المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب سقوط الغلو العلمانى .. د. محمد عمارة



الجندى
12-11-2005, 12:15 AM
السلام عليكم ورحمة الله

ساشرع بإذن الله فى نسخ كتاب سقوط الغلو العلمانى للدكتور محمد عمارة ، وهو رد على الافكار العلمانية المتطرفة للمستشار سعيد العشماوى ، وسأحاول ما بوسعى لنسخ الكتاب خلال شهر ونصف أو اثنين .. والله المستعان


*****

سقوط الغلو العلمانى
د. محمد عمارة
عدد صفحات الكتاب : 321 صفحة


*****


فهرس الكتاب

تقديم

الباب الأول
الرؤية العشماوية : للإسلام .. وقرآنه الكريم .. ورسوله صلى الله عليه وسلم .. وصحابة رسوله رضى الله عنهم .. وخلافته وفقهائه .. وأمته .. وتاريخه.
1- الموقف من الإسلام
2- الموقف من القرآن
3- الموقف من الرسول :salla1:
4- صورة صحابة رسول الله :salla1:
5- صورة الخلافة الإسلامية
6- صورة الفقه .. والفقهاء
7 - صورة الأمة الإسلامية
8 نفايات التاريخ .. وتاريخ النفايات !!

الباب الثانى
الرؤية العشماوية لعلاقة الدين بالدولة
1- الخلط بين (( المرجعية وبين (( نظام الحكم ))
2- الإسلام .. والسياسة
3- الحكومة الإسلامية
4- الحكومة الدينية .. والحكومة المدنية
5- حكومة الله .. وحكومة الناس

الباب الثالث
الرؤية العشماوية للشريعة الإسلامية
1- مصطلح (( الشريعة )) .. بين اللغة والاصطلاح
2- الشريعة .. والفقه
3- الشريعة .. والقانون
4- الشريعة .. وأسباب النزول
5- الشريعة الإسلامية .. والشرائع الأخرى
6- الشريعة .. و(( وقتية الأحكام ))

وبعد

المصادر والمراجع

الجندى
12-11-2005, 12:17 AM
كلمة الدكتور محمد عمارة

لو أن المستشار سعيد العشماوى مجرد عدو للصحوة الإسلامية لما كتبنا عنه حرفا! ..
لكنه يطعن فى الثوابت والمقدسات:
فالإسلام – عنده – قد تحول – على يدى الرسول – إلى اتجاه عسكرى؟! ..
والقرآن فيه أخطاء؟!..
والرسول كان يحكم بوثائق الجاهلية وقوانينها؟!..
وأبو بكر قد اغتصب حقوق النبى .. وجاء بدين غير دين محمد؟!..
والصحابة قد ارتدوا إلى خُلُق الجاهلية وطباعها؟!..
والحكم بما أنزل الله كان خاصا بالرسول .. وبموته سقطت الشرعية الإلهية؟!..
والدعوة المعاصرة للحكم بشرع الله هى دعوة يهودية؟!..
وعندما يصل الطعن فى الثوابت والمقدسات إلى هذه الحدود .. تجب المواجهة الفكرية ، لإسقاط الغلو العلمانى الذى لم يسبق له مثيل ..
ولذلك .. يصدر هذا الكتاب!..

الجندى
12-12-2005, 07:00 PM
تقديم


المستشار محمد سعيد العشماوى ، صاحب مشروع فكرى ، أثار ويثير جدلاً كثيرا وحادا فى الأوساط الفكرية – الإسلامية واللاإسلامية – منذ ما يقرب العشرين عاما..
وهو لا يثير الجدل الحاد مع مفكرى الصحوة الإسلامية والإحياء الإسلامى ، الذين يقدمون الإسلام منهاجا شاملا لكل مناحى الحياة وسائر ميادين العمران – من الذين يسميهم العشماوى تيار وجماعات الإسلام السياسى – وحدهم .. وإنما خلافه الحاد وجدله المحتدم قائمان أيضاً مع علماء ورموز المؤسسات العلمية الإسلامية التاريخية .. وفى مقدمتهم الأزهر الشريف ..

بل إن الاعتراض على مشروع العشماوى ، والرفض والادانة الشديدين لفكره ، قد بدأها كلًّها واحد من رموز علماء الأزهر ، المرحوم بإذن الله الشيخ عبد المنعم النمر ، عندما كان وزيرا للأوقاف سنة 1979 م .. وهو غير محسوب على رموز (( الإسلام السياسى )) – بتعبير العشماوى - .

لقد بدأ المستشار عشماوى الاهتمام بالفكر والكتابة فى أواخر الخمسينات (1) .. لكنه كان مهتما بالفكر الوجودى ، الذى ظل قلمه فى نطاقه حتى سنوات النصف الثانى من عقد السبعينات .. وهى السنوات التى تعاظمت فيها ظاهرة الصحوة والإحياء الإسلاميين ، فانعطف العشماوى ليتخصص فى الكتابة بالإسلاميات ، متخذا موقع الرافض بحدة والمعادى بقوة لهذه الظاهرة ، التى أثارت وتثير أعظم حَرَاك فكرى وسياسى فى تاريخنا المعاصر حتى الآن .. والتى استقطبت – وما تزال – كلَّ اهتمامات تيارات الفكر ودوائر الحكم كافةً ، الداخلية منها والخارجية على حد سواء ..

والمستشار عشماوى يسجل بنفسه هذا التحول فى مسيرته الفكرية ، والذى جعله (( يقف )) قلمه على مواجهة الصحوة الإسلامية المعاصرة ، وذلك عندما يقول : (( منذ باكورة الشباب ، اهتممت بالفكر الإسلامى ضمن اهتمامى بالفكر الإنسانى والفكر العالمى . ثم زاد اهتمامى به حين بدأت حركات الإسلام السياسى تتزايد .. )) (2) ..

ولقد كان من ثمرات تصاعد مدّ الإحياء الإسلامى فى صفوف الأمة ، على امتداد أوطان ديار الإسلام ، أن بدأت دوائر حاكمة هنا وهناك ، تسعى – بخطوات جادة أو مترددة – للاستجابة لبعض ما ينادى به الإسلاميون ، وخاصة بميدان تقنين مبادئ الشريعة الإسلامية وتراث الفقه الإسلامى – على النحو الذى حدث بمصر – قبل أن توقفه تداعيات ومقتضيات اتفاقيات (( كامب ديفيد )) و (( المعاهدة الإسرائلية المصرية )) .. ويعترف المستشار عشماوى بأن الاتجاه إلى تقنين الشريعة الإسلامية ، والسعى لاحلالها محل القوانين الوضعية المعمول بها ، كان من أسباب استنفار قلمه وتحول جهوده الفكرية لمقاومة هذا الاتجاه .. فيقول (( فى السبعينات كانت دعوى - ( لاحظ استخدامه لفظ – ((دعوى)) – بمعنى الادعاء – وليس ((دعوة)) ؟! ) - تطبيق الشريعة قد أوشكت أن تقنع الناس – وأكثر الناس لا يعلمون – بضرورة تقنين الشريعة وإلغاء كافة القوانين القائمة ، وتغيير النظام القضائى كله ، ونشطت لجان لهذا الغرض .. وقد نشرنا كتابنا أصول الشريعة ( مايو سنة 1979 م ) وتابعنا ذلك بمقالات نشرت فى جريدة (( الأخبار )) من يوليو سنة 1979 م حتى يناير سنة 1982م . وفيها دللنا على أن أحكام القوانين المصرية لا تبعد عن أحكام الشريعة والفقة الإسلامى إلا فى نقاط قليلة لا يمكن تطيقها دون اعداد سليم وبغير اجتهاد جديد .. )) (3)

وهو هنا يشير إلى الجهود التى قادها مجلس الشعب المصرى – بقيادة الأستاذ الدكتور صوفى أبو طالب – والتى شاركت فيها المؤسسات الدينية – وعلى رأسها الأزهرالشريف – والقضائية والقانونية والفكرية ، لتقنين مبادئ الشريعة وتراث الفقه .. والتى أثمرت عدة مجلدات ، وضعتها (( كامب ديفيد )) فى (( الأدراج )) !!.. ويشير إلى وظيفته الفكرية فى مناهضة هذا الاتجاه ، وجهوده فى التصدى لتقنين الشريعة وإحلالها محل القوانين الوضعية .. وهى الجهود التى بدأت بكتاب ( أصول الشريعة ) – الذى طبع فى مايو سنة 1979 م .. ونشره له موسى صبرى مقالات بجريدة ( الأخبار ) من يوليو سنة 1979 حتى يناير 1982م – وهى المقالات التى رد عليها المرحوم بإذن الله الشيخ عبد المنعم النمر .. والتى بدأت الجدل الحاد حول المشروع الفكرى للمستشار عشماوى ، منذ ذلك التاريح وحتى الآن!..
ويستلفت النظر أن تحول العشماوى عن الفكر الوجودى إلى التخصص فى مقاومة المد الإسلامى والتوجه إلى تقنين الشريعة الإسلامية وتطبيقها ، قد تزامن – بالصدفة أو بالاتفاق ، فالعلم اليقينى عند الله – مع تصاعد مد غربى ، شمل الدوائر الكنسية والسياسية والفكرية ، لمواجهة ذات (( الخطر )) الذى نهض العشماوى لمواجهته الصحوة الإسلامية ، وتقنين الشريعة وتطبيقها !!..
ففى ذات التاريخ – مايو سشنة 1978م – عقدت كنائس وإرساليات ومؤسسات التنصير الغربية أخطر مؤتمراتها – فى مدينة (( جلين أيرى )) بولاية (( كولورادو )) الأمريكية – لرسم الخطط لاجهاض الصحوة الإسلامية ، التى توشك أن تنجح فى تطبيق الشريعة الإسلامية ، والتى تصاعد صراعها مع الاتجاهات العلمانية فى ديار الإسلام ! ..
فى ذات اللحظات التى تقدم العشماوى فيها لمواجهة (( حركات الإسلام السياسى ، التى أخذت تتزايد )) .. كان رئيس مؤتمر التنصير –فى كولورادو )) (( و.ستانلى مونيهام )) – يخطب فى افتتاح ذلك المؤتمر ، فيقول (( إن العالم الإسلامى يشغل اليوم حيزا مهما فى الأخبار أكثر من أى وقت مضى .. وأعمال الشغب التى يقوم بها المحافظون فى مصر وإيران والباكستان مطالبين بالرجوع إلى الطرق التقليدية توضح لعالم القرن العشرين الجانب الثورى للإسلام الذى نسينا وجوده .. إن هناك اندفاعا إسلاميا للعودة إلى الجذور.. والتعصب الدينى الإسلامى – (؟!) – يتحرك باتجاه المواقع الأساسية الأمامية فى أرجاء العالم الإسلامى من كازبلنكا(4) وحتى مضيق خيبر (5) .. )) (6)
أما (( دون ماكرى )) – أبرز منظمى مؤتمر التنصير هذا – فقد كان واضحا عندما حدد (( الخطر )) الإسلامى الذى استنفر الغرب للنزال .. ففى خطابه أمام المؤتمر التنصيرى قال (( لقد بلغت الصحوة الإسلامية شأوا لم تبلغه لعدة قرون مضت .. ويسترعى الاهتمام الصراع بين المسلمين التقليدين والاتجاهات العلمانية ، والذى كاد أن يفرض تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر. ويمزق إيران اليوم نزاع بين الملالى والجيش(7) . كما ستقوم باكستان بتطبيق الدستور الإسلامى لأول مرة فى تاريخها(8) .. ) (9) .

إنها الأسباب نفسها : الصحوة الإسلامية – تزايد نفوذ الحركات الإسلامية السياسية – التوجه إلى تقنين مبادئ الشريعة الإسلامية وتراث الفقه الإسلامى – محاولات تطبيق الشريعة – العودة للجزور – والتحرك الإسلامى باتجاه المواقع الأساسية الأمامية فى أرجاء العالم الإسلامى - .. إنها نفس (( الأسباب – المخاطر )) التى استنفرت المستشار العشماوى ، والدواشر الغربية المعادية للصحوة الإسلامية .. ونفس التوقيت ! ..

وكما استعان الغرب ، منذ مطلع غزوته الحديثة لوطن العروبة وعالم الإسلام ، بالأقلية اليهودية والحركة الصهيونية ، شريكا أصغر فى مشروعه الاستعمارى المعادى لامتنا .. فلقد اتخذت الصهيونية ودولتها مكانهما فى جبهة العداء للصحوة الإسلامية – التى وجهت اليها كل آليات العداء الغربى ، وخاصة بعد سقوط المنظومة الماركسية ودولها وأحزابها .. فلم تكتف بالحديث عن الخطر الإسلامى ، وإنما ادعت أنه الخطر الأول على الغرب وحضارته ، بل وعلى العالم!! .. ففى خطاب لرئيس الدولة العبرية – (( حاييم هيرتزونج )) – فى البرلمان البولندى ، قال :
(( إن العالم يجهل الخطر الأكبر الذى يهدده ، وهو الأصولية الإسلامية .. إنها تهدد الأنظمة فى معظم دول الشرق الأوسط .. وهى تتوسع سريعًا فى أنحاء العالم .. وتسعى بعض العناصر المرتبطة بها إلى السيطرة على الأسلحة النووية . إن التطرف الأصولى أكثر خطورة من سلاح التدمير الشامل . إنه الصيغة التى تقود مباشرة إلى الكارثة )) (10) !!

تلك هى قوى ومعالم وامتدادات الجبهة التى تداعت ةتنادت مؤسساتها – الدينية .. والفكرية .. والسياسية – لمحاولة إجهاض الصحوة الإسلامية والقضاء على الإحياء الإسلامى منذ عقد السبعينات من هذا القرن العشرين..

وإذا كان المستشار عشماوى يُعَرَّف قُرّاءه بنفسه – على صفحات كتبه – باعتباره (( الأستاذ المحاضر فى أصول الدين والشريعة الإسلامية )) (11) .. فإن استقصاء الأماكن التى حاضر فيها – من خلال كتبه – يقول : إن جامعة إسلامية واحدة لم تفتح بابها للمستشار عشماوى .. وكل الجامعات التى فتحت له أبوابها كانت : إما تنصيرية وإما علمانية ، وجميعها غربية – الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، وجامعة كاليفورنيا ( بركلى ) ، وكلية رود أيلاند ، وجامعة هارفارد ، وجامعة برنسون ، وجامعة براون ، وجامعة يوتا ، وجامعة تمبل ، وجميعها بالولايات المتحدة الأمريكية .. وجامعة أوبسالا ، وجامعة لوند بالسويد .. ومعهد الشئون الدولية بباريس .. وجامعة توبنجن بألمانيا .. وندوة سالزبورج بالنسما .. وجامعة السوربون بفرنسا .. أما الجامعات الإسلامية ، فى كل ديار الإسلام ، فلم تفكر واحدة منها فى فتح بابها (( للأستاذ المحاضر فى أصول الدين والشريعة الإسلامية )) ! ..
ذلك هو مكان المستشار عشماوى من قوى الصراع الغربى – الإسلامى حول الصحوة الإسلامية ..
أما تقدير الصهيونية لموقع الرجل منها ومن المد الإسلامى ، فلقد عبر عنه واحد من أبرز (( كوادرها )) ودهاء خبرائها .. السفير الصهيونى بالقاهرة ، بين عامى 1981 و 1988م – (( موشيه ساسون )) .. عندما جاءه أحد أصدقائه بشاب مصرى من شباب إحدى الجامعات الإسلامية .. فكانت نصيحة (( ساسون )) لهذا الشاب ، كى يبرأ من أفكاره ويشفى من العداء للصهيونية وإسرائيل ، أن يقرأ للعشماوى – الذى وصفه (( ساسون )) – فى مذكراته – يقول : (( وخلال هذا الحديث – مع الشاب المتدين – وجدت نفسى أوصيه بقراءة الكثير مما تم نشره – مثل مقال القاضى عشماوى ، رئيس محكمة أمن الدولة المصرية ، وهو رجل ضليع فى شئون الإسلام ، من روح الاعتدال والتسامح والسلام والجيرة الطيبة – مع إسرائيل – ونبذ الإرهاب والدمار والحرب .. )) (12) .. ويبدو – والله أعلم – أن الشاب المتدين قد عمل بنصيحة (( موشيه ساسون )) ، فقرأ للعشماوى ، حتى برئ من العداء لإسرائيل ، فلما لقى السفير الإسرائيلى مرة ثانية قال له :
(( تحياتى الشخصية . أبلغك بأننى نجحت فى إقناع زملائى بحق إسرائيل فى الوجود المستقل .ز فلا تخش من زملائى فى الحركة ، فهم لا يضمرون لك شرا ولمن هم فى السفارة . استمر فى عملك الهام هنا ، والله فى عونك وعوننا جميعا )) (13)!

فالجامعات الغربية – تنصيرية وعلمانية – هى التى اعترفت بالمستشار عشماوى (( أستاذًا محاضرا فى أصول الدين والشريعة الإسلامية )) .. والسفير الإسرائيلى فى القاهرة – (( موشيه ساسون )) – هو الذى شهد له بأنه (( رجل ضليع )) فى شئون الإسلام )) على حين اشتبك مع فكره – فى صراع وحدة – كلُّ رموز الفكر الإسلامى – المقلدون منهم والمجددون .. الرسميون منهم والشعبيون! ..

وإذا كانت الدواشر الغربية قد جعلت العشماوى (( استاذا فى اصول الدين والشرعية الإسلامية )) كما جعله السفير الصهيونى (( موشيه ساسون )) (( ضليعا فى شئون الإسلام )) .. فإن الرجل قد جعل من نفسه (( المجتهد )) الذى يسير على طريق محمد عبده وذلك عندما تحدث عن واقع الحياة الفكرية فى بلادنا ، فقال : (( اعتقد أنه يوجد الآن تياران إسلاميان ، وليس واحدا . التيار الأول عقلى تنويرى ، يبدأ بمحمد عبده ، ويسير فيه بعض المجتهدين من أمثالى (؟!) وتيار سياسى حركى )) (14)
وهو لم يكتفى بوصف نفسه (( بالاجتهاد .. والعقلانية .. والتنوير )) ، وإنما جمع كل مافى قواميس اللغة من ألفاظ السباب ليصف بها مخالفيه فهم أهل (( التلفيق المذهبى )) .. (( المزيفون للألفاظ )) .. (( المبتدعون للمناهج )) (( المغيرون والمخالفون والمناقضون تماماً وكليية وبإطلاق لمعالم الإسلام الأساسية ، ببدائل أخرى خاطئة وفاسدة ودخيلة )) (15) . بل إن هذه الأوصاف قد رمى بها العشماوى الأمة جمعاء (16) !!.. ولم يبخل على مخالفيه بأوصاف ((القصور )) و (( التدنى )) و (( الانحطاط)) و (( الجهل )) و (( العمى )) و (( الانتهازية )) و (( الجشع )) و (( الفجار )) و (( الأشرار )) و (( الأنحراف )) (17) .. و(( التنطع )) و (( فساد المنطق )) و (( الادعاء)) و (( الأفتراء )) و (( الاجتراء )) و (( التشدق )) و (( الأختلاق )) (18) .. و(( السطحية )) و (( سوء القصد )) و (( الارتزاق )) و (( المهاترة )) و (( النفاق )) و (( الخبث )) و (( التزوير )) (19) .. إلى آخر ما امتلأت به صفحات كتبه من أمثال هذه الأوصاف التى صبها على مخالفيه !..


***

لكن .. لندع ميادين الاستنتاجات .. ولننه النفس والعقل عن إغراءات الإجابة على علامات الاستفهام .. فالمستشار عشماوى – وهذا هو اليقين الذى لا يختلف فيه اثنان – صاحب مشروع فكرى ، يعلن هو عنه ، عندما يرى أن الإسلام الذى تلقته الأمة ، وتوارثته بالتواتر ، ليس هو الإسلام الحقيقى .. فلقد (( تغيرت معالم الإسلام الأساسية ، وملامحه المحددة ، وسماته الذاتية ، وصفاته الخاصة ، وحلّت بدلا منها معالم أخرى مخالفة تماما ، ومناقضة كلية ، ومضادة على الإطلاق .. واستبدلت بالمعالم الأساسية للإسلام معالم أخرى خاطئة وفاسدة ودخيلة )) (20) ..

ولقد حدث هذا (( التزييف المقصود )) و (( التحريف المتعمد )) من الجميع ، حكاما ومحكومين ... فلا الإسلام الذى نعرف هو حقيقة الإسلام .. ولا المسلمون هؤلاء بمسلمين .. والعشماوى هو (( المجتهد )) المنقذ مما نحن فيه !..

وبصرف النظر عما يثيره هذا المستوى من الادعاء من ردود أفعال .. فإن من الخطأ الوقوف عند ردود الأفعال – التى تتراوح ما بين (( الرثاء )) لصاحب هذا الادعاء .. والاعتراض والتجاهل والدهشة والاستغراب .. ومن الواجب النظر فى المشروع الفكرى الذى قدمه الرجل فى أكثر من عشرة كتب .. توالى إعادة طبعها دار نشر ماركسية !! .. بل لقد غدا مشروع العشماوى المنطلق لعديد من المشروعات الأخرى ، الساعية إلى طى صفحة الخيار الإسلامى فى النهضة ، بالدعوة إلى (( تاريخية الوحى القرآنى )) تارة ، وإلى (( علمنة الإسلام )) تارة أخرى !! .. الأمر الذى يفرض على المرابطين فى ثغور الفكر الإسلامى النظروالتقويم لهذا المشروع ..

لذلك , فإننا سنعرض - فى هذا الكتاب – للمشروع الفكرى ، للمستشار عشماوى ، من خلال قراءة موضوعية ومتأنية لأعماله الكاملة – كتبا ومقالات – برغم التكرار الشائع فيها على نحو منقطع النظير !! مركزين على قضاياه المثيرة لجدل .. مجتهدين – قدر الوسع والطاقة – أن يكون الحكم على قضاياه المثيرة للعقل والمنطق ، ولثوابت الفكر الإسلامى ، قرآنا وسنة ، وما اجتمعت عليه الأمة أو اطمأنت إليه فتلقته بالقبول من تراث مدراسها ومذاهبها الفكرية عبر تاريخها الحضارى الطويل .. قاصدين من وراء ذلك رضا الله ، سبحانه وتعالى بتبيان ما مَنَّ علينا من نعمة فى العلم رابط بها على ثغور الفكر الإسلامى وتحصين عقل الأمة ووجدانها فى مواجهة التحديات الفكرية الشرسة التى تتزايد حدة وانتشار .. ومستهدفين – بعد ذلك – دعوة المستشار عشماوى إلى الحق الذى نراه ، بالالتقاء فى ساحته على كلمة سواء ..
والله من وراء القصد .. منه نستمد العون والتوفيق .

د. محمد عمارة

===============================
(1) صدر كتابه الأول } رسالة الوجود { سنة 1959 م .
(2) ( معالم الإسلام ) ص7 . طبعة القاهرة سنة 1989م .
(3) ( الإسلام السياسى ) ص211 ، 212 . طبعة القاهرة سنة 1989م .
(4) هى (( الدار البيضاء )) بالمغرب ، على ساحل المحيط الأطلسى
(5) بين باكستان وأفغانستام ، على الطريق من كابل إلى بيشاور
(6) ( التنصير : خطة لغزو العالم الإسلامى ) ص21 . وثائق مؤتمر كولورادو. الطبعة العربية . مركز دراسات العالم الإسلامى. مالطا سنة 1991م.
(7) الإشارة إلى الصراعات التى انتهت بقيام الثورة الإيرانية فى فبراير سنة 1979م.
(8) الإشارة لتوجه الجنرال ضياء الحق .. والذى عرقلته أحداث بدأت باغتيال ضياء الحق!!..
(9) ( التنصير : خطة لغزو العالم الإسلامى ) ص8
(10) تاريخ الخطاب 29-5-1992م .. ومصدره وكالة الأنباء الفرنسية
(11) ( الشريعة الإسلامية والقانون المصرى ) ص 107 . طبعة القاهرة سنة 1988م و ( معالم الإسلام ) ص285.
(12) ( سبع سنوات فى بلاد المصريين ) ص85. الترجمة العربية . طبعة دار الكتاب العربى- دمشق .. القاهرة – سنة 1994م.
(13) المصدر السابق ص86.
(14) ( معالم الإسلام ) ص283
(15) ( المرجع السابق . ص 7 ، 8 ، 10.
(16) المرجع السابق ص 7 ، 8 ، 10
(17) ( الإسلام السياسى ) ص7
(18) ( الخلافة الإسلامية ) ص 7 ، 9 طبعة القاهرة سنة 1990م
(19) ( الراب والفائدة فى الإسلام ) ص 23 ، 28 ، 63 ، 64 ، 86 . طبعة القاهرة سنة 1988م
(20) ( معالم الإسلام ) ص8

الجندى
12-23-2005, 01:39 PM
الباب الأول
الرؤية العشماوية للإسلام وقرآنه الكريم
ورسوله صلى الله عليه وسلم وصحابة رسوله رضى الله عنهم وخلافته وفقهائه وأمته وتاريخه

1 – الموقف من الإسلام

لو أن مطاعن المستشار عشماوى وقفت عند (( الفكر الإسلامى )) لهان الأمر !..
ذلك أن حق الأختلاف فى الاجتهادات الفكرية هو حق مقرر لدى سائر تيارات ومذاهب ومدارس الفكر الإسلامى ، عبر تاريخ الإسلام .. وهو حق تأسس على (( سُنّة التعددية )) فى الاجتهادات الفكرية ، التى هى الاصل والقاعدة التى لا تبديل لها ولا تحويل .. وهى (( سنة )) قد أثمرت مبدأ اتفق عليه الجميع يقول : إن اجتهاد المجتهد غير ملزم للمجتهد الآخر .. فكما هو مشروع قبول اجتهادات الآخرين ، فإن رفضها هو الآخر حق مشروع ..
لكن المستشار عشماوى لم يقف عند رفض الفكر الإسلامى .. ولم يقنع بالطعن فى الاجتهادات الفكرية لأئمة المذاهب الإسلامية ، وإنما تجاوز كل ذلك إلى الطعن فى ذات الإسلام الدين!!..
فالمؤمنون جميعا يتلون كتاب الله ، سبحانه وتعالى ، ويقرءون فيه الوعد الإلهى بحفظ الدين الإسلامى بعيدا عن التبديل واتغيير والتحريف ( انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) (1) ، فتطمئن قلوبهم إلى صدق الوعد والعهد الإلهى بحفظ الدين من التبديل .. أما المستشار عشماوى ، فإنه يقول بتبدل معالم الإسلام – وليس فكر المسلمين – فيقول (( لقد استُبدلت بالمعالم الأساسية للإسلام معالم أخرى خاطئة وفاسدة ودخيلة )) (2) !

وفى موضع آخر يقول : لقد (( انزلق الإسلام إلى مهوى خطير ، وانحدرت الشريعة إلى مسقط عسير )) (3) !

وهو لا يترك مجالا للشك ولا بابا للتأويل يصرف مقاصده إلى (( الفكر الإسلامى )) وليس إلى (( الدين الإسلامى )) ، فيصرح بأن رأيه هو أن التغير قد أصاب ذات الإسلام ، بما فيه من (( إيمان )) و (( شريعة )) .. أى العقيدة والشريعة ، وهما كل وجوهر الإسلام الدين .. يقول ذلك ، متهما الذين لا يتفقون معه فى هذا (( بالقصور العقلى والاعتلال الفكرى )) .. فعنده أن (( السكون الذى يفرضه القصور العقلى ، والثبات الذى يتمسك به الاعتلال الفكرى هو الذى يدعو البعض – خطأ – إلى الظن بأن الإسلام ( الإيمان : شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ) ظل ثابتا عبر الصور فلم يلحقه تطور ، وبات ساكنا خلال القرون فلم يصبه تغير . والحقائق تقطع بغير ذلك ، فلقد عبر الإسلام مراحل عدة ظهر من خلالها فى صيغ مختلفة شديدة الاختلاف ، ومظاهر متباينة غاية فى التباين ، وأفكار متغايرة ممعنة فى التغاير ، ومذاهب شتى تتناقض أشد التناقض (4) ))!..

فالاختلاف ، والتغاير ، والتباين ، والتناقض – برأى العشماوى – قد أصابت ذات الإسلام : العقيدة – الإيمان – والشريعة .. وليس الفكر الإسلامى فقط ولا اجتهادات المسلمين وحدها!!..

وياليت العشماوى قد اتهم الأمة ، فى عهود تراجعها الحضارى ، باقتراف هذه الجريمة – جريمة تبديل الإسلام ، عقيدة وشريعة – واستبدال بمعالمه الأساسية أخرى (( خاطئة وفاسدة ودخيلة )) .. لكن الرجل قد رمى المسلمين الأوائل ، من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل وعلى عهد الرسول وتحت قيادته ، بهذا الاتهام .. بل إنه لايدع مجالا للشك فى أنه يقصد إلى أن الرسول ذاته قد قاد المسلمين الأوائل فى إحداث هذا التبديل لدين الإسلام!!

ولأن الأمر جلل ، والاتهام خطير .. بل ومنقطع النظير فى كل ما وجه إلى الإسلام والمسلمين من مطاعن ، على اختلاف عقائد ومقاصد الطاعنين .. فإننا سندع نصوص العشماوى تفصح عن هذه المطاعن التى لم يسبق لها مثيل ..
يُرجع العشماوى تاريخ تبدل الإسلام إلى (( الصيغة حربية )) وإلى (( اتجاه عسكرى )) للعهد النبوى ، منذ غزوة بدر – فى السنة الثانية من الهجرة – ناسبا ذلك إلى (( بعض المؤرخين )) – الذين لم يقل لنا من هم – أو إلى زمن غزوة خيبر سنة 7هـ ، معلقا ذلك على مؤرخين آخرين – ليس لهم وجود ولا لهذا الرأى ذكر فى أى مصدر من مصادر التاريخ - !! .. فيقول (( ويرى بعض المؤرخين أن الإسلام تشكل فى صيغة حربية عندما بدأت أول سرية للمسلمين على قوافل تجارة قريش فيما بين الشام ومكة . ويرى آخرون أن الاتجاه العسكرى فى الإسلام بدأ منذ غزوة خيبر )) .
وهو لا يقنع بطعن الإسلام – بادعاء تحوله إلى دين عسكرى وصيغة حربية – بفعل الرسول وصحابته .. وإنما يدافع عن يهود خيبر ، ويعيب على الرسول والمسلمين قتالهم .. فيستطرد قائلا : (( ذلك أن أهل خيبر لم يكونوا من المشركين أهل مكة الذيم عدوا النبى والمؤمنين وأخرجوهم من ديارهم ، كما انهم ( أهل خيبر ) لم يكونوا قد أساءوا إلى النبى أو إلى الإسلام بشىء .. )) .

وحتى يوهم القارئ أن هذا الاتهام ليس من عنده ، وأنه رأى (( لبعض المؤرخين )) وأنه – على العكس منهم – لا يتفق معهم فيه ، أضاف إضافات توجه المطاعن إلى الوحى الإلهى ذاته ، وليس فقط إلى الرسول والمؤمنين !! ..
فقال : إن هؤلاء المؤرخين (( لا يقدرون تمام التقدير الظروف الحقيقية – زمانا ومكانا – للمسلمين ، وأسباب اتجاهاتهم ودوافع تحركاتهم فى هذه الغزوة أو تلك السرية ، وأن المسلمين كانوا آنذاك يصدرون عن اعتقاد كامل ويصدعون إلى يقين تام بالوحى القرآنى الذى يقع )) (5)!

فهو يقرر تحول الإسلام إلى صيغة حربية وشكل عسكرى ، على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبفعل منه هو وصحابته .. لكنه يرجع ذلك إلى أنهم كانوا – فى هذا التبديل والتغيير – إنما يصدرون عن الوحى القرآنى ، الذى كان يأمرهم بهذه التصرفات!..

وفى مقام آخر يقدم للإسلام ، الذى زع أن الصحابة والمسلمين الأوائل قد بدلوا صميمه وغيروا روحه .. يقدم له صورة شائهة منفرة طافحة بالدمامة والقبح والسوء ! .. أى والله ! .. يصنع العشماوى ذلك ، فيقول بالحرف الواحد : (( إن المسلم يحزن أن ينحدر المسلمون الأوائل إلى هذا المقلب الذى .. غير من روح الإسلام وبدّل من صميم الشريعة .. لقد صارت السلطة والغرض والورث والصدقة عقيدة غير العقيدة ودينا بدل الدين وشريعة عوضا عن الشريعة .. وطفح على وجه الإسلام كل صراع .. فبثر بثورا ، ونشر بقعا خبيثة )) (6) !

فهو يتهم المسلمين الأوائل – الذين رضى الله عنهم بنص قرآنه الكريم – بأنهم وتحت قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، قد غيروا روح الإسلام ذاتها .. وليس فكرهم الإسلامى .. وبدلوا من صميم الشريعة ذاتها ، وليس صورتها فى أذهانهم .. فتغيرت العقيدة ، وتبدل الدين ، وكذلك الشريعة .. وأنهم قد جعلوا وجه الإسلام تطفح فيه البثور الغائرة وتنتشر فيه البقع الخبيثة .. منذ عهد المسلمين الأوائل ، عليهم رضوان الله ، وبقيادة المصطفى عليه الصلاة والسلام ..
تلك هى الرؤية التى يقدمها العشماوى – الأستاذ المحاضر فى اصول الدين والشريعة الإسلامية – لدين الإسلام !




=======================
(1) الحجر 9
(2) ( معالم الإسلام ) ص 10
(3) المرجع السابق . ص 132
(4) المرجع السابق . ص 143
(5) ( الخلافة الإسلامية ) ص104
(6) المرجع السابق ص 113 - 115

الجندى
04-04-2007, 11:30 PM
الكتاب كاملاً بصيغة pdf

http://al-mostafa.com/data/arabic/depot2/gap.php?file=014878.pdf

العصفور المهاجر
08-23-2007, 12:15 AM
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووور ياطيييييييييييييييييييييييييييييييب

حامل المسك
08-29-2007, 01:59 AM
جزاكم الله خيرا , وبارك الله في جهودكم .