المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قد وُقِّتَ موتك قبلها لو تَعلمِ!!



زينب من المغرب
05-20-2012, 08:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.


يحكى أنه في زمان من أزمنة بني الحيوان..
كانت فرس عربية أصيلة تسرح عبر وديان بلد أصلها وترعى في أمان.. غير خائفة من الوحش الغادر أن يطل عليها بين الفينة والأخرى، وقد تفردت عن جماعتها واستأصلت من الجسد عضوا من أعضائها.
وليس علينا التطويل في التقديم.. والحديث عن شموخ العروبة على رأسها.. وتفضلها بالخير المعقود في رباطها.. ولن نسهب في وصف تاريخها.. ولا تهافت الأطماع حول خيرها.... فحسبنا من هذا القول أنها عربية لنُعذَر عن الإطناب في سرد خصائصها...
ما أن مرت ساعات قليلات من تجوالها.. حتى بدأت ركضا سريعا.. وقد أحست مطاردا لافتراسها تبيعا. عبر الأشجار كادت أنفاسها تنقطع من الجري.. على الحشائش تعبت رجلاها من القفز.. لا تنظر يمينا إلا أبصرته مراوغا.. ولا تتجه شمالا إلى وجدته معترضا.. إن تقدمت لها زيادة في الإرهاق.. وإن تأخرت كان مصير دمها الإهراق.. غريزة حب البقاء تدفعها لمزيد ركض.. و جزيئات طاقة تقل فتضاعف دقات النبض.. قلّت حيلتها.. وانقطعت سبل نجاتها.. وتعبت عضلاتها.. فلم تستسلم لكن كانت له الغلبة بمخزون طاقته عليها...
انقض على فخذها, فسال الدم عبر عضته.. والتوت ساقها فهوى جسدها بأكمله...
وما أن أدركت الموت وعاينته.. ونظرت هول الموقف وعرفته.. حتى التفتت إلى الأسد قائلة.. توصيه بتلقي رسالة راحلة.. لعل فيها عبرة لغافل.. أو تكون تذكيرا لسامع.. والقصد أنها لأمة منصور بالله القوي مؤمنها.. عزيز على الرب الرحيم مسلمها.. لها مع الصابر جنود رحمان تتبث الذين آمنوا.. ليلقي العليم في قلوب عدوها الرعب.. حتى يضرب المجاهد وإياهم فوق الأعناق وكل بنان.. لا يخاف في ربه لومة لائم.. ولا يحسب لإشاعات الإرهاب جرت قلم بائس:
" أراك قد استقويت على الفخذ.. وعيناك زائغة لتدرك العنق فتقطع الوريد.. لا تدرك من الدنيا إلا شهواتها.. ولا تعي من الآخرة إلا مقبرة توضع بين تربها.
لا تفكر في الحساب حتى لا تعكر صفو اللحظات.. ولا تهتم بالسؤال حتى لا يفسد مذاق الملذات.. عشت الأسدية زمنا فحسبتها خالدة.. وترعرعت في النذالة عمرا مديدا حتى آمنت أنها دستور كل باقية..
فما أن جاءك زمن تهتز فيه مملكتك.. وتستقوي عليك القطعان وتبغي اغتيالك.. حتى استنفرت ابن آوى في كل الوديان.. أمرتها بغير أوامر سابقيك.. وسلحتها بالأبيض والأسود من مخازنك.. فما أن أخرجتها عن سجنها القديم.. ورأت اللحم الطري فكان لها عيد.. وهي التي ظلت زمنا طويلا تلقب بآكلة الجيف.. حتى زادت في أوامرك من عندها زيادات.. وتمادت في الفتك وتطاولت على رب السماوات...
قلتُ ما أحمقها من مفترسة بلهاء.. وما أخبلك من ظالم مختل في توجيه العداء.. أو تريد إبادة الغابة بأكملها.. هل تبغي تسليم الربوع لأحقرها.. ما أجهلك.. متى كان للظالمين نهاية شرفاء.. ما أخبثك.. من لبس عليك الأمر فحسبت عن رباطها إنقطاع خير الأولياء.. ما أوقحك.. تريد في لحمنا افتراسا ثم تأمرنا بتوحيدك دون الإله.. ما أوضع مرتزقتك.. تعتقد أنها في جحرها قد تخيف منا غير الضعفاء....
ولئن تنكرت لنا بثعالبك الغاشمة.. لتجدن منا نفوسا صامدة.. وعلى غيك المتهافت هذا.. وجهل صبيانك المتعفن هذا.. وكثرة زوغانك المبتور هذا..وقلة ذات اليد منّا هذه.. نتوعدك بهزيمة لم تر لها مثيل.. لا .. لا .. ليس مجرد كلام كما تعتقد.. لكن هي الحرب بيننا وبينك والرابح من يضحك في الأخير..


وللحديث بقية إن شاء الله تعالى..

علي الادربسي
05-20-2012, 09:12 PM
ولئن تنكرت لنا بثعالبك الغاشمة.. لتجدن منا نفوسا صامدة..
كلام رائع و تعبير أروع أختي شكرا لك على الموضوع فحقيقي حركتني الفكرة .

زينب من المغرب
05-22-2012, 10:54 PM
وبارك الله فيك أيها الفاضل

زينب من المغرب
05-22-2012, 10:57 PM
قلت أيها الأسد اللامهياب.. يا من ترى نهايتنا ونرى آخرتك.. وترى سفك دمائنا ونرى عاقبتك.. وتعد شهداءنا عدا ونعد لك قرب حسابك.. طغيت على أرض طالما رعتك.. وفاضت عليك بالخير وسقتك.. ثم جئتها من الخارج بمنفذ ظلمك وغطرستك..
ألا فعد أيامك الآن عدا يا ظالما.. واحص جرائمك واحدا واحدا يا قاتلا.. واغلظ في الأوامر ما تشاء يا مجرما.. وغلف فمك الكريه بالإبتسامات والتبرير الغبي يا سافلا.. وامسح على وسادتك السمينة كل صباح واعبدها فالشرك ديدنك كان يا مشركا.. وارقص في الخزي والنذالة زمنك الذي بقي لك.. وافعل ما تفعله كل صباح.. واستنزف ما بقي فيك من النباح.. وعض الأنامل غيظا فلك يوم تعضها ندما..
فحسبك العلامات على قولنا.. إذ الغرب الحبيب إليك بدأ نفض يده منك.. ولمح إلى جرمك و لا يزال يستكمل الطريق بك.. ويكثر التمهيد لضربتك مع الحرص على استبقائك.. ويضعف بك البقية ويفضح في موازاة جرائمك.. فهل استفقت!!

ألا هلا أخبرتني:
ما حالك في سواد الليالي..أتحدث النفس أن كل صباح هو لك.. أتمنى القلب أن غدا لك في الغفران صك.. أتحلم بغابة أشجارها حمراء مثمرة.. أيخيل إليك عمامة لرأسك بتاج متوجة.. ما أحمقك..
ألا فحدثني:
عن نومك.. أتتقلب في الفراش طيلة ليلك.. أتبتلع دواء النوم قبل أكلك.. أتسمع صراخ اليتامى وثكلى الأيامى طيلة وقتك.. أتتمنى الموت راحة حين ترى في الأفق طول دهرك.. ما أتعسك..
ألا فخبرني:
هل ترى لحمك بين الفنية والأخرى ممزقة.. هل تنظر أصابعك فتحسبها مقطعة.. هل تبصر ولدك فيخيل إليك على مشنقة.. هل تمشي المشية فتحسبها عليك.. وتبطش البطشة وتراها منقلبة إليك.. ما أشقاك..
قلي إذن.. هل تأمر من خوفك.. أم من جبنك.. أم من بغيك.. أم تراك مجرد مأمور..

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى..

زينب من المغرب
05-23-2012, 10:03 PM
وفي كل سفكك ونهيك وتجبرك.. رأيتك إلى زوال قريب فما هالني أمرك..وعلمت من الحي الذي لا يموت نهايتك.. فما تحركت مشاعري لغدوك أو رواحك..

لكن لي في الوصايا أبناء.. تركتهم على اهتزاز الأحساسيس فيهم قد لعبت بهم الأهواء.. هم محبون لدين ربهم أي نعم.. وهم مريدون للخير والكرامة لا يحابي في ذلك أحد.. وهم للعيش الكريم فيه آخدين بالسعي.. وللعدل ونبذ الظلم طالبون في حزم..
لكني أخشى أنهم من طول السهر.. وقلة العلم وضيق النفس.. وسرعة الغضب والإنسياق وراء كل خبل.. والجلوس على الشاشات.. والإنسياق في أحاديث أهل التجمعات.. على مواقع التواصل والمحادثات.. وما أدراك ما مواقع المحادثات..
جديدها مندهش من كثرة الإعلانات.. وزائرها مضطر في كل مرة لاستقبال التعليقات.. فمرة يضحك لهذا.. ومرة يقرأ لذاك.. وأحيانا يضع الفيديوهات.. وفي خطواته يصحبه هاتفه لنقل الصور وإلحاقها بالألبومات.. ويبني شخصية لنفسه يخفي عنها كل العاهات.. أي نعم ذاك حاله هناك.. وهنا في واقعه يطمسها بالصمت على كل المخالفات.. حتى إن رأيته هناك وجدته مجاهدا مغوارا.. وإن أنت طرقت عليه الباب ظهرا فرك عينيه من النعاس منهارا.. أن مضى من اليوم صباحه فخصم من راتبه نهارا..
ونومته في العسل غريبة.. إذ يحتج أنه هناك للدعوة.. وينشر هناك للمودة.. تدفعه الحرقة على أهل الغفلة.. ويندفع في اجتماعية الموقع حشدا لأمة.. تصنع ثورة جديدة غير السابقة.. وهو يقرأ في الأخبار أكثرها.. ويعاين في الحوادث غالبها.. ويتابع المستجدات بأولها.. فإن وجد وقتا دحض باطلها.. وإن لم يجد وقتا ليس طبعا أخرس إبليسها..
يقول أنه هنا من أجل الوحدة.. والوطن.. والدين.. والأمة.. وحديثه عنها كأنها ساحة نزال.. وقوله فيها لا يسع في مقال.. وحجته في الإنتماء كواقف على جرف هار..
إن سمع الدعاوى أن لماذا تركتمونا نغرق في الفايسبوك ولم نسمع لكم هناك صوتا.. حتى تمرغنا مع أهل الكفر دهرا.. وأنتم كأنكم تمنعون أنفسكم عن إنتشالنا عمدا..
تحسر المسكين وبكى .. وزاد في طلب التواجد هناك و دعى.. حيا على أرض التواصل نُسمع صوت التقى.. وندحض صوت الإلحاد بقول ربك الأعلى.. وليكن لكل واحد منا هناك ركنا..
فاسأله بالله عليك.. ألا تخشى من حديث الضب.. ألا تنصح الباكي أننا هنا.. فمن طلب العلم زارنا.. ومن رغب عن الإتباع فلا يلم غيابنا.. فليست لنا في أرض الخواء جهاد.. إلا من مكان نختاره على تؤدة..لنا فيه مع جماعة الخير كل المودة.. وهم للتناصح فيه على أهبة.. ليس فيه الإسم بالمهم.. ولا لصورنا ضرورة تهم.. ولا حياتنا الحقيقية بمطلب في التسجيل ليتم.. إنما هو اسم مستعار نخفي تحته خوفا شديدا من الرياء.. ونستخير في خيره كما دأب الأتقياء.. ونستشير في شره حتى لا نزّل في مراء..
فهل يقنع مع الغرباء.. ويزحف لينهل من العلوم دون استياء.. ويكابد النفس على التلقي في شوط الرخاء.. قبل أن تشعل الفتنة مجددا نيرانها.. وتحمي الحمية في البلدان شعلتها.. وتستيقظ في الأمة عصبيتها.. فتنساق مسرعة إلى التغيير.. وتنعت أصوات الحكمة بقمع الخير.. ثم..ثم..أي نعم .. ثم تتوقف في لحظة غير مدركة..


وللحديث بقية إن شاء الله تعالى..

زينب من المغرب
05-26-2012, 11:00 PM
ففي الأمة أيها الأسد خير كثير.. وفي شبابها النفع الكبير.. وشيوخها تاريخ كفاح شديد.. ونساؤها عفة أجرت عليها أقلام السفهاء غبارا بغيض.. وعلماؤها النبراس المنير.. ورويبضتها ذلك الثقب العميق..
وأحكي لك أيها الأسد قصة شبابها.. وأروي لك في لحظات الموت هذه سبب ضياعها.. وأحدثك لتعلم كيف تصبح القوة في غياب الحكمة نقمة على صاحبها..

هم هؤلاء شبابها.. إن رأوا الخير لانت إليه قلوبهم.. وسمعوا عن الفطرة النقية رقت إليها نفوسهم.. وعلموا خبر السلف اقتفوا آثار خطواتهم.. فكان ركضهم سريعا.. وإقبالهم بديعا.. واجتماعهم وديعا..

لكن في زمانهم هذا.. قل منهم فقه الإحتكام.. وكثر من عدوهم خلط الأوهام.. والتفت حول أعناقهم حبال التسويف.. و أتقن عدوهم ألوان التحريف.. وكثر جدالهم ومراءهم.. وتناسلت من عدوهم وسائل هدر وقتهم..

إن قام فتى منهم ناصحا عابوا عليه الألفاظ.. وإن ولى مدبرا سكتوا بدورهم عن كل ما يستراب.. للنصح لهم ألوان وأشكال.. ما بين النعت بقلة الفهم حتى التكفير لصاحب المقال.. إن أفتى أدعياء الفهم فيهم.. أن حي على البدع.. وقبور الأولياء وكونوا شيع.. قالوا سمعنا وأطعنا.. جملة واحدة، وإنْ للحقيقة ما أدركنا.. وإن بح صوت العالم فيهم.. أن يا قوم أجيبوا داعي الله فيكم.. وعودوا إلى السلف تشدون عليه نواجدكم.. تثاقلوا.. وتمايلوا ..وتبختروا.. وكأنك بهم في صوت خفي.. يقولون قول قائل قبلهم شقي.. ربنا لم كتبت علينا القتال..

هؤلاء هم شباب قومي.. وليس منهم هذا بغريب اللحن.. ولكن هي آثار الذنوب في القلب.. لا تدخل إلا وزحزحت مواطن الفهم.. فما نفع البقية من الإدراك.. إن عابتها عابتها قلة الفقه بالنوازل المتتاليات..
واعلم أيها العربيد كما قد علمت..
أن هذا الشباب أدرك اليوم أنه قادر.. على زحزحة كل الثوابث وإحداث أشد الزلازل.. لكنه أدرك للأسف في المقابل.. أن في مثل لواحق تلكم الشدائد.. حويصلته من الإيمان ليست على ردها بصابر.. ولا نفسه لبلورة قوانين العليم في النوازل بضابط.. ولا قلبه في الإنصياع للحق حيث كان بصادع..
* هو يدرك من الحق ظاهره.. فإن روج العدو باطله بالحق شرب مع الشاربين شربته..
* هو يعلم عن نصر الأخ في ظلمه ومظلوميته..لكن لا يرى نفسه أقدر إلا على تكبيل أخاه في كل فعله وركوب مطيته..
* هو يدرك نخر السوس في لحم الأمة تماما.. لكن يحب في المدافعة سنة كونية أن تتخذ لها فقط من الوردي الباهت والأصفر الفاقع ألوانا..
* هو يقف على استغباء العالم له ويعي ذلك طبعا.. لكن يموت في حلول التنازل والمراوغات وَلَعاً..

..وهو هذا الشباب كثيرة هي مساوءه.. ولنا في بقية الحديث إن شاء الله تعالى بعض من تعداد ذرائعه..

اخت مسلمة
05-27-2012, 07:27 AM
ماشاء الله ... رائِعة صدقاً أختاه !
تخجل لغتي التعبيرية الركيكة عن صياغة ماتستحق أناملك وعقلك من ثناء على بديع ماكتبت مما كسوته ثوب البلاغة الماهرة , فلستُ أهلاً لصياغة مايُجاري روعته ولو حتى بالثناء , وليس عندي إلا " جزاك الله خيراً "

زينب من المغرب
05-27-2012, 09:35 PM
بارك الله فيك أختي الحبيبة ومرحبا بك..
غفر الله لنا ما لا يعلم الأحبة وجعلنا أحسن مما يظنون..
جزاك الله خيرا هي تكفي وتوفي ولك بمثلها :):

طالبة علم و تقوى
05-27-2012, 09:51 PM
يا زينب الله الله عليك ! ما شاء الله ما هذه البلاغة صراحة أعجز عن خط حرف آخر في المنتدى و أنتِ فيه خجلا ...أصلا لغتي ركيكة واضحة للكل للأدبي الفذ أو المبتدأ ..لكن ما تخطه يمينك يزيد فضحا للغتي وركاكتها :thumbdown...تبارك الرحمن زادك الله من فضله و علمه و نورك بمزيد من الحكمة ...
و لن أنسى أن أثني على الجانب المنطقي الفكري للموضوع رائع ..زادك الله نباهة .

زينب من المغرب
05-28-2012, 12:54 AM
يا بنتي لا تفسدي حبيبك بكثر الدلال :(:.
أنار الله دروبنا بنور الحق. وحفظنا الله سبحانه من استقواء أدواء النفس على ضعف الإيمان منا..
جزاك الله خيرا

زينب من المغرب
05-28-2012, 09:32 PM
وأعلم أن في الوصايا للإيجاز طعم جميل.. غير أن بغيتي بالوصي سلوك طريق في الإتعاظ له دليل.. عله يكون بعدها فقيه نفسه ويستغني عن البقية.. ويؤوي إلى ركنه الرشيد مجددا للنية.. عسى الحليم يعفو عن بعده ويرزقه توبة زكية.. ويهديه في القادم تسديد الثورات.. وإحكام الخوض في اللاحقات..

وقد قلت لك أني على مشارف عد الذرائع.. التي سمح لك الإلمام بها صنع هذه الموانع.. بينما غفل هو عنها وانشغل بالتوافه عن طهر المنابع..

فخذها إذن آحادا مني.. وبلغها إياه نصحا عني.. حتى إن سألك من مرسلها.. وكيف حال ومقام صاحبها.. أخف عنه ما علمت واكتم.. ولا تنطق بما عرفت عني وتعلم.. فإني قد خبرت من تفاهته كثير أحوال.. وعلمت إغراقه إلى درجة هي على اللبيب محال.. حيث إن حلت به المصائب والأهوال.. رأيت منه على أحوال الرجال وإشاعات الرويبضة إقبال.. فما يدع لقلبه فرصة لتدبر الأقوال.. والتوجيه القويم من أهل العلم الأبرار.. إلا وقد انشغل بالتشويش السقيم حول الأطهار.. وانساق في جدالات الأخذ والرد عن فقه سديد الكلام..

وبحمد الله الواحد في عدها أبدأ.. وابتدائي إن شاء العليم بما كانت لزحفه أبطأ.. أو قل هي في أشد أحواله كانت الأفتك.. ولإجهاض عزائمه كانت الأسوأ..

ألا فأخبره عن حكمة البنيان المرصوص.. وفقه الإلتحام فيها كما جاء في القرآن موصوف.. وما يتبعها من القناعة بإلتزام رتبته في الصفوف.. لا بل التفاني في النهي عن المنكر والأمر بالمعروف.. على موقعه من جند الله المصفوف.. لا يمتطي صهوة جواد أخيه مجاوزا الصف.. ولا يعلوا ظهر أخيه معرقلا النصر.. ولا ميالا إلى الوسطية عند لقاء العدا.. ولا مصالحا بين فئتين إن ظهر في إحدها الكفر متمردا.. فما بكائي زمنا طويلا ممددا.. إلا على إسراعه في الإنفلات من الصف طلبا لإنصاف.. -زعم-, ولو تفكر قليلا في ما حسبه من عدوه اعتراف.. لعلم بقليل فهم أنما هي حرفته القديمة في صياغة الأوهام.. والتمسكن على الضعفاء وقلب موازين الأفهام.. وأن مطالبته إخوانه بالتريث.. زلة عظيمة تطيل نفس الحرب وتعين العدو على المكث.. وتشل في المقابل الأمة.. وتهز رباط الأخوة.. وتحبط عزيمة المتقدمين في النزال.. وتفك عقد المحبة.. وتنثر غبار الإنهزام..

فهل يلزم في كل أمره.. وذلك في أمنه وكذا حربه.. بداية بحواراته نهاية بثوراته.. سواء مع غافلي أمته أو كان ذلك في مواجهة عدوه.. هل يلزم..

* دوره في الإلقاء ..حاجته في الإنصات..
* مكانه في المتابعة ..حفظ حق أخيه في المدافعة..
* مساندة الأخ في مظلوميته بتمتين عقد نسيجه.. وإعانته في ظلمه بالنصيحة له في سره..
* إخفاء الخلاف عند المواجهة والإقدام.. وإظهار القوة في الإلتزام بالأمر وإن ظاهره خلاف هواه ساعة النزال..
* الشد باليمين على قول الله سبحانه ومأثور نبيه للإسترشاد.. وبالأخرى على حزام أخيه المجاهد تأكيدا في الحق تناصحا في الشطط على استفراد..
* اعذار الأخ في صمته وحديثه مالم يحد عن الحق.. والزام العدو والغافل باحترام حرمة أخيه وإلا فإنه أول مقتص..
* المجاهرة بعدم الإنخداع.. وعدم الركون إلى آراء الرجال في الإتباع..
* نبذ الحلول الوسط.. وعدم الإنصياع لدعاوي التدرج في تنزيل الشرع بغية الحذر..
* المفاخرة بالإنتماء للإسلام سرا وعلنا حقيقة إن عاشها كفته في تمتين روابط أهل الصف..

وبعدها أقسم له غير حانثة ثلاثا أن البلاء.. ماكان يوما للمجنون حتى يتحقق له كمال الشفاء..
فلينظر إلى الرزايا ولا يرتبك فإنها كما قيل بعض الكرم..
وليطمع النفس بما في البنيان المرصوص من الترغيب.. وليلبي نداء الحب فيه ب: بلى وإني في حبك طامع يا رحيم.


وليفقه معي هذه وليتدبر وإني بعدها في شبيهة لها إن شاء الله تعالى قد أُذَكِّرِ

قلب معلق بالله
05-29-2012, 12:24 AM
لى عودة للتكملة بجد اختاه تعجز يداى حتى عن كتابة عبرات شكر امام تلك الفصاحة وقوة البيان
لكن لى تعليق بسيط
رحمان كما قرأت فى كتاب الاعراب لمحى الدين الدرويش تُكتب رحمن دون الألف
لأنها اُستخدمت فى وصف حاكم تقريبا او انسان لا اذكر لكن الصحيح والله اعلم
رحمن يختص بها الله عزوجل

زينب من المغرب
05-29-2012, 09:27 PM
جزاكم الله خيرا أيتها الكريمة.
حقيقة لا أعلم عن هذا الكتاب شيئا. وفيما يخص كلمة الرحمن أو الرحمان فأعتقد أن كلاهما جائز بما أنها في القرآن تكتب بالألف القرطيط ويمد عليه حركتان..
والمشهور عندنا في المغرب كتابتها بالألف في العربية ميلا إلى ألفها القرطيط في القرآن ولم يصل إلى علمي تخطئة الكتابة.. وأعلم أنك قصدت فقط الإضافة وهو نفس قصدي إن شاء الله
وبارك الله فيك على الملاحظة ولا تبخلي بالمزيد..

زينب من المغرب
06-02-2012, 12:40 AM
وكما أنت تقضم بالنيب على اللحم.. ولعابك يسيل لسيلان قطرات الدم.. وعينك تتمايل ممنية إياك بقيلولة بعد الهضم.. وجوعك يصمّك عن سماع صراخي من الألم..
كذا كانت حبكة عدو بخيل من قبيلتي.. فرس كان إن أقبل هال إقباله الشجعان.. وإن أدبر أعمى عيونهم بتهييج الغبار.. صراخه في الوادي كان ملهبا لحماسنا.. وسكونه في الليل كحكيم انشغل بأمرنا.. في المراعي ترانا نحتمي بظهره..وفي الإياب حوافرنا تمشي في خشية من محو أثر حافره.. حارسا لحدودنا قلنا حين ولد.. كيّسا على الجهل منا في جوعنا نهلل حين يرد.. تمنّينا أنه غلام يُعجز بإيمانه كل ساحر هرِم.. ويصون بعده العرض متفطّنا لألاعيب الهدم..

وبينما نحن في ذاك.. إذ تآكلت سنين الترف من عمرنا والأعوام.. وباهتتنا في غفلة منا ضربات اللئام..

أتت علينا سنون خداعات.. ودارت حوالينا الإرهاصات.. وكأننا بالقبيلة غدت تتقن جملة واحدة صناعة الإشاعات.. وتلفظ الأراء دون رويّة ولا إحترام للسادات.. فإذا بسُمعة حكيمنا تجترها الصبيان في تهور مع الحشائش.. ونساءنا من حمقهن سقطن في يد العدا فرائس..
فإذا بصرتنا وجدتنا في العلن إخوانا متناطحين.. نترك المراعي وعن حشيشٍ تذروه الرياح متقاتلين..

حتّى إذا قامت منا فرقة.. واتخذت لنا من الحق شرعة.. رفعنا الصوت معها مساندين.. واتبعنا نفس نهجها في التحكيم.. وطريقها كان لنا نبراسا في التسديد.. وشعلتها الجميلة كانت كأنه ذاك الحلم العربي القديم..
ثم..
هل خذَلتنا.. هل ارتبكت فأربكتنا.. هل زلّت فمنا معتذر ومتحامل عليها كان منا..هل رأت الضعف منا فارتأت في الحلول تأخير زحفنا..
أتعلم..
لا أدري.. لا أجد فقهاً لأرتب الأفكار عن فعلها فأحكي.. لا أعرف ما العبارات التي توّفي في التعبير عما يختلج القلب وتكفي.. لا أفقه لتبرير رأيها ولا تصويبه كليّا أبغي..
لكن..
بكت عيني دمعا منهمرا يجري.. على ذاك الشاب من قبيلتي حين رأيت قلبه يبكي.. اذ انزوى في ركن وصرخ اتركوني وحدي.. كأن هما ثقيلا هدّ كاهله.. وانفرد به على غرّة وأفقده قوته.. سألته حين قابلته مرة في إشفاق.. إذ حاله كبئيس يرجو أيادي الإنفاق.. وهو في جمع من الناس يدفع بالحكمة ويدفعون بالنفاق.. أنهى شوط الجدال مع نفسه باتفاق.. لَيتركنّ الناس على هواها ويمضي وحيدا لا يرجوا لأحد منهم لقاء.. ولَينفردنّ في زاوية لا يصلهم منه إلا بقية دعاء.. وليبحثن ليل نهار عن أرض يعلوا فيها دون حلول وسط للجهاد النداء.. ولَيرسمنّ على طريق الجهاد الحق نهاية الشهداء.. ولَيكوننّ سيفا مسلولا مع جند الله في تلكم البلاد.. وإذ هو عزم العزم وركن في الوحدة يرسم سبل الفراق.. عن قومه، دون إيذاء قلب أمه أو رؤية دمع الوالد عند الإنطلاق.. سألته عند اللقيا مخفية دمع العين.. أداري بقوة العبارة ما أخفي من اللين.. أن يفضحني في إشفاقي فينوي بي كما الناس -لو علموا- سوء ظن..
ياصاحبي:
أَموتُ الناس رأيت في جملتهم والتفصيل.. أما فيهم جهاد لتبحث عن أرض البديل.. أتبغي بذا هلاكا سريعا تحسب نفسك به شهيد.. أتحسب نفسك عند الزحف غير مدْبر.. أتمني النفس أنك على جهلك في زمن الترف لفنون القتال الآن متقن..
فيما خبرة جهادك.. أليس في الكلمة..
فيما تمرست يدك على الرمي.. أليس في القول والعظة..
أين تعلمت فنون الصبر والمدافعة.. أما كان في إشعال الهمم وإيقاظ الأمة..
ألست ترى نفسك الآن خبيرا.. ونفعنا منك الآن في الرأي والمشورة..
أما ترى عينُكَ أن في القبيلة لك حاجة.. إلى إبقاء صوت الدفاع متقدا ولو بين الدفاع والهجوم من توهج فضئيل..
ما لي بك تحسب الجمع كله جهولا.. وكأنك تستعجل الدماء وترى التريث شعارا ذليلا..
أهذا كل جهدك على العطاء.. إن حلت الفتنة كان منك عن النصح جفاء..
أفِعل الحيرة بدماغك أن جعلتك ترحل.. وتترك الفتن تلتهم القبيلة وتصنع من نفسك هناك رصاصة واحدة قد تصيب وقد تخطىء..
ثم تعال هنا..
هل تقول على انصياع بعض الناس للحق أنك محتار.. وتمضي للنزال في أرض تجهل جبالها وتترك هاذي السهول التي خبرت والدار..
قل لي بربك..
على ما سعيك الحثيث إلى هناك.. أرغبة في الجهاد أم هو مداراة لخوف الفشل في مدافعة لهيب التفرقة الفتاك..
فاعلم إذن..
أنك هنا خبير حرب.. وهناك قد قلت لك وزنك فلا داعي لتجرب..
وفي هاذي الديار أنت تفهم لغة قومك.. وهناك يسهل على العدا كشف نقط ضعفك..
قد تنجح هنا في صنع الجماعة وأنت وحدك.. وهناك تستعجل الجماعة فيك سوء الظن إن التعبير خانك..
أهيب بك أيها العزيز..
إلاّ أن تعود لأرضك.. وتتفانى في قول الحق حتى تندصع الرؤوس لصوتك.. واحمل سلاحك القديم.. وأخبر قومك أن قوة عدوهم إلى قوتهم إن هي كالسديم.. إن أشعلتم فيها عود ثقاب كانت لمكرهم محرقة كنار في الهشيم.. وألهب الأنفس بالحماس.. فما تحجرت بعدُ روحهم وإن حدثَ فالكريم إن أراد آمِرُها بالإنبجاس.. وقل وأعد وكرر مرة وألف.. وحدث واصطبر ولا تغتر باللف.. فقد خبرت منطق قومنا فكن في ضربك على عقولهم قوي الكف...
وبينما أنا إذ ذاك.. أحدثه وألهب حماسه في ارتباك.. قام يستجمع الوقوف.. ويستنجد في القيام بالرؤوف.. حسبته إذ ذاك عاملا.. بالقول مني والفهم عني رادا أو آخذا.. لكنه في سرعة البرق قفز في الطريق إلى الهجرة عنا راكضا.. وانزوى في الوادي البعيد عن عشبه الأخضر رافضا.. لكل أقوالي وكل الحديث كأنه طول الوقت كان عنه منشغلا.. بما في رأسه رسم فحث إليه المضي مسرعا..
وانحبس النفس في حلقي.. ونزل الدمع من عيني.. إذ رأيته مبتعدا عني.. لا أدري عنه أاستسلام للحيرة.. أم هي عزيمة هجرة..
وقلت له في صوت ساح عبر الوادي.. "لا إله إلا الله" دائما كن بها منادي.. ثم عدت إلى فتن قومي حزينة.. أن لم أسمع منه "محمد رسول الله" مستتبعة..

آه أيها الوصي لو تفقه..حديثي بهذا الإبهام وتنتهي.. لعدنا في التاريخ عودا لليوم الذي.. كان لصهيلنا في الوديان صوت مزلزل..

علي الادربسي
06-02-2012, 02:25 AM
باختصار .
ماشاء الله عليك أختي

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-02-2012, 02:35 AM
يا زينب الله الله عليك ! ما شاء الله ما هذه البلاغة صراحة أعجز عن خط حرف آخر في المنتدى و أنتِ فيه خجلا ...أصلا لغتي ركيكة واضحة للكل للأدبي الفذ أو المبتدأ ..لكن ما تخطه يمينك يزيد فضحا للغتي وركاكتها :thumbdown...تبارك الرحمن زادك الله من فضله و علمه و نورك بمزيد من الحكمة ...
و لن أنسى أن أثني على الجانب المنطقي الفكري للموضوع رائع ..زادك الله نباهة .
اؤيد الطرح وانصح ان لا تبقى هذه الموهبة حبسية المنتديات بادري في عمل شيء عملي اكثر فهذه امانة في عنقك.
بوركتِ من اخت.
تقبلي مروري وشكراً لك.

واسطة العقد
06-03-2012, 01:30 AM
جميل

قلب معلق بالله
06-03-2012, 01:43 PM
بارك الله فيكِ اختاه
لكن عندى سؤال هل هذا العمل الفنى يعتبر ضمن فن المقامة ؟

زينب من المغرب
06-03-2012, 04:16 PM
الأفاضل الكرام.. جزاكم الله خيرا على جميل التعبير والإستحسان..
وما المقامة ولا أحد فنونها في قولي.. إنما هي تحلية العبارة لتخفيف ثقل وصيتي..
ولي في هاهنا موطن. ولست أبغي عنه رزايا الشهرة..
وأمانتي هاذي فاحفظها أو أشهرها عني.. لكن لن أترك إلى الأضواء سكينة وحدتي..

وقد نسيت للحديث بقية إن شاء الله تعالى..

زينب من المغرب
06-07-2012, 12:38 AM
وعدت إلى القبيلة على ما فيها من الدماء.. وكففت الدمع أتنبه لأوكار الأعداء.. وسرت الخطوة يحسبها الناظر مني خيلاء.. وما هي إلا لكثرة الهم والتفكير في كل هذه الأدواء..

على مشارف السهل أوقفت الخطو.. وبالقرب من الجبال أرخيت السمع.. بين صراخ الألم.. وبكاء على لهيب الظلم.. وادعاءات الفهم.. خليط عجيب مزعج.. وألوان بغي شتى بها الموطن يعج..
هناك أردت السكون.. لعل في التأني حكمة تكون.. لنا في الحرب بعض المعون.. نجلي بها على كثرة القيل بعض الظنون.. ونمحو ما تراكم على القلب من ألحان الفنون.. ونقرأ كأنا ما قرأنا يوما ما بين دفتي المصحف من الرب مصون.. فنقف على الآيات.. نستخرج من القصص العبرات.. ونستخلص من مصير الأمم حلول الإبتلاءات.. وننهي معارك الغي الكثيرة.. بتوحيد كلمة القبيلة..

هل تصدق أني خارج الدائرة رأيت العجاب.. إذ بصرت قوة العدو عن قرب فكأنها سراب.. وقرأت المخاوف الملتفة على القلوب فبدت لي طنين ذباب.. في نعاسك يقض مضجعك وإن أنت استفقت ما حسبت له حساب.. وسمعت صراخ الأصوات فرأيتها كما هو قانون الله في الكون.. باغية تبغي الإنتصار للشيطان.. ومستنصرة تبغي إقامة شرع الديان.. وهاذان ما هما على اللبيب يخفيان.. ولا أفعهالهما بصعبة التبيان.. حتى إن وقفت الموقف معي هنا.. وخبرت لغة القوم وعشت اليسير من الزمن بيننا.. رأيت الباطل منتصرا فكرهته.. وبحثت عن القلة ومعهم الحق طلبته.. وما فعلك هذا بالغريب.. فهاذي القلوب فطرتها نقية.. وجُبِلت النفوس لتبقى زكيّة..

ثم في سرعة قد تسأل.. ما يجعل الأفواج لتحكيم الباطل تقبل.. وحسبك في ذا أن النفس لا تطيقه.. والقلب لا ينظر فيه الحلول ولا يستسيغه.. لكن إن قلتُ لك أرجع بصرك مرتين وانظر.. وحقق بعدُ في الفئام فاخبر.. أَناظرٌ أنت اثنين لا ثالث لهما.. أم تراه خفي عليك نَسْلُ إحداهما..
أعلم أنك في الحجم تحسبته هيّنا.. وترى سمه الزعاف يتقاطر فتقول لعلّه ليّنا..

فهل أتبعت العين خلفه وبصرت أثره على القلوب.. هل عاينت حال شاربيه وقولهم الذي يحسبونه عين الصواب..
لا لم تفعل ذلك وسأحكي لك لم.. لأنهم قالوا لك: كفّ عن التدقيق في كل الشيء.. والحساب والتفكر والوعي بكل شيء.. واستهلك بضاعتنا تصبح بعدها لمنطقنا ذواقا.. وحاكوا لك مكيدة حذو القذة بالقذة فكانت ستارا براقا.. إن أنت وضعته حجب النور عن عينيك.. وإن أنت نظرته أسال اللعاب بين فكيك.. وحاربوك في خطين متوازيين.. فباطل زينوه حتى غدا على قبحه لُجينٌ.. وذوق منك والمنطق أفسدوهما حتى عَمِيتَ عن كساد تجارة العائد بخفّي حُنين..
فإذا بك واقف بين الباطل والحق مترنحاً.. كسكير لا يرى في الميل إلى يمينه أو شماله لوقفته مستمسكا.. فكل جهة هي عنده إن مال إليها تودي به إلى سقوط.. فيركن إلى التخبط في مشيه على ما يرى في الإبطاء من قُنُوط..

فأنت ذا حالك بعد طول عهدك بالخمول.. وما راكمته من الإتكال حتى غدت كل حرقة النفس منك إلى ذبول.. فالعصبية المحمودة.. والمجاهدة المطلوبة.. والمدافعة المنشودة.. والمناصرة المحبوبة.. والمصابرة المرغوبة.. إلى عكسها كانت في نفسٍ ضاع منها ميزان الإعتدال.. فاستبدلتها وركّبتها في شخصيتك بما عُلّمت من ألاعيب الإنتحال.. حتى صارت بعد ما كانت في الإضافة قويمة.. شينة في تركيبها ذميمة.. فتعصب جاهلي.. وجهاد غثائي.. ودفاع مرائي.. ونصر في البكاء.. ومصابرة في تطويل زمن البلاء..

وفي هذا كله أنت فاهم جدا.. ومثقف جدا.. وواع جدا.. وذكي جدا.. وكل الخصال الحميدة إن عكستها أي نعم هي مُتجليّة فيك جدا..

وبعد هذا التربيع لنفسك والتكبيع.. وحشر ذاتك في الرذائل لتتفيهق في التقريع..

نأتيك على أساس آخر متين جهلته.. وإن كنت أخشى أنك بذوقك الفاسد كثيرا ردّدته.. دون أن تكون في مرة منها فهمته.. حتى اعتدت منه إطارا ضيقا.. واستهجنت بعدها أن يكون لأوسع من ذاك لائقا..

فخذ إذن من قول ربك العلي وأعنِّي.. بالفهم القويم ولا تستبق فيه السقم الكريه فتسكتني.. إذ لست بالذي يطيق كثير الجدال.. ولا المراء أحب وإنما في كل ذا أبغي منك همة للإعتدال..

قال الحق وقوله كله حق.. "إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا".. وأحسبك خبرت جيدا جدا ما نتج عن خذلانكم في ذا.. أن أخلت جماعتك بذي فجاء بعدها.. إخلال بالصف.. وتشتيت للذهن.. وهشاشة للثقة.. وإرباك للجمع.. وقد كانت في كلام العلي واحدة وصيغتها أمر.. تاركها حاشد لكثير من الزلل.. وبعدها هو غارق في كثرة الخبل..

هذا وبعد أن خبرت حال مخلها.. خذها في غير ذا الموضع وعِها.. وانظر حيث قيلت عن الضرب في الأرض جهادا**.. وجاءت أمرا واضحا بسبب تنزّلها توكيدا فكانت ك: فتبينوا تبيانا.. فلستم بمن وَفَّق الخائف إلى نطق الشهادة.. ولستم بشاق عن قلبه وناظرين فحواه.. فلا حكم لكم عن السرائر وإن كنتم أقدر على إبطال دعواه.. فماذا لو أقسم تحت أسنة ألسنتكم غير حانث.. ثم أنتم تقولون نريد ورقا رسميا في محاكمنا تابث..
وانظر بعد معي الآية واقرأ.. فماذا تجد.. أليس عرض الدنيا لا يساوي عند الديان جناح بعوضة.. وقد طلب الإخلاص في ابتغاء الحق ووعد بالمغانم الكثيرة.. ثم.. أي نعم.. قف هنا.. أعاد التأكيد في التبيان.. ووضعها بين جملتين منفصلتين وكان فعلها لازم غير متعد لمفاعيل.. ومن القائل على أن الوقف بعدها وقبلها كاف في موضعها هنا لإستقلالها بالمعنى في تمام.. ومن بعدها الإخبار الإلهي بعلمه بما تعملون..
هل نظرت.. هل خبرت.. أترى التبيان تكرر في آية الجهاد مرتين.. مرة متصلة لغويا بالجملة ومرة في استقلال.. فما قولك في حكمة التكرار.. في هذا الموقع بالضبط وضرورتها عند أمثال هذه الوقائع.. أتراها دعوة للركون عند أصوات المدافع.. أم أمر رباني بالتيقظ في كل المواضع..
فهل تبينت..
لا..
ولم..
أقول لك..
بأي منطق تزن وأنت فاسد ذوقك.. وكيف تميز الحق وزمان رشدك ضاع في الملهيات.. وتراخت منك العزائم حتى أصبحت منك كأعجاز نخل خاويات.. فالباطل مزيف أصبح عندك حق.. والحق واضح أصبح على نفسك شاق.. العابثون بدماغك في راحة الآن.. إلا بقية منهم لضمان انتشار فساد عام..
فهل تنبهت..
هل تبينت..
أي نعم وأكررها.. هل تبينت..
لا..
أتعلم لم..
أقول لك..
لأنك انخدعت بالأضواء .. وتزويق المنكر إنعاشا لثورة الأهواء.. فما كان عندك الوقت لتفكر كثيرا.. وما وُجد في برنامجك مجال لتتدبر طويلا.. ولا اتسعت حويصلتك لتتعلم.. فكل شيء أردته سريعا.. وكان كل تفكيرك مهزوزا..

وبعد كل هذا الذي حصل.. أتقف معي هنيهة..هلا بعدها تريثت.. وأفرغت برنامجك الحافل بكثرة التفاهات.. وتفرغت لجهاد مع النفس والأهل والعدو.. وتذكر..


فتبينوا.. هي نبراسك.. هي دليلك.. واحذر من تمعييها فتجعلها تريثوا..

فإن بدا لك الحق في ذا وعليه اتفقنا.. وعقدنا العزم أن لا نتركها ما حيينا.. لأخرى من الهزائم مررنا.. في بقية الحديث إن شاء الله تعالى ذلك لنا..

__________________________________________________ ___________________
**: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-07-2012, 12:45 AM
عدتِ والعود احمد.
تسجيل اعجاب لما خطته يداك ولما بحتي به من كلمات. علمنا الله وياكِ وانا حقيقة اغبطك على لغتك العربية فزادكِ الله واياي من ينابيع اللغة وجمالها فهي ترقق الطبع كما قال الجاحظ.

زينب من المغرب
06-07-2012, 12:50 AM
جزاك الله خيرا.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-07-2012, 12:52 AM
جزاك الله خيرا.


ويجزاكِ ربي خير الجزاء اخية وننتظر ما في جعبتك من ابداع.
بوركتِ من اخت.

زينب من المغرب
06-12-2012, 12:02 AM
أراك تزيد في ضغط أنيابك.. غرك الإستفراد باللحم فحسبت جرمك واهيا في زادك.. عينك على الوريد .. ونابك زاحفا إليه في تأكيد.. لا تعي من اللحظة إلا مزيد ظلم فيها.. ولا ترى في الموت إلا إسكات صوت ملاقيها.. قشعريرتك بادية وتحسب نفسك مخفيها.. وهلعك واضح وتغتر أن ظلمك لعيوننا عاميها.. ألا قبحك الله يا عابثا بأرضنا ومن فيها.. وخذل الله تدبيرك الغادر لهتك أعراض أهاليها.. وجعل الله لك نهاية تراها النسور المحلقة فتهابها من عاليها..

فاسمع على أنغام نفس غاضبة مني.. وروح حانقة تغلي.. ودعوات عليك بالعذاب لا تنتهي..

وهو الغضب فيه كم كبير على أرواح.. عقدت عليها العزم زمنا وإذا بي عند الإستنجاد أجدها مجرد أشباح.. تسري في عبث كرماد تذروه الرياح..

أتذكر..
حين حدثك عن العودة إلى القبيلة.. وقوة النصر التي استشعرتها في نهاية المسيرة.. وما بدا لي عندها من تفاهة مصائب الأهل والعشيرة..
أتعلم..
أني ما أن أدركت ذاك حتى ركضت أسابق الرياح.. أعدو عدوا أحسبه من لهفتي بطء مني وارتياح.. يجف الريق مني فلا أجد له مهلة ارتواء.. وينزلق الساق مني فلا أتحقق إن كان به التواء.. أجاري الطيور في تحليقها فأخالني نسرا على وشك الإفتراس.. أسابق النَّفَس مني فأحسبني برقا سابقا رعده دون التباس.. خُيَّل إلي زاد سكينتي فلق صبح لعقول أضناها اليأس.. وشمس أغفلتها العقول فلعل الضباب ينقشع عنها لتزيح البأس..

وما هي إلا سويعة قليلة.. وما يفصلني عن مجمع الأهل إلا خطوة قصيرة.. والأذن تسمع صراخ الثكالى.. وبكاء اليتامى .. وفواجع إلى العين مشاهدها تترامى..

صبرت النفس على ذلك وأمَّلتها.. أن في الغد القريب صحوة الأهل تشعل فيها قوة فتمحها..و عودة إلى النورين تنهي السبات والرب غافر بحوله ما فرطوا فيها..
أتنتظر..
حسنا كان هيهات.. لنفسي أن تطول أحلامها هيهات..

أي نعم..
قد جنيت بدل الأماني حسرات.. وحصدت بعد طول الحديث والشرح مجرد علامات.. من قبيل التعجب والإستفهام ونقط الحذف الغير مُجديات..

حدثتهم عن خطورة المرحلة الراهنة.. وانتهاء مدة الإستراحة فما عادت الأرض آمنة.. وأن صوت الرباط والجهاد قد علا فهل من ملبي.. وأوهام العدا قد فضحها الواقع وما عادت تنفع للتمني.. وأن دوام مسحهم نعالنا محال وها هم على الأكتاف لهم تعدي.. فالقلب قد تربعت على سطحه الأهواء.. وفي عمقه تراكمت مخاوف من مشانق قد أحكم عقْدها الأعداء.. فليس لهم اليوم إلا الصبر والصدق.. فإما رباط في بيوت الله أو استمرار في ذل الرق..

فإذا بي على هذا اللفظ الأخير.. ترقبني الأعين باستغراب وتحقير.. وكأني قلت فيهم عجبا.. وحدثت العقلاء بما خبروه كذبا.. ويا ليتهم كما تلطفت فيهم بالوصف.. كان كذا فعلهم معي بدل القذف.. إذ ابتدأوا معي الحديث بوصف الدواء.. لحالي بدل حالهم و دعاء لي بالشفاء.. حتى إن زدت فيهم القول والنصح.. وزدت في التدقيق وما أخفيت ما في جهلهم من قبح.. فقلت إن لكم في عوالكم الجديدة أوهاما كثيرة.. وما تحسبونه فيها ممارسة الدعوة واجتماع على العبادة مهزلة سخيفة..عندها مرة أخرى استوقفوني.. وفي نبرة واحدة بالجهل رموني.. فما شفع لي عندهم شهادتي العالية في علم كبسولاتهم.. فإذا منهم قائل: فيها أجد بسهولة كل المعارف.. وفي سرعة البرق أصل الأرحام وأقيم علاقات تشدو لها نفسي كشدوها لألحان المعازف.. وضربوا لبهتانهم مثالا من شين الألحان.. وقائل غيرهم: إن لي مجموعات فيها أقرأ الأخبار.. وأعيش اللحظات دون أن أقطع الأنهار.. ولي أيضا فرقة فيها برنامج ختمة.. في كل شهر فما أحلاها من جمعة.. فتساءلت: أما ذاك منكم انفاق في مراء.. وادعاء عبادة ما جاء بها رسول الإله.. فقالوا كف عنك هذا الغباء.. فقد تغير الحال. ثم كادوا يولون عن الإصغاء..

فصرخت.. يا قوم بالله عليكم أستحلفكم بالعظيم.. اهجروا كل تفاهة وإن بدت بلا بديل.. وانصروا دينكم بكل ما تحتقرونه من مظاهر الإباء.. أي نعم عودوا إلى سراويلكم القصيرة.. وأعلنوها انتصارا كما تقولون في جماعة.. أرخوا لحاكم وأعلوها صوتا هاذي موضتنا الجديدة.. ضعوا الحجاب أفواجا وانفضوا عنكم في هذا "زعلوكة" القناعة.. املأوا المساجد دفعة واحدة وخَرْبِطُوا على العملاء تقيتهم.. واقلبوا عليهم موائد دعاويهم وأزهقوا أرواح افتراءاتهم.. أبهروهم بجماعات تخرج في مظاهر الحياء.. واصعقوا منهم القلوب باتباع السنة والإقتفاء.. وانصروا الدماء في أرض الواقع بذا, وخلوا عنكم قليلا أرض الغثاء.. فوالله منذ ارتبطتم بها وشخصتم أنفسكم فيها حتى غدوتم هنا كاللقطاء.. وكونوا هنا قولا وفعلا.. ولا بأس بعدها من الحبو هناك بعض الحبو..

لكن قومي ما وعوا من قولي هذا سوى ما توهموه مني قَسْوَة إصطلاح.. فتكأكأوا علي تكأكؤهم على ذي جنة فإما إخراسي وإما ما لهم عني افرنقاع..

فأنظرني بعض وقت آتيك بما حسبوه منطقا وطفلنا رائيه هراء.. فيما يقدم إن شاء المولى لنا بقية في شبيه حديث الإلقاء..

زينب من المغرب
06-22-2012, 07:15 PM
ما تزال أذنك على انقطاع النفس .. جريك لقطع الوريد تستبشر ببقية ما تبعث فينا من الدُّسُس.. تخفي إرهاق الانتظار بطغيان يتضاعف .. وتكتم تثاقل أنفاسك بضباح بعد كل جرائمك يتلاحق..
فلتعُدَّ معي إذن أيها البغيض هاذي اللواحق.. لمتعمد قتلا واحدا ولو دون سوابق..
جهنم .. وهي بالإسم كفت في الإعلام..
خالدا فيها .. ومحص النظر في هذا التفرد فلا مواساة بكثرة مُلاقيها..
وغضب الله عليه .. وهذا وحده تنأى الجبال من ثقله..
ولعنه .. واسأل عنها ابليس وليخبرك كيف هو مذاقه..
وأعد له عذابا عظيما.. هي زيادة علي السوابق وليس خلاصة لها .. فستفهمها يوما لك موعودا هناك لك وتعها..

وهي ذي مجموعة وعيدا لقاتل مرة.. فهل عبَّرت بها لمن تاريخه غارق بالمجازر..

ثم فلنأت على بقية الحديث .. وما هو مني تعزية لأهلي في مصابهم الخبيث .. وبعض من خليط ذكريات مهموم .. مع قلة حيلة يزين ما هو بالضرورة معلوم .. لولا رباط آثار الذنوب على قلبه حتى غدا كل ما تحت القشور عنده مبهم معدوم..

فقومي بعد اللطف في مهادنتي .. والعطف على حالي بنصائح طلب عافيتي .. انقلبوا بعد الإياس كباغ هلاكي .. وتفرقوا شيعا كثيرة وَحْدَتهم فيها إخراس صوتي..

فقائل في حشرجة صوت متفيهق: .. هذا كلام بال قديم .. ردده أهل العلم فينا فكان بعد التجربة عديم .. ثم كطالب في البقرة أصلها ولون صوف الأديم .. استكثرنا عليهم الدعاوى وطالبنا في فعل لا قول حشر الدين بالحداثة .. فانصرف عنا أكابرنا وقالوا هذا والله نذير عذاب فاللهم لا شماتة .. ولكن قام بعدهم أهل الصغار وأتونا ببديل سهل وبسيط .. فانتهجناه زمنا طويلا .. وغرقنا فيه عمرا مديدا.. وما عدنا نذكر من دعوة أهلنا القدامى إلا التشدد.. ونساؤنا طبعا كلما ذكر اسم أحدهم قالت أفٍّ، أفٍّ أصحاب التعدد.. فهل بعدما عدنا إلى ما رسموه لنا.. تأتين لتقولي هذا سبب وهننا.. ألا لا طاب لك بيننا مقام .. ولا كان لك فينا بعد اليوم مقال..
ثم انصرف عن جمعنا .. رافسا الترب على وجهنا .. وإذا بذيله ظفر كنا زمنا نصنعه لإناثنا .. علمت أنه ممن رضي بالتخنث .. فزال عجبي من جماعة لحقته وعرفت أنهم كلاب تأنث ..

فقام بعده قائم غيره .. وجّه إلى الأنظار رافعا صوته :.. سئمنا هذه التخاريف الوهابية .. أف لكم يا جماعة الإرهابية .. جلبتم على الدين الطعون من كل صوب .. وقتلتم الأبرياء منا بدم بارد في كل حدب .. على آثار أفعالكم دفعنا الثمن .. ولطختم تاريخنا عبر الزمن .. هل تريدين إفهامنا كما كل مرة أنها كانت مدبرة.. وأن دعاويك هي الأصل يا عنترة .. وأن العدو صنع مكيدته من عفن العشب .. لكننا سقطنا فيها لشدة البعد عن أصلنا العذب .. وأن كل هاذي المحن ما هي إلا قنطرة .. وإن الفهم فيها يحتاج غوصا في قصص الكتاب مسطرة .. استفيقوا يا جهالنا وانظروا أين وصل الناس .. بعلمهم ونبذهم أفكار الإنسان القديم وفرشها تحت الأقدام لتداس .. وقولكم في سعادتهم وانحلالهم وانكسار قيمهم وبؤسهم وانتحارهم قد صمّت عنه منا الآذان..

ثم لحق بسابقه .. فأسرع وما كنت أصلا أنوي جوابه .. إذ فيما قال كان يفتري ويرد على بهتانه..

وحسبتني قد استبقيت من الجمع بعضه.. فقلت أكتفي بهم والإخلاص يضاعف جهده .. لكن استبقني في سرعة انتشار النار .. في الهشيم ليوم مشمس حار.. حصان ما رأيته يوما في القبيلة .. ولا أذكر رؤيته يوما في العشيرة .. إذ شعره ممشط و ومرجل كفرس مسجون في حظيرة ..
اقترب مني متحدثا كهامس في الليل .. ودار حولي دورة كباغ صيد .. وحدق النظر إلي كمن يجد إلي ميل :.. أتعلمين أنك فريدة نوعك .. ولك بين قريناتك خصائص رفيعة تميزك ..
وعليك كثير حكمة .. وتنقصك الحنكة ..
وعندك موهبة .. وتعيبها قلة المعرفة ..
وفي قولك الصواب .. لكن يفسده طبع غلاب ..
ولولا العيوب لفزت بالقلوب ..
فانتبهت من طنينه وسألت :.. أمن مطلوب في قولك وحسبي بالسؤال عليك ما استعجلت .. فابتسم كذئب بين الغنم .. استغلالك, وتأكدي للصالح العام .. فكرهت قوله وأغضبني سوء اختياره للمقال .. فاختبرته في بعض الكلام .. فإذا به مرتبك لا يتقن في العلم إلا قشوره والسلام .. وعند إيقانه الرسوب انكفأ عني كشيطان عند حد الحسام ..
لكن كان له في التبيع خلقا كثيرا .. إذ شتت ذهنهم بزخرف قوله فحسبوه حكيما .. وتلاحقوا بعده يريدونه رئيسا .. وما وجد صراخي: "أنْ هذا شيطان" عندهم مجيبا..

فالتفت عن يميني ويسرتي.. فإذا بي وحدي .. قد سلب مني الهامس أهلي .. وصرفهم عني بما يتقن من أقوال السحرة .. وحركات تلوكها أقدامه أبهرت المهرة .. منهم حتى صاروا بعد العلم جهلة..

فكنت كمن قيل عنه .. شقي بعلمه فهو بحمله يبكي ..

خطوت بعد هذا الصد خطوات بطيئات .. وصور تتزاحم في رأسي عن كل الإنهزامات .. ومصائب القوم وحظي من الإحباطات ..
فلقيني فرس هرم كان قد خرج عند بداية الفتن من القبيلة .. وجدته عند الجبل في كهف قد راقب ما كالني أهلي من هزيمة .. فدعاني إلى مجلسه .. وأجبت في تردد دعوته..

فهل ترقب علي بعضا من تعديك.. وتمهلني على نهمك .. علي أكمل بعض ما بقي في الحديث .. وسواء شئت أم أبيت فهي إن شاء الله تعالى تكون وإن لم أنت ترد..

زينب من المغرب
06-28-2012, 04:46 AM
أي أيها القابض على فخذي .. فاتكا منه اللحم كاسرا عنه عظمي .. أتراك يوما عرفت نشوة الشهادة .. أنها -وعلى كونها- من التكليف الشاق فيها لذة الإنابة .. كأنها لحظة نخلص فيها نية العبادة .. فإذا بنا نعبر في يسر قنطرتنا إلى ديار السعادة ..

فإن أنت رأيت بعد الموت ابتسامتي .. وبعد تيقنك من توقف قلبي، شهدت اشراقتي .. وتطاول الدود على الجثت دون جثتي .. وصبر قلوب الأحبة بعدي كأني ما أزال على العهد كل صباح ألقي عليهم تحيتي .. واستمرارهم على ذكري في مجالسهم متمنين نهاية كنهايتي ..

فاعلم أن هذا الإكرام لأجله استرخصت الجسد .. فما أن استيقنت أن هاذي أرض جهاد مأجور حتى بذلت الجهد .. وكان ضعيفا فزُكِّي عني بتوكل العبد .. ورأيت قبلا التكليف بذلك فكان علي شاقا أليما .. وما أن طرقت باب الرجاء وناديت ربا سميعا .. حتى لانت جبال الأناة مني فكانت بعد العصيان مطيعا .. وكسرت أشواك الشذوذ عن مشاعري فغدت إيمانا قويما .. وبقيت زمنا أغالبها فتغلبني .. ثم أتوب فتلين لي .. حتى كانت بين يدي حساما عظيما .. فما أن نادى علي منادي التكليف .. ولاحت في الأفق أعلى مراتب التشريف .. حتى وجدتها عن طواعية تجاريني في كتم أصوات التخويف .. وتشد عزيمتي باستنهاض همتي للشموخ في أرقى مراتب التصريف..

لا طبعا أنت لا تدري من هذا شيئا .. فقبضتك على اللحم إنما هي نزوة وبعدها قيئا .. وكذا حال كل من متع نفسه ساعة .. ثم حصاده بعدها اذلال بالندم على هتك الهوى للذة الطاعة .. ليصبح بعدها مذاق اللذة مرا مريرا .. يتحاشاه الخاسر بالإدمان على سويعات النزوات كثيرا .. طامسا على البصيرة قانون الفناء وإن كان صوته صريرا ..

دعنا منك إذن الآن ولنتابع بقية قصتي .. وحسبنا منك آلام العض والظُّفر الماسك بركبتي .. لنذكرك بين الفينة والأخرى وإن كان عداؤك محور حكايتي .. وسبل اجلائك وتوقيت موتك عليه مدار وصيتي ..

وكنت قبل الوقف قد وصلت في الحديث عند لقائي مع فرس هرم .. قد علاه الشيب واكتسى وجهه وقار لأهل الحكم .. فاستأنست في وحدتي وهزيمتي بوجوده .. وابتغيت في الأنس استقاء لبعض علومه .. فتواضعت تواضعي عند كل ذي علم .. وإن ما أطرته التشريفات والأوسمة وأبَّهات الإسم .. تعلوا هامات في زماننا هي ببغوات الإثم ..

فأكسبني تواضعي لينا في قوله .. أو لعله رفق منه بالأنثى من جنسه .. وما علينا إن كان في العلم لا تفاضل لسالكه .. إلا في الإقبال والذكاء ونباهة صاحبه .. وذلك في كل علاقات الملقن وجليسه ..

وما شككت أن بصيرته تُعلِمُه عن حالي .. وصور التكالب علي تُدريه عن سبب اعتزالي .. وعلمي بكياسته أغناني عن انتظار سؤله عن مبلغ آلامي ..

جلسنا على مشارف الكهف طويلا .. وراقبنا غروب الشمس وانقضاء لهيبها من السماء مهيلا .. وصمتنا لا يكسره إلى حثيث وحش الليل يدب من مساكنه .. باحثا بين البقايا عن استكمال دورة حياته .. في آخر مراحل سلاسل غذائية, يجلي فيها إحكام صنعة خالقه ..

ثم وكأن الجهد أخذ منا بقية الكلام .. وألجم الأفواه منا وقتا، حتى باغتنا الظلام .. فأرخينا الجسم لموتتنا الصغرى لا نقاوم فيها إلا وكنا مستعجلين الإستسلام .. كما هي موتتنا الكبرى لو تعيها بصائر الأنام ..

ثم وعلى صهيل مدوي وثبت في وقفتي .. لا أدري، أنذير حرب هو، أم إعلان بقرب ساعتي .. ورحت بسرعة أبحث عن مصدر الصوت بمزيج خوف وأهبة .. فإذا بالمعلم قد جاوزني بخطوات كمن يتحدى خفتي .. وأنا التي اشتهرت بين أقراني بالسرعة والرشاقة .. فأمهلته بعضا من الوقت حتى يوغل في المسير .. وأنا أتوعد نفسي بأن شبابي منهيا بقية غروره وإن كان كثير .. فما أن كاد يختفي عن الأنظار.. وامتزج بالسراب بالغا بذلك عندي أبعد الأعذار .. حتى عدوت لاحقة به .. وهكذا قوة الشباب عند الشيب ملجمة فيه .. لكنه على نشوتي لم يعرني أي اهتمام .. واستمر في سيره بمهل كمقتصد لمسيرة أيام .. فهمتها بسرعة فبادرته بالسؤال .. إذ بعد الإعياء في اللحاق بسباق صنعته من المحال .. لا أضمن القدرة على الإستمرار في الإرتجال.. يا سيدي أماضون إلى بعيد نحن لنمشي على هذا المنوال .. فصمت كالدهر يأتيك بالمصائب ولا يعدك بانقضائها في كل حال .. فسايرته في خطوه يسبقني ببعضها فأتركه .. رافسة الترب وراءه من الغيظ فإن التفت إلي تظاهرت باللامبالاة فأسبقه .. حتى أنهكني الجهد وأخذ مني مأخذا .. وأعياني طول الطريق على ما فيه من صموت إلا من ضرب الحوافر ترددا.. ولا أدري أهذا منه تدريب لي على الإرتجال في وقت يلتهم أهلي العدا.. وصراخ الآلام ترتمي إلى آذاني لتغلي النار في الصدر وتتوقدا..

ثم على بقية ما في من صبر انشغلت عن تعبي بالتفكير .. في مآل قومي على غفلتهم بمفضوح عدوهم مما يضمر لهم من تدبير .. وعادت بي الذكرى إلى تدافعي معهم الأخير .. فلاحت لي بعض أسباب نعتهم إياي بألفاظ التحقير.. فقلت بصوت مسموع وقد حسبته مبطن قعير ..
هل أخطأت في قولي أم كان مني سوء تسيير.. فأجاب بصوت بين الشخير والكرير أقرب منهما للنخير.. في اللحن معنيان وفهمها بحسب التعبير.. وقول الشاعر في ذا مزيد تقرير..

لحنت لهم كي ما يفهموا *//* و المرءُ تُكرِمُـهُ إذا لم يَلْحَـنِ

فما استعجلت السؤال في شرحها بل ارتأيت لها في رأسي بعض التدوير.. وإن شاء الله في بقية الكلام يأتيك لها التبيان وعساه دون تأخير..

زينب من المغرب
07-17-2012, 07:55 PM
الشمس شارفت على الرحيل .. و مسيرتنا في خطو مجهول آخره لازالت في إلحاح تسير.. ونحن بين حذر الشيب ولامبالاة الشباب حوافرنا ضاربة .. يمشي هو في تباث مناسقا خطوه وأستعجل عليه سابقة .. ثم أجدني للحاقه بي ناظرة ..

سمفونية التأني والإستعجال قذفت بفكري سابحا في الأحوال .. وفلتة لساني أعلمته عن مرفأي في التجوال .. فما أن كدت أرسو بسفينتي وأشدها بالحبال .. حتى ضربها بقول شاعر إلى أمواج كالجبال .. أعياني التفكير وأتعبني .. وزاد في الإرهاق تلك الحاجة مني إلى لغة لا تفسد صيغتي .. وهو على عهده مبتسم لعله لإغاظتي .. حتى طال بي الإبحار .. وكنت أخشي على قلة الزاد أن أفسد المقال .. لكن هي استعانة بالقوي ولعلها تأتي بجميل الإخبار .. والله في ذلك من وراء القصد وعلى توفيقه كل الإتكال ..
انطلقت من صمتي بعد طوله أسرد الأفكار .. عوارض وملاحظات ثم ملخص الإخبار .. لا يومئ برأسه محسّنا للحسن .. وعند الشطط يثور هائجا في علن .. وحسبي في ذا نقل بعض قولي وقوله .. وعبرتك أيها الوصي خذها كما قيل في خاتمه ..
….
في اللحن وفعله بمجرى الأقوال .. كبير تأثير على استصياغها في الأفهام .. فمن أين أبدأ بحثي دون وحل الوقوع في الأوهام ..

منطق الأمم .. لغتها .. أية علاقة بينهما..
ذوق الناس .. فهمها .. كيف السبيل إلى صفائها..
ثم اللحن في الكلام .. طيبه وخبيثه .. وصول الأفهام والأذواق إلى كمال الإستحسان في ذلك أو الإستهجان..

أية دوامة هذه ..

لا عليك خذي الطريق الأول فهو المختصر .. قالها رفيقي في المسير بعد أن رأى ما بذهني من كدر..

فكرت بعضا من وقت ..

ما أفضلية الأوائل قبل بعثة النور .. قوة اللغة ، وصويحبتها مكارم أخلاق يعجزها عن الكمال عقيدة الزور .. اصطفاء واعداد رباني للإستقبال والإعجاز والهداية .. فتحقق للغة الخلود بحملها لآخر معجزة ..

ضمنت العناية الربانية لها الحفظ .. وفيه تضمين للصون من شين اللحن .. فكانت خالدة بلحون العرب وأصواتها .. خالية من تحريف أهل الكتابين وألوان أباطيلها .. والعمل الرباني في تسخير نفوس طيبة تهوى الترقي في علومها .. حتى إذا شارفت على الأعالي في فنونها .. واجتازت محن الإختبار لقوة ضبط أهوائها .. واعتدل فيها الذوق والمنطق .. حتى أُلهمت من العلي فطنة الحذق .. فكانت حارسا على الحدود يستحيل لساسات اللحون أن يطمسوا على بصيرتها ..

جاءت لفظة منطق في الإخبار .. عند الحديث عن تعلم لغة الأطيار* .. ارشاد رباني إلى نوع آخر المعجزات .. وما يتضمنه الصون لها من اعتدال لما معها من متعلقات .. تكون السبيل الوحيد لهذا العقل لتحقيق منشوده من الحريات .. دون أن تحتجزه سياسة من السياسات .. باخفاء استعبادها له بأوهام الإكراهات .. فكانت تركيببة تمييز الألحان .. هناك في النور ممدودة الأفنان ..

اقتربت .. ما تزال حلقة الإبتداء تحتاج بسطا فهل تنبهت..

لماذا عجز القوم عن فهم قولي .. وإن كانت النظرة التي اعتلت وجوههم عند سماعي .. الملل مما طرحت من الحلول .. كأنها مجربة عندهم دون حل حتى كان منهم كل ذلك العدول.. أو كأن فيهم كان قبل مُفتون.. أنهكوا منهم الهمم بكثرة الطرح لرياضات العقول .. وأتعبوا منهم الفكر بفراغات أوهامهم يُسمُّونها غصبا المعقول .. فهم بذلك من حلول لأخرى كانوا يتنقلون .. ومن عصر للفكر إلى تمرير للإحباط كانوا دون شعور منهم فيه يغرقون .. ومن إفساد للذوق حتى الملل من ترويض النفس بأية رياضة كانوا لعزائمهم يسحقون.. وصولا إلى فقدان الثقة الكلي إلا في الحلول السريعة كأكلاتهم .. والصد عن جميل الصبر وكره حلاوة التضرع عند ابتلاءاتهم .. لتغشى في النهاية قلوبهم غشاوة آبائهم ..

بداية أن كان فيهم فساد اللغة .. فالمنطق .. فالذوق ..
بدأت بعدها لعبة التجريب .. لكل المطروح .. لرياضات العقول خارج العقيدة .. لكل تجربة .. ونظرية .. وفرضية .. وحتى فكرة عائمة في السماء ..
انتهت بتخريب الحكمة .. الذكاء .. العزائم .. الهمم .. الفطنة ..

هذا حال من لا ينثنون عن نعتنا بالتعقيد وهم في عسرة عن فهم أقل كل بسيط..

توقف قائدي فجأة .. وانتبهت قبل سؤاله هل هي استراحة لحظة .. أننا نقف على مشارف سهل ذي عشب أخضر طري .. فطرت فرحا لكني انتظرت أمره بالكف عن المضي .. فجاء منه القول سريعا .. هنا لنا ثلاثون ربيعا .. سنركن فيه نتشرب من صفائه علمنا .. ونأخذ منه سكينتنا .. لسنا بالقادرين على إحصاء إفادتنا .. فحسبنا في ذلك الطمع بفوز في آخرتنا .. فلا نوم لك هنا إلا وأنت مترقبة .. لليلة تحصيلها فيه مجموعة كل الخيرية ..

ثم صمتنا وانشغلنا.. وعكفنا على النور وفي حفظه تسابقنا ..

وارقُب علي العدّ كما رَقبتُه بدوري هناك .. فإني أريدك في هذه أن تخطو معي نفس خطوي ذاك .. حتى إذا انقضى بي الأجل يكون انقضى نفسه إياك .. زد عليه بعضا من أيام فرح قد رُخِّصت لك.. ثم عد معي هنا تجدني آتيك إن شاء الرحمان ببقية ما في الحديث

************************************************** ****************************************
وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ

زينب من المغرب
08-28-2012, 05:34 PM
قد تجاوزت في قبضتك حتى اعتليت الفخذ إلى البطن .. لا بل تزيد في غيك بسياقة الأعذار الواهية كمن يزيل بقع الدم بالدهن .. وقبضت على الرحم مني تتمناه يخرب فلا يأتي منه بعد ابن .. حقدك يسيل مع لعابك فتريده منهيا لأشواط الغي بتضخيم أعداد الدفن.. مهلا فإني أقول لك كما قيل لمن قبلك، أن أبشر فموتاكم في النار وموتانا في جنات عدن..

سحقا لمن اغتروا بطول بقائك فحسبوا أنك ذو قوة .. وعاينوا حجم الدماء فظنوا أن الغلبة للسحرة .. وقرأوا تاريخا رسمه الأعداء في كراسة المدارس فكانوا يمينا للفجرة ..
كل البشرى لمن رأى الحق في الأحداث فتاب .. واعترف بذنبه واستغفر بين يدي رب الأرباب .. ورأى دم الشهادة فطار إليه دون ارتياب .. وإنها لمحنة في طياتها منح فصبرا يا كل من أناب..

وإني على عهدي بك في الحديث كنت قد استوقفتك عند الوادي .. ذي العشب الأخضر الندي فتركتك وانشغلت بما في العمر هو خير محطات العبادة للعباد .. فضربت لك موعدا زدت فيه بعض الإزدياد .. ليس إخلاف وعد مني لكنها اضطرابات منقوشة في سنة الحياة لتعيها قلوب كل من يرومها عظة في الزاد ..

فاعلم أنه,في سهلنا انقضت مهلتنا المحددة .. وانتفض الهرم معلنا انتهاء المدة .. فسال دمعي منهمرا في شدة .. وانتبهت إليه مواسيا لي في مودة .. أما وعيت بعد قوانين الحياة .. أما علمت أنها صراط مستقيم ذي تفريعات .. الأخيرة سبل أهل الزيغ والزور والتبريرات .. وعلى السبيل القويم منابع غذاء ومواطن ابتلاءات .. ليتحقق بذلك العدل لكل المارين .. فإن كان لبعضهم ظلم و استقبلته نفس طيبة كانت من الشاكرين .. وإن حط على جناح ذي الخبيثة كان كمن تخطفه الطير أو تهوي به الريح في السحيق فيصبح عن الإستقامة من المدحضين ..

فلا تحسبن المكث هنا بعيدا عن الأهل والخلان راحة .. ولا تظنين كمن ظن أن الوحدة ضمان البعد عن السيئات وصفاء لاتقاء المحرمات والإكثار من الأعمال المباحة .. فكيف نسمي الصادق صادقا وفمه طول الوقت في استراحة .. وكيف يكون الأمين أمينا وهو من غير متاعه لا يجد متاعا .. فعدّيها معي صفات في إلصاقها بالمستفرد دون المخالطة محض مغالطة .. العدل واللين وو وهي باستثناء ربما القليل القليل كل خلق وصفة ..

قومي بنا إذن .. وعلى نفس وتيرتنا عدنا للمسير ..

وعدت في خلال ذلك أنشغل بالتفكير .. وكأني زدت إلى فكري تجارب دهر طويل .. فأعدت التفكر في سابق ما كان قيل .. ونظرت إليه بما أكسبتني إياه جلستنا في شبيه الدير .. وإنما التشبيه لما كان في ذلك من خلو الجو للتدبر في كلام الإله القدير .. فنظرت فإذا بي قد أبصرت للواردات علي سابقا تعليل .. حتى لكأني أقرأ بعدها في عقول البعض ما يخفي تحت ألحانه من مكر وتدبير .. ولك منها بعض الخواطر سطرتها على عجل في دفتر تنظير .. وإني كتبتها كما سترى على خلاف المعهود فصيحة في التعبير ..

تساءلت عند مجنون .. أية عوالم غيبية يريد أن يطّلع عليها الملحد ـ عقبة يضعها شرطا للإستسلام لمكنون فطرته من الإيمان ـ إن كان تكَشُّف بعضها أو قليل خلط حقائق هذه الدنيا يسبب لعقل المجنون والممسوس ونفسهما كل هذا الإضطراب فيذهب بصوابهما أو يكاد ..

وعلقت على بعض الأدعياء .. تقولون لنا ببساطة أنها مطالبة بحرية شخصية، ونحن نجدها نذيرا ووعيدا واضحا في كتاب رب العالمين الخبير : "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" . فما نقرأ بعدها في دعاويكم إلا استعجالا بعذاب الإله، دونما أية علامات صلاح في المقابل ..

ورأيت في الجواب على بعض الغاوين في وديان الأدعياء يهيمون .. إن العقول التي تصدق بداية بالحرية الجنسية في العبث بجسدها بعرضه مجانا - أو بمقابل - في سوق الزنا والفحش وغيره، لهي نفس العقول التي تصدق بمصحف فاطمة ولست هنا أعني حِملها من العقيدة ولكن ما تستعمله من منطق الحجة والإقناع وهي بذلك في القرآن ليست أبدا بالعقول التي قد تبني حضارة أو تقيم تاريخا إنما كانت عبر الأجيال منذ النشأة الأولى سبب خراب الحضارات وانتهائها من على وجه البسيطة ..

ثم قلت في بعض الإسترجاع لذكريات الشدائد .. في مواجهة بعض صعاب الدنيا يجد الإنسان نفسه أحيانا مقيدا بسلاسل "قلة الحيلة" أو انعدامها فتخر قواه الحسية والمعنوية حيال ضغوطات المشكل لتسد أبواب الأمل في وجه كل أحد إلا واحدا، هو المؤمن المستنصر بالله بداية ونهاية والمتكل على قوة مولاه القاضية في كل مشيئته ب " كن فيكون "، بينما تفتك القيود بالآخرين ليكونوا على إثر ذلك: مجانين ومنتحرين ومدمنين أو ملاحدة بمغص فكري ملازم لهم طول الوقت أو أية مأساة أخرى من هذا القبيل..

ثم انتبهت أن فارق السرعة والخفة بين قدمينا في المسير .. قد نقص بكثير .. فابتسمت كأنها بدايات انضباط بحكمة وصبر الكبير .. واغتممت لأنها علامات شيء تكره الإناث الحديث عنه جد كثير ..


وللحديث بقية إن شاء الله تعالى

زينب من المغرب
09-15-2012, 02:20 AM
ثم خطر لي عند حديث الجميع عن تصوير فاجعة:

حكاية جدتي
وقبل أن ننام تسرد لنا جدتي كثير كلام .. تسوقه لنا قصصا محكمة في الإرسال .. وجدتي المسكينة ذاكرتها قتلتها مآسي الأعوام .. حتى غدت معها بعض ليالينا تكرار في تكرار .. واسمعوها وهي تقص علينا حكاية الصرصار .. والقصة رغم قرفنا منها وما نبديه عند سماعها من ضجر باستمرار .. إلا أن جدتي كمن خبر مكيدة فما استحسن غيرها سريعة كي ننام .. قرفا ,ضجرا. وما يعنيها من كل ذلك غير الهدوء في الغرف ولو على حساب كوابيس تهاجمنا من الحكاية في الظلام ..
تقول جدتي .. في معرض القصة:
وهذا الصرصار الملعون .. خروجه في الظلام موزون .. ينفث من جحره المأفون .. في كل مرة صوتا مسموم .. ليس لقتل الضحايا فما هو في ذلك بمستطيع .. إنما لجس نبض التطبيع .. وفي خططه هذه لا يراعي أهله ولا يشفق فيهم حتى على الرضيع .. فمرة قتل أولاده وصرخ متباكيا أن قتلوا أولادي فهل من مجيب مطيع .. وانطلقت من كل صوب أفواه لا تتقن في حياتها إلا أن تكون كالحمار التبيع .. فما أن طرق الصراخ آذان الهزيل من كل قطيع .. حتى انقض على القوي منها مستعينا بدهشة ذو قرون التطبيع ..
وياليت شعري هل تعلمت من الدرس البقية .. إذ في كل مرة يعود إلى صرخته المعتادة .. دون أن يستفيد الغافل لاستجماع بقية إرادة .. ويُشَمِّرَ ل"جهاد الهجرة" لكل مساوىء العادة .. ويترك نوادي المنكر استعدادا لغد الشهادة .. فالأمر على المحك لو تعيه القلوب والأبصار .. وتفهمه على الأصل أنه "بداية شق الحق عن الضلال" .. إذ تراءت في الأفق نهاية عدو الوسط واقتربت بطشاته من الزوال .. وإن في صرخات الصرصار الهزيلة وما تفضح من فاقته إلى مزيد ضباب صنع الشتات .. لخير دليل على يقينه من فشل سنوات قضاها يحبك حبكات مع خفافيش الظلام .. فقد عُلمت استحالة تصديقه كمن يرتجي وجود ذكاء عند مصدق بالمحال ..
وسألت جدتي عن مفتاح الكنز في كل هذا الكلام .. فقالت سألعب معك لعبة الصرصار يا غلام .. إن كنت مصرا على الإحاطة بالمفتاح في تمام .. فقلت في استكبار لا بأس العبيها ولست خائفا فإني في حصن من صراخه يا مدام .. فردت مبتسمة إذن فلنكرر الحكاية كما يكرر الصراخ فذاك جل ما في بقية قوسه من السهام ..
لكني اليوم قررت أن لا أنام ..وقد فهمت أن التكرار إن هو مجرد إنذار .. والتتمة يصنعها نومي أو خوفي فلا لن أنام


وللحديث بقية إن شاء الله تعالى

زينب من المغرب
09-16-2012, 10:25 AM
ثم و مرة أخرى:

حدثتنا في ليلة شديدة الضباب .. عن قصة تلتف في السرمدية باحثة عن السراب .. قالت: أنه في الحاضر كما كان في سالف الأزمان .. عدو لكن ليس في الغباء له شبيه، ياصبيان .. مقتنع تماما بغباءه لكن تعضد ذراعه غفلة تلف الأعناق .. وهو إذا ذاك حاله، يضع عنه قبل البطش السلاح .. لينهش نهشة الخائف الرتعب .. ثم يتبعها بأفلام واقع أو خيال .. فيخرج بعدها راقصا في عراء .. فلو نظر البقية عن قرب لفضحوا أسبابه قبلا وجعلوه أضحوكة .. ولسخروا من هجمته وقالوا يا ودي هذه مفضوحة .. ولأعلوا الأصوات قولا :ماذا تريدون ودعونا مما تدّعون .. أخارت قواكم لتلعبوا بالدجل القديم .. أفضح الطمع رغباتكم لتستروه بسربال شفاف بليد .. مساكين أنتم والرب العظيم بما تحسبوه عنا وتظنون .. فهذا رسولنا محفوظ ذكره في قلوب الملايين .. وتلك جعجعتكم حاشدة بعدها لمزيد من التائبين .. وليعلم من لا يزال منا عابثا في الهشيم .. أن دعاويكم تتهاوى كالرميم .. فإما يلحق بركب المستعدين أو يكف عنا غيه وليلحق بركب سيده الذميم ..

فسألتها: جدتي أين الحكاية في كل ذاك .. قالت إنماهي نار تطير في الهواء .. وإطفاؤها بليغ التقدير عند أهل العلم الحكماء .. إذ أفتوا أنها طالما لا تصلح على حالها ذاك لتنير .. فإذن شتتوها أقساطا وفرقوها بالتحذير .. لتوقدوا بها بقية البيوت التي تحتاج مثيلاتها لتستنير .. وضجوا في ذلك الضج الكثير .. ليقذف الله الرعب في قلب عدوكم .. ليعلم همتكم فيهرع كما عادته إلى العتاد الثقيل .. وتنشغلون عنه بتقوية دعائم النصر في قلوبكم والتمكين .. فالوعد عندكم خالد من الرب الخبير .. إن تكونوا عشرون تغلبوا مائتين .. والمائة منكم باذنه قاطعة للألف ولو أتقن كل فنون التقتيل


وللحديث بقية إن شاء الله تعالى

زينب من المغرب
02-10-2013, 10:50 PM
هكذا هي الحياة التي نحسبها طويلة وهي قصيرة أيها الأسد السخيف .. وهكذا هي ذي بطشتك البليدة تحسبها قوية وهي ظلم بعده تعذيب .. وهكذا هي دوامة الظلم حرمه الرحيم على عباده ووعد مقترفه بالإنتقام ..
عفوا،هل تلك علامة فرح على وجهك الكريه .. عجبا، هل ابتسامتك القريحة تريد أن تخبر أنك سعيد ..
من كذب عليك كذبة غبية فرفعت بها الصوت ترتجي نشرها مع الريح .. أيها …، هل أخبرتك أنني أرى غير ما ترى .. هل قلت لك أن ما تراه منك غلبة أراه مني جزاء بعد بلاء .. هل أبدو كاذبة .. إذن لماذا تسرع وأدعوك رغم الدم للإبطاء .. وتزأر بين الفينة والأخرى في حشرجة وأصرخ ملىء الفاه دون انقطاع .. هل أبدو خارقة لقوانين الآلام والطباع .. لا، ليست هي أيضا كما تظن إنما لي بقية ذنوب أردت لها انتهاء .. ولي زمن في الماضي بين الفراغ والصحة تكاسلت فيه أبغي غير أسيف تكفيرا عنه الآن .. هل أبدو هزمتك .. تأكد تلك هي الحقيقة التي شاء لها أن تخلد في أذهان الطغاة عبر كل زمن رب السماء.. فازحف ماشاء لك الزحف وبدا لك اللحم وأغرقتك مخاوفك .. واقضم كاتما خوفك كاشفا ضعفك وابتلع قضمتك .. وانهش فاضحا قومك ساترا غيرك وكن كلبا ذليلا لذمامتك ..

وإني لا زلت ماضية في الفكر أكثر من مضيي في الطريق .. حتى إذا بلغنا أرضا تملؤها الوحش قال الرفيق هذا بيني وبينك الفراق .. والدهشة أحيانا تحجب عن العين الدمع .. كما يخفي الأنس وحش الفزع .. فأطرقت صامتة لا أريد كلاما يقطعه الحزن .. ونظرت بعيدا في أرض الوحش أجيب عن سؤال في الذهن .. لكنه قرأ نظري على صمتي .. وتكلم كاشفا الغمة عن قلبي .. لم أقبل صحبتك لأكون معلما .. ولم أرضاك تبيعا لأن ما عندي لك مطلبا .. إنما أنا خيل تركت النار في أهلي .. فارا بجلدي يائسا من حالي قومي .. فلما ذقت الوحدة وانفردت بنفسي .. ما وجدت عندها إلا عتابا وتأنيبا على سوء فعلي .. فرجوتها الصمت عن هذا اللوم المدوي .. فكان عندي حديثها أهون من ذا الصمت .. حتى إن أعدت عليها الرجاء وطلبت منها في الليل البهيم بعض القص .. أعادت علي في كل مرة قصة ذا النون حتى تكاد تغشاني من الألم سكرات الغارق في عمق البحر .. فبقيت الزمن الطويل بين صمتها المؤلم وقولها المفزع أمضي يومي .. سألته: وما منعك عن العودة أسيفا إلى القطيع .. فقال في صوت خيل يصهل في البراري جريح .. لأنني بداية نفرت عنهم إذ حسبت بهم العذاب وقيع .. ولم أحسب أني في ذلك كنت أهلك قومي إذ صرخت فيهم أنهم هالكون .. ثم لما اطمأنت نفسي أني وإياها في الوحدة مقيمون .. وأنني غير عائد إليهم فذاك حال المهزوم .. أذاقتني ما لولا غيب لا أريد التجرأ عليه لقلت نار السموم .. لكني يوم رأيتك خفت عليك زلة كما زلتي .. ورأيت شبابك وعز علي تركك فريسة التأنيب كما وقعتي ..
واعلمي أني قد منيت النفس بالعودة مرارا .. فأفزعتني بهول تقديس فكر المغترب تكرارا .. حتى أني كنت كلما جمعت عزيمتي .. وعقدت النية بعود حميد إلى قريتي .. جاءتني في لسان سليط يكسر الركن الشديد لنيتي .. يا لائذا بالفرار خوفا من تصور ماذا دهاك .. أمن تكذيبهم في الرفاهية كنت فارا .. واليوم في اشتداد الخطب تنوي تصديقا سارا .. اركن فالفكر القويم إن استقام في القلب وركنت له الجوارح .. هو بين حدين .. فصاحبه تجري المشيئة الربانية على يديه الخوارق .. أو إن صمت على بصيرة متقدة كانت عليه نار تُحرق ..
فصاحبتك أقودك إلى هذا الواد المريع .. لتلجيه وتتعلمي فنون أعداءك دون حرق لهفة العودة إلى وطنك في قلبك الوديع ..

قلت أيها المخلص في النصح .. ما يمنعك أن تتم معي المشوار ولو من الزمن بعض الردح .. قال ذاك كان المنى لولا الطارىء الذي طرأ .. فقد نادى صاحب الأمانة عليها وأعلن المخبر هذا النبأ .. وإني بعد حين أسلمها للبارىء .. وإلى ترب منه أتيت يعيدني كما كان لذلك بادىء .. وأسابق موعدا ما كان أحد عنه مستأخرا أو سابق .. لأنقل إليك كلاما صادق .. عساك تجديه نافعا في سيرك..

أكملي من هنا بداية الطريق .. سيري وسط الكاسر من الوحش .. تعلمي بطشه وكوني في حذر منه .. لا ترفسي القوي فيكسر عظمك .. ولا تليني للظالم فيعتلي صهوتك .. ولا تنحني إلا مستأمنة ظهرك إلى أمين .. ولا ترقدي إلا بعين واحدة وأخرى متابعة لدقيق الطنين ..
ثم إن أخذت من مكره لوازم اتقائه .. وتعلمت من بطشه ضوابط إبطاله .. وتمرست في أرضه وعرفت كثيرا من سوء أفعاله ..
فلا تحسني الظن واعلمي أن الجحد لم يكن ليكون لولا تزيينه .. وأن الظلم يستقوي على انحناءات خدامه .. وأن الشر ليس إلا بذرة منثورة في الرياح لا تنموا إلى بتعهد الحسد وتواكل الضعيف .. وأن الخير لا بد له في كل مرة من تعسير صقل له حتى يلقى بعد تغيير الأجساد رضى اللطيف..
فسيري على بركة الحليم ..
وقفت على آثار خياله البعيد.. لا دمع ولا خوف أو كلاهما يمزقان القلب بقبض الحديد .. سؤال يدور في الخاطر .. أين الأمس الآمن .. والفكر بين الفتن الآن .. كيف يصنع ليجتاز واد اللئام .. ويصوغ الحكمة وسط النيران ..
فانظر علي بعض وقت .. لعلي إن شاء المولى عما كان آتيك مخبر..