المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل هناك اعجاز علمى فى القرآن



ابن القيم
11-30-2004, 06:45 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أطرح هذا الموضوع ليدلي فيه اخواننا طلبة العلم بما علمهم الله عن مسألة "الاعجاز العلمى فى القرآن" على رجاء أن نصل معاً بنقاش علمي سليم .. ومنهج أدبي قويم .. إلى الحق الذي يريده الخبير العليم .

وسأبدأ بعون الله وضع بعض النقول عن طلاب علم وشيوخ فى هذا الموضوع .

----------------------------------------
الحمد لله المعجز ببيانه ألسنة الفصحاء، أعجب بمحكم آياته ألباب العقلاء، والصلاة والسلام على إمام المصطفين العلماء، وعلى آله الفضلاء وأصحابه الفقهاء، ومن تبعهم بإحسان راجٍ يوم الجزاء.

أما بعد، فلا يخفى على أحد كثرة ما خاض فيه الناس اليوم بحق تارة وبباطل تارات وتارات فيما أسموه بالإعجاز العلمي في القرآن. وكان حقه أن يسمى "تفسير القرآن بالعلوم الطبيعية".
لهذا كان لا بد من ضوابط بها يعرف الحق في ذلك من الباطل.
ولهذا الغرض كتبت ما تقرؤون، سائلاً الله التوفيق للسداد، والأجر يوم المعاد. وليعلم أن ما أصبت فيه فمن الله منة وفضلاً ، وما أخطأت فمني تقصيراً وجهلاً، ومن الشيطان حقداً وخبثاً.

ولعل أول ما أبدأ به بيان سبب عدولي عن قولهم "الإعجاز العلمي في القرآن" إلى قول "تفسير القرآن بالعلوم الطبيعية".
وذلك أن المعجزة أمر خارق خارج عن طاقة البشر، ولازمه أن لا أحد يستطيع الإتيان بمثله إلى يوم القيامة. أما أن يخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشيء من العلوم الطبيعية، فليس إخباره بإعجاز في ذاته إذ قد علم مثل ما قال اليوم، بل وأكثر. ولكن وجه العجب فيه أنه أخبر بما يستحيل أن يصدر من مثله، فدل على أنه من عليم خبير قد أنبأه.

ثم أشرع في ذكر الضوابط مستهلاً بسؤال مهم جداً في هذا الموضوع، وهو: هل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلم ما دل عليه القرآن من علوم طبيعية أم لا؟
فإن زعمنا جهله لها، قطعنا ببطلان دلالة القرآن عليها، لقوله تعالى: ( ثم إن علينا بيانه ).

فإن قلنا نعم، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلم ذلك كله، كان لازمه الذي لا محيد عنه أنه صلى الله عليه وآله سلم قد بلغ ذلك للصحابة رضي الله عنهم لقوله تعالى: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته ).
فإذا تبين لنا ذلك كان لا بد أن يظهر هذا في كلام الصحابة أو من أخذ عنهم من التابعين فمن بعدهم.
فإذا تقرر ذلك عندنا، تقرر الشرط الأول، ألا وهو أن لا نبتدع تفسيراً لآية لم يقل به ممن قبلنا أحد.

وللتوضيح أذكر قاعدة ذكرها العلامة ابن عثيمين رحمه الله، وهي أن أيّ آية لم يتعرض لها الصحابة بالتأويل فذلك إقرار منهم بأن المراد ظاهرها، وبالتالي هو إجماع منهم على تفسيرها بظاهرها.
ومن ثم يعلم أن أيّ آية تفسر بالعلوم الطبيعية لا بد أن يكون ما فسرناها به هو ظاهرها المتبادر أو أن أحداً من أهل العلم قبلنا أوّلها بما أوّلنا.

مثاله قوله تعالى: ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ) فهو دال بظاهره على وجود حاجز بين البحرين، وهو ما قطع بصحته العلم الحديث.

وبعد هذه القاعدة يتبادر إلى الذهن سؤال مهم، وهو: إن سلمنا بوجود آيات تفسَّر بالعلوم الطبيعية، فهل يدلنا ذلك على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلم ما يعلمه علماء الطبيعة اليوم؟

فالجواب – والله أعلم بالصواب – أن النبي صلى الله عليه وآله سلم كان أمياً كما وصفه الله تعالى في قوله: ( الذين يتبعون الرسول النبي الأميّ ) ومقتضى ذلك أنه لم يكن يعلم تلك العلوم كمعرفة علماء اليوم.
أما معرفته بما كان في القرآن من علوم طبيعية فهي معرفة للمعنى، وما حصل اليوم من علماء الطبيعة أنهم عرفوها معرفة كيفٍ وواقع. فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم مثلاً علم من قول الله تعالى: ( والشمس تجري لمستقر لها ) أن الشمس تتحرك، لكن علماء الفلك اليوم عرفوا كيفية حركتها واتجاهها، وشاهدوا ذلك بأمور حسية، بل وربما عرفوا سبب حركتها وآثارها.
ولعل مما يشبه ذلك معرفتنا اليوم بمعاني الآيات التي تتحدث عن أهوال يوم القيامة، ثم مشاهدتها على الواقع حين حصولها، فمعرفتنا اليوم بالمعاني كمعرفة الرسول بتلك المعاني، ومعرفتنا يوم نرى الواقع كمعرفة العلماء اليوم.

فإذا انتهينا من ذلك تبين لنا أنه شرط مهم لتفسير القرآن بتلك العلوم. ثم نتابع لنذكر الشرط الثاني من شروط تفسير القرآن بالعلوم الطبيعية، ألا وهو: أن يتحمل اللفظ القرآني المعنى العلمي. وذلك بأن يدل عليه دون تكلف أو تعسف.

ولعل هذا الشرط بات اليوم نسياً منسياً ممن يفسرون القرآن بما أسموه "الإعجاز العلمي".
فترى أحدهم يفسر قول الله تعالى: ( ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد، عن اليمين وعن الشمال قعيد ) فيقول: هما الفص الأيمن والفص الأيسر من المخ، يكتبان كل ما يفعله الإنسان. فهل لفظ ( قعيد ) يحتمل معنى فصي المخ؟! سبحانك هذا هذيان مبين!
وترى الآخر يفسر قول الله تعالى: ( ظلمات بعضها فوق بعض ) فيقول: هي ظلمات ألوان، فكلما اخترق الشعاع الأبيض في عمق الماء اختفى لون من ألوانه السبعة حتى يكون ظلاماً. فهل لفظ ( ظلمات ) في سياق الآية يحتمل أن المراد ذات الظلمة؟! يقول تعالى: ( أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض ) فلو كان المقصود ظلمات الألوان لما كان لذكر السحاب معنى، إذ ذلك النوع من الظلمة حاصل بالسحاب ومن غيره.
وهكذا مما يصعب حصره.

والأصل في كل ذلك أن يفسر القرآن بما يدل عليه لفظه ظاهراً، فإن تعذر حمل اللفظ على ظاهره أو دل دليل صحيح على أن الظاهر غير مراد، جاز تأويله، لكن من غير تكلف ولا تعسف.
فمن لم يجد إلى ذلك سبيلاً فليكل العلم إلى قائله، وليستحضر كثرة ما يجهل، وليتهم نفسه، وليسعه ما وسع الأولين.

أما الشرط الثالث من الشروط الواجب توافرها لصحة تفسير القرآن بالعلوم الطبيعية، فهو أن تكون تلك العلوم قطعية معلومة بالحس. وذلك احتياطَ أن تتغير النظريات ويثبت خطأ ما فسر به القرآن، فيكون ذلك مدخلاً للطعن في كتاب الله.

ومن ذلك ما فسر به بعض السابقين قوله تعالى: ( الذي خلق سبع سموات طباقاً ) فقال هي سبع كواكب من كواكب المجموعة الشمسية كانت معروفة في عهده، وكل كوكب منها في سماء. ثم اكتشف اليوم كوكب ثامن، فظهر بطلان ذلك التفسير.
ومن ذلك أيضاً تفسيرهم قوله تعالى: ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ) بأن الحديد نازل من السماء، وليس متكوناً من الأرض كبقية المعادن. وهذه كذلك ظنية يمكن ثبوت خطئها يوماً ما.

فخلاصة المقال: أنه يجب في تفسير القرآن بالعلوم الطبيعية ثلاثة أمور،
الأول: أن يكون هذا التأويل معروفاً عن السابقين، فإما ظاهر أمرُّوه أو تأويل أقرُّوه.
الثاني: أن يحتمل لفظ القرآن هذا المعنى بمقتضى لغة العرب دون تعسف.
الثالث: أن تكون النظرية علماً قطعية الثبوت.
فما اجتمعت فيه هذه الشروط فمقبول، وما تخلف عنه الأول أو الثاني فمردود، وإن تخلف الثالث فمتوقف فيه، وحقيقة التوقف نوع رد، والله أعلم.

وليعلم المسلمون أن كتاب الله غني في إثبات صدقه عن العلوم الطبيعية، لما فيه من النور والهدى، والشرائع الكاملة، والفصاحة البالغة، وغيرها من أوجه الإعجاز التي عدها العلماء.

هذا. والله أعلى وأعلم، والصلاة والسلام على خير من ربى وعلم، وآله وصحبه خير من تربى وتعلم، ومن سار على نهجهم وصلى وسلم.

وكتب أخوكم فيصل القلاف
----------------------------------------
انتهى النقل

يتبع قول العلماء فى هذه المسألة ...

ابن القيم
11-30-2004, 06:51 AM
أقوال العلماء في تفسير القرآن بالإعجاز العلمي والنظريات التجريبية

السؤال : ماحكم الشرع في التفاسير التي تسمى بالتفاسير العلمية؟ ومامدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الامور العلمية التجريبية فقد كثر الجدل حول هذه المسائل ؟؟

الجواب : إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى (أو لم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي ) بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءً منها ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حاراً وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس – إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها .

وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ) على دوران الأرض وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه وتخضع القران الكريم لما يسمونه نظريات علمية وانما هي ظنيات أو وهميات وخيالات .
وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها اصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة لما فيها من القول على الله بلا علم .
و بالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
عضو عضو نائب رئيس اللجنة رئيس اللجنة
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة : 4\145.

49ـ سئل فضيلة الشيخ محمد العثيمين : هل يجوز تفسير القرآن الكريم بالنظريات العلمية الحديثة؟

فأجاب بقوله:
تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته، وذلك إننا إذا فسرنا القرآن بتلك النظريات ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها فمقتضى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام؛ أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك، لكن أعداء الإسلام يتربصون به الدوائر،
ولهذا أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية ولندع هذا الأمر للواقع، إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول القرآن قد أثبته، فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق، والتدبر، يقول الله ـ عز وجل (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (صّ:29) وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم، ثم إنه قد يكون خطراً عظيماً فادحاً في تنزل القرآن عليها، أضرب لهذا مثلاً قوله تعالى )يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) (الرحمن:33)
لما حصل صعود الناس إلى القمر ذهب بعض الناس ليفسر هذه الآية ونزلها على ما حدث وقال: إن المراد بالسلطان العلم، وأنهم بعلمهم نفذوا من أقطار الأرض وتعدوا الجاذبية وهذا خطأ ولا يجوز أن يفسر القرآن به وذلك لأنك إذا فسرت القرآن بمعنى فمقتضى ذلك أنك شهدت بأن الله أراده وهذه شهادة عظيمة ستسأل عنها.
ومن تدبر الآية وجد أن هذا التفسير باطل لأن الآية سيقت في بيان أحوال الناس وما يؤول إليه أمرهم، اقرأ سورة الرحمن تجد أن هذه الآية ذُكرت بعد قوله تعالى: : ()كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)( الرحمن الايات 26 - 28 )

فلنسأل هل هؤلاء القوم نفذوا من أقطار السموات؟

الجواب: لا، والله يقول: (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض) .

ثانياً: هل أرسل عليهم شواظ من نار ونحاس؟

والجواب: لا. إذن فالآية لا يصح أن تفسر بما فسر به هؤلاء، ونقول: إن وصول هؤلاء إلى ما وصولوا إليه هو من العلوم التجريبية التي أدركوها بتجاربهم، أما أن نُحرِّف القرآن لنخضعه للدلالة على هذا فهذا ليس بصحيح ولا يجوز.
المرجع : كتاب العلم للعلامة ابن عثيمين رحمه الله . * *

الشيخ صالح بن فوزان الفوزان :

(( حكم تفسير القران .. بنظريات علمية حديثة .)).

..تحت هذا العنوان كتب فضيلته بمجلة الدعوة [ العدد 1447 الخميس 21 محرم 1415هـ الموافق 30 يونيو 1994] صـ 23 ، وبعد أن لخّص كلاما لشيخ الإسلام ابن تيميه في التفسير :
انتهى ملخص كلام الشيخ في الرد على من فسّر آية في القران بتفسير لم يرد في الكتاب والسنة ،وأنه تفسيرٌ باطلٌ ..

.. وهذا ينطبق اليوم على كثيرٍ من جهّال الكتبة الذين يفسرون القران حسب أفهامهم وآرائهم ..
أو يفسرون القرآن بنظريات حديثة من نظريات الطب أو علم الفلك أو نظريات روّاد الفضاء ويسمّون ذلك: بالإعجاز العلميّ للقرآن الكريم ..

؛ وفي هذا من الخطورة والكذب على الله الشيء الكثير؛ وإن كان بعض أصحابه فعلوه عن حسن نيّة وإظهاراً لمكانة القرآن ..إلاّ أنّ هذا عملٌ لا يجوز ..
قال صلى الله عليه وسلّم : ( من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار .)
.. والقرآن لا يُفسّر إلاّ بالقرآن أو بالسنة أو بقول الصّحابيّ كما هو معلوم عند العلماء المحققين ..
والله الموفق والهادى إلى سواء السبيل
وصلّى الله وسلّم على نبينا محمدٍ وآله وصحبه .

وكذلك قال الشيخ الفوزان فى كتابه ( البيان لأخطاء بعض الكتاب )

يتناقض الكاتب مع نفسه، فيقول‏:‏
‏"‏ لماذا لا نعمل منطقا نجابه به الذين يلحدون بالله وبأسمائه وصفاته بهوى منطقهم المتهافت‏؟‏ لماذا لا نتعلم أساليب الجدل؛ لنكون مؤهلين حقيقة للدفاع عن هذا الدين القيم‏؟‏ لماذا لا ندرس الإعجاز العلمي والتشريعي في القرآن الكريم‏؟‏ ‏"‏‏.‏
فالكاتب اعترف بما نفاه في أول كلامه، وذلك من وجهين‏:‏
أ – اعترف أننا أمام من يلحدون في أسماء الله وصفاته من المعتزلة والأشاعرة وتلاميذهم، وأنهم لم ينقرضوا كما قال سابقا‏.‏
ولكنه يدعوا إلى مواجهتهم والرد عليهم بمنطق الرومان وأساليب اليونان، بدلًا من منهج السنة والقرآن، وبدلا من ردود السلف‏!‏‏!‏ فهذه بزعمه كتب كتبت بلغة لا تُفهم، والمنطق وعلم الجدل أحسن منها‏!‏‏!‏
يا للتناقض العجيب ‏!‏‏!‏ ألم يكن أساس البلاء والوقوع في الضلال في مسائل العقيدة هو ترك منهج الكتاب والسنة، والاعتماد على المنطق والجدل في علم العقيدة‏؟‏ ‏!‏
وإذا كنت في شك من ذلك؛ فراجع كتب‏:‏ ‏"‏ نقض المنطق ‏"‏ لشيخ الإسلام ابن تيمية، و ‏"‏ بيان تلبيس الجهمية ‏"‏ الذي هو ‏"‏ نقض التأسيس ‏"‏، و ‏"‏ درء تعارض العقل والنقل ‏"‏؛ فقد بَيَّن - رحمه الله - في هذه الكتب وغيرها ما جرَّه الاعتماد على منهج أهل المنطق والجدل من ضلال في العقيدة، وكذا ما كتبه غيره في هذا الموضوع‏.‏
ب – قوله‏:‏ ‏"‏ لماذا لا ندرِّس آيات الإعجاز العلمي والتشريعي في القرآن ‏"‏، معناه‏:‏ اعترافه أننا بحاجة إلى دراسة التفسير، لكن لا من مصادره الأصلية التي ألَّفها علماء التفسير المتقدمون ‏!‏‏!‏ وإنما من التفسير العصري المبني على النظريات الحديثة التي هي عرضة للتغيُّر والتناقض، والتي هي عبارة عن تفسير القرآن بالرأي، وهو ما يسمونه ‏(‏الإعجاز العلمي‏)‏، وهو في الحقيقة تخرُّص وقول في القرآن بغير علم‏!‏‏!‏

وقال الشيخ / سعد الحصين حفظه الله :

ولعل أول من وقع في شبهة الاعجاز العلمي في القرآن هو : الغزالي (ت 505 هـ ) في ( احيائه ) اذ إدعى أن اللقرآن يحوي سبعة وسبعين ألف علم ، بعدد كلماته مضاعفة أربع مرات بإدعائه أن لكل كلمة ظاهرا وباطنا وحدا ومطلعا ، وفي كتابه ( جواهر القرآن ) يخصص الفصل الخامس لبيان اشتمال القرآن على جميع العلوم أوالفنون الدنيوية .
وكما فتح الغزالي الباب للخلط بين التصوف والإسلام ؛ فتحه للخلط بين الفكر والفقه في نصوص الوحي ، فجاء من بعده الرازي (ت606) فزاد الطين بلة ثم استفحل الامر فجاء ابن ابي الفضل المرسي (655) فاستخرج الهندسة من قوله تعالى (انطلقوا الى ظل ذي ثلاث شعب ) والجبر والمقابلة من الحروف في اوائل السور مثلا .

من شرح مقدمة التفسير لفضيلة الشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله:

وبعض الناس يتوسع في هذه القضية فإنه يتجرأ في تحميل القرآن ما لا يحتمل من قضايا العلم الحديث مرتكزاً في ذلك على قضية ( لا تنقضي عجائبه أو لا تفنى عجائبه ).
والتفسير العلمي للقرآن: هو من باب التفسير بالرأي لا يُقبَل إلا إذا توفرت فيه الشروط الخمسة السابقة.
[ وهي: أن لا يخالف التفسير المأثور مخالفة تضاد، وأن يناسب السياق والسباق واللحاق، وأن يحتمله اللفظ لغة، وأن لا يخالف أصلاً في الشرع، وأن لا يتذرع به لنصرة بدعة ]
فبعض الناس يأتي ويُدْخِلُ في تفسير الآية ويُحَمِّلُها من المعاني العلمية ما يتنافى مع السياق والسباق، أو ما يخالف مخالفة تضاد ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة، أو ما يَخْرُج باللفظ عن دلالته اللغوية. فهذا تفسير بالرأي المذموم.
ولا يغير واقعَه شيئاً أن يقال: ( إن القرآن لا تنقضي عجائبه ).
لأني أقول: نعم، لا تنقضي عجائبه، ولكنه ليس كتاب علم وليس كتاب جغرافيا ولا كتاب هندسة ولا كتاب طب ولا كتاب جيولوجيا ولا كتاب فلك ولا كتاب أحياء. هو قرآن، كتاب هداية وإعجاز، لا تجد فيه خللاً.
واستنباط ما فيه بالرأي يشترط في قبوله الشروط السابقة في قبول التفسير بالرأي [ وقد مر ذكرها ] ومنه التفسير العلمي.
وتناول القرآن على هذا الأساس بهذه الحيثية [ أي بحيثية التفسير بالعلوم الطبيعية مع مراعاة الشروط الخمسة ] لا بأس به.
مثلاً قوله تعالى: ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ). هذا إشارة إلى حقيقة علمية: أن في ملتقى الأنهار مع البحار برزخ، أي حاجز وفاصل. يقولون في العقيدة ( الحياة البرزخية ) يعني التي تفصل بين الدنيا والآخرة. نقول: هنا حقيقة علمية أشار الله إليها؛ أن ما بين مصب ماء النهر وماء البحر برزخ فاصل بين المائين.
نعم الآن العلم الحديث أثبت هذا، الحمد لله، هذه قضية أوردها الله عز وجل في ثنايا الآية من باب الامتنان وإنعامه على الناس، وبأنه وحده مستحق أن يُعبد دون سواه.
وليس باللازم أن كل حقيقة علمية أو كل معلومة علمية تجد لها في القرآن أصلاً. لا، القرآن لم يوضع لهذا.
إذاً قضية ( لا تفنى عجائبه أو لا تنقضي عجائبه ) هذه القضية مضبوطة في التفسير العلمي بشروط قبول التفسير بالرأي الخمسة [ ومر ذكرها ]. إن لم تتوفر يكون هذا التفسير تفسيراً بالرأي الباطل المذموم.
إذاً ( لا تنقضي عجائبه ) لمن استعمله على الأصول العلمية المعتبرة عند أهل العلم. هذا هو المقصود بقوله: ( لا تنقضي عجائبه ).
فليست القضية متروكة هكذا بدون قواعد وبدون ضوابط، يأتي الإنسان ويُحمِّل القرآن أموراً وأشياء ومعانيَ هي ليست من دلالة لفظه، أو هي ليست مما يناسب سياق الآية، أو هي مما يخالف ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة مخالفة تضاد.
هذا خطأ ولا يصح الارتكاز على قضية ( ولا تنقضي عجائبه ).

انتهى.

محمود عبدالله نجا
12-09-2008, 03:16 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أعتقد أن المهاجمين للاعجاز العلمى لا ينفك هجومهم عن أحد أسباب ثلاثة

1. الحرص على الدين
و لهم الحق فى ذلك لأن هناك الكثيرين ممن تكلموا فى الاعجاز بغير علم
و الى هؤلاء اقول لكم احرصوا مع البحث عن الحقيقة. أما أن نحرص فنقعد عن العمل فهذا ضياع لأمور الدين و خلط للحابل بالنابل. و نحن مأمورون بالتفكر و التدبر فلماذا التفكر و التدبر ان لم يكن هناك جديد يمكن الوصول اليه.
و لا أرى الا أن الحرص الذى لديكم سوف يفوت المصلحة فى ذلك
و كما تجتهدون فى الفقه و العقيدة و غيرها
فاجتهدوا فى كشف سبيل جديد لهداية الكافرين الذين لا يؤمنون الا بالعلم المادى
فسبل الهداية متعددة

(و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)

ألم تلاحظوا أن الاعجاز صار سبيلا للهداية أسأل الله أن يبارك فيه و أن يزيده وضوحا

2. معتقد فى أنه لا اعجاز علمى على الاطلاق
و الى هؤلاء أطلب منهم أن يبينوا لنا كيف سنفسر قول الله تعالى (سنريهم آياتنا فى الأفاق و فى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)
و هل الآية الا المعجزة
فاخبار النبى عن أى أمر علمى فى زماننا أمر معجز
لأنه لا يستطيع أى بشر فى زمن النبى فعل مثل ذلك
و ما الفائدة التى تعود من اخبار النبى عن أمور لم يسأل عنها كمراحل خلق الانسان و مراحل خلق الكون الا ليأتى بمعجزة فى غير زمانه
فيكون القرآن و السنة معجزة كل الأزمان

3. الجهل أعازنا الله منه


فالانسان عدو ما يجهل

و أنا ألاحظ أن أغلب المعترضين على الاعجاز العلمى لا علم لهم بأى علم تتناوله آيات الاعجاز و لا حتى يحاولون التعلم أو الاستماع الى من يعلم فى الطب و الفلك و غيره و بالتالى يسارعون فى نفى كل اعجاز
و انما هو الاعتراض لمجرد الاعتراض و عدم المعرفة بالعلم
و أعتقد أنهم لو صبروا على الاستماع الى أصحاب هذا الفن لانتفعوا ثم نفعوا باذن الله
و ليس عيبا أن تأخذ العلم عمن هو دونك
فهذا هو النبى يستمع الى قول سلمان الفارسى قى بناء الخندق

وصية المهدي
12-09-2008, 09:20 PM
الدكتور الفاضل محمود حفظك الله

أما القسم الأول ممن يتحفظ على ما يعرف بالإعجاز العلمي فهم من أهل العلم الذين لا يرضون أن يكون القرآن مختبر تجارب يفتي كل فيه برأيه ، وخاصة ممن لا يعرف شأنه في علوم القرآن . وكما ذكرت أثابك الله ، فإن هناك من دخل من هذا الباب بغير علم ، وأصبح القرآن عندهم تابعاً للعلم . كما سمح هذا ولللأسف الشديد لبعض المستهزئين بالإسلام أن يتخذه معبراً ينفذ من خلاله ، بل ويا للهول أصبحوا ينشرون استهزائاتهم في مواقع الإعجاز العلمي في القرآن !!!

عدا أن الضوابط الموضوعة في الإعجاز العلمي لا يتم الإلتزام بها . فما أسهل أن تجد موقعاً يخصص صفحة لضوابط الإعجاز ، ثم تراه يعرض ما يخالفها في صفحات أخرى !!! وكأن تلك الضوابط التي توافق عليها عديد من أهل العلم لا قيمة لها . فلا عجب لهؤلاء العلماء أن يتحفظوا عليه ما دام يسير على هذا النحو .

حفظكم الله ورعاكم .

محمود عبدالله نجا
12-10-2008, 12:55 PM
أخى وصية المهدى
السلام عليكم و رحمة الله
زادكم الله نفعا و حرصا على مصلحة الدين

أولا أن متفق معك على ما قلت و لكننا نريد حلا حتى نستفيد من الاعجاز لا أن نتركه لأجل عيون المدلسين و الوضاعين المنتسبين بغير حق الى أهل الاعجاز
و لو تركنا علم الحديث لأجل المدلسين و الوضاعين نترك علم الاعجاز العلمى

و حتى ابين لك أهمية الاعجاز العلمى يكفينى أن أقول لك أنه محارب و مراقب من أجهزة أمن الدول و خصوصا أمريكا التى تقول بأن الاعجاز يجعل المسلمين يظنون أنهم أفضل خلق الله على الأرض و أنهم شعب الله المختار
و اذا لم تكن تصدقنى فلك أن تراسل الشيخ د. عبد المجيد الزندانى و تسأله عن ذلك و موقعه على النت هو (جامعة الايمان)

أيضا ما من مناظرة تتم بين مسلم و غير مسلم الا و للمعجزة فيها دور كبير فالذى يستطيع أن يأتى بمعجزة له الغلبة و طالما أن كل أديان الأرض سوى الاسلام و كل الملحدين لا يملكون معجزة, وجب علينا نحن أن نأتى بالمعجزة.
و لا نستطيع أن نقدم للعالم معجزة مادية الآن الا القرآن و اعلم أن كفى به نعمة و لكن لأصحاب العقول السوية
أما الجهال الذين لا يعرفون العربية و قواعد اللغة و حسن البيان فان لهم فى الثابت الصحيح من الاعجاز العلمى المعجزة التى ينشدون و القادرة على حسم النقاش باذن الله, فاما أسلموا و اما ألزمناهم الحجة بالحكمة و الموعظة الحسنة

و الحل كما أراه و الله أعلم فى النقاط التالية

1. أن يدخل العلماء المعترضون بكل ثقلهم فى فحص المنشور من الاعجاز العلمى و تحقيقه بما يرضى الله لا أن يحجموا و يرفضوا فالله سائلهم عما علموا يوم القيامة
2. انشاء موقع عالمى معلن عنه يتم نشر الأبحاث المقبولة علميا فيه و نقد الأبحاث الغير مقبولة حتى يتبين للناس الحق
3. انشاء مجلة أسبوعية أو شهرية بسعر بسيط تدعم الموقع بحيث توزع عالميا بحيث يستفيد منها من لا يجيد الكمبيوتر
4. انشاء قناة فضائية لنفس الهدف على أن لا تتناول الا قضايا الاعجاز
5. عمل مؤتمرات دورية و دولية نظهر بها الصحيح و نرد الضعيف و نعرف بأهمية الاعجاز و قواعد العمل فيه
6. أن ندعو المدلسين و الوضاعين الى مناظرات علمية حول مواضيعهم التى يرون أنها اعجاز علمى

و لأنى اعلم أن النقاط السابقة صعبة و مكلفة و للأسف فان أمة الاسلام لا تحب الا السهل اليسير فلم يبقى لنا على الأقل الا أن نفعل النصيحة الآتية

أناشد كل قراء الاعجاز اذا ظنوا فى مقالة علمية أن بها خطأ ما أن يراسلوا صاحب المقالة و يبينوا له هذا الخطأ فربما صحح لهم فهمهم أو ألزموه الحجة فلا يعود الى مقالته ثانية
وبذلك يخاف كتاب الاعجاز من النقد طالما أن بعضهم لا يخاف الله
و بهذا يفكرون ألف مرة قبل نشر أى كلمة لأنهم على علم بأن هناك من يرقب اقوالهم

و لكن أرجو أن لا نتطاول على العلماء بحجة الدفاع عن الاسلام
فهدفنا توحيد الصف و ليس تقطيعه

اذا تحققت هذه الأمور فأعتقد أننا سوف نحاصر المدلسين و الوضاعين و سوف نعلى من قيمة الاعجاز العلمى و قيمة العاملين فيه لأنننا فى زمان الاعجاز العلمى و ما أحوجنا الى المعجزة لمواجهة أهل الباطل

أسامة كنعان
12-10-2008, 03:27 PM
ليس الإعجاز العلمي فقط ..

فالقرآن منظومة شاملة كاملة متكاملة صور الإعجاز فيها لا تنتهي ولا تتوقف

لي عودة إذا وفق الله

تحياتي

محمود عبدالله نجا
12-12-2008, 03:47 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

و أنا أتجول بين مواضيع الحوار فى منتدى التوحيد, وجدت من يحاول أن يلصق الاعجاز العددى بالاعجاز العلمى, فهل للاعجاز العددى مكانة تذكر الآن؟

من وجهة نظرى ليست له مكانة تذكر حتى الآن و ذلك للأسباب الاتية:

1. اختلاف العلماء حول البسملة, هل هى آية معدودة من القرآن أم لا
و بالتالى الأرقام تختلف بخلاف من يعد البسملة آية و من لا يعدها آية (من عدد الايات و الكلمات و الأحرف)

2. لا يوجد حتى الآن من يستطيع أن يخبرنا بترتيب حروف اللغة العربية بدليل مرفوع الى النبى او موقوف على الصحابة
و بالتالى لا يمكن اعطاء كل حرف رقم معين بدليل نعلمه عن النبى أو الصحابة
و بالتالى فحساب الجمل الموجود الآن لا يستند الى دليل ليعطى كل حرف رقم معين
فاذا كان اساس العلم غير موثق فكيف نوثق النتائج

3. لا توجد قاعدة ثابتة تتطبق على كل آيات القرآن بل قواعد عديدة تختلف من بحث الى آخر باختلاف موضوع البحث

4. الغرض من الاعجاز هو دعوة غير المسلم الى الاسلام بالمعجزة التى تثبت أن القرآن من عند الله و حده
و غرض الاعجاز العددى هو اثبات أن القرآن لم يحرف و أنه من عند الله
فاذا افترضنا جدلا أن شخص ما بدل حرف مكان حرف فى القرآن أو غير من تشكيل الحرف

فهل يمكن للاعجاز العددى أن يأتى حتى الان بقاعدة ثابتة و متواترة تكشف هذا التحريف

بالطبع لا

و يبقى اكتشاف التحريف بمقارنة ما هو محرف بما هو متواتر و محفوظ فى الصدور نقلا عن العدول من سلف الأمة عن النبى صلى الله عليه و سلم عن جبريل عن رب العزة