المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البراءة من التنازلات التي تقدمها سلفية الإسكندرية (2-3) لطلحة المسير



متعلم
05-01-2012, 05:18 PM
البراءة من التنازلات التي تقدمها سلفية الإسكندرية (2 – 3)
تنازلاتهم بدعوى الموازنة بين المصالح والمفاسد

طلحة محمد المسير
Talha133@gmail.com


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد؛

فقضية تقدير المصالح والمفاسد، والموازنة بينها، لبنة من لبنات التشريع الإسلامي الذي جاء بالهدى والنور المبين، تتسق مع أوامر الشرع ومقاصده، وتنتظم في إطار تحقيق العبودية الكاملة الشاملة لله عز وجل؛ لذا فهي من القضايا المعتبرة في أصلها ووضعها.

والسياسة الشرعية تبنى على أساس من المنظومة التشريعية التي جاء بها الإسلام وأرسى قواعدها، في تكامل لا نظير له في طرق النظر والاستدلال يتوخى أوامر الشرع ومقاصده.

ولكن مع كثرة الوهن الذي أصاب الأمة، بدت ظاهرة التفلت في تقرير أحكام السياسة الشرعية؛ بدعاوى متعددة، من أهمها دعوى التفرد بضبط وتقدير المصالح والمفاسد؛ حيث يقوم البعض بعمل موازنات بعيدة كل البعد عن الواقع، ثم يدعي الاطلاع على مجريات الأمور، ومتغيرات الأحداث..، ثم تتبين الحقيقة في أنه عندما وازن بين المصالح والمفاسد لم يضبطها بضوابط الشرع، وغلا في تقديرها، وطبقها على غير مناطاتها، مما نجم عنه مصادمة أوامر الشرع، ومخالفة أحكام الشريعة الإسلامية.

وقد أسرف بعض رموز الدعوة السلفية بالإسكندرية في الاحتجاج بهذه الموازنات على كثير من القضايا، دون موازنة حقيقية سوى التوهم لأمور لا حقيقة لها، وأصبحت الموازنات القاصرة قيدًا يقيد كثيرًا من الشباب؛ لأنهم حاولوا توجيههم إلى أن: (العلاقة بين الدعوة وأبنائها قائمة على مرجعية الدليل في الأمور الشرعية، وعلى الثقة في المشايخ في الأمور الواقعية، لا سيما تلك التي يحتاج وزنها إلى تقديرات القوى المتصارعة)[1] كما يقال، ومن أمثلة ذلك:


1- رفض المشاركة في الثورة قبل بدايتها: والتعلل بفهم قضية المصالح والمفاسد في مثل قولهم: (إننا انطلاقًا من تمسكنا بديننا، وشعورنا بالمسئولية تجاه بلادنا، وحرصًا على مصلحتها، وتقديمًا وتغليبًا لأمن العباد والبلاد في هذه الفترة العصيبة، وتفويتًا لمقاصد الأعداء التي تهدف إلى نشر الفتن؛ نرى عدم المشاركة في تظاهرات الخامس والعشرين من يناير، وكلام المشايخ واضح جدًّا في ذلك، والأوضاع مختلفة بين مصر وتونس)[2]، وكان بإمكان قائل هذا الكلام أن يمتنع عن إبداء رأيه قبل الثورة، أو على الأقل لا يتورط في دعوى اختلاف الوضع بين مصر وتونس؛ لأن من تأمل أدنى تأمل علم يقينًا أن الأوضاع مختلفة بين مصر وتونس نعم، ولكنه اختلاف يدفع للثورة؛ فالقبضة الأمنية التونسية كانت أشد منها في مصر، وتنظيمات العمل الإسلامي العلنية والسرية في تونس أضعف منها في مصر، وروح الثورة على الأوضاع في تونس لا تقارن بالروح التي تسري في المجتمع المصري منذ سنوات.

2- رفض المشاركة في الثورة بعد اشتعالها وظهور انهيار النظام: وأصر البعض على موقفه الرافض، بل أصر على توضيح رفضه بصورة قاطعة قائلًا: (فهم البعض مِن كلام الشيخ محمد إسماعيل في المؤتمر السلفي في مدح الشباب الذين قاموا بالثورة أن موقف الدعوة قد تغير إلى المشاركة في المظاهرات...، ولذا نُصرِّح ونُؤكِّد أن موقف الدعوة المعلن والموجه إلى أبنائها ومَن يوافقهم لم يتغير، كما أوضحناه قبل وأثناء الأحداث، ولاعتبارات أخر أيضًا تصب في مصلحة الثورة وترشيدها لا إجهاضها، كما يزعم البعض)[3] .
وإذا حاولنا بعض تنحي مبارك معرفة هذه الاعتبارات التي من أجلها امتنعوا، وجدنا أوهامًا مثل: (لا شك أن ظهور السمت السلفي الظاهر حتى يغلب على المظاهرات كان يمكن أن يؤدي إلى هلع عالمي، ربما أدى إلى فقد الضغط العالمي نحو عدم استعمال القوة؛ فكان غياب السلفيين بهديهم الظاهر يصب في حماية المظاهرات في الحقيقة لا في إجهاضها)[4] وهكذا نجد تبريرات أبعد ما تكون عن الواقع؛ لأن أكثر أصحاب اللحى من شباب القاهرة "مركز الأحداث" شارك بهديه الظاهر، ولم يحدث ما توهمه بعضهم، أضف إلى ذلك أن الإخوان المسلمين، وهم من القوى الإسلامية، شاركوا بقوة، ولم يحدث ما تخيلوه، وعلمت جميع دول العالم بمشاركتهم.
وها هي الدعوة السلفية بالإسكندرية ولجت عالم السياسة، ولم يحصل هذا الهلع العالمي المتوهم، بل ما كان من القوى العالمية إلا أن عملت على احتوائهم وتفريغ طاقاتهم بالمشاركة في اللعبة الديمقراطية.

3- الدعوة لتوقف الثورة أثناء اشتعالها: ورغم عدم المشاركة في الثورة إلا أن البعض زاد على ذلك تفتيت العزائم بحجة المصالح والمفاسد مصرحًا بقوله: (ألمحت في أكثر مِن مناسبة إلى أن الخروج مِن الأزمة بسرعة أمر هام، وإن لم تتحقق كل طلبات الثوار)[5].

4- التحذير بعد تنحي مبارك من تكرار مثل هذه الثورة في المستقبل: وهذا مبني كذلك على التطبيق القاصر لمفهوم المصالح والمفاسد، في مثل تأكيدهم على خطورة: (بناء رؤى مستقبلية بناء على هذه الفلتات التاريخية)[6] مع أن ما حدث هو سُنَّة ماضية عبر التاريخ، يراها كل أحد؛ لأن عاقبة الظلم والمكر وخيمة، ولا يمكن أن نجعل قهر الظالمين للدعاة في عدد من السنوات هو الأصل الذي يقاس عليه، ولو تأمل قائل ذلك ما حدث مع مَن عاصرهم هذا الجيل من الحكام؛ بدءًا من فاروق، مرورًا بعبد الناصر، والسادات، ومبارك، لرأى كيف يكون الانتقام من الظالمين، وأن هذا الانتقام سنة ماضية لا فلتة عابرة، وأن النصر صبر ساعة.

5- القبول بكل الحكومات التي أعقبت تنحي مبارك: فرغم علمهم اليقيني بالمحاولات المستميتة من المجلس العسكري والحكومات التي أقامها؛ للتمكين أكثر للعلمانيين، نرى أنهم لم يطالبوا يومًا من الأيام بإقالة أحد رؤساء الوزراء الثلاثة الذين وضعوا في هذا المنصب، فضلًا عن أن يطالبوا برحيل المجلس العسكري، كل ذلك نتيجة الخلل في ما زعموه تطبيقًا للمصالح والمفاسد؛ فمثلًا في أحداث محمد محمود التي أسقطت حكومة عصام شرف ووثيقة السلمي، نرى هذا البيان: (تناشد الدعوة السلفية جميع أبنائها، وجميع المواطنين عدم التواجد في ميدان التحرير، ولا في الميادين العامة في المحافظات؛ منعًا لسفك الدماء، وحفظـًا للحرمات العامة والخاصة، ومراعاة لمصالح البلاد العليا)[7] ، ولكن كثيرًا من الشباب السلفي يأبى إلا المشاركة، فتضطر الدعوة السلفية لأن تقول: (قررت الدعوة السلفية المشاركة في مليونية الثلاثاء 22-11-2011م؛ نصرة للمظلومين، وحقنًا للدماء، واحتجاجًا على الأسلوب الإجرامي الذي تم التعامل به مع المتظاهرين)[8] ، ولكن المبدأ الذي رفعوه هو أن: (المطالبة برحيل المجلس العسكري والحكومة في هذا التوقيت الحرج معناه: إلقاء البلاد في بحر من الاضطرابات والفوضى، بل هذا تهديد صريح لكيان الدولة المصرية ذاتها والمجتمع بأسره)[9] وقد أدت هذه الأحداث لسقوط الحكومة، وسقوط وثيقة السلمي، فماذا كان؟

6- الأوهام التي ظنوها في المشاركة في الانتفاضة الثالثة: يدعو البعض لما يسمى بالانتفاضة الثالثة ضد اليهود، وهي عبارة عن مظاهرات تعم عددًا من البلدان المحيطة بإسرائيل والمدن الحدودية معها، تندد بالاحتلال اليهودي، وكان يسع قيادات الدعوة السكوت، فيعلق بعضهم على فكرة الوقوف عند الحدود والتنديد بالاحتلال اليهودي باحتمال: (ضربها قبل أن تصل للحدود... كما يحتمل أن تحاول منع وصولهم إلى سيناء بضرب كوبري السلام، ونفق أحمد حمدي، فتخسر بلادنا خسارة لا تستطيع تعويضها في القريب العاجل، كما أن ذلك يُحرج القوات المسلحة غاية الحرج لو حدث شيء مِن ذلك؛ لأنها تكون مدفوعة للرد على اعتداء إسرائيل على أرض مصر، ولا تكون الحسابات في صالحنا في هذه الظروف مع قيام القوات المسلحة بواجبات مضاعفة في حفظ الداخل بعد الثورة. أضف إلى ذلك: أن استمرار الوقوف على الحدود دون حساب للحاجات التموينية، والصحية، والخدمية لمئات الألوف؛ فضلًا عن الملايين، مما لا تحتمله البنية التحتية لمدينة رفح، بل لسيناء كلها؛ كل ذلك يؤدي إلى أضرار بالغة بالمشاركين، وبأهل المدن الحدودية، وبالاقتصاد والأمن المصري كله) [10] وقد قامت تلك المظاهرات في عدد من الدول المجاورة ولم يحدث شيء مما تخيله من مفاسد.

7- الموقف من تفجير خط الغاز المتجه لإسرائيل: قام بعض أهل سيناء بتفجير خطوط الغاز المتجهة لإسرائيل مرات تلو مرات، وكان بوسع قيادات الدعوة السكوت عن هذه القضية كما سكت غيرهم، لكن الإسقاط القاصر لقضية المصالح والمفاسد يقرر أن: (التفجيرات التي تتم تعرِّض البلاد وهي في أزمة خانقة لعقوبات دولية، وغرامات هائلة، تضر بمصالح البلاد)[11] فأين الموازنة بين مفاسد متخيلة لم يحدث منها شيء، ومصالح يمكن أن يذكرها من يقومون بهذا الفعل؛ من حفظ ثروات البلد، وإضعاف العدو، وإرباك مشاريعه، وإغاظته، ورفع الروح المعنوية للأمة،.. إلخ، وقد أثمرت هذه التفجيرات إلغاء الجهات المصرية عقد تصدير الغاز مع الشركة المستوردة، ولم يكن هناك أدنى أثر لعقوبات دولية ولا لغرامات هائلة، وتبين لنا حجم الأوهام التي تسيطر على كثير من الموازنات المزعومة.

8- التعزية في هلاك إمام الكفر المحارب لله ولرسوله سرًّا وجهرًا شنودة: فيصدر حزب النور بيانًا يقول فيه: (إن لله ما أخذ، ولله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، يتقدم حزب النور إلى كافة المواطنين المسيحيين، شركاء الوطن، وإلى الكنيسة الأرثوذكسية، بالتعازي في وفاة الأنبا شنودة، بابا الكنيسة الأرثوذكسية، ونقول: إن البقاء لله وحده، وإن الموت نهاية لكل إنسان؛ ونتمنى أن توفقوا في اختيار قيادة جديدة ترعى مصلحة الوطن والمواطنين)[12].
ولأنهم يعلمون جيدًا حال شنودة ومن معه؛ حيث كانوا يقولون: (نحن نعلم ما يفعله النصارى الآن مِن الاعتداء على مَن أراد الدخول في الإسلام منهم؛ مِن الحبس حتى الضرب حتى القتل([13] فقد قام أحد مرجعيات الدعوة بتبرير تعزيتهم في شنودة قائلًا: (لا دليل على المنع من تعزية المحاربين إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين... ومَن يبني الأمر على المصلحة ويعرف الواقع الحاصل؛ لا أراه إلا يجزم بوجود مصلحة بالتعزية، خصوصًا أن مجموعهم لا يصرح بالمحاربة، بل يلين الكلام للمسلمين)[14] مع أنه كان يقول قبل أن تأتي فتنة إنشاء حزب النور: (المسلم يسره هلاك أعداء الإسلام المحاربين، ويجوز له تعزية أهل العهد والذمة بألفاظ لا تدل على تعظيم موتاهم، أو الترحم عليهم، أو الاستغفار لهم، أو الشهادة لهم بالجنة، بل بنحو: اتق الله واصبر، والبقاء لله، أما المحاربين فينبغي تبكيتهم وتبشيرهم بسوء المصير)[15] .
وقد كان بعض قيادات الدعوة السلفية قديمًا يرى تهافت كثير من غيرهم على المسارعة في هوى النصارى، ويتندر بذلك قائلًا: (من لم يهتم بأمر الكنيسة القبطية فليس وطنيًّا)[16]، وكان الاهتمام قديمًا ينصب على تصحيح الانحرافات العقدية والكفرية التي تصدر في مثل هذه المواقف، من تعظيم الكفر وأهله، والآن أصبح الهمُّ تبرير المواقف "المؤسفة" لحزب الدعوة السياسي ومتحدثيه الرسميين.
وهذه التعزية سبقها بأيام تجاهل شعور كثير من أبناء التيار الإسلامي، عندما توفي الشيخ رفاعي سرور رحمه الله، وتجاهلوا الحدث تمامًا، رغم ما للشيخ من سابقة وفضل، فهل التعزية في الكفار المحاربين أولى من التعزية في الدعاة العاملين؟!.

9- استخدام دعوى موازنة المصالح والمفاسد لتبرير الغموض في إعلان اسم من يرشحونه للرئاسة: فهم اختاروا الطريق الديمقراطي، واختاروا أن يكون لهم دور في دعم مرشح في انتخابات الرئاسة، ولما وجدوا الأستاذ حازم صلاح أبو إسماعيل له شعبية جارفة بسبب كثرة حديثه عن الشريعة، أظهروا التعنت في الحديث عنه، وكان من أكثر ما يثيره بعضهم أمام من يطالبه بانتخاب الأستاذ حازم أبو إسماعيل قضية المصالح والمفاسد، قائلًا: (الشيخ حازم مِن الجهة الشخصية أفضل مَن طـُرِح اسمه لمنصب الرئاسة، لكن الأمر ليس فقط صفة الشخص، بل جماعته، والمحيطون به، وفريق العمل الذي سيحكم به البلاد، ثم النظر في القوى الداخلية والإقليمية والدولية؛ فكل هذه أمور خطيرة تؤثر في اتخاذ القرار الذي يمس المشروع الإسلامي برمته، والخطأ فيه يعرضه برمته للخطر، ولا بد مِن التشاور قبل اتخاذ القرار)[17]، ثم يتم تهويل القضية بصورة عجيبة، بمثل قول إن: (تحديد المرشح للرئاسة قرار مصيري هائل وخطير، فإن مصر قلب الأمة العربية والإسلامية، ونجاحها أو فشلها في المشروع الإسلامي سوف يحدد مستقبل العالم لعقود عديدة، وأجيال كثيرة إن شاء الله)[18] مع أن هذا التهويل الذي ظهر فجأة سبقه تهوين شديد لهذه القضية المطروحة منذ سنة تقريبًا، بمثل: (هذا الموضوع سابق لأوانه؛ لأن الخلاف الآن هو: حول الدستور أولًا أم الانتخابات أولًا؟ وهل تؤجل أم لا؟ فإذا انتهى الأمر إلى الانتخابات فسيكون البحث في الحملة الانتخابية، ثم بعدها يأتي أمر كتابة الدستور، وبعد ذلك يُفتح الباب أمام الانتخابات الرئاسية، وقد يأتي الدستور بنظام برلماني لا يجعل لرئيس الدولة صلاحيات كبيرة، أو يكون منصبًا شرفيًّا؛ وحينها لن يكون هناك معنى للمنافسة عليه)[19].

وبسبب الخلط في قضية المصالح والمفاسد اتهم عدد منهم الأستاذ حازم بالتهور!!! فنرى أحدهم يصرح بجهده في نصح هذا المتهور، قائلًا: (نحن الآن نجلس مع جميع المرشحين ولا ألامُ إذا قلتُ: إن هذه الجلسات أثمرت رؤية عند مَن قلنا له: إننا نأخذ عليك التهور... أثمرت تحسنًا ما)[20] وللأسف فإن ديننا مستباح، وحرماتنا منتهكة، وقيمنا مبتذلة، وما تعاني منه الدعوة الإسلامية في مصر كثيرًا هو الانبطاح والجبن والتخاذل، وإننا نكاد نفتقد لصاحب المواقف الصامدة، فضلًا عن صاحب المواقف الشجاعة، وما أبعد واقعنا عن الحزم فضلًا عن التهور المزعوم.
وتم اختراع مبادرة زعموا أنها لتوحيد الصوت الإسلامي والمرشح الإسلامي، ومن تمعن في هذه المبادرة ظن أنها صيغت خصيصًا لإبعاد الأستاذ حازم، وظلوا يرددون تمسكهم بالمبادرة، ويرهبونه بمثل قولهم: (الحيدة عن هذه الخطة ما هي إلا ضعف في العقل وخور في الدين)[21]، فلما أبعد المزورون الأستاذ حازم، وحان وقت إعلانهم للمرشح، لم نر للمبادرة أدنى أثر، فقد انتهت مهمتها، وتفرق شمل الجماعات التي كانت تحاول جاهدة إبعاد الأستاذ حازم، وتبخر كل كلامهم عن المرشح الذي يدفعونه للرئاسة دفعًا، ولا يكون متطلعًا لها، ويعظم الشورى، ويحسن اختيار بطانته، وهو غير مميع في انتمائه العقدي، وإذا بهم يختارون الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي كانوا يصفونه سابقًا بأنه من العلمانيين الإسلاميين الذين هم خطر على الفكرة الإسلامية[22]! متناسين قولهم من قبل: (نحن لا نستطيع أن نشارك في سياسة مبنية على خلاف ما نعتقد، فقضية الثوابت عندنا غالية جدًّا، وكذا قضايا المنهج، وقضايا العقيدة، لا يمكن أن نضحي بها أبدًا) [23] وهكذا يكون التضارب عند من أخطأ فهم وتطبيق قضية الموازنة بين المصالح والمفاسد.

10- وهكذا تم التعامل مع كثير من القضايا الحيوية: وأصبح بعض رموز الدعوة يفتخر بأن بعض أتباعه من أصحاب اللحى يسهر الليالي ليحرس كنيسة من الكنائس، أو ليحمي قسمًا من أقسام الشرطة التي يقول عنها: (كانت المطالبة بعودتها لأداء دورها في حفظ الأمن محل إجماع وطني)[24]!!، أو ليدافع عن مجلس الشعب، أو ليطالب بتفتيش المساجد مع الكنائس، حتى لا يُتهم مثلًا بالتفرقة العنصرية، قائلًا: (ضرورة تفتيش المساجد والكنائس والمؤسسات للبحث عن الأسلحة ومصادرتها)[25].
وما يدرينا؟ فإننا نخشى أن نراهم غدًا يحرسون الخمارات، والملاهي الليلية، وشواطئ الإسكندرية، ويطاردون "الجهلة" الذين "يسيئون" للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و"لا يحسنون" وزن المصالح والمفاسد.



•إن قضية المصالح والمفاسد بهذه الطريقة، ومع عدم وجود تأصيل علمي رصين لها في أدبيات الدعوة السلفية بالإسكندرية، وعدم تفريق الكثيرين بين أنواع المصالح والمناطات التي تتعلق بها، يخشى أن تسير -مع مرور بعض الوقت- على نفس منوال الغلو في مناهج الاستدلال، الذي سارت عليه المبتدعة قديمًا وحديثًا، كما نرى في فهم المعتزلة لدور العقل، والصوفية للإلهام والرؤى، والرافضة لاتباع الأئمة، فكل هذه القضايا لها أصول مستمدة من الشريعة، تم الغلو فيها، حتى أصبحت تصادم جزءًا من الشريعة وتناقضه.

طلحة محمد المسير
Talha133@gmail.com

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
[1] من مقال للمهندس عبد المنعم الشحات، في موقع صوت السلف، بعنوان: السلفيون وكشف حساب الأزمة.

[2] من فتوى للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: حكم المشاركة في ثورة يوم 25 من يناير.

[3] من مقال للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: حول ما فهمه البعض مِن كلام الشيخ محمد إسماعيل مِن تغير موقف الدعوة إلى تأييد المظاهرات.

[4] من مقال للمهندس عبد المنعم الشحات، في موقع صوت السلف، بعنوان: السلفيون وكشف حساب الأزمة.

[5] السابق.

[6] من مقال للمهندس عبد المنعم الشحات، في موقع صوت السلف، بعنوان: السلفيون وكشف حساب الأزمة.

[7] بيان من الدعوة السلفية بشأن أحداث السبت 19-11-2011م، منشور بموقع صوت السلف.

[8] بيان من الدعوة السلفية بشأن المشاركة في مليونية غدًا 22-11-2011، منشور بموقع صوت السلف.

[9] بيان من الدعوة السلفية بشأن أحداث السبت والأحد 19/ 20 -11-2011م، منشور بموقع صوت السلف.

[10] من فتوى للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: حول المشاركة في الانتفاضة الفلسطينية الثالثة.

[11] من فتوى للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: التفجيرات التي تستهدف خطوط الغاز الذاهب إلى اليهود.

[12] تعزية حزب النور في هلاك شنودة، منشورة على الصفحة الرسمية للحزب في مواقع التواصل الاجتماعي.

[13] من فتوى للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: جلسات النصح والإرشاد للراغبين في دخول الإسلام.

[14] من فتوى للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: حول فتوى التعزية في بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية شنودة.

[15] من فتوى للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: تعزية المحاربين للإسلام.

[16] عنوان مقال للمهندس عبد المنعم الشحات، في موقع صوت السلف.

[17] من فتوى للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: حول تأييد الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل في الانتخابات الرئاسية.

[18] من مقال للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: لماذا نتأخر؟

[19] من فتوى للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: حول تأييد الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل في الانتخابات الرئاسية.

[20] من مقال للمهندس عبد المنعم الشحات، منشور بموقع صوت السلف، بعنوان: كيف سنختار مرشحنا للرئاسة؟

[21] من نص مبادرة الدعوة السلفية بخصوص معايير وشروط اختيار مرشح الرئاسة، منشورة بموقع صوت السلف.

[22] ينظر في نقدهم السابق للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح مقالان منشوران بموقع صوت السلف، للمهندس عبد المنعم الشحات، أحدهما بعنوان: أزمة الإخوان أزمة أجيال أم منهج أم لائحة؟ والآخر بعنوان: عندما ترتد قذيفة المحارب إلى صدره، تعليق على تصريحات د. عبد المنعم أبو الفتوح.

[23] من فتوى للدكتور ياسر برهامي، في موقع صوت السلف، بعنوان: هل من الممكن أن ينسحب أحد مرشحي حزب النور أمام منافسه الإخواني إذا كان أكفأ وأمهر منه.

[24] بيان من الدعوة السلفية بشأن أحداث جمعة 9-9-2011، منشور بموقع صوت السلف.

[25] من بيان من الدعوة السلفية حول أحداث إمبابة، منشور بموقع صوت السلف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يمكن تحميل المقالة في ملف نصي منسق من هذا الرابط:
http://www.islamup.com/download.php?id=15250