المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ●۩●نــــُخبة الأحاديث في أهمية علم الحديث●۩●



المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-01-2012, 12:12 AM
الحمدلله رب العالمين ومنار الجنة سبيلاً للمحدثين العارفين:

قال سفيان الثوري:"لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ"

لو يقف المتأمل على هذه الجملة لأدرك ان الحديث يعتبر من لوازم التاريخ وان التاريخ يعتبر من أدوات علم الحديث. يجمع في قلبي حب التاريخ وحب الحديث وهما شيءٌ واحد.

ففي هذا الموضوع سوف اسرد بعون الله أهمية علماء الحديث وعلم الحديث عن سائر العلوم.
فالمحدث له اعلى مرتبة فالمحدث يستطيع ان يتقن الفقه والتفسير والعلوم المختلفة.
فيستطيع ان يكون المحدث فقيهاً ولكن لا يستطيع ان يكون الفقيه محدثاً.
ويستطيع ان يكون المحدث مفسراً ولكن لا يستطيع المفسر ان يكون محدثاً.

ومن الاهمية توضيح اهمية الحديث في دحر الملاحدة واي زنديق عربيد لا يعرف حق نفسه ولا حق ربه.

وانقل ما قاله حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما:
((كنا إذا قال الرجل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرأبت إليه أعناقنا,وأصغينا إليه بآذاننا، وابتدرته أبصارنا، أما وقد ركب الناس الصعب والذلول, فلم نأخذ من الحديث إلا ما نعرف)).


وكان الإمام الشافعي -رحمه الله وطيب ثراه - يقول: ((لولا أهل المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر)). -يشير إلى فضل أهل الحديث-

وإضاف ناقلة بأن أهل الجرح والتعديل والعلل كانوا بمثابة الحصن الحصين للتعرف على الرواة والحفاظ على المرويات حتى أنه قيل ليحيى القطان ألا تخاف أن يكون من تتكلم فيهم – أي بالجرح – خصمائك أمام الله ، فقال: ((لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلى من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خصمي ويقول لي لما لم تذب الكذب عن سنتي)) .

يتبع بإذن الله.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-01-2012, 10:06 PM
قال شيخنا المحدث العلامة محمد الأثيوبي:
لَمَّا حَمَى اللَّهُ الكِتَابَ المُنْزَلاَ * عن أن يُزَادَ فيه أوْ: يُبَـدَّلا
أَخَذَ أَقْــوَامٌ يزيدون عَلَى* أخْبَارِ مَـن أَرْسَلَـهُ لِيَفْصِلاَ
فَـأَنشـأ اللَّهُ حُماةَ الدِّين * مُميِّزِيـن الغـثَّ عـن سَمينِ
قَـدْ أيَّـدَ اللهُ بِهِمْ أعْصارَا * وَ نَـوَّرُوا البِلاَدَ، والأَمْصارا
وَحَرَسُوا الأرضَ كَأمْلاكِ السّمَا*أكْرِمْ بِفُرْسَانٍ يَجُولُونَ الحِمى
وقال سـفيان: الملائكةُ قَدْ * حرَسَتِ السَّمَاءَ عن طَاغٍ مَـرَدْ
وَحَرَسَ الأَرضَ رُوَاةُ الخَبَرِ * عَنْ كُلِّ مَـنْ لِكَيْدِ شَرْعٍ يَفْتَرِي
وابـن زُرَيْعٍ قَال قَوْلاً يُعْتَبَرْ * لِكـُلِّ دِينٍ جَاء فُرْسَانٌ غُرَرْ
فُرْسَانُ هَذَا الدّين أصْحاب السَّنَدْ* فَاسْلك سَبيلَهم فإنه الرَّشدْ

قال أحمد بن صالح المصري: ((معرفة الحديث بمنزلة الذهب و الشبه فان الجوهر انما يعرفه أهله ، و ليس للبصير فيه حجة اذا قيل له: كيف قلت: ان هذا الجيد و الرديء))

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-04-2012, 12:51 AM
قال الخطيب البغدادي

((ليس أحد من أهل الحديث يحابي في الحديث أباه ، ولا أخاه ، ولا ولده . وهذا علي بن عبد الله المديني ، وهو إمام الحديث في عصره ، لا يروى عنه حرف في تقوية أبيه بل يروى عنه ضد ذلك)).

وقال الذهبي: ((الكلام في الرواة يحتاج إلى ورع تام ، وبراءة من الهوى والميل ، وخبرة كاملة بالحديث وعلله ورجاله)).

وقال الشيخ المعلمي اليماني: ((أئمة الحديث عارفون متيقظون يتحرزون من الخطأ جهدهم ، لكنهم متفاوتون في ذلك)).

وقال أبو حاتم الرازي: ((لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا في هذه الأمة)).
فقال له رجل : يا أبا حاتم ربما رووا حديثا لا أصل له ولا يصح ؟
فقال: ((علماؤهم يعرفون الصحيح من السقيم ، فروايتهم ذلك للمعرفة ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها ، ثم قال أبوحاتم رحم الله أبا زرعة ، كان والله مجتهدا في حفظ آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم)).

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-05-2012, 01:56 AM
علمُ الحديث من أدق العلومِ الناقدة ، وهو في غاية الأهمية وبهِ يميزُ هذا الدين الجليل العظيم .

قال أبو شامة المقدسي في "مختصر المؤمل" (ص55) : «وأئمةُ الحديثِ هم المعتبَرون القُدْوةُ في فنِّهم؛ فوجَبَ الرجوعُ إليهم في ذلك، وعَرْضُ آراءِ الفقهاءِ على السننِ والآثارِ الصَّحيحة؛ فما ساعَدَهُ الأَثَرُ فهو المعتبَرُ، وإلا فلا نُبْطِلُ الخَبَرَ بالرأي، ولا نضَعِّفه إنْ كان على خلافِ وُجُوهِ الضَّعْفِ من علل الحديثِ المعروفةِ عند أهله، أو بإجماعِ الكافَّةِ على خلافه؛ فقد يَظْهَرُ ضَعْفُ الحديثِ وقد يخفى. وأقربُ ما يُؤْمَرُ به في ذلك : أنك إذا رأيتَ حديثًا خارجًا عن دواوينِ الإسلام - كالموطَّأ، ومسند أحمد، والصَّحيحَيْنِ، وسنن أبي داود، والترمذي، والنَّسَائي، ونحوها مما تقدَّم ذكرُه ومما لم نذكُرْهُ - فانظُرْ فيه: فإنْ كان له نظيرٌ في الصحاح والحسان قَرُبَ أَمْرُهُ، وإنْ رأيتَهُ يُبَايِنُ الأصولَ وارتَبْتَ به فتأمَّلْ رجالَ إسناده، واعتبِرْ أحوالَهُمْ مِنَ الكُتُبِ المصنَّفَة في ذلك. وأصعبُ الأحوال : أن يكونَ رجالُ الإسنادِ كلُّهم ثقات، ويكونَ متنُ الحديثِ موضوعًا عليهم، أو مقلوبًا، أو قد جرى فيه تدليسٌ، ولا يَعْرِفُ هذا إلا النُّقَّادُ من علماء الحديث ؛ فإنْ كنتَ مِنْ أهله فَبِهِ، وإلا فاسألْ عنه أهلَهُ» .

وقال ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي" (2/894) : «أَمَّا أهلُ العلمِ والمعرفة، والسُّنَّةِ والجماعة، فإنَّما يَذْكُرون عِلَلَ الحديثِ نصيحةً لِلدِّين، وحفظًا لسنَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وصيانةً لها، وتمييزًا مما يَدْخُلُ على رواتها من الغَلَطِ والسَّهْوِ والوَهَمِ، ولا يوجبُ ذلك عندهم طَعْنًا في غير الأحاديث المُعَلَّة، بل تَقْوَى بذلك الأحاديثُ السليمةُ عندهم؛ لبراءتها من العلل، وسلامتها من الآفات، فهؤلاءِ هم العارفونَ بِسُنَّةِ رسول الله حَقًّا، وهم النقَّاد الجَهابذةُ الذين ينتقدون انتقادَ الصيرفيِّ الحاذقِ للنَّقْدِ البَهْرَج من الخالص، وانتقادَ الجوهريِّ الحاذق للجوهر مما دُلِّسَ به».

أهل الحديث
06-05-2012, 10:17 PM
بارك الله فيكِ أختنا وصدقَ من قال لا يحيطُ بهذا العلم إلا من أتاهُ الله حظاً من العلم والصبر ودقةٍ في النظر والتدقيق في الألفاظ والأحاديث .

فقد نالتْ رُكَبُنا حظها من الجلوسِ إلي المشيخة .

أهل الحديث
06-05-2012, 10:43 PM
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?34134-الأهمية-الدقيقة-لعلم-((-العلل-))-وإعتناء-المحدثين-بالحديث

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-06-2012, 12:16 AM
بارك الله فيكِ أختنا وصدقَ من قال لا يحيطُ بهذا العلم إلا من أتاهُ الله حظاً من العلم والصبر ودقةٍ في النظر والتدقيق في الألفاظ والأحاديث .

فقد نالتْ رُكَبُنا حظها من الجلوسِ إلي المشيخة .

اي والله استاذنا الكريم هو كما تفضلت وراق لي ما في توفيعك
يقول عبد الرحمن بن مهدي : ((لان أعرف علة حديث واحد أحب الي من أن أستفيد عشرة أحاديث)) .
و يزيد هذا العلم أهمية أنه من أشد العلوم غموضا ، فلا يدركه الا من رزق سعة الرواية ، و كان مع ذلك حاد الذهن ثاقب الفهم دقيق النظر ، واسع المران .
قال أحمد بن صالح المصري : ((معرفة الحديث بمنزلة الذهب و الشبه فان الجوهر انما يعرفه أهله ، و ليس للبصير فيه حجة اذا قيل له: كيف قلت: ان هذا الجيد و الرديء))

حاد الذهن
ثاقب الفهم
دقيق النظر
واسع المران

ذكرتني هذه الاوصاف بقول الشافعي طيب الله ثراه حين قال:
" رضى الناس غاية لا تدرك فعليك بما يصلحك فالزمه ،
فإنه لا سبيل إلى رضاهم ،
واعلم أن من تعلم القرآن جل في عيون الناس ،
ومن تعلم الحديث قويت حجته ، ومن تعلم النحو هيب ،
ومن تعلم العربية رق طبعه ، ومن تعلم الحساب جل رأيه ،
ومن تعلم الفقه نبل قدره ، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه وملاك ذلك كله التقوى " .

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-06-2012, 01:35 AM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سلماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأئمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنّة أهل الإسلام والسنة يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والمقيم. وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم نقولات يأثرونها بغير إسناد وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل. وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من المين كما يظهر الصبح لذي عينين [مجموع الفتاوى: 1/9.]

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-07-2012, 12:02 AM
قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه :
بَاب الْحِرْصِ عَلَى الْحَدِيثِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو وعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ .

وايضاً علمُ الحديث من أدق العلومِ الناقدة ، وهو في غاية الأهمية وبهِ يميزُ هذا الدين الجليل العظيم .

قال أبو شامة المقدسي في "مختصر المؤمل" (ص55) : «وأئمةُ الحديثِ هم المعتبَرون القُدْوةُ في فنِّهم؛ فوجَبَ الرجوعُ إليهم في ذلك، وعَرْضُ آراءِ الفقهاءِ على السننِ والآثارِ الصَّحيحة؛ فما ساعَدَهُ الأَثَرُ فهو المعتبَرُ، وإلا فلا نُبْطِلُ الخَبَرَ بالرأي، ولا نضَعِّفه إنْ كان على خلافِ وُجُوهِ الضَّعْفِ من علل الحديثِ المعروفةِ عند أهله، أو بإجماعِ الكافَّةِ على خلافه؛ فقد يَظْهَرُ ضَعْفُ الحديثِ وقد يخفى. وأقربُ ما يُؤْمَرُ به في ذلك : أنك إذا رأيتَ حديثًا خارجًا عن دواوينِ الإسلام - كالموطَّأ، ومسند أحمد، والصَّحيحَيْنِ، وسنن أبي داود، والترمذي، والنَّسَائي، ونحوها مما تقدَّم ذكرُه ومما لم نذكُرْهُ - فانظُرْ فيه: فإنْ كان له نظيرٌ في الصحاح والحسان قَرُبَ أَمْرُهُ، وإنْ رأيتَهُ يُبَايِنُ الأصولَ وارتَبْتَ به فتأمَّلْ رجالَ إسناده، واعتبِرْ أحوالَهُمْ مِنَ الكُتُبِ المصنَّفَة في ذلك. وأصعبُ الأحوال : أن يكونَ رجالُ الإسنادِ كلُّهم ثقات، ويكونَ متنُ الحديثِ موضوعًا عليهم، أو مقلوبًا، أو قد جرى فيه تدليسٌ، ولا يَعْرِفُ هذا إلا النُّقَّادُ من علماء الحديث ؛ فإنْ كنتَ مِنْ أهله فَبِهِ، وإلا فاسألْ عنه أهلَهُ» .
وقال ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي" (2/894) : «أَمَّا أهلُ العلمِ والمعرفة، والسُّنَّةِ والجماعة، فإنَّما يَذْكُرون عِلَلَ الحديثِ نصيحةً لِلدِّين، وحفظًا لسنَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وصيانةً لها، وتمييزًا مما يَدْخُلُ على رواتها من الغَلَطِ والسَّهْوِ والوَهَمِ، ولا يوجبُ ذلك عندهم طَعْنًا في غير الأحاديث المُعَلَّة، بل تَقْوَى بذلك الأحاديثُ السليمةُ عندهم؛ لبراءتها من العلل، وسلامتها من الآفات، فهؤلاءِ هم العارفونَ بِسُنَّةِ رسول الله حَقًّا، وهم النقَّاد الجَهابذةُ الذين ينتقدون انتقادَ الصيرفيِّ الحاذقِ للنَّقْدِ البَهْرَج من الخالص، وانتقادَ الجوهريِّ الحاذق للجوهر مما دُلِّسَ به».

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-07-2012, 09:13 PM
قال ابن العميد:
(ما كنت أظن في الدنيا حلاوة كحلاوة الوزارة أو: الرياسة التي أنا فيها، حتى شاهدت مذاكرة الطبراني وأبي بكر الجعابي بحضرتي، وكان الطبراني يغلبه بكثرة حفظه، وكان أبـو بكر يغلبه بفطنته حتى ارتفعت أصواتهما، إلى أن قال الجعابي: (عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي)، فقال: (هات)، قال:
(حدثنا أبو خليفة أنا[1] سليمان بن أيوب) و(حدث بحديث)، فقال الطبراني: (أنا سليمان بن أيوب ومني سمعه أبـو خليفة، فاسمعه مني عالياً)، فخجل الجعابي[2]، فوددت أن الوزارة لم تكن، وكنت أنا الطبراني، وفرحت كفرحه)[3].
قيل لأبي جعفر المنصور-الخليفة العباسي-: (يا أمير المؤمنين، هل بقي شيء من اللذات لم تنله؟ قال: شيء واحد، قالوا: وما هو؟ قال: قول المحدث للشيخ: من ذكرت رحمك الله، فاجتمع وزراؤه وكتابه، وجلسوا حوله، وقالوا: ليُمل علينا أمير المؤمنين شيئاً من الحديث، فقال: لستُ منهم، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، رواد الآفاق، وقُطاع المسافات، تارة بالعراق، وتارة بالحجاز، وتارة بالشام، وتارة باليمن، فهؤلاء نقلة الحديث)[4].
نعم، أهل الحديث: (آثروا قطع المفاوز والقفار، على التنعُّم في الدّمن والأوطار، وتنعّموا بالبؤس في الأسفار مع مساكنة أهل العلم والأخبار، وقنعوا عند جمع الأحاديث والآثار، بوجود الكسر والأطمار. جعلوا المساجد بيوتهم، وأساطينها تكاياتهم، وبواريها فرشهم، نبذوا الدنيا بأسرها وراءهم، وجعلوا غذاءهم الكتابة، وسمرهم المعارضة، واسترواحهم المذاكرة، وخَلُوقهم المداد، ونومهم السهاد)[5].
__________________________________________________ ________


[1]-أنا: رمز إلى (أخبرنا). انظر: (معجم علوم الحديث النبوي) (ص:53\رقم:114).

[2]-انظر: (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام) (8/146).

[3]-انظر: (السير) (16/124)، و(تهذيب التهذيب) (1/183)، و(شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل) (1/6)، انتهى من كتابي: (إتحاف الطالب...) (ص:846).

[4]-انظر: (البداية والنهاية) (1\125\126)، و(صور من صبر العلماء) (ص:30).

[5]-كما في: (معرفة علوم الحديث) (ص:3/4). أما النسخة التي عندي داخل زنزانتي الانفرادية ففيها اختلاف كبير في المضمون... (ص:109) تحقيق: أحمد بن فارس.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-08-2012, 09:24 PM
قال الشاعر الهمام:

فـرحم الإلهُ أصحــابَ السنَنْ * التَمَـسوا الحق من الوَجْهِ الحََسنْ
تَقَــرَّبُوا إليــه باتبـاع مَـنْ * مِنْهاجــُهُ خَيْرُ طَريقٍ وسَنَـنْ
و طـَلبوا أخبـاره فغرَّبــوا * و شـرقوا براً وبحـراً ركـــبُوا
ونقَّـرُوا عنـها إلى أن يتضـحْ * صحيحـها من السقيم المفتـضحْ
و ناسـخٌ من عكسه و من عَدَلْ * عنـها برأيه السَّخيـفِ المُبْتَـذَلْ
فنَبَّـهوا عـليه حتـى نجـمـا * الحـقُّ بعـد كَوْنِـهِ قـد أحجَمَا
وانقـاد للسُّـنَّة من قد أعرضـا * و انتَـبَهَ الغافـل حتـى انتهضا
وعـابَهُمْ بغيـر علمـٍ جاهـلُ * لحمْلِهِمْ ذا الضَّعفِ فهـو باطِـلُ
كـذاك للـغـريب لكـن لهـمُ * بحمـلـهم لذيْـن سِرٌّ ناجِمُ
وَ ذَاك تميـيزٌ لمـا صَـحَّ و مـا * سَقِـمَ كَيْ يَعْلَمَه ذوُو العَـمى
ومَـرَّ أحمدُ علـى أهـل الأثـرْ * يُـقـابلُون كُتْبَهُـم لِتُعْتَبـَرْ
فقـال: مـا أحْسِـبُهُم إلاَّ وَفَـا * عليـهمُ قـولُ النبـيِّ المُقتَفِى
حيـث يقولُ: لاتـزالُ طـائفـَهْ * مـن أمـتي حتى تجئ الآزفهْ
وَمَـن أحَقُّ منهمُ بذا الشَّــرَفْ * قَدْ فارَقُـوا أهْلاً و مَالاً وغُرَفْ
و قَنِعُوا بالكَسـْرِ و الأطْمـَـارِ * فـي طَلَـبِ السُّنَنِ و الآثـارِ
فهـم يَجولُون البـراري والقِفارْ * و لا يُبالُـون بِبـُؤْسٍ و افْتِقَارْ
مُتَّبِعـِينَ هَـدْيَ خَيْـرِ الخَلْـقِ * ومُرْشِـدِ الكـلِّ لديـنِ الحـقِّ
فَهُـمْ يَرُدُّون افتـراءَ المفتـري * على خِتَام الرسْلِ صافِي الخبَـرِ
صلـى عليه الله مـا دام الأثَـرْ * و أهْـلُهُ الأعْلَوْنَ من بين البَشَرِ

أهل الحديث
06-09-2012, 07:47 AM
بارك الله فيكم وقد رأيتُ موضوعكم المُبارك في المجلس العلمي ، أنصحُ كذلك أن تستفيدي من الأخوة هناك .

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-09-2012, 11:04 PM
بارك الله فيكم وقد رأيتُ موضوعكم المُبارك في المجلس العلمي ، أنصحُ كذلك أن تستفيدي من الأخوة هناك .

^_^
المجلس العلمي لم يروق لي وانا احاول الاستفادة من بعيد واحب اكمل مواضيعي فإن لم يكن هناك فهنا او في اي مكان اخر المهم اكمل.
وشكرالله لكم علي الاشارة ونسأل الله ان نصل الى ما نريد.
شكراً لكم.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-09-2012, 11:10 PM
قال الشهرستاني (الملل والنحل) (1\206): ("وإنما سموا أصحاب الحديث"؛ لأن عنايتهم بتحصيل الأحاديث، ونقل الأخبار، وبناء الأحكام على النصوص، ولا يرجعون إلى القياس الجلي والخفي ما وجدوا خبراً أو: أثراً).
وقال اللالكائي في (شرح أصول الاعتقاد) (1\22\24): (فمن اقتصر على هذه الآثار كان من المتبعين، وكان أولاهم بهذا الاسم، وأحقَّهم بهذا الوسم، وأخصَّهم بهذا الرسم: "أصحاب الحديث"...).

قال الإمام أبو حنيفة-رحمه الله-: (إذا صح الحديث فهو مذهبي)
(إذا صح الحديث-وكان على خلاف المذهب عمل بالحديث، ويكون ذلك مذهبه ولا يخرج مقلده عن كونه حنفياً بالعمل به فقد صح عن أبي حنيفة أنه قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي). انظر: (إيقاظ الهمم) (ص:62)، و(صفة الصلاة) للمحدث الألباني (ص:22).
وقال أيضاً: (لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه). وفي رواية: (حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي)، زاد في رواية: (فإننا بشر نقول القول اليوم، ونرجع عنه غداً). وفي أخرى: (ويحك يا يعقوب! "وهو أبو يوسف" لا تكتب كل ما تسمع مني، فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غداً، وأرى الرأي غداً وأتركه بعد غد).
وقال أيضاً: (إذا قلت قولاً يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فاتركوا قولي).

قال الإمام مالك-رحمه الله-: (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه). وفي رواية أنه قال: (ليس أحد بعد النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-إلا ويؤخذ من قوله ويترك، إلا النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم).

أهل الحديث
06-10-2012, 05:32 AM
لم يروق لكِ !!

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-11-2012, 04:42 AM
لم يروق لكِ !!
نعم لم يروق لي ولأسباب فيك تسأل ادارة المجلس اذا بتحب.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-11-2012, 04:46 AM
قال العلامة صديق حسن خان في كتابه القيم (الحطة في ذكر الصحاح الستة) (ص:86): وللخطيب أبي بكر-أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي، أبو بكر[1]-:
إن علم الحديث علمُ رجال * تـركوا الإبتداعَ للإتبـاع
فإذا جن[2] ليلهمْ كتبـوه * وإذا أصبحوا غدوا للسماع[3]
وصدق من قال:
أهل الحديث طويلة أعمارهم * ووجوههم بدُعا النبي منضرة
وسمعت من بعض المشايخ أنهم * أرزاقهم أيضاً به متكثـرة[4]
وقال أبو العباس العزفي:
أهل الحديث عصابة الحق * فازوا بدعوة سيد الخلـق
فوجوههم زُهْـرٌ منضرة * لألاؤها كـتألـق البـرق
يا ليتني معهم فيدركنـي * ما أدركوه بها مـن السبق
وهذا عَلَمُ الجرح والتعديل ابن معين يقول: (إني لأحدث بالحديث، فأسهر لـه مخافة أن أكون قد أخطأت فيه)[5].
_________________________________
[1]-انظر ترجمته في (التذكرة) (3/1135)، و(المنتظم) (8/265)، و(البداية والنهاية) (2/101). والصحيح أن الأبيات ليست للخطيب بل: هي للحافظ أبي طاهر السلفي أحمد بن محمد بن إبراهيم (ت:576 هـ).

[2]-أي: اشتد ظلامه.

[3]-كما في: (تاريخ إربل) (1/415) لابن المستوفي، و(السير) (21/36)، و(تذكرة الحفاظ) للذهبي (4/1303/رقم:1082)، ترجمة الحافظ السلفي، و(الوافي) (7/353) للصفدي، و(إسبال المطر) (679) للصنعاني، و(الإلزامات والتتبع) (ص:64). للدارقطني. تحقيق: الشيخ مُقبل-رحمه الله-..

[4]-انظر: (الأحاديث التي حسنها أبو عيسى الترمذي وانفرد بإخراجها عن أصحاب الكتب الستة) (ص:8). تأليف: عبد الرحمن بن صالح محيي الدين.

[5]-كما في: (تاريخ بغداد) (14/184)، و(الجامع: 100)، و(تاريخ دمشق)(101)، و(تهذيب الكمال) (760). و(يحيى بن معين في تاريخه) (1/54/55).

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-11-2012, 04:16 PM
ومما قيل في مدح أصحاب الحديث نظماً ما قاله العلامة محمد بن المديني-رحمه الله-(من الطويل):
أحَقُّ أُنــاسٍ يُسْتَضاءُ بِهَدْيهم * أَئِمَّةُ أَصْحابِ الحديثِ الأفَاضِلِ
خَلائِفُ أصْحابِ الحديث ذَوُو الحِمَى * لَهُمْ رُتَبٌ عَليا وأَسْنَى الفَضائِلِ
فَلَوْلاَهُمُ لَمْ يَعْرِفِ الشَّرْعَ عَالِمٌ * ولَمْ تَكُ فَتْوَى في فُنُونِ المَسَائلِ
وَهَلْ نَشَرَ الآثَارَ قَوْمٌ سِوَاهُمُ * نَعَمْ حَفِظُوهَا ناقِـلاً بَعْدَ ناقِلِ
فَدَيْـتُْهُمُ مِنْ عُصْبَةٍ عَلَمِ الهُدَى * لَقَدْ أحْرَزُوا فَضْلاً عَلَى كُلِّ فَاضِلِ
هُمُ القَوْمُ لا يَشْقى لَعَمْري جَلِيسُهُم * فَمَنْ فَاتهُم يَحْظَى بغيْرِ الفضائلِ

ومنها: ما قاله السيد المرتضى الواسطي: (من البسيط):
عِلْمُ الحديثِ شَريفٌ لَيْسَ يُدْرِكُهُ
إلاَّ الذي فارَقَ الأوْطانَ مُغْتَرِبا
وجاهَدَ النَّفْسَ فِي تَحْصِيلِه فَغَدَا
يَجْتَابُ بَحْراً وفي الأوْعَار مُضْطَرِبا
يَلْقَى الشُّيُوخ وَيَرْوي عَنْهمُ سَندَا
وَ حَافِظٌ مَا روَى عَنْهُم ومـا كَتَبا
ذَاكَ الذِي فازَ بالحُسْنَى وتَمَّ لَهُ
حَـظُّ السَّعادةِ مَوْهوباً ومُكْتَسَبا
طُوبى لمن كَان هَذا العِلْمُ صَاحِبَهُ
لَقَدْ نَفَى اللهُ عَنْهُ الهَمَّ والوَصَبَا

ومنها: ما قاله بعضهم وأجاد (من البسيط أيضاً):
أَصَحُّ ما قيل بَعْدَ الذِّكْرِ منْ خَبَر
حَدِيثُ خَيْرِ البرايا سَيِّدُ البَشَرِ
أعْظِم بِهِ هادِياً زَكَّاهُ خالِقُهُ
بِالْعَدْلِ وَالفَضْلِ والآياتِ والسُّوَرِ
فَلَوْ تَمَسَّكَ خَلْقُ اللهِ أجْمَعُهُم
بلفظةٍ مِنْهُ نَـالوا أشْـرَفَ الـوَطَرِ
هذا هوَ العِلْمُ والبَحْرُ الذي سَعِدَتْ
غُـواصُهُ بِأَعَـالي جَوْهَـرِ الدُّرَرِ
تُشْفَى الصدورُ بِهِ حَقاً وخادِمُه
يَـوْمَ الْوُرُودِ تَـراهُ فـازَ بالصَّدَر
تُلْقي مَلائِكَةُ الرَّحْمنِ أجْنِحَةً
لَهُ إذا سَار هَذا أفْخَرُ البُشَرِ
يَسْتَغْفِرُ اللهَ حِيتانُ البِحارِ لِمَنْ
يَرْعاهُ بالفَهْمِ لَوْ وَقْتاً مِنَ العُمُرِ
الفضْلُ لِلهِ هذا نُورُ مَنْ شَرَقَتْ
لَهُ البَشَـائِرُ فِـي الآفاقِ بِالْبُشَرِ
صلى عَلَيْهِ إلـهُ العَرْشِ مَا صَدَحَتْ
وُرْقٌ عَلَى فَنَنِ الأغْصَانِ والشَّجَرِ

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-12-2012, 07:32 PM
وقد قال الحافظ أبو علي الغساني في كتاب شرف المحدثين وقد خص الله تعالى هذه الأمة بثلاثة اشياء لم يعطها من قبلها

الإسناد
والإعراب
والأنساب

قال ابن سيرين رحمه الله: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثه

قال الشافعي: مثل الذي يطلب العلم بلا إسناد مثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب فيها أفعى تلدغه وهو لا يدري

وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأي سلاح يقاتل

وقال يزيد بن زريع: لكل دين فرسان وفرسان هذه الدين أصحاب الأسانيد

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-13-2012, 01:12 AM
عن محمد بن حاتم بن المظفر قال: إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها بالإسناد وليس لأحد من الأمم قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هي صحف في أيديهم وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم فليس عندهم تمييز ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي اتخذوها عن غير الثقات

وقال الحافظ ابن حزم: نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم شيء خص به المسلمون دون جميع الملل والنحل، أما مع الإرسال والإعضال فيوجد في اليهود لكن لا يقربون به من موسى قربنا من نبينا، بل يقفون حيث يكون بينهم وبينه أكثر من ثلاثين نفسا، وإنما يبلغون إلى نوح وشمعون، وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق، وهذه الأمة الشريفة زادها الله شرفا بنبيها إنما تنقل الحديث عن الثقة المعروف في زمانه بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأطول فالأطول مجالسة لمن فوقه، فمن كان أقصر مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها وأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عدا

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-14-2012, 02:45 AM
قال محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني-رحمه الله-(من الطويل):
سَلاَمٌ على أَهْلِ الحَدِيثِ فإِنَّـني
نَشَأتُ على حُبِّ الأَحاديثِ مِن مَهْدِي
هُمُ بَذَلُوا في حِفْظِ سُنَّةِ أحْمَدِ
وَتَنْقِيحِـها مِنْ جُهْدِهِم غَايَةَ الجُهْدِ
وأَعْنِي بِهِمْ أَسْلافَ سُنةِ أحْمدِ
أُولئكَ في بيْتِ القَصيدِ هُمُ قَصْدِي
أُولئِكَ أمْثالُ البُخاري ومُسلِمٍ
و أَحْمدَ أهْلِ الجِدِّ في العِلْمِ وَالجَدِّ
بُحُورٌ أُحَاشِيهِمْ عَنِ الجَزْرِ إنَّمَا*
لَهُـمْ مَـدَدٌ يأْتِي عـن الله بِالْمَدِّ
رَوَوْا وارْتَوَوْا من بحر عِلمِ مُحَمّدٍ
وَلَيٍسَ لَهُمْ تِلْكَ المذاهِبُ من وَرْدِ
كَفَاهُمْ كتابُ الله والسنةُ الـتي
كَفَتْ قبلهم صَحْبَ الرسول ذَوي المَجْدِ
أَأَنْتُمُ أهْدَى أَمْ صَحـابَةُ أَحْمَدِ
وَأَهْلُ الكِسا هَيْهَاتَ ما الشّوْكُ كَالْوَرْدِ
أُولئكَ أَهْدَى في الطَريقَةِ مِنْكُمُ
نَعَمْ قُـدْوَتِي حَتَّـى أُوَ سَّدَ فـي لَحْدِي
وَشَتَّانَ مَابيْنَ المُقَلِّدِ وَالهُدَى
وَ مَـنْ يَقْتَدِي والضِّـدُّ يُعْرَفُ بِالضِّدِّ
فَمَنْ قَلّدَ النُّعْمانَ أَصْبَحَ شَارباً
نَبِيـذاً وَ فِـيهِ القَوْلُ لِلْبَعـْضِ بِالحَدِّ
وَمَنْ يَقْتَدِي أضْحى إِمامَ مَعارِفٍ
وَ كَـانَ رَئِيساً فـي العبادة والزُّهْدِ
فَمُقْتَدِياً في الحقِّ كُنْ لا مُقَلـِّداً
وخَلـِّ أَخَا التَّقليدِ فـي الأَسْرِ بالْقِدِّ
وَأَقْبَحُ مِن كُلِّ ابْتِداعٍ سَمِـعْتُهُ
و أَنْـكاهُ لِلْقَلْـبِ المُوَفَّـقِ للِرُّشْدِ
مَذَاهِبُ مَنْ رَامَ الخِلاَفَ لِبَعْضِها
يُعَـضُّ بِأَنْيَـابِ الأسـاوِدِ و الأُسْدِ
يُصَبُّ عَلَيْهِ سَـوْطُ ذَمٍّ وَغِيـبَةٍ
وَيَجْفُوه من قَدْ كانَ يَهْواهُ عَن عَمْـدِ
و يُعَزَى إِلَيْهِ كُلُّ ما لا يَقُـولُهُ
لِـتَنْصِيصِهِ عِنْدَ التِّهـامِيِّ والنَّجِدِي
فَيَرْميهِ أَهْلُ الرَّفْضِ بِالنَّصْبِ فِرْيَةً
وَيَرْميهِ أَهْلُ النَّصْبِ بِالرَّفضِ والجَحْد
ولَيْسَ لـهُ ذَنْبٌ سِوى أَنَّهُ غَدَا
يُتَابِعُ قَوْلَ اللهِ فـي الحَـلِّ والْعَقْـدِ
ويَتْـبَعُ أقْـوالَ النّبِيِّ محـمَّدٍ
وَ هَل غيرُه بالله في الشَّرْعِ من يَهْدي
لَئِنْ عَدَّهُ الجُهال ذَنبـاً فحبَّذا
بِهِ حَبَّذَا يَـوْمَ انفِرادِيَ في لَحْـدي
عَلاَمَ جَعَلْتُم أيُّها النَّاس ديننا*
لأربعـَةٍ لا شكَّ في فَضْلِهِم عِنْدِي
هُمُ علماءُ الدين شَرْقاً ومَغْرِباً
و نُورُ عُيُونِ الفَضْلِ والحقِّ والزُّهْدِ
ولكِنَّهُمْ كَالنَّاس لَيْسَ كَلامُهُمْ
دَليلاً ولا تَقْليدُهُمْ في غَدٍ يُجْدي
ولا زَعَمُوا حاشاهُم أنَّ قَوْلَهُمُ
دَليلٌ فَيَسْتَهْدِي بِهِ كُلُّ مُسْتَهْدِي
بَلَى صَرَّحوا أنَّا نُقابِلُ قَوْلهُمْ
إذا خالف المَنْصُوصَ بِالْقَدْحِ والرَّدِّ

أهل الحديث
06-15-2012, 07:24 AM
نعم لم يروق لي ولأسباب فيك تسأل ادارة المجلس اذا بتحب.

لكِ أن تُخبرينني أيتها الفاضلة عن السبب ؟؟

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-16-2012, 07:36 PM
إلى أهل الحديث وطلبته ومحبيه , وإلى الساعين في جمع وتحقيق ونشر دواوينه وأسفاره وكتبه , في كل مكان وزمان , وشرق وغرب , وقطر ومصر,فإن الأسانيد المتصلة نقل العدل عن العدل بالكتب المروية والدواوين المسندة إلى صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم , ونقلتها المعدلين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وأرضاهم فأسوق اليكم بعض اقوال عمالقة العلم والنجوم في سماء العلوم:

وفي سراج المريدين للقاضي أبي بكر بن العربي المعافري ما نصه: والله أكرم هذه الأمة بالإسناد، لم يعطه أحد غيرها، فاحذروا أن تسلكوا مسلك اليهود والنصارى فتحدثوا بغير إسناد فتكونوا سالبين نعمة الله عن أنفسكم، مطرقين للتهمة إليكم، وخافضين المنزلتكم، ومشتركين مع قوم لعنهم الله وغضب عليهم، وراكبين لسنتهم. [فهرس الفهارس 1/80]

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-17-2012, 03:39 AM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سلماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأئمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنّة أهل الإسلام والسنة يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والمقيم. وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم نقولات يأثرونها بغير إسناد وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل. وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من المين كما يظهر الصبح لذي عينين [مجموع الفتاوى: 1/9.]

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-19-2012, 03:20 AM
قال الإمام أحمد-رحمه الله-: (لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا). وفي رواية: (لا تقلد دينك أحداً من هؤلاء، ما جاء عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وأصحابه فخذ به، ثم التابعين بعد، الرجل فيه مخير)، وقال مرة: (الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وعن أصحابه، ثم هو من بعد التابعين مخير)، وفي رواية أخرى: (من رد حديث رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فهو على شفا هَلَكة).
وفي مثل هذا يقول الإمام الطحاوي: (لا يقلد إلا عصبي أو: غبي). نقله ابن عابدين في (رسم المفتي) من (مجموعة رسائله) (1\32).
انظر: (الإيقاظ) (ص:113)، و(إعلام الموقعين) (2\302)، و(مسائل الإمام أحمد) لأبي داود (ص:276\277)، و(جامع العلوم) (2\149)، و(صفة الصلاة) (ص:28\29).

قال أبو بكرٍ حُميد القرطبي-رحمه الله-من (البسيط):
نُورُ الحديثِ مُبِينٌ فَادْنُ واقْتَبِسِ*وَاحِدُ الرِّكَابِ لَهُ نَحْوَ الرِّضىَ النَّدُسِ
واطلبه بِالصّين فهو العِلمُ إن رُفِعَتْ * أعْلاَمـهُ بـرُبـاها يا ابن اندلُسِ
فلا تـضعْ في سِوى تقييدِ شارِدِهِ * عمراً يفوتكَ بين اللَّحْظِ و النَّفَسِ
وَخلِّ سَمْعَكَ عن بَلْوَى أخي جَدَلٍ * شغلُ اللبيب بها ضرْبٌ من الهوَسِ
ما إن سَمتْ بأبي بكرٍ ولاَ عمرٍ* ولا أتتْ عن أبي هرٍّ ولا أنسِ
إلاَّ هـــوىً وخصوماتٌ ملفّقةٌ * ليستْ برَطْبٍ إذا أعدَّتْ ولا يبسِ
فلاَ يـغّرُّكَ مِنْ أربابها هَذَرٌ * أَجدَى وجدُّكَ منْها نَغْمَةُ الجـرَسِ
أعرْهُمُ آذاناً صـماً إذا انطقوا*وَكنْ إذَا سألُوا تعـزَى إلى خـرَسِ
ما العلْمُ إلا كتاب الله أوْ أثَرٌ * يـجْلو بنورِ هُداهُ كـلَّ مُلتبسِ
نورٌ لمقتبـسٍ خيرٌ لمـلتـمسٍ * حـمىً لـمحترِسٍ نعمـى لمبتئسِ
فَاعْكُفْ بِبَابِهما عَلى طُلاّبِهِمَا* تَمحُو العمى بِهِمَا عن كُلِّ مُلْتَمِسِ
وَرِدْ بِقَلْبِكَ عَذْباً منْ حِياضِهِمَا* تَغْسِلْ بِمَاءِ الهُدى ما فيه من دَنَسِ
وَاقْـــفُ النبيَّ وأتباعَ وَكُنْ *مِنْ هَديهم أبداً تَدْنُو إلى قَبَسِ
والْزَمْ مَجَالِسَهُم واحفَظْ مُجَالِسَهُمْ* واندُبْ مَدَارِسَهُمْ بالأربعِ الدُّرُسِ
واسْلُكْ طَرِيقَهُمُ والزَمْ فريقَهُمُ* تَكُن رَفِيقَهُمُ فـي حضْرَةِ القُدُسِ
تلك السعادةُ إنْ تُلمِمْ بِسَاحتِها* فَحُطَّ رحْلَكَ قَدْ عُوفِيتَ مِن تَعَسِ

أهل الحديث
06-20-2012, 05:44 PM
علمُ العلل إلهام .

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-21-2012, 09:45 PM
علمُ العلل إلهام .

صدقتكم استاذنا المُكرم وهل فيك تتكرم وتعطينا حديث وتطبق عليه علم العلل كنموذج يعني؟!

محمد بافقيه
06-21-2012, 11:19 PM
جزاك الله خير

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-21-2012, 11:24 PM
جزاك الله خير
ويجزاكم خير الجزاء شكراً لكم.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-22-2012, 01:06 AM
أهل الحديث: (آثروا قطع المفاوز والقفار، على التنعُّم في الدّمن والأوطار، وتنعّموا بالبؤس في الأسفار مع مساكنة أهل العلم والأخبار، وقنعوا عند جمع الأحاديث والآثار، بوجود الكسر والأطمار. جعلوا المساجد بيوتهم، وأساطينها تكاياتهم، وبواريها فرشهم، نبذوا الدنيا بأسرها وراءهم، وجعلوا غذاءهم الكتابة، وسمرهم المعارضة، واسترواحهم المذاكرة، وخَلُوقهم المداد، ونومهم السهاد)

قال سـفيان: الملائكةُ قَدْ * حرَسَتِ السَّمَاءَ عن طَاغٍ مَـرَدْ
وَحَرَسَ الأَرضَ رُوَاةُ الخَبَرِ * عَنْ كُلِّ مَـنْ لِكَيْدِ شَرْعٍ يَفْتَرِي
وابـن زُرَيْعٍ قَال قَوْلاً يُعْتَبَرْ * لِكـُلِّ دِينٍ جَاء فُرْسَانٌ غُرَرْ
فُرْسَانُ هَذَا الدّين أصْحاب السَّنَدْ* فَاسْلك سَبيلَهم فإنه الرَّشدْ

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-24-2012, 04:30 AM
جاء رجل لأبي زرعة الرازي فقال له ما الحجة في تعليلكم الحديث
فقال أبو زرعة -رحمه الله- : الحجة أن تسالني عن حديث فأذكر لك علته ثم تذهب لمحمد بن مسلم بن وارة فتسأله عن نفس الحديث ولا تذكر له أنك سألتني ، ثم تذهب لأبي حاتم فيعللانه، فإن وجدت اختلاف بيننا فاعلم أن كل واحد منا تكلم على مراده ، وإن وجدتنا متفقين فاعلم حقيقة هذا العلم

ففعل الرجل ما قاله له أبو زرعة فوجد الاتفاق ، ثم قال الرجل: أشهد أن هذا العلم إلهام .

ولهذا لما جاء رجل من الوضاعيين وقال لهارون الرشيد -رحمه الله- : أين أنت من ألفين حديث وضعتهم وما نطق بهم النبي صلى الله عليه وسلم
فقال هارون: ((فأين أنت يا عدو الله من إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها نخلاً فيخرجونها حرفاً حرفاً))


فرحم الله أئمة الحديث وأهله، فهم النجوم الزاهرة، والححج الباهرة، حراس حدود هذا الدين، والذائدون عنه الذود المتين

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
07-18-2012, 02:13 AM
قد وصف الإمام الأعمش رحمه الله عملَ كلٍّ مِن الفقيه وراوي الحديث بوصف دقيق فقال :
" يا معشر الفقهاء أنتم الأطباء ونحن الصيادلة " انتهى

"نصيحة أهل الحديث للخطيب البغدادي" (1/45) .
ولا يخفى أن عمل كُلٍّ من الطبيب والصيدلي عمل متكامل ، لا يستغني أحدهما عن الآخر ، فكان لكل منهما من الفضل والتأثير القدر البالغ من الأهمية ، وبذلك جاءت الشريعة أيضا تقر لكل من الفقيه والراوي بالفضل والأجر عند الله تعالى ، مع مزيد فضل للفقيه ( الطبيب ) الذي يعتني بالفهم والاستنباط .
وقد استنبط بعض أهل العلم هذا التقرير من قوله صلى الله عليه وسلم : ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ ) رواه أبو داود (3660)
قال الرامهرمزي (ت 360هـ) رحمه الله : " ففرَّق النبي صلى الله عليه وسلم بين ناقل السنة وواعيها ، ودل على فضل الواعي بقوله : ( فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه غير فقيه ) وبوجوب الفضل لأحدهما يثبت الفضل للآخر ، مثال ذلك أن تمثل بين مالك بن أنس وعبيد الله العمري ، وبين الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي ، وبين أبي ثور وابن أبي شيبة ، فإن الحق يقودك إلى أن تقضي لكل واحد منهم بالفضل ، وهذا طريق الإنصاف لمن سلكه ، وعلم الحق لمن أمه ولم يتعده " انتهى .
"المحدث الفاصل" (1/169-170) .
وأما من جمع بين الحسنيين ، فوعى مقالة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحفظ ما جاء به من العلم ، وتفقه في معانيه ، فانتفع به في نفسه ، ونفع به الناس ، فهؤلاء خير أصناف الناس قاطبة .

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
09-15-2012, 02:23 AM
للرفع @-}--

متروي
09-15-2012, 02:29 AM
في انتظار المزيد من الفوائد بارك الله فيك..

أبو القـاسم
09-15-2012, 10:22 AM
جميل ..بارك الله فيك وفي قلمك ونفع بك

أمَة الرحمن
09-15-2012, 01:24 PM
متابعة بشوق.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
09-27-2012, 02:22 AM
في انتظار المزيد من الفوائد بارك الله فيك..

بارك الله في خير الدين واشكركم على التشجيع وشكرالله مروركم الطيب.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
09-27-2012, 02:23 AM
جميل ..بارك الله فيك وفي قلمك ونفع بك

جزاكم الله خير الجزاء شيخنا ابا القاسم المقدسي وفضلكم سباق وشكرالله مروركم المتألق دوماً.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
09-27-2012, 02:25 AM
متابعة بشوق.
حيا الله حيا الله بأهل الكويت على راسي من فوق والله وبصمات اهل الكويت في حياتي كثيرة فعلاً اسعدني مرورك واتشرف بيه.

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
09-27-2012, 02:29 AM
قال سفيان :
" الملائكة حراس السماء ، وأصحاب الحديث حراس الارض ".
انظر سير أعلام النبلاء(7/274).

الأرض ثلاثة أنواع ، وكذلك الناس :
فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر ، فيحيى بعد أن كان ميتا ، وينبت الكلأ فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها ، وكذا النوع الأول من الناس يبلغه الهدى والعلم فيحفظه فيحيا قلبه ويعمل به ويعلمه غيره فينتفع وينفع .
والنوع الثاني من الأرض ما لا تقبل الانتفاع في نفسها ، لكن فيها فائدة ، وهي إمساك الماء لغيرها ، فينتفع بها الناس والدواب ، وكذا النوع الثاني من الناس ، لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة ، ولا رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني والأحكام ، وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به ، فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم أهل للنفع والانتفاع فيأخذه منهم فينتفع به ، فهؤلاء نفعوا بما بلغهم .
والنوع الثالث من الأرض السباخ التي لا تنبت ، ونحوها ، فهي لا تنتفع بالماء ، ولا تمسكه لينتفع بها غيرها ، وكذا النوع الثالث من الناس ، ليست لهم قلوب حافظة ، ولا أفهام واعية ، فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ولا يحفظونه لنفع غيرهم " انتهى .

وقال ابن القيم رحمه الله :
" شبه صلى الله عليه و سلم العلم والهدى الذي جاء به بالغيث ، لما يحصل بكل واحد منهما من الحياة والنافع والأغذية والأدوية وسائر مصالح العباد ، فإنها بالعلم والمطر .
وشبه القلوب بالأراضي التي وقع عليها المطر ، لأنها المحل الذي يمسك الماء ، فينبت سائر أنواع النبات النافع ، كما أن القلوب تعي العلم فيثمر فيها ويزكو وتظهر بركته وثمرته .

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
10-04-2012, 11:01 PM
راقني هذا المقال فعزمت ان انقله:


أهمية الحديث النبوي الشريف

لعلَّ علم الحديث رواية ودراية هو مما تتمثل فيه العبقرية الإسلامية أكثر من غيره من العلوم حتى الفلسفة وعلم الطبيعة والرياضيات.
وقد يبدو هذا الرأي غريباً في بادئ النظر، ولكن لا غرابة وهذه العلوم قد قيل إن المسلمين لم يبتكروا فيها شيئاً، وإنما نقلوها نقلاً مجرداً عن الأمم السالفة، بخلاف علم الحديث، فإنه من وضع المسلمين وابتكارهم، ولا يستطيع أحد أن يقول غير ذلك ولا أن يشكك فيه.
وليس هذا فقط، فإن الدارس لهذا العلم المتعمق فيه، قد يطلع منه على آفاق رحيبة من الأبحاث المنهجية، والدراسات الموضوعية، في علم الأخلاق، والاجتماع، والقانون، والسياسة، والاقتصاد، فلا يكون عنده أدنى ريب في أن الحضارة الإسلامية، مبناها على هذا العلم، وأنها إن استفادت من معارف يونان وفارس والهند شيئا فإنها في عناصرها النفسية، إنما ترجع إلى كتاب الله:


1 - أهمية دراسة السنة النبوية

2- أصل علم الحديث

3 - أول من أمر بتدوين الحديث

4 - الموطأ أول مؤلف جامع في الحديث

5 - تدوين السنة في القرن الثالث الهجري

6 - الاهتمام بالإسناد

7 - الاهتمام بعلم الجرح والتعديل

8 - أهمية هذا المنهج

9 - علم الحديث وانعكاساته على النهضة العلمية



1 - أهمية دراسة السنة النبوية:

والسنة المبينة له، وقد جرى الناس على أن ينظروا لعلم الحديث نظرة دينية بحتة، فهم لذلك يسقطونه من الحساب إذا ذكروا العوامل التي أدت إلى نهضة العالم الإسلامي، تلك النهضة التي آتت أكلها الشهي منذ الجيل الأول الذي تلا ظهور الإسلام وما زالت تنمو وتعظم حتى بلغت في القرن الخامس الهجري إلى ما لم تبلغه في أمة أخرى قبل ذلك، ولكنهم مخطئون في هذا النظر: ولو شاءوا أن يعرفوا الحقيقة من غير أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث في هذا الموضوع، لاقتصروا على التفكير في أن الرسول -صلوات الله عليه وسلامه-، لبث في قومه بعد الرسالة ثلاثاً وعشرين سنة يتلو عليهم آيات الله، ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم، وقومه هم العرب الذين يعرف الناس أنهم ليسوا بشعب غبي ولا بدائي، وهم في الوقت نفسه كانوا مكتنفين بشعوب حية وبقوم من يهود ونصارى لا يفتأون يعارضون دعوته ويوردون عليها مختلف الإيرادات، فهو لم يقصر دعوته على مسائل الدين فقط، ولم يكن يعلم المسلمين أمور العبادات فحسب بل كان يعلمهم آداب السلوك وأحكام المعاملة، من البيع، والشراء، والصرف، والحوالة، والسلف، والرهن، وما إلى ذلك، ويلقنهم أساليب الحرب، وطرق الحكم، ويرشدهم إلى السياسات المختلفة في علاقتهم مع الدول الموالية والمعادية، ويتولى قسم الأموال بينهم، وتوزيع الأراضي المغلة عليهم، ويعقد المجالس الاستشارية كلما حز به أمر ليقبح لهم الاستبداد، ويقفهم على أسباب حياة الأمم وهلاكها ليعرفوا كيف يحافظون على كيانهم إذا صار الأمر إليهم من بعده، وهكذا لم يدع شاذة ولا فاذة مما به قوام الحياة، ونظام الدنيا إلا علمهم إياه، ألم يقل الكفار لسلمان -رضي الله عنه-: «لقد علمكم نبيكم كل شيء»(1)، بل أنه في تنزلاته معهم كان يخاطبهم بدقائق المعارف ويجيب على أسئلتهم الطبية والطبيعية بما لم ينقضه العلم حتى الآن، ويصحح لهم أغلاط الاخباريين من أهل الكتاب وأغلاط عرفائهم في تفسير الظواهر الجوية ونحوها حتى لقد دعا ذلك اليهود أن يسألوه عن حقيقة الروح {ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} [سورة الإسراء:85].

إن مجرد استعراض سريع على هذا النمط، لسيرته -عليه الصلاة والسلام- كاف ليعرف من لم يكن يعرف أن علم الحديث هو جماع المعارف الإسلامية سواء الدينية منها والدنيوية، وإذا كان هذا في عهده -صلى الله عليه وسلم- فما ظنك بهذا العلم وقد تناولته القرائح الخصبة والأفكار الناضجة، وكتب العلماء فيه من الأبحاث القيمة والدراسات الرائعة ما لا يعرف قدره إلا من وقف عليه.

وإذا كان الحديث عن ذلك يطول، فلنكتف بالكلام على أصل هذا العلم والطريقة التي دون بها والجهود التي بذلها العلماء لتمييز صحيحه من سقيمه، وإذا ما يراد بعلم الحديث رواية ودراية، وهو وحده دليل ناهض على عبقرية الفكر الإسلامي الذي يغفل الباحثون عن تتبع آثاره في هذه الميادين.

2 - أصل علم الحديث:

أما أصل علم الحديث فهو أقواله -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، ونومه، ويقظته، وحركاته، وسكوته، وقيامه، وجوده، واجتهاده، وعبادته، وسيرته، وسراياه ومغازيه، ومزاحه، وجده، وخطبه، وأكله، وشربه، ومشيه، وملاطفة أهله، وتأديبه فرسه، وكتبه إلى المسلمين والمشركين، وعهوده ومواثيقه وألحاظه وأنفاسه وصفاته، مما رواه عنه من الصحابة أربعة آلاف رجل وامرأة، كما يقول الحاكم النيسابوري في كتابه «المدخل إلى الحديث» (ص12 – ط. لندن) صحبوه نيفاً وعشرين سنة بمكة قبل الهجرة ثم المدينة بعد الهجرة، سوى ما حفظوا عنه من أحكام الشريعة وما سألوه عن العبادات والحلال والحرام وتحاكموا إليه فيه، وقد تأدى ذلك من الصحابة إلى التابعين فمن بعدهم إلى عصر التدوين.

3 - أول من أمر بتدوين الحديث:

وكان عمر بن عبد العزيز أول من أمر بتدوين الحديث خوف ضياعه(2).

وأكد هذا الأمر أبو جعفر المنصور فانتدب لذلك ابن شهاب الزهري، وكان سابق الحلبة، إلا أن عمله إنما كان تدويناً مجرداً من غير تبويب ولا ترتيب، وأما الجمع مرتباً على الأبواب، فوقع في نصف القرن الثاني، وكان ممن قام بذلك ابن جريج بمكة، ومالك، وابن إسحاق بالمدينة، وهشيم بواسط، ومعمر باليمن، وابن المبارك بخرسان، والربيع بن صبيح، وسعيد بن أبي عروية، وحماد بن سلمة بالبصرة، وسفيان الثوري بالكوفة، والأوزاعي بالشام، وجرير ابن عبد الحميد بالري(3).


4 - الموطأ أول مؤلف جامع في الحديث:

وكان الذي ألف مالك هو كتابه «الموطأ» ولعله الكتاب الوحيد الذي وصلنا بالرواية الصحيحة من تآليف هذا العصر، ولذلك نتخذه نموذجاً للطريقة التي دون بها علم الحديث في أول الأمر، والموطأ وإن لم يكن في الواقع كتاب حديث مجرد؛ لأنه يحتوي على كثير من الفقه والاستنباط وأقوال السلف ومذاهب الصحابة، إلا أنه فيما اشتمل عليه من الحديث يعطينا فكرة صادقة عن الجهد الذي بذله الإمام مالك في تحري الأحاديث الصحيحة، وعدم الرواية إلا عن الأعلام الأثبات الثقات، فقد قيل أنه لما ألفه أولاً كان يشتمل على نحو عشرة آلاف حديث، ولم يزل ينتقي منه ويختار حتى لم يبق منه إلا نحو ألف حديث، وهذه النسبة وهي واحد من عشرة أو قل عشرة من مائة هي التي عمل عليها تقريباً جل المؤلفين في الحديث بعد ذلك لا سيما أئمة الصحيح، بل أنها لتنزل عند بعضهم إلى أقل من ذلك بكثير مع العلم بأنها نسبة على ما ثبت عندهم من الأحاديث ووقع لهم فيه اشتباه ما، لا أنها نسبة إلى محفوظهم فإن هذا كثير يكاد لا يسلم به أهل هذا العصر الذين ضعفت أو انعدمت فيهم بالمرة ملكة الحفظ، ناهيك بما قيل عن الإمام أحمد بن حنبل من أنه كان يحفظ مليون حديث(4).

ورتب الإمام مالك كتابه «الموطأ» على الأبواب والمسائل، فهو يخرج الحديث الشاهد في أول الباب أو في أثنائه، ثم يخلل الباب بالآثار والأقوال الثابتة عن الصحابة وأئمة السلف في الموضوع ويأتي بباب اسمه الجامع يروي فيه متفرقات من الباب لا تصلح أن تفرد بترجمة، وقد ختم الكتاب كذلك بباب واسع سماه الجامع وضمنه أحاديث في السنن والأخلاق وآداب السلوك ونحو ذلك، قيل وهو أول من ابتكر هذا الصنيع في التأليف أي جمع المسائل المتفرقة في باب اسمه الجامع، وعلى ما نرى طريقة الإمام مالك في تأليفه للموطأ برغم قدم الزمن هي من أحسن الطرق التي ألفت عليها كتب السنة فيما بعد واتبعها معظم المحدثين إلى المائة الثالثة.

5 - تدوين السنة في القرن الثالث الهجري:

وفي المائة الثالثة نشطت حركة جمع الحديث نشاطاً كبيراً، وتناولت مختلف وجوه العمل لتأليفه وتبويبه وتخليصه من الزيف والعلة، فألف البخاري «جامعه» الذي هو أول كتاب ألف في الصحيح، وكذا مسلم صاحب ثاني الصحيحين، وألف بقية أصحاب الكتب الستة كتبهم وهي التي تلقاها المسلمون بالقبول، ويقول السيوطي أن الحديث إذا أخرجه أحد هؤلاء المؤلفين الستة فليروه الإنسان مطمئناً إليه(5).

وكان التأليف في هذا العصر على أوضاع مختلفة منها ما بقي محافظاً على وضعه الأول الذي كان أكثر العمل عليه عند بدء التأليف وهو جمع أحاديث كل راوٍ على حدة وإن اختلفت موضوعاتها، وهذا ما يسمى بالمسند وهو النهج الذي اتبعه الإمام أحمد ابن حنبل في كتابه العظيم المسمى بـ«مسند أحمد»، ومنها ما ألف على الأبواب والمسائل، وهي طريقة مالك في «الموطأ»، ومنه ما يكون عاماً شاملاً لأحاديث العبادات والعادات والأحكام والحكم والتواريخ والرقاق وغير ذلك وهو المسمى بالجامع ومنه «الجامع الصحيح» للإمام البخاري وغيره، ومنه ما يقتصر على السنن والأحكام كـ«سنن أبي داود»، ومنه ما يخص موضوعاً بعنيه أو مسالة واحدة فقط كـ«شعب الإيمان» للبيهقي، و«القراءة في الصلاة» للبخاري إلى غير ذلك.

واستمر هذا النشاط وخلص إلى القرون التالية فاتخذ أشكالاً وأنواعاً من العناية بالحديث، سواء من حيث الرواية والجمع أو من حيث الشرح والفهم والتفريع والاستنباط، وفي هذا الأمر يقال حدِّث عن البحر ولا حرج.

6 - الاهتمام بالإسناد:

وعلى كل حال فقد صحب عملية الجمع والتدوين عملية الانتقاء والاختيار، والجهود التي بذلها العلماء في ها الصدد لا يوجد لها نظير عند غير المسلمين، ومن ثم قيل «إن الإسناد من خصائص هذه الأمة»(6) أي تتبع رواة الحديث واحداً فواحداً والبحث عن حالهم من الحفظ والضبط والعدالة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن حزم: نقل الثقة حتى يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومع الاتصال شيء خصص به المسلمون دون جميع الملل..

ولا تغفل عما في هذه الخصيصة من ميزة للدين الإسلامي لا يشاركه فيها غيره من الأديان، وهي ثبوته بالنص القاطع والرواية الصحيحة، فلا جرم أن يقول عبدالله ين المبارك «الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء»(7)، وقوله هذا دليل على أن القوم كانوا في تمييزهم للحديث الصحيح من السقيم يستبرئون لدينهم كما كانوا يتحرون المنهج العلمي الصحيح.

ويروى عن عبدالله بن المبارك -أيضاً- أنه كان يقول: «بيننا وبين القوم القوائم»(8) أي: الإسناد، وهذا يبين طريقتهم العملية في نقد الرجال، فإنهم جعلوا قوائم بأسماء الرواة ورتبوها بحسب القوة والضعف ترتيبا يكون هو الحكم في قبول الحديث أو رده، فإذا لم يعرف حال الراوي ترك الحديث وكذا إن سقط من سنده أحد الرواة وإن كان في السند ثقات فقد جاء في مقدمة الصحيح لمسلم بن الحجاج: «وقال محمد -يعني ابن عبدالله بن تهزاد-: سمعت أبا إسحاق بن إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال قلت لعبدالله بن المبارك يا أبا عبدالرحمن الحديث الذي جاء «إن من البر بعد البر أن تصلي لأبويك مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك»، فقال عبدالله يا أبا إسحاق ممن هذا؟ قال: قلت له هذا من حديث شهاب بن خراش فقال: ثقة عمن؟ قال: قلت عن الحجاج بن دينار قال: ثقة، عمن؟ قلت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يا أبا إسحق إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي، ولكن ليس في الصدقة اختلاف»(9).


7 - الاهتمام بعلم الجرح والتعديل:

ونوه الأستاذ (أدم متز) في كتابه «الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري» بالدور العظيم الذي قام به علماء الحديث في تدوين السنة النبوية وخدمتها فقال: «وقد اعتنى نقاد الحديث منذ أول الأمر بمعرفة رجال الحديث وضبط أسمائهم والحكم عليهم بأنهم ثقات أو ضعفاء، ثم نظروا في الأساس الذي ينبني عليه هذا الحكم أعني الصفات التي يجب توفرها في المحدث الثقة وهو ما يعرف بالجرح والتعديل... وقد أدت بهم حاجتهم إلى السند المتصل أن يتجاوزوا البحث في حياة الرواة والحكم عليهم إلى عمل تاريخ كامل لهم، وهكذا وجدت تواريخ القرن الثالث الهجري مثل «تاريخ البخاري» و«طبقات ابن سعد» الخ..(10).

وقد أثر هذا المنهج بدقته وضبطه على العقلية العربية فظهر مفعوله في علوم أخرى كاللغة والأدب والتاريخ، وابن قتيبة الذي يعد من أوائل نقاد الأدب والشعر خاصة بما كتبه في مقدمة كتابه «الشعر والشعراء» لم يكن إلا متأثراً بمعارفه الحديثية والإخبارية ومنهج النقد عند المحدثين الذين هو منهم وإليهم.

بل إني لا أشك في استفادة ابن خلدون من منهج أهل الحديث واستمداده من طرق نقدهم فيما وضعه من قواعد لعلم الاجتماع وفلسفة التاريخ، إن الأمثلة التي أعطاها مسلم بن الحجاج لمعرفة المنكر من الحديث هي بعينها المقاييس التي طبقها ابن خلدون لتمييز الزائف من الصحيح من أخبار المؤرخين، وهكذا نرى أن علم الحديث يبسط جناحه على الثقافة الإسلامية لا يمتنه وروايته فقط بل ولاصطلاحه على الثقافة وما يسمى عند علمائه بعلم الحديث دراية -أيضاً-.

ومن المعلوم أن هذا لم يكن هو القصد الأول من الحديث وتدوينه فإنه إنما جاء عرضاً وكان فتحاً من فتوحات هذا العلم المبارك الذي استوعب ضروب النشاط الفكري عند المسلمين، وحفزهم من أول يوم إلى اقتحام سبل المعرفة وطلب العلم ولو بالصين(11) فوجدت تلك النهضة العلمية الكبرى التي عمت البلاد الإسلامية من شرقها إلى مغربها والتي لم تنفصل في أساسها قط عن مدارك القرآن الكريم والحديث الشريف، وهو ما يفسر لنا حرص أعلام الفكر الإسلامي على الأخذ بحظهم من هذا العلم وتمسكهم عبر التاريخ بالمشاركة فيه حتى ولو انوا من الفلاسفة والأطباء والفلكيين أمثال ابن سينا وابن رشد ونصير الدين الطوسي وعبد اللطيف البغدادي وغيرهم، بل لقد قيل بتلازم علم الحديث وعلم النبات؛ لأنهما معا مما يدرك بالرحلة ولا يبلغ أحد فيهما شأوا إلا بالتنقل في البلاد.

8 - أهمية هذا المنهج:

لم يكن هذا هو القصد الأول من حركة تدوين الحديث، وإنما كان هذا القصد هو جمع الحديث خوف ضياعه، فقد جاء فيما كتب به عمر ابن عبدالعزيز إلى أبي بكر بن حزم في الموضوع أنه قال له: «انظر ما كان من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء».

والواقع أنها كانت حركة إنقاذ للعلم الإسلامي الذي لم يكن عند القوم غيره، وكانوا إنما يعتمدون فيه على الحفظ والاستظهار، فلما أسرع الموت إلى رجاله ونقلته، خاف الخليفة العادل من جراء ذلك على هذا العلم ما خافه الخليفة الأول على القرآن من الضياع لما استحر القتل في الصحابة وأمر بجمع المصحف، فكذلك أمر عمر بن عبدالعزيز بكتابة الحديث وهو بعد القرآن منتهى علم المسلمين إذ ذاك، فجدوا في الأمر واجتهدوا وقاموا بما لم تقم به أمة في العمل على حفظ كلام نبيها وأخباره وأحواله، ودونوا ذلك واقتبسوا منه الحكم والأحكام والمعارف والأسرار، ولم ينظروا إليه قط تلك النظرة الضيقة التي تحصره في حيز الفكر الديني بل اعتبروه تراثاً علمياً طائلاً درسوه وتعمقوا فيه مدة قرن من الزمن حتى إذا اتسعت أمامهم آفاق المعرفة ونقلت إليهم علوم الأوائل من فلسفة وطبيعة ورياضيات لم يزدهم ذلك إلا توسعاً وتفريعاً لأصوله وتأسيساً لقواعده، فإنهم لم يقولوا في يوم من الأيام بالفصل بين العلم والدين ولا رجحوا كفة المادة على الروح؛ لأن الدين هو الإسلام، والإسلام والعلم لا يختلفان، ولأن المادة كانت دائماً وسيلتهم إلى السمو بالروح، والوسائل عندهم تعطي حكم المقاصد، فلذلك كانوا في المزاوجة بين المعارف الإلهية والعلوم الكونية كالطائر بين جناحين لا يميل مع أحدهما إلا كان مهددا بالوقوع.

9 - علم الحديث وانعكاساته على النهضة العلمية:

وهكذا كان عملهم في تدوين الحديث مبادرة علمية بالمعنى العام الذي يشمل علوم الحياة بأجمعها مما وصل إليه اجتهادهم، ووعته عقولهم، ولا يختص ديناً ولا علماً كماً، حتى بدأ عهد الترجمة ونشأت تلك النهضة العلمية الكبرى التي كان علم الحديث من روادها الداعين إليها والمشجعين عليها، فتميزت العلوم حينئذ وسار كل في طريقه من غير تقاطع ولا تدابر، ولا تبجح، فإن ما معها هو العلم دون سواه، بل إن الاعتراف المتبادل وروح التعاون بين الفكر الفلسفي والديني كانا هما التقليد المـتبع الذي أدى إلى وجود فلسفة إسلامية متميزة عن الفلسفة العامة، هي الرشدية التي أثبتت لأول مرة في تاريخ الفكر الإنساني عدم تعارض العلم والدين على ما نجده عند صاحبها أبي الوليد بن رشد في كتابه «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال» وغيره من كتبه الفلسفية..

ولا يفهم من هذا أن الحياة الدينية المحض وما يتعلق بها من الحديث، لم يحظ بعناية خاصة من سلف الأمة في حركة التدوين، ولم يكن حافزاً لهم على ما قاموا به في هذا الشأن من عمل جبار، كلا، فإننا عنينا بإبراز الناحية العلمية، وما كان لها من السيطرة على المسلمين في تلك الحركة؛ لأنها كثيراً ما تخفى على الباحثين أو لا يعيرونها الاهتمام اللازم، وإلا فإن الحديث المتعلق بالواجبات والسنن والشعائر الدينية على العموم كان من أول ما اعتنى المسلمون بحفظه وروايته، سواء في ذلك الصحابة والتابعون فمن بعدهم، بل إن من الصحابة من تعاطى كتابته كعبدالله بن عمرو بن العاص وذلك بإذن من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسبق عهد التدوين بزهاء قرن كامل، وفي هذا العهد -أيضاً- كان الباعث الديني من أعظم ما حمل أئمة الحديث وحفاظه على جمعه وكتابته، ألا ترى أن منهم من خص بعض كتبه بالمسائل والقضايا الدينية، وقد ألمحنا إلى ذلك فيما سبق، ككتاب «القراءة في الصلاة» للبخاري، وكتاب «شعب الإيمان» للبيهقي، وكتاب «السنن» لأبي داود وإن كان هذا جامعاً بين أحكام العبادات والمعاملات.

الموضوع لكاتبه أبو مالك إبراهيم الفوكي حفظه الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

(1) سنن أبي داود ج ل ص 3 ومسند أحمد ج 5 ص 437.

(2) صحيح البخاري ج ل ص 24.

(3) «تدريب الراوي» للسيوطي (ص24).

(4) وفيات الأعيان لابن خلكان ج ل ص 17 وفي خصائص المسند للحافظ المديني/ كتب أبي عشرة آلاف ألف حديث ولم يكتب سوادا في بياض إلا قد حفظه. (الخصائص ص 10 طبعه الخانجي (ومعلوم أن المراد ما يشمل طرق الحديث ورواياته والآثار عن الصحابة وما إلى ذلك.

(5) «تدريب الراوي» (ص55).

(6) «شرح الطرفة» لابن عبد القادر الفاسي (الملزمة 11 ص5)، طبع فاس بهامش حاشية ابن عبد السلام كنون.

(7) «صحيح مسلم» باب في أن الإسناد من الدين (ج ل ص 8).

(8) المصدر السابق.

(9) المصدر السابق

(10) «الحضارة الإسلامية» لآدم متر الترجمة العربية لمحمد عبد الهادي أبو ريدة (ج4 ص319).

(11) يروى عن هذا المعنى حديث اطلبوا العلم ولو بالصين وهو على اشتهاره لا أصل له.