المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لم يبق غير الإسلام منقذًا... د.يوسف القرضاوي



الفرصة الأخيرة
12-04-2005, 12:27 PM
اقرأ أولا:
هل حققت الحضارة الغربية السعادة... يوسف القرضاوي
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=3599

عجز الفلسفة أن تسعد البشرية... د.يوسف القرضاوي
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?p=28178#post28178

لا إنقاذ للبشرية بغير الدين... د.يوسف القرضاوي
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?p=28179#post28179

ثم تابع:




لم يبق غير الإسلام منقذاً




إذا قلنا: إن العلم والفلسفة عاجزان عن القيام بمهمة الإنقاذ للبشرية اليوم مما تعانيه، وأن الدين وحده هو المنقذ، ولا شيء غيره. وإن كنا قد بينا أن المسيحية - باعتبارها دينًا - عاجزة عن القيام بهذا الدور، وأن اليهودية أشد منها عجزًا، فلم يبق غير الإسلامِ دينًا يمكنه أن يقوم بهذا الدور الخطير في هذا الزمن البائس، الذي تتلمس فيه البشرية الخلاص، وتبحث عن طوق للنجاة.

ترى هل يستطيع الإسلام المعاصر أن يقوم بهذه المهمة بجدارة واقتدار؟ وأيّ الاتجاهـات الفكريـة التي نشهـدها في السـاحة اليـوم، ونــرى لها دعـاتـها وأنـصارها، هـو المرشح للقيام بهذا الدور المنشود؟ وهذا يقتضي البحث في الاتجاهات السائدة بين مفكري العالم الإسلامي.

الاتجاهات السبعة السائدة في موقفها من الإسلام:

سنعرض هنا بوضوح وأمانة للاتجاهات الفكرية الأساسية التي تتحدث عن الإسلام، وتتخذ منه موقفًا بالإيجاب أو بالسلب، بالقبول والولاء، أو بالرفض والعداء. ومن درس الاتجاهات الفكرية في الساحة، وموقفها من الإسلام وجدها سبـعة؛ ستـة منها نرفضها لأنها لا تمـثـل الإسـلام الحــق في رأينا، وواحد منها فقط هو الذي نؤمن به، وندعو إليه. وسنجتهد أن نعرضها هنا بإيجاز ما استطعنا، محاولين تحديد أهـم ملامحها ومعالمها، مختارين لهـا عناوين معبرة، وهي من عندنا ولم يسمها بها أصحابها طبعًا.

1- الاتجاه الاجتراري:

وهو الذي يعيش على الماضي وهو يجتره، ويعيد مضغه من جديد ولا يضيف إليه شيئًا، هذا مع أنه في واقع الأمر قد مُضِغ وهُضم وامُتص من قبل؛ فالاجترار المعروف عند الأنعام له وظيفة مهمة، وهو استعادة ما أُكل بسرعة واخُتزن ولم يُمضغ جيدًا، حتى يُعاد مضغه في تؤدة وأناة. أما الاجترار الفكري لما هو مهضوم بالفعل من قبل؛ فهو عمل معيب غير ذي وظيفة.

الاجترار الحيواني إذن له فائدته ونفعه، أما الاجترار الإنساني فلا فائدة له، بل هو ضار بالأمة؛ لأنه يضيع طاقتها في غير طائل.

إنما المفيد حقًا هو استخدام هذا الماضي أو التراث لإنشاء شيء جديد طالما تجددت الحياة واحتاجت إلى هذا الجديد؛ فيكون التراث بمثابة المادة الخام التي تضاف إليها بعض المواد المعينة لتصنيع آليات جديدة، لخدمة الأهداف الثابتة والأصول الخالدة، التي يقوم عليها كيان الأمة.

يمثل هذا الاتجاه بعض الدعاة الذين يفكرون بعقول الأموات من الماضين، وينظرون إلى إشكالات الحياة المعاصرة بعيونهم. ومن هؤلاء بعض الجماعات الدينية، التي تعيش على الماضي وحده، ولا تهتم بما يمور به العصر من تيارات، ولا ما يعانيه الواقع من مشكلات؛ فهم قدماء في أفكارهم، قدماء في لغتهم، قدماء في توجههم. يعتقدون أن في الكتب القديمة حلاً لكل معضلة، وإجابة عن كل سؤال.

ولا ننازع في أن أئمتنا وفقهاءنا الأقدمين تركوا للأمة فقهًا ثريًا، وتركة غنية بالأقوال والتعليلات والتخريجات والقواعد والصور، ولكنهم اجتهدوا لزمانهم لا لزماننا، ولبيئتهم لا لبيئتنا، ولمشكلاتهم لا لمشكلاتنا. فعلينا أن نجتهد لزماننا وبيئتنا كما اجتهدوا، وأن نرفض تلك المقولة التي تبناها أصحاب هذه الاتجاهات، وهي: ما ترك الأول للآخر شيئًا؛ فالواقع أن الأول ترك للآخر أشياء كثيرة، رأيناها ماثلة للعيان في مجال العلوم الطبيعية والرياضية. فلماذا لا يكون ذلك في العلوم الشرعية? لا سيما أن الحياة تغيرت تغيرًا هائلاً اقتضى أن تتغير الفتوى بتغيره، كما قرر الراسخون من العلماء. وهذا ليس في الفقه وحده، بل في متون العقيدة وعلم الكلام أيضًا. فما أحوج الناس إلى علم كلام جديد يخاطب الإنسان المعاصر بلسانه.

2- الاتجاه الانتحاري:

وهو الاتجاه الذي يريد من الأمة أن تنسلخ من ذاتيتها، وتتنكر لعقيدتها وشريعتها ورسالتها، وتذوب في الأمم الأخرى الأشد قوة، والأكثر تقدمًا، والأقوى حضارة في الإبداع المادي؛ بناء على نظرية تقول: إن الحضارة لا تتجزأ، وإن أخذ جزء من حـضـارة -كالجزء العلمي أو التكنولوجي في الحضارة الغربية المعاصرة- لا يغــني ما لم تأخذ الحضارة كلها بجذورها الفلسفية، وقيمها الأخلاقية، ومفاهيمها الفكرية، ومناهجها التربوية، وتوجهاتها التشريعية. فما لم تؤخذ الحضارة بخيرها وشرها، وحلوها ومرها؛ فلن يجتني من ورائها ثمرة، ولن تستطيع منافسة أهلها في مضمار التقدم.

وإنما سمينا هذا الاتجاه (الانتحاري) لأنه إعدام للأمة وإلغاء لشخصيتها وتميزها، وهذا هو الانتحار بعينه، فإن بقاء الأمة -بوصفها أمة- إنما يكون ببقاء شخصيتها وخصائصها الذاتية، فإذا ذابت في غيرها، وفنيت فيه، كما يذوب الملح في الماء، فلم يعد لها وجود متميز؛ فحياتها -كأمة- وموتها سواء، ولا سيما إذا كانت هذه الأمة ذات رسالة عالمية دينية وأخلاقية وحضارية. فذلك أكبر جناية عليها؛ حيث تنسى نفسها، وتنكر ذاتها. وأخذ جزء من حضارة لا يستلزم أخذ الحضارة كلها، وقد تكرر هذا قديمًا وحديثًا. أخذ الغرب المنهج العلمي التجريبي من الحضارة الإسلامية دون أن يأخذ قيمها الروحية والأخلاقية والتشريعية، وأخذت اليابان في عصرنا هذا المنهج من الغرب، ولم تأخذ عقائد الغرب ولا قيــمه ولا تقاليـده، واستفـادت اليابان بما أخذت من الغرب، كما استفاد الغرب قديمًا بما أخذ من حضارة الإسلام.

هذا الاتجاه الخطير يمثله دعاة التغريب بفصائلهم المختلفة، وفلسفاتهم المتباينة: من اليمين الليبرالي، إلى اليسار الماركسي؛ فكلهم شركاء في رفض مرجعية الإسلام للأمة، متفقون -رغم اختلاف وجهاتهم- على إخراجها من هويتها، وسلخها من جلدها؛ لتتبع أممًا أخرى في فكرها وقيمها وسلوكها، شبرًا بشبر، ذراعًا بذراع!

فكل هؤلاء بمدارسهم المتعددة لا يؤمنون بأصالة الأمة، وقيمة ما لديها من رسالة وثقافة وحضارة، وأنها لا يمكن أن تعيش -بله أن تتقدم- إلا بالاستيراد من غيرها.

ولو قالوا باستيراد الأساليب والكيفيات والآليات لوافقناهم تمامًا، ولكنهم يريدون استيراد الأصول والفلسفات والقيم؛ لتبقى الأمة بلا أساس ولا جذور. ولهؤلاء أساليب شتى، وحيل متنوعة في الوصول إلى هذا الهدف.

بعضهم صرحاء في رفضهم لمرجعية الإسلام بلا مداهنة ولا مواربة ولا مجاملة ولا تغليف بأي غلاف. وبعضهم يتخذ أساليب ملتوية كالقـول بتاريخية النص القرآني أو النبوي، أو بدعوى قراءته قراءة جديدة، لا تعتمد على الأصول العلمية الموروثة، والتي أجمعت عليها الأمة في علم أصول الفقه، أو أصول التفسير، أو أصول الحديث، بل يقرءونه قراءة معاصرة تلغي كل القراءات القديمة، ولا تستلهم إلا ذاتها وهواها؛ فتعرض عن (المحكمات) وتتمسك (بالمتشابهات)، وتؤوّل (القطعيات). ولا تؤمن بهذا المبدأ العظيم: (أن الأمة في مجموعها معصومة) ولا تجتمع على ضلالة.

وبهذا يصبح لكل شخص أن (يؤلف) دينًا على رأيه ومزاجه وهواه، ولا يكون ثمّة دين يجتمع الناس عليه، ويدينون به؛ إذ ليس هناك أصول تضبط الأفهام، وترد الشاردين إلى الصواب. ويسير في هذا الدرب كثيرون من المغرورين المتفيهقين، الذين عبّدوا أنفسهم للغرب، وحرروها من الالتزام بالإسلام.

3- الاتجاه الاعتذاري:

وهو الاتجاه الذي يقدم الإسلام وكأنه في قفص اتهام، أمام مُدَّعٍ يطالبه بأن تكون فلسفته كلها، وقيمه كلها، ومفاهيمه كلها، وتشريعاته كلها متماشية مع الغرب؛ فما خـالف الغرب منــها فـلا بــد لـه مـن عــذر، ولا مــفر مـن البــحث لــه عــن مُســوّغ أو (مُبرِّر). ومن هنا وقف الكثيرون من قضية الحجاب في مجال المرأة، والطلاق وتعدد الزوجات في مجال الأسرة، والربا في مجال الاقتصاد، والجهاد في مجال العلاقات الدولية، وغيرها من القضايا الإسلامية الأصيلة موقف المحامي المدافع عن متهم تنتظره أقصى العقوبة!

وكثيرًا ما ينزل هؤلاء عن هذا الموقف إلى موقف تبريري أضعف، يحاولون فيه تسويغ الأوضاع التي صنعها لنا الغرب، وفرضها علينا أيام سطوته الاستعمارية؛ بإعطائها سندًا شرعيًا، وتغطيتها بفتاوى إسلامية؛ أي إنهم -كما قلت مرة- يُلبِسون (الخواجة) الأوربي أو الأمريكي عمامة عربية إسلامية! وفي هذا من الضحك على النفس والتضليل للغير ما فيه.

مدرسة الاعتذار والتبرير كانت ظاهرة في النصف الأول من القرن العشرين، ولا يزال لها صوت إلى اليوم؛ يتمثل في أولئك الذين يريدون أن يحللوا الربا وفوائد البنوك بمماحكات شرعية، وأن يحللوا الخمر، أو يُسقطوا الحدود بمجادلات بيزنطية، ومثلهم الذين يريدون أن يخلعوا عن المسلمة حجابها بمثل هذا المراء العقيم.

4- الاتجاه الافتخاري:

وفي مقابل الاتجاه الاعتذاري يوجد هذا الاتجاه الافتخاري، الذي يتحدث عن الإسلام وتاريخه وحضارته بالأمس، وعن صحوته وحركاته اليوم، حديث المختال الفخور، الذي لا يرى إلا الأمجاد يسردها، والمناقب يعددها، مغفلاً العيوب والآفات والعاهات الدينية والأخلاقية والفكرية والحضارية التي أصابتنا بالأمس، حتى دمرت بنيان حضارتنا، ولا تزال تصيبنا اليوم بصورة أخرى، وفي مجالات أُخَر، وعلى مستـوى آخر، حتى غـدونا في مـؤخرة القـافلة البـشرية، نُنــسـب إلى العــالم الثـالـث، أو الرابع لو كان هناك، ونُحسب على بلاد التخلف التي جاملوها فسموها النامية!

لا أريد أن نشعر بالدونية ولا أن نحقر أنفسنا؛ فنحن نملك المؤهلات والطاقات التي ترشحنا لأن نسود ونقود، لو أننا استخدمناها كما ينبغي، وكما أمرنا ديننا، وانتقلنا من القول إلى العمل، ومن الانفعال إلى الفعل، ومن الغوغائية إلى العلمية، ومن التقليد إلى التجديد، ومن الاغتراب -سواء كان مكانيًا (أي عن أمتنا) أم زمانيًا (أي عن عصرنا)- إلى الأصالة والإبداع.

عندنا القوة المادية، والقوة البشرية، والقوة التاريخية، والقوة الروحية، التي تعدنا لنكون شيئًا مذكورًا، لو حددنا الوجهة، وأخلصنا النية، وأعددنا العدة، ووحدنا الصف، وبدأنا السير، عازمين متوكلين على الله، مستفيدين من أخطاء الماضي، وزلات الحاضر، وتجارب الآخرين، ولكن ينبغي أن نقوّم أنفسنا تقويمًا عادلاً.

يمثل هذا الاتجاه بعض الدعاة العاطفيين للإسلام، ممن ينسبون إلى بعض الجماعات الدينية والإسلامية، ممن لم يتعمقوا في دراسة الإسلام وثقافته وحضارته وتاريخه، ولم يحيطوا علمًا بما عند الآخرين، واعتبروا كل ما عندنا وردًا لا شوك فيه، وما عند الآخرين شوكًا لا ورد فيه؛ فظلت نظرتهم قاصرة، وإن كانت سريرتهم طاهرة.

5- الاتجاه الاختصاري:

وهو الـذي يـريـد أن يختــصر الإســلام في العقــيدة والعبادة، وإن كانت صـــورة بلا حقيقة، وشبحًا بلا روح، ويحذف من الإسلام كل ما يجعل منه رسالة لإصلاح المجتمع، وبناء الأمة، وهداية العالم، وتجديد الحياة.

وإذا كان اتجاه بعض المسلمين في الأزمنة الماضية (الزيادة في الإسلام) بالابتداع فيه، وهو مردود، فإن كل بدعة ضلالة، فإن اتجاه هؤلاء هو: الانتقاص من الإسلام؛ بإخراج بعض مـا هو من صُلبه منه، وقد امتن الله تعالى علينا بإكمال هذا الدين، فقال تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا" (المائدة: 3)، والكامل لا يقبل الزيادة عليه، ولا النقص منه.

هذا الاتجاه يريد الإسلام: عقيدة بلا شريعة، ودعوة بلا دولة، وسلامًا بلا جهاد، وحقًا بلا قوة، وعبادة بلا معاملة، وزواجًا بلا طلاق، ودينًا بلا دنيا.

إن أصحاب هذا الاتجاه يريدون تحريف الإسلام وتحويله إلى ديانة جديدة، تحمل مضمون النصرانية وعنوان الإسلام.

فالنصرانية ليس فيها تشريع، ولا عقوبات، ولا معاملات ولا طلاق، ولا جهاد، ولا دولة أو حكومة، بل يقول إنجيلها: "دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، فقبلت قسمة الحياة، وقسمة الإنسان بـين الله تعالى وبـين قيصر؛ فالدين لله (أي للكنيسة أو للسلطة الروحية)، والدنيا وشـؤون الحياة لقيصر (أي للدولة، أو للسلطة الزمنية). أما الإسلام فهو يقرر أن كل ما في الوجود فلله، فله ما في السموات وما في الأرض، ومـن في السموات ومـن في الأرض، مِلـكًا ومُلـكًا، وقيصر وما لقيصر كله لله وحده.

هذا هو اتجاه دعاة العلمانية الذين لا يريدون أن يعلنوها صريحة بأنهم يرفضون الإسلام، كما نزل به القرآن، وكما دعا إليه محمد عليه الصلاة والسلام، وكما فهمه الصحابة وتابعوهم بإحسان، وعلماء الأمة في سائر القرون، بل يريدون أن يحرفوا الإسلام باسم الإسلام، والإسلام من دعواهم براء.

إن الإسلام رسالة شاملة: عقيدة وشريعة، وعبادة ومعاملة، ودعوة ودولة، وحق وقوة، ودين ودنيا، وجهاد واجتهاد، وثقافة وحضارة. إنه رسالة تصحب الإنسان في رحلة حياته كلها من المهد إلى اللحد، بل من قبل أن يولد، ومن بعد أن يموت. الإنسان جنينًا ورضيعًا وفطيمًا، وصبيًا وشابًا، وكهلاً وشيخًا، الإنسان رجلاً، والإنسان امرأة، الإنسان وحده، والإنسان في أسرة ومجتمع، الإنسان محكومًا، والإنسان حاكمًا، الإنسان غنيًا، والإنسان فقيرًا، الإنسان في بادية، والإنسان في حاضرة…

وهو كذلك رسالة تصحب الإنسان في مجالات حياته كلها؛ تصحبه بالتشريع حينًا، وبالتوجيه أحيانًا، ترسم له الطريق، وتحدد له المعالم، وتحذره من المزالق. في البيت، أو في المسجد، أو في الطريق، أو في المدرسة، أو المزرعة، أو المصنع، أو المتجر، أو المكتب، أو المحكمة، أو الديوان، أو في أي جانب من جوانب الحياة؛ فقد أنزل الله كتابه تبيانًا لكل شيء، من رب كل شيء، كما قال سبحانه وتعالى لرسوله: "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى رحمة وبشرى للمسلمين" (النحل: 89).

6- الاتجاه الاشتجاري:

وهو الاتجاه الذي يقدم الإسلام (مشتجرًا) مع سائر الناس، معتركًا مع كل من يخالفه، ليس إسلام الرفق والتسامح، وليس إسلام الحوار والإقناع؛ فهو ينصب معركة مع غير المسلمين، بل مع المسلمين غير الملتزمين، بل مع الملتزمين المخالفين لرأيه، مع الحكام، مع الفن - كل الفن، ومع المرأة التي تلبس الخمار، لمَ لمْ تلبس النقاب? مع الذين لا يرون رأيه في بعض مسائل العقيدة أو لا يقولون بقوله في بعض مسائل الفقه.

أصحاب هذا الاتجاه دائمًا (في حالة حرب) مع غيرهم، شاهرون سيوفهم على من ليسوا أعداءً لهم في الحقيقة؛ فهم يقاتلون غير عدو، ويجاهدون في غير ميدان.

همهم الأكبر إثارة الخلاف والجدل في الجزئيات، وشغل الناس بالجزئيات عن الكليات، وبالفروع عن الأصول، وبالشكل عن الجوهر، وبالمختلف فيه عن المتفق عليه.

صورة الإسلام الذي يقدمونه للناس لا تصلح إلا لبيئتهم المحدودة، لا تصلح رسالة عامة خالدة: للشرق وللغرب، للقرن الخامس عشر الهجري، أو القرن الحادي والعشرين الميلادي.

إنهم يقدمون الإسلام المقطَّب الوجه، العبوس القمطرير، الذي لا يعرف غير العنف في الدعوة، والخشونة في المجادلة، والغلظة في التعامل، والفظاظة في الأسلوب.

إنهم يقدمون الإسلام الجامد كالصخر، الذي لا يعرف تعدد الآراء، ولا يعترف بتنوع الاجتهادات، ولا يقــر إلا الرأي الواحد، والوجــه الواحــد، ولا يسمــع للـرأي الآخر، ولا للوجهة الأخرى، ولا يرى أحدهم أن رأيه صواب يحتمل الخطأ، وأن رأي غيره خطأ يحتمل الصواب. إنه الإسلام الـذي لا يكــاد يــرى في الإسـلام إلا التــشريـع، ولا يكاد يرى في التشريع إلا الحدود والعقوبات.

إنهم يقدمون الإسلام الذي لا يعرف التسامح مع المخالفين في الدين، ولا يقبل الحوار، مع المغايرين في الفكر، ولا يأذن بوجود للمعارضين في السياسة. إنه الإسلام الذي ينظر بريبة إلى المرأة؛ فهو يدعو إلى حبسها في البيت، وحرمانها من العمل، ومن المشاركة في الدعوة والحياة الاجتماعية، ومنعها من التصويت، بله الترشيح للمناصب.

إنهم يقدمون الإسلام الذي لا تعنــيه العـدالة في توزيـع الثـروة، ولا توكيد قاعدة الشورى في السياسة، ولا إقرار الحرية للشعب، ولا مسـاءلة اللصـوص الكـبار عـما اقترفوه، لكـنه يشـغل النـاس بالجـدال في فرعيــات فقهــية، وجزئــيات خــلافيـة؛ في العـبادات أو المعاملات، لا يمكن أن ينتهي فيها الخلاف.

إنهم يقدمون الإسلام الذي يتوسع في منطقة التحريم حتى يكاد يجعل الحياة مجموعة من المحرمات؛ فأقرب كلمة إلى ألسنة دعاته وأقلام كتابه كلمة "حرام".

إن الإسلام بهذه الصورة القاتمة السوداء، الذي يقدمه بها نفر من أبنائه -المخلصين غالباً في نياتهم، القاصرين في أفهامهم- لن يمكنه القيام بدور المنقذ أو الوارث للحضارة الغاربة أو التي توشك على الغروب.

7- الاتجاه الحضاري:

وهذا ما ينادي به اتجاه (الوسطية الإيجابية) التي تنظر إلى الإسلام باعتباره رسالة حضارية متميزة، رسالة ربانية الغاية، إنسانية المحتوى، عالمية الوجهة، أخلاقية المنهج، إيجابية المسلك. وسنتحدث عن هذه الرسالة -بعد قليل- بما يبين ملامحها، ويلقي شعاعًا على مقوماتها وخصائصها.

يعمل هذا الاتجاه جاهدًا أن يُجند الأمة لجهاد كبير، يعيد إليها ذاتها، أو يعيدها إلى ذاتها؛ فتستفيد من أمسها، ملتفتة إلى يومها، متطلعة إلى غدها. جهاد همه البناء لا الهدم، والجمع لا التفريق، والعمل لا الجدل، والعطاء لا الثناء. والابتكار لا الاجترار ولا الافتخار، وشعاره: الرفق لا العنف، والتسامح لا التعصب، والتعاون لا التشاحن. يغالي هذا الاتجاه -أو هذا التيار- بقيمة ما لدينا من رسالة، وما أقمنا من حضارة، وما عندنا من إمكانات، ولكنه يعترف بأخطائنا القاتلة بالأمس، وانزلاقاتنا الماثلة اليوم، ولكنه لا يجعل من الحبة قبة، ولا يضخم (سلبياتنا) حتى يوئيسنا من أنفسنا؛ فهو ينكر التهويل كما ينكر التهوين للواقع، مجتهدًا أن يعطي لكل أمر ما يستحقه.

هذا الاتجاه مثّله دعاة (الجامعة الإسلامية) من قبل: الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، بأقدار متفاوتة، ومثّله بعدهم دعاة الإصلاح والتجديد الإسلامي، أمثال: حسن البنا مؤسس كبرى الحركات الإسلامية (الإخوان المسلمون)، التــي أصبح لها أتباع في أكثر من سبعين دولة في العالم اليوم، ومن رجالها: مصطفى السباعي، وعبد القادر عودة، ومحمد الغزالي، وسيد قطب، وسعيد حوّى، وعبد الحليم أبو شقة، وكثير من الأعلام الأحياء.

ومن فروعها: الجبهة القومية الإسلامية في السودان، وحزب النهضة في تونس، وجبهة العمل الإسلامي في الأردن، وحزب التجمع والإصلاح في اليمن.

ومثله: أبو الأعلى المودودي مؤسس كبرى الجماعات الإسلامية في شبه القارة الهندية، وصاحب الرسائل والكتب الفكرية التي شرقت وغربت، وأحد الذين نقدوا الحضارة الغربية على بصيرة.

وكذلك مثله عبد الحميد بن باديس منشئ (جمعية العلماء) بالجزائر، التي قاومت فرنسة الشعب والمجتمع الجزائري، وعملت على إحياء هويته القائمة على الإسلام والعربية، وكان من أعلامها الشيخ البشير الإبراهيمي، ومن بعده المفكر الجزائري مالك بن نبي، وجماعة نجم الدين أربكان في تركيا.

وهناك جماعات علمية دعوية تتبنى هذا الاتجاه الحضاري مثل (ندوة العلماء) في الهند التي تجمع بين القديم النافع والجديد الصالح، وتأخذ من التراث ما صفا، وتدع ما كدر، وقد قام عليها علماء أعلام، مثل: شبلي النعماني، وسليمان الندوي، وأبي الحسن الندوي.

ومثلها جماعة (المعهد العالمي للفكر الإسلامي) في واشنطن وفروعه، ويقوم عليه رجال ثقات، مثل: د. عبدالحميد أبوسليمان، و د.طه جابر العلواني، وإخوانهما، ويعمل المعهد جاهدًا في مشروع (إسلامية المعرفة) ولا سيما العلوم الاجتماعية والإنسانية، وقد أصدر مجموعة من الكتب القيمة والمنشورات النافعة.

والإسلام في نظر هذا الاتجاه ليس إسلام عصر من الأعصار، ولا إسلام قطر من الأقطار، ولا إسلام مذهب من المذاهب، ولا إسلام فئة من الفئات.

إن الإسلام المنشود هو الإسلام الأول؛ إسلام القرآن والسنة؛ سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الراشدين المهديين من بعده. إسلام التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، والرفق لا العنف، والتعارف لا التناكر، والتسامح لا التعصب، والجوهر لا الشكل، والعمل لا الجدل، والعطاء لا الادعاء، والاجتهاد لا التقليد، والتجديد لا الجمود، والانضباط لا التسيب، والوسطية لا الغلو ولا التقصير.

إسلام يقوم على عقيدة روحها التوحيد، وعبادة روحها الإخلاص، وعمل روحه الإتقان، وأخلاق روحها الخير، وآداب روحها الذوق، وتشريع روحه العدل، ورابطة روحها الإخاء، وثمرة ذلك كله حضارة روحها التوازن والتكامل.

ولقد تحدثت عن هذا الاتجاه الحضاري أو هذا التيار (تيار الوسطية) في أكثر من كتاب لي، وعن خصائصه المميزة له، وهي الجمع بين السلفية والتجديد، والموازنة بين الثوابت والمتغيرات، والحرص على استلهام التراث، ومعايشة الحاضر، واستشفاف المستقبل، والفهم الشمولي المتوازن للإسلام، في ضوء فقه جديد، يشمل فقه سنن الكون، وفقه مقاصد الشرع، وفقه الموازنات، وفقه الأولويات، وفقه حقيقة الواقع، بعيدًا عن التهوين والتهويل، وعن التجميد والتمييع والتجزئة لحقائق الإسلام ورسالته الجامعة. فمن أراد التفصيل فليرجع إليه هناك.




وتابع:
هل عند أمتنا رسالة حضارية للبشرية؟ د.يوسف القرضاوي
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?p=28182#post28182

الفرصة الأخيرة
12-04-2005, 01:05 PM
قول د.يوسف القرضاوي في المقال السابق:
7- الاتجاه الحضاري:

وهذا ما ينادي به اتجاه (الوسطية الإيجابية) التي تنظر إلى الإسلام باعتباره رسالة حضارية متميزة، رسالة ربانية الغاية، إنسانية المحتوى، عالمية الوجهة، أخلاقية المنهج، إيجابية المسلك. وسنتحدث عن هذه الرسالة -بعد قليل- بما يبين ملامحها، ويلقي شعاعًا على مقوماتها وخصائصها.

يعمل هذا الاتجاه جاهدًا أن يُجند الأمة لجهاد كبير، يعيد إليها ذاتها، أو يعيدها إلى ذاتها؛ فتستفيد من أمسها، ملتفتة إلى يومها، متطلعة إلى غدها. جهاد همه البناء لا الهدم، والجمع لا التفريق، والعمل لا الجدل، والعطاء لا الثناء. والابتكار لا الاجترار ولا الافتخار، وشعاره: الرفق لا العنف، والتسامح لا التعصب، والتعاون لا التشاحن. يغالي هذا الاتجاه -أو هذا التيار- بقيمة ما لدينا من رسالة، وما أقمنا من حضارة، وما عندنا من إمكانات، ولكنه يعترف بأخطائنا القاتلة بالأمس، وانزلاقاتنا الماثلة اليوم، ولكنه لا يجعل من الحبة قبة، ولا يضخم (سلبياتنا) حتى يوئيسنا من أنفسنا؛ فهو ينكر التهويل كما ينكر التهوين للواقع، مجتهدًا أن يعطي لكل أمر ما يستحقه.

هذا الاتجاه مثّله دعاة (الجامعة الإسلامية) من قبل: الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، بأقدار متفاوتة، ومثّله بعدهم دعاة الإصلاح والتجديد الإسلامي، أمثال: حسن البنا مؤسس كبرى الحركات الإسلامية (الإخوان المسلمون)، التــي أصبح لها أتباع في أكثر من سبعين دولة في العالم اليوم، ومن رجالها: مصطفى السباعي، وعبد القادر عودة، ومحمد الغزالي، وسيد قطب، وسعيد حوّى، وعبد الحليم أبو شقة، وكثير من الأعلام الأحياء.

ومن فروعها: الجبهة القومية الإسلامية في السودان، وحزب النهضة في تونس، وجبهة العمل الإسلامي في الأردن، وحزب التجمع والإصلاح في اليمن.

ومثله: أبو الأعلى المودودي مؤسس كبرى الجماعات الإسلامية في شبه القارة الهندية، وصاحب الرسائل والكتب الفكرية التي شرقت وغربت، وأحد الذين نقدوا الحضارة الغربية على بصيرة.

وكذلك مثله عبد الحميد بن باديس منشئ (جمعية العلماء) بالجزائر، التي قاومت فرنسة الشعب والمجتمع الجزائري، وعملت على إحياء هويته القائمة على الإسلام والعربية، وكان من أعلامها الشيخ البشير الإبراهيمي، ومن بعده المفكر الجزائري مالك بن نبي، وجماعة نجم الدين أربكان في تركيا.

وهناك جماعات علمية دعوية تتبنى هذا الاتجاه الحضاري مثل (ندوة العلماء) في الهند التي تجمع بين القديم النافع والجديد الصالح، وتأخذ من التراث ما صفا، وتدع ما كدر، وقد قام عليها علماء أعلام، مثل: شبلي النعماني، وسليمان الندوي، وأبي الحسن الندوي.

ومثلها جماعة (المعهد العالمي للفكر الإسلامي) في واشنطن وفروعه، ويقوم عليه رجال ثقات، مثل: د. عبدالحميد أبوسليمان، و د.طه جابر العلواني، وإخوانهما، ويعمل المعهد جاهدًا في مشروع (إسلامية المعرفة) ولا سيما العلوم الاجتماعية والإنسانية، وقد أصدر مجموعة من الكتب القيمة والمنشورات النافعة.

والإسلام في نظر هذا الاتجاه ليس إسلام عصر من الأعصار، ولا إسلام قطر من الأقطار، ولا إسلام مذهب من المذاهب، ولا إسلام فئة من الفئات.

إن الإسلام المنشود هو الإسلام الأول؛ إسلام القرآن والسنة؛ سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الراشدين المهديين من بعده. إسلام التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، والرفق لا العنف، والتعارف لا التناكر، والتسامح لا التعصب، والجوهر لا الشكل، والعمل لا الجدل، والعطاء لا الادعاء، والاجتهاد لا التقليد، والتجديد لا الجمود، والانضباط لا التسيب، والوسطية لا الغلو ولا التقصير.

إسلام يقوم على عقيدة روحها التوحيد، وعبادة روحها الإخلاص، وعمل روحه الإتقان، وأخلاق روحها الخير، وآداب روحها الذوق، وتشريع روحه العدل، ورابطة روحها الإخاء، وثمرة ذلك كله حضارة روحها التوازن والتكامل.

ولقد تحدثت عن هذا الاتجاه الحضاري أو هذا التيار (تيار الوسطية) في أكثر من كتاب لي، وعن خصائصه المميزة له، وهي الجمع بين السلفية والتجديد، والموازنة بين الثوابت والمتغيرات، والحرص على استلهام التراث، ومعايشة الحاضر، واستشفاف المستقبل، والفهم الشمولي المتوازن للإسلام، في ضوء فقه جديد، يشمل فقه سنن الكون، وفقه مقاصد الشرع، وفقه الموازنات، وفقه الأولويات، وفقه حقيقة الواقع، بعيدًا عن التهوين والتهويل، وعن التجميد والتمييع والتجزئة لحقائق الإسلام ورسالته الجامعة. فمن أراد التفصيل فليرجع إليه هناك.

[/CENTER]
هذا الكلام له واقعه وله أصوله... لكن المشكلة في بعض من سماهم الدكتور هنا... وفي فكرة الجامعة الإسلامية التي قام عليها الأفغاني... فالظاهر أن الدكتور قد تساهل جدًا مع الأفغاني وغيره من أصحاب الطامات.
لكن فات الدكتور أن يذكر الكثير والكثير ممن قدموا الإسلام للعالم بوسطية واعتدال أمثال الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني.. والإمام الكبير الشيخ عبد العزيز بن باز... والشيخ محمد بن صالح العثيمين... وغيرهم من الأئمة المعاصرين رحمة الله عليهم أجمعين.. وحفظ الله الأحياء منهم.

أصل الفكرة التي ذكرها الدكتور القرضاوي صحيحة وهي أنه لم يبق غير الإسلام منقذًا للبشرية.. وقد أطال الأستاذ سيد قطب رحمة الله عليه في الكلام عن ذلك في أكثر من كتابٍ له... غير أن في حصر الدكتور القرضاوي الأشخاص هنا فيمن سماهم خطأ... ثم إن في بعض من سماهم من لا يستحق الالتفات إليه أصلا ... أمثال الأفغاني المتأفغن.. ذاك الخبيث العقلاني.. قاتله الله وأمثاله.

وأرجو من إخواننا الكرام التعليق على كافة ما يرونه بحاجة لتعليق.

احمد المنصور
12-05-2005, 12:37 AM
... لكن المشكلة في بعض من سماهم الدكتور هنا... وفي فكرة الجامعة الإسلامية التي قام عليها الأفغاني...

أعتقد أن المشكلة هي مشكلة تحديد الأولويات والأهداف التي تخص الأمة. وبعد أن تقوم الأمة يأتي دور إنصاف الأفراد. التغيير لم يعد خيارًا بل هو ضرورة حتمية، فقد وصل المسلمون إلى مستوى مزرٍ بين الشعوب. أقول هذا بكل آسى ولكن الحق يعلو ولا يُعلى عليه؛ وأول مرحلة من مراحل تصحيح الذات تبدأ من نقطة تقييم الذات.

لا شك عندي أن مشكلتنا تكمن في توحيد الكلمة وهذه لا تُبني إلا على كلمة التوحيد، ولكن السؤال كيف؟

الغريب (والطبيعي لي كمسلم) هو أن بالرغم من ضعف المسلمين نجد الأسلام قويًا، بالرغم من تدني حال المسلمين بالنسبة لغيرهم نجد الأسلام يعز على غيره.

أعرف أننا كلنا كمسلمين لدينا القدرة على تبرير الأسباب لهذا التخلف والإنحطاط، ولدينا "الحلول". ولكن هناك مشكلة "بسيطة" الحال لا يزال على ما هو عليه، ويسير من سئ إلى أسوأ - وكأننا في سباق فى كل يوم لتحطيم الرقم القياسي الذي سجلناه في اليوم الذي قبله.

الغريب أننا في أمة أرضها محتلة ودينها يُهان وقرآنها يُدنس وأطفالها يُشردون ويُقتلون، وكأننا لن نحاسب على ذلك. كنتُ يومًا لسذاجتي أظن أن الأولويات معلومة بالبديهة. خاصة وقد علمونا أن عمر :radia: - وهو من هو - كان يخشى أن يسأله الله عزّ وجلّ عن البهيمة التي "قد" تتعثر في العراق. واليوم يموت العراقيون والفلسطينيون -وغيرهم كثير ونتجاوز عن ذكرهم لشهرة حالهم بين المسلمين والإجماع على ذلك بين الأمة - يموتون ويحيا شارون!.

اعذروني لسذاجتي فربما عمر :radia: كان يبكي لأن البهيمة لم تتعثر بعد، وأنا أتحدث عن بهيمة قد ماتت. فلماذا البكاء إذن؟

تخطر ببالي قصة حجا والبعير- وشر البلية ما يُضحك. فقد كان وأمه يعزمان على سفرٍ ويتهيئان له، وكانت أمه تطلب منه وضع هذا وذاك، وهو يشرح لها أن البعير لن يقوي على الحمل، وهي تقول لازالت هذه ... ولازالت تلك. وهكذا حتى فشل البعير وبرك. فجاء أمه يسألها كل ما لديها. فأجابت ولكن البعير لن يقوى. فقال جحا: لقد برك البعير فضعي الآن ما تشائين.


وبارك الله في الأخ الكريم الفرصة الأخيرة، والدكتور الفاضل يوسف القرضاوي.

الفرصة الأخيرة
08-26-2006, 01:32 AM
وبارك الله فيكم أخي الحبيب أحمد وجزاكم الله خيرا