المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحكيم الصيني



LUCHA
06-28-2012, 02:06 PM
أثار أحد المزارعين الصينيين غيرة كبار ووجهاء قريته بسبب حصان في منتهى الجمال والقوة كان يملكه، وكان الجميع يطمع بشرائه منه ويلح بمبالغ ضخمة من المال حتى يتنازل عن الحيوان المتميز، غير أن المزارع الصيني كان يجيب كل من يعرض عليه شراء الحصان بقوله : هذا الحصان بالنسبة لي هو أكثر من مجرد حيوان، إنه صديق حميم، لن أستطيع أبدا !
في أحد المرات اختفى الحصان فجأة من اصطبله، فاجتمع الجيران حول بيت المزارع وراحوا يبدون آراءهم فيما حصل :
كان منتظرا أن يسرق حصانك ، لماذا لم تبعه ؟
فرد المزارع : لا نبالغ في الأمر، فالحصان لم يعد موجودا في اصطبله أمر واقع، والباقي ما هو إلا تقديرات من طرفكم، فكيف لنا أن نعرف إن كان ما حصل أمر يدعو إلى الفرح أم أمر يدعو إلى الحزن ؟
ضحك الجيران من قول المزارع وسخروا منه، فهم منذ وقت طويل يعدونه ضعيف الفكر ...
مرت 15 يوما وعاد الحصان إلى اصطبله ... في النهاية لم يسرقه أحد، فقط فر من اصطبله وعاد ومعه عشرات من الأحصنة البرية، سمع الجيران بالخبر فاجتمعوا من جديد عند المزارع وراحوا يباركوا له : لقد كنت على حق لم يكن غياب الحصان شؤما ولكن بركة عليك .
فرد عليهم الحكيم :
لن أذهب إلى حد القول أنها بركة ، فلنكتفي بالقول أن الحصان قد عاد . فكيف لنا أن نعرف أن ما حصل شؤم أو بركة.
انصرف الجيران وهم يشكون في سلامة عقل المزارع، فمن هذا الذي يحصل على عشرات الأحصنة بالمجان ولا يقول أنها بركة نزلت من السماء ؟
تولى ابن المزارع مهمة ترويض الأحصنة البرية، فأوقعه أحدها أرضا فكسرت ساقه، فالتم الجيران من جديد عند المزارع ، وصاحوا به :
يا أيها الصاح المسكين كنت على حق، هذه الأحصنة لم تكن إلا شؤما عليك! فها هو ابنك الوحيد عاجز عن الحراك، فمن يساعدك على أمور الحياة بعده، يا لك من مسكين ؟؟!!؟
فرد المزارع : مهلا ! لا نتسرع ، فابني أصبح عاجزا عن الوقوف فقط، فمن يمكنه أن يتنبأ بما سيأتي به هذا الحدث ؟ إن الحياة تتمثل لنا بأجزاء صغيرة، ولكن لا أحد منا يقدر أن يتنبأ بالمستقبل.
بعد فترة اندلعت الحرب، وتم تجنيد كل شباب القرية ما عدى ابن المزارع.
فراح يتذمر الجيران : أيها المزارع اللئيم لقد كنت على حق، فابنك لن يستطيع المشي مجددا ولكنه سيبقى بجنبك في الوقت الذي سيقتل فيه ابناؤنا !!!!!
فرد عليهم المزارع : من فضلكم ، لا تستعجلوا بالحكم ، أبناؤكم تم تجنيدهم في الجيش وبقي ابني هنا، هذا كل ما نعرف! أما إذا كان خيرا أو شرا فالأيام وحدها قادرة على اخبارنا بذلك.
بعد أشهر انتهت الحرب، بعض شبان القرية لم يعودوا، والبعض الآخر عاد حاملا مشعل النصر وغنيمة حرب كبيرة.
صاح الجار بالمزارع : ابنك ليس محظوظا فهو لم يعد من الحرب غنيا !
فأجاب المزارع كعادته : هل هو حظ أم سوء حظ ؟ من يدري،فكما يقول المثل الغنى الذي أتى في عجل، ذهب في عجل، ويعود البؤس ويصبح أمر تحمله أكثر صعوبة بعد فترة الرخاء.
فرد الجار قائلا: أنت محظوظ إذا، فابنك لم يعد من الحرب غنيا ولكنه لن يقبع في البلاء الأسود الذي سيقبع فيه أبناؤنا.
قال المزارع : هل هو حظ، أم سوء حظ ؟ من يدري ؟