المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تهاون حزب النور أو قصر في اختيار نوابه ؟!



متعلم
03-28-2012, 02:24 PM
الحمد لله وكفى .. وسلام على عباده الذين اصطفى .. ثم أما بعد ..

فقد أساء أقوام الظن بحزب النور والسلفيين، بسبب ما أثير حول أحد نوابه .. بعض هؤلاء جهلاء لا يعلمون الحق ، وبعضهم مبغض للسلفية حاقد عليها، ودليل ظلمهم أنهم يبلعون ما هو أكثر من ذلك - كماً وكيفاً - للأحزاب والطوائف الأخرى.

ومقصودي بيان أن مجرد فساد بعض المختارين، لا يدل بمجرده على تهاون من قام بالاختيار أو ينتقص من قدره .. فمجرد فساد بعض من اختارهم حزب النور، لا يدل بمجرده على تهاون من الحزب ولا ينتقص من قدره كما زعم أهل السفه والجهل.

ودليلي الذي سأقتصر عليه هنا هو قياس الأولى .. فقد صدر عمن لا نشك في علمهم وفضلهم مثل ذلك، ومع هذا لا يمكن لمسلم أن يطعن عليهم لمجرد هذا .. فمن كان دونهم في العلم والفضل أولى بعدم تطرق الطعن عليه لمجرد هذا.

وأعلى الخلق علمًا وفضلاً هم أنبياء الله ورسله عليهم السلام، ورأسهم في هذا هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ..

وقد اختار – عليه الصلاة والسلام – أفرادًا ، ظهر عليهم السوء بعد هذا ، ولا يقول عاقل بأن هذا ينال من الجناب النبوي الشريف في شيء ؛ إذ الله وحده هو عالم الغيب والشهادة .. فمن باب أولى ألا ينال ممن هو دونه ..

1 - ومن شواهد هذا : ما رواه البخاري عن أنس (رضي الله عنه) قال: كان رجل نصرانياً فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي (صلى الله عليه وسلم)، فعاد نصرانياً، فكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه: لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا، فألقوه فحفروا له فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه: نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم، فألقوه فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه.

فهذا كاتب من كتاب الوحي ، اختاره النبي عليه الصلاة والسلام ليكتب وحي السماء، ثم ارتد عن الإسلام إلى النصرانية .. فهل يتهم الجناب النبوي الشريف لمجرد هذا بأي تهاون أو تقصير إلا جاهل أو سفيه ؟!

2 - ومن شواهد ذلك أيضاً : عبد الله بن سعد بن أبي سرح (رضي الله عنه) .. فقد اختاره النبي عليه الصلاة والسلام لكتابة الوحي أيضاً .. ثم ارتد ، فأهدر النبي عليه الصلاة والسلام دمه .. ثم في فتح مكة شفع له عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأسلم وحسن إسلامه جدًا.

فهل يتهم الجناب النبوي الشريف ، حال ردة ابن أبي سرح، لمجرد هذا، بأي تهاون أو تقصير، إلا جاهل أو سفيه ؟!

فهذان رجلان ، اختارهما النبي عليه الصلاة والسلام ، لمهمة شريفة من أشرف المهمات: كتابة وحي السماء ، ثم ظهر منهما أشد الفساد، وهو الردة عن دين الله عز وجل، ومع هذا لا يليق بعاقل اتهام الجناب النبوي الشريف لمجرد هذا .. فإذا اختار مَن هو دون النبي عليه الصلاة والسلام في العلم والفضل ، بعضَ الناس، لمهمة أدنى ، ثم ظهر منه فساد أدنى .. فمن باب أولى ألا يتهمه بالتهاون أو التقصير إلا من هو أشد جهلاً وسفهاً .

3 - ومن الشواهد : ما ثبت في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم: « إنكم تختصمون إليّ ، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بنحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه ، فإنما أقطع به قطعة من النار »

فهذا أعلم الخلق وأفضلهم ، صلى الله عليه وسلم ، إنما يقضي بنحو ما يسمع، ولا يُسأل عن شق الصدور، وقد يعطي بسبب هذا لمن لا يستحق .. فإذا صدر مثل هذا عمن هو دون النبي عليه الصلاة والسلام في العلم والفضل، كان أولى بألا يلحقه العيب لمجرد هذا.

قال ابن تيمية رحمه الله : « الحاكم الذي لم يعرف باطن الأمر ، إذا حكم بما ظهر له من الحق لم يأثم؛ فقد قال سيد الحكام - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: "إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بنحو ما أسمع" »
(مجموع الفتاوى 35 / 395 - 396).

4 - ومن الشواهد : ما رواه المفسرون في سبب نزول قوله تعالى : { إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } بخصوص قصة الوليد بن عقبة ..
قال ابن تيمية رحمه الله : « وهذا الوليد بن عقبة ..... قد اشتهر في التفسير والحديث والسير أن النبي صلى الله عليه وسلم ولاه على صدقات ناس من العرب ، فلما قرب منهم خرجوا إليه ، فظن أنهم يحاربونه ، فأرسل الى النبي صلى الله عليه وسلم يذكر محاربتهم له ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل إليهم جيشا ، فأنزل الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } (الحجرات 6) »
(منهاج السنة 6 / 120)

قال ابن تيمية : « فإذا كان حال هذا خفي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف لا يخفى على عثمان ؟! » يرد بهذا على الروافض الذين اتهموا عثمان رضي الله عنه لمخالفات صدرت من "الوليد بن عقبة" أحد ولاته.

5 - ومن الشواهد : توليته عليه الصلاة والسلام لسعد بن عبادة، ثم عزله ..
قال ابن تيمية رحمه الله :
« وولى سعد بن عبادة يوم الفتح ، فلما بلغه أن سعدا قال "اليوم يوم الملحمة، اليوم تستباح الحرمة" .. عزله ، وولى ابنه قيسا ، وأرسل بعمامته علامة على عزله ؛ ليعلم سعد أن ذلك أمر من النبي صلى الله عليه وسلم »
( منهاج السنة 7 / 191)

6 – ومن الشواهد : ما أشار إليه ابن تيمية بقوله : « وعزل [عليه الصلاة والسلام] إماما كان يصلي بقوم لما بصق في القبلة »
(منها السنة 7/ 190)

والقصة عند أبي داود وحسنها الألباني :
« أن رجلا أمّ قوما ، فبصق في القبلة ، ورسول الله صلى الله عليه و سلم ينظر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ : "لا يصلي لكم" ، فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : نعم ، وحسبت أنه قال : "إنك آذيت الله ورسوله".


7 – ومن الشواهد : ما أشار إليها ابن تيمية بقوله : « وولى مرة رجلا فلم يقم بالواجب ، فقال [صلى الله عليه وسلم] : "أعجزتم إذا وليت من لا يقوم بأمري أن تولوا رجلا يقوم بأمري ؟!" »
(منهاج السنة 7/ 190)

والقصة عند أبي داود – وغيره – (كتاب الجهاد - باب في الطاعة) وحسنها الألباني.

فتأمل كيف نص النبي عليه الصلاة والسلام على أنه قد يولي رجلاً ليقوم بأمره ، ثم لا يقوم بأمره .. فمن دون النبي عليه الصلاة والسلام في العلم والفضل أولى بالعذر.

8 – ومن الشواهد : تبرؤه صلى الله عليه وسلم مما فعل خالد بن الوليد رضي الله عنه في بعض المواقف، مع أنه هو الذي ولاه ، ثم لم يعزله حتى بعد أن تبرأ مما فعل !
قال ابن تيمية رحمه الله : « وكان [خالد] أحيانا يفعل ما ينكره عليه [صلى الله عليه وسلم] ، كما فعل يوم بني جذيمة ، وتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، ثم إنه مع هذا لا يعزله ، بل يقره على إمارته »
(منهاج السنة 4/235)
ومعلوم أن ما فعله خالد بن الوليد هو من باب القتل الخطأ. فأولى بالعذر من اختار من نُسب لهم دون ذلك.

9 – ومن الشواهد : ما كان من خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيما عثمان وعلي رضي الله عنهما ..
قال ابن تيمية رحمه الله :
« نواب "علي" خانوه وعصوه أكثر مما خان عمال "عثمان" له وعصوه ، وقد صنف الناس كتبا فيمن ولاه "علي" فأخذ المال وخانه »
(منهاج السنة 6/93)

وقال أيضاً :
« وعلي رضي الله عنه تبين له من عماله مالم يكن يظنه فيهم »
(منهاج السنة 6 / 120)

ولما أراد الروافض العيب على "عثمان" لأن بعض ولاته ظهر منهم الفسق والخيانة ، قال ابن تيمية رحمه الله :
« وقوله "حتى ظهر من بعضهم الفسق ومن بعضهم الخيانة" ..
فيقال : ظهور ذلك بعد الولاية لا يدل على كونه كان ثابتا حين الولاية ، ولا على أن المولى علم ذلك ، وعثمان رضي الله عنه لما علم أن الوليد بن عقبة شرب الخمر طلبه وأقام عليه الحد ، وكان يعزل من يراه مستحقا للعزل »
(منهاج السنة 6 / 120)

وقال :
« وأما قوله "وولى عبد الله بن عامر البصرة ففعل من المناكير ما فعل" ..
فالجواب : أن عبد الله بن عامر له من الحسنات والمحبة في قلوب الناس مالا ينكر ، وإذا فعل منكرا فذنبه عليه ، فمن قال إن عثمان رضي بالمنكر الذي فعله ؟! »
(منهاج السنة 6 / 124)


وقال :
« وإذا قدر أنه أذنب ذنبا ، فمجرد ذلك لا يوجب أن يكون "عثمان" راضيا بذنبه ، ونواب "علي" قد أذنبوا ذنوبا كثيرة ، بل كان غير واحد من نواب النبي صلى الله عليه وسلم يذنبون ذنوبا كثيرة، وإنما يكون الإمام مذنبا إذا ترك ما يجب عليه من إقامة حد أو استيفاء حق أو اعتداء ونحو ذلك »
(منهاج السنة 6 / 122)


وقال :
« والقاعدة الكلية في هذا أن لا نعتقد أن أحدا معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، بل الخلفاء وغير الخلفاء يجوز عليهم الخطأ »
(منهاج السنة 6 / 100)


وقال :
« فالرسول بموته انقطع عنه التكليف ، وهو لو استخلف خليفة في حياته لم يجب أن يكون معصوما ، بل كان يولي الرجل ولاية ثم يتبين كذبه فيعزله ، كما ولى الوليد بن عقبة بن آبي معيط ، وهو لو استخلف رجلا لم يجب أن يكون معصوما »
(منهاج السنة 7 / 188)

وقال:
« وكان يصدر من بعض نوابه أمور منكرة ، فينكرها عليهم ، ويعزل من يعزل منهم »
( منهاج السنة 7 / 190)


وقال :
« وأيضا فإن هذا تكليف ما لا يمكن ، فإن الله لم يخلق أحدا معصوما غير الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلو كلف أن يستخلف معصوما لكلف ما لا يقدر عليه ، وفات مقصود الولايات ، وفسدت أحوال الناس في الدين والدنيا »
(منهاج السنة 7 / 191)


وفي الختام أقول : إن هذه القاعدة تنفع الناس بإذن الله في مواطن كثيرة .. وستنفعنا بإذن الله إذا شاء الله الخير للمصريين وولى عليهم من يطبق شرعه .. فإن هذا الحاكم المطبق للشرع لن يكون أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه الراشدين، فمن الوارد جدًا أن يختار أو يولي من يظهر منه فساد بعد الولاية ، ناهيك عن الأخطاء التي هي مغروزة في الجبلة البشرية ..
فهذه القاعدة تمنع – بفضل الله – جزع المؤمنين إذا صدر مثل هذا الذي لا بد منه ..
وهي ترفع الجهل – بفضل الله – عن الجهلاء ليتعلموا الحق ..
وهي تدمغ الحاقدين – بفضل الله – وتفحمهم.

والله أعلى وأعلم .. بغيبه وأحكم.

متروي
03-28-2012, 02:36 PM
الذي أراه أخي الكريم أن حزب النور هو من ضخم الحدث بطرده للبلكيمي و إلا فالرجل ليس معصوما و ما من أحد معصوم و الرجل لم يخن الله و رسوله و إنما أخطأ و ارتكب ذنبا يستغفر الله و يتوب منه و يقرب الرجل و يوعظ و يذكر بالله و لا يترك فريسة للشيطان .
و لا أظن الشعب المصري يحمل حقدا عليه فالرجل لم يسرق مال الأمة و لم يقتل و لم يخن الوطن بل ربما عذروه لضعفه .
و قضية حزب النور مع الشعب المصري ليست في البلكيمي و لكنها في القرارات المصيرية التي تخدم مصالح الشعب و المواقف الحقيقية في وجه الظالمين و الناهبين .

د. هشام عزمي
03-28-2012, 03:35 PM
جميلة يا أخي .. اسمح لي أن أنقلها ..

متعلم
03-28-2012, 04:10 PM
لا تحتاج إلى إذن دكتورنا الحبيب.