الجاحـظ
12-16-2005, 02:36 AM
لا يخفى على أحدنا أهمية معرفة الزمن الذي يفصلنا عن بدء الحياة على الأرض، بل وحتى عن بدء الكون، إذ أن لهذا الزمن آثار كبيرة على المفهومين الإلحادي والإيماني لنشوء الحياة وتطور الكون.
خلال قرنين من الزمن، تم تغيير عمر الأرض من مائة مليون سنة إلى أربعة آلاف وستمائة مليون سنة وفقًا للمعطيات العلمية! وإذا استمر الحال كذلك فربما نخرج برقم فلكي لعمر الأرض، ويعود هذا العيب في المعرفة إلى نقص الدقة في أدواتنا الإبستمولوجية التي نقيس بها الزمن، وسوف أتطرق إلى الأدوات التي يستخدمها العلماء في معرفة عمر الأرض والأحافير للكائنات الحية.
عمر الطبقات الصخرية
الطريقة الأكثر اتباعًا في تحديد عمر الأحفورة هي الطبقة الصخرية التي وجدت بها، وفي المقابل فإن تحديد عمر الطبقة الصخرية يعتمد في كثير من الأحيان على عمر الأحفورة التي احتوتها! وهذا ما يسمى الدليل الدائري، ولعل ما نشرته مجلة American Journal of Science عام 1976 العدد 276 قد أحدث جدلاً كبيرًا في هذه النقطة لا تزال المدارس التطورية تدافع عنه.
التحلل الإشعاعي وحساب عمر الأحفورة
قد يستغرب البعض بأنه لا توجد وسيلة "قطعية" يمكننا عن طريقها معرفة عمر أحفورة أو صخرة، كل ما هناك هو "تكهن" بهذا العمر، فما يتم حسابه هو نسبة النظائر المشعة في الأحفورة والعنصر المستقر الناتج عن هذا التحلل فقط، ومن ثم يُستنبط العمر تقديريًا بناءً على معرفتنا بسرعة التحلل هذا.
النوع الأول من أشكال التحلل الإشعاعي هو الكربون المشع (http://en.wikipedia.org/wiki/Radiocarbon_dating) والذي يتحلل إلى نيتروجين، والجدير بالذكر أن هذا النظير المشع هو أقل النظائر استخدامًا من قبل التطوريين، وذلك لانعدام وجوده في الصخور، وتواجده بكميات قليلة جدًا في الأحافير لا تمكننا من إجراء الحسابات، وسرعة تحلل هذا النظير حيث أن عمر النصف له هو حوالي 6000 سنة، مما يجعله قابلاً لحساب العمر لمدة 40 ألف سنة فقط وهذه مدة قصيرة جدًا لا تسمح لأي نوع من التطور لكي يحدث، لذا فإن الوسائل الأكثر استعمالاً هي نظائر البوتاسيوم-الآرجون، السترونشيوم-الروبيديوم، واليورانيوم-الرصاص، إذ أن عمر النصف لهذه النظائر يقدر بمليارات السنين اللازمة للتحلل، فهل تقدم هذا النظائر حلاً للمعضلة السابقة؟
الجواب هو النفي، فهذه النظائر غير موجودة لا في الأحافير ولا في الصخور الرسوبية التي تحوي الأحافير، هي موجودة فقط في الصخور النارية التي تصلبت بعد أن كانت بحالة سائلة كما في اللافا البركانية، وهذه النظائر لا تبدأ بالتحلل إلى بعد تصلب الصخور وبرودها تمامًا، وبما أنه يستحيل تواجد أحفورة في هذه الصخور، فإن حساب عمر الأحفورة يعتمد على مدى تدفق اللافا بين الصخور الترسبية الحاوية للأحافير!
الشروط المستحيلة
عندما قلنا أنه من المستحيل تحديد عمر الأحفورة بشكل دقيق فإننا نعني ما نقول، وذلك بسبب انعدام معرفتنا بأساسيات العملية الحسابية، إذ حتى نجزم بالعمر بشكل قطعي ينبغي علينا أن نعرف هذه المعطيات:
1)كمية المادة المشعة التي ابتدأت مع تكون العينة (الأحفورة أو الصخرة).
2)الجزم بعدم وجود المادة المستقرة الناتجة عن التحلل في العينة عند تكونها.
3)القطع بعدم إضافة المادة المستقرة الناتجة عن التحلل في العينة من المحيط الخارجي.
4)القطع بعدم انتقال المادة المستقرة الناتجة عن التحلل في العينة إلى المحيط الخارجي.
5)التأكد من أن سرعة التحلل ثابتة ولم تتغير نتيجة أي ظرف.
بمجرد الاطلاع على هذه الشروط، يمكننا معرفة مدى ثقتنا بهذه الطرق المتبعة في حساب عمر الأحافير والأرض،
وأنا أركز على الشرط الأخير، إذ أن أعزاءنا الملحدين طالما رددوا عبارة (نحن لا نعرف الظروف الأولى للحياة)، فعلى أي أساس قطعنا الآن بمماثلة هذه الظروف لنا؟!!!
معضلة إضافية
لنكن متعاطفين أكثر مع زملائنا الأعزاء ونفترض توافر كل الشروط السابقة في جميع العينات التي تمت دراستها على مدى القرنين الماضيين، فهل -مجددًا- يمكننا معرفة العمر الحقيقي للأحافير؟؟
للأسف الشديد: لا، إذ أن التجارب أثبتت أن حساب عمر عينات متلاصقة في نفس المكان أعطت نتائج مختلفة، بل ومتباعدة جدًا..
فعندما حُسب عمر القمر عن طريق العينات التي حصل عليها المكوك أبولو، أعطت القراءة الأولى مليوني سنة، والقراءة الثانية ثمانية وعشرون ألف مليون سنة (28 بليون)!!! وقد لوحظت هذه الاختلافات أيضًا عند دراسة عمر صخور مدفوعة في براكين مختلفة، حيث كانت الفروق خيالية، لهذا السبب يحرص الجيولوجيون على السؤال عن نوع الطبقة الصخرية التي وُجدت بها العينة المراد حساب عمرها، وترجيح أي الأرقام تتوافق معها.
أخطاء أخرى
كما أنه يجدر بنا أن نذكر أحفورة Alan Thorne و Philip Macumber والتي صنفاها على أنها من نوع Homo Sapiens لأن قراءة عمر العينة أعطت عشرة آلاف سنة، بينما الجانب التشريحي للعينة بيَن أنها من نوع Homo Erectus والذي تواجد قبل أكثر من نصف مليون سنة! مما حدا بنا إلى أن النوع الأخير ليس إلا عرقًا بشريًا متواجد بيننا الآن.
إن الهدف من هذا الموضوع بيان أن ما يؤمن به زملاؤنا الملحدون من يقين في النظريات العلمية ليس إلا ترجيحات وظنون ولا يستند إلى قوام صلب، بل هي أقرب إلى الأيديولوجية منها إلى العلم.
خلال قرنين من الزمن، تم تغيير عمر الأرض من مائة مليون سنة إلى أربعة آلاف وستمائة مليون سنة وفقًا للمعطيات العلمية! وإذا استمر الحال كذلك فربما نخرج برقم فلكي لعمر الأرض، ويعود هذا العيب في المعرفة إلى نقص الدقة في أدواتنا الإبستمولوجية التي نقيس بها الزمن، وسوف أتطرق إلى الأدوات التي يستخدمها العلماء في معرفة عمر الأرض والأحافير للكائنات الحية.
عمر الطبقات الصخرية
الطريقة الأكثر اتباعًا في تحديد عمر الأحفورة هي الطبقة الصخرية التي وجدت بها، وفي المقابل فإن تحديد عمر الطبقة الصخرية يعتمد في كثير من الأحيان على عمر الأحفورة التي احتوتها! وهذا ما يسمى الدليل الدائري، ولعل ما نشرته مجلة American Journal of Science عام 1976 العدد 276 قد أحدث جدلاً كبيرًا في هذه النقطة لا تزال المدارس التطورية تدافع عنه.
التحلل الإشعاعي وحساب عمر الأحفورة
قد يستغرب البعض بأنه لا توجد وسيلة "قطعية" يمكننا عن طريقها معرفة عمر أحفورة أو صخرة، كل ما هناك هو "تكهن" بهذا العمر، فما يتم حسابه هو نسبة النظائر المشعة في الأحفورة والعنصر المستقر الناتج عن هذا التحلل فقط، ومن ثم يُستنبط العمر تقديريًا بناءً على معرفتنا بسرعة التحلل هذا.
النوع الأول من أشكال التحلل الإشعاعي هو الكربون المشع (http://en.wikipedia.org/wiki/Radiocarbon_dating) والذي يتحلل إلى نيتروجين، والجدير بالذكر أن هذا النظير المشع هو أقل النظائر استخدامًا من قبل التطوريين، وذلك لانعدام وجوده في الصخور، وتواجده بكميات قليلة جدًا في الأحافير لا تمكننا من إجراء الحسابات، وسرعة تحلل هذا النظير حيث أن عمر النصف له هو حوالي 6000 سنة، مما يجعله قابلاً لحساب العمر لمدة 40 ألف سنة فقط وهذه مدة قصيرة جدًا لا تسمح لأي نوع من التطور لكي يحدث، لذا فإن الوسائل الأكثر استعمالاً هي نظائر البوتاسيوم-الآرجون، السترونشيوم-الروبيديوم، واليورانيوم-الرصاص، إذ أن عمر النصف لهذه النظائر يقدر بمليارات السنين اللازمة للتحلل، فهل تقدم هذا النظائر حلاً للمعضلة السابقة؟
الجواب هو النفي، فهذه النظائر غير موجودة لا في الأحافير ولا في الصخور الرسوبية التي تحوي الأحافير، هي موجودة فقط في الصخور النارية التي تصلبت بعد أن كانت بحالة سائلة كما في اللافا البركانية، وهذه النظائر لا تبدأ بالتحلل إلى بعد تصلب الصخور وبرودها تمامًا، وبما أنه يستحيل تواجد أحفورة في هذه الصخور، فإن حساب عمر الأحفورة يعتمد على مدى تدفق اللافا بين الصخور الترسبية الحاوية للأحافير!
الشروط المستحيلة
عندما قلنا أنه من المستحيل تحديد عمر الأحفورة بشكل دقيق فإننا نعني ما نقول، وذلك بسبب انعدام معرفتنا بأساسيات العملية الحسابية، إذ حتى نجزم بالعمر بشكل قطعي ينبغي علينا أن نعرف هذه المعطيات:
1)كمية المادة المشعة التي ابتدأت مع تكون العينة (الأحفورة أو الصخرة).
2)الجزم بعدم وجود المادة المستقرة الناتجة عن التحلل في العينة عند تكونها.
3)القطع بعدم إضافة المادة المستقرة الناتجة عن التحلل في العينة من المحيط الخارجي.
4)القطع بعدم انتقال المادة المستقرة الناتجة عن التحلل في العينة إلى المحيط الخارجي.
5)التأكد من أن سرعة التحلل ثابتة ولم تتغير نتيجة أي ظرف.
بمجرد الاطلاع على هذه الشروط، يمكننا معرفة مدى ثقتنا بهذه الطرق المتبعة في حساب عمر الأحافير والأرض،
وأنا أركز على الشرط الأخير، إذ أن أعزاءنا الملحدين طالما رددوا عبارة (نحن لا نعرف الظروف الأولى للحياة)، فعلى أي أساس قطعنا الآن بمماثلة هذه الظروف لنا؟!!!
معضلة إضافية
لنكن متعاطفين أكثر مع زملائنا الأعزاء ونفترض توافر كل الشروط السابقة في جميع العينات التي تمت دراستها على مدى القرنين الماضيين، فهل -مجددًا- يمكننا معرفة العمر الحقيقي للأحافير؟؟
للأسف الشديد: لا، إذ أن التجارب أثبتت أن حساب عمر عينات متلاصقة في نفس المكان أعطت نتائج مختلفة، بل ومتباعدة جدًا..
فعندما حُسب عمر القمر عن طريق العينات التي حصل عليها المكوك أبولو، أعطت القراءة الأولى مليوني سنة، والقراءة الثانية ثمانية وعشرون ألف مليون سنة (28 بليون)!!! وقد لوحظت هذه الاختلافات أيضًا عند دراسة عمر صخور مدفوعة في براكين مختلفة، حيث كانت الفروق خيالية، لهذا السبب يحرص الجيولوجيون على السؤال عن نوع الطبقة الصخرية التي وُجدت بها العينة المراد حساب عمرها، وترجيح أي الأرقام تتوافق معها.
أخطاء أخرى
كما أنه يجدر بنا أن نذكر أحفورة Alan Thorne و Philip Macumber والتي صنفاها على أنها من نوع Homo Sapiens لأن قراءة عمر العينة أعطت عشرة آلاف سنة، بينما الجانب التشريحي للعينة بيَن أنها من نوع Homo Erectus والذي تواجد قبل أكثر من نصف مليون سنة! مما حدا بنا إلى أن النوع الأخير ليس إلا عرقًا بشريًا متواجد بيننا الآن.
إن الهدف من هذا الموضوع بيان أن ما يؤمن به زملاؤنا الملحدون من يقين في النظريات العلمية ليس إلا ترجيحات وظنون ولا يستند إلى قوام صلب، بل هي أقرب إلى الأيديولوجية منها إلى العلم.