المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جان جاك روسو:فكر مع روسو!(مقال منقول)



طارق منينة
03-25-2012, 02:47 PM
بالطبع لست مع توجهات الكاتبة ولكني اعرض مقالها عن روسو لبيان بعض من خلفية روسو الفكرية والمجتمعية والنفسية من خلال قلمها ولاثارة النقاش حوله!

عابر حياة - فكِّر مع روسو
الأحد, 25 مارس 2012
ثريا الشهري
ألديك استعداد لوجهة نظرة مغايرة؟ سأفترض أنك لن تمانع، وسأقرأ عليك عصارة ما خطه جان جاك روسو في بحث نال عليه جائزة أكاديمية ديجون سنة 1750 بزعمه أن تنمية الآداب والعلوم والفنون تفسد الحضارة والأخلاق، ما أهّله ليكون في مرمى الهجوم والانتقاد، وإن اعترف لاحقاً بوجود نواقص وأخطاء تخللت بحثه ذاك ولكنها العيوب التي انتشر معها صيته في أوروبا، فهل سلك رأيه المخالف ليعرِّف باسمه وقتها؟ يجوز!

يجادل روسو في نشوء أصل العلوم، وأنه نتيجة للنقائص الإنسانية، فعلم الفلك بدأ مع تطيّر الإنسان وحبه للأساطير والخرافات، وعلم البلاغة نتج وازدهر مع الطمع والتملق والكذب، أمّا علم الهندسة فتمخّض عن البخل واستغلال المساحات، والفيزياء لحب الاستطلاع العبثي، ناهيك عن علم الأخلاق لتلبية حاجة الإنسان إلى الغرور والكبرياء، وبالمجمل فالعلوم والفنون تشكّلت نتيجة الكسل، فنمت وتغذت على الترف، فبماذا نعلِّق؟ حسناً روسو، فبعض آرائك لا يخلو من منطق، وبعضها الآخر من الطرافة، فالأخلاق وهي سابقة الأديان قد ولدت بالفطرة مع الإنسان، أمّا العلوم والفنون فلم تخلق دائماً من رفاهية على الإطلاق تماماً، لكن الواضح أن روسو كان يسدد نقده الحاد إلى واقع الصالونات الباريسية تحديداً، والمشمول برعاية سيدات الطبقات المخملية المعنيات بالعشق والهوى تحت غطاء العلم والفن، بمشاركة أعضاء الجوقة من رجال البلاط والمثقفين آنذاك، ولأن روسو كان أحد أولئك المشاركين بتلك الأجواء العابقة، فكان في بحثه كأنه يثور على حياته العابثة، وهذا عيب المثقف حين يصحو نهاره ويلعن ليله، فهل بذلك يتطهر؟!

ومع هذا، فهناك وجهة نظر أخرى يتبناها بعض الباحثين، وتميل إلى أن الذي دفع بروسو إلى موقفه المتصلِّب إنما هو «طبقي» بالأساس، فالصالونات الثقافية كانت تقتات على الرواد الارستقراطيين، ولأن روسو كان يصنِّف نفسه من فئة الشعب البائس، فقد كره الأغنياء وعاداهم، حتى سأله أحد البارونات عن سبب بروده الشخصي تجاهه، فكان جواب روسو: «لأنك غني جداً»، فهؤلاء الأثرياء في تقديره هم نوعية مصطنعة من البشر، تخنق أحاسيسها بالقوة ولا تتكلم إلاّ تحت قناع المصلحة والغرور، وهو تحليل معقول، غير أنه لا يخص أصحاب الأموال وحدهم، بل يتعداه إلى فئات البشر، فمن الفقراء من يتشنج في كبح مشاعره ليخفي ضعفه، ولا يفصح عن حاله إلاّ بقدر منفعته، ومن الجلي أن الفيلسوف لم يكن محايداً موضوعياً في مبحثه، فأن تصوغ عملك نقمة على عصرك، فلن تنجو من التطرف وإن كنت بثقافة روسو.

أمّا أن «المعرفة لا تولد الأخلاق، والمثقفون ليسوا بالضرورة صالحين»، فلا يخلو من الوجاهة أيضاً، فالسمة المميزة للنوع الإنساني لا تتمثل - كما في منطق روسو - في كونه يسير نحو التقدم، بل في استعداده للترقِّي، سواء في ارتقاء الإنسان بذاته أو بالعالم، وفي رأيي سواء أكان مثقفاً أم متواضع الثقافة، وهو ما يعني أن في الارتقاء تقدماً، ولكن ليس شرطاً أن يكون التقدم ارتقاءً. ونعم، يمكن أن يتقدم المجتمع علمياً معرفياً ولا يوازي تقدمه ارتقاء المعدل النسبي الأخلاقي له، بل إن اعتقاد روسو، أن كل تقدم تحرزه الإنسانية لا بد لها في المقابل منأن تدفع ضريبته، وهي أفكار مألوفة في قاموسنا اليوم، ولكنها ليست كذلك حينها. وعموماً، لو كان روسو وحيداً برد فعله المتمرد على نمط حياته، لما ظهرت الأفكار العامة لتغيير البشرية، ومنها ميثاق حقوق الإنسان. تقول الناقدة الفرنسية مدام دي ستال: «روسو لم يكتشف شيئاً، لكنه ألهب كل شيء»، وكذلك هي الكتابات الفلسفية حين تصبح ارتباطاً حياً بحركة المجتمع والفرد، فلا تكْتَشِف ولكن تُلْهِب.

http://international.daralhayat.com/internationalarticle/378590

فكِّر مع روسو
الأحد, 25 مارس 2012
ثريا الشهري
عصارة ما خطه روسو في بحث نال عنه جائزة أكاديمية ديجون سنة 1750 أن تنمية الآداب والعلوم والفنون تفسد الحضارة والأخلاق، ما أهّله ليكون في مرمى الهجوم والانتقاد، وإن اعترف لاحقاً بوجود نواقص وأخطاء تخللت بحثه، فهل خالف برأيه ليعرِّف باسمه وقتها؟ يجوز!

يجادل روسو في نشوء أصل العلوم، وأنه نتيجة للنقائص الإنسانية، فعلم الفلك بدأ مع تطيّر الإنسان وحبه للأساطير والخرافات، وعلم البلاغة للطمع والتملق والكذب، وعلم الهندسة للبخل واستغلال المساحات، والفيزياء للاستطلاع العبثي، وعلم الأخلاق لتلبية حاجة الإنسان إلى الغرور والكبرياء، وبالمجمل فالعلوم والفنون تشكّلت نتيجة الكسل، فنمت وتغذت على الترف، حسناً روسو، فبعض آرائك منطقي، وبعضها الآخر طريف، فالأخلاق وهي سابقة الأديان ولدت بالفطرة مع الإنسان، والعلوم والفنون لم تخلق دوماً من رفاهية، على الإطلاق تماماً، ولكن روسو كان يسدد نقده الحاد إلى واقع الصالونات الباريسية تحديداً، والمشمول برعاية سيدات الطبقات المخملية المعنيات بالعشق والهوى تحت غطاء العلم والفن، بمشاركة رجال البلاط والمثقفين آنذاك، ولأن روسو كان أحد أولئك المشاركين، فكان وكأنه يثور على حياته العابثة، وهو عيب المثقف حين يصحو نهاره ويلعن ليله، فهل بذلك يتطهر؟!

ومع هذا، فهناك وجهة نظر أخرى يتبناها بعض الباحثين في أن موقف روسو المتصلِّب هو «طبقي» بالأساس، فالصالونات الثقافية تقتات على الرواد الارستقراطيين، ولأن روسو يصنِّف نفسه من فئة الشعب البائس، فقد كره الأغنياء وعاداهم، حتى سأله أحد البارونات عن بروده الشخصي تجاهه، فكان جواب روسو: «لأنك غني جداً»، فالأثرياء في تقديره نوعية مصطنعة، تخنق أحاسيسها بالقوة وتتكلم تحت قناع المصلحة والغرور، وهو تحليل معقول، غير أنه لا يخص أصحاب الأموال وحدهم، بل يتعداه إلى فئات البشر، فمن الفقراء من يتشنج في كبح مشاعره ليخفي ضعفه، ولا يفصح عن حاله إلا بقدر منفعته، ومن الجلي أن الفيلسوف لم يكن محايداً موضوعياً، فأن تصوغ عملك نقمة على عصرك، فلن تنجو من التطرف وإن كنت بثقافة روسو.

أمّا أن «المعرفة لا تولد الأخلاق، والمثقفون ليسوا بالضرورة صالحين»، فلا يخلو من الوجاهة أيضاً، فالسمة المميزة للنوع الإنساني لا تتمثل -كما منطق روسو- في تقدمه، بل في استعداده للترقِّي، سواء في ارتقاء الإنسان بذاته أو بالعالم، وفي رأيي أكان مثقفاً أو متواضع الثقافة، ما يعني أن في الارتقاء تقدماً، ولكن ليس شرطاً أن يكون التقدم ارتقاء، ونعم، يمكن تقدم المجتمع علمياً معرفياً، ولا يوازي تقدمه ارتقاء للمعدل النسبي الأخلاقي، بل وباعتقاد روسو، كل تقدم تحرزه الإنسانية ستدفع ضريبته في المقابل، وهي أفكار مألوفة في قاموسنا اليوم، لا في حينها، وعموماً، لو كان روسو وحيداً بردة فعله المتمردة، لما ظهرت الأفكار العامة لتغيير البشرية، ومنها ميثاق حقوق الإنسان، تقول الناقدة الفرنسية مدام دي ستال: «روسو لم يكتشف شيئاً، لكنه ألهب كل شيء»، وكذلك الكتابات الفلسفية حين تصبح ارتباطاً حياً بحركة المجتمع والفرد، فلا تكّتشِف ولكن تُلّهِب.
http://international.daralhayat.com/ksaarticle/378817

بين التمرد والثورة
السبت, 24 مارس 2012
عبدالسلام بنعبد العالي *
يميز مؤرخو الثورات العظمى الثورة عن التمرد. وهم يعتبرون أن التمرد عريق في القدم بينما الثورة ظاهرة حديثة يربطونها بتحول مفهوم التاريخ ذاته وبنشأة ما يمكن أن نطلق عليه فلسفات التاريخ.

على هذا النحو يبدو أن في إمكاننا أن نعرف طرفي العنوان بتحديد علاقتهما بالتاريخ. فبينما يشكل التمرد نوعاً من رفض التاريخ، «رفض الغد الذي لن يكون إلا مثل اليوم»، ويقتصر على الرغبة في تحريف التاريخ عن مساره، فالثورة مشروع وارتماء في المستقبل pro-jet.

حتى قبل أن تستخدم الثورة في هذا المعنى الحديث، فإن الكلمة استعملت دوماً في علاقتها بالزمن والتاريخ، إلا أنها كانت تعني في البداية عكس ما تعنيه الآن، أي أنها كانت تحيل إلى الماضي ولا تتطلع نحو المستقبل. فاللفظ الفرنسي révolution مثلاً، يحيل في أصله الى اللفظ اللاتيني revolvere الذي يعني بالأولى الرجوع القهقرى، ومنه النعت الفرنسي révolu، أي ما مضى وانقضى. في هذا السياق ينبّه بعض من يهتمون بتاريخ الكلمة إلى أن لفظ révolution لم يتخذ المعنى الذي نستخدمه فيه حالاً، أي التغيير المفاجئ العميق للبنية السياسية، إلا ابتداء من 1660. لا يعني ذلك في طبيعة الحال أن ليس هناك من يطلق لفظ الثورة في معنى أكثر اتساعاً وأقل تحديداً ليدل على مختلف أشكال التبدّل، بل ليستعمله في ميادين تتجاوز السياسة، فيتحدث عن الثورة الكوبيرنيكية والثورة النسائية والثورة الصناعية والثورة التقنية...

وعلى رغم ذلك، نستطيع أن نقول إن الاستخدام الحالي يكاد يحدد مفهوم الثورة بمقابلته مع مفهوم الانتفاضة والتمرد ليضعهما في علاقة تضاد. الثورة مشروع نظري يسعى أن يجد تحققه في الواقع الفعلي، إنها نظرية تسعى نحو التطبيق، وحركة تقوم على رؤية، الثورة وعلى ايديولوجيا تعتنقها فئات اجتماعية تسعى نحو تغيير الواقع متجهة به نحو قيمة. بهذا المعنى، فالثورة إذ تقوم ضد مؤسسات فلإقامة أخرى بديلة. إنها تقوم ضد نظام بهدف إرساء نظام. أما التمرد فليس إلا محاولة لثني التاريخ عن مساره وتبديل حركته. بهذا المعنى لا يمكننا أن نقول «إن الثورة هي انتفاضة منتصرة مظفرة».

فضلاً عن ذلك، فهذه العلاقة بالزمن التاريخي تجعل التمرد أقرب الى الحدث الاستثنائي الذي يفلت من كل توقع فيفاجئ حتى من يقومون به، على عكس الثورات التي، بما هي انخراط في التاريخ، تعلن عن مؤشرات حدوثها حتى قبل مجيئها. في هذا الإطار كتب ثيوران عن الثورة الروسية مشيراً إلى أنه لم يسبق أن رأينا ثورة بمثل ذلك التأكد، ومثل ذلك التوقع، فلا شيء كان في مقدوره أن يوقفها، لا أكثر الاصلاحات عمقاً، ولا أنسنة النظام، ولا حُسن النية، ولا أكبر التنازلات. فكأنما لم يكن لها فضل في الانفجار، ما دام أنها حدثت، إن صح القول، قبل أن تظهر، وأمكن وصفها في أدق تفاصيلها قبل أن تتجلى. ويكفي من أجل ذلك قراءة رواية «الممسوسون» لدوستويفسكي، أو الاطلاع على كتابات روسو في شأن الثورة الفرنسية.

* كاتب مغربي
http://international.daralhayat.com/internationalarticle/378246