاحلام .

و حتى نثبت خطأ فكرة فرويد عندما قال ان الاحلام صدى الذكريات المكبوتة : لنفترض ان شخصا نفذ كل تلك الرغبات المكبوتة : هذا يعني على منطق فرويد انه لن يحلم ! و سوف ترتاح النفس من تجرير الذكريات ! لا احد يصدق ان هذا سيكون ، مع ان كثيرين استجابوا واطلقوا العنان لشهواتهم بشكل اكبر مما طلبه فرويد ، فازدادت احلامهم سوءا و رعبا و نومهم نكدا . اذا منهج فرويد خاطئ من هذه الزاوية الضيقة التي حشر نفسه فيها .

بنية الحلم :

الحلم ينطلق من الذكريات القريبة و ليس من الذكريات البعيدة . الم يقل فرويد ان احداث اليوم السابق لها علاقة بالحلم ؟ الحلم ينطلق منها ، أي من شيء سمعناه او رايناه او قلناه حتى ، لكي يبني بحريـّة مشاهدا تلفها و تنتظمها المشاعر ، و دائما تحمل رسالة . و اغلب ما تكون رسالة تحذير ، حتى الرغبات تظهر في اطار التحذير من الاضرار التي قد تنجم عنها .

الحلم ليس وضعا مجنونا ، ولكن له منطقه المخالف للمنطق المعتاد ، حتى لا تلتبس على الذاكرة الاحلام مع الواقع . ترتيب المشاهد في الحلم مجنون ، ولكن الروح والفكرة والشعور والهدف عاقل جدا ، بل اعقل من الشخص وهو مستيقظ . و من هنا كانت الاحلام مفيدة لكي نعرف ما نخاف منه و ما لا نثق بانفسنا فيه وما يجب ان نكون وما يجب ان نفعل وما يجب ان نحتاط له .

النقطة الاساسية في الاحلام هي الخوف وليست الرغبة .

لاحظ ان الاطفال - بل حتى الكبار - عندما يرون فيلما او يسمعون قصة عن السحر او العفاريت ، او الحيوانات المفترسة ، غالبا ما تنطلق منها احلامهم . فرويد يعرف انه اذا تابع الحلم كله سيجد هدفا لا يناسبه ، لهذا قال ان الحلم يعتمد على التكثيف ، اي ياخذ جزئية و يقول ان الحلم كله تكثف من هذه الجزئية . انه مضطر لان يجعل منهجه بهذا الشكل . لان الاحلام سوف تفضح تفسيراته ، بل تفسيره الوحيد و الخبيث الذي يدور حوله .

-----------------

انتهت الحلقة الثامنة
وتتبعها الحلقة التاسعة بإذن الله ..

الورّاق
04-18-2012, 07:59 PM
الحلقة التاسعة :

http://1.bp.blogspot.com/-vicBO9qjjVY/T47kczfqZZI/AAAAAAAAAKs/4ZSmWcvD2gA/s1600/75_page_075.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-2NsV0y2di8g/T47k1qvzfoI/AAAAAAAAAK0/JapLcVf8ORs/s1600/80.jpg

الشارع يشير الى العشيقة السابقة !! انظروا الى دقة الربط و وضوح العلاقة !! ما اسهل تفسير الاحلام بهذا الشكل ! فرويد لا تقف الشوارع ولا البنايات عثرة في طريق وصوله الى ما يريد . ما الذي يمنع الحلم ان ياتي بتلك العشيقة ؟ مع انك عندما كلمته عنها ، تكلم عن علاقته بها بدون تحفظ ، فهل عقله الظاهر يمنعه من ذكرها و هو نائم ولا يمنعه وهو مستيقظ و يشرح لك قصة حبه ؟ و لماذا الحلم عبر عنها بشارع فقط لانها مرت فيه او تسكن فيه ؟ هناك اشياء كثيرة تتعلق بها وليس فقط شارعها .. لماذا لم ياتي بها الحلم مباشرة مثلما اخبرك بها مباشرة ؟ ليته عبر عنها بمزهرية على الاقل ، او على الاقل رمزاً لها بشيء يشبه المرأة أو يتعلق بتلك المرأة كحقيبتها مثلا ! الشوارع لا تشبه النساء باي حال من الاحوال !

اذا على هذا الاساس ، البنايات هم الرجال او السيارات ، ما دامت النساء هي الشوارع ! و ماذا عساها ان تكون الانفاق والجسور ؟ اي تفسير علمي هذا ؟

http://3.bp.blogspot.com/-HxWNPC9lm9M/T47lQCYf7wI/AAAAAAAAAK8/rOAWM50c_mQ/s1600/80+%281%29.jpg

و لماذا ملك ايطاليا بالذات ؟ هذا الحلم قلب للواقع و بطريقة واقعية ! هل من القراء احد حلم بهذه الطريقة ولو لمرة واحدة ؟ هذا فيلم و ليس حلم ، و اتحدى ان يكون احدا حصل له مثل هذا الحلم الذي يقلب الواقع بتفاصيله . مما يدل على فذلكة فرويد لهذه الاحلام التي يسوقها . و السبب ان هذا الحلم مرتبط بالواقع ، فيسير عليه و يقلبه . و عالم الاحلام اصلا عالم مفتعل وغير عالم الواقع ولا يتقيد به ولا يتقيد بمنطقه المادي الواقعي . والا لاختلط مع الذكريات ، و هذا الشخص كيف عرف ان ما رآه حلماً ، مع ان الشارع هو الشارع والاحداث كلها عادية ويحصل مثلها في الواقع ولكنها بالمقلوب؟

الم يتكلم فرويد عن سفينة تقع في سطح دار ، و عن شخص بلا راس ومع ذلك يمشي !؟ فلماذا في هذا الحلم نجده مرتبطا بالواقع ؟ انا اجزم ان هذا ليس حلما حقيقيا او ان المعلومات التي يسوقها باسم التحليل ليست حقيقية ولا اتوقع ان يكون احد قد حلم بهذه الطريقة . طبعا احلام اليقظة تصنع مثل هذا ، لكن احلام المنام لا تصنع مثل هذا ابدا . والا فلن تكون احلاما ، لان الاحلام لا تكون منطقية بالكامل ، وهو جعلها مرتبطة بالواقع و ان كانت تقلبه . هذا يعني ان الحالم يعي الواقع ويمشي على تفاصيله و يقلبها ، و هذا غير واقع في عالم الاحلام ، والا فما الفرق بين العالمين ؟ مع ملاحظة ان الحلم لا يعي الواقع ، والا لتعامل معه كما هو دون ان يقلبه او يعيد تركيبه ..

من نعمة الله ان منطق الوعي في اليقظة مختلف عن منطق الوعي في الحلم، والا لاختلطت الذاكرة و فسدت ، وهذا ما لم ينتبه اليه فرويد ، مما ادى الى اكتشاف تلاعبه في احلامه التي يسوقها ، وعندما يقول انه احد مرضاي او يسوق اسما ، فهو يعرف ان لن يحقق وراءه احد . المهم عنده ان تنتشر فكرته المحورية ، وهي الاصل الفاسد للانسان .

حلم المسنة :

ها هو يفضح نفسه : اخبرها بالنتيجة قبل ان يسمع الحلم كما يقول هو !

http://3.bp.blogspot.com/-T6QkQtrnO1E/T47lhSJhLYI/AAAAAAAAALE/ZLkgjGsg97s/s1600/80+%282%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-Qjsx0NIOC3s/T47lqtc_gfI/AAAAAAAAALM/1ai_7dJkuP8/s1600/80+%283%29.jpg

انتهت العقدة وبدأ الحل كالعادة عندما وجد مخرجا ليأول به الجنس ! و هو لا يفرق بين الغرام والجنس على كل حال .. انه ينبش وراء مرضاه عن اية علاقة غرامية ، لكي يبني عليها كل تفسيراته ، و لا يخلو احد ان يكون مر بشيء من هذا طيلة حياته ،. انها الانتقائية المفرطة . اي شخص تستطيع ان تنبش وراءه و انت تركز على شيء واحد ، سوف يقول لك : هذا صحيح . ومن هنا صدقه الكثيرون مع الاسف .

افضل مفسر للحلم هو صاحبه وليس شخص اخر ينبش وراء شيء معين يريد ان يصل اليه .

العلاقة بين الخنفساء والعشق :

ما اوضح هذه العلاقة بين الخنفساء والعشق ! لأول مرة توجد علاقة بين هذين الشيئين ، وهذا ابتكار يحسب لفرويد .

و ما شأن المسرحيات بالاحلام ؟ وهل كل الحالمين شاهدوا نفس المسرحيات التي شاهدها ؟ مجرد نص في رواية او مسرحية يكفي لتفسير الاحلام !!

والمرأة غاضبة على زوجها و تقول له اشنق نفسك ، و فرويد يفسر ذلك بانها راغبة جنسيا في هذا الزوج حتى لو كان مشنوقا ، لاجل نتيجة هذا الشنق ! لا يستطيع العقل ان يمشي اكثر من هذا مع هذه التاويلات الشاطحة والغير جميلة في خيالها .

فرويد الان خرج عن تفسير الاحلام و بدأ يفسر الواقع ، اي يفسر كلام الناس وهم مستيقظون تفسيرات جنسية ، و عسى ان يقول اي احد كلمة ، الا ويبحث عنها في القاموس و اصلها اللغوي ، و ان لم يجد بحث في مسرحية او رواية ، حتى يصل الى التفسير الذي يريده !! كم من شخص قالت له هذه المرأة اشنق نفسك ؟ و ماذا نفعل بالنساء التي قالت لهن نفس العبارة ؟ انها عبارة ملازمة في لسانها وقت الغضب . ثم لماذا تعترف ؟ لماذا لم تقل له انها قصدت هذا الشيء ، و لهذا قالت له اشنق نفسك لانها قرأت معناها قبل مدة ؟ اما ان تتصفح كل ما قرا الناس و كل ما فعلوا في حياتهم ، ستجد الكثير مما يناسب تأويلاتك .

http://4.bp.blogspot.com/-VkKG4r7yN-4/T47mQAuo5FI/AAAAAAAAALc/aBM5JTp6_do/s1600/80+%25284%2529.jpg

كل هذه التأويلات من مجرد خنفساء سحقتها النافذة ؟ و خرجنا الى زوجها وعلاقاتها الجنسية من مجرد خنفساء ؟ اذا لو كان الحلم عن سرب من الطيور أو ديناصورات ، فماذا ستكون التفسيرات ؟ المراة في حالة صراع بين مشاعر الرحمة و التقزز ، هي رأت وهي مستيقظة خنفساء وقعت في اناء الماء ولم تستطع ان تنقذها ، اي ماتت رغما عنها ، فجاء الحلم لكي يحذرها انها قد تقع في القسوة من غير قصد ، فهي ارادت ان تطلق ذلك الزوج من الخنافس ، و فعلا انقذتها ، و لكن لما ارادت ان تغلق النافذة حتى لا تعودان ، قتلت احداهما خطأ ، فآلمها هذا الوضع . خصوصا و هي تشير الى مشاعر الرحمة بالحيوانات والحشرات ، ولم يكن يعجبها تقطيع اجنحة الحشرات و تعذيبها من قبل ابنتها ، ما دخل الشؤون الجنسية والمشاعر الانسانية في حلم ليس فيه الا حشرتان ؟

و الحلم اصلا لكي يفهمه صاحبه ، اذا كل شخص يجب ان يمشي معه احد الفرويديين ليترجم له احلامه و رسائلها !! لانه لا احد يستطيع ان يصل الى هذا التفسير الملتف والعجيب من تلقاء نفسه ! اذا لا فائدة للاحلام بدون وجود فرويد ، فرويد ليس مع الجميع في كل صباح لكي يفسر لهم ما رأوا في مناماتهم ، اذا هي عبث من الطبيعة قبل ان يوجد فرويد و بعد ان مات !

المضمون السري :

طالما جعل الجنس اساسا مشتركا في كل الاحلام ، و يقول عنه انه مضمون سري ، و السر شيء والعلم شيء آخر ، فالعلم لا يبنى على اسرار . اذا نحن امام "إصرار" من فرويد وليس اسرار غير علمية ، فالعلم لا يبنى على اسرار ولا إصرار . بل يبنى على الوضوح ، وفرويد يقدم اسرارا لا يعرفها الا هو ولا يقدم وضوحا ، حتى اصحاب الاحلام لا يعرفون هذه الاسرار ولا يحسون بها كدوافع ، بل هو وحده الذي يعرفها . وتتجلى الاسرار له وحده ، ويقدم لها روابطا سخيفة متعسفة ويسميها الادلة العلمية !! بامكان غيره ان يقدم روابطا اقرب منها واكثر معقولية .

الاهتمام الخفي للنفس :

كيف عرف هذا ؟ كيف عرف ان النفس تقوم بالابدال ؟ ام انه مخرج لكي تقبل فكرته التي يعارضها المنطق والاحساس بوقت واحد ؟ مثل هذه الفكرة لا توجد . عليه اذا تبنى فكرة ان يثبت وجودها ولو في شيء آخر ، ما هي الاحوال التي يقوم بها الانسان بالابدال و هو مع نفسه ؟ ينسى المهم ويهتم بغير المهم ؟ طبعا لا توجد ، المهم يفرض نفسه دائما ولا يـُنسى ، بل نحاول ان ننساه ولا نستطيع .. فرويد يتكلم عن بشر غير موجودين في الواقع الا في خياله .

من اخطاء الثقافة الغربية و ولعها بالجديد ، انها تستطيع ان تقبل الفكرة التي لا وجود مشابه لها . وهذا بحد ذاته دليل على ان الفكرة مصطنعة و ليست من ضمن تركيبة النفس البشرية . لا بد حتى تكون الفكرة صحيحة ان يوجد ما يشابهها ، فحتى نقبل فكرة التطور مثلا ، علينا ان نرى اشياء اخرى غير الاحياء تتطور ، وهذا غير موجود ! اذا كل فكرة تفسيرية لا مشابه لها هي فكرة لا علمية ولا منطقية . يجب ان يوضع هذا الشرط لقبول اي فكرة او نظرية تفسيرية ، في حالة عدم توفر التجريب .. فالتجربة المطردة للشيء نفسه هي اقوى ادلة العلم و اعلى درجات توثيقه (التوثيق العلمي) ، فاذا لم يمكن ، فعلى الاقل ان يوجد حالات مشابهة يظهر فيها تطبيق نفس الفكرة التفسيرية ، وهذه الدرجة الثانية .. اما الدرجة الثالثة فهي منطقية الفكرة من حيث قابلية الارتباط بالحقائق الاخرى و وضوح الغاية والمنطلق فيها .

يجب ان يوضع هذا الشرط لقبول اي فكرة او نظرية تفسيرية والا فكلٌ سوف يقترح ما يشاء عندما تصطدم نظريته باي حاجز ، وهذا ما يفعله فرويد تماما : كلما اصطدم بحاجز ، قفز بنفسه من خلال فكرة مصطنعة لا توجد لها مثائل في النفس البشرية ولا في الواقع ، و هذا بحد ذاته خطأ فلسفي كبير . تماما مثل فكرة العقل الباطن الذي تتحكم به الذكريات القديمة ، فهي فكرة مخالفة للواقع و للمنطق ، فالانسان لا يعيش في الماضي ، بل يعيش في الحاضر والمستقبل ، والذكريات المهمة هي الاولى بأن لا تنسى ، بينما فرويد يصر على ان الذكريات المهمة و الفعالة في حياتنا هي المنسية !! وهذا غير موجود في النفس ولا الذاكرة البشرية, ان تنسى المهم وتبقي على غير المهم . وتزداد الفكرة غرابة إذا عرفنا ان تلك الذكريات جنسية قبل البلوغ !! إذا ما فائدة البلوغ؟! فالأطفال عند فرويد يولدون وهم بالغين! ويبقون طول عمرهم يتعذبون من الكبت الجنسي قبل البلوغ الجنسي ! ومن لا يقف عند الثوابت يستطيع أن يقول ما يشاء, إلا أن ثبت أنها غير ثوابت, وفرويد قال ما يشاء دون أن ينفي الثوابت.

اذا فكرة العقل الباطن هي عبارة عن قفزة للهروب من مأزق . هذه الافكار نسميها الافكار القافزة : ليس لها اساس ولا تشابهُ شيئا ، و لكن تقدّم مخرجا لرؤية يريدها الانسان . هذا يشبه تماما ان تضيّع شيئا أنت مسؤول عن حفظه ، فتقول : ربما جاءت اجسام فضائية و خطفته !! و تتحدى من يثبت عدم امكانية حدوث هذا الشيء (فكرة قافزة) ..

ونظرية فرويد تتصادم مع نظرية الميمات ، التي تجعل الانسان ضحية لافكار جديدة كالفيروسات التي تنتشر ، بينما فرويد يرى انه ضحية لذكريات جنسية قديمة قدم الطفولة و منسية رغم اهميتها ، ولا يهتم بالافكار الجديدة ، فايهما نصدق وكلاهما من معطيات العقل الغربي ؟

http://4.bp.blogspot.com/-whS5grA8oII/T47mumglkQI/AAAAAAAAALk/uXuQG35oNIE/s1600/80+%285%29.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-TorJuYbbX_8/T47m0glTvoI/AAAAAAAAALs/rraQWE9E700/s1600/80+%286%29.jpg

الفيضان :

ما الذي يضره لو فسر الحلم على واقعه ؟ المراة تكره كسل الخادمات الذي الفته في امها ، و كثير من المشاكل تحدث بين ربات المنازل و الخادمات بسبب الكسل ، وهذا امر شائع ، و يسبب قلقا لربة المنزل بلا شك ، والاحلام تدور دائما حول القلق و توضحه ، مثل احلام الرسوب في الامتحان أو احلام السقوط من هاوية او احلام المرض الخ ..

هي تخشى ان تكون شخصيتها ضعيفة في ادارتهما ، هذا حلم يعبر عن قلق ، و لا شأن له بالحلم الآخر الذي يعبر عن قلق آخر ، و هو القلق من الفيضان ، لان بيتها قرب النهر ، وهاجس الفيضان موجود عند كل من يسكنون على ضفاف الانهار وشواطئ البحار . وهكذا تكون المراة فهمت قلقها وعليها الاحتياط .

اما ان تكون قلقة من والدها المتوفى على خادمتيها الكسولتين ! و ياتي شبق الوالد على شكل فيضان نهر جارف ! فهذا امر مضحك و مزعج بنفس الوقت .. ولو كان قلقها من تحرش والدها الميت بالخادمتين ، فلماذا تبدوان كسولتان ؟ ما علاقة الكسل بموضوع الجنس ؟ بينما للكسل علاقة قوية بكونهما خادمتين ؟ و كل رئيس يخشى من كسل مرؤوسيه وعدم القدرة على جعلهم نشيطين في عملهم .. هذا يثبت ما ذهبت انا اليه من ان الاحلام في اغلبها تعبر عن القلق والخوف ، لان تاثير الخوف اكبر من تاثير الرغبة في حياتنا ، حتى ان القلق هو الذي يسير حياتنا ، و كل شيء نريد ان نفعله ، يكون مسبوقا بوخزة قلق ، احيانا كثيرة نحس بها على شكل تقلصات في المعدة ، تقوى او تضعف على مدى قوة القلق .. وهذا يحدث بشكل يومي .. بينما فرويد يفسر الاحلام بالرغبة ، معاكسا واقع الطبيعة البشرية التي تهتم بالخوف اكثر من الرغبة . ولو اتجه علم النفس للاهتمام بدافع الخوف بدلا من وجهة الرغبة التي وجهها اليه فرويد لاقترب كثيرا من فهم الانسان ولعرف كيف تتكون الامراض النفسية والعقد ، و هذا ما سيكون عليه علم النفس الجديد كما أتنبأ والله اعلم ، وهو الذي سيساعد على فهم الامراض الجسدية الباطنة ذات البعد النفسي ، كالقولون العصبي و ضيق التنفس والقرحة إلخ .. و احسن تعريف للانسان هو المخلوق الخائف ..

وعلى قدر اهتمامنا بمخاوفنا يكون النجاح ، فالتلميذ الذي يخشى من الرسوب ينجح ، و الشخص الذي يخاف من الكارثة قبل وقوعها و يحتاط يسلم ، حتى الذين يهتمون بجمع المال ، لا نستطيع ان نقول ان الرغبة هي الدافع ، بل الخوف من الفقر او تفوق الاخرين ، والأذكى هو الأكثر مخاوفا وليس الاقوى مخاوفا .. والذي يحترم مخاوفه ان يكون على طريق خطأ ، فسوف يبحث عن الطريق الصحيح .. و الذي يحترم مخاوفه من ان يعاقبه خالق هذا الكون على اخطائه وظلمه ، فسوف يبحث عن الدين القويم .. لهذا القرآن يشير دائما الى موضوع الخشية والتقوى ، قبل و أكثر من موضوع الرغبة ( اما من جاءك يسعى وهو يخشى) ، ولم يقل : وهو يرغب الجنة .. و كلمة التقوى (واتقوا الله) تعني الخوف وليس الرغبة .. وهكذا القرآن هو السراج الذي يضيء لنا الظلمة حول النفس البشرية ..

و عودا الى الحلم السابق : يا ترى اين الرغبة في هذا الحلم ؟ هذا اذا كانت هذه الاحلام حقيقية .

الاصل العالي :

هذا تفسير بعيد و مصطنع ، وليس فيه ما يلامس الحالة ، فهل كل من نزل من فوق يدل على انه من اصل عالي ؟ واين هو الاصل العالي وهي تشتكي من والدها الذي يتصرف بسلوك منحط ؟ والوالد هو اهم ما في الاصل ، و هل كل محل يبيع ادوات رخيصة يكون العار و الشنار على من يسكن فوقه ؟ و ما شأننا بالباعة ؟ كل يبيع على حسب استطاعته ! و اذا كانت هذه هي العراقيل ، فهي لم تتجاوزها ، فأمها لا تزال كسولة ، و بائع الادوات الرخيصة لا زال في مكانه ! والاب قد مات ولكن شبقه بقي مترسبا في الاحلام !! كل هذه النظرات غير معقولة ، ويمجها العقل السليم والذوق السليم .. بقي ان يذكرنا انها فرحت بموت والدها ، ولكن يبدو انه نسي هذه المرة ! فالنهر الجاري بقوة يدل على قوة اندفاع الحياة الجنسية بعد موت والدها ، والذي ربما هو احد العثرات التي تجاوزتها عندما نزلت من فوق ! اي تخلت عن اصلها العالي !

اما ان يكون ابوها مات وقت فيضان النهر ، فهذا رابط بعيد و سخيف ، لا بد انه مات في وقت حدوث اشياء أخرى ، مثل تغير حكومة ، و مثل تساقط الثلج ، ومثل موسم او مناسبة اجتماعية ، فكيف يترك الاصل و ياتي للفرع ؟ لماذا لا ترى والدها في المنزل مع الخادمات ، بدلا من ان ياتي النهر الذي صادف ان فاض في الوقت الذي مات فيه والدها ؟

ولماذا صار النهر هو الرمز مع ان المرض هو من قتل والدها وليس النهر ؟ هذا رمز متعسف ليس الا ، هناك لوازم تشير بطريقة اوضح الى الوالد اكثر من نهر فاض في الوقت الذي مات فيه . و ما دام فرويد يفسر بهذه الطريقة المتوسعة اذا يستطيع ان يفسر اي حلم كما يشاء ، وقد فعل ، ومع الاسف ان هناك من يصدقه . مع ان هذا المصدق يستطيع ان يفسر احلام فرويد كما يشاء هو ايضا . لأن المسالة تبدو واسعة جدا وقابلة للاجتهاد كما يحلو للمفسر .

"وأما علاقة التنافي والتناقض... بقصد التمويه على الرقيب الشعوري":

لماذا لم يقل ان هذه التناقضات مع منطق اليقظة بقصد حماية الذاكرة ؟ سيكون التبرير أوجه من أن يتحايل إنسان على نفسه و هو نائم أيضا ! هو لم يفعلها وهو مستيقظ ، فلماذا يفعلها وهو نائم؟ و ليس من عادة الإنسان أن يتحايل على نفسه ، فهو مكشوف مع نفسه في اليقظة , فما بالك لو كان نائما ؟ سيكون مكشوفا أكثر .. إذا هي فكرة قافزة لا توجد مثيلات لها في الواقع النفسي للانسان .

لا يستطيع الإنسان أن يكذب ويخفي عن نفسه أنه يكذب, ولا يستطيع أن يسرق و يخفي عن نفسه أنه يسرق , لكنه يخفي عن غيره . إذا لماذا يخفي عن نفسه و هو نائم و منفصل عن عالم اليقظة أصلا الذي يحتاج للاحترازات ؟ الآخرون الذين نخفي عنهم هم في عالم اليقظة و ليسوا في عالم الأحلام . و الإنسان حر مع نفسه وهو مستيقظ ، ولا شك أن حريته تزداد أكثر و هو يحلم و ليس العكس , وإلا لماذا احتاج فرويد للتنويم المغناطيسي ؟ من اجل أن يفصل الشخص عن الواقع ليكون حرا مع نفسه . إذا النوم من باب أولى.

ولاحظ أنه يسمى تنويما لكي يفصح عما بداخله دون خوف من رقابة الآخرين , و كذلك الواقع تحت تأثير السُّـكر يكون صريحا لأنه مع نفسه أكثر من كونه تحت تاثير الآخرين , إذا ما بال الإنسان و هو نائم فقط يمارس الرقابة مع نفسه مع أن كل هذه الحالات و ما يشابهها تقرّب الإنسان من حالة الأحلام ؟ فالمنوَّم مغناطيسيا و من في حالة سكر شديد يعرف فيما بعد أنه كان منفصلا عن الواقع , أي قريب من حالة الحالم . إذا فرويد يناقض نفسه, لأنه يقربهم إلى حالة الاحلام حتى يكونوا صرحاء مع أنفسهم ، و لما رأى أن الأحلام توجد فيها اشياء بعيدة عن تفسيراته ادعى وجود الرقابة في عالم الأحلام مدعيا أنها هي التي أفسدت عليه طبخته غير الراقية .

المفترض منطقيا أن تكون الأحلام أكثر إفصاحا لا أن تكون هي الأكثر رقابة و سرية ! و هنا عاكس فرويد منهجه و ناقض نفسه . تُرى لو كانت الأحلام صريحة بما يريد فرويد أن تكون ، هل كان سيحتاج إلى فكرة الرقابة والذكريات المدفونة والعقل الباطن ؟ إذا هي ليست إلا حيل و مخارج لأزمة واجهها مع الأحلام ، وهي وجود الفضيلة ساطعة في الاحلام . إذا فرويد يسير بالاتجاه المعاكس دائما لواقع النفس البشرية. وكل ما قدمه كعلم نفس مجهود ليس له فائدة حقيقية ولا اساس حقيقي ، ومضلل للدراسات الحقيقية .. ولا اجد اي قيمة حقيقية لهذا المجهود ، إلا إن شئنا ان نجامله بسبب شهرته التي لا يستطيع احد ان ينكرها ، فهو مشهور و منظـّر ، لكنه غير مصيب بالكامل لأي حقيقة .. وإستبعاده هو اهم شرط لأي دراسة جادة و حقيقية للنفس البشرية ..

------------------------------
انتهت الحلقة التاسعة ..
وتليها الحلقة العاشرة بإذن الله ..

الورّاق
04-26-2012, 11:59 AM
الحلقة العاشرة :

http://2.bp.blogspot.com/-uCH5fYJvxAg/T5j4B_Pfq1I/AAAAAAAAAL0/YuB2qRPHq-A/s1600/80+%287%29.jpg

النقيضان :

ماذا يستطيع الانسان ان يقول غير ان فرويد يفسر كل شيء عبر الاعضاء التناسلية وما يتعلق بها ، وهذه ليست مبالغة ، بل هذا هو واقع الفرويدية كله . كل شيءٍ ما يحدث و كل هموم الانسان يحصرها فرويد في منطقة الفرج ليس الا ، فيا له من مفكر عظيم و راقي أو نازل بالاصح !

ثم هو يتناقض عندما يقول انها مسرورة لطهارتها ، و بنفس الوقت لديها رغبة خفية مسرورة منها بالحرية الجنسية !! و لا احد يسرّ في امرين متناقضين تمام التناقض ! تاويلات بعيدة جدا ً ! كيف تكون الزهور الحمراء الجميلة ترمز لقذارة الحيض الذي تتقزز منه حتى صاحبته ؟ هذا خطأ تأويلي بعيد ، فالاشياء المستقذرة لا يرمز لها باشياء محببة و نقية ، لا يكون مثل هذا ، والا لتشوهت صورة الورد في عينيها مثلما شوهها فرويد في عيوننا الان ، عندما ربط شيئا جميلا و ساميا بشيء مستقذر . لكن يبدو ان الامر سيان عنده ، فكلاهما لونه احمر ليس الا !

http://1.bp.blogspot.com/-dSEOIF3n2v4/T5j4R1QChCI/AAAAAAAAAL8/IWVW5VRRrm4/s1600/80+%288%29.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-zV9s3zaATSA/T5j4bJpw5BI/AAAAAAAAAME/cQLdGsZFWfs/s1600/80+%289%29.jpg

الرقيب الشعوري :

الكناية والترميز يستخدمها الناس ليس فقط في الامور الجنسية ، و دائما يبتعد الناس عن التصريح بكل ما هو قبيح او مزعج للشعور او مقزز ، و احيانا يلجأون للرمز و التكنية بسبب الخوف ، مثلما يرمز الموظفون لمديرهم برمز معين . نلاحظ ان هذا الترميز و هذه التكنية تحتاج لوجود اخرين ، اما ان يرمز الشخص ويكني لنفسه ، فهذه غير موجودة في النفس البشرية حتى نقيس عليها في الاحلام !

اذن استشهاد فرويد بالكنايات بين البشر استشهاد غير دقيق ، لاننا نكني للاخرين عما نعرف قبحه ، ولو كنا نكني لانفسنا فكيف عرفنا قبحه حتى نكني عنه لانفسنا ؟ و ما دمنا عرفنا قبحه ، اذن ما فائدة الكناية ؟ هل نخدع انفسنا بعد ان عرفنا ؟ اذن لا رمزية بين الشخص و ذاته ، و هذا يسقط فكرة الرقابة من جذورها ، فلا رقابة للانسان على نفسه ، لا في يقظته ومن باب اولى في منامه (بل الانسان على نفسه بصيرة) .. فشخص يكني عن شيء مستقذر ، فهو يعرف قذارته بينه و بين نفسه ، ولكنه يكني ليلطف الصورة عند الاخر . ولو كانت الصورة ملطفة عنده لما احتاج لان يعبر عنها بالكناية والرمز .

يريد فرويد ان يوهمنا ان التكنية في الرموز الجنسية بسبب الرقابة ، و هذا غير صحيح، حتى ذكر افرازات الجسم كلها تتم من خلال التلطيف و التكنية بين الناس . وهي ليست اموراً جنسية ، بل انهم يضطرون للكناية في مجال السياسة و الشخصيات الهامة في المجتمع . اما ان يرمز الانسان لنفسه فهذا شيء غير موجود ! لو ان الشخص يحلم مع الاخرين لكان قياسه سليما لانه يرمّز للاخرين ، ولكن لا يوجد احد يرمز لنفسه ، اذن لا وجود للترميز في الاحلام ، لان التكنية والترميز هي للاخرين ، حتى لا نجعلهم يتصورون نفس ما نتصوره . ولو كان الانسان يستطيع ان يرمز لنفسه لاستطاع ان يخدع نفسه بنفسه ! وهذا غير ممكن ، فالكذاب يكذب على الآخرين و ربما يصدقونه ، و لكنه لا يكذب على نفسه ثم يصدق الكذبة ، مثل ما أنه لا يجامل نفسه . كأن فرويد لا يفرّق بين ان يكون الانسان مع نفسه او يكون مع الاخرين . و هذا ترهل علمي مفرط يجعل تعامل الشخص مع نفسه مثل تعامله مع غيره بحسبة واحدة .

اما من يصف الناس شخصا بأنه قد خدع نفسه مثلا ، فهذا الوصف ليس دقيقا ، هو تصورَ تصورا خاطئا عن نفسه و صدَّقه ، ولكن الواقع كشف خطأ فكرته . فهو لم يقصد ان يخدع نفسه ، بل المعطيات التي عنده هي التي جعلته يبني هذا التصور الخاطئ .. مثل ان يكون احد الاولاد اطول من اخوانه و زملائه في الفصل ، فيتصور انه اطول الجميع دائما .. ثم يفاجأ بأن فكرته عن نفسه كانت خاطئة عندما يقابل ولدا اطول منه و اصغر منه . هذا لا نقول عنه انه خدع نفسه ، وان كان ظاهرها انه خدع نفسه . و هذا الكلام ينطبق على نظرية البرمجة اللغوية العصبية التي تطالب بان نقول عن انفسنا ما نشاء من الاشياء التي نحبها و نجد انفسنا تلقائيا نكون كذلك ! قل انك ثري و ستصبح ثريا ، من خلال قانون الجذب الذي يجذب الاشياء الينا ولسنا نحن الذين نسعى ونكدح لنصل اليها !! وقل انك شجاع و تصبح شجاع !! و قل انك سعيد وتصبح سعيدا !! توهيم ليس بعده توهيم ، وهي نظرية خاطئة اخرى ايضا . لان هذه النظرية لا تحترم قوانين الاشياء ، فلا شيء يصل اليه الانسان الا بحقه ، و ليس بكلمة . الله هو الذي يقول للشيء كن فيكون ، وليس الانسان . هذه نظريات توهيمية .

و اذا سايرنا فرويد ان العقل الباطن يتحايل على العقل الظاهر و يعرف كيف يتخلص منه ، فكيف يسمى عقلا لا واعيا ؟ هذه اعمال واعية ! و طالما يعرف العقل الظاهر اذا هو ظاهر .. و اذا تبنى شخص بعقله الظاهر افكار فرويد عن رغبات العقل الباطن و سمح بها ، فمن المفترض ان تزول الرمزيات في احلامه و تصبح احلامه جنسا صرفا و صريحا .. و هذا لا يوجد حتى في احلام فرويد نفسه .. ما دام ان العقل الواعي هو الذي يرفضها ، اذن اذا تغير العقل الواعي عن رفضه كما هو في حال الفرويديين المصدقين ، يجب ان تزول الرقابة ، فيصبحون بلا رقابة ويصبح بقية الناس برقابة ! و هذا الشيء لم يدّعيه احد من الفرويديين - بل ولا حتى الاباحيين الذين تجيز عقولهم الظاهرة كل صور الاباحية ولا يرون فيها اي عيب او خطأ - ان احلامهم تغيرت لانهم غيروا افكارهم وبنوا مجتمعا يشابههم في هذا التغيير .

وان قالوا ان فترة الرقابة تبقى مؤثرة بعد التغيبر ، فهناك من تبنى افكار فرويد منذ نشأته ، فلماذا لم يذكروا ان احلامهم تختلف عن بقية الناس والبشر و انها صارت بلا حيل ولا رمزيات ؟ هذا يثبت خطأ نظرية فرويد عن الاحلام بكاملها ..

http://2.bp.blogspot.com/-niKzgtEee9k/T5j44AaWc4I/AAAAAAAAAMM/nkCs6N-gCNk/s1600/80+%2810%29.jpg

سياق الحلم :

اذن لماذا لا يعتبر السياق مهما دائما في الاحلام مثلما في اللغة طالما شبه سياق الاحلام باللغة ؟ فاللغة لا تـُفهم الا من خلال السياقات ، مع انه من قبل لم يهتم بالسياق ، بل جعل حلما مختلفا ، مكملا لحلم اخر ضاربا بالسياق عرض الحائط عندما كان يتكلم عن التكثيف في الاحلام ، معتبرا ان صورة واحدة هي مركز الحلم وليس السياق . هو يسير بلا منهج ..

يلاحظ ان فرويد لا يقيد نفسه باي شيء حتى يتصرف بالتأويل كيفما شاء . ومن يقدم علما يقدم قيودا و ثوابتا . وهو لا يفعل ذلك ، اذا هو يفسر بالمزاج لا بالعلم .

الرموز الشائعة :

الان يعود لما تنصل منه في اول الكتاب ، عندما قال انه قدم تفسيرا مختلفا عن الطريقة التقليدية التي تعتمد على التفسير من خلال الرموز الشائعة و المتكررة و الجامدة عند المفسرين القدامى .. ها هو ذا يجعل اي ملك و اي ملكة عبارة عن الاب او الام ، وهكذا ..

فرويد يحتاج الى قارئ صفحة و ليس الى قارئ كتاب ، لانه سيكتشف التناقض بين صفحة وأخرى ..

من 3 إلى 6 :

ليس بعد هذا الجمود في الصورة جمود !! عاد من جديد للرموز الجامدة خلاف ما ادعاه .. بهذه الطريقة يستطيع ان يصنف كل ما في السوق من ادوات ومنتجات ..!! يا ترى ماذا سيصنف المطرقة والقنبلة من الاسلحة عندما تجتمع بين الاستطالة و التدوير ؟ هل ترمز القنابل و الالغام للعضو الذكري و هي مدورة ؟ و الغازات السامة و النيران ؟ هي من الاسلحة و لكن ليست مستطيلة ! ام ان لديه فصل عن الاشياء مختلة الشروط ؟

7 – 10 :

الصاروخ مجوف و مستطيل !! والبندقية مجوفة ومستطيلة ايضا !! وكذلك الطائرة الحربية !! مجوفة ومستطيلة !! بل حتى السفينة مجوفة ومستطيلة وتستعمل سلاحا !! (نحتاج الى عالم متخصص بالخزعبلات) ..

11 – هذه لا تحتاج الى عالم !!
12 – الا يمكن ان ياتي شيء اخر غير الجنس ؟؟!! لقد ضيقت واسعا !! لا يوجد فرق بين الدعارة والزواج ؟

http://4.bp.blogspot.com/-VxJJhHPqtMU/T5j5KcoUx8I/AAAAAAAAAMU/zXRnZWaLKx4/s1600/80+%2811%29.jpg

– لماذا هذه المرة "أحيانا" ؟؟ قل دائما !! فهو اعدل للحساب !! ولماذا الاستثناء فقط في المائدة ؟

17 – المشكلة ان القبعة مجوفة و تحتضن الراس !! الصورة هنا غير واضحة هذه المرة كوضوح القفل والمفتاح !! من المفترض على تفكيره ان ترمز القبعة لآلة المرأة ، و رأس المرأة لآلة الرجل !! لماذا غير الحسبة هذه المرة وشذ عن القاعدة ؟ ام ان هذا من التأدب مع المرأة ؟
19 – لماذا ؟ المعطف مجوف وحاضن ! ما ذنبه ؟
21 – الجبال واضحة ، و لكن الاشجار ؟ ..
22 – ما أوسع انتشار الاعضاء الجنسية ! في البر والبحر والجو ! كل الطبيعة ومظاهرها اختزلها في الاعضاء الجنسية .. حتى الاطفال صاروا رموزا لاعضاء جنسية ..

اين العقل ؟ ام انه رمز من رموز الاعضاء الجنسية هو الآخر ؟ ما اصغر العالم واقل تنوعه مع راسمالية فرويد الجنسية !! كل خرائط العالم و الطبيعة موجودة في الاعضاء الجنسية !! بما فيها الجبال والوديان والانهار والاسلحة والاطفال !! ماذا بقي من شيء لم يجعله رمزا جنسيا ؟؟

23 – اذا هو ينكر عاطفة الابوة والامومة عندما يلاعبون الاطفال ! فلا شيء غير الجنس في الوجود . ليست المشكلة في ان يكون عقل فرويد بهذا الشكل ، بل في ان يسوَّق ويقبله البعض على انه حقائق عقلانية ..

24 – الخصاء شيء وسقوط الاسنان شيء آخر وماذا سيقول عن الخصاء نفسه ؟ هل هو رمز لسقوط الاسنان ؟؟ الإنسان لا يملك من جسمه الا اعضاؤه الجنسية ، و كأنه لا يخاف على اسنانه بل يخاف على خصاؤه !! اذا لم يكن هذا تطرفا عقليا فماذا يكون التطرف ؟ الاسنان لها اهمية في حياة الانسان مثلما ان لاعضاؤه الجنسية فائدة ودور ..

هذا الجنون العبثي يشبه ان يحلم مريض يخاف على بصره بان نقول انك لا تهتم بعينيك و لكن اهتمامك كان باذنيك ورمزت لها بعينيك !! و كأن العينين بلا قيمة . لو ان احدا قال هذا الكلام لقيل انه مجنون . لكن فرويد يقال عنه انه عالم كبير ومؤسس علم النفس الحديث ، وحسبك بعلم هذا مؤسسه و باني لبناته الاساسية التي ما تزل قائمة.. هو يفسر الخوف من سقوط الاسنان بالخوف من سقوط الخصيتين !! مع انه لا خوف على سقوطها البتة .. اما الاسنان فما اكثر سقوطها و تلفها ..

28 – اذن هناك يمين جنسي متطرف ويسار جنسي متطرف ، ووسط ، بناء على تقسيمه للعالم جنسيا .

يا لسعة الافق والخيال !! مبدأ فرويد : لا اله و الحياة جنس ..

هذا النمط من التفكير الحصري تزخر به الثقافة الغربية خصوصا من مكونها اليهودي ، ففرويد كل شيء جنس ، وماركس كل شيء مال ، وداروين كل شيء تطور ، و نيتشه كل شيء قوة ، ودريدا كل شيء تفكيك ، واينشتين كل شيء نسبي .. التفكير بهذه الطريقة البسيطة جدا و البعيدة عن التعقيد والترابط ، لا شيء اسهل منها ، ولا تحتاج الى عقلية معقدة ، عندما تضع نظرية كل شيء يساوي شيء على الطريقة الغربية ، ستجد نماذج واضحة تساعدك ، و تجد نماذج غير واضحة تستطيع ان تلتف عليها وتدخلها في نفس قبعتك السحرية الضيقة او تهملها ..

العاقل لا يقبل - من الاساس - فكرة كل شيء يساوي شيء .. و المنطق لا يعرفها و يرفضها ، اذن هي نظرية غير منطقية ، وما كان اساسه غير منطقي فلا قيمة منطقية لتفريعاته حتى لو كان بعضها منطقيا .. مع انها متجذرة في الفكر الغربي ، و دائما يبحثون عن الاصل المشترك بين الاشياء ، متصورين ان هناك اصلا مشتركا ، سواء كانت مادية او نفسية ، مثل فكرة التطور التي يريدون تطبيقها على كل شيء .. وهي من الاخطاء الشائعة في العقلية الغربية ، والتي لا تستطيع عنها فكاكا ..

هذه الفكرة ملازمة لتفكيرهم ، سواء في الفيزياء او علم النفس او في الفلك او في الاجتماع او في الاقتصاد او في الاخلاق ، ثم تاتي نظرية اخرى من نفس النوع ونفس الطراز ولكنها تختلف في الشيء ولا تختلف في كل شيء .. ! محاولة ان تنقض كل ما بنته النظرية السابقة ! مجرد العاب سحرية يحاول بعضها ان يبتلع البعض وتكسب الوقت بتلهية الناس عن البحث عن الحقيقة . و نستطيع ان نسمي هذه الفكرة بالاصولية الفكرية ، مستمدة من الاصولية اليهودية الدينية .. والتي تحاول ارجاع الاديان السماوية الى اليهودية كونها هي الاصل كما تزعم .. و أن المسيحية والاسلام متطورة منها .. و من هنا جاءت فكرة التطور ، وهذا من اكبر روافد الفكرة ..

اذن فكرة التطور لها اساس قديم و لها اساس جديد .. اساسها القديم هو الهندوسية مرورا باليونان ، و اساسها الحديث من الفكر اليهودي المؤثر الى حد كبير في الثقافة الغربية الحديثة .

و منطقيا : كيف يكون كل شيء عبارة عن شيء واحد ؟ انها عقلية البوشار الصغير الذي ينتفخ ليملء الحيز الكبير متشعبا .. هذه عقلية نستطيع تسميتها بالعقلية البوشارية ..

31 – وايضا يمكن تسميته بعجز جنسي لا مرد له !!

32 – هل اصبح الضمير هو العضو الجنسي ايضا ؟ الضمير يرى فرويد انه خطايا فكيف تثخنه الخطايا ؟ اذن هو يعترف بالضمير وانه شيء منفصل عن الخطايا .. وهذا تناقض .. اما الحقائب الثقيلة والعضو الجنسي فما الرابط بينهما في الثقل ؟

كلما طلب منك ان تقدم كلاما غير معقول للفكاهة ، تذكر كتب فرويد .. فسوف تجد ما تريد ..

http://4.bp.blogspot.com/-4HuejpOc2mo/T5j5oe-PuJI/AAAAAAAAAMc/tH8EtYVvE98/s1600/80+%2812%29.jpg

المراة تتمنى ان تكون رجلا :

لاحظ انه يخلط هنا بين الامور ، فيستغل ان كثير من الاناث يتمنين لو كن رجالا ، لاسباب اجتماعية ولما يتمتع به الرجل من حرية اكثر . يستغل فرويد هذا ليبرر انه رغبة جنسية عكسية ، لكنه لم يذكر نسبة الذكور الذين يتمنون ان يكونوا اناثا ما دامت عكسية ، لانها ليست في صالحه . اذن تسقط فكرة الرموز العكسية و رغبة كل جنس بان يكون من الجنس الاخر ..
نعم تحصل هذه الرغبة احيانا لاسباب و اعتبارات اخرى ، ففي وقت الحروب يتمنى بعض الرجال لو كانوا نساء حتى يعفوا من الخدمة العسكرية ، و في دخول البرلمان تتمنى الكثير من النساء لو كن رجالا ، لان نسبتهن هي الاقل دائما في مجال السياسة ، وهكذا ..

فرويد لا يتعبر للحياة وجود الا في جوانبها الجنسية فقط . و كلٌ يتحرك بدوافع جنسية و كل الاشياء رموز جنسية .. اذا لم يكن هذا هو التطرف والشذوذ العقلي فماذا يكون ؟ .. هذا اشبه بخيالات المجانين .. كيف مثل هذا الشخص يعالج المرضى العقليين ؟ هل سيسبقه مرضاه في التطرف العقلي ؟ لا اظنهم يستطيعوا مسابقته في هذا الجنون او التفوق عليه ! شخص يرى كل ما في الدنيا عبارة عن اعضاء جنسية !! ماذا تقول عنه ؟ هل ستثق بعقله اذا كان هذا العقل سيداويك ؟ هذا مثل مجنون يرى ان كل شيء في الدنيا ملوخية او اسباجيتي ، و ان كل ما يقال هو رمز يعود الى الملوخية ، سيقال عنه انه مجنون ، لكن لا يقال عن فرويد ذلك .. لماذا ؟ هل ستقول لان الجنس مهم ؟ ايضا الغذاء مهم .. لكنه ليس كل شيء ، فأنت تسير في الشارع لا ترى الا اعضاء جنسية ، كاعمدة النور التي ليست الا اعضاء جنسية ، و اشارات المرور التي تشبه دماء الحيض .. اشياء مستطيلة او مكورة او مجوفة ، كلها رموز جنسية ، وعليك ان تفهم الحياة من خلالها .. ثل ما يرى ذلك المجنون أن الاشارة الخضراء عبارة عن ملوخية ، وان اعمدة الانارة عبارة عن اسباجيتي .. لكن يبقى صاحبنا مجنونا ، و فرويد يسمى عبقري علم النفس ، والفاصل بينهما هو قوة الاعلام .

ازراء ليس بعده ازراء ، واحتقار لانسانية الانسان وعقله ليس بعده احتقار .. و اكتفاء بالجزء وانكار للكل .

http://2.bp.blogspot.com/-9Q_YjukZX6s/T5j5_W_kZQI/AAAAAAAAAMk/l8Bc90FVpiE/s1600/80+%2813%29.jpg

القبعة :

تحليل سخيف لا يستطيع احد ان ياتي بتحليل اسخف منه على الاطلاق ، لانه وصل الدرك الاسفل ..

حلم الفتاة يعبر عن مشاعر الخوف التي تنتاب اي فتاة عفيفة تخاف من الاغتصاب . فرويد ترك السياق و توقف عند القبعة ! مع انه خالف تحليلاته السابقة ، فالقبعة مجوفة ، فلماذا صارت ترمز لعضو الذكر ؟ و كونها تلبس القبعة بتلك الوضعية ، هذا يوحي الى وضع التبرج الذي يجلب الغواية اليها ، وكانت عادة لبس القبعة و امالتها من احد جنبيها موضة البنات في زمن فرويد ..

لهذا شعرت بالخوف ، لان منظرها و هي تلبس قبعتها بهذا الشكل المغري سيجعل الشباب يلتفتون اليها ويفكرون فيها جنسيا ، خصوصا و هم ضباط بحرية عازبون في العادة ، وتقع فيما تخاف منه .

باختصار : تلك الفتاة تخاف من زينتها التي يجبرها المجتمع و الاعلام عليها ، و هذا يذكرنا بامر الله بالقران الكريم بان لا يبدين زينتهن ولا يتبرجن ، لانها لو كانت تمشي باحتشام و تلبس باحتشام لما خافت من اؤلئك الضباط او غيرهم ..

الحلم بيـّن لها ان زينتها مصدر قلق و معاناة ، و كثير من النساء يجبرهن المجتمع و الموضة على ان تضع نفسها في موضع لا يمثلها حقيقة . هذا اذا تركنا مشكلة المعاناة من ضيق اللباس والبرد وما الى ذلك .. اذن الموضة عدوة لنا و ليست صديقة ، والعاقل يتخلص من سيطرة اذواق الاخرين على حياته حتى لو كانوا اصحاب دور ازياء .. نعم ، ان زينة المراة من اكثر اسباب معاناة المراة .. والمراة الشجاعة المستقلة عليها ان تختار ما يناسبها ، و تبتكر ايضا ، لا ما يناسب المجتمع والموضة ..

وهل يحق لامراة تلبس ما لا يريحها و ما لا تريد ، أن تقول انها حرة ؟؟


كان على فرويد ان يقول لها : لا تجبري نفسك بتقليد الفتيات المغريات ، و انتي فتاة عفيفة ، حتى لو انتقدناك في ذلك ..البسي اللباس الذي يتناسب مع اخلاقك و نيتك وشخصيتك حتى لا تفتحي على نفسك مشاكلا كنتي في غنى عنها .. هذا هو التفسير المنطقي والمفيد .. ولا ادري لماذا تتزين وتتبرج المراة العفيفة التي لا تريد اغواء الرجال .. النظافة والتناسب والاناقة شيء ، والتبرج شيء آخر ، ينبغي عدم الخلط بينها بالنسبة للمرأة التي يهمها عفافها ، وما دام يهمها ، فيجب ان يظهر ذلك الاهتمام في لباسها ومظهرها وكلامها ايضا .

http://3.bp.blogspot.com/-GOTuQJcBVuU/T5j6eSKu0WI/AAAAAAAAAMs/QpRsyM800bw/s1600/80+%2814%29.jpg

http://1.bp.blogspot.com/-gGhWcCt6rZg/T5j6nqMs_VI/AAAAAAAAAM0/wRn9yQRG8tU/s1600/80+%2815%29.jpg

السقوط تحت العربة :

في الحلم السابق فسرها بانها مشبعة جنسيا للغاية ، و ليست بحاجة لاحد ، و الان يجعلها جائعة الى ابعد حد !! هذا تناقض ! مع ان المريضة هي نفسها في الحلمين . المريضة ام ، و كل ام ينتابها الخوف على ابنائها بشكل يومي ، خصوصا اذا كانوا صغارا ، و ما اكثر احلام الامهات والاباء في ابنائهم وتعرضهم للخطر، ولا بد انها تشعر بنفور امها من ابنتها لانها ربما تسكن مع والدتها ، وهذا امر يقلقها ، و لم يحب فرويد ان يسأل عنه ، بل احب ان ينبش في كل ذكرياتها لعله يجد صورة فيها جنس ليربط بها الحلم ، وهذا هو منهجه تماما ، فمنهجه ان يجعل المريض يسترخي و يتكلم عن كل ذكرياته ، و يمسك فرويد قلما و ورقة ، وينتقي منها ما له علاقة بالجنس ، و بهذه الانتقائية السيئة سمي رائد التحليل النفسي ، هذا هو ما يسمى بجلسات التحليل الفرويدية ، فتذكرها اذا ذكرت لك : بحثٌ عن اي مؤشر للجنس ، واعتساف كل شيء عليه ..

لاحظ انه ربط بين هذا القطار في الحلم والقطار الذي ركبته عندما قابلت الطبيب الذي اعجبها ، مع ان القطار هو وسيلة النقل عندها ، فهي لم تركب القطار فقط مرتين في حياتها حتى يجوز لنا الربط بينهما !! نعم ركبت القطار عندما قابلت الطبيب ، و ركبت القطار كل يوم لعملها و الى السوق وغيره ، فلا مبرر لهذا الربط .

فرويد لا يسجل كل شيء ، والا لتعبت يده من الكتابة .. من الطبيعي ان تجد في ذكريات اي انسان شيئا له علاقة بالحب او الزواج او رؤية شخص عاري او ما الى ذلك .

اذن منهج فرويد انتقائي مبني على فكرة مسبقة و نتيجة معروفة مقدما ، مع انه يسميه تحليلا نفسيا ، كان يكفيه عن كل هذا اللف والدوران ان يسألهم عن احلامهم الجنسية مباشرة ، و لاحظ انه لا يعرج على هذه النقطة ، لانه يريد ان يفسر الامور غير الجنسية بدوافع جنسية ، على طريقة : كل شيء يساوي شيء .

انه لا يتتبع المعطيات الى اين تذهب ، بل هو يوجهها الى اين تذهب ، و هذا المنهج ساقط علميا لانه يحذف ما يشاء و يبقي ما يشاء ، ويضخم ما يشاء ويهمش ما يشاء ، لان النتيجة معروفة مسبقا (جنس) . اذن فرويد لا يقدم لنا الحقيقة مع الاسف ، وقد غش الناس الذين وثقوا به ، بل قدم ما يريده هو ان يكون ، تماما كاسلوب المشعوذين . هو لم يسألها عن قلقها على بنتها ، و القلق على الابناء معروف لدى الجميع بانه اهم من القلق على التمتع الجنسي .. فهل من المعقول ان يـُجعل الاهم رمزا للمهم ؟ المفترض هو العكس .. ان هذه المراة ستضحي بكل رغبة جنسية مقابل سلامة ابنتها ، و هذا امر لا يحتاج الى استفتاء . و منطقيا : ما الجنس الا وسيلة لايجاد الابناء ، فهل نضحي بايجاد الابناء مقابل الوسيلة ؟ هذا هذيان علمي وليس طرحا علميا ..

احلامنا تعبر عن قلقنا ، وهو يريد ان يجعل كل قلقنا عبارة عن رغبات جنسية مكبوتة ، واذا ابعد عن الجنس قليلا ، ذهب الى الحقد وتمني موت الناس ، فما اجمل نيته و أعظم انسانيته !! اذن لو تحققت هذه الرغبة التي هي محور كل شيء عنده لما قام الناس من مخادع الجنس ، لانها هي الغاية الاساسية من الحياة كما يقدمها هذا الفيلسوف المأفون ..

لنتخيل اننا نحقق له ما يريد ، ماذا سيكون ؟ سوف يحبس الناس في دور الدعارة الى ان يموتوا ، لان الجنس هو هدف الحياة عنده . و هذا الامر لا يطيقه اي احد مهما بلغ من العهر و الرذيلة ، ولا بد له ان يتقزز .. اذن ليس الجنس هدف الحياة ، و بما انه ليس كذلك ، فلماذا فرويد يفسر كل شيء في الحياة على انه دافع جنسي ؟ من هنا سقط منهج فرويد ، ولا يجب اعتباره ابدً كاي دراسة نفسية ، ومن يعتمد على منهج فرويد وتحليلاته يكون قد فتح على نفسه باب الرفض والانتقاد ، لانه ارتكب خطا اساسيا في تبنيه لفكر فرويد المنحرف عن الحقيقة . والذي جعل هدف الحياة هو الجنس بينما الواقع هو غير ذلك . اذن نظرة فرويد خاطئة وبنى عليها كل نظرته عن الانسان ، ومن يتبع فرويد او يستشهد به فسيأخذ نفس حكم فرويد وسوف يخطئ مثلما اخطأ فرويد .

----------------------------------------------------
انتهت الحلقة العاشرة ..

وتليها الحلقة الحادية عشرة بإذن الله ..

الورّاق
04-27-2012, 10:45 PM
الحلقة الحادية عشرة و الأخيرة ..

http://2.bp.blogspot.com/-MEVCkkMQrFE/T5pthdExgSI/AAAAAAAAANA/8c3l3UjqDLo/s1600/80+%2815%29.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-pQZS7ptOFa0/T5ptogZ-uWI/AAAAAAAAANI/CFaCcBRWAqg/s1600/80+%2816%29.jpg

http://3.bp.blogspot.com/-Uo7iJVXGwXs/T5ptwuqfU2I/AAAAAAAAANQ/fW449UfDeWk/s1600/80+%2817%29.jpg

الابنية والسلالم والكهوف :

لماذا يتعب نفسه بالتفسير ؟ كل ما على الارض رموز جنسية و انتهى الامر !

اتحدى ان كان يوجد شخص قد شفي على يد فرويد !! لان افكاره التي سيعالج على اساسها مخالفة للحقيقة والواقع ، واي طب مخالف للحقيقة لا يقدم شفاء حقيقيا ..

التفسير :

يبدو ان هذا المريض اصبح مريضا عندما تعامل مع فرويد و صار يفكر مثله . الرغبة الجنسية في الاحلام لا تحتاج الى صفيح و دهاليز و رموز ، لان هذه الرموز لا تثير الرغبة . ان الصور الجنسية تاتي في الاحلام مباشرة ، فلماذا اللف والدوران ؟ لو كان عنده رغبة بممارسة الجنس ، لظهرت في حلمه صريحة . كما يحدث عند كل الناس . هذا تعسف و ليس تحليل . أوهم فرويد هذا المريض فصار يفكر مثله . الجنس اسهل من هذا بكثير .

واذا كانت رموز الصفيح والدهاليز والقطارات ، فهل هذا مما يفتح الشهية الجنسية ام يغلقها ؟ اول شيء يحتاج اليه الجنس هو الجنس الاخر ، و ليس قضبان الحديد والسلالم والزحام والشوارع والابنية .. و من قواعد المنطق : ان ناخذ التفسير المباشر و نترك التفسير الملتو والغير مباشر .. و ما دامت الاحلام تعبر عن الرغبة الجنسية مباشرة ، اذن قطعت جهيزة صوت كل خطيب ! و معنى هذا : كلما كان الانسان مستثارا جنسيا ، تبين ذلك في احلامه على شكل جنس واضح وصريح ومغري ، و اذا كانت الاحلام غير جنسية ، اذن فموضوعها غير جنسي و دوافعها غير جنسية . فلماذا اللف والدوران ؟

لو ان الاحلام الجنسية لا يراها الانسان ابدا ، لكان لفرويد حق في ان يقول ما يقول ، لكن وبما انها تظهر مباشرة ، اذن قضي الامر .. عندما يحلم الشخص بالجنس ، فهذا يعني ان لديه احتقان جنسي ، وعندما يحلم بالرسوب في الامتحان ، فهذا يعني خوفه من الرسوب في الامتحان ، و عندما يحلم انه في وسط قاعة و الناس ينظرون اليه وهو مضطرب ، فهذا يعني انه يعاني من الرهاب الاجتماعي .. و عندما يحلم باللصوص او قطاع الطرق ، فهذا يعني انه غير مطمئن على امنه من اذى الاخرين ، و الا فما فائدة الاحلام ؟ و كيف سيستفيد منها صاحبها اذا كان لا يعرفها الا فرويد ؟ اذن ليحلم فرويد فقط ! لانه هو الذي يعرف الرموز ..

واذا كان عندنا تفسير سهل ، فلماذا نتركه و نذهب الى التفسير الاصعب ؟ ان فرويد يخالف ابسط قواعد المنطق . لم يكن هذا المريض مشغولا بفكرة الجنس ، و لكن فرويد حشرها حشرا في راسه . سيكون من التضليل ان يحلم احد بصفيح الحديد ، و نقول له انه يعاني من الكبت الجنسي !

فرويد لم يساله عن مشاعره اثناء الحلم ولا اثناء دخول الدهليز . و ها قد تبين ان ابوه يشتغل بالحديد . لا بد ان له ذكريات مع عمل والده لم يشأ فرويد ان يهتم بها ، و كانت عدم ثقته بامانة والده تشير الى احتكاكه بذلك العمل . فرويد لم يستطع ان يفسر الحلم كله تفسيرا جنسيا ، و اضطر ان يذكر نقطة انتقاده لوالده في الامانة ، و هذا امر لا علاقة له بالجنس ، بل له علاقة بالاخلاق و هي اهم عند الانسان من الجنس . لانه يتخلى عن الجنس ولا يتخلى عن مبادئه .

http://3.bp.blogspot.com/-Uo7iJVXGwXs/T5ptwuqfU2I/AAAAAAAAANQ/fW449UfDeWk/s1600/80+%252817%2529.jpg

http://2.bp.blogspot.com/-V6dSE0gg0Uo/T5puGaN0XYI/AAAAAAAAANY/3A1k49OBQoI/s1600/80+%2818%29.jpg

قضي الامر الذي فيه تستفتيان !!

اذا كانت هذه المراة تعاني من رغبة جنسية ، فلماذا تحلم باعضائها هي ؟ انه شيء مفرح له ان المشردين يحملان اكياسا على خاصرتيهما .. مع انها عادة عند اللصوص قديما ان يحملوا اكياسا يربطونها بخواصرهم ، لأن العملات المعدنية و الذهب تحتاج إلى مثل ذلك الكيس قبل انتشار عملات الورق .. فرويد يحاصر الاحلام بالرموز الجنسية ! فاين المفر ؟

على طريقته ، كل شيء يفسر جنسيا ! ولا شيء يسلم من التفسير الجنسي ، فالمراة خائفة من اللصوص ، و زوجها غائب عنها ، وهو شرطي ، ولا بد انه يحدثها كثيرا عن الجرائم واللصوص ، و دخول الكنيسة يعني الايمان والاخلاق والامن ، لانها رات الغابة الجميلة بعد ان دخلت الكنيسة . و الشرطي والكنيسة يرمزان للامن ، خصوصا وان زوجها شرطي ، و اذا امن الانسان استطاع ان يرى جمال الحياة .. هذا غير ان فرويد لم يقدم الحلم كما هو ، لانه يفرّغ الاحلام من رباطها الشعوري ، ولا يسالهم عن عواطفهم اثناء الحلم ، و هي طريقة سيئة و مغرضة .

لا يوجد ما يرمز للجنس في هذا الحلم لا من قريب ولا من بعيد ، بل يوجد ما يرمز للخوف من الخارجين على القانون . و حاجة الامن اكبر عند الانسان من حاجة التكاثر . و هذا الحلم يعبر عن حاجة الامن ، و منطقيا : لا يـُقـدَّم الاهم رمزا لما هو اقلُّ منه اهمية .

كم هم مساكين الذين قادهم الحظ الى عيادة فرويد الجنسية ! لقد سبب تشويشا على مشاعرهم وعلى عقولهم ايضا . و جعلهم لا يفهمون انفسهم ويحتقرون دوافعها ، لانه اهمل الجانب الاهم و هو مشاعرهم اثناء الحلم . فقدم احلاما مفرغة من الغطاء العاطفي تـُقدم رموزا جنسية جامدة .

و السؤال : هل هناك رغبة بدون شعور متعة ؟ هذا ما يقدمه فرويد : يقدم انهم يرغبون بالجنس مع انهم لا يشعرون بمتعة الجنس !! اذن ما فائدة الجنس بدون متعة ؟ بينما لديهم احلاما شعروا فيها باللذة الجنسية ! ماذا سيقول عن تلك الاحلام ؟ هل سيقول انها ليست جنسية ؟

هو يرى ان الحلم تحقيق لرغبات جنسية ، بينما شعور النشوة الجنسية لم يتحقق ! الرغبة اصلا مبنية على المتعة ، و فرويد يقدم رغبة بدون متعة ! فشخص يصعد سلما وهو متعب ، فيقول له انه يمارس الجنس !! امراة ترى ابنتها يدوسها القطار ، و يقول انها رغبة جنسية ! حسنا : ما دامت رغبة جنسية ، اين الشعور المصاحب للرغبة ؟ لنفترض ان شخصا يرغب بان يكون مليونيرا ، هل هو يرغب فقط الان ؟ ام انه يتذوق المتعة و هو يرغب ؟ انه وهو يتمنى يتخيل نفسه وهو يتلذذ ويشتري ما يشاء ويلبس ما يشاء وتلاحقه كاميرات المصورين ، وتعجب به الجميلات ..

اذن لا رغبة بدون شعور متعة . و فرويد لم يعرف ولا حتى هذه !!

اذن فرويد يخالف المنطق والواقع حينما جعل الاحلام تعبر عن رغبة جنسية و لكن بدون لذة ! كل الاشياء التي نرغبها نشعر بلذتها ، و كل الاشياء التي نرهبها نشعر بخوف منها و الم منها وكراهية لها ، حتى لو لم تقع ، و هذا موجود في احلامنا وفي يقظتنا ، و فرويد خالف هذه الحقيقة ، ليدلل و يزيد الادلة في انه لا يفهم الانسان .

5 - الراس المقطوع :

يا للفظاعة والوحشية !! طفل في عامه الرابع يتمنى ان يرى راس ابيه على طبق حتى لا ينافسه على امه ! اين هي احداث اليوم السابق ؟ اين هي حاجة الطفل لوالده ؟ كيف غابت مع ان فرويد يفكر بمنطق المصلحة فقط ؟ الا يمكن ان يكون هذا الطفل سمع قصة مرعبة ، خصوصا و ان والده غائب عنه ؟ و والده يشعره بالامن بلا شك . طبيعي ان يحلم الطفل باحلام مخيفة عندما يفتقد احد والديه .

ثم انه يرى راس والده مقطوعا ، هذا امر يؤكد خوفه على والده ان يفقده الى الابد ، تماما عكس تفسير فرويد . فرويد يشير الى ان الطفل يكره والده ، و انا اشير الى انه خائف على والده ، و لا شك ان قدوم الوالد الى المنزل سوف يرجح الراي الصحيح و التفسير المنطقي ، لا شك انه سيبتسم و يجري الى والده ، ولو كان تفسير فرويد صحيحا لشعر بالكآبة اذا رأى والده مقبلا ، لانه سينافسه على الاهتمام بوالدته .

ثم ان فكرة الانانية التي يرددها فرويد غير منطقية ، فالاطفال وغير الاطفال يعرفون ان مزاج والدتهم او والدهم (وبالتالي مزاجهم) غالبا ما يكون افضل كلما كثر الموجودون ، و ليس شرطا انه كلما قل عدد افراد الاسرة (بما فيهم الوالد) زاد نصيب الطفل من الاهتمام . قد يكون الامر بالعكس ، لان الام ستكون مشغولة بالاعباء التي كان سيتحملها الوالد و الاخرون ، فتنشغل عن الطفل ولا تدلعه . هذا غير ان مزاجها و هي في حالة وحدة لا يساعد على جو المرح الذي يريده الطفل . لهذا الطفل يفرح بكثرة الموجودين و نلاحظ انتعاشهم ، و نلاحظ شعورهم بالكآبة كلما اتجه الوضع الى الوحدة و قلة الموجودين ..

لهذا فالاطفال يحبون الحفلات مع كثرة الموجودين ، مع ان نصيبهم من الاهتمام سيكون اقل . اذن لماذا يحب الاطفال الحفلات ؟ هذا يثبت خطأ فكرة فرويد من ان الطفل مخلوق اناني . ثم انه لم يعرف حاجة الطفل ، الطفل لا يحتاج الى تدليع بالاكل والشرب والالعاب ، بل يريد الآخرين ، يريد ان يتفاعل معهم ويتعلم منهم ، فالطفل محتاج للتعليم اكثر من حاجته للتدليع من اكل و شرب والعاب يمارسها لوحده بملل .

دائما يدور فرويد حول فكرة استئثار الطفل باهتمام والدته او والده ، دون ان يفسر لنا ما هو هذا الاهتمام و ما كيفيته . ان كان يقصد هذه الماديات ، فالطفل يمل منها بسرعة . الطفل يحب ان يعيش بين الناس ومن كل الاعمار وليس فقط الاطفال أو منفردا مع والدته ، لانه يعرف انها لا تستطيع ان تقدم له كل ما يريد . ويعلم ان غيرها يجيد ما لا تجيد امه . اذن ليس صحيحا ان كل طفل يريد ان يستاثر باهتمام والديه و يبعد الاخرين ، لسبب بسيط ، وهو انه يستفيد من الاخرين مثلما يستفيد من والديه ، و يجد عندهم ما لا يجده عند والديه ، حتى لو رغبا بذلك و ابديا اهتمامهما . الطفل انسان ومن الصعب حصر حاجات الانسان بحيث يستطيع ان يقدمها شخص واحد و بشكل دائم .

الطفل يميز بين ما يمكن ان تقدمه والدته ، وبين ما يمكن ان يقدمه له والده ، و يعرف انهما مختلفين و ليسا شيئا واحدا . كما يعرف ان لدى المجتمع الكبير ما ليس لدى والديه ..

نسي فرويد ان الانسان مخلوق اجتماعي ، و ليس مصلحيا ماديا نفعيا فقط ، بل ان شعور الوحدة يجعل الانسان يتحمل التواجد مع منافسين او من يضايقونه احيانا ، معتبرا ذلك اهون الشرين بالنسبة لحياة العزلة والوحدة المخيفة ، و لهذا فاشد العقوبات هي حالة السجن الانفرادي ، مع ان السجين يستاثر بالطعام و رعاية السَّجان لوحده .

ولو صدقنا بمنطق فرويد من ان الطفل يريد ان يخلي المنزل من الاخرين ، بما فيهم والده ، لما صدقنا ان اليتم امر سيء . فرويد وضع نفسه في موضع يدافع فيه عن اليتم بانه افضل حالة يعيش فيها الطفل . عندما يعيش طفل وحيد مع امه بدون اب ، قلما تسلم شخصيته و نفسيته حتى عندما يكبر ، لماذا ؟ المفترض ان يكون هو اسعد الناس بموجب منطق فرويد المعوجّ ، لكننا نراهم يغارون من الاولاد الذين لهم آباء ، و هكذا فرويد يحمل السلم بالعرض و يصطدم بكل شيء واقعي و مسلـّم به . و مع ذلك ما اكثر من ينافحون عن افكاره بدافع الهوى طبعا وليس بدافع المنطق ولا الواقع . فهل فعلا قرأوا فرويد مثل هذه القراءة ؟ ام انهم وجدوه يخدم اهواءهم فطبلوا له ؟

http://1.bp.blogspot.com/-nv7HEhAaF1g/T5pui-CiZFI/AAAAAAAAANg/XDySngDuq4w/s1600/99.jpg

6 – السلالم :

و من لم يشاهد سلالم في احلامه ابدا : هل هذا يعني ان ليس لديه رغبة جنسية ابدا ؟ و ما علاقة السلالم بالجنس ؟ بل اين وجه الشبه حتى يعتبرها رمزا ؟ نحن امام تخريف ليس الا . و قمة التخريف الا تجد شيئا تقوله ، مثلما يقولون : (بلا تعليق) .. نتيجة لفقدان اي رابط منطقي تستطيع ان تناقش فيه الفكرة . وهذا هو مقياس عمق الخرافة : الا تجد شيئا تقوله تجاهها ، لبعدها عن المنطقية .

و ما دخل السلم الموسيقي بسلالم المباني ؟ اذن لو وجد شخص اسمه "سـُلـَّم" ، و رايته في الحلم ، هل سيكون رمزا جنسيا ؟ اسفاف عقلي الى ادنى درجات سلم العقل و ليس سلم بلوم .

تفسيرها اسهل :

من الواضح و المتكرر عند فرويد ، انه يصنّف الامراض العصبية و العقلية من خلال نسبة العفاف عند اي شخص ، فعلى قدر التعفف يكون المرض العصبي و العقلي ، و هذه المحاولة الخبيثة يستغل بها آلام الناس النفسية و العصبية ليقول لهم : علاجكم في الاباحية ، و اي اشمئزاز او تعفف سوف يعني انكم مرضى عصبيين و عقليين بسبب الكبت الجنسي ! و إن بدا لكم انكم عقلاء !!

أين الرابط بين العقل والجنس ؟ اريد ان افهم !! لو اتبعنا منطقه ، لكانت فحول المواشي اعقل العقلاء واصح الاصحاء ، لو اتبعنا كلامه لصار التيس فيلسوفا كما يقول المثل الامريكي ، ليس بسبب اللحية و لكن بسبب الحرية الجنسية اليومية مع قطيع من الماعز .

وانت تقرا لفرويد و مرضاه ، لا تجد الخلل في التفكير عند المرضى قدر ما تجده عند المعالج ، حتى تسميتهم بالمرضى هي تسمية ظالمة ، لانه لا يظهر اي خلل عقلي في كلامهم الذي يورده ، بينما التناقض وعدم المنطقية واضح جدا في كلامه هو !! فمن الذي كان اولى بالمعالجة ؟ هذا الوضع سوف يفاجئ به كل من يقرأ لفرويد بحيادية ، سوف يستغرب لماذا يسميهم مرضى ، و اين صور خللهم العقلي .. ولماذا لا يسمى هو مريضا ، مع انه يربط بين اشياء بلا روابط منطقية ، و هذه اوضح صور الجنون .

حلم الفتاة :

اذن هو يقر بان اللاشعور يعترف بالطهارة و يحترمها ! اليس هذا مناقضا لجملة كلامه ؟ و كيف تناقض اللاشعور مع نفسه بحيث يريد الاباحية المطلقة بالجنس ، و بنفس الوقت يقدس الطهارة ؟ ثم كيف لعاقل ان يستطيع تصديق فرويد وهو يربط كل شيء بدوافع جنسية ؟ حتى انواع الزهور صنفها تصنيفا جنسيا ، ليته توقف عند حد الزهور ، لقد صنف السلالم والقبعات والجبال و الوديان والاشجار ، و مستعد لتصنيف باقي مظاهر التضاريس و العوامل الجوية ، كلها صهرها في بوتقة الجنس ! و كأن ليس للانسان اي اهتمام آخر سوى ممارسة الجنس .

العاقل لا يستطيع ان يصدق هذا ابدا ، وهو يرى قضايا البشرية التي تـُخسَر الدماء لاجلها بعيدة كل البعد عن هذا التفسير الدنيء , مما يعني ان فرويد يمارس التخريف و التجديف لوحده في بحر النفس البشرية الذي لا يعرفه مطلقا و ليس من رواده . بل هو آخر شيء يمكن ان يكون يعرفه .

http://1.bp.blogspot.com/-O3TDJsZIWxg/T5pyx_eAwBI/AAAAAAAAANs/GIELYqunPxo/s1600/99+%281%29.jpg

http://4.bp.blogspot.com/-NCNjjaBKE7I/T5py9wEFGtI/AAAAAAAAAN0/EMQxSlL0RlU/s1600/99+%282%29.jpg

حلم بسمارك :

اين اختفى الجنس من حلم بسمارك ؟ اليس بسمارك رجلا و له رغبة جنسية ؟ ام ان التفسيرات الجنسية للعوام فقط لكي تشيع الفاحشة بينهم و يـُقادوا كالقطيع بعد ان يحولوا الى حياة حيوانية ، و ليست للرؤساء الماسونيين ؟ الم يكن في حلم بسمارك تلالا خضراء وصعود الى اعلى ؟ لماذا لا يرمز كل هذا لاعضاء جنسية ؟ يا له من مفسّر علمي لا يسير على منهج له معالم !! هل هذا هو فرويد ؟

و هذا السوط : اليس شيئا مستطيلا ؟ اين رموز فرويد ؟ اختفت هذه المرة !! هذا هو التلاعب بعقول الناس .. لأنه يريد ان يمجد بسمارك و يعظم احلامه ، اما احلامنا نحن فإلى الحضيض .. لماذا فسر صعود ذلك الرجل العادي بالسلالم برغبة جنسية مكبوتة ، و لم يفعل ذلك مع بسمارك ؟ طبعا حتى لا يـُخرجه مريضا عصبيا ! اما الـ99% فهم مرضى عقليين و عصبيين ويحتاجون إلى علاج في دور الدعارة ..

و بعد هذا .. فمن شاء ان يبقي على مكانة فرويد عنده فهذا شأنه ، و من شاء ان يدافع عنها لاجل الاخرين ، فعليه ان يفند كلامي السابق كله بطريقة منطقية و ليست عاطفية . وإلا سيكون صاحب هوى ليس الا .. لأن فرويد سقط .. بالمنطق .. و ما يسقط بالمنطق لا يقيمه إلا المنطق ..

--------------------------------------------

وشكرا على القراءة والمتابعة ..