المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهة تأخر كتابة السنة النبوية



أبو جهاد الأنصاري
08-21-2005, 12:21 PM
شبهة تأخر كتابة السنة النبوية
مقدمة
بعدما فشل المستشرقون وأذنابهم فى الطعن فى المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامى ألا وهو القرآن الكريم ، اتجهوا للتشكيك فى المصدر الثانى من مصادر التشريع ألا وهو السنة.
فنجد كثير منهم يروجون من حين لآخر لمسألة تأخر كتابة السنة النبوية ، ويتبعهم فى هذا بعض المسلمين الذين تربوا على أيديهم وتلقوا العلم فى جامعاتهم ، ونستطيع أن نصفهم بكل صدق بالطابور الخامس للمستشرقين ، وأخذ هؤلاء يرددون نفس دعاوى أساتذتهم ويلوكونها بألسنتهم من حين لآخر.
كما وجد فى هذه الشبهة جماعة اللاقرآنيين منكرى السنة مرتعاً خصيباً لهم يرتكزون عليه لتصحيح الباطل الذى ذهبوا إليه ، ويدّعون – جميعاً - أن السنة النبوية لم تكتب إلا بعد مائتى عام.
وهذا الأمر يحمل فى طياته الكثير والكثير من الأخطاء والمغالطات التاريخية التى لا يغفل عن بيانها عاقل.
وهذا ما سوف أوضحه بعد إن شاء الله.

أبو جهاد الأنصاري
08-21-2005, 12:32 PM
توضيح المفاهيم
بداية يجب أن نفرق بين مفهومين:
الأول هو : كتابة السنة.
الثانى هو : جمع السنة.
فعندما نقول أن بداية جمع السنة كان فى عصر فلان أو بأمر من فلان أو عام كذا. فلا يعنى هذا أنها لم تكن مكتوبة عند بعض الصحابة أو رواة الحديث.
بل إن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بُدئ فى كتابته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى حياته.
كما يجب أن نؤكد على أن العبرة فى هذه المسألة هى بالحفظ سواء أكان هذا الحفظ حفظ فى الصدر أم حفظ فى كتاب.
ونسوق فى هذا ما قاله الخليل ابن أحمد الفراهيدى :
ليس العلم ما حواه القمطر ................. ما العلم إلا ما حواه الصدر
وسأحاول أن أبين لأخوانى مراحل جمع السنة النبوية المطهرة. حسبما يسر الله لى.

أبو جهاد الأنصاري
08-21-2005, 12:37 PM
المرحلة الأولى لجمع السنة
مرحلة الكتابة الخاصة في عهد النبي.
(انتهت عند وفاة النبى صلى الله عليه وسلم عام 11 هجرية).
وفى هذه المرحلة كان الصحابة رضوان الله عليهم يتلقون الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة ، وكانوا يتداولونه حفظاً له ورواية. وكان القليل منهم يكتب. ولكن كان المعول الحقيقى على عملية الحفظ فى الصدر.
وقد بلغ اعتناء الصحابة بحب السنة والتعرف على كل ما يقوله أو يفعله النبى صلى الله عليه وسلم ، أن عدداً كبيراً منهم كان يلازمه ملازمة مباشرة. كأبى بكر وعمر وعبد الله بن مسعود والذى عرف بصاحب نعل رسول الله.
بل كان الصحابة يكثرون من قولهم : (ذهب رسول الله ومعه أبو بكر وعمر) ... (رجع رسول الله ومعه أبو بكر وعمر).
وهذا من طول ملازمتهما إياه.
وكان من شدة حبهم وتعلقهم بالنبى أن لازموه ملازمة شبه كاملة. فأخبرهم أن لأولادهم عليهم حق. فأمرهم أن يعملوا يوماً ويلازمونه يوم.
وللموازنة بين الأمرين : حب ملازمة النبى صلى الله عليه وسلم ، والإنفاق على العيال. فقد كانوا يتناوبون مصاحبته.
فقد أخرج البخارى فى صحيحه (89) ومواضع أخرى : عن عبد الله بن عباس عن عمر بن الخطاب قال : كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك.
وجدير بالذكر فى هذا المقام بيان أن أصحاب النبى – صلى الله عليه وسلم – ومن جاء بعدهم كانوا يعتمدون على قوة ذاكرتهم فى الحفظ.
وكان هذا معلوم لدى العرب حتى من قبل ظهور الإسلام. فقد كانت أمة العرب ، أمة ذات قريحة متوقدة نشطة يحفظون القصائد الشعرية التى تتكون من عشرات بل مئات الأبيات من أول مرة يسمعونها فيها.
وعندما جاء الإسلام ، انصب اهتمام الصحابة على كتابة الوحى القرآنى بمجرد نزوله ، كما اتخذ النبى صلى عليه وسلم عدداً كبيراً لكتابة الوحى عرفوا باسم (كُتّاب الوحى) وبلغ عدد هؤلاء أربعين كاتباً.
كما لم يغفل أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أهمية السنة ، فانكب عدد كبير على كتابة ما يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهر هؤلاء جميعاً سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه وعن أبيه.

أبو جهاد الأنصاري
08-21-2005, 12:50 PM
صحف كتبت فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم
ولم تعدم هذه الفترة من وجود الصحف التى كتب فيها الصحابة رضوان الله عليهم أحاديث مباشرة عن رسول الله وبدون واسطة.
من تلك الصحف:
1- الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص .
2- الصحيفة الصحيحة برواية همام بن منبه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- صحيفة سمرة بن جندب .
4- صحيفة سعدة بن عبادة الأنصاري .
5- صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري .

فصحيفة سمرة بن جندب (الذى توفى عام 60هـ)، كان قد جمع أحاديث كثيرة في نسخة كبيرة ورثها ابنه سليمان ورواها عنه، وهي التي يقول فيها ابن سيرين: "في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير".
ومن أشهر الصحف المكتوبة في العصر النبوي (الصحيفة الصادقة) التي كتبها عبد الله بن عمرو بن العاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اشتملت على ألف حديث، كما يقول ابن الأثير، ومحتواها محفوظ في مسند أحمد بن حنبل ، حتى ليصح أن نصفها بأنها أصدق وثيقة تاريخية تثبت كتابة الحديث على عهده صلوات الله عليه، وهذه الوثيقة كانت نتيجة محتومة لفتوى النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو وإرشاده الحكيم له؛ فقد جاء عبد الله يستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الكتابة قائلا: أكتب كل ما أسمع؟ قال: "نعم"، قال: في الرضا والغضب؟ قال: "نعم؛ فإني لا أقول في ذلك إلا حقا".
وقد أتيح لمجاهد بن جبر (103هـ) أن يرى هذه الصحيفة عند صاحبها عبد الله بن عمرو ، وكان عبد الله بن عمرو - لشدة حرصه على هذه الصحيفة - لا يسمح لأعزّ الناس عليه بتناولها، ورؤية مجاهد لها لم تكن إلا عرضا؛ فإنه قال: "أتيت عبد الله بن عمرو؛ فتناولت صحيفة تحت مفرشه فمنعني، قلت: ما كنت تمنعني شيئا! قال: هذه الصحيفة الصادقة، فيها ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس بيني وبينه أحد، إذا سلمت هذه وكتاب الله والوهط فلا أبالي علام كانت عليه الدنيا! والوهط أرض كان يزرعها".
ولقد شاعت في عصر الصحابة صحيفة خطيرة الشأن أمر النبي عليه السلام نفسه بكتابتها في السنة الأولى للهجرة، فكانت أشبه (بدستور) للدولة الفتية الناشئة آنذاك في المدينة، وهي الصحيفة التي دون فيها كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حقوق المهاجرين والأنصار واليهود، ولفظ الكتابة صريح في مطلعها: "هذا كتاب محمد النبي رسول الله بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس".

أبو جهاد الأنصاري
08-21-2005, 01:04 PM
صحف السنة النبوية ...... أين هى؟
وهذه الصحف لم يصل إلينا منها شئ الآن. وأقصد بهذا الورق الأصلى الذى كتبت عليه.
أما محتواها فقد صلنا فعلاً ، وقد أدت هذه الصحف دوراً كبيراً فى وصول السنة إلينا.
فما كتب فيها ، تناوله التابعون من الصحابة ، وحفظوه فى صدورهم ، وسجلوه فى صحائفهم ، ثم أبلغوه لمن جاء بعدهم ، حتى أصبحت تشكل جزءاً كبيراً من كتب السنة التى جاءت بعد.
فهى إذن الحلقة الأولى من سلسلة توصيل السنة إلينا.
فصحيفة عبد الله بن عمرو على سبيل المثال موجودة فى مسند الإمام أحمد ، ولكنها موجودة عن طريق الإسناد من الإمام أحمد إلى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبى صلى الله عليه وسلم.
ولا يظن أحد أن هذا دليل على أن كل ما هو موجود من أحاديث فى المسند ينتهى إسنادها إلى عبد الله بن عمرو ، يعتبر صحيحاً على وجه الإطلاق.
لا ، لماذا لأن العبرة كما قلنا فى نقل السنة كانت بالحفظ والرواية ، وقد وقع فيها بعض الخلط أو التقصير ، نتيجة ضعف حفظ بعض الرواة أو عدم ضبطهم أو وقوع التصحيف ، وهذه كلها أمور ومسائل موجودة فى علم المصطلح ويقوم بعلاجها ونقد الصحيح من الضعيف وبيان أوجه وسبب القصور فيها.

أبو جهاد الأنصاري
08-21-2005, 01:39 PM
صحيفة همام بن منبه
ومن أشهر ما كتب فى القرن الأول الصحيفة الصحيحة لهمام بن مُنَبِّه الصنعانى المتوفى :131 هـ والتى رواها عن أبى هريرة وقد وصلتنا هذه الصحيفة كاملة كما رواها ودونها وقد طبعت عدة طبعات منها طبعة بتحقيق الدكتور رفعت فوزى طبعة مكتبة الخانجى 1406 ويزيد من توثيق هذه الصحيفة أن الإمام أحمد قد نقلها بتمامها فى مسنده كما نقل الإمام البخارى عددا كثيرا من أحاديثها فى صحيحه وتضم صحيفة همام مائة وثمانية وثلاثين حديثا ولهذه الصحيفة أهمية تاريخية لأنها حجة قاطعة على أن الحديث النبوى قد دون فى عصر مبكر وتصحح القول بأن الحديث لم يدون إلا فى أوائل القرن الهجرى الثانى وذلك أن هماما لقى أبا هريرة قبل وفاته وقد توفى أبو هريرة 59 هـ فمعنى ذلك أن الوثيقة دونت فى منتصف القرن الهجرى الأول.


صحيفة أبى الزبير عن جابر
ويبرز من جيل التابعين عدد آخر من العلماء الذين اهتموا بالحديث واحتفظوا بأجزاء وصحف كانوا يروونها منهم (أبو الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس الأسدى 126هـ والذى كتب بعض أحاديث الصحابى الجليل جابر بن عبد الله الأنصارى.
وقد وصلت إلينا من آثاره أحاديث أبى الزبير عن غير جابر جمعها أبو الشيخ عبد الله بن جعفر بن حيان الأصبهانى المتوفى : 369 هـ وقد طبع بتحقيق بدر بن عبد الله البدر طبعة مكتبة الرشد بالرياض 1417 هـ
وأيوب بن أبى تميمة السختيانى المتوفى : 131 وقد وصل إلينا بعض حديثه جمعه إسماعيل بن إسحاق القاضى البصرى 282هـ وهو مخطوط فى المكتبة الظاهرية مجموع 4/2 ويقع فى خمس عشرة ورقة وغير هؤلاء كثير.

أبو جهاد الأنصاري
08-21-2005, 09:57 PM
المرحلة الثالثة من تدوين السنة النبوية
مرحلة النضج

مرحلة تدوين السنة على هيئة كتب مصنفة ومرتبة.
كل كتاب يخدم هدف معين وله مقصد صُنف من أجله.
(بدأت حوالى عام 100 هجرية وما تلاها).
وكان هذا بناء على أمر من عمر بن عبد العزيز.
ففي صحيح البخاري: "وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه؛ فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء).
وكان هذا عام 101هـ.
وروى عبد الرزاق عن ابن وهب، سمعت مالكا يقول: "كان عمر بن عبد العزيز يكتب إلى الأمصار يعلمهم السنن والفقه، ويكتب إلى المدينة يسألهم عما مضى، وأن يعملوا بما عندهم، ويكتب إلى أبي بكر بن حزم أن يجمع السنن، ويكتب بها إليه، فتوفي عمر بن عبد العزيز وقد كتب ابن حزم كتبا قبل أن يبعث بها إلينا..." اهـ
وكان أول من استجاب له في حياته وحقق له غايته عالم الحجاز والشام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري المدني الذي دون له في ذلك كتابا، فغدا عمر يبعث إلى كل أرض دفترا من دفاتره، وحق للزهري أن يفخر بعلمه قائلا: "لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني" .
ويجب أن نتذكر هنا أن التدوين المقصود به هو الجمع فى كتب مستقلة ، وأن يكون الجمع من أجل التصنيف ذاته.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن جماعة من الصحابة والتابعين كرهوا كتابة الحديث واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظا كما أخذوا حفظا , لكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دونوه .
قلت : والكراهة لا تدل على عدم وجود الصحف والكتب ولكنهم كانوا يستحبون التحديث حفظاً.
فقد كثرت التصانيف فى ذلك الوقت خاصة فى عصر أتباع التابعين.
يقول ابن حجر: "فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح (توفي 160 هـ)، وسعيد بن أبي عروبة (156هـ) وغيرهما، وكانوا يصنفون كل باب على حدة، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة؛ فدونوا الأحكام.
فصنف الإمام مالك "الموطأ" وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ومن بعدهم (توفي 179 هـ).
وصنف ابن جريح بمكة (توفي ببغداد 150هـ)، والأوزاعي بالشام (156هـ)، وسفيان الثوري بالكوفة (توفي 161 هـ)، وأبو سلمة بالبصرة (نوفي 176هـ)، ومعمر بن راشد باليمن (المتوفى 153هـ)، وجرير بن عبد الحميد بالري (توفي 188هـ)، وعبد الله بن المبارك بخراسان (المتوفى 181هـ).
ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث الني صلى الله عليه وسلم خاصة، وذلك على رأس المائتين.
فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسندا (توفي 213هـ)، وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندا، وصنف أسد بن موسى الأموي مسندا (توفي 212هـ)، وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسندا.
ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقلّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد؛ كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم من النبلاء.
ومنهم من صنف على الأبواب والمسانيد معا، كأبي بكر بن أبي شيبة.
ولما رأى البخاري هذه التصانيف ورواها وجدها جامعة للصحيح والحسن، والكثير منها يشمله التضعيف؛ فحرك همته لجمع الحديث الصحيح، وقوى همته لذلك ما سمعه من أستاذه الإمام إسحاق بن راهويه حيث قال لمن عنده والبخاري فيهم: "لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي وأخذت في جمع الجامع الصحيح".
ومما تقدم يتبين لنا أن علماء التدوين قد طوفوا الدنيا كلها، وانتشروا في البلدان والأمصار وأحاطوا بها يجمعون ويكتبون في حركة نشطة دائبة يواصلون الليل بالنهار؛ ليسجلوا أجلّ وأخلد سجل عرفته البشرية على الإطلاق، على امتداد تاريخها الطويل، فبعد كتاب الله جندوا أنفسهم وأقلامهم ليدونوا مصدر شريعتهم، ومنبع عزهم الدائم.

أبو جهاد الأنصاري
08-21-2005, 10:48 PM
شبهات حول مسألة جمع السنة

الشبهة الأولى : شبهة النهى عن كتابة السنة
أخرج الإمام مسلم فى صحيحه (3004) قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تكتبوا عني غير القرآن , ومن كتب عني غير القرآن فليمحه )
وفى مسند أحمد (10701) : "لا تكتبوا عنى شيئاً سوى القرآن ، ومن كتب عنى شيئاً سوى القرآن فليمحه"
وقد استدل بعض المتشككين استناداً إلى ظاهر هذا على أن النبى صلى الله عليه وسلم قد نهى عن كتابة السنة.
ونسوا أو تناسوا الأحاديث الصحيحة الكثيرة التى تبين بما لا يدع مجالاً لشك أنه صلى الله عليه وسلم قد أمر وأقر كتابة الحديث النبوى على عهده.

والرد على هذه الشبهة من وجهين:
أولاً : أن الصحابة كانوا يكتبون بعض تفاسير النبى صلى الله عليه وسلم فى نفس الورقة التى يكتب فيها القرآن. وأحياناً بشكل متداخل.
ولاشك أن هذا قد يؤدى إلى حدوث بعض الأخطاء واشتباه للقارئ وإدخال فى كلام الله ما ليس منه. فكانت التوجيهات النبوية بفصل هذا عن ذاك ، فمن كتب شيئاً من حديث النبى صلى الله عليه وسلم فى ورقة مكتوب فيها قرآن فليمحها.


تناقض واضح
ثانياً : إن فى الاستدلال بهذا الحديث على عدم كتابة السنة خطأ كبير بل وتناقض أيضاً.
لماذا؟
لأن متن الحديث يفيد الأمر بعدم كتابة الحديث. أو ليس هذا نفسه حديثاً ، فلماذا كتب؟ ولماذا يتمسك به الطاعنون والمتشككون كدليل على عدم كتابة الحديث أو ليس هذا هو أيضاً حديث نبوى نقل إلينا كما نقلت آلاف الأحاديث الأخرى ، فلماذا يستدلون بهذا الحديث ويدعون ما عداه.
والإجابة : طبعاً لأنه فى ظاهره ، وعند سوء فهمه ، يساند بدعتهم. وهكذا أهل الأهواء والباطل دوماً ، يقفزون فوق الأدلة ويلوون أعناق النصوص وينتقون منها فقط ما يؤيد ويساند بدعتهم.

أبو جهاد الأنصاري
08-22-2005, 04:34 PM
أدلة الأمر النبوى بكتابة السنة فى حياته
هناك أحاديث نبوية كثيرة تثبت بما لا يدع مجالاً لشك أن السنة النبوية كتبت على عهد النبى صلى الله عليه وسلم.

التصريح لعبد الله بن عمرو بالكتابة
1- روى الإمام أحمد فى مسنده (6474 ، 6763) وأبو داود فى سننه (3646) والدارمى فى سننه (484) عن عبد الله بن عمرو قال كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه إلى فيه فقال : "اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق".
والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم : (اكتب).



مجلس كتابة صريح
عند النبى صلى الله عليه وسلم

2- أخرج الإمام احمد فى مسنده (6607) والدارمى (486) عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولا قسطنطينية أو رومية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مدينة هرقل تفتح أولا يعني قسطنطينية.

والشاهد هنا قول ابن عمرو : (نحن حول رسول الله نكتب).



الدليل الثالث :
الأمر بالكتابة لأبى شاة

3- وأخرج البخارى فى صحيحه (112 ، 2434 ، 6880) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين فإنها لا تحل لأحد كان قبلي وإنها أحلت لي ساعة من نهار وإنها لا تحل لأحد بعدي فلا ينفر صيدها ولا يختلى شوكها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدى وإما أن يقيد فقال العباس إلا الإذخر فإنا نجعله لقبورنا وبيوتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الإذخر فقام أبو شاه رجل من أهل اليمن فقال اكتبوا لي يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتبوا لأبي شاه قلت للأوزاعي ما قوله اكتبوا لي يا رسول الله قال هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والشاهد قول النبى صلى الله عليه وسلم (اكتبوا لأبي شاه).


الدليل الرابع:
كتاب على رضى الله عنه

4- وأخرج البخارى (111 ، 1870 ، 3047 ، 3172 ، 3180 ، 6755 ، 6903 ، 6915 ، 7300) ومسلم (1370) عن على رضى الله عنه
عندما سألوه : هل ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولآل بيته شيئاً مكتوباً سوى القرآن؟
قال : ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم : "المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل وقال ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ومن تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل قال أبو عبد الله عدل فداء.
والشاهد قوله : (وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم).


الدليل الخامس : كتاب الصدقة

5- أخرج الترمذى فى سننه (621) ، وأبو داود (1568) ، وابن ماجة (1798 ، 1805) عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض فقرنه بسيفه فلما قبض عمل به أبو بكر حتى قبض وعمر حتى قبض وكان فيه في خمس من الإبل شاة ..... الحديث

والشاهد قوله : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة).


الدليل السادس : صحيفة عمرو بن العاص

6- أخرج الترمذى (3529) عن أبي راشد الحبراني قال أتيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت له حدثنا مما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى إلي صحيفة فقال هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فنظرت فإذا فيها إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت فقال يا أبا بكر قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم.

والشاهد قوله : (فألقى إلي صحيفة فقال هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ).


الدليل السابع :
كتابه صلى الله عليه وسلم لقبيلة جهينة

7- أخرج الترمذى (1729 ) وأبو داود (4127 ، 4128) والنسائى (4249 ، 4250 ، 4251) وهذا لفظه ، وابن ماجة (3613) عن عبد الله بن عكيم قال كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب.

والشاهد قوله : (كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم).


الدليل الثامن :
كتابه صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن

8- أخرج النسائى فى سننه (4846 ، 4853 ، 4854 ، 4855 ، 4856 ، 4857) عن عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن هذه نسختها من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد وكان في كتابه أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول ..... الحديث.

والشاهد قوله : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا).


الدليل التاسع : صحيفة عائشة

9- أخرج ابن ماجة فى سننه (1944) عن عائشة قالت لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.

والحديث يبين أن الصحيفة كانت منذ عهد النبى أى قبل وفاته.


الدليل العاشر : حديث جابر بن عبد الله

10- أخرج الإمام مسلم فى صحيحه (1507) عن جابر بن عبد الله قال : كتب النبي صلى الله عليه وسلم على كل بطن عقوله ثم كتب أنه لا يحل لمسلم أن يتوالى مولى رجل مسلم بغير إذنه ثم أخبرت أنه لعن في صحيفته من فعل ذلك.

والشاهد : قوله : (كتب النبي صلى الله عليه وسلم).

أبو جهاد الأنصاري
08-22-2005, 04:40 PM
والشاهد العام من كل هذه الأحاديث الصحاح هو :

1- يقينية مسألة كتابة السنة فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم.
2- تواتر الأدلة حول هذه المسألة.
3- تعدد مرات الكتابة حسب مقتضى كل موقف.
4- قد تكون الكتابة تصريح لصحابى بعينه أو لأهل بلد بعينهم أو للجميع.

أبو جهاد الأنصاري
07-02-2010, 04:12 PM
http://www.ansarsunna.com/vb/images/smilies/salam.gif (http://www.ansarsunna.com)

وصلتنى هذه الرسالة من الأخ الكريم عمرو :


أخى الكريم أبو جهاد

أسأل الله تعالى أن تكون بخير

قمت بإرسال هذه الرسالة إلى أخونا ناصر التوحيد وذلك لتحرجي الشديد من مناقشة هذا الأمر معكم مباشرة

ولكن أعتقد أنه لم يدخل المنتدى منذ فترة فقررت أن أرسل لكم نص الرسالة مباشرة



قرأت فى المنتدى هذا الموضوع للأخ أبو جهاد الأنصاري

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3680



وهو خاص بالرد على من ينكرون تدوين السنة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

ولكن في إحدى الفقرات استشهد بحديث عندما بحثت عنه وجدت أن مشايخنا قد أكدوا على عدم صحته



وهذه هى الفقرة المقصودة فى موضوع أخونا أبو جهاد



===================================

الدليل التاسع : صحيفة عائشة



9- أخرج ابن ماجة فى سننه (1944) عن عائشة قالت لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.

===================================



وهذا رد شيخنا محمد الزغبي حفظه الله على هذا الحديث



http://youtube.mzajtv.com/watch/mlsixy1ot7E



فإن كان صحيحا ما قاله الشيخ محمد الزغبي فأرجو تعديل هذا فى موضوع أبو جهاد أو التنويه بذلك لأن بعض الإخوة قد نقلوا هذا الموضوع عن المنتدى دون البحث عن صحة هذا الحديث وبهذا قد يكونوا دفعوا شبهة بشبهة أخرى



أرجو منكم التكرم بالرد وأسأل الله لكم التوفيق والسداد والنصر على أعداء الدين

أحبكم فى الله

أخوكم عمرو