المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على شبهة النساء ناقصات عقل ودين



عائشة
11-26-2004, 11:26 PM
نقلا من موقع الازهر /
حقائق الإسلام فى مواجهة شبهات المشككين

132- أن النساء ناقصات عقل ودين
الردعلى الشبهة:
المصدر الحقيقى لهذه الشبهة هو العادات والتقاليد الموروثة ، والتى تنظر إلى المرأة نظرة دونية.. وهى عادات وتقاليد جاهلية ، حرر الإسلام المرأة منها.. لكنها عادت إلى الحياة الاجتماعية ، فى عصور التراجع الحضارى مستندة كذلك إلى رصيد التمييز ضد المرأة الذى كانت عليه مجتمعات غير إسلامية ، دخلت فى إطار الأمة الإسلامية والدولة الإسلامية ، دون أن تتخلص تماماً من هذه المواريث.. فسرعة الفتوحات الإسلامية التى اقتضتها معالجة القوى العظمى المناوئة للإسلام قوى الفرس والروم وما تبعها من سرعة امتداد الدولة الإسلامية ، قد أدخلت فى الحياة الإسلامية شعوباً وعادات وتقاليد لم تتح هذه السرعة للتربية الإسلامية وقيمها أن تتخلص تلك الشعوب من تلك العادات والتقاليد ، والتى تكون عادة أشد رسوخاً وحاكمية من القيم الجديدة.. حتى لتغالب فيه هذه العادات الموروثة العقائد والأنساق الفكرية والمثل السامية للأديان والدعوات الجديدة والوليدة ، محاولة التغلب عليها !.
ولقد حاولت هذه العادات والتقاليد بعد أن ترسخت وطال عليها الأمد ، فى ظل عسكرة الدولة الإسلامية فى العهدين المملوكى والعثمانى أن تجد لنظرتها الدونية للمرأة " غطاء شرعيًّا " فى التفسيرات المغلوطة لبعض الأحاديث النبوية وذلك بعد عزل هذه الأحاديث عن سياقها ، وتجريدها من ملابسات ورودها ، وفصلها عن المنطق الإسلامى منطق تحرير المرأة كجزء من تحريره للإنسان ، ذكراً كان أو أنثى هذا الإنسان فلقد جاء الإسلام ليضع عن الناس إصرهم والأغلال التى كانت عليهم ، وليحيى ملكات وطاقات الإنسان مطلق جنس ونوع الإنسان وليشرك الإناث والذكور جميعاً فى حمل الأمانة التى حملها الإنسان ، وليكون بعضهم أولياء بعض فى النهوض بالفرائض الاجتماعية ، الشاملة لكل ألوان العمل الاجتماعى والعام..
لكن العادات والتقاليد الجاهلية فى احتقار المرأة ، والانتقاص من أهليتها ، وعزلها عن العمل العام ، وتعطيل ملكاتها وطاقاتها الفطرية قد دخلت فى حرب ضروس ضد القيم الإسلامية لتحرير المرأة.. وسعت إلى التفسيرات الشاذة والمغلوطة لبعض الأحاديث النبوية والمأثورات الإسلامية كى تكون " غطاءً شرعياً " لهذه العادات والتقاليد..
فبعد أن بلغ التحرير الإسلامى للمرأة إلى حيث أصبحت به وفيه:
* طليعة الإيمان بالإسلام.. والطاقة الخلاقة الداعمة للدين ورسوله صلى الله عليه وسلم كما كان حال أم المؤمنين خديجة بنت خويلد [ 68 3ق هجرية / 556 620م ] رضى الله عنها.. حتى لقد كان عام وفاتها عام حزن المسلمين ورسول الإسلام ودعوة الإسلام..
* وطليعة شهداء الإسلام.. كما جسدتها شهادة سمية بنت خياط [ 7ق هجرية 615م] ، أم عمار بن ياسر [ 57 ق هجرية 37 هجرية /567 657م]..
* وطليعة المشاركة فى العمل العام السياسى منه ، والشورى ، والفقهى ، والدعوى ، والأدبى ، والاجتماعى. بل والقتالى - كما تجسدت فى كوكبة النخبة والصفوة النسائية التى تربت فى مدرسة النبوة..
بعد أن بلغ التحرير الإسلامى للمرأة هذه الآفاق.. أعادت العادات والتقاليد المرأة أو حاولت إعادتها إلى أسر وأغلال منظومة من القيم الغربية عن الروح الإسلامية.. حتى أصبحت المفاخرة والمباهاة بأعراف ترى:
* أن المرأة الكريمة لا يليق بها أن تخرج من مخدعها إلا مرتان: أولاهما: إلى مخدع الزوجية.. وثانيتهما: إلى القبر الذى تُدفن فيه !..
* فهى عورة ، لا يسترها إلا " القبر " !.
ولم أر نعمة شملت كريماً *** كنعمة عورة سُترت بقبر !
وإذا كان الإسلام قد حفظ حياتها من الوأد المادى القتل فإن المجد والمكرمات فى تلك العادات هى فى موتها !
ومن غاية المجد والمكرمات *** بقاء البنين وموت البنات !
تهوى حياتى وأهوى موتها شفقا *** والموت أكرم نزّال على الحرم !
* وشوراها شؤم يجب اجتنابها.. وإذا حدثت فلمخالفتها ، وللحذر من الأخذ بها !.
والأكثر خطورة من هذه الأعراف والعادات والتقاليد ، التى سادت أوساطا ملحوظة ومؤثرة فى حياتنا الاجتماعية ، إبان مرحلة التراجع الحضارى ، هى التفسيرات المغلوطة لبعض المرويات الإسلامية بحثاً عن مرجعية إسلامية وغطاء شرعى لقيم التخلف والانحطاط التى سادت عالم المرأة فى ذلك التاريخ.. لقد كان الحظ الأوفر فى هذا المقام للتفسير الخاطىء الذى ساد وانتشر لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه البخارى ومسلم عن نقص النساء فى العقل والدين.. وهو حديث رواه الصحابى الجليل أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه فقال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أضحى أو فِطْر إلى المصلى فمرّ على النساء ، فقال:
- " يا معشر النساء ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ".
- قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله ؟.
- قال: " أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل " ؟.
- قلن: بلى.
- قال: " فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم ؟ ".
- قلن: بلى.
- قال: " فذلك من نقصان دينها ".
ذلكم هو الحديث الذى اتّخذَ تفسيره الملغوط ولا يزال " غطاء شرعيًّا " للعادات والتقاليد التى تنتقص من أهلية المرأة.. والذى ينطلق منه نفر من غلاة الإسلاميين فى " جهادهم " ضد إنصاف المرأة وتحريرها من أغلال التقاليد الراكدة.. وينطلق منه المتغربون وغلاة العلمانيين فى دعوتهم إلى إسقاط الإسلام من حسابات تحرير المرأة ، وطلب هذا التحرير فى النماذج الغربية الوافدة..
الأمر الذى يستوجب إنقاذ المرأة من هذه التفسيرات المغلوطة لهذا الحديث.. بل إنقاذ هذا الحديث الشريف من هذه التفسيرات !..
وذلك من خلال نظرات فى " متن " الحديث و " مضمونه " نكثفها فى عدد من النقاط:
أولاها: أن الذاكرة الضابطة لنص هذا الحديث قد أصابها ما يطرح بعض علامات الاستفهام.. ففى رواية الحديث شك من الرواى حول مناسبة قوله.. هل كان ذلك فى عيد الأضحى ؟ أم فى عيد الفطر؟.. وهو شك لا يمكن إغفاله عند وزن المرويات والمأثورات.
وثانيتها: أن الحديث يخاطب حالة خاصة من النساء ، ولا يشرّع شريعة دائمة ولا عامة فى مطلق النساء.. فهو يتحدث عن "واقع " والحديث عن " الواقع " القابل للتغير والتطور شىء ، والتشريع " للثوابت " عبادات وقيمًا ومعاملات شىء آخر..
فعندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إنا أمة أُمية ، لا نكتب ولا نحسب ". رواه البخارى ومسلم والنسائى وأبو داود والإمام أحمد فهو يصف " واقعاً " ، ولا يشرع لتأييد الجهل بالكتابة والحساب ، لأن القرآن الكريم قد بدأ بفريضة " القراءة " لكتاب الكون ولكتابات الأقلام (اقرأ باسم ربك الذى خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذى علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم) (1) ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم الذى وصف " واقع " الأمية الكتابية والحسابية ، وهو الذى غير هذا الواقع ، بتحويل البدو الجهلاء الأميين إلى قراء وعلماء وفقهاء ، وذلك امتثالاً لأمر ربه ، فى القرآن الكريم ، الذى علمنا أن من وظائف جعل الله سبحانه وتعالى القمر منازل أن نتعلم عدد السنين والحساب (هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نوراًوقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون ) (2). فوصف " الواقع " – كما نقول الآن مثلاً: " نحن مجتمعات متخلفة " لا يعنى شرعنة هذا " الواقع " ولا تأييده ، فضلاً عن تأبيده ، بأى حال من الأحوال.
وثالثتها: أن فى بعض روايات هذا الحديث وخاصة رواية ابن عباس رضى الله عنهما ما يقطع بأن المقصود به إنما هى حالات خاصة لنساء لهن صفات خاصة ، هى التى جعلت منهن أكثر أهل النار ، لا لأنهن نساء ، وإنما لأنهن كما تنص وتعلل هذه الرواية " يكفرن العشير " ، ولو أحسن هذا العشير إلى إحداهن الدهر كله ، ثم رأت منه هِنَةً أو شيئاً لا يعجبها ، كفرت كفر نعمة بكل النعم التى أنعم عليها بها ، وقالت بسبب النزق أو الحمق أو غلبة العاطفة التى تنسيها ما قدمه لها هذا العشير من إحسان: " ما رأيت منك خيراً قط " ! رواه البخارى ومسلم والنسائى ومالك فى الموطأ..
فهذا الحديث إذن وصف لحالة بعينها ، وخاص بهذه الحالة.. وليس تشريعاً عامًّا ودائماً لجنس النساء..
ورابعتها: أن مناسبة الحديث ترشح ألفاظه وأوصافه لأن يكون المقصود من ورائها المدح وليس الذم.. فالذين يعرفون خُلق من صنعه الله على عينه ، حتى جعله صاحب الخُلق العظيم(وإنك لعلى خلق عظيم) (3)..
والذين يعرفون كيف جعل الرسول صلى الله عليه وسلم من " العيد " الذى قال فيه هذا الحديث " فرحة " أشرك فى الاستمتاع بها مع الرجال كل النساء ، حتى الصغيرات ، بل وحتى الحُيَّض والنفساء !.. الذين يعرفون صاحب هذا الخلق العظيم ، ويعرفون رفقه بالقوارير ، ووصاياه بهن حتى وهو على فراش المرض يودع هذه الدنيا.. لا يمكن أن يتصوروه صلى الله عليه وسلم ذلك الذى يختار يوم الزينة والفرحة ليجابه كل النساء ومطلق جنس النساء بالذم والتقريع والحكم المؤبد عليهن بنقصان الأهلية ، لنقصانهن فى العقل والدين !..
وإذا كانت المناسبة يوم العيد والزينة والفرحة لا ترشح أن يكون الذم والغم والحزن والتبكيت هو المقصود.. فإن ألفاظ الحديث تشهد على أن المقصود إنما كان المديح ، الذى يستخدم وصف " الواقع " الذى تشترك فى التحلى بصفاته غالبية النساء.. إن لم يكن كل النساء..
فالحديث يشير إلى غلبة العاطفة والرقة على المرأة ، وهى عاطفة ورقة صارت " سلاحاً " تغلب به هذه المرأة أشد الرجال حزماً وشدة وعقلاً.. وإذا كانت غلبة العاطفة إنما تعنى تفوقها على الحسابات العقلية المجردة والجامدة ، فإننا نكون أمام عملة ذات وجهين ، تمثلها المرأة.. فعند المرأة تغلب العاطفة على العقلانية ، وذلك على عكس الرجل ، الذى تغلب عقلانيته وحساباته العقلانية عواطفه.. وفى هذا التمايز فقرة إلهية ، وحكمة بالغة ، ليكون عطاء المرأة فى ميادين العاطفة بلا حدود وبلا حسابات.. وليكون عطاء الرجل فى مجالات العقلانية المجردة والجامدة مكملاً لما نقص عند " الشق اللطيف والرقيق ! "..
فنقص العقل الذى أشارت إليه كلمات الحديث النبوى الشريف هو وصف لواقع تتزين به المرأة السوية وتفخر به ، لأنه يعنى غلبة عاطفتها على عقلانيتها المجردة.. ولذلك ، كانت " مداعبة " صاحب الخُلق العظيم الذى آتاه ربه جوامع الكلم للنساء ، فى يوم الفرحة والزينة ، عندما قال: لهن: " إنهن يغلبن بسلاح العاطفة وسلطان الاستضعاف أهل الحزم والألباب من عقلاء الرجال ، ويخترقن بالعواطف الرقيقة أمنع الحصون !:
- " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن "
فهو مدح للعاطفة الرقيقة التى تذهب بحزم ذوى العقول والألباب.. ويا بؤس وشقاء المرأة التى حرمت من شرف امتلاك هذا السلاح الذى فطر الله النساء على تقلده والتزين به فى هذه الحياة ! بل وأيضاً يا بؤس أهل الحزم والعقلانية من الرجال الذين حرموا فى هذه الحياة من الهزيمة أمام هذا السلاح.. سلاح العاطفة والاستضعاف !..
وإذا كان هذا هو المعنى المناسب واللائق بالقائل وبالمخاطب وبالمناسبة وأيضاً المحبب لكل النساء والرجال معاً الذى قصدت إليه ألفاظ " نقص العقل " فى الحديث النبوى الشريف.. فإن المراد " بنقص الدين " هو الآخر وصف الواقع غير المذموم ، بل إنه الواقع المحمود والممدوح !..
فعندما سألت النسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقصود من نقصهن فى الدين ، تحدث عن اختصاصهن " برخص " فى العبادات تزيد على " الرخص " التى يشاركن فيها الرجال.. فالنساء يشاركن الرجال فى كل " الرخص " التى رخّص فيها الشارع 00 من إفطار الصائم فى المرض والسفر.. إلى قصر الصلاة وجمعها فى السفر.. إلى إباحة المحرمات عند الضرورات.. إلخ.. إلخ 00ثم يزدن عن الرجال فى " رخص" خاصة بالإناث ، من مثل سقوط فرائض الصلاة والصيام عن الحيَّض والنفساء.. وإفطار المرضع ، عند الحاجة ، فى شهر رمضان.. إلخ.. إلخ..
وإذا كان الله سبحانه وتعالى يحب أن تُؤتَى رخصه كما يحب أن تُؤتَى عزائمه ، فإن التزام النساء بهذه " الرخص " الشرعية هو الواجب المطلوب والمحمود ، وفيه لهن الأجر والثواب.. ولا يمكن أن يكون بالأمر المرذول والمذموم.. ووصف واقعه فى هذا الحديث النبوى مثله كمثل وصف الحديث لغلبة العاطفة الرقيقة الفياضة على العقلانية الجامدة ، عند النساء ، هو وصف لواقع محمود.. ولا يمكن أن يكون ذمًّا للنساء ، ينتقص من أهلية المرأة ومساواتها للرجال ، بأى حال من الأحوال.
إن العقل ملكة من الملكات التى أنعم الله بها على الإنسان ، وليس هناك إنسان رجلاً كان أو امرأة يتساوى مع الآخر مساواة كلية ودقيقة فى ملكة العقل ونعمته.. ففى ذلك يتفاوت الناس ويختلفون.. بل إن عقل الإنسان الواحد وضبطه ذكراً كان أو أنثى يتفاوت زيادة ونقصاً بمرور الزمن ، وبما يكتسب من المعارف والعلوم والخبرات.. وليست هناك جبلة ولا طبيعة تفرق بين الرجال والنساء فى هذا الموضوع..
وإذا كان العقل فى الإسلام هو مناط التكليف ، فإن المساواة بين النساء والرجال فى التكليف والحساب والجزاء شاهدة على أن التفسيرات المغلوطة لهذا الحديث النبوى الشريف ، هى تفسيرات ناقصة لمنطق الإسلام فى المساواة بين النساء والرجال فى التكليف.. ولو كان لهذه التفسيرات المغلوطة نصيب من الصحة لنقصت تكاليف الإسلام للنساء عن تكليفاته للرجال ، ولكانت تكاليفهن فى الصلاة والصيام والحج والعمرة والزكاة وغيرها على النصف من تكاليف الرجال !.
ولكنها " الرخصة "، التى يُؤجر عليها الملتزمون بها والملتزمات ، كما يُؤجرون جميعاً عندما ينهضون بعزائم التكاليف.. إن النقص المذموم فى أى أمر من الأمور هو الذى يمكن إزالته وجبره وتغييره ، وإذا تغير وانجبر كان محموداً.. ولو كانت " الرخص " التى شرعت للنساء بسقوط الصلاة والصيام للحائض والنفساء مثلاً نقصًا مذمومًا ، لكان صيامهن وصلاتهن وهن حُيّض ونفساء أمرًا مقبولاً ومحمودًا ومأجورًا.. لكن الحال ليس كذلك ، بل إنه على العكس من ذلك.
وأخيرًا ، فهل يعقل عاقل.. وهل يجوز فى أى منطق ، أن يعهد الإسلام ، وتعهد الفطرة الإلهية بأهم الصناعات الإنسانية والاجتماعية صناعة الإنسان ، ورعاية الأسرة ، وصياغة مستقبل الأمة إلى ناقصات العقل والدين ، بهذا المعنى السلبى ، الذى ظلم به غلاة الإسلاميين وغلاة العلمانيين الإسلام ، ورسوله الكريم ، الذى حرر المرأة تحريره للرجل ، عندما بعثه الله بالحياة والإحياء لمطلق الإنسان (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) (4) فوضع بهذا الإحياء ، عن الناس كل الناس ما كانوا قد حُمِّلوا من الآصار والأغلال (الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوباً عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم..) (5).
إنها تفسيرات مغلوطة ، وساقطة ، حاول بها أسرى العادات والتقاليد إضفاء الشرعية الدينية على هذه العادات والتقاليد التى لا علاقة لها بالإسلام.. والتى يبرأ منها هذا الحديث النبوى الشريف..
وإذا كان لنا فى ختام إزالة هذه الشبهة أن نزكى المنطق الإسلامى الذى صوبنا به معنى الحديث النبوى الشريف ، وخاصة بالنسبة للذين لا يطمئنون إلى المنطق إلا إذا دعمته وزكته " النصوص " ، فإننا نذكر بكلمات إمام السلفية ابن القيم ، التى تقول: " إن المرأة العدل كالرجل فى الصدق والأمانة والديانة " (6).
وبكلمات الإمام محمد عبده ، التى تقول:
" إن حقوق الرجل والمرأة متبادلة ، وإنهما أكفاء.. وهما متماثلان فى الحقوق والأعمال ، كما أنهما متماثلان فى الذات والإحساس والشعور والعقل ، أى أن كلا منهما بشر تام له عقل يتفكر فى مصالحه ، وقلب يحب ما يلائمه ويُسَرُّ به ، ويكره ما لا يلائمه وينفر منه..(7) ".
وبكلمات الشيخ محمود شلتوت ، التى تقول:
" لقد قرر الإسلام الفطرة التى خلقت عليها المرأة.. فطرة الإنسانية ذات العقل والإدراك والفهم.. فهى ذات مسئولية مستقلة عن مسئولية الرجل ، مسئولة عن نفسها ، وعن عبادتها ، وعن بيتها ، وعن جماعتها.. وهى لا تقل فى مطلق المسئولية عن مسئولية أخيها الرجل ، وإن منزلتها فى المثوبة والعقوبة عند الله معقودة بما يكون منها من طاعة أو مخالفة ، وطاعة الرجل لا تنفعها وهى طالحة منحرفة ، ومعصيته لا تضرها ، وهى صالحة مستقيمة(ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون نقيرا) (8) (فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) (9).
وليقف المتأمل عند هذا التعبير الإلهى " بعضكم من بعض " ، ليعرف كيف سما القرآن بالمرأة حتى جعلها بعضاً من الرجل ، وكيف حدَّ من طغيان الرجل فجعله بعضاً من المرأة. وليس فى الإمكان ما يُؤدَّى به معنى المساواة أوضح ولا أسهل من هذه الكلمة التى تفيض بهاطبيعة الرجل والمرأة ، والتى تتجلى فى حياتهما المشتركة ، دون تفاضل وسلطان (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) (10).
وإذا كانت المرأة مسئولة مسئولية خاصة فيما يختص بعبادتها ونفسها ، فهى فى نظر الإسلام أيضاً مسئولة مسئولية عامة فيما يختص بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والإرشاد إلى الفضائل ، والتحذير من الرذائل. وقد صرح القرآن بمسئوليتها فى ذلك الجانب ، وقرن بينها وبين أخيها الرجل فى تلك المسئولية ، كما قرن بينها وبينه فى مسئولية الانحراف عن واجب الإيمان والإخلاص لله وللمسلمين (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) (11) (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون * وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هى حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم) (12).
فليس من الإسلام أن تلقى المرأة حظها من تلك المسئولية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهى أكبر مسئولية فى نظر الإسلام على الرجل وحده ، بحجة أنه أقدر منها عليها ، أو أنها ذات طابع لا يسمح لها أن تقوم بهذا الواجب ، فللرجل دائرته ، وللمرأة دائرتها ، والحياة لا تستقيم إلا بتكاتف النوعين فيما ينهض بأمتهما ، فإن تخاذلا أو تخاذل أحدهما انحرفت الحياة الجادة عن سبيلها المستقيم..
والإسلام فوق ذلك لم يقف بالمرأة عند حد اشتراكها مع أخيها الرجل فى المسئوليات جميعها خاصها وعامها بل رفع من شأنها ، وكرر تلقاء تحملها هذه المسئوليات احترام رأيها فيما تبدو وجاهته ، شأنه فى رأى الرجل تماماً سواءً بسواء. وإذا كان الإسلام جاء باختيار آراء بعض الرجال ، فقد جاء أيضاً باختيار رأى بعض النساء.
وفى سورة المجادلة احترم الإسلام رأى المرأة ، وجعلها مجادلة ومحاورة للرسول ، وجمعها وإياه فى خطاب واحد(والله يسمع تحاوركما) (13) وقرر رأيها ، وجعله تشريعاً عامًّا خالداً.. فكانت سورة المجادلة أثراً من آثار الفكر النسائى ، وصفحة إلهية خالدة نلمح فيها على مر الدهور صورة احترام الإسلام لرأى المرأة ، فالإسلام لا يرى المرأة مجرد زهرة ، ينعم الرجل بشم رائحتها ، وإنما هى مخلوق عاقل مفكر ، له رأى ، وللرأى قيمته ووزنه.
وليس هناك فارق دينى بين المرأة والرجل فى التكليف والأهلية ، سوى أن التكليف يلحقها قبل أن يلحق الرجل ، وذلك لوصولها - بطبيعتها - إلى مناط التكليف ، وهو البلوغ ، قبل أن يصل إليه الرجل (14).
هكذا تضافرت الحجج المنطقية مع نصوص الاجتهاد الإسلامى على إزالة شبهة الانتقاص من أهلية المرأة ، بدعوى أن النساء ناقصات عقل ودين..
وهكذا وضحت المعانى والمقاصد الحقة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذى اتخذت منه التفسيرات المغلوطة " غطاءً شرعيًّا " للعادات والتقاليد الراكدة ، تلك التى حملها البعض من غلاة الإسلاميين على الإسلام ، زوراً وبهتانًا.. والتى حسبها غلاة العلمانيين ديناً إلهيًّا ، فدعوا - لذلك - إلى تحرير المرأة من هذا الإسلام !.
لقد صدق الله العظيم إذ يقول:(سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ) (15).
إننا نلح منذ سنوات طوال وقبلنا ومعنا الكثيرون من علماء الإسلام ومفكريه على أن هذا الدين الحنيف إنما يمثل ثورة كبرى لتحرير المرأة ، لكن الخلاف بيننا وبين الغرب والمتغربين هو حول " نموذج "هذا التحرير.. فهم يريدون المرأة ندًّا مساوياً للرجل.. ونحن مع الإسلام نريد لها " مساواة الشقين المتكاملين ، لا الندين المتماثلين ".. وذلك ، لتتحرر المرأة ، مع بقائها أنثى ، ومع بقاء الرجل رجلاً ، كى يثمر هذا التمايز الفطرى بقاء ، ويجدد القبول والرغبة والجاذبية والسعادة بينهما سعادة النوع الإنسانى.

عائشة
11-26-2004, 11:27 PM
ونلح على أن هذا " التشابه.. والتمايز " بين النساء والرجال ، هو الذى أشار إليه القرآن الكريم عندما قرن المساواة بالتمايز ، فقالت آياته المحكمات: (ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) (16) (وليس الذكر كالأنثى) (17).
نلح على ذلك المنهاج فى التحرير الإسلامى للمرأة.. ولقد شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يشهد شاهد من أهلها على صدق هذا المنهاج الإسلامى ، فتنشر صحيفة [ الأهرام ] تقريراً علمياً عن نتائج دراسة علمية استغرقت أبحاثها عشرين عاماً ، وقام بها فريق من علماء النفس فى الولايات المتحدة الأمريكية ، وإذا بها تكشف عن مصداقية حقائق هذا المنهاج القرآنى فى تشابه الرجال والنساء فى اثنين وثلاثين صفة.. وتميّز المرأة عن الرجل فى اثنتين وثلاثين صفة.. وتميز الرجل عن المرأة كذلك فى اثنتين وثلاثين صفة–فهناك التشابه: (ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف)،(خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها) (18) (بعضكم من بعض) (19). وهناك التمايز الفطرى (وليس الذكر كالأنثى).. فهما يتشابهان فى نصف الصفات ، ويتمايزان فى نصفها الآخر..
فالنموذج الأمثل لتحررهما معاً هو " مساواة الشقين المتكاملين ، لا الندين المتماثلين ".. ولذلك ، آثرت أن أقدم للقارئ خلاصة هذه الدراسة العلمية ، كما نشرتها [ الأهرام ]–- تحت عنوان [ اختلاف صفات الرجل عن المرأة لمصلحة كليهما ] - ونصها:
" فى دراسة قام بها علماء النفس فى الولايات المتحدة الأمريكية ، على مدى عشرين عاماً ، تم حصر عدد الصفات الموجودة فى كل من الرجل والمرأة ، ووجد أن هناك 32 صفة مشتركة فى كل منهما ، وأن 32 صفة أخرى موجودة فى الرجل ، و32 صفة أخرى موجودة عند المرأة ، بدرجات مختلفة فى الشدة ، ومن هنا جاءت الفروق بين صفات الرجولة والأنوثة.
وتوصل العلماء من خلال هذه التجارب إلى أن وجود نصف عدد الصفات مشتركة فى كل من الرجل والمرأة يعمل على وجود الأسس المشتركة بينهما ، لتسهيل التفاهم والتعامل مع بعضهما البعض..
أما وجود عدد آخر من الصفات متساوياً بينهما ومختلفاً عند كل منهما فى الدرجة والشهرة فمعناه تحقيق التكامل بينهما. كما توصلوا إلى أنه كى يعيش كل من الرجل والمرأة فى انسجام وتناغم تام ، لابد أن يكون لدى كل منهما الصفات السيكولوجية المختلفة ، فمثلاً الرجل العصبى الحاد المزاج لا يمكنه أن يتعايش مع امرأة عصبية حادة المزاج ، والرجل البخيل عليه ألا يتزوج امرأة بخيلة ، والرجل المنطوى ، الذى لا يحب الناس ، لا يجوز أن يتزوج من امرأة منطوية ولا تحب الناس. وهكذا.
وكان من نتائج هذه الدراسات الوصول إلى نتيجة مهمة ، ألا وهى أن كل إنسان يحب ألا يعيش مع إنسان متماثل معه فى الصفات وكل شىء ، أى صورة طبق الأصل من صفاته الشخصية ، ومن هنا جاءت الصفات المميزة للرجولة متمثلة فى: قوة العضلات وخشونتها والشهامة ، والقوة فى الحق ، والشجاعة فى موضع الشجاعة ، والنخوة ، والاهتمام بمساندة المرأة وحمايتها والدفاع عنها وجلب السعادة لها. كما تتضمن أيضاً صفات الحب ، والعطاء ، والحنان ، والكرم ، والصدق فى المشاعر وفى القول وحسن التصرف.. إلخ.
أما عن صفات الأنوثة ، فهى تتميز بالدفء ، والنعومة ، والحساسية ، والحنان ، والتضحية ، والعطاء ، وحب الخير ، والتفانى فى خدمة أولادها ، والحكمة ، والحرص على تماسك الأسرة وترابطها ، وحب المديح ، والذكاء ، وحسن التصرف ، وغير ذلك من الصفات..
ولذلك ، فمن المهم أن يكون لدى كل من الرجل والمرأة دراية كافية بطبيعة الرجل وطبيعة المرأة ، وبذلك يسهل على كل منهما التعامل مع الطرف الآخر فى ضوء خصائص كل منهما.. فعندما يعرف الرجل أن المرأة مخلوق مشحون بالمشاعر والأحاسيس والعواطف ، فإنه يستطيع أن يتعامل معها على هذا الأساس. وبالمثل ، إذا عرفت المرأة طبيعة الرجل ، فإن هذا سيساعدها أيضاً على التعامل معه.. (20).
تلك هى شهادة الدراسة العلمية ، التى قام بها فريق من علماء النفس فى الولايات المتحدة الأمريكية والتى استغرق البحث فيها عشرون عاماً.. والتى تصدق على صدق المنهاج القرآنى فى علاقة النساء بالرجال: الاشتراك والتماثل فى العديد من الصفات.. والتمايز فى العديد من الصفات ، لتكون بينهما " المساواة " و " التمايز " فى ذات الوقت..
ومرة أخرى لا أخيرة صدق الله العظيم إذ يقول:(سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شىء شهيد) (21).

-----------------------------------------------------------------

(1) العلق: 1-5.
(2) سورة يونس: الآية 5.
(3) القلم: 4.
(4) الأنفال: 24.
(5) الأعراف: 157.
(6) [ الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ] ص 236.
(7) [ الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ] ج4 ص 606. دراسة وتحقيق د. محمد عمارة. طبعة القاهرة 1993م.
(8) النساء: 124.
(9) آل عمران: 195.
(10) النساء: 32.
(11) التوبة: 71.
(12) التوبة: 67- 68.
(13) المجادلة: 1.
(14)[ الإسلام عقيدة وشريعة ] ص 223-228. طبعة القاهرة سنة 1400 هجرية -1980م.
(15) فصلت: 53.
(16) سورة البقرة: 228.
(17) سورة آل عمران: 36.
(18) سورة الأعراف: 189.
(19) سورة آل عمران: 195.
(20) [ الأهرام ] فى 29- 4-2001- ص 2.
(21) فصلت: 53

ابن القيم
11-27-2004, 03:45 AM
وهذا الرد أيضاً من أحد طلاب العلم :

البيان الجلاء لمعنى نقصان دين النساء

الحمد لله ما أحب أن يُحمد، نحمده سبحانه وتعالى وتَمجّد، والصلاة والسلام على الهادي نبينا محمد، وعلى آله ذوي الكرامة والسؤدَد، وعلى صحبه الكرام الرُّكَّع السُّجَّد، وعلى من تبعهم وطريقتهم تقلَّد. وبعد؛

فإن الله ربَّنا سبحانه وتعالى حكيم خبير. واقتضت حكمته سبحانه تفضيل بعض خلقه على بعض، فرمضان يفضل العام، ومكة تفضل الأرض، وإنسان يفضل الحيوان، وهكذا. قال تعالى: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ).

ثم اعلم أخي - بارك الله فيك - أن الفضل لا يعني التفضيل المطلق، إذ الفضل نعمة من الله تستوجب شكراً، فمن شكرها فذاك هو الفضل، ومن كفرها فإنما فضله وبال عليه.

قال تعالى: ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) فهذا فضل عظيم فضّل الله به كل إنسان على كل حيوان، فأما من كفر هذه النعمة ولم يؤد حق الله بتوحيد قصده بها كما قد تفرد سبحانه في خلقها، ففيه يقول تعالى: ( ثم رددناه أسفل سافلين ) أي أسفل من الحيوان الذي قد فُضِّل عليه في التقويم.
وفي ذلك قال تعالى: ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً ) وقال تعالى: ( أولئك كالأنعام بل هم أضل ) وقال تعالى: ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع ) وقال تعالى: ( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون ).

وأما من شكر نعمة التقويم فأدى حق الله بتوحيده بها كما قد تفرد سبحانه بخلقها، ففيه يقول تعالى: ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ). فاللهم نسألك شكر نعمك.
فهذا مثال على التفضيل، وما يتفاوت الناس فيه.

ثم الانتقاص الذي هو ضد التفضيل، يتفاوت الناس فيه كذلك. كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أشد الناس ابتلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى المرء على قدر دينه ). الشاهد أن هذا الابتلاء على الأنبياء قد يسلم منه الكفار، أما الأنبياء فيصبرون لله ويشكرون، ويزيد ما ابتلُوا به قلوبَهم تعلقاً بالله تعالى، حتى يكون ذلك رفعة لهم.

وبهذا يعلم أن التفضيل والانتقاص كل منهما ابتلاء من الله تعالى: فأما من شكر وصبر، كان ذلك فضلاً له يفوق التفضيل بالإنعام، فيرتقي بشكره وصبره درجةً. وأما من كفر وتسخط، كان ذلك انحطاطاً يفوق ما ارتفع به من الإنعام، فينحط بكفره وسخطه دركة.

ومصداق ذلك قوله تعالى مستنكراً: ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن. كلا ). أي كلا، ليس الأمر كما قالا، بل الذي أكرمه الله ففضله بالمال قد ينحط ببخله، كما قد يرتقي بكرمه. وكذا من انتقصه الله مالاً، قد يرتقي برضاه، كما قد ينحط بتسخطه. والله سبحانه أعلم بمراده.

وبذلك نخلص إلى نتيجة هامة جداً، وهي أن مطلق التفضيل لا يعني التفضيل المطلق. كما قال تعالى: ( والله فضل بعضكم على بعض في الرزق ). فالغني قد فضله الله تعالى في الرزق ولو كان كافراً، على الفقير ولو كان مؤمناً، ولم يلزم من هذا التفضيل تفضيل مطلق. إذ الأمر كما مر: إن شكر المفضَّل نعمة الله وأدى شكرها، فهذا فضل آخر من الله هو أعظم من الأول. وإن كفرها انحط بكفرها أكثر مما قد ارتفع بما آتاه الله من فضله، فكانت النتيجة انسفاله لا ارتفاعه، والله المستعان.

ولعل ما تراه العيون أقرب للفهم مما تقدره الأذهان. فلو أن رجلاً وقف على درجة سلم، فازداد بقيامه عليها طولاً، ووقف بجواره رجل على درجة من السلم هي أسفل منها فنقصت من طوله. فهنا الأول زاد، والثاني نقص، لكن لا يحكم أيهما أعلى هامة من الآخر، لاحتمال أن يكون الذي على الدرجة العلوية طفل صغير أو رجل قصير، كما يحتمل أن يكون الذي على الدرجة السفلى رجل طويل.
بل والأمر يزداد على ذلك، فمطلق التفضيل ولو أدى الإنسان شكر ما فضله الله به، لا يدل على التفضيل المطلق.

ثم إنا نرى من أنبياء الله تعالى من فضل بما لم يفضل به غيره، فهذا مطلق فضل، ثم نرى غيره أفضل منه فضلاً مطلقاً. مثاله أن الله تعالى قد علّم يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام تأويل الرؤى، ولم يعلم مثل ذلك لإبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ولا شك أن إبراهيم خير منه عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام.
ثم قل مثل هذا في أصحاب نبينا صلوات الله وسلامه عليه ورضي عنهم أجمعين. فإنا نقرأ من فضائل علي رضي الله عنه أن زوجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنته الطاهرة رضي الله عنها وأرضاها. ولم يكن ذلك لأبي بكر رضي الله عنه. فهذا مطلق فضل اختص الله به علياً على أبي بكر رضي الله عنهما، لكنه لم يلزم منه الفضل المطلق، بل قد فاق أبو بكر رضي الله عنه كل الأمة وفيهم علي وعمر وعثمان رضي الله عنهم.

بعد ذلك أذكر حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال: ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ). قلن رضي الله عنهن: ( وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله )؟ صلى الله عليه وسلم. قال صلى الله عليه وسلم: ( أليس شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل )؟ قلن رضي الله عنهن: ( بلى ). قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم )؟ قلن رضي الله عنهن: ( بلى ). قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( فذلك من نقصان دينها ).
والحديث متفق عليه.

فماذا يعني نقصان الدين هنا؟ إذا لم تصلّ لحيض فقد أطاعت الله، فكيف يكون ذلك نقصاناً؟ أوليست طاعة الله تزيد المرء ولا تنقصه؟ نعم، هذا صحيح، فالمرأة لم تنقص، ولكن دينها نقص.
وهل ثمة فرق بين أن تنقص المرأة أو ينقص دينها؟ نعم، لأنّ أنْ تنقص المرأة من دينها أي أن تفرط وتقصر فتخل به، أما أن ينقص دينها مع إتمامها له على نقصانه ليس فيه ما تذم به، بل فيه من الرحمة بها والرأفة ما هو ظاهر، وإن كان فيه من نقصان الأجر والقربة ما هو ظاهر كذلك.

أما الرحمة والرأفة فلأن نقصان الدين يعني قلة التكاليف، وقلتها تعني يسره.

وأما الأجر والقربة فلأن المرأة لا تأخذ في أيام شهرها من أجر الصلوات ما يأخذ الرجل. وإن لم تكن قد حرمت كل الأجر كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا كان العبد يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر، كُتِب له كصالح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم ). لكن ليس هو كأجر من اجتهد فتحقق منه العمل، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم للفقراء الذين غبطوا الأغنياء على ما فُضّلوا به من الصدقة بفضائل أموالهم وهم يتمنون أن يفعلوا كما يفعلون، قال لهم: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) رواه الإمام مسلم.

ثم يحصل لها من النقص بترك الصلاة والصوم كذلك ما يترتب عليهما من الخشوع وقرب القلب، كما قال تعالى: ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) وقال تعالى: ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) وقال: ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) وقال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( والصوم جنة ) أي من المعاصي، والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.

وعلى هذا نقول أن للرجال مطلق فضل قد فضلهم الله به على النساء، وهو زيادة دينهم على دينهن.

ومثَل هذه الزيادة كزيادة دين الغني على الفقير أن وجبت عليه الزكاة واستحبت له الصدقات واستطاع الجهاد بماله وغير ذلك. وكذلك زيادة إيمان العالم على الجاهل، لما شرع له الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة والجهاد باللسان والتعليم وغير ذلك. وكذلك زيادة دين ولاة الأمر على الرعية، لما شرع الله لهم من السلطان وإقامة الحدود وإصلاح الشؤون وغير ذلك. فتفضيل دين الرجل على دين المرأة كتفضيل دين أولئك على دين أولئك. ولذلك فللأنبياء من الدين ما لا يكون لمثله من غيرهم، لما فضلهم الله تعالى به من الخصائص والفضائل.

وعليه فقد يزيد دين المرأة العالمة الغنية ذات الجاه على دين الرجل الفقير الجاهل الضعيف. وهذا فضل مطلق، لكن قد يكمّل هذا الرجل الجاهل دينه الناقص، فيكون في عليين، بينما تضيّع المرأة العالمة دينها الزائد فتكون في السافلين.

ولعل المثال الذي يوضح ذلك هو ما تراه العيون. فلو أتيت بإناءين، أحدهما سعته لتر، والآخر سعته لتر وربع فهو أكبر، ثم صببت في ذي اللتر تُسعَه قربَ أن يمتلئ، وصببت في الآخر ثمن لتر قرابة ثلاثةِ أرباعه. فالإناء الصغير كمثل ذي الدين الناقص، ثم قد يمتلئ أو ينتصف أو يفرغ. والإناء الكبير كمثل ذي الدين الكامل، ثم قد يمتلئ كذلك أو ينتصف أو يفرغ. والماء كالإيمان، قد يكثر في الإناء حتى يملأه وقد يفرغ الإناء منه.

والذي يؤكد هذا المعنى – أن النقص في دين المرأة لا في إيمانها - قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع ) وذكرهن رضي الله عنهن. ففي هذا الحديث أن أولئكم النسوة قد كمّلن دينهن، ومع ذلك فقد كنّ يحضن كما تحيض النساء، فدل على أن النقص ليس في إيمانهن وقلوبهن، وإنما هو في القدر المشروع لهن من الدين.

ثم لفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوضح ذلك، وهو الفصيح البليغ، حيث قال: ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين ) أي: ( ولا ناقصات دين ) ضرورةَ العطف. وكلمة ( ناقص ) اسم فاعل يعمل عمل الفعل، وكلمة ( دين ) مضاف إليه لفظي مجرور في محل رفع فاعل. وتقدير الكلام: ( ما رأيت مِن مَن نقُص دينُها ). فيكون النقص مسنداً إلى الدين، لا إلى المرأة. وهذا واضح لا مراء فيه.

وبذلك نصل إلى النتيجة، وهي أن دين الإنسان قد يختلف باختلاف أحواله، باختلاف ماله وعلمه وسلطانه وجنسه، بل ربما وباختلاف جيرانه وأهل بيته، والله أعلم. وهذا الاختلاف إنما هو في القدر المشروع لهم من الدين. أما الإيمان والقلوب ففي علم الله تعالى، وقد يقوم في قلب المفضول من الورع والتقوى حال أدائه دينه على نقصه ما يفوق به غيره، وكل امرئ واجتهاده. والله الموفق والهادي.

ابن القيم
11-27-2004, 03:48 AM
تتمة...

الأولى أن قد يسأل سائل: وما الحكمة في نقص دين المرأة عن الرجل؟

والجواب أنا نوقن أن أفعال الله تعالى كلها معللة بأتقن الحكم، خلافاً للأشاعرة ومن نحا نحوهم من أهل البدع. لكن الحكمة قد تتضح حتى يعلمها كل أحد، كالحكمة من تحريم الزنا والخمر، وقد تخفى فلا يدركها إلا العلماء الراسخون، كالحكمة من تنوع العبادات وتشريع الحج وإراقة الأنفس بالجهادة، وقد تعمى علينا فلا ندرك منها شيئاً، وإنما نفوض علمها لله تعالى، وذلك كعدد الركعات واختصاص رمضان بفضل الصيام وغيرها.
وهذا القسم الأخير – الذي لا ندرك حكمته – من أهم ركائز العبودية، أن يفعل المرء الفعل لا لمصلحة يرجوها في الدنيا ولا لمناسبة يحصلها، وإنما لأن الله أمر به حباً وتعظيماً ورغبة ورهبة. وفي ذلك من اعتماد القلب والثقة بالرب وحكمته ما لا يخفى.

وقد سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها: ( ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ) فقالت: ( كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة )، فرضي الله عنها ما أفقهها، ردت بذلك مع اتضاح الحكمة من مشقة قضاء الصلاة ويسر قضاء الصوم، وعظم الخسارة بفوات صوم لا يكون إلا مرة من العام، وهوان خطب صلوات تصلى كل يوم، لعلها أرادت أن تخرج من الإجابة عن فرع واحد، إلى الإجابة على أصل عظيم ينبني عليه من الفروع ما الله به عليم. فلو أنها أجابتها لاستفادت السائلة مسألة، ربما احتاجت أن تسأل عن مثلها في فرع آخر، فأجابتها برد كلي ينفعها في كل نظير لهذه المسألة. فرضي الله عنها ما أفقهها.

ثم نرجع إلى بحثنا في الحكمة من نقص دين المرأة، وقد مرّ في ثنايا الكلام لكن أعيده توضيحاً. فنقص الدين يعني قلة التكاليف، وفي هذا من الرحمة والتيسير ما يناسب طبيعة المرأة. ثم في هذا النقص شحذ الهمم وجعل المرأة تستغل ما بقي لها من دين. ثم فيه قلة أبواب الإثم حيث قلت الواجبات فأبيح لها من تركها ما لم يبح لغيرها. وهكذا يظهر لمتأمل أكثر.
ثم قد زادها الله عوضاً عما أنقصها، فشرع لها من مشاق الحمل والوضع والرضاع والتربية ما يكفر عنها ويرفع درجتها إن شاء الله تعالى. والله أعلى وأعلم.

بقي في البحث مسألة، وهي تفضيل جنس الرجال على جنس النساء. فهذا مجمل يحسن في مثله التفصيل.

فإن أريد به القوامة، أي أن الرجل أقدر على القيام بشؤون الأسرة وتولي أمرها من المرأة، فنعم ولا شك، كما قال تعالى: ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ) أي زائدة، وهي القوامة والطاعة وملك الطلاق، ونحو ذلك من لوازم القيام على الأسرة.

وإن أريد به اكتمال الدين، فنعم كذلك، لأنه يشرع لجنس الرجال من القرب ما لا يشرع مثله لجنس النساء، كالجهاد والقضاء والسلطان وغيرها. وهذا باعتبار الجنس، بتجريد المسألة من العوامل الأخرى كالعلم والغنى والجاه ونحوها. وقد مر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما رأيت من ناقصات عقل ولا دين أذهب بلب الرجل الحازم من إحداكن ).

أما إن أريد به الجملة، أي أن جملة الرجال خير من جملة النساء، فهذا لا أعلم عليه دليلاً. إلا أن يستدل بقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه: ( تصدقن يا معشر النساء فإني رأيتكن أكثر أهل النار ) لكن قد ينازع فيه بأنهن قد يكنّ أكثر أهل الجنة كذلك، ونفي هذا يحتاج دليلاً. ففي هذه المسألة بحث قد يطول. والله أعلم بالصواب.

أما باعتبار الأفراد، فلا شك لا يطلق بفضل الرجال ولا النساء، ففي الرجال أنبياء وليس في النساء نبي، وفي النساء من الفاضلات المحسنات ما ليس في أكثر الرجال. والله تعالى يقول: ( إن أكركم عند الله أتقاكم ). والله أعلم.

وبهذا تم ما شاء الله أن أسطر ساعتي هذه، فأردفه بخلاصة تجمع شتات ما تفرق:

1. ربنا سبحانه يفضّل بعض ما خلق على بعض بحكمته.

2. مطلق الفضل – وهو الفضل من وجه معين – لا يعني الفضل المطلق – أي الفضل في الحكم النهائي عند الله -.

3. الزيادة في النعمة والنقص فيها كلاهما ابتلاء، قد يرتفع به صاحبه وقد ينحط.

4. قد أخبر الصادق المصدوق صلوات الله عليه وسلامه أن النساء ناقصات دين، فهن كذلك. وعليه فدين جنس الرجال أكمل.

5. التفاوت في الدين المشروع لكل امرئ بحسبه، فيزداد بالغنى والقوة والسلطان والعلم ونحوها، وينقص بأضدادها.

6. النقص المذكور في الحديث هو في دين المرأة أي في القدر المشروع لها من الدين. وليس هو في إيمانها ولا قلبها ولا مجاهدتها.

7. هذا النقص في دينها له وجهان: رحمة من الله ورأفة أن خفّف عليهن ويسّر، وحكمة منه وعدل أن أنقص أجورهن وقُرَبهن.

8. قد يستكمل ناقص الدين من الأعمال المشروعة له ما يفوق به زائد الدين الذي قد فرط وضيع، بل والذي لم يفرط ولم يضيع.

9. نقص الدين قد يكون من وجه، ويكون فيه زيادة من وجه آخر.
10. شرع الله بالغ في الحكمة غايتها.

11. جنس الرجال يفضل جنس النساء باعتبار القوامة وزيادة الدين، أما الأفراد فكل امرئ وعمله.

هذا ما أعلم، والله أعلى وأعلم، وإليه أبرأ مما زل به القلم.
وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زاد المعاد
06-11-2008, 08:56 AM
هناك آية تقول ان الرجال قوامون على النساء وهذا يعني ان الرجل يختلف عن المرأه في التكاليف مما يعني اكتماله ونقصها .
هل هذا صحيح أم ماذا أرجو الرد في اسرع وقت وجزاكم الله خيرا

ناصر التوحيد
06-12-2008, 04:46 AM
الكمال لله وحده

واغلب التكاليف هي لجميع المسلمين والمسلمات على السواء ويكون تكليف الذكر والأنثى تكليفا متساويا فيها
قال تعالى : فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأودوا في سبيل الله وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله , والله عنده حسن الثواب. سورة آل عمران آية (195)

وكلفهم ما يليق بهم من التكاليف وبما يناسب تكوينه وخصائصه التي ركبت فيه
وهناك بعض الاختلافات في بعض التكاليف ..كالجهاد وصلاة الجمعة وصلاة الجماعة والنفقة .. فهذه التكاليف أسقطها الإسلام عن المرأة وأوجبها على الرجل
وحرم على الرجل لبس الذهب والحرير واباحها للمراة

والرجل والمرأة إنسان كامل الاهلية والمسئولية عن تصرفاته
قال تعالى : ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم عل كثير مما خلقنا تفضيلا. سورة الإسراء آية (70)

وهناك حقوق وواجبات مشتركة للرجل والمراة وهناك بعض الاختلافات فيها لخصائص فطرية جِبلِّية أزلية نابعة من طبيعة تكوينهما ، وخاضعة لمؤثرات خارجية عن ذاتهما

قال تعالى : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ . سورة النساء (34)
فالقوامة تكليف ومسؤولية القت على كاهل الرجل , فعليه المهر وعليه النفقة , وعليه توفير حاجات اهل بيته , وعليه حمايتهم , وغيرها من المسؤوليات المعروفة
وتفضيل الرجال على النساء ليس له علاقة بالكمال والنقص بل لان كل منهما له ما يناسبه من تكاليف والزامات من وجوه متعددة, فاختص الله النبوة والرسالة، بالرجل، وجعل النسب للأب , وجعل القوامة للرجل .. فالقوامة مسؤولية القيت على كاهل الرجل , فهي قوامة التبعات والالتزامات والمسؤوليات والرعاية والمراعاة

زاد المعاد
06-12-2008, 05:16 AM
بارك الله في علمك وتقبل منك سائر عملك .. وجعلك سبباً في هداية خلق الله .. اللهم آمين
جزاك الله خيراً

طالب للعلم
08-13-2008, 09:39 PM
بسم الله الرحمان الرحيم اخت الكريمة اخوانى الكرام السلام عليكم حينما سؤل الشيخ متولي شعراوي رحمه الله

--------------------------------------------------------------------------------

سئل فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله عن معنى ان النساء ناقصات
عقل ودين ... فكانت هذه اجابة فضيلته:

ما هو العقل أولاً ؟

العقل من العقال ، بمعنى أن تمسك الشيىء وتربطه ، فلا تعمل كل ما تريد .
فالعقل يعني أن تمنع نوازعك من الانفلات ، ولا تعمل إلا المطلوب فقط .

إذن فالعقل جاء لعرض الآراء ، واختيار الرأي الأفضل . وآفة اختيار الآراء
الهوى والعاطفة ، والمرأة تتميز بالعاطفة ، لأنها معرضة لحمل الجنين ،
واحتضان الوليد ، الذي لا يستطيع أن يعبر عن حاجته ، فالصفة والملكة
الغالبة في المرأة هي العاطفة ، وهذا يفسد الرأي .

ولأن عاطفة المرأة أقوى ، فإنها تحكم على الإشياء متأثرة بعاطفتها
الطبيعية ، وهذا أمر مطلوب لمهمة المرأة .

إذن فالعقل هو الذي يحكم الهوى والعاطفة ، وبذلك فالنساء ناقصات عقل ،
لأن عاطفتهن أزيد ، فنحن نجد الأب عندما يقسو على الولد ليحمله على منهج
تربوي فإن الأم تهرع لتمنعه بحكم طبيعتها . والانسان يحتاج إلى الحنان
والعاطفة من الأم ، وإلى العقل من الأب .

وأكبر دليل على عاطفة الأم تحملها لمتاعب الحمل والولادة والسهر على رعاية
طفلها ، ولا يمكن لرجل أن يتحمل ما تتحمله الأم ، ونحن جميعاً نشهد بذلك .

أما ناقصات دين فمعنى ذلك أنها تعفى من أشياء لا يعفى منها الرجل أبداً .
فالرجل لايعفى من الصلاة ، وهي تعفى منها في فترات شهرية . . والرجل لا
يعفى من الصيام بينما هي تعفى كذلك عدة أيام في الشهر . . والرجل لا يعفى
من الجهاد والجماعة وصلاة الجمعة . . وبذلك فإن مطلوبات المرأة الدينية
أقل من المطلوب من الرجل .

وهذا تقدير من الله سبحانه وتعالى لمهمتها وطبيعتها . وليس لنقص فيها ،
ولذلك حكم الله سبحانه وتعالى فقال : { للرجال نصيب مما كسبوا ، وللنساء
نصيب مما اكتسبن } [ سورة النساء : 32 ]

فلا تقول : إن المرأة غير صائمة لعذر شرعي فليس ذلك ذماً فيها ، لأن المشرع
هو الذي طلب عدم صيامها هنا ، كذلك أعفاها من الصلاة في تلك الفترة ، إذن
فهذا ليس نقصاً في المرأة ولا ذماً ، ولكنه وصف لطبيعتها .


منقول وفقكم الله احسن من هدا
__________________

قتيبة
10-27-2008, 11:23 AM
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ،فقال : (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ في أضحى أو فطر ـ إلى المصلى فمرَّ على النساء ،فقال : (يا معشر النساء ،ما رأيتُ من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكنَّ)

- قلن: وما نقصان عقلنا يا رسول الله؟

- قال: (أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟)

- قلن : بلى.

- قال: فذلك من نقصان عقلها . أليس إذا حاضت لم تصلِّ ،ولم تصم ؟

- قال: (فذلك من نقصان دينها)

هذا الحديث الذي فًسِّر تفسيراً مغلوطاً خاطئاً ليوافق تلك العادات والتقاليد التي تنقص من أهلية المرأة ،وألبسوه لباساً شرعياً ، وحكموا به على المرأة بأنَّها قاصر ناقصة الأهلية على الدوام ،واستغله الغلاة المتشددين لحرمان المرأة ممَّا لها من حقوق ،ولو تمعنَّ كل منصف متن الحديث ومضمونه ومناسبته يجد الآتي :

1- في رواية الحديث شك من الراوي حول مناسبة قوله هل كان ذلك في عيد الفطر ،أم في عيد الأضحى ،وهو شك لا يمكن إغفاله ـ كما قال الدكتور محمد عمارة ـ عند وزن المرويات والمأثورات.

2- إنَّ الحديث يخاطب حالة خاصة من النساء ،ولا يُشرِّع شريعة دائمة ،ولا عامة في مطلق النساء ..فهو يتحدث عن "واقع" ..والحديث عن الواقع القابل للتغير والتطور ـ والتشريع "للثوابت " عبادات وقيماً ومعاملات ـ شيء آخر.8 فعندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إنَّا أمة أمية ،لا نكتب ولا نحسب " رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود ،والإمام أحمد ـ فهو يصف واقعاَ ،ولا يُشرِّع لتأبيد الجهل بالكتابة والحساب ،لأنَّ القرآن الكريم قد بدأ بفريضة "القراءة " ( إقرأ باسم ربِّك الذي خلق .خلق الإنسان من علق . إقرأ وربك الكرم الذي علَّم بالقلم .علَّم الإنسان مالم يعلم.) والرسول صلى الله عليه وسلم الذي وصف واقع الأمية الكتابية والحسابية هو الذي غيَّره بالامتثال لأمر الله بتحويل الجهلاء الأميين إلى قراء وعلماء وفقهاء.9

3- أنَّ في بعض روايات هذا الحديث ـ كما يوضح الدكتور محمد عمارة ـ وخاصة في رواية ابن عباس رضي الله عنهما ما يقطع بأنّ المقصود به إنَّما هي حالات خاصة لنساء لهن صفات خاصة ،هي التي جعلت منهن أكثر أهل النار لا لأنَّهن نساء ،وإنَّما لأنَّهن ـ كما تنص وتعلل هذه الرواية ـ "يكفرن العشير"، ولو أحسن هذا العشير إلى إحداهن الدهر كله ،ثُمَّ رأت منه هِنَةً أو شيئاً لا يعجبها ،كفرت بكل النعم التي أنعم الله بها عليها ،وقالت بسبب النزق أو الحُمق ،أو غلبة العاطفة التي تنسيها ما قدمه لها هذا العشير من إحسان : " ما رأيتُ منك خيراً قط" ! رواه البخاري ومسلم والنسائي ومالك في الموطأ.فهذا الحديث يصف حالة بعينها ،وخاص بهذه الحالة ،وليس تشريعاً عاماً ودائماً لجنس النساء.

4- أنَّ مناسبة الحديث ترشح ألفاظه وأوصافه لأن يكون المقصود من ورائها المدح وليس الذم .. فالذين يعرفون خلق من صنعه الله على عينه حتى جعله صاحب الخلق العظيم ( وإنَّك لعلى خلق عظيم) ،فكيف بصاحب على هذا الخلق الكريم الذي جعل من العيد فرحة يستمتع بها مع الرجال النساء ،وحتى الصغيرات ،بل وحتى الحُيَّض والنفساء الذي حث على الرفق بالقوارير ،وأوصى بالنساء خيراً وهو في فراش المرض يودع هذه الدنيا يختار يوم الزينة والفرحة ليجابه كل النساء وطلق النساء بالذم والتقريع والحكم المؤبد عليهن بنقصان الأهلية لنقصانهن في العقل والدين؟؟

5- ومادامت مناسبة الحديث ـ يوم العيد والزينة والفرحة لا ترشح أن يكون الذم والغم والحزن والتبكيت هو المقصود .. فإنَّ ألفاظ الحديث تشهد على أنَّ المقصود إنَّما كان المديح الذي يستخدم وصف الواقع الذي تشترك في التحلي بصفاته غالبية النساء إن لم يكن كل النساء ،فالحديث يشير إلى غلبة العاطفة والرقة على المرأة ،وهي عاطفة ورِّقة صارت " سلاحاً" تغلب به هذه المرأة أشد الرجال حزماً وشدة وعقلاً ..وإذا كانت غلبة العاطفة إنَّما تعني تفوقها على الحسابات العقلية المجردة والجامدة ،فإنَّنا نكون أمام عملة ذات وجهيْن ،تمثلها المرأة .. فعندما المرأة تغلب العاطفة على العقلانية ـ وذلك على عكس الرجل الذي تغلب عقلانيته وحساباته العقلانية عواطفه ،وفي هذا التمايز فطرة إلهية ،وحكمة بالغة ،ليكون عطاء المرأة في ميادين العاطفة بلا حدود ولا حسابات ..وليكون عطاء الرجل في مجالات العقلانية المجردة والجامدة مكملاً لما نقص عند الشق اللطيف والرقيق ، فنقص العقل ـ الذي أشارت إليه كلمات الحديث النبوي الشريف ـ هو وصف لواقع تتزين به المرأة السوية وتفخر به ـ لأنَّه يعني غلبة عاطفتها على عقلانيتها المجردة ..لذلك كانت مداعبة صاحب الخلق العظيم ـ الذي أتاه ربه جوامع الكلم ـ للنساء في يوم الفرحة والزينة ،عندما قال لهنَّ : إنَّهن يغلبن بسلاح العاطفة وسلطان الاستضعاف أهل الحزم والألباب من عقلاء الرجال ،ويخترقن بالعواطف الرقيقة أمنع الحصون!10

6- فقوله صلى الله عليه وسلم ( ما رأيتُ من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ) فهو مدح للعاطفة الرقيقة التي تذهب بحزم ذوي العقول والألباب .. ويا بؤس وشقاء المرأة التي حُرمت من شرف امتلاك هذا السلاح الذي فطر الله النساء عليه !

7- وإذا كان هذا هو المعنى المناسب واللائق بالقائل والمخاطَب وبالمناسبة ،وأيضاً المحبب لكل النساء والرجال معاً الذي قصدت إليه ألفاظ "نقص العقل" في الحديث النبوي الشريف .. فإنَّ المراد "بنقص الدين" ـ هو الآخر ـ وصف الواقع غير المذموم ـ بل إنَّه الواقع المحمود والممدوح.

8- فعندما سألت النسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،عن المقصود من نقصهن في الدين ،تحدث عن اختصاصهن "برخص في العبادات تزيد على "الرخص " التي يُشاركن فيها الرجال ..فالنساء يُشاركن الرجال في كل الرخص التي رخَّص فيها الشارع ـ من إفطار الصائم في المرض والسفر ..إلى قصر الصلاة وجمعها في السفر .. إلى إباحة المحرمات عند الضرورات ..إلخ ،ثُمَّ يزدن على الرجال في "رخص" خاصة بهن ،مثل سقوط فرائض الصلاة والصوم عن الحُيَّض والنفساء ..وإفطار الحامل ،إن كان الصيام يشكل خطورة عليها وعلى الجنين ،وكذلك إفطار المرضع عند الحاجة في شهر رمضان .. إلخ..

9- وإذا كان الله سبحانه وتعالى يحب أن تُؤتى رخصه ،كما يحب أن تؤتى عزائمه ،فإنَّ التزام النساء بهذه الرخص الشرعية هو الواجب المطلوب والمحمود ،وفيه لهن الأجر والثواب .. ولا يمكن أن يكون بالأمر المرذول والمذموم ..ووصف واقعه ـ في هذا الحديث النبوي ـ مثله كمثل وصف الحديث لغلبة العاطفة الرقيقة الفياضة على العقلانية الجامدة ،عند النساء ،هو وصف لواقع محمود ..ولا يمكن أن يكون ذماً للنساء ،ينتقص من أهلية المرأة ومساواتها للرجال بأية حال من الأحوال.11

10- ويؤيد هذا أنَّ العقل في الإسلام مناط التكليف ،فنظر إلى المرأة على أنَّها كاملة الأهلية ،وتعامل معها على هذا الأساس ،فساوى بينها وبين الرجل في الحدود والقصاص ،وسائر العقوبات ،كما ساوى بينهما في الأجر والثواب،كما ساوى بينهما في الفرائض والعبادات التي تسقط عن ناقصي الأهلية ..الطفل والمعتوه والمجنون..ولم يسقط عن المرأة أي حد ،أو عقوبة أو قصاص لأنوثتها.ونجد الإسلام أعطى للمرأة حق رواية الحديث مثل الرجل تماماً ،كما ائتمنها على دستور الأمة "،وأعطاها حق الولاية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،كما أعطاها حق المشاركة في القتال ،وحق إجارة المحارب ،وأعطاها حق الأهلية الحقوقية المالية التي تسقط عن القاصر الذي لم يكتمل نضج عقله والمعتوه والمجنون اللذان يعانيان من نقص في عقليهما،فكيف بعد كل هذا يُنظر إلى المرأة على أنَّها ناقصة الأهلية ؟

وإن قيل إنَّ شهادة امرأتين برجل واحد ،وأقول هذه في البيوع لتوثيقها ،وليس في مقام الشهادة التي يقضي بها القاضي ويحكم ،يقول تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بِديْنٍ إلى أجلٍ مُسَّمى فاكتبوه وليكتُبْ بينكم كاتبٌ بالعدلِ ولا يأب كاتبٌ أنْ يكتبَ كما علَّمَهُ اللهُ ) إلى قوله تعالى : ( واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فإنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْن فَرَجُلٌ وامْرَأَتَان مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذّكِّرَ إِحَدَاهُمَا الأُخْرى) ،,ليس معنى هذا أنَّ شهادة المرأة الواحدة ،أو شهادة النساء اللواتي ليس معهن رجل ، لا يثبت بها الحق ،ولا يحكم بها القاضي ،فإنَّ أقصى ما يطلبه القضاء هو البيِّنة،وقد حقق ابن القيِّم أنَّ البيِّنة في الشرع أعم من الشهادة،واعتبار المرأتيْن في الاستيثاق كالرجل الواحد ليس لضعف عقلها ،الذي يتبع نقص إنسانيتها ،ويكون أثراً له12، وإنَّما يرجع لعدم ممارسة المرأة التجارة وعقود البيع ،وانشغالها بالتفكير في بيتها وأولادها ،وهي خارج بيتها يعرضها لنسيان بعض ما يُراد توثيقه ،لذا كانت شهادة الامرأتيْن بحضورهما معاً ،وليس كل واحدة على حدة ،وممَّا يؤكد على شهادة امرأتين برجل واحد في البيوع لذاك السبب مساواة المرأة بالرجل في شهادات اللعان ،بأربع شهداء من الرجال أو النساء ،بل نجد الشرع اكتفى بشهادة امرأة واحدة في الأمور المختصة بالنساء كإثبات البكورة وغيرها،ولم يكتف بشهادة رجل واحد في الأمور المختص بها الرجال ،كل هذا يؤكد على كمال أهلية المرأة ،بل الذي يؤكدها رواية المرأة للحديث التي تعد شهادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وإذا كان ذلك ممَّا أجمعت عليه الأمة ،ومارسته راويات الحديث النبوي جيلاً بعد جيل ـ والرواية شهادة ـ فكيف تقبل الشهادة من امرأة على رسول صلى الله عليه وسلم ،وعلى شرع الله ،ولا تُقبل على واحد من النَّاس؟؟ إنَّ المرأة العدل ـ كما يقول ابن القيم ـ كالرجل في الصدق والأمانة والديانة .13



بحث يتناول شبهات حول المرأة وحقوقها / الارث ناقصات عقل الشورى وغيره

http://eltwhed.com/vb/showthread.php?p=103759#post103759