المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاستعمار الثقافي



مواطن
03-16-2012, 04:09 PM
الفرانكفونية.. حول سؤال النشأة


استعملت كلمة الفرانكفونية بإحالة وصفية خالصة، منذ 1880، وذلك على يد الكثير من الجغرافيين، لكن تحول الكلمة إلى مصطلح يحيل على دلالة مركزة، لم يتم إلا مع الجغرافي الفرنسي 1837- 1916 (onesime reclus) وذلك بعد الحرب العالمية الثانية، في عدد خاص من مجلة (esprit) سنة 1962.


لكن هذا المصطلح لم يعرف انتشاره الحقيقي والواسع، إلا مع الزعيم الإفريقي "ليوبولد سيدار سنغور" leopold sedar senghor. الذي شغل منصب رئاسة السنغال مباشرة بعد خروج فرنسا، وهو خريج الأكاديمية الفرنسية، التي تأسست خلال مرحلة القرن السابع عشر على عهد لويس xiii. وكان عملها متمركزا حول ترسيخ اللغة الفرنسية ونشرها عبر العالم، وتعتبر هذه الأكاديمية البداية التأسيسية للمراكز الثقافية الفرنسية، التي ستعمل فرنسا على نشرها عبر المعمور، وخصوصا في مستعمراتها السابقة.


ومن خلال ارتباط اسم الزعيم الإفريقي (السنغالي) باسم هذه الأكاديمية، يمكن منذ البداية أن نستوعب الشكل الجديد الذي رسمته فرنسا لحركتها الاستعمارية، التي ستحولها إلى استعمار ثقافي، وهو في جوهره أقوى وأعنف من الاستعمار العسكري السابق، وذلك لأن الهدف في الشكلين معا من الاستعمار، هو الهيمنة والاستغلال الاقتصادي.


وإذا كان الشكل الأول من الاستعمار واضحا وقابلا للمقاومة المسلحة، وهذا ما تم حتى اندحر، فإن الشكل الثاني من الاستعمار يعتمد قفازا حريريا، ولذلك يتمكن من التسلل خفية، ويحقق أهدافه الإستراتيجية بكل أمان، بل وبمساعدة من المستعمر (بفتح الميم).


هذا الطابع الاستعماري لمصطلح الفرانكفونية، كما وضعه الجغرافي الفرنسي وروج له الزعيم الفرانكفوني السنغالي، هو ما يعلن عنه صراحة الطابع الإتمولوجي لكلمة فرانكفونية francophonie حيث نجد المعجم الفرنسي يتعامل مع الكلمة من منظورين:


- المنظور الأول: حينما تحيل الكلمة على المتكلم للغة الفرنسية (من دون شرط الانتماء إلى دولة تنتمي إلى الفضاء الفرانكفوني)، وفي هذه الحالة يكتب الحرف الأول من الكلمة بشكل مصغر minuscule على الشكل التالي: Francophonie


- المنظور الثاني: حينما تحيل الكلمة على من ينتمي إلى بلد فرانكفوني - وهو بالضرورة يتكلم الفرنسية من منظور المعجم الفرنسي- وينتمي كذلك إلى بلد عضو في المنظمة العالمية الفرانكفونية. وفي هذه الحالة يكتب الحرف الأول من الكلمة بشكل مكبر majuscule على الشكل التالي: Francophonie


ويحيل هذا الطابع الإتمولوجي للكلمة على أبعاد إيديولوجية، تتجاوز ما يروج من طرف الفرانكفونيين، من أن الفرانكفونية تسعى إلى ترسيخ التبادل الثقافي واللغوي بين الحضارات والشعوب، بعيدا عن أية خلفيات أخرى!!! فالمعجم الفرنسي واضح في هذا الأمر، عندما يريد استعمال الكلمة بمعناها اللغوي (نسبة إلى متكلم اللغة الفرنسية) من دون خلفيات إيديولوجية، يرسم الكلمة على الشكل الأول. لكن الأمر مختلف جذريا عندما يرسم الكلمة على الشكل الثاني، حيث تفوح رائحة الإيديولوجية حتى تزكم الأنوف، إلا للذين عدموا حاسة الشم - طبعا-!!!


ولعل المعنى الحقيقي للفرانكفونية، هو ما يحمله الشكل الثاني، لأن ظهور الكلمة وتحولها فيما بعد إلى مصطلح دقيق، ارتبط بفترة انسحاب فرنسا من مستعمراتها السابقة، تحت ضربات المقاومة المسلحة (وخصوصا في المغرب العربي)، ولذلك تبلور المصطلح بهدف تحويل الخطة، من استعمار عسكري إلى استعمار ثقافي، يمر عبر الاختراق اللغوي. لكن الإستراتيجية ظلت هي نفسها، الخروج من الباب والدخول من النافذة.


لقد كانت فرنسا واعية تمام الوعي، بأن تحقيق الاستمرارية، في بسط الهيمنة على مستعمراتها، لا يمر بالضرورة عبر التواجد العسكري، ولكن قد يكون الأمر أقل كلفة وأكثر ربحا، من منظور الاستعمار الثقافي. وما دامت اللغة هي المدخل الرئيسي في أي استعمار بهذا الشكل، فإن الأمر كان يتطلب التفكير في الوسائل اللازمة لفرض اللغة الفرنسية على المستعمرات، إما كلغة أولى (السنغال مثلا)، أو على الأقل كلغة ثانية (نموذج دول المغرب العربي).


وإذا كان التحكم في الأجساد يمر عبر التحكم في العقول والأرواح كما كان يروج دهاقنة الاستعمار، فإن أسهل وسيلة لتحقيق هذا الهدف، هي الاختراق اللغوي، ويمر ذلك عبر تقديم اللغة الفرنسية على طابق من ذهب للمستعمرات القريبة العهد باستقلالها الشكلي، باعتبار اللغة الفرنسية لغة الحضارة ولغة الإنسان الأبيض، الذي قدمه الاستشراف باعتباره مركز العالم.


وإذا كانت اللغة هي المدخل الرئيسي لتشكيل الهوية، فإن فرنسا، وعبر اختراقها اللغوي للمستعمرات السابقة، كانت تضرب عصفورين بحجر واحد، فهي من جهة تسعى إلى تكسير هويات المستعمرات، حتى تشل حركتها على المقاومة، لأن الجسد المقاوم هو فكر وروح متماسكين دينيا ولغويا وثقافيا... ومن جهة أخرى كانت تسعى إلى تعويض هذه الهويات بالهوية الاستعمارية البديلة، والهدف الاستراتيجي هو - طبعا- تحقيق السيطرة على المستعمرات لأطول وقت ممكن، من خلال تحقيق استمرارية استغلالها اقتصاديا، سواء كمناجم للمواد الأولية وأيدي عاملة رخيصة، أو كسوق استهلاكية واسعة، تفتخر فرنسا بأنها تضم أكثر من 200 مليون مستهلك.



,,,,,,,,,,,,,,,,

طبعا هذا هو لب الموضوع الذي يعتبر مطول ومفصل

وتعليقي
فيما يتعلق بهوية ولغات كل دول جنوب الصحراء
الم يحن الوقت بعد لان يستفيق سكان هذه الدول من سباته العميق ؟
الم يحن الوقت للخروج بالثورة ضد النهب الاقتصادي والمطالبة باعادة هويتهم ولغتهم ولغة اجدادهم التي اندثرت والتخلص من النظام الفرانكفوني وثقافته نهائيا ؟
وهل نسوا ما فعله هؤلاء المستعمرون من ممارسات كل انواع الجرائم بحق اجداههم ؟
وايضا الكلام ينطبق على الامريكتين واستراليا


لا ابالغ في هذا الكلام
لان الدول التي سلبت وقتل سكانها
ستعاد الى اهلها (( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ))

فهذه هي فرصتهم

اسوة بالثورات العربية والاقليات التي خرجت وخصوصا في السودان واقليم كردستان العراقي ؟
وبقية الثورات في العالم التي اخذت تشتعل

ابوابراهيم
03-20-2012, 08:17 PM
بارك الله فيك من ضمن استعمارهم مايسمي بالثقافة وهو بالاصل محاربة الاسلام كثير من الدول العربية لاتعرف التقويم الهجري وهذا من مطالب الغرب واهتمامه بها
والله اعلم

مواطن
03-21-2012, 10:00 AM
مع ان يوجد الكثير من المسلمين في الدول الافريقية الا ان الصبغة الثقافية الاوروبية طمست الهوية الاسلاية ولغاتهم الاصلية معا
كل ما هو مطلوب هو في كيفية اعادة لغتهم وهويتهم الى كما كانت قبل الاستعمار والتخلص من الهيمنة الاوروبية وثقافتها نهائيا الى ان تنحسر تدريجيا في هذه القارة وخصوصا فرنسا


شاكر لك مرورك الكريم


تحياتي