المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة جميلة لإمام الجامع الكبير في نواكشوط



فيصل...
12-12-2005, 10:18 AM
وسيلة الإيمان

الشيخ أحمدو بن لمرابط
إمام الجامع الكبير بانواكشوط



أدين بحمد دائم متجدد = لربي على إنعامه المتعدد

وأهدي إلى خير الورى وصحابه = أتمَّ صلاة معْ سلام مؤبد

وبعد فإني قد قصدت قصيدة = وسيلة إيمان على نهج أحمد

فإن رمته آمن بربك أوَّلا = وبالرسْل والأملاك والكتْب والغد

وبالقدَر المقدور خيرا وضدِّه = فتلك أصول في الجواب المحمدي

عليها بنى إيمانه السلف الرضى = ونحن بهم -إن وفق الله- نقتدي

وسوف نسوق القول فيها مرتبا = على ذكرناها مفردا بعد مفرد

وبالله إخلاصي وبالله عصمتي = وبالله توفيقي وإكمال مقصدي


الإيمان بالله تعالى

إذا رمت إيمانا بربك كاملا = فدونك تفصيل المحقّ الموحد

فآمن به ربا ووحِّده عابدا = وأثبت له أوصافه غير معتد

وقل للذي التفصيلَ يبغي دليله = متى ما تدبَّرْ سورة الحمْد تحمد


الإيمان بربوبيته تعالى

فقل هو رب خالق ومدبر = جميعَ الأمور مالكُ الملك ترشد


توحيده تعالى في العبادة

وإياك لا تصرف لغير الإله ما = يحق لـه –سبحانه- من تعبد

فلا تستغث إلا به ليس غيره = بجالب نفع أو بدافع مؤيد

ولا تدع ،لا تنذر لغير إلهنا = فما ذاك بالمدْني وليس بمبعد

فإنَّ دعاء الميت والغائب استوى = بدعوة أصنام لدى كل مرشد

بجامع أن لا يستجيبون إن دُعُوا = وتأصيل ذا في الذكر باد لمن هُدي

ولا تتمسَّحْ بالقبور ولا تطُفْ = وزرها لتذكير المواقف في الغد

ولا تشدُدَنْ رحلا لغير ثلاثة = كما جاء مرفوعا بإسنادِ مسنِدِ

ولا تحلفنْ إلا بربك صادقا = فمن بسوى الرحمن يحلِفُ معتد

ولله أخلِصْ في العبادة، إنه = لَيعلم منا كل غيب ومشهد

وبالجاه لا تسألْ فتلك مصيبة = (ألا ليتني أفديك منها وأفتدي)

فإن أبا حفص توسّل بالدعا = من العم لا بالجاه من عمِّ أحمد

كما بالدعا الأعمى توجه لا سوى = فحقق ولا تحفل بقول مفنِّد

ولكن توسل بالتقى منك ضارعا = إلى الله تظفر بالمراد فتسعد


إثبات الأسماء والصفات له تعالى

وأثبت لـه أسماءه وصفاته = كما أُثبتت في نوعي الوحي تهتد

ولكن لدى إثبات ما هو مثبت = عن الكيف والتمثيل فابعد وأبعد

فقل إن مولانا على عرشه استوى = وأثبت لوصف الوجه والعين واليد

وما قد أتى من حبه أولياءه = ومن غضب منه على كل معتد

ومن كرهه كل الذي عنه قد نهي = ورضوانه عن شرعه للتعبد

وما جاء من إتيانه ومجيئه = وما من نزول في الرواية مسند

وقل إنه سبحانه متكلم = بما شا متى شا كيف شا غيرَ ملحد

وما كلمات الله تنفَدُ إن يكن = مدادا لها البحر الممدد ينفد

وقد كملت صدقا وعدلا وإنه = تكلم بالذكر المجيد الممجد

مع الخلق بالعلم المحيط وإنه = تنزّه عن قول الحلول المفند

إلى غير ذا مما به الوحي قد أتى = وندِّدْ بدعوى من يخالف، ندِّد

فمن يدعي الإيهام ثم فقل لـه = محال على الوحيين إيهام مفسد

فكم آية نصت على أن وحيه = شفاء بلا ريب وهاد به اهتدي

وذا يبطل التأويل إذ هو قرنه = "وكل قرين بالمقارن يقتدي"!!

فذا الحق لا تقبل سواه وإن يعب = عليك أخو التأويل فاردد وردد

وكم عائب قولا سليما لأجل ما = أصيب به من سقم فهم منكد

وما الله ينفي أو نفاه رسوله = عن الله ينفى عند كل موحد



الإيمان بالرسل

ولله رسل جاء أسماءُ خمسة = وعشرين منهم في الكتاب الممجد

كما جاء إجمال التفاضل بينهم = وفضِّلْ عليهم واختتم بمحمد

بعصمته قد خصهم ليبلّغوا = بتبليغ كل للرسالة فاشهد

أولو العزم قيل المصطفى فخليلهم = فموسى فنوح قبل عيسى المؤيد



فصل

وعادتهم في الباب أن يتكلموا = على فضل هذي الأمة المتمدد

ففي الذكر"كنتم خير أمة أخرجت" = وقد أسندوا: "خير القرون" لأحمد

وطائفة منها على الحق لم تزل = مؤمنة من صولة المتهدد

وللخلفا في الفضل جاء ترتب = وهو بترتيب الخلافة يقتدي

ومفضولهم يختص طورا بخصلة = فيعلو على الأعلى بفضل مقيد

وما قد جرى بين الصحابة كله = يكون عن التأويل لا عن تعمد

قد اجتهدوا فيه فأجران للذي = أصاب ومن أخطا له الأجرَ أفرد

ولا تعنهم إلا بخير فإنهم = إليهم تناهى كل فضل وسؤدد

لقد رضي الرحمن عنهم وعنه قد = رضوا فالرضى عنهم على كل مقتد

ولله قوم صالحون تهذبوا = كراماتهـم شاعت لدى كل مشهــد

بنور التقى تقوى الفراسة منهمُ = فيغدو لهم بعض الخفي كأن قد

أتى في حديث في البخاري أنهم = إذا سألوا المولى حباهم بمقصد

لذلك يبغى صالح من دعائهم = وسائلهم عن أمر غيب هو الردي

كما جاء في ذاك الحديث وعيد من = يعادي وليا بالشريعة يقتدي

فَدِنْ بولاء للإلـه وحزبه = وَدِنْ ببراء من كفور حقلَّد

وليس ينافي للبراء من العدا = مجاملةٌ يدعو لها حالُ مُجْهَد

إذا ما تحفظنا، فهم ينفقون كي = يصدوا عن النهج القويم المحمدي

يريدون منا أن نداهن فاحذروا = ولا تخدعوا من برهم والتودد


الإيمان بالملائكة

ولله أملاك يطيعون أمره = تقاصر عنهم غيرهم في التعبُّد

بتدبيرهم للأمر كلّفهم فهم = جنود عظام فوق كل مجند

فمنهم ثلاثُ وكِّلوا بحياتنا = فجبريلهم بالوحي أحيى الحجا الصدي

وميكال أحيى الأرض بالقطر والذي = يسمى بإسرافيل بالنفخ يبتدي

فتحيى به الموتى وهم رؤساؤهم = فراجع نصوص الوحي في العد تزدد


الإيمان بالكتب

وقد أنزلت كُتْبٌ على الرسْل حجة = وكل رسول ذو كتاب مؤيِّد

ونعلم منها بالخصوص كتابَنا = زبورا وتوراة وإنجيلا أسرد

وصحْفا لإبراهيم غير كتابنا = تطرقه التحريف من أيِّ مفسد


الإيمان باليوم الآخر

وأثبِتْ سؤالَ المرْء من بعد موته = فينعَم أَو يشقى وللبعث أكِّد

وصَدِّق بأشراط القيامة كلها = ووقْتُ تجلِّيها لنا لم يحدد

ويوم يقوم الناس يعطون كتبَهم = فذو الأخذ باليمنى إلى جنة هُدِي

وذو الأخذ باليسرى- نعوذ بربنا- = يسربل من نار الجحيم ويرتدي

وتوزن أعمال العباد ففرقة = متى ثقل الميزان بالخير تسعد

وأما التي خفت موازينها غدا = فتعسا لها في النار تردى مع الردي

وأما التي ميزانها ثَمَّ مستو = فترجو على الأعراف رجْوَ موحد

ويشفع إذ ذاك النبيُّ شفاعة = يُخص بها عن كل أوْجَهَ منجد

ليقضي بين الخلق خالقهم وقد = أصيبوا بكرب في المواقف مُجْهد

ويشفع في أهل الجنان ليدخلوا = فبان له فضل على كل سيِّد

ويشفع معْه الغير في مسلمين قد = عصوا فاستحقوا ذوق نار الموحِّد

ومن دونها قد يخرج الله بعضهم = برحمته وفضله المتعوَّد

هنالك حوض عند أحمد ماؤُه = شديد بياض طعْمُه طعْمُ صرخد

يحلَّـأ عنه المحْدِثون فويل من = يحلَّأ عن حوض النبي محمد

لكل نبي ثَمَّ حوض يخصه = ولكنَّ حوض المصطفى خير مورد

وثَمَّ صراط فوق متن جهنِّمٍ = مَمَرُّ الورى ما بين ناج ومبعد

وجنته للمتقين أعدها = أعد لظى للكافر المتمرد

وتَمْلأُ كل منهما ولقد رووا = مقالة نار وهي -قد ملئت- قد

وكلتاهما موجودة مالها فنا = وما شهد النص الصحيح به اشهد


الإيمان بالقدر

على قدَر تجري الأمورُ جميعها = إليه تعالى الخلق بالقدْر أسند

فمهما يكن شيء فذلك قد جرى = به قلمٌ في اللوح بادئ ذي بدي

أتاح اختيارا واقتدارا لخلقه = ولا شيء إلا بالمشيئة مقتد

ومن قال دل الذكر أن إلهنا = إرادته نوعان غيرُ مفنَّد

فإحداهما كونيِّة قدريِّةٌ = وليس يرى عما قضت أي عُندد

وليس بحتم أن يكون قضاءها = إلى الله محبوبا لدى كل مهتد

وأخراهما شرعية ليس لازما = وقوع اقتضاها بل بها تيك تقتدي

وليس بها ما لا يحب بواقع = له جلَّ سرٌّ من يسل عنه يعتدي

ونفس قضاء الله لا شرِّ فيه بل = إلى ما قضى تنميه دعوة أحمد

وذلك أن الخير بالمدِّ حاصل = وشرٌّ بعدْم المدّ يحصل فأجهد

ودع ما تعاصى فهمه وخذ الذي = فهمت ولا تسلك سبيل التمرد

وما رمته بالنظم تّمَّ لعلَّه = لقاصد إيمان وسيلة مقصد

صلاة وتسليم على خير مرسل = أجيء بها عند الختام وأبتدي

والله أعلم.