المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( هى لنا علم وحضارة .. وعندهم شعوذة و كهنوت )



الجندى
12-26-2005, 09:51 PM
(هي لنا علم وحضارة..وعندهم شعوذة و كهنوت)
إسهامات المسلمين في أسس الهندسة الحديثة
نسق ونشر هذا البحث الأخ : أخو عياش
مصدر النقل (http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=142600)


§¤°~®~°¤§علم الحيل الهندسية ( الميكانيكا )§¤°~®~°¤§

من موقع إسلام ست - العلوم

http://mmsec.com/m1-eng/engtrek.htm


قصة لها دلالتها:

في القرن التاسع الميلادي (حوالي سنة 807 م) أرسل الخليفة العباسي هارون الرشيد ،هدية عجيبة إلى شارلمان ملك الفرنجة "وكانت الهدية عبارة عن ساعة ضخمة بارتفاع حائط الغرفة تتحرك بواسطة قوة مائية وعند تمام كل ساعة يسقط منها عدد معين من الكرات المعدنيه بعضها في أثر بعض بعدد الساعات فوق قاعدة نحاسية ضخمة ، فيسمع لها رنين موسيقى يسمع دويه في أنحاء القصر ...

وفي نفس الوقت يفتح باب من الأبواب الاثني عشر المؤدية إلى داخل الساعة ويخرج منها فارس يدورحول الساعة ئم يعود إلى حيث خرج ، فإذا حانت الساعة الثانية عشرة يخرج من الأبواب اثنا عشر فارسا مرة واحدة ، ويدورون دورة كاملة ثم يعودون فيدخلون من الأبواب فتغلق خلفهم ، كان هذا هو الوصف الذي جاء في المراجع الأجنبية والعربية عن تلك الساعة التي كانت تعد وقتئذ أعجوبة الفن ، وأثارت دهشة الملك وحاشيته... ولكن رهبان القصر اعتقدوا أن في داخل الساعة شيطانا يحركها.. فتربصوا به ليلا ، واحضروا البلط وانهالوا عليها تحطيما إلا أنهم لم يجدوا بداخلها شيئا"، وتو اصل مراجع التاريخ الرواية... فتقول : إن العرب قد وصلوا في تطوير هذا النوع من الآلات لقياس الزمن بحيث أنه في عهد الخليفة المأمون أهدى إلى ملك فرنسا ساعة أكثر تطورا تدار بالقوة الميكانيكية بواسطة أثقال حديدية معلقة في سلاسل وذلك بدلا من القوة المائية.

من هذه القصة نرى مدى تطور المسلمين في علوم الميكانيكا أو ما كانوا يسمونه علم الحيل الهندسية في حين كانت أوربا في عصر الظلمات.

الجندى
12-26-2005, 10:03 PM
علم الحيل


علم الحيل هو ما كان يعرف عند الإغريق (بالميكانيكا) وهو علم قديم اهتمت به الشعوب السابقة مثل قدماء المصريين والصين والإغريق والرومان ، لكن معظم هذه الشعوب كانت تستعمله للأغراض ( الدينية ) في المعابد، أو في ممارسة السحر والتسلية لدى الملوك، فكان الصينيون يستخدمون عرائس متحركة على المسرح ( الديني ) لها مفاصل يتحكم فيها الممثل بواسطة خيوط غير مرئية ، وقد صنع قدماء المصريين في معابدهم تماثيل لها فك متحرك وتخرج صوت صفير عند هبوب الريح. هذا وقد استفاد المصريون القدماء من هذا العلم في بناء معابدهم وتماثيلهم الضخمة أو نقلها، أما الإغريق فكانوا أول من ألف الكتب في هذا العلم ووضعوا له القواعد العلمية، وقد صنعوا الآلات العلمية المتحركة التي تستعمل قوة دفع الماء أو الهواء ، من ذلك الآلات الصوتية المسماة بالأرغن الموسيقى ومنها الساعات المائية

ملحوظة الكاتب يستعمل لفظة " الدين " عند الحديث عن الشرائع و الملل الأخرى و هذا خطأ حيث قال الله تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام )


المسلمون وعلم الحيل

بدأ العرب هذا العلم بنقل كتب السابقين من أمثال اقليدس، وأرشميدس، وارستطاليس، وأبلينوس وهيرون الاسكندري، ثم ظهر منهم العلماء والمهندسون المسلمون الذين تخصصوا في هذا المجال وطوروه ووضعوا له قواعد علمية جديدة وابتكروا تطبيقات رائدة للاستفادة منه، ويمكننا أن نلخص هدف المسلمين من هذا العلم في تسميته بأنه علم (الحيل النافعة) وقد ذكروا في مراجعهم أن الغاية منه (هي الحصول على الفعل الكبير من الجهد اليسير).

ومعنى هذا الاصطلاح أن المسلمين أرادوا به منفعة الإنسان واستعمال الحيلة مكان القوة والعقل مكان العضلات والآلة بدل البدن وقد كان لتعاليم الإسلام وتوجيهاته فضل كبير في تطوير هذا العلم عند العرب . فقد كانت الشعوب السابقة تعتمد على العبيد وعلى نظام السخرة في قضاء أمورهم المعيشية والتي تحتاج إلى مجهود جثماني كبير، فلما جاء الإسلام حرم إرهاق الخدم والعبيد وتحميلهم فوق ما يطيقه الإنسان العادي ، هذا إلى جانب تحريمه المشقة على الحيوان، لذلك اتجه المسلمون إلى تطوير الآلات لتقوم بالأعمال الشاقة.

وبعد أن كانت غاية السابقين من هذا العلم لا تتعدى استعماله في التأثير ( الديني ) والروحي على أتباع مذاهبهم مثل استعمال التماثيل المتحركة أو الناطقة بواسطة الكهان واستعمال الأرغن الموسيقى وغيره من الآلات المصوتة في المعابد، فقد جاء الإسلام نهى عن ذلك وجعل الصلة بين العبد وربه بدون وسائل وسيطة أو خداع حسي أو بصري.

لهذا كله أصبح لعلم الحيل عند المسلمين هدف جديد هو التحايل على ضعف الإنسان، والتيسير عليه باستعمال الآلة المتحركة.


علماء المسلمين وإنجازاتهم


من اشهر علماء المسلمين في علم الحيل أولاد موسى بن شاكر وهم محمد (ت 873 م) و حمد والحسن، وقد ألفوا كتاب "الحيل النافعة" وكتاب القرطسون (وهو ميزان الذهب) وكتاب وصف "الآلة التي تزمر بنفسها صنعة بني موسى بن شاكر" ومن اختراعاتهم التي وصفها المؤرخون بكثير من الإعجاب آلة رصد فلكي ضخمه.. تعمل في مرصدهم وتدار بقوة دفع مائية وهي تبين كل النجوم في السماء وتعكسها على مرآة كبيرة وإذا ظهر نجم رصد في الآلة وإذا اختفى نجم أو شهاب رصد في الحال وسجل ، وقد اخترع أحمد بن موسى قنديلا آليا يشعل الضوء لنفسه وترتفع فيه الفتيلة تلقائيا ويصب الزيت بنفسه ولا يمكن للرياح إطفاءه.

- ومن أساطين هذا العلم في الأندلس عباس بن فرناس (ت 878 م) وهو صاحب. عدد كبير من الاختراعات الميكانيكية.. منها (اليقاته) لمعرفة الأوقات و هي تسير بقوة دفع مائية. ومنها نموذج القبة السماوية التي توصل فيها إلى محاكاة البرق والرعد ثم صنع أول طائرة ذات جناحين متحركين وطار بها من فوق مئذنة مسجد قرطبة. ( قلت : هذا هو ابن فرناس الذي تخذناه مهرجا و مضحكة نستهزئ به !!! . راشد )

- ومن هؤلاء العلماء ابن يونس المصري (ت 1009) ويذكر عنه سارتون في موسوعة " تاريخ العلم أنه أول من اخترع الرقاص واكتشف قوانين ذبذبته وذلك قبل الإيطالي جاليليو (المتوفي سنة 1624 م) بستة قرون.

- ويعتبر العالم المهندس بديع الزمان الجزري المتوفى سنة 1184 م شيخ علماء المسلمين في علم الحيل ،وقد ألف كتاب "الحيل الجامع بين العلم والعمل " ويسمى في أوربا (الحيل الهندسية) وهو من أدق الكتب وصفا وشرحا وتفصيلا ومحلى بلوحات ملونة فيها وصف لآلاته واختراعاته وما زالت بضع نسخ أصلية من هذا الكتاب موجودة في متاحف أوروبا حيث يعتدون بها كدر أثرية ثمينة، وقد ترجم الكتاب إلى جميع اللغات الأوربية عدة مرات وكان قاعدة لعلم الميكانيكا الحديثة، الجزري هو أول من اخترع الإنسان الآلي المتحرك للخدمة في المنزل. طلب منه الخليفة أن يصنع آلة تغنيه عن الخدم كلما رغب في الوضوء للصلاة، فصنع له آلة على هيئة غلام منتصب القامة وفي يده إبريق ماء وفي اليد الأخرى منشفة وعلى عمامته يقف طائر فإذا حان وقت الصلاة يصفر الطائر ثم يتقدم الخادم نحو سيده ويصب الماء من الإبريق بمقدار معين فإذا انتهى من وضوئه يقدم له المنشفة تم يعود إلى مكانه والعصفور يغرد. ( قلت : رأيت بعيني صورة لصفحة من هذا الكتاب و فيها شرح جميل رائع لهذه الآلة البديعة . راشد )

- ومن أكثر الأمور التي حظيت باهتمام علماء المسلمين استعمال الروافع لرفع الأثقال الكبيرة بالجهد اليسير، وقد وضعوا لها قواعد وصنعوا أجهزة معقدة لرفع الأثقال الكبيرة أو جرها بالجهد اليسير ،وقد وضع ثابت بن قرة (المتوفى في القرن التاسع الميلادي) كتابا عن قوانين الروافع ومعادلاتها وحساباتها وقد ترجم في أوروبا باسم Liber Karatonis (4) (أي كتاب ابن قره) وكان لهذا الكتاب فضل كبير في النهضة الصناعية الحديثة.


التطبيقات العملية لعلم الحيل



يتصور بعض الأوربيين أن العرب رغم ولعهم الشديد بالميكانيكا أو علم الحيل فإنهم لم يطبقوه في أمور علميه نافعة كما طبقته أوربا في الاختراعات العصرية الحديثة كالقطار، والسيارة، والطائرة ويتصور بعضهم أن التطبيق السائد عند العرب كان في تسلية الخلفاء وفي بلاط الحكام بصناعة الدمى المتحركة والمصوتة ، وهذا مخالف للواقع وينم عن قصور في الدراسة والبحث، لأن ما تركه المسلمون والذي لا تزال آثاره موجودة حتى وقتنا الحاضر يعتبر أبلغ شاهد على تطور هذا العلم وتطبيقاته المتعددة... ويعتبر المعمار المجال الواسع لتطبيق علم الميكانيكا في عصور الإسلام المختلفة، فنظرة واحدة إلى آثار العمارة الإسلامية الموجودة حتى عصرنا الحاضر في شرق العالم وغربه وما فيها من تطبيقات علمية متطورة وما أنجزه علماء المسلمين من القباب والمآذن والسدود والقنوات، لقد برع المسلمون في تشييد القباب الضخمة ونجحوا في حساباتها المعقدة التي تقوم على ما يسمى في وقتنا الحاضر بطرق تحليل الإنشاءات القشرية (SHELLS). فهذه الإنشاءات المعقدة والمتطورة من القباب مثل قبة الصخرة في بيت المقدس وقباب مساجد الأستانة والقاهرة والأندلس والتي تختلف اختلافا جذرياً عن القباب الرومانية، كل هذا يدل على تمكنهم من هذا العلم الذي يقوم على الرياضيات المعقدة.

وإنشاء المآذن الطويلة والتي يعلو بعضها أكثر من سبعين مترا فوق سطح المسجد، و التي تختلف اختلافا جذريا ومتطورا عن المنارات الرومانية، وإنشاء السدود الضخمة التي أقامها العهد العباسي والفاطمي والأندلسي مثل سد النهروان وسد الرستن وسد الفرات.

ثم وسائل الري والفلاحة التي ابتكرها المسلمون مثل سور صلاح الدين الذي يجلب الماء من النيل إلى قمة جبل المقطم ووضعوا في النيل آلة متطورة ترفع الماء إلي ارتفاع عشرة أمتار لكي يتدفق من هذا الارتفاع إلى القلعة مباشرة.

ـ وطواحين الماء والهواء، واستعمالها في مصانع الورق ومصانع وما فيها من تروس معشقة وعجلات ضخمة متداخلة..

- والمدن الإسلامية أول مدن في التاريخ تستعمل شبكات المياه من المواسير المعدنية وذلك قبل أوروبا بعدة قرون ،وما زالت إحدى هذه الشبكات حتى اليوم موجودة في مدينة (عنجر) شرقي لبنان وقد أقامها الأمويون في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان..

- وهذا الاستغلال العبقري لنظرية الأنابيب المستطرقة في توصيل المياه في شبكة من المواسير إلى البيوت، أو في بناء النوافير داخل القصور كما في نوافير الماء الراقصة في قصر الحمراء، هذا علاوة على استغلالها في تحريك الدمى و الأبواب.

- وقد أبدع المسلمون في استغلال علم الحيل في صناعة السلاح. فطوروا المنجنيق والدبابات الخشبية وكانوا أول من صنع المدافع والبندقية (أنظر باب العلوم العسكرية في المشاركات القادمة ) .

وتحدثنا كتب التاريخ عن الكثير من الاختراعات العجيبة في قصور الخلفاء وأثرياء المسلمين، فمن ذلك أن أحد الخلفاء كان مصابا بالأرق ،فصنع له العلماء فراشا فوق بحيرة من الزئبق ليساعده على النوم، وجاء في وصف مقصورة جامع مراكش المصنوعة أيام الموحدين أنها كانت تتحرك جدرانها ومنبرها فتتحرك بمجرد أن تلمس رجل الخليفة الأزرار الموضوعة في المدخل الخاص عند دخوله المقصورة، وكانت هذه المقصورة تدار بحيل هندسية بحيث تنصب إذا استقر المنصور ووزراؤه بمصلاه وتختفي إذا ذهبوا، وقد تجلت مهارة المسلمين الميكانيكية في صناعة الساعات الكبيرة والصغيرة ويذكر ابن كثير( في البداية والنهايةجـ 9) أن أحد أبواب جامع دمشق كان يسمى باب الساعات "لأنه عمل فيها الساعات التي اخترعها فخر الدين الساعاتي ، وكان يعمل بها كل ساعة تمضي من النهار، عليها عصافير،وحية من نحاس وغراب، فإذا تمت الساعة خرجت الحية فصفرت العصافير وصاح الغراب وسقطت حصاة في الطست فيعلم الناس أنه قد ذهب من النهار ساعة" ويقول ابن جبيرفي وصف هذه الساعة "أنها كان لها بالليل تدبير آخر إذ تجهز بمصباح يدور به الماء خلف زجاجة داخل الجدار، فكلما انقضت ساعة عم الزجاجة ضوء المصباح ولاحت للأبصار دائرة محمرة" وكانت هذه الساعة في غرفة كبيرة وهناك شخص يقيم بداخلها.. مسئول عن صيانتها وإدارتها.. مدرب على أعطالها الميكانيكية،فهي أشبه بمحطة من محطات توليد الطاقة في عصرنا الحاضر.

وفي سنة 758 هـ. صنع المهندس أبو عنان المرينى المغربي ساعة ضخمة من النحاس، وضعت في الساحة العامة بسوق القصر بالمغرب، وكانت في كل ساعة تسقط صنجة كبيرة فوق طاس كبير.. فيحدث لها دوى كبير يسمعه أهل، المدينة.

ويعتبر الجزري أول مخترع لمضخة المكبس piston Cylender التي أوردنا تفصيلا لها وفوائدها في الباب الأخير من هذا الكتاب.

كذلك قدم الجزرى في كتابه خمسة آلات مختلفة لرفع المياه من الأعماق بالجهد اليسير، وكل منها يمثل تطورا جديدا في علم الميكانيكا وكان لها الفضل في ابتكار مضخات سحب البترول من الأعماق وهذا قليل من كثير مما لا يتجمع المقام لشرحه.


يتبع ...

الجندى
12-29-2005, 12:40 PM
~*¤ô§ô¤*~العسكرية الإسلامية ~*¤ô§ô¤*~

قصص لها دلالتها:


في معركة القادسية فوجىء المسلمون في اليوم الأول للمعركة بظهور الفيلة في مقدمة جيش الفرس ،وكانت الفيلة بحجمها وصراخها المرتفع تخيف خيول المسلمين فتتراجع الخيل أمامها، وبسرعة خاطفة تشاور قادة المسلمين، وأعدوا خطة للتغلب على الفيلة، فجاءوا في مقدمة جيشهم بجمال ضخمة وربطوا كل جملين معا وكسوهما بثوب واحد حتى بدت الجمال كأنها وحوش هائلة، وأخذ الرماة على الجمال يصوبون سهامهم الى عيون الفيلة، فأصيبت الفيلة بالذعر فألقت بالجنود من فوقها وعادت وهي تدهس كل من في طريقها من جنود الفرس، وبهذا انقلبت الهزيمة الى نصر.

ومن أشهـر الخطط العسكرية في التاريخ والتي مازالت تدرس حتى اليوم في كليات أركان الحرب، ما فعله محمد الفاتح في فتح القسطنطينية، فقد وصل بسفنه المحملة بالمدافع الضخمة إلى مضيق الدردنيل، فوجد أن البيزنطيين قد سدوا المضيق بمجموعة من السلاسل الضخمة التي تمتد بين الشاطئين تمنع السفن من العبور ولكن هذا لم يفت في عضد هذا القائد العبقري ولم يوقف تقدمه، فقد قرر أن يقوم بأكبر عملية نقل أسطول بحري في التاريخ وقام الجيش كله بسحب السفن على أعمدة خشبية وضعها على البر، والتف من خلف السلاسل ونزل الأسطول في البحر مرة أخرى وفوجىء البيزنطيون بحركة الالتفاف التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ كله، فلأول مره في التاريخ العسكري يجرؤ قائد على نقل سفنه البحرية بما تحمله من مدافع ثقيلة ومؤن وعتاد، ويصعد بها قمة الجبل، ثم يهبط بها الي البحر ليواجه عدوه، وكانت نتيجة المفاجأة ان سقطت المدينة في قبضته بأقل الخسائر..

فهذه القصص تدلنا بوضوح على أن تفوق المسلمين الحربي وانتصاراتهم التاريخية لم تكن نتيجة الحماس والشجاعة وحدهما، ولكن كان هناك تنظيم وترتيب، وكان هناك تخطيط ومكيدة، وكانت هناك خبرة بفنون الحرب


العسكرية الإسلامية عقيدة وعلم

العسكرية الإسلامية.. تلك الظاهرة التي ولدت عملاقة، فلم تمر بمراحل التطور الطبيعية، والتي حيرت المحللين العسكريين، وكتاب التاريخ في كشف اسرارها.

لقد كانت شعوب العرب جماعات غير منتظمة ولا مدربة من بدو الصحراء ومع ذلك فقد تفوقوا فجأة على أعتى جيوش العالم في عصرهم،وأكثرها تدريبا وأحسنها سلاحا وعددا.

كان تعدادهم لا يزيد عن واحد إلى عشرة من تعداد عدوهم في أكثر المعارك ، وكان سلاحهم بدائيا في صنعه ومعدنه،وكانت ملابسهم مهلهلة ، فهي أقرب إلى ملابس البادية منها إلي عدة الحرب، ومع ذلك فقد هزموا جنود الفرس والرومان الذين كانوا مدججين بأحدث الأسلحة من قمة رأسهم إلى أخمص قدميهم، وكانوا متخمين بأطيب الطعام، ويغدق عليهم ملوكهم الأموال بغير حساب، حاربوا جيوش الإمبراطوريتين في وقت واحد وهو أمر يخالف أبسط القواعد العسكرية، ولم يكتفوا بمواجهتهم في المعارك البرية التي عرفوها بل طاردوهم في البحر الذي لم يعرفوه أبدا، وانتصروا عليهم في (ذات الصواري) وأسروا أسطولهم البحري الذي لم يذق طعم الهزيمة قبل ذلك أبدا فتعال ننظر بالتحليل العلمي ما هو سر هذه العسكرية الإسلامية، وكيف انتصر الحفاة العراة الجياع رعاة الشاة علي أعظم إمبراطوريتين في عصرهم في معارك خاطفة وحاسمة، وما هي عوامل النصر.؟

تقوم العسكرية الإسلامية على عنصرين هامين لا يستغنى عن أحدهما على حساب الآخر.. العقيدة والعلم ، فلا ريب أن للعقيدة الإسلامية الفضل الأول في التفوق العسكري لدى المسلمين الأولين.. فأهم سلاح للجندي المقاتل هو معنوياته، وكثيرا ما يرى الإنسان رجلا صغير الجسم ضعيف البنية. ولكنه قوي العزم والإرادة، فيهزم رجلا أعظم منه بدنا وأكثر وزنا ، وقوة ولكنه فاقد العزم والإرادة، وقد لعبت العقيدة الإسلامية دوراً كبيراً في الفتوحات الإسلامية الكبرى لم تلعبه أي عقيدة قبلها أو بعدها، وذلك لأنها العقيدة الوحيدة التي تربط بين الدين والدنيا، وتجعل للمجاهد في سبيل الله إحدى الحسنيين.. إما النصر والعزة في الدنيا، وإما الشهادة والجنة في الآخرة، وقد حرص الإسلام على تربية أبنائه على روح الثقة بالنفس، والثقة بالنصر، فكان يقول لهم "وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " وحذر جنود المسلمين من روح الهزيمة والتقهقر، إلا أن يكون منحازا إلى فئة، و متحفزا لقتال ،وهو يجعل الموت أمرا هينا ما دام في سبيل الله وفي طاعة أوامره، فإن من ورائه حياة أخرى أعظم وأفضل من حياة الدنيا.


مفهوم الحرب في الإسلام
أو العقيدة العسكرية الإسلامية:

ملحوظة هامة ... الجانب الشرعي الذي ضمنه كاتب المقال و هو الدكتور محمد خضر من جامعة عمان بالأردن لم يذكر مصدره و لذلك فهو رأيه الذي يؤمن به و أنا شخصيا لا أدين لله به و إنما أنشره امانة و ليس هو الهدف الأصلي من نشر البحث ... و هذا أيضا لا يعني اعتراضي عليه لكن بعض كلامه في الجانب الشرعي لا أعتقد صحته ... راشد


من المهم هنا قبل أن نتكلم عن العلوم العسكرية في الإسلام أن نشرح نظرة الإسلام إلى الحرب، ونلخص هذا المفهوم في عدد من النقاط الرئيسية: ــ

أولا
أن السلام هو الغاية والهدف.. والحرب إحدى وسائل تحقيق السلام وفي ذلك يقول القرآن الكريم.
- "ادخلوا في السلم كافة" البقرة 208
- "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" الأنفال 61.
- "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا" النساء90.

ثانيا
أن الحرب في الإسلام نوعان:

1- دفاعية: لحماية أرض المسلمين وعقيدتهم، وفي ذلك يقول القرآن:
ـ "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " البقرة 194
- "ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة "واحدة "النساء 102 ) .
ـ وخذوا حذركم ".
- "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا" الحج 39"
2 - هجومية: وليس الهدف منها الغزو والاستعمار وقهر الشعوب أو إكراه الأمم على اعتناق الدين، ولكن الهدف تحرير إرادتها وحريتها لكي تختار الدين الحق.. دون قهر من الحكام أو الغزاة وفي ذلك يقول تعالى:
- "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ".
- "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض " البقرة 25 .

- ثالثا: أن الشدة في القتال لا تعني القسوة ولا الوحشية ولا الظلم، فقد أمر المسلمون بالشدة في القتال بمعنى العزم والحزم وعدم التراجع فقال: "ولا تولوهم الأدبار".
"حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " محمد 47
" جاهد الكفار و المنافقين واغلظ عليهم ".
وفي نفس الوقت أمروا بالرحمة والعدل والرفق بعد الانتصار فقال تعالي:
"ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا".
"فإما مناً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها".
"وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ".
"ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ".

كان هذا هو الجانب العقائدي تحدثنا عنه بإيجاز شديد وبقي الجانب الآخر الذي هو موضوعنا الرئيسي من هذا البحث وهو الجانب العلمي من العسكرية الإسلامية.

فعندما نزل أمر الله للمسلمين بالجهاد.. لم يكلهم إلى عقيدتهم وحدها، ولم يكتف بمعنوياتهم العالية، بل قال لهم (وأعدوا) والأمر بالإعداد هنا لا يقتصر على السلاح وحده.. بل يشمل التنظيم الشامل المتواصل للحرب ماديا ومعنويا، وابتداء من تعليم الضبط والربط والنظام، إلى التدريب المتواصل على كل الأسلحة، إلى دراسة الخطط الحربية إلى معرفة جغرافية المناطق والمواقع.. ثم الحرص على الأسلحة الحديثة والمتطورة والتدريب عليها.. ومنذ اللحظة الأولى لنزول الأمر بالجهاد.. ابتدأ الرسول صلى الله عليه و سلم يعلم أتباعه ويعدهم للانطلاقة الكبرى لنشر الدين في أقصى بقاع الأرض بل كانت تعاليمه صلى الله عليه و سلم بمثابة مدرسة لتخريج القادة العظام لا من جيله فحسب بل على مر العصور والأجيال.


النظام و الانضباط في الجيوش الإسلامية



كان بدو الصحراء لا يعرفون النظام.. ومن الصعب عليهم أن يقفوا في صف احد.. أو صنع طابور.. فجاء الإسلام ليربيهم تربية جديدة فيها النظام وفيها دقة المواعيد.. وفيها الطاعة والضبط والربط فأمرهم بالوقوف في صف واحد للصلاة.. الكتف في الكتف والقدم بجوار القدم لا يتأخر أحدهم عن أخيه ولا يتقدم، وينذرهم بأن (الله لا ينظر إلى الصف الأعوج) أي أن الصف كله يتحمل وزر من يخالف النظام من أعضائه، وعلمهم المحافظة على المواعيد، إلى حد الدقيقة والثانية فإذا أذن المؤذن للصلاة لا يتغيب أحد ولا يتقاعس أحد، ولو كان تجارة أو طعام لانفضوا عنه لكي يستجيبوا إلى داعي الرحمن وإقامة الصلاة، ومن هنا فقد تعلم جنود المسلمين الضبط والربط ودقة المواعيد لأن هذه كلها من أصول العبادات ومن أوامر الدين التي يؤدونها كل يوم خمس مرات في حياتهم اليومية..

ولا يقتصر هذا الانضباط في الإسلام على فريضة الصلاة وحدها، بل إن كل فرائض الإسلام الأخرى من حج وصوم وزكاة.. تربي المسلم على معنى الانضباط والالتزام.

وبفضل هذه التربية لم يكن من الصعب على قادة المسلمين إعداد الجيوش في أيام معدودة، أو تجميع الإمدادات وإرسالها أو تحريك الكتائب لمباغتة العدو في فترات قياسية، ففي الجيوش العادية يجازى من يتخلف عن التجنيد بالغرامة أو السجن، أما في جيوش الإسلام، فإن الجزاء أشد من ذلك بكثير، إنه خسارة دينه ودنياه، وحرمانه من نعيم الجنة، وتحضرنا هنا قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن نداء الجندية في عهد الرسول.. بغير مرض ، ولا عذر قاهر، فلما اكتشفوا هول الخطأ الذي ارتكبوه في حق دينهم ودعوتهم وابتعد عنهم الناس وقاطعوهم حتى زوجاتهم وأولادهم، فضاقت بهم الدنيا بما رحبت ولم يجدوا ملجأ من الله إلا التوبة له.. وكادوا أن يهلكوا لولا أن نزل عليهم أمر الله بالعفو والغفران وإنذارهم ألا يعودوا لمثلها أبدا، فكانت تلك الحادثة قدوة وعبرة للأجيال من بعدهم ألا يتخلف احد عن داعي الجهاد، ولا يتأخر.

ومع مضي الزمن، وتطور الحروب الإسلامية والفتوحات كان النظام والطاعة من العوامل الرئيسية في انتصارات المسلمين، فكان الجندي المسلم لا يستطيع أن يخالف قائده أو يعصي أمره، أما القادة فكانوا فيما بينهم مثال، التواضع والزهد في المناصب، والبعد عن الغيرة الشخصية وجو الدسائس ،وعندما حاصر المسلمون مدينة القسطنطينية على عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك وهو الحصار الذي استمر شهورا متوالية.. كان في الجيش جميع أمراء بني أميه.. ومنهم المرشحون للخلافة، ومع ذلك فقد كان القائد يعاملهم كأي، جندي عادي.. ويوقع عليهم من المسئوليات والواجبات بل وأيضا العقوبات كأي جندي آخر.. وهذا مثال راق لما وصل إليه المسلمون من الضبط والربط.


نظام التجنيد.. والديوان:


عندما ابتدأت الدعوة الإسلامية إلى الجهاد كانت الجندية تطوعا وامتحانا للعقيدة والإيمان، ثم تحول التطوع إلى واجب والتزام لا يجوز لمسلم مهما كان عذره أن يتخلف عنه إلا أن يكون واحدا من ثلاثة حددهم القرآن في قوله تعالى:
" ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج "الفتح 17"

فالمرض المزمن مثل أمراض القلب والرئتين وكذلك العمى والعرج أوالمقصود بالأعرج كل صاحب عاهة تمنعه عن القتال، هذه هي الأسباب الثلاثة الوحيدة التي تعفي من التجنيد في الإسلام ومازالت هي نفس الأسباب في عصرنا الحديث، وطبيعي أن يكون السن شرطا آخر وقد حدد بخمسة عشر عاما وكان الرسول يرد من هو أصغر من ذلك، أما كبر السن فلم يكن له حد لمن أراد تطوعا.

وعندما تولى عمر الخلافة وتوسعت فتوح الإسلام أصدر أول أمر بالتجنيد الإلزامي فقال في خطابه إلى ولاة الأقاليم لا تدعوا أحدا من أهل النجدة ولا فارسا إلا جلبتموه فإن جاء طائعا وإلا حشرتموه " ،وهكذا لم يكن يعفي من التجنيد في دولة الإسلام إلا غير المسلم لأن أهل الذمة معفون من الجندية، ولم يكن التجنيد إلزاميا للمرأة، ولكنه حق لها إذا وافق زوجها، فكانت نساء الصحابة يشاركن مع الرجال في الفتوحات الإسلامية الأولى.. فشاركن في فتوح فارس والشام ومصر بل شاركن في معارك البحر في ذات الصواري، وكان عمل المرأة تجهيز السلاح ومداواة، الجرحى وطهو الطعام ورعاية الخيل، فإذا احتاج الأمر شاركت في القتال الفعلي.

وكان يجري إحصاء الجند وتسجيلهم في ديوان الجند، وبموجب الديوان يعطي الجند أعطياتهم ما داموا على قيد الحياة، فإذا استشهد الجندي ينقل ديوانه إلي أهله.

وكان من وسائل الإحصاء في الجيوش الإسلامية أن يمر كل جندي أمام قائده أو رئيس وحدته.. فإذا وقف أمامه رمى بسهم من كنانته في مكان معين وبعد انتهاء المعركة يعاد العرض ليأخذ كل جندي سهما.. فالأسهم التي لم يأخذها أحد تبين عدد الشهداء والجرحى،وكان الجند في الجيش الإسلامي نوعين:
جنود محترفون ونظاميون وهؤلاء لا عمل لهم سوى القتال، ويصرف عطاؤهم من بيت المال علاوة على أسهمهم من الغنائم، وجنود متطوعون يلحقون بالجيش من البوادي والأمصار والبلاد المفتوحة (من المسلمين) ويتم تجنيدهم أثناء الفتوحات والقتال ولهم نصيب من الغنائم ولكن ليست لهم رواتب .

وكان عدد الجند في أواخر عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ثلاثين ألفا من المشاة وستة آلاف فارس وفي عهد أبي بكر وعمر بلغ 150.000 ثم زاد العدد باطراد الفتوحات وتوسعها، فيذكر ابن خلدون أن الخليفة المعتصم قد غزا عمورية بجند عدده 900.000 أي قرابة المليون.

والمسلمون أول من ابتكر نظام الدواوين والإحصاءات وكلمة الديوان عربية انتقلت عن العرب إلى أوروبا وما زالت حتى اليوم مستعملة وهذا دليلا على فضل الحضارة الإسلامية.

الاستخبارات والتجسس:

لقد برع المسلمون في الاستخبارات وكان القائد المسلم قبل أي معركة من المعارك الحاسمة يحرص على أن تكون لديه حصيلة وافية عن قوات العدو وأرضه، وقيادته وطباعه وعاداته، وكان هذا أحد أسرار الانتصارات الإسلامية الكبرى، والقرآن الكريم يذكرهم بأهمية الاستخبارات فيقول تعالي

- "يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم " النساء71

ثم أورد الكاتب بضع آيات لا أدري موضع الاستشهاد فيها و لم يذكر آراء المفسرين فيها و هي في الأصل لمن أراد

وقد ضرب الرسول صلى الله عليه و سلم نفسه القدوة لكل القادة الذين يأتون من بعده في أهمية الاستخبارات ففي كل غزواته كان يرسل عيون الاستطلاع، وفي بدر قام بنفسه بالاستكشاف وأخذ معه أبا بكر، وأيضا أرسل حمزة وعليا وسعد بن أبي وقاص وعبيدة بن الحارث، في حملات أخرى لاستكشاف أخبار العدو، ومع تعدد مصادر معلوماته كان صلى الله عليه و سلم يراجعها ويطابقها ببعض للوصول إلى أدق الحقائق ويقوم بتحليلها حتى يعرف كل شيء عن العدو، ومن أهم وسائله صلى الله عليه و سلم بث العيون الثقات في مكة، يوافونه بالأنباء من أعلى المستويات، ومن هذه العيون عمه العباس وبشير بن سفيان العتكي وهما اللذان أفاداه بأهم المعلومات عن نوايا قادة قريش وتحركاتهم.

وقد استخدم الرسول صلى الله عليه و سلم الشفرة السرية، لإخفاء مضمون رسائله فكانت له شفرة شفوية وأخرى مكتوبة ،ففي غزوة الخندق أرسل سعد بن معاذ إلى يهود بني قريظة لمعرفة مكائدهم وأمره عند عودته أن لا يفصح عن أخباره لأحد حتى لا يوهن عزم المسلمين، بل يستعمل ( لحن القول) كنوع من الشفرة الشفوية وفي إحدى سراياه الاستطلاعية التقى بأعرابي فأخذ يسأله عن قريش حتى عرف، منه كل شيء ثم سأله البدوي بدوره "من أنتم " فقال : "نحن من ماء" وتركه مسرعا فأخذ البدوي يتعجب لهذا الرد ويقول "فكل الناس من ماء"

ومن قادة المسلمين الذين نبغوا في الاستخبارات عمرو بن العاص، فكان يتنكر بنفسه في زى التجار ويدخل معسكرات الرومان في مصر، وكانوا إذا أرادوا التفاوض ذهب بنفسه في زي جندي عادي من الوفد وترك غيره يتكلم وهو يستمع ويتطلع ويلاحظ. دون أن يعرفوه، وهكذا لم يكن يعتمد على الجواسيس المحترفين من العرب والقبط وحدهم، بل يستطلع بنفسه، ويدرس عقلية قادة الأعداء وأفكارهم بنفسه.

الحرب النفسية في الإسلام :

الحرب النفسية من أهم عناصر كسب المعارك، ويعتبر الرسول أول قائد عسكري في التاريخ يكسب معركة كاملة بالحرب النفسية وحدها، وذلك في معركة فتح مكة.. فقد كان حريصا في فتح مكة بالذات أن لا يريق نقطة دم وأن لا يستعمل السلاح في هذا الحرم المقدس. حتى لا تكون تلك سابقة لانتهاك حرمة الكعبة، وقد اتبع الرسول في ذلك أسلوبا فريدا:

- فقد جعل الفتح سرا لا يعرفه أحد سوى الخاصة من القادة.. حتى يضمن عنصر المفاجأة .
- وقطع المسافة بين المدينة ومكة مرحلة واحدة دون راحة حتى يصل قبل أن تعرف بأمره استخبارات قريش.
- ووصل في الليل فحاصر مكة من كل جانب بعشرة آلاف جندي رابط بهم على سفوح الجبال.
- وأمر جنوده أن يشعل كل واحد منهم نارا عالية فأشعلوا عشرة آلاف نار حتى أدخل الروع في نفوس السكان وأوهمهم بأن عدد الجند أكبر من ذلك بكثير لأن العرف جرى أن النار الواحدة تكفي عشرة جنود..
وعندما حضر أبو سفيان للتفاوض مع الرسول أمر بحبسه في خيمة دون أن يكلمه أحد حتى أدخل الروع في قلبه وظن أن مصيره القتل.
- ثم أمر عمه العباس أن يصطحبه ليرى استعراض جيش الرسول وهم يهتفون هتافاتهم الإسلامية تشق عنان السماء، ورأى الكتيبة الخضراء من أصحاب الرسول، في ملابسهم المتناسقة ونظامهم الدقيق حتى قال للعباس "والله يا عباس.. إنه لا قدرة لأحد على هؤلاء"

وأخيرا بعد أن بلغ به الانبهار والانهيار النفسي مبلغه، أكرمه الرسول صلى الله عليه و سلم بأن جعل كل من دخل بيته آمنا.
وبذلك سلمت مكة دون قتال..

كل هذا التكتيك الحربي كان بمثابة دروس يلقيها الرسول صلى الله عليه و سلم على القادة من أتباع أمته.. حتى يعملوا بالحرب النفسية على كسب المعارك بأقل قدر من الخسائر سواء من بين جنودهم أو جنود عدوهم، لأن رسالة الإسلام ليست في القتل والخراب. ولكنها في الهداية وكسب القلوب.


~*¤ô§ô¤*~السلاح في الجيوش الإسلامية ~*¤ô§ô¤*~

علماء المسلمين طوروا السلاح من السيف والسهم إلى الدبابة والمدافع

عندما قامت دعوة الإسلام.. كانت الأسلحة التقليدية المعروفة هي القوس والرمح والسيف، وقد استعمل الرسول صلى الله عليه و سلم في حروبه وغزواته كل هذه الأسلحة، فكان يرمي بالنبال إذا كان العدو بعيدا ثم يرمي بالرمح إذا اقترب العدو منه، ثم يضرب بالسيف إذا واجهه العدو.

وقد كون ( صلى الله عليه و سلم ) فرقا متخصصة في جيشه، كل منها يختص بسلاح معين، فهناك فريق الرماة بالنبال ، وفريق يختص بالرماح.. وفريق ثالث من المشاة حاملي السيوف.

وكان رماة المسلمين يوم أحد خمسين راميا وضعهم الرسول في مكان يسيطر على مسرح المعركة كله، وقد رمى الرسول عن قوسه المكتوم حتى صار شظايا.. ثم استعمل الحربة، ثم السيف حتى حول الهزيمة إلى نصر.

تطور السلاح الإسلامي

وقد وضع الرسول صلى الله عليه و سلم بنفسه مبدأ تطوير السلاح وكان حريصا أن يحصل جيشه على أحدث الأسلحة في عصره،. فمن ذلك أنه رأى في يد الزبير بن العوام، بعد عودته من هجرة الحبشة نوعا جديدا من الرماح يقال له (العنزة) وكان الأحباش يصيدون به الوحوش بدقة متناهية، فأمر الرسول أن يصنع لجيشه مثلها، وأمر الزبير أن يدربهم عليها، كذلك كان الرسول أول من أدخل في جزيرة العرب المنجنيق والدبابة فأرسل إلى الشام وفدا لتعلم صنعهم وقد صنعهم قبل حصار الطائف وقذف بهم الأسوار والحصون.

وبفضل هذا المبدأ الذي وضعه الرسول كان المسلمون من بعده يحرصون على تطوير سلاحهم بالدراسة والعلم والتجربة.. حتى جاء يوم أصبح السلاح العربي مضرب الأمثال في الجودة والمتانة والكفاءة .

ا) فمن هذه التطورات صناعة الصلب العربي الذي تصنع منه الأسلحة فقد بلغت هذه الصناعة أوجها في دمشق والقاهرة، وأصبح السيف العربي لا يدانيه سيف آخر من حيث حدة شفرته وعدم قابليته للصدأ أو الاعوجاج، وكان التوصل إلى هذا النوع من الصلب بفضل علماء المسلمين في الكيمياء الذين وضعوا الكتب والمؤلفات بعنوان مثل:

"فيما يوضع على الحديد والسيوف حتى لا تثلم ولا تصدأ"، وقد ظلت صناعة هذا النوع من الصلب العربي سرا لا يعرفه الغرب ،ولم يكتشف إلا من عهد قريب عندما أعلنت إحدى الجامعات الأمريكية أنها توصلت إلى تحليل معدن السيوف العربية القديمة (انظر باب الكيمياء).

2) أيضا تفنن المسلمون في الأسلحة الثقيلة كالدبابة والمنجنيق لمهاجمة الحصون فكان أول استعمالهم لها بعد الرسول في حصار دمشق سنة 13 هـ كما ادخلوا عليها الكثير من التطور، وفي حصار (الديبل) في بلاد السند كان لدى الجيش الإسلامي منجنيق هائل يدعى (العروس) بلغ عدد الجنود الذين يحركونه ويرمون عليه خمسمائة جندي.

وقد استعمل ابن الرشيد في حصار (هرقلية) في بلاد الروم منجنيقا يرمي الحصون بنار حارقة مكونة من خليط من الكبريت والنفط والحجارة وملفوف في الكتان، وفي الحروب الصليبية ابتكر المسلمون آلة جديدة اسمها (الزيار) ترمي أعدادا كبيرة من السهام الثقيلة دفعة واحدة.

3) كذلك كان المسلمون أول من اخترع حرب الغازات:
فقد جاءت جماعة من طائفة الإسماعيلية فعرضت على صلاح الدين اختراعا من ابتكارهم يعتبر أول استعمال للغازات في الحرب.

وذلك بأن تحرق مجموعة من الأعشاب المخدرة في موضع قريب من جيش العدو بحيث يكون اتجاه الريح نحوهم فيسبب التخدير للجيش كله وينومه مما ساعد صلاح الدين على مباغتة الصليبيين وهزيمتهم، وقد طور المسلمون هذا السلاح، فصنعوا منه (القبرة) وهي قنبلة يقذفونها بالمنجنيق على معسكر العدو وهي مشتعلة وتحتوي على مزيج من البنج الأزرق والأفيون والزرنيخ والكبريت فإذا تفاعل الكبريت والزرنيخ تولدت عنه غازات حارقة وخانقة.
4- صناعة المدافع: وسوف يأتي حديث مفصل عنها في باب الاختراعات الإسلامية الحاسمة في التاريخ.


المخطوطات العسكرية الإسلامية

لقد اهتم المسلمون بالدراسات العسكرية النظرية، وألفوا الكثير من المخطوطات في كل المجالات فمنها دراسات حول صناعة السلاح وتطويره، ومنها دراسات عن التدريب على السلاح واستعمالاته، ومنها دراسات عن الخطط العسكرية وفنون التعبئة وتحريك الجيوش.

وقد أحصى المؤرخ الإسلامي ابن النديم الكتب والمراجع في هذه المجالات فإذا بالتراث العلمي العسكري الإسلامي من أغنى المراجع في التاريخ وقد كتب هذا الباب بعنوان "فيما كتب في الفروسية وحمل آلات الحرب والتدبير الحربي ".

ويتكون هذا التراث العلمي من قسمين. قسم ألفه العرب والمسلمون وقسم مترجم نقلوه عن الفرس والروم والهنود، فمن الكتب المترجمة عن الإغريقية كتاب "فن الحركات الحربية" لمؤلفه اليانوس الإغريقي. وهناك كتب ترجمت عن الدولة الرومانية مثل كتاب Taktikon، " عن التكتيك الحربي لمؤلفه ليون السادس وكتاب Stratigikon وهو عن الاستراتيجية لمؤلفه ككاومنوس في القرن العاشر الميلادي.

أما المؤلفات العربية فهي نوعان: نوع يدخل في كتب التاريخ والأدب العربي وفيه وصف لمعارك الإسلام، مع توضيح للخطط الحربية والتدبير العسكري وملابسات المعارك ،ومن ذلك كتاب "عيون الأخبار" لابن قتيبة "والعقد الفريد" لابن عبد ربه "وسراج الملوك " للطرطوشي.

وهناك أيضا المؤلفات المتخصصة في علوم الحرب: فمن ذلك كتب في الرمي بالنبال وإصابة الهدف وأخرى في صفات الأسلحة وأساليب استعمالها مثل "كتاب الدبابات والمنجنيقات " وكتب في الخيل والفروسية والعناية بالخيل مثل كتاب "فضل الخيل " لمؤلفه الفارس الإسلامي عبد المؤمن الدمياطي وكتاب "رشحات المداد في الصافنات الجياد".

- كذلك هناك مخطوطات في الخطط الحربية أو الخدعة مثل كتاب "الحيل والمكايد" وكتب التدريب التعبوي ككتاب "أدب الحرب " وكتب عن "فتح الحصون والمدائن وتربيض الكمائن " وكتب عن "توجيه الجواسيس والطلائع والسرايا ".

والكثير من هذا المخطوطات التي عددها ابن النديم قد فقدت من العالم العربي، ومنها النادر الموجود في مكتبات أوروبا حيث ترجم عدة مرات واستفادوا منها قرون طويلة. فمن أهم هذه المراجع مؤلفات القائد العسكري الإسلامي حسن الرماح الذي توفي في سوريا 1294 م وقد ألف كتاب "الفروسية والمكائد الحربية" وكتاب "نهاية السؤل والأمنية في تعلم الفروسية" ومن أهم كتبه كتاب "غاية المقصود من العلم والعمل بالبارود " وهو كتاب عن صناعة البارود وتحضيره وتنقيته من الشوائب. ويلمح سارتون في كتابه (مقدمة إلى تاريخ العلم) إلى أن روجر باكون قد نقل صناعة البارود من هذا الكتاب ولا يفوتنا هنا الإشارة الى مخطوط إسلامي عسكري هام ظهر أخيرا في مراكش يعود إلى سنه 1583 ومؤلف هذا الكتاب هو " إبراهيم بن أحمد بن غانم بن محمد بن زكريا" وكان إبراهيم هذا من بقايا مسلمي الأندلس الذين أخفوا إسلامهم.. وعندما علم الأسبان بأمره ،طردوه إلى مراكش بعد أن قضى في سجونهم سبع سنوات.. وكان إبراهيم خبيرا بالمدفعية وبصناعة .. وقد ورث هذا العلم أبا عن جد منذ عصور الأندلس، أما الكتاب فاسمه "العز والرفعة والمنافع للمجاهدين في سبيل الله بالمدافع "ويعتبر هذا الكتاب أول كتاب من نوعه في التاريخ متخصص في صناعة المدافع وحدها، وفيه يصف مؤلفه صناعة المدافع ابتداء من عصور الإسلام إلى استعمالها وتطويرها في الجيوش الأسبانية، وقد وصف الكتاب اثنين وثلاثين نوعا من المدافع المختلفة الأحجام والصناعة والأغراض، ووصف أنواع الحجارة وأحجامها التي يقذفها المدفع، ووصف صناعة المدفع وطريقة وزنه بميزان خاص للتأكد من دقة إصابته للهدف ،ثم يختم هذا المخطوط ببيان طريف بعنوان عن "تذويب المدفع إذا كان ثقيلا كي لا يغنمه الأعداء "والكتاب محلى بالصور العلمية التوضحية الملونة.. ولا تقتصر أهمية هذا المخطوط على ما فيه من معلومات قيمة عن المدفعية في أسبانيا في مرحلة التحول عن الإسلام. ولكنه يعتبر آخر صيحة من أحد بقايا مسلمي الأندلس إلى العالم الإسلامي كله تدعوه إلى اليقظة وإعداد السلاح المتطور لمواجهة أعداء الإسلام عملا بقوله تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" حتى لا يواجهوا مصير أهل الأندلس من الإبادة الجماعية وفي ذلك يقول في مقدمة كتابه:

"ما قصدت به نفعا دنيويا، بل الإخلاص لله تعالى راجيا أن يصل إلى جميع بلاد المسلمين ليحصل به النفع ويحصل لهم الأجر عند الله سبحانه وتعالى بتفريج المسلمين بإتقان أعمالهم وتخويف أعدائهم الكافرين. "


أزياء الجنود

لقد تطورت أزياء الجيش الإسلامي تطورا سريعا، كان المسلمون الأولون على عهد رسول الله "صلى الله عليه و سلم " يقاتلون في بدر وأحد بملابسهم العادية المهلهلة ولم يكن بينهم أكثر من فارس أو اثنين بعدة الحرب، ثم طور الرسول صلى الله عليه و سلم ملابس الجيش لتصبح أقرب إلى الجيوش النظامية، وكان زى الرسول صلى الله عليه و سلم وأصحابه في الحرب هو السروال والقميص ويضعون العمائم على رؤوسهم وكان صلى الله عليه و سلم يلبس العمائم المختلفة الألوان حسب الغرض والمناسبة وبلقى بذؤابة العمامة بين كتفيه، وفي ذلك بقول صلى الله عليه و سلم (العمائم تيجان العرب) وفي فتح مكة كانت كتيبة الرسول صلى الله عليه و سلم هي الكتيبة الخضراء لأن كل ملابسها وعمائمها خضراء وقد غطوا وجوهم بذؤابات العمائم فلا يبين منهم إلا حدق عيونهم، وكانت هذه الكتيبة الخضراء بتنظيمها البديع وزيها الموحد وشعاراتها التي تطلقها إلى عنان السماء حدثا لم يسبق له مثيل في جزيرة العرب، وعندما مرت هذه الكتيبة أمام أبي سفيان وزعماء مكة أصابهم الذعر حتى قال أبو سفيان للعباس عم رسول الله "والله يا عباس إن ملك ابن أخيك اليوم أصبح عظيما".

وبهذا المظهر الأخاذ استطاع الرسول صلى الله عليه و سلم أن يكسب معركة مكة بالحرب النفسية وحدها وبدون إراقة قطرة واحدة من الدماء، وقد تطورت أزياء المسلمين بعد ذلك، فعرفوا الخوذة لحماية الرأس، وقد تفنن الصناع المسلمون في صناعة الخوذ فكانوا يكتبون عليها الآيات القرآنية.

وفي عصور الانحلال أصبحت الخوذ كتيجان الملوك تحلى بالذهب والياقوت، والزمرد، ومن ذلك خوذ المماليك وآخر ملوك الأندلس حيث كانت للزينة أكثر منها للقتال، كذلك عرف المسلمون الدروع والتروس لوقاية صدورهم ولبسوا (الجوشن) وهو لباس من حديد يلبس على الصدر عبارة عن حلقات من الحديد المتداخلة.

التدريب على السلاح:


التدريب المتواصل على السلاح وعلى خطط الحرب هو أحد واجبات الفرد المسلم وليس هذا خاصا بالجنود وحدهم وفي حالة الحرب وحدها، ولكنه أمر عام إلى الرعية المسلمة لكي يكون كل فرد قادرا على حمل السلاح مدربا عليه وفي ذلك يقول الرسول (صلى الله عليه و سلم) "كل شيء يلهو به ابن ادم فهو باطل إلا ثلاثة.. رميه عن قوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنهن حق " رواه الخمسة ومعنى هذا الحديث.. أن المسلم في وقت فراغه ولهوه عليه أن يتخير التسلية المفيدة التي تعده للحرب ،وعلى وقت الرسول كانت هذه التسلية هي التدريب على إصابة الهدف بالنبال، والتدريب على ركوب الخيل.. وفي الحديث أن أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قد كبر في السن ومع ذلك فقد كان دائما يبدأ يومه بعد صلاة الفجر بالتدريب على الرمي بالنبال فكان أحفاده يسألونه أن يرفق بنفسه في هذه السن الكبيرة ،فيقول لهم "سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من تعلم الرمي ثم تركه فليس منا". رواه أحمد، وهكذا سبق المسلمون أرقى الدول في عصرنا الحاضر وأكثرها نهضة وتقدما ففي السويد وفي سويسرا بعد أن ينهي الجندي خدمته العسكرية يظل تحت السلاح إلى أن يبلغ سن التقاعد، وعليه أن يحضر دورة تدريبية مرة كل عام حتى يجدد لياقته البدنية وخبرته بالسلاح، والإسلام يأمر الآباء أن يدربوا أولادهم منذ الصغر على ركوب الخيل.. وفي ذلك يقول صلى الله عليه و سلم"من حق الولد على والده أن يعلمه الرماية والسباحة وركوب الخيل " ويقول أيضا "ومروهم فليثبوا على الخيل وثبا".

وكان الرسول (صلى الله عليه و سلم ) يعقد المسابقات بين شباب المسلمين وكانت كلها تدور حول الرماية والمبارزة والفروسية، وقد شاهد فريقين من المسلمين يتباريان في الرمي.. فقال لأحدهما "ارموا وأنا معكم " فلاحظ أن الفريق الآخر قد توقف عن الرمي فقال صلى الله عليه و سلم "ما لكم لا ترمون " قالوا "كيف نرمي وأنت معهم فضحك الرسول صلى الله عليه و سلم وقال "فإني معكم جميعا. "

وهكذا لا يعرف التاريخ كله عقيدة من العقائد اهتمت بالتدريب العسكري ونهت عن التخلف عنه.. وشجعت المتفوقين فيه وكرمتهم في حياتهم وبعد موتهم مثل العقيدة الإسلامية.

أساليب القتال في الجيوش الإسلامية.

كان العرب في الجاهلية يتبعون طريقة الكر والفر في حروبهم وكانوا يجعلون نساءهم وأولادهم وأرزاقهم وراءهم.

فلما ظهر الإسلام أخذ العرب يقاتلون زحفا أي صفوفا عملا بقوله تعالى "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " ولكن قادة المسلمين كان لديهم من المرونة في تغيير الخطط والتكتيك الحربي ما جعلهم دائما يفاجئون عدوهم بما لا يتوقعه ويتفوقون عليه. ففي سنة 13 هـ أدخل خالد بن الوليد نظام الكراديس في جيبه لأول مرة في معركة اليرموك ثم أتبعه سعد بن أبي وقاص في معركة القادسية سنة 14 هـ.

والكردوس كلمة يونانية ومعناها القسم: إذ يقسم الجيش إلى خمسة أقسام مقدمة و ساقة وميمنة وميسرة وقلب.

وكانت جيوش المسلمين في كل معاركها تتفوق على العدو بفضل خفة الحركة وسرعة التصرف والقدرة على المباغتة فكان القادة يحركون الكتائب من موقع إلي موقع لإرباك العدو وذلك بأسلوب ورثه العرب عن أجدادهم الأولين الذين كانوا يحسنون فن الكر و الفر في القتال، ومن أقوال الرسول صلى الله عليه و سلم"الحرب خدعة") أي أن القائد الماهر الذكي هو الذي يستطيع أن يكسب بالخدعة الحربية أو بالتأثير النفسي وباستعمال العقل والدهاء أكثر مما يكسب بالتضحيات والخسائر والدماء، وقد اتبع قادة المسلمين على مر العصور هذا الشعار في كل حروبهم حتى أصبحوا يسمون "بثعالب الصحراء"، كانوا يبعثون بالجواسيس والطلائع، وكانوا يحرصون على مقابلة قادة الأعداء ليعرضوا عليهم الإسلام أولا، وفي نفس الوقت ليدرسوا شخصيتهم وعقلهم عن قرب حتى يعرفوا نقاط الضعف فيهم، فكان عمرو بن العاص يتخفى في زي جندي بسيط ليقابل أطربون قائد جيش الروم ويعرفه عن كثب دون أن يعرف الخصم عنه شيئا، وقد نبغ قادة المسلمين في نصب الكمائن، وفي مهاجمة مؤخرة العدو وفي أساليب الحرب النفسية قبل المعركة وأثناءها.

وفي ختام هذا الموضوع نقول إن انتصارات المسلمين الرائعة على قوى تفوقهم عددا وعدة لم يكن بالتواكل والحماس وحدهما، ولكن كان هناك تنظيم علمي مدروس وتخطيط ذكي واستعداد دائم .

البحرية الإسلامية:


من طبيعة البدوي أنه يخاف البحر.. وذلك لأنه يعيش حياته كلها في الصحراء، سفينته هي ظهر جمله.. ومحيطه هو هذه الرمال الجافة المترامية.. وعندما نزل القرآن.. أشار إلى هذه الحقيقة في أكثر من موضع فقال تعالى "وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد" (سورة 31 آية 13)

ولم يعرف عن الرسول صلى الله عليه و سلم أنه ركب البحر، وكذلك أبو بكر وعمر.. ومع ذلك نجد في تعاليم الإسلام ما يشجع على ركوب البحر والغزو فيه في سبيل الله.. إلى حد اعتبار غزوة البحر أكثر ثوابا من غزوة البر.. وشهيد البحر له مكان في الآخرة أعظم من شهيد البر.. ومعروف أن الفتوح الإسلامية الأولى كانت كلها في البر. سواء في فارس أو في الشام أو في مصر والشمال الإفريقي، وكان عمر بن الخطاب يأمر قادة الجيوش أن يبنوا المدن الجديدة في البلاد المفتوحة بحيث لا يفصلها الماء عن مكة، وهذا هو السر في بناء مدينة الفسطاط على الساحل الشرقي لنهر النيل، وعندما يئس الرومان من إحراز أي نصر على العرب في حروب البر، وجهوا همهم إلى أسطولهم الذي كان سيد البحار كلها، فأخذوا يغيرون على سواحل مصر والشام على أمل استعادة بعض ما فقدوه. وكان معاوية واليا على الشام وعمرو بن العاص على مصر، فطلب معاوية من الخليفة أن يأذن له ببناء أسطول بحري لكي بغزو به قبرص التي كانت قاعدة أمامية للأسطول الروماني، فكتب الخليفه إلى عمرو في مصر بطلب منه أن يصف له البحر وحال راكبه، فكتب إليه عمرو. "يا أمير المؤمنين إني رأيت البحر خلقا كبيرا يركبه خلق صغير.. ليس إلا السماء والماء: إن ركد أحزن القلوب. وإن ثار أزاغ العقول. والناس فيه دود على عود. إن مال غرق وأن نجا برق " فلما قرأ ابن الخطاب كتب إلى معاوية والذي بعث محمدا بالحق لا أحمل فيه مسلما أبدا ورفض طلبه.. وقد زاد من إصرار الخليفة أن عامله على البحرين (العلاء ابن الحضرمي كان يرغب في فتح سواحل فارس حتى تصبح له شهرة مثل غيره من القادة الآخرين، فاستجمع بعض السفن البحرية.. واستعان في ذلك بأهل البحرين وهم ملاحون مهرة ونزل في سواحل فارس سنة 17 هـ دون إذن من الخليفة إلا أنه هزم فعاقبه الخليفة بأن أنزله من رتبته، وبعد أن توفى عمر وتولى عثمان أعاد معاوية الطلب : وبعد طول تردد وتأجيل وافق عثمان على غزوة قبرص بشروط : أولها أن يكون اختياريا لمن أراد وقال في ذلك "ولا تجبر الناس : ولا تقرع بينهم فمن اختار الغزو طائعا فاحمله وأعنه " أما الشرط الثاني فهو أن يأخذ معه في البحر زوجته وزوجات الصحابة" وواضح أن الهدف من الشرط الأخير أن يكون المسلمون أكثر حذرا وحيطة في وجود زوجاتهم.

وبنى معاوية أسطولا بالاستعانة ببحارة الشام الذين أسلموا كما بنى والي مصر أسطولا آخر، وخرجت السفن من عكا تحت إمرة معاوية سنة 28 هـ وانتصر على الأسطول الروماني في قبرص ودمر قواعده، وصالح أهل قبرص على أن يدفعوا له جزية كل سنة ووافق أن يدفعوا مثلها للروم لا يمنعهم العرب من ذلك على أن لا تستعمل أرضهـم كقاعدة للهجوم على الموانيء الإسلامية وفي نفس الوقت يسمحون للسفن العربية بالهجوم على البيزنطيين من الجزيرة متى شاؤوا فكانت غزوة قبرص أولى معارك الإسلام البحرية.

وأراد الروم أن يستعيدوا هيبتهم في البحر والبر، فاهتم قسطنطين بن هرقل بالأسطول وزاد من قوته.. حتى عزم أن يغزو به الإسكندرية ويسترد مصر، وفي سنة 31 هـ أقبل قسطنطين بنفسه على قيادة أسطول من ألف سفينة رومانية ويقدر الطبري أن هذا كان أكبر حشد بحري عرفه الروم في تاريخهم، وأرسل معاوية أسطوله الذي أنضم إلى أسطول مصر تحت قيادة واليها عبد الله بن أبي سرح ، والتقى الفريقان قرب الإسكندرية في عرض البحر.. وكان الأسطول الإسلامي من مائتي سفينة وتشير المراجع الأجنبية أن مكان هذا اللقاء قبالة (فونيكة) وهو ثغر مصري يقع غرب مدينة الإسكندرية بالقرب من مدينة مرسى مطروح، وعندما اقتربت سفن الجانبين أطلق الرومان النار الإغريقية على سفن المسلمين.. وهي خليط من الكبريت والمواد السهلة الاشتعال ومادة الجير الحي التي تتفاعل مع الماء فتنتج الحرارة، ولكن المسلمين بدلا من أن يهربوا بعيدا عن النيران تقدموا بسفنهم المشتعلة حتى ربطوها بسفن الرومان فصارت 1200 سفينة في عرض البحر.. كل عشرة أو عشرين متصلة ببعضها، وأصبح ظهر السفن كأنه قطعة أرض منبسطة يجول فيها المشاة والرماة والفرسان.. وتحولت المعركة إلى برية، فأبيد من الروم خلق كثير حتى وصفت المعركة بأنها (اليرموك الثانية) وكاد الإمبراطور قسطنطين أن يقع أسيرا ولكنه تمكن من الفرار بسفينة القيادة تاركا أسطوله في قبضة المسلمين ووصل إلى جزيرة صقلية، فلما علموا هناك بهزيمته المنكرة انقضوا عليه فقتلوه وقد سميت هذه المعركة "ذات الصواري " لكثرة الصواري من الفريقين فيها.. وسميت في المراجع الأجنبية "معركة فونيكة" وتاريخها يوم 29 آب سنة 655 م ،لقد غيرت هذه المعركة الحاسمة مسار التاريخ البحري وتحول بعدها المسلمون من الخوف، من مجرد ركوب البحر إلى سادة البحار..

ومن بعدها استولي المسلمون على كل جزر البحر الأبيض: قبرص وكريت وكورسيكا وسردينيا وصقلية وجزر الباليار ووصلوا إلي جنوا ومرسيليا، ومن بعدها تحول لقب هذا البحر من (بحر الروم) أو (البحيرة الرومية) إلى بحيرة إسلامية، واستحكم نفوذ الأسطول الإسلامي عندما فتح المسلمون الأندلس وأصبحت سفنهم تعبر في أمان بين سواحل الشام ومصر شرقا وإلي الأندلس غربا.. وتحولت الدولة الرومانية من إمبراطورية بحرية عظمي إلى دويلة صغيرة تطل على البحر،وعلى مر العصور ازداد اهتمام المسلمين بالأسطول.. ففي عهد الأمويين حاصروا القسطنطينية من البحر مرتين الأولى في عهد يزيد بن معاوية سنه 49 هـ والثانية في عهد الوليد بن عبد الملك سنة 100 هـ هذا علاوة على الحصار البري، واهتم العباسيون أيضا بالأسطول في البحر الأحمر والمحيط الهندي وغزوا سواحل الهند سنة 159 هـ وفي مصر اهتم الفاطميون ثم الأيوبيون ثم المماليك بالأسطول فكان أسطول المعز لدين الله الفاطمي. يتألف من 600 سفينة أما أسطول الأندلس فكان يسيطر على شرق البحر الأبيض والمحيط الهادي، ففي البحر الأبيض استولوا على جزر ميوركة ومنورقة وكورسيكا ومدينة جنوة، وفي المحيط الهادي تصدوا لغزوات (الفيكنج) الذين كانوا يغيرون، على سواحل فرنسا وإنجلترا والأندلس وقد ردهم الأسطول الإسلامي عن العالم الإسلامي كله في حين لم تستطع أي دولة أوروبية أن تتصدى لهم.


صناعة السفن

انتشرت صناعة السفن في أنحاء العالم الإسلامي في ثغور متفرقة، ففي الشام اشتهـرت عكا وصور و طرابلس ثم بيروت، حيفا وفي مصر اشتهرت المقس والإسكندرية (19 )ودمياط و عيذاب علي ساحة البحر الأحمر كما كانت القاهرة تصنع المراكب النيلية وفي المغرب كانت هناك طرابلس وتونس وسوسة و طنجة ووهران والرباط. وفي الأندلس اشتهرت إشبيلية ومالقة.

و بتألف الأسطول من عدة أنواع من السفن.. فمنها الشونة والبارجة والقرقور والصندل والطراد والحراقة والغراب، وهي تختلف من حيث الحجم والوظيفة وخفة الحركة، وأكبرها الشونة التي تحمل الجنود والأسلحة الثقيلة أما الأسلحة فمنها الكلاليب التي استعملها المسلمون في ذات الصواري لربط سفنهم بسفن الرومان، ومنها النفاطة وهي مزيج من السوائل الحارقة تطلق من اسطوانة في مقدمة السفينة وتسمى النار اليونانية هذا علاوة على الأسلحة البرية التقليدية:

التراث الإسلامي في البحرية:

تأتي المخطوطات الإسلامية البحرية ضمن كتب التاريخ والقصص البحري والرحلات، وخاصة كتب الجغرافيين المسلمين ففيها وصف دقيق لخطوط الملاحة البحرية، كما فيها سرد تفصيلي لكل معارك الإسلام البحرية، ثم وصف للبحار والتيارات المائية والهوائية ومن أشهر هؤلاء المسعودي- والمقدسي وياقوت الحموي والبكري والشريف الإدريسي ومن الرحالة ابن جبير وابن بطوطة.

أما الكتب المتخصصة في علوم الملاحة والبحرية فمنها مخطوط قديم يعود إلى سنة 851 م بعنوان (رحلة التاجر سليمان) الذي زار موانيء آسيا حتى كانتون في الصين، وهو مخطوط هام جدا لأنه يحتوى على أول وصف عربي للبوصلة البحرية عند المسلمين قبل أن يعرفها الصينيون، وهناك كتب ابن ماجد في علوم البحار مثل كتاب "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد" وأرجوزته بعنوان "حاوية الاختصار في أصول علم البحار" وهناك مخطوط باسم سليمان المهري عنوانه "المنهاج الفاخر في علم البحري الزاخر: و "العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية".

وختاما فقد كان للمسلمين فضل لا ينكر على أوروبا في نهضتها البحرية وليس أدل علي ذلك من دخول العديد من الاصطلاحات البحرية العربية في اللغات الحية الاوروبية، فمن ذلك ( Admiral وأصلها أمير البحر Cable أصلها حبل- Resif " أصلها رصيف (Darsinal"أصلها دار الصناعة.

يتبع ...

الجندى
01-09-2006, 12:35 PM
اثنا عشر اكتشافا علميا عربيا غيرت مجري التاريخ

هناك اثنا عشر اختراعاً أو اكتشافاً إسلاميا خطيراً كان لكل منها أثر حاسم في تغيير مجرى التاريخ، وفي مسار الحضارة الإنسانية في العصور الوسطى، وتشمل هذه الاكتشافات مجالات الطب والميكانيكا والبصريات والكيمياء والعلوم العسكرية وغيرها وهي:

ا- اكتشاف الدورة الدموية: فقد غير نظريات الطب والعلاج تغييراً جذرياً اكتشفها ابن النفيس المولود سنة 215 م.

2- التخدير: فقد كان له الفضل في تطور الجراحة الكبيرة والطويلة اكتشفه ابن سينا المولود سنة 980 م.

3- خيوط الجراحة من مصارين الحيوان: فبفصلها تطورت الجراحة الداخلية اكتشفها الرازي المولود سنة 850 م.

4- النظارة: التي غيرت حياة ضعاف البصر اخترعها ابن الهيثم المولود سنة 965 م.

5- تطوير صناعة الورق: فبفضله انتشر العلم وأصبحت الكتب في أيدي الناس جميعاً.

6- الإبرة المغناطيسية: فبفضلها تحسنت الملاحة وظهرت الاكتشافات البحرية واكتشفت القارات الجديدة.

7- : البارود الذي استعمل في أغراض السلم والحرب والمدفع: الذي حسم كثيرآ من المعارك التاريخية.

8- المضخة الماصة الكابسة: التي أصبحت أساساً، لمحركات السيارات والقطارات اخترعها (الجزري) المولود سنة 1165 م.

9- الكاميرا: التي أصبحت نواة لكل الأجهزة البصرية والمرئية كالسينما والتليفزيون اخترعها ابن الهيثم المولود سنة 965).

10- الرقاص أو البندول: فبفضله عرف الزمن وصنعت الساعات لدقة القياس اخترعه ابن يونس المصري توفي سنة 1009م

11- الجبر: وهو علم إسلامي كان له الفضل في تطور علوم الرياضيات والمحاسبة والكمبيوتر اخترعه الخوارزمي المولود سنة 780 م.

12- قوانين الحركة الثلاثة: وهي القوانين المنسوبة اليوم إلى نيوتن بينما اكتشفها المسلمون قبله في القرن العاشر الميلادي، وبفضلها قام علم الميكانيكا الحديث وجميع الآلات المتحركة.


والملاحظ هنا أننا لم نتقيد بترتيب معين في سرد هذه الإنجازات من حيث الأولوية فالكثير منها لا يعرف له زمن محدد بحيث نتخذ الترتيب الزمني أساساً وقاعدة.

كما أن الترتيب من حيث الأهمية متعسر أيضاً لأن كلا منها قد يكون أهم من الآخر في مجاله.

كذلك يلاحظ اهتمامنا بالاكتشاف الأول وهو الدورة الدموية.. والسرد التفصيلي للمراحل التي مر بها من حيث ادعاء الغربيين لنسبة هذا الكشف إليهم، إلي أن تكشفت الحقيقة في القرن العشرين وثبت فضل علماء المسلمين واعترفت بذلك جميع الهيئات العلمية في العالم،فهذا المثل هو النموذج الأمثل الذي ينطبق على الإنجازات الأخرى التي نهبت منا في غفلة عنا.. ونسبت إلى غيرنا.

ولما كانت بعض هذه الاكتشافات الإسلامية قد نسبت إلي الصينيين، وخاصة ورق الكتابة. فقد اضطررت إلي الرجوع للمراجع الصينية وخاصة موسوعة (تاريخ العلم والحضارة في الصين) الذي ألفه (نيدهام) مع فريق من العلماء الصينيين، فرغم أن كل بلد وكل شعب يحاول أن ينسب إلي نفسه الأمجاد (ولو كان على حساب غيره في كثير من الأحيان).. إلا أن الباحث الهادف يستطيع أن يجد من حقائق التاريخ ومن أقوال المنافسين مع مقارنته بما جاء في مراجعنا لمخطوطاتنا الإسلامية ما يوصله إلي الحقيقة المجردة.

يتبع ...

الجندى
01-09-2006, 12:37 PM
أولأ: اكتشاف الدورة الدموية لابن النفيس المتوفي سنة 1288 م

تجمع كتب الطب الحديث على أن اكتشاف الدورة الدموية يعتبر أعظم حدث في تاريخ الطب فقد أحدث ثورة علمية في كل النظريات الفسيولوجية وكل أساليب العلاج، وقد مر هذا الكشف بعدة مراحل وتعرض لكثير من الادعاءات حتى عرفت الحقيقة وتأكدت من جميع الهيئات العلمية الحديثة على يد الطبيب المصري الدكتور "محي الدين التطاوي " الذي حاز على الدكتوراة من جامعة برلين سنة 1924م عن رسالته "ابن النفيس المكتشف الحقيقي للدورة الدموية".

كان الإغريق يعتقدون أن الشرايين تخرج من القلب والأوردة تخرج من الكبد وكان جالينوس (ت 201 م) يقول: "إن الدم يتولد في الكبد ومنه ينتقل إلى البطين الأيمن في القلب حيث تجري تنقيته وتطهيره من الرواسب في القلب ثم يسري في العروق إلى أعضاء الجسم لتغذيها. وأن هناك ثقوباً في الجدار الحاجز بين البطينين ينفذ منها الدم إلى البطين الأيسر ليمتزج بالهواء القادم من الرئتين " وقد ظلت نظرية جالينوس معمولاً بها لم يعترض عليها الرازي أو ابن سينا حتى جاء العالم الأسباني سرفيتوس سنة 1553 م فأعلن بطلانها وألف كتاباً ذكر فيه اكتشافه للدورة الدموية كما نعرفها الآن ثم جاء بعد سرفيتوس الطبيب الإنجليزي هارفي سنة 1628 فأكمل اكتشاف الدورة الشعرية بين العروق والشرايين.

كان هذا هو ما ذكرته المراجع الأجنبية والتي ظلت تمجد سرفيتوس وهارفى وتجعل منهما آلهة الطب الحديث، حتى جاء الطبيب محي الدين التطاوي (3) إلى ألمانيا سنة 1924م للتخصص في أمراض القلب، وذات يوم ذهب إلى مكتبة جامعة برلين فاستوقف نظره مخطوط عربي أصيل لابن النفيس لا توجد منه غير نسختين فقط في العالم إحداهما في مكتبة برلين والثانية في مكتبة الاسكوريال في مدريد،وبحكم أنه طبيب في أمراض القلب فقد ساقه حب الاستطلاع إلى قراءة ما كان يكتبه أجدادنا العرب في هذا الميدان.. وهنا كانت المفاجأة فقد وجد أن ابن النفيس يحطم نظرية جالينوس، ويأتي بنظرية علمية جديدة في الدورة الدموية هي نفس مانعرفه اليوم والذي ينسب الفضل فيه لسرفيتوس وهارفى وتتلخص اكتشافات ابن النفيس في النقاط التالية:

أ- في تشريح القلب:
* اكتشف خطأ جالينوس وعلماء الإغريق في قولهم أن جدار القلب الفاصل بين البطين الأيمن والأيسر فيه ثقوب أو صمام وقال في ذلك: "وليس بينهما منفذ فإن جرم القلب هناك مصمت ليس فيه منفذ ظاهر كما ظنه جماعة ولامنفذ غير ظاهر كما ظنه جالينوس ".

* كذلك اكتشف، أن القلب يتكون أساساً من غرفتين رئيسيتين هما البطينان.
وقد كان الإغريق يعتقدون أنه من ثلاثة غرف وردد ابن سينا رأيهم دون تغيير وقال ابن النفيس في ذلك "أما قوله أن فيه ثلاثة بطون فهذا كلام لا يصح فإن القلب له بطنان فقط ".

ب- اكتشاف الدورة الدموية الصغرى من القلب إلى الرئة: إلى القلب كان الإغريق يعتقدون أن وظيفة الشريان الرئوي هو تغذية الرئة بالدم، ومن هنا اختلطت عليهم الأمور فى الدورة الدموية.. وقد اكتشف ابن النفيس خطأ هذه النظرية.. وقال في ذلك : "وهذا الرأي عندنا باطل، فإن غذاء الرئة لا يصل إليها من هذا الشريان لأنه لا يرتفع إليها من التجويف الأيسر من تجويفي القلب " واكتشف أن الشريان الرئوي ينقل الدم من البطين الأيمن للقلب إلي الرئة لكي يتنقي هناك ويأخذ الروح (أي الأوكسجين منها) وبين في ذلك أن جدران أورده الرئة أغلظ من جدران شرايينها، وأن الدم بعد تنقيته في الرئة يعود إلى "البطين الأيسر للقلب. وبهذا يكون ابن النفيس قد اهتدى إلى أن اتجاه الدم ثابت في دورة دائمة من البطين الأيمن إلى الرئة ومنها إلى البطين الأيسر مرة أخرى لتوزيعه على سائر الجسم.

جـ - أول من اكتشف الدورة الدموية في الشرايين التاجية:
فقد كان الإغريق يعتقدون أن عضلة القلب تتغذى على الدم الموجود في داخل غرفة القلب مباشرة، فاكتشف ابن النفيس أنها تتغذى من الشريان التاجي.. وترجع أهمية هذا الكشف الخطير إلي معرفة أن انسداد هذا الشريان يؤدي إلي حرمان عضلات القلب من مصدر الحياة وهو ما يسمى في عصرنا بالذبحة القلبية التي تؤدي إلى الوفاة.

د- كان أول من تنبأ عن الدورة الدموية الشعرية قبل هارفي وذلك أنه أشار إشارة (واضحة دون غموض) إلى وجود اتصال بين أوردة الرئة وشرايينها بقوله "جعل بين هذين العرقين منافذ محسوسة".

وبعد أن ظهرت هذه الحقائق.. أطلع الدكتور التطاوي عليها أساتذته الألمان وتقول الدكتورة سيجربد هونكه الطبيبة الألمانية التي عاصرت هذا الحدث الخطير "وبادىء ذي بدء كان هناك فقط بضعة أساتذة ألمان استمعوا الى ما ادعاه الشاب العربي فأخرجوا من مكتبة الدولة كل المخطوطات القديمة وأشبعوها بحثاً وتنقيباً ومقارنة" ثم تقول :"وجرت حولها بحوث محمومة ومقارنات عديدة" ثم لم يكتفوا بذلك.. بل أمروا بتصوير هذه الفقرات عن الدورة الدموية من كتاب ابن النفيس وأرسلت الصور إلى عالم المخطوطات والتراث العلمي الإسلامي البروفسور دكتور مايرهوف الذي يعيش في القاهرة.. فقام بتحقيقها وأكد صحتها. وأرسلها بدوره إلى سارتون في أمريكا الذي أضافها في آخر طبعة من تاريخ العلم. وعند ذلك نصحت الجامعة الدكتور التطاوى أن يتقدم برسالة الدكتوراة بعنوان "ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية" وذلك بدلا من الرسالة التي حضر لها في علاج أمراض القلب.

الثورة المضادة:
وعندما نشرت هذه الرسالة كان لها دوي كبير في كل الأوساط العلمية، وثار العلماء الأسبان والإنجليز لمحاولة نزع تاج المجد عن بلادهم، وبلغت الثورة ببعضهم أن أنكر وجود شخص اسمه ابن النفيس في التاريخ العربي كله.. وعاد التطاوى إلى مصر وهدأت الضجة ومات الرجل سنة 1945م دون أن يهتم به أحد.. ولكن الحقيقة لا يمكن أن تموت إلى الأبد، فقد حركت هذه الرسالة التي تركها التطاوي الكثير من العلماء في باريس وفينا وأمريكا إلى المزيد من البحث، فاطلعوا على النصوص التي كتبها ابن النفيس سنة 1288 م والنصوص التي كتبها "سرفيتوس سنة 1553م فاكتشفوا حقيقة جديدة لم تكن تخطر ببالهم وهي "أن الطبيب الأسباني. قد نقل ما كتبه ابن النفيس (كلمة بكلمة وحرفاً بحرف) ونسبه كله إلى نفسه وأنه كان يعرف اللغة العربية وقرأ مخطوط ابن النفيس الموجود منه الآن نسخة في مكتبة الاسكوريال بمدريد وفي ذلك يقول المستشرق ماكس مايرهوف بعد أن حقق القضية بنفسه "إن ما أثار دهشتي أثناء المقاطع التي تخص الدوران الرئوي في مخطوط ابن النفيس هو الشبه العظيم بينهما وبين الجمل التي كتبها سرفيتوس حتى ليخيل للمرء أن المقاطع في الكتاب العربي قد ترجمت إلي اللاتينية بشيء من التصرف "

وقد دعم هذا الرأي الدومبيلى وليون بينيه عميد كلية الطب في باريس الذي قال: "إن الترجمة في بعض الفقرات كانت كلمة بكلمة وحرفاً بحرف".

وكتب العالم سارتون: "إذا ثبت كشف ابن النفيس.. فقد ارتفع مقامه ...


و هنا للاسف الشديد انقطع كلام الكاتب في النسخة التي عندي ثم انتقل للكلام عن التخدير و لعلي أجد إن وفق الله تعالى نسخة كاملة فأكمل النقص و الله المستعان

الجندى
01-09-2006, 12:39 PM
الاختراع الثاني : التخدير :

و مقدمة الكلام عن هذا الاختراع أيضا محذوفة من النسخة التي عندي و لعل الله تعالى ييسر لي الحصول عليها و الله المستعان

وفى هذه اللحظة اتجه الأطباء المسلمون إلى طب الأعشاب للتخدير... فتوصلوا إلى ما سموه (المرقد) أي الدواء الذي يجعل المريض ينام ويرقد " Sleepener وهو كما وصفه ابن سينا عبارة عن اسفنجة تنقع في محلول من الأعشاب المركبة (مثل القنب العربي والزؤبان- والخشخاش وست الحسن) ثم تترك لتجف وقبل العملية توضع الإسفنجة في فم المريض فإذا امتصت الأغشية المخاطية تلك العصارة استسلم المريض لرقاد عميق لا يشعر معه بألم الجراحة وفى شرح هذا التأثير يقول ابن سينا في كتابه القانون "والتخدير يزيل الوجع لأنه يذهب بحس الجسم وإنما يذهب بحسه لأحد سببين إما بفرط التبريد وإما بسميه مضادة لقوة الجسم وقد يكون التخدير بالنوم فإن النوم أحد أسباب سكون الوجع ".

ولم يقتصر استعمال أطباء المسلمين للتخدير على طريقة الإسفنجة وحدهـا بل كانوا يستعملونه لبوساً من الشرج أو شراباً من الفم.. وفي ذلك يقول، الرازي في كتابه الحاوي (جـ 31 ص 643) عن البنج أنه:

"إن جعل في المقعدة فتيلة أنامت وقد يعمل منه شراب يبطل الحس "ويصف الرازي مدة التخدير فيقول "إنه يسبت ويبقي سباته ثلاث أو أربع ساعات لا يحس بشيء ولا يعقل " كذلك عرف المسلمون التخدير بالاستنشاق وهو ما جاء ذكره كثيراً في قصصهم مثل ألف ليلة وليلة"، وفي ذلك يقول ابن سينا عن البنج :"من استنشق رائحته عرض له سبات عميق من ساعته ".

وقد ابتكر المسلمون نوعاً آخر من الإسفنجة هو الإسفنجة المنبهة المشبعة بالخل لإزالة تأثير المخدر وإفاقة المريض بعد الجراحة.

والى جانب التخدير العام فقد برع المسلمون في التخدير الموضعي وخاصة في حالة آلام الأسنان والأذن والرأس وفي ذلك يقول ابن البيطار عن البنج "يدهن به الصدغان فيجلب النوم المعتدل وينفع في وجع الأذن قطوراً" فكانوا يصنعون منه دخاناً يسلطونه خلال أنبوبة فوق الأضراس لتخديرها وإزالة الألم قبل الجراحة.

التخدير بالتبريد:
يقول ابن سينا في كتابه القانون "ومن جملة ما يخدر الماء المبرد بالثلج تبريداً بالغاً)) ويصف استعمال التبريد كمخدر موضعي كما في جراحة الأسنان فيقول "يؤخذ الماء بالثلج أخذاً بعد أخذ حتى يخدر السن فيسكن الوجع وإن كان ربما زاد في الابتداء". ثم يتحدث عن التبريد كمخدر قبل عمليات البتر وتعتبر هذه أول إشارة في تاريخ العلم إلى التخدير بالتبريد وقد أصبح هذا العلم اليوم من أهم عناصر الجراحة الكبيرة في عصرنا الحديث واستعمل خاصة في العمليات الصعبة مثل عمليات (القلب المفتوح) واستئصال الرئة وزرع الكلى.

وهكذا يعتبر اكتشاف التخدير الخطوة الأولى في تقدم علم الجراحة عند المسلمين وفي أوربا فيما بعد.

وقد أقر للمسلمين بالسبق في ميدان التخدير والفضل في نقله إلى أوروبا الكثير من المستشرقين وفي ذلك تقول سبجريد هونكة (ص 279): "وللعرب علي الطب فضل آخر كبير في غاية الأهمية، ونعني به استخدام المرقد (أي المخدر) العام قبل العمليات الجراحية،والتخدير العربي يختلف كل الاختلاف عن المشروبات المسكرة التي كان الهنود واليونان والرومان يجبرون مرضاهم على تناولها قبل الجراحة" ثم تقول "وينسب هذا الكشف العلمي مرة أخرى إلى طبيب إيطالي في حين أن الحقيقة تقول والتاريخ يشهد أن فن الإسفنجة المرقدة عربي بحت لم يعرف من قبلهم "، ويقول (جوستاف لوبون) في كتابه حضارة العرب ص 523.
"ومن فضل العرب استعمالهم البنج (المرقد) الذي ظن أنه من مبتكرات العصر الحاضر. "

يتبع ...

الجندى
01-09-2006, 12:40 PM
ثالثاً : خيوط الجراحة من أمعاء الحيوانات (اخترعها الرازي المولود سنة 850 م )


كان الطبيب الكبير الرازي صاحب هوايات كثيرة ومتنوعة. ومن أهم هذه الهوايات الموسيقى، فقد كان الرازي قبل احتراف مهنة الطب يعمل، موسيقياً (عازف قيثارة) بأجر في الحفلات والأفراح،وبعد أن وصل الرازي إلى قمة الشهرة والثروة.. وأصبح طبيب الخلفاء.. كان بيته في بغداد ملتقي أهل الفن والموسيقى، وفي إحدى هذه السهرات ترك أصحابه العازفون آلاتهم الموسيقية في بيته استعداداً للسهرة التالية، وكان في بيت الرازي مجموعة من القرود بعضها يجري عليه تجاربه الطبية والبعض الآخر مستأنس طليق في البيت.. و فوجئ الموسيقيون في اليوم التالي بأن أحد هذه القرود قد انتزع أوتار جميع الآلات الموسيقية المصنوعة من مصارين الحيوانات.. وأكلها، وغضب الجميع وكادوا أن يفتكوا بالقرد المتهم، أما الرازي فقد أخذ الأمر مأخذا آخر كان له دور في اختراع عظيم ....

لقد وضع القرد في القفص.. وأخذ يراقب (برازه) ويفحصه كل يوم فتأكد لديه أن أمعاء القرد قد هضمت جميع أوتار القيثارة ولم ينزل منها شيء دون هضم.. وفي الحال قفز ذهن الرازي إلى تجربة ثانية.. فأجرى للقرد جراحة في بطنه.. وصنع من أحد أوتار القيثارة خيطاً خاط به المصارين والعضلات من الداخل.. أما الجلد الخارجي فقد خاطه بخيط من الحرير.. وبعد بضعة أيام.. فتح الرازي الجرح مرة أخرى وهنا كانت لحظة حاسمة في تاريخ الجراحة.. لقد هضمت أنسجة الجسم الخياطة الداخلية كلها.. وبذلك صنع الرازي أول خياطة داخلية بخيوط من أمعاء الحيوان ..

ومع اختراع التخدير إلى جانب اختراع خيوط الجراحة.. أصبح أمام هذا الفرع الهام من الطب مستقبل زاهر.. انتقل به على يد الطبيب الزهراوي شيخ الجراحين المسلمين إلى قمة التطور..

لقد كان الجراحون قبل ذلك يتهيبون من الجراحة الداخلية، ويكتفون بعمليات البتر. ثم الكي بالنار لإيقاف النزيف الداخلي.. أما الآن فقد أصبح بإمكانهم خياطة أي عضو داخلي بأمان دون الحاجة إلى فتحه من جديد لإخراج أسلاك الجراحة...

الجندى
01-09-2006, 12:42 PM
رابعاً: نظارة القراءة اخترعها ابن الهيثم المولود سنة 965 م.

كان عالم البصريات ابن الهيثم من النوع الذي يأبى الوظائف الحكومية ويفضل العمل الحر، وكانت وسيلته الوحيدة لكسب عيشه تأليف الكتب العلمية وبيعها.. وكان ابن الهيثم خطاطاً يكتب كتبه بخط يده الجميل.. ويزودها بالزخرف الإسلامي من رسمه ويهتم فيها بالرسوم العلمية التوضيحية، ثم يبيعها في رواق الأزهر وكان الناس ينتظرونه بفارغ صبر حتى ينتهي، من نسخ أحد كتبه العلمية ويدفعون له بسخاء في النسخة الواحدة ما يكفيه مؤونة عيشه لعام كامل..

وعندما كبر بن الهيثم في العمر أحس بضعف بصره مما يتهدده في مصدر رزقه الرئيسي وهو نسخ الكتب العلمية.. ولكنه كعالم في البصريات بالذات لم ييأس، وأخذ يجري التجارب في معمله على الزجاج، حتى صنع قرصاً كبيراً من الزجاج المحدب إذا وضعه على الكتاب فإنه يكبر الكتابه والخط ولكن ابن الهيثم الذي كان يعرف تركيب العين ووظائف القرنية والعدسة. كان يعلم أن كل عين لها قوة إبصار خاصة بها تتوقف علي العدسة.. فقرر أن يصنع بدلاً من قرص الزجاج قرصين، واحد لكل عين حسب قوة ابصارها، وبذلك توصل ابن الهيثم إلي صناعة أول نظارة طبية للقراءة ، في التاريخ.. تعتمد على قياس النظر لكل عين على حدة.. وكانت، هذه النظارة تثبت أمام العين أثناء القراءة.

واعتقد أن دور النظارة في تطور الحضارة الإنسانية أمر لا يمكن إغفاله فقد ساعدت ضعاف البصر على أن يعيشوا حياة طبيعية.. وأن يقرؤوا وينتجوا ، وهذه نعمة عظيمة.

الجندى
01-09-2006, 12:43 PM
خامساً: ورق الكتابة من عهد الفراعنة حتى عصر النهضة الإسلامية

كان الإنسان الأول يسجل الأحداث الهامة بالكتابة على الحجر.. ومن أشهر الأحجار ذات النقوش حجر رشيد والمسلات الفرعونية، ثم لجأ الإنسان إلى الكتابة على عظام الحيوانات وجلودها،ثم اخترع الفراعنة ورق البرد، ولكن عيبه في خشونة ملمسه وأنه لا ينمو إلا في البيئة المصرية واسم البرد، في اللاتينية Papyrus (1) وهي مشتقة من الاسم الفرعوني ومنها اشتقت كلمه،Paper أي أنها فرعونية الأصل وفي سنة 105 م توصل رجل صيني اسما، (تساي لون) (2)Tsai - Lun إلى صناعة نوع من الورق الذي يتكون من عجينة مطبوخة من لب خشب البامبو والأنسجة الحريرية وشباك الصيد وتضرب بالحجارة ثم تطبخ على نار هادئة ثم تضغط في صفائح رقيقة ثم تجفف في الهواء.

الورق في العالم الإسلامي
عندما نزل القرآن كان يكتب أول الأمر على عظام الإبل وعلى سعف النخل.. وعندما انتقل الرسول صلى الله عليه و سلم إلى المدينة استعمل جلود الحيوانات في رسائله إلى ملوك العالم، وقد شاهدت في تركيا في متحف (توب كابى) باستنبول رسالة الرسول صلى الله عليه و سلم إلي المقوقس وهي من جلد الجمل ومازالت الكتابة عليها يمكن قراءتها، وعندما قبض الرسول صلى الله عليه و سلم كان أول جمع للقرآن في مصحف في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه، ومازال هذا المصحف الأول موجودا في نفس المتحف وهو من جلد الغزال المدبوغ الأبيض اللون.

وفي سنة 751 م بينما كان جيش المسلمين يحاصر مدينة سمرقند إذ وقع في الأسر جنود صينيون، فعثروا مع أحدهم على رسالة موجهة إلى قائد الحامية مكتوبة على الورق الصيني، وقد اهتم القائد العربي بهذا النوع من الورق وعرف صنعته من الأسرى الصينيين ونقلها إلى الخليفة. وقد كان هذا الحادث نقطة التحول التاريخية في صناعة الورق واستعماله بل نقطة تحول في تاريخ الحضارة الإنسانية، فالمسلمون كانوا يتحرقون شوقاً إلى نشر المصاحف في جميع أنحاء المعمورة وإيصالها إلى البلاد المفتوحة من حدود الصين حتى الأندلس.. ولم يكن جلد الحيوانات ليسعفهم في هذا الغرض... وقد جاء في المراجع أن الورق الذي عثر عليه مع الصينيين كان مصنوعاً من الحرير، وهي مادة مكلفة.. وقد عكف المسلمون على تطوير هذه الصناعة بهدف استعمال مواد رخيصة التكلفة وسهلة الحصول عليها من البيئة الطبيعية.. فتوصلوا إلى استعمال القطن بدلا من الحرير ثم صنعوه من الأسمال القديمة. وبذلك تحول الورق على أيديهم من الاقتصار على رسائل الملوك وكهنة المعابد إلى ورق شعبي في يد كل فرد ومكتبة كل بيت، وقد أنشأ المسلمون أول مصنع للورق في بغداد سنة 791 ميلادية في عصر هارون الرشيد، وقد عكف الكيميائي جابر بن حيان (ت 810 م) على تحسين صناعة الورق وعلى استنباط أنواع جديدة منه فاخترع الورق الذي يقاوم الحرارة وضد الحرائق ونسخ على هذا الورق الجديد كتب أستاذه الإمام جعفر وابتكر الورق الأبيض الناصع البياض ، والورق المقاوم للبلل والماء، وبفضل هذه التجارب العلمية ازدهرت صناعة الورق في العالم العربي كله وانتقلت إلى المغرب والأندلس وأصبحت المصانع في كل عاصمة إسلامية..

ومن أعظم مؤلفات المسلمين العلمية عن صناعة الورق كتاب "عمدة الكتاب، وأداة ذوي الألباب " لمؤلفه أمير المعز ابن البديع المولود في تونس سنة 1015 م وفيه تفاصيل صناعة الورق وطرق تطويرها وتحضير الأنواع المختلفة من حيث البياض أو الألوان، والنعومة أو الخشونة والسمك والرقة ويقول سارتون عن هذا الكتاب "إنه لا يوجد كتاب آخر في أي لغة تفوقه أوحتي يدانيه في مجاله ".

وقد اشتغل بحرفة الوراقة (أي صناعة الورق) عدد كبير من العلماء والفلاسفة، والأطباء.. ويشترك مع الوراقين الحبارون الذين تخصصوا في صناعة أحبار الكتابة وقد بلغ سعر الدست (الفرخ) من الورق أربعة دراهم تختلف حسب اختلاف الدست خفة أو ثقلا و سمرة أو بياضاً وخشونة أو صقلا وهو سعر زهيد للجميع بالمقارنة بالجلود، ولم تعرف أوروبا الورق إلا عن طريق عرب الأندلس، وقد ظلت أوروبا حتي القرن الثالث عشر تستعمل الجلود في الكتابة وخاصة بعد أن انقطع عنها الورق البردى المستورد من مصر أثناء الحروب الصليبية، ولندرة الجلد وارتفاع ثمنه كان رهبان الأديرة في الدولة البيزنطية يعمدون إلى كتب كبار المؤلفين الإغريق القدامى.. والتي تحتوي على كنوز المعرفة الإغريقية، التي كانت عند العرب لا تقدر بثمن.. فكانوا يكشطون الكتابة عنها ليكتبوا مكانها مواعظهم اللاهوتية.

ومعروف أن أول مصنع للورق في أوروبا أقيم في مدينة (فربان) بجنوب ايطاليا سنة 1276 م أي بعد المسلمين بأربعة قرون وفي ذلك الوقت كان في مدينة ( فاس بالمغرب ) وحدها أربعمائة طاحونة للورق تصدره إلى العالم الإسلامي وأوربا ، ومازالت الاصطلاحات العربية فى صناعة الورق مستعملة فى أوروبا . فاستعملوا الطاحونة للدلالة عليها لمصنع .... وكلمة رزمة تعني الحزمة الكبيرة من الورق تستعمل حتى اليوم في جميع اللغات الأوربية " وهي الأسبانية Resma" وفي الانجليزية Ream " وفي الفرنسية Rame

وخلاصة القول أن الورق اختراع صيني.. ولكن العرب كان لهم الفضل في تطويره لصالح الإنسانية وفى خدمة العلم، فشمل هذا التطور الصنعة والتركيب وشمل الانتشار والرخص ،وخير رد على ذلك أن أول من كتب في الموسوعات الكبيرة على الورق في تاريخ الإنسانية هم العرب وليس الصين ولا أوربا ...

عابر سبيل
01-10-2006, 01:26 AM
علم الحيل
ملحوظة الكاتب يستعمل لفظة " الدين " عند الحديث عن الشرائع و الملل الأخرى و هذا خطأ حيث قال الله تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام )

" لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" (الكافرون -6)

أبو جهاد الأنصاري
01-10-2006, 06:31 PM
الله الله يا أخى جندى
هكذا يكون الشغل.
ترى أللملحد لسان يتكلم به بعد كل هذا!؟
لو سكت لكان أكرم له.
ولو جاء واعترف بخطأ فكرته منذ البداية ، واعترف بالحق ، لوصفناه بأنه آخر الرجال الملحدين المحترمين.
ولو كانت الأخيرة (الحسنى) ................؟
فأسأل الله أن تكون.

صلاح الدين القادم
01-11-2006, 01:04 AM
لا تحسن بهم الظن الى هذه الدرجه يا ابا جهاد فان الملحدون هؤلاء ينكرون شمس الضحى في نهار الصيف
اللهم اهدنا واهدهم وثبتنا لما اهتدينا اليه من الحق باذنك

كل عام وانتم بخير واعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات والعراق وفلسطين والاندلس وسائر بلاد المسلمين المغتصبة

ناصر التوحيد
01-11-2006, 01:38 PM
حتى لعبة الكرة والصولجان ولعبة المطرق سرقها الغرب من المسلمين

ولعبة الكرة والصولجان أو الجوكان، هي من ألعاب الفروسية ويتقاذفون فيها كرة خفيفة بعصا عقفاء، تبلغ الواحدة منها نحو أربعة من الأذرع طولاً، وهم على صهوات الخيل، وكان الخليفة هارون الرشيد أول من عشق تلك اللعبة من الخلفاء، ولم يكن الخليفة >المعتصم< أقل منه إقبالاً عليها، ولم تلبث أن أصبحت اللعبة المفضلة عند القادة والأمراء، وقد انتقلت تلك اللعبة في العصور الوسطى إلى البلاد الأوروبية عن طريق مصر، وصارت تسمى في مقاطعة >لانجدوك< Languedoc في فرنسا La chicane أي >الجوكان
وكذلك الحال مع لعبة المطرق المصرية التي طوروها الى لعبة >البولو< الحالية·

أبو جهاد الأنصاري
01-11-2006, 07:48 PM
لا تحسن بهم الظن الى هذه الدرجه يا ابا جهاد فان الملحدون هؤلاء ينكرون شمس الضحى في نهار الصيف
إن الله على كل شئ قدير - أخى.
وإنكارهم سيحصدون مغبته. ولن يفيدهم ، كما أنه لن يضرنا بإن الله.

مجدي
01-12-2006, 12:05 PM
بالنسبة لتغيب الحضارة الاسلامية فهو امر مقصود من الغرب فمثل هذه المقالات التي وضعها اخي الجندي قد تجعل الملحد بقفكر في اصل المعلومة التي عنده . فلعله يعتبر او يعيد الكرة في التفكير فالمنظرين للالحاد خبثاء بلباس الحملان وقلوب الذئاب . دعاة على ابواب جهنم من اجابهم قذفوه فيها .
اطلب تثبي مثل هذا الموضوع لان له علاقة بكشف كذب الفكر الالحادي من اساسه .

الجندى
01-15-2006, 03:46 PM
جزى الأحبة فى الله خير جزاء على مرورهم الكريم وتعقيباتهم المفيدة ، ولنتابع معاً بقية الموضوع .

الجندى
01-15-2006, 03:47 PM
سادساً : الإبرة المغناطيسية

البوصلة كما سيمت في المراجع الأجنبية ( Boussola ) كما سميت في المراجع العربية.. وهي أحد الاختراعات الحاسمة في تاريخ الحضارة الإنسانية، لقد كان الإنسان يعتمد في رحلاته الاستكشافية، في البر أو البحر على التطلع إلى السماء لمعرفة الاتجاهات الأربعـة ففي النهار يراقب الشمس واتجاه الظل وفي الليل يراقب النجوم ولكن كثيراً ما كانت الظروف الجوية تخذله.. وخاصة في البحار التي تكثر فيها السحب والغيوم وتنعدم الرؤية، فكان ذلك يحد من نشاطه وحركته ، ومن هنا كان اختراع الإبرة المغناطيسية فتحاً جديداً في مسيرة عصره.
فيفضلها تجرأ الإنسان على خوض البحار المجهولة.. والمغامرة في مجاهل البر لاستكشاف القارات الجديدة دون أن يخشى المتاهة والهلاك.

وهناك ثلاثة ادعاءات حول منشأ الإبرة:

فالأوربيون يقولون أن أول من اخترعها الايطالي فلافيو غيوب) من مدينة امالفى الايطالية سنة 1620م.

والرأي الثاني يقول أنها اختراع صيني وعنهم نقله العرب وطوروه.

الرأي الثالث يقول أنها اختراع عربي أصلاً.. ونقله الصينيون وأوروبا عن العرب.

وقد ظهرت مؤخراً الكثير من الأبحاث في هذا المجال قام بها مختصون في تاريخ العلم.. ولغويون وباحثون علميون..

لقد وجد ذكر المغنطيسية وخاصة الجذب المغنطيسي في مخطوطات عربية يعود بعضها إلى القرن الثامن الميلادي وفي ذلك يقول ابن الفقيه في كتابه "عجائب البلدان " الذي يرجع إلى سنة 903 م "ومن عجائب الجبل الذي بامد أنه متى يحك به سكين أو حديد أو سيف، حمل ذلك السيف أو السكين الحديد وجذب الإبر والمسال بأكثر من جذب المغناطيس وفيه أعجوبة أخرى وذلك أنه لو بقى مائة سنة لكانت تلك القوة قائمة فيه ".

ولا يعني هذا أن العرب أول من عرف الخاصية المغناطيسية فقد عرفها الإغريق والصينيون قبلهم، ولكن المسلمين كانوا أول من استفاد من هذه الخاصية في صنع أول بوصلة وذلك بحك الإبرة على المغناطيس ثم وضعها فوق إناء فيه ماء بحيث تطفو على عودين صغيرين من الخشب.. فتتجه الإبرة نحو الشمال.

وقد ظل هذا النوع من البوصلة مستعملا في السفن العربية التي تمخر عباب المحيط الهندي من موانئ اليمن وفارس إلى كانتون في الصين.. وتلك التي تعبر البحر الأبيض المتوسط.

وقد جاء في كتاب "كنز التجار في معرفة الأحجار" والمؤرخ في عام 681 هـ الموافق يوليو 1282م لمؤلفه بيلق القبقاجي في وصف استعمال البوصلة في السفن العربية ما يأتي:

"عندما يحل الظلام ولا ترى النجوم التي يسترشد بها الربابنة في السماء للتعرف على الجهات الأصلية الأربع يحضر هؤلاء الربابنة إناء مملوءاً بالماء وينزلون به في جوف السفينة بعيدا عن الرياح، ثم يأتون بإبرة يغرسونها في حلقة من خشب السنط أو في عود بحيث يكون في شكل صليب ثم يلقون بها في الإناء فتطفو على سطح الماء ثم يحضر الربابنة حينئذ حجراً مغناطيسيا في حجم قبضة اليد أو أقل ويقربونه من سطح الماء في حركة دائرية من اليمين إلى اليسار فتدور الإبرة على السطح في هذا الاتجاه ثم يسحبون يدهم بسرعة فتكف الإبرة عن الحركة وبستقر طرف منها نحو الجنوب والآخر نحو الشمال، وقد شاهدت بعيني هذه العملية في رحلة بحرية قمت بها من طرابلس الشام إلى الإسكندرية في عام 640 هـ الموافق سنة 1242م ". ثم يستطرد المؤلف قائلاً:

"ويقال أن ربابنة بحار الهند يستعيضون عن الإبرة وحلقة السنط بما يشبه السمكة من الحديد الرقيق المطروق بشكل مقور يضمن طفوها فوق سطح الماء".

ويذكر المقريزي في كتاب الخطط سنة 1410م "أن السمكة من الحديد المطروق يستقر فمها نحو الجنوب وإذا عرف الجنوب والشمال عرف الشرق والغرب.

وفي سنة 1475م اخترع عالم البحار ابن ماجد أول إبرة جالسه على سن لكي تتحرك حركة حرة دون الحاجة إلى وعاء الماء.

وفي ذلك يقول في كتابه (الفوائد):
"ومن اختراعنا في علم البحرتركيب المغناطيس على الحقة بنفسه ولنا في ذلك حكمة كبيرة لم تودع في كتاب "، ومن هذه الحقائق يتبين لنا.

أن الأوربيين قد نقلوا البوصلة عن العرب وليس العكس وإن ادعاء فلافيو الايطالي كما وصفته الدكتورة سيجريد هونكة الألمانية ما هو إلا (فضيحة التزوير والادعاء) ص 49 وقد انتقلت البوصلة إلى أوروبا على مرحلتين- المرحلة الأولي أثناء الحروب الصليبية عن طريق ملاحي البحر الأبيض المتوسط المسلمين ،والمرحلة الثانية هي (حقه بن ماجد) في القرن الخامس عشر الميلادي وذلك عن طريق ملاحي جنوبي آسيا المسلمين عندما استعان بهم البحارة الأسبان والإيطاليون.

أما القول بأن الصينيين قد عرفوا الإبرة أولا وعرفها عنهم العرب فإن الرد عليه يأتي من علماء الدراسات الصينية الذين يقرون أنهم لم يجدوا في المخطوطات الصينية القديمة أي ذكر للإبرة المغناطيسية، بل إن خاصة جذب المغنطيس نفسها كانت غامضة عند الصينين ومرتبطة بالسحر والدين وليس العلم وكانوا يسمون حجر المغناطيس الحجر المحب).

ويشير هؤلاء العلماء أن أقدم وصف للإبرة المغناطيسية في أي مخطوط صيني يعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي (سنة 1119 م) وهو لمؤلف صيني عاش في ميناء (كانتون) وفيه أنه "شاهد في السفن الأجنبية القادمة إلي الصين من الغرب استعمال إبرة تتجه نحو الجنوب دائما وتكشف لهم الطريق " ويقول سارتون إن "المقصود بهؤلاء الأجانب هم المسلمون من الربابنة العرب والفرس لأن الملاحة في ذلك الوقت وفي هذه المنطقة كانت في أيديهم.. بينما كانت الصين متخلفة عن المسلمين في الملاحة ".

وهذا هو المؤرخ سيديو يستنكر فكرة أن الصينين اخترعوا الإبرة فيقول "فكيف يظن أن الصينيين استعملوا بيت الإبرة مع أنهم ما يزالون حتى عام 1850 م يعتقدون أن القطب الجنوبي من الكرة الأرضية سعير يتلظى". وهكذا يجمع المختصون في تاريخ العلم أمثال سارتون وسيديو وهونكه ولويون على أن (بيت الإبرة) اختراع عربي.. ابتدعه العرب ثم طوروه حتى وصل إلى مرحلة الكمال على يد بن ماجد، وعنهم أخذه الصينيون وأوروبا.

الجندى
01-15-2006, 03:49 PM
سابعاً: البارود اختراع عربي لا صيني ولا أوروبي :

هناك ثلاثة آراء متضاربة حول صناعة البارود :

فالأوربيون يقولون أن أول من اخترعة (روجر بيكون) وكان ذلك سنة 1320 م.

والصينيون يقولون أنهم عرفوه قبل الميلاد وكانوا يستعملونه في المناسبات الدينية والأفراح والجنازات وتكريم الآلهة.

رأى ثالث يقول أن اختراع عربي وأن المسلمين كانوا أول من ابتكروه ثم طوره واستعملوه في الحرب كقوة دافعة.

وتجمع آراء الباحثين. العلميين أمثال جوستاف لوبون وسارتون وسيجريد هونكه وغيرهم كثيرون أن الأوروبيين قد عرفوا البارود عن طريق العرب ونقلوه عنهم وفي ذلك يقول جوستاف لوبون :

"وعزى اختراع البارود إلى روجر بيكون زمناً طويلاً.. مع أن روجر بيكون لم يفعل غير ما فعله ألبرت الكبير من اقتباس المركبات القديمة فقد عرف العرب الأسلحة النارية قبل النصارى بزمن طويل ".

ويستشهد أصحاب هذا الرأي بما وجدوه في المخطوطات العربية التي تعود إلى القرن العاشر الميلادي (أي قبل بيكون بثلاثة قرون) فقد جاء وصف صناعة البارود كما يلي:

"تؤخذ عشرة دراهم من ملح البارود ودرهمان من الفحم ودرهم ونصف من الكبريت، وتسحق حتى تصبح كالغبار ويملأ منها ثلث المدفع فقط خوفاً من انفجاره ويصنع الخراط من أجل ذلك مدفعاً من خشب تتناسب فتحته مع جسامة فوهته وتدك الذخيرة بشدة ويضاف إليها البندق (كرات الحديد) ثم يشعل ويكون قياس المدفع مناسباً لثقله ".

وسبق أن أشرنا الى كتاب القائد الإسلامي (حسن الرماح) المتوفى سنة 1278 م والذي يحتوي شرحاً تفصيلياً عن صناعة البارود في العالم الإسلامي وعن طرق استخلاص ملح البارود من الطبيعة وتنقيته في المختبرات الكيميائية،فهذا الكتاب يدلنا على أن تلك الصناعة كانت قد بلغت في العالم العربي والإسلامي شأناً كبيراً من التطور والكمال قبل أن يعرفها بيكون مما حدا بسارتون أن يلح بأن بيكون ربما نقل كتاب الرماح ،وأخيراً يقول سارتون :"أن نسبة البارود الى بيكون أمر تدور حوله الشكوك والشبهات " ثم يشير إلى احتمال اطلاع بيكون على المخطوطات الإسلامية في هذا المجال، بهذا كله تسقط حجة من يدعون أن أوروبا صاحبة اختراع البارود، تبقى الحجة الثانية التي تقول أن الصينيين صنعوا البارود قبل العرب واستعملوه في الألعاب النارية والأغراض الدينية.

وللرد على ذلك يجب أولأ أن نميز بين أمرين :ـ
فهناك ملح البارود وتركيبه الكيميائي (نترات البوتاسيوم) وهو موجود في الطبيعة تحت اسم (البارود الأسود الخام) وسمي بالبارود لأنه قابل للاشتعال عند التسخين أو ملامسته للنار، فهذه المادة الخام هي التي عرفها الصينيون واستعملوها كما هي في الطبيعة دون تركيب أو تحضير ولا بد أن هناك شعوباً أخرى غيرهم قد عرفوها أيضاً.

ونستشهد هنا بفقرة هامة من الموسوعة العالمية "العلم والحضارة في الصين ، والتي تعتبر المرجع الرئيسي والحجة في تاريخ الصين science and cevilisation in China )
الجزء الخامس ص 432 لمؤلفه نيدهام) يقول فيها "إن المسلمين قد عرفوا ملح البارود salt peter عن الصينيين وكانوا يسمونه (الملح الصيني) وكان هذا الملح يؤخذ من (الحجارة) أي من الموارد الطبيعية في أواسط وشرقي آسيا، (انتهى كلام نيدهام).

أما بارود المدافع Gun powder، فهو تركيبة كيميائيه، اخترعها الكيميائيون العرب في معاملهم وتتركب من: (نترات البوتاسيوم بنسبة 75%+ كبريت بنسبة 10%+ فحم بنسبة 15%) ومن المفروض أنهم قد جربوا (الملح الصيني) أو ملح البارود الخام في هذه التركيبة أول الأمر، فلم يؤد الغرض كقوة دافعة لأنه في، صورته الطبيعية مليء بالشوائب.

وهنا تأتي ثلاث خطوات هامة قام بها العرب:

الأولى: تحضير ملح البارود كيميائياً في المعمل: فالمعروف أن أول من اخترع حامض النيتريك هو جابر بن حيان المولود سنة 722 م ثم جاء بعده الرازي المولود سنة 850 م فأجرى عليه التجارب وصنع منه الأملاح، ذلك أثناء محاولته لإذابة الذهب وسماه الزاج الأخضر، ويقر دكتور نيدهام للعرب بسبقهم في تحضير هذه الأملاح كيميائياً فيقول ص 432 كان العرب يطلقون على الأملاح المأخوذة من الطبيعة اسم (الحجارة) ،أما الأملاح المستحضرة في معاملهم كيميائياً فكانت تسمى (المستنبطة) Mustanbat ولم يكن الصينيون يعرفون غير الأملاح الطبيعية وحدها.

الخطوة الثانية: هي تنقية ملح البارود الخام من الشوائب الطبيعية لأنه أقل تكلفة من الملح المحضر كيميائياً وهنا أيضاً نستشهد بفقرة من سارتون (مقدمة في تاريخ العلم) جـ2 إذ يقول فيها تحت (عنوان البارود) إن المسلمين أول من قام بتنقية ملح البارود الخام ويستشهد على ذلك بأن (ثورة الزنج التي قامت سنة 869 م) أن هؤلاء الزنوج كانوا عمالاً في صناعة تنقية ملح البارود في البصرة، وفي شرح أهمية هذه الخطوة يقول سارتون: وبفرض معرفة الصينيين لملح البارود قبل العرب فلم يكن ذلك ذا قيمة علمية أو تاريخية، لأنه لم يكن بصورة نقية تسمح باستعماله كقوة دافعة، وأول من قام بتنقيته وتصفيته هم المسلمون ".

الخطوة الثالثة: هي صنع بارود المدفع (Gun powder) ليكون قوة دافعة، لقد كان الكيميائيون العرب يعرفون أن الاشتعال السريع للكبريت والفحم يولد كمية كبيرة من الغازات دفعة واحدة، فأرادوا أن يستفيدوا من هذه الخاصية باستعمالها كقوة دافعة فوضعوا عليها نسبة معينة من ملح البارود كعامل وسيط للاشتعال، وكان المدفعي يدك هذا المسحوق في المدفع ثم يضع أمامه القذيفة وهي كرة من الحجر أو الحديد ثم يشعل فيها النار.

من هنا نتبين أن العرب أول من صنع بارود المدافع واستعمله كقوة دافعة، في حين أن الصينيين كانوا يستعملون ملح البارود الخام لخاصية الاشتعال في إعمال الزينة والأغراض الدينية ،كالجنازات والخلاصة أن البارود اختراع عربي أصلا لم يعرفه الصينيون قبلهم ولم يعرفه الأوروبيون إلا بعدهم بثلاثة قرون وكان ذلك عن طريق العرب.

صناعة المدفع.

المدفع اختراع إسلامي.. وليس هناك من يدعي غير ذلك وقد جاء في المخطوطات العربية أن المسلمين قد استعملوا المدافع في حصار سرقسطة سنة 1118م ويذكر ابن خلدون أن سلطان مراكش عندما فتح سلجماسة سنة 1273م قد استعمل المدافع في حصارها فيقول "إنهم ضربوا أسوارها بمختلف الآلات فكانت الآلة ترمي قذائف كبيرة من الحجارة أو الحديد ينبعث من خزنة أمام المدافع بطبيعة غريبة ترد الأفعال إلى قدرة باريها" ويذكر جوستاف لوبون (1) أن أول مرة استعمل الأوروبيون فيها المدافع (بعد أن تعلموها من العرب في الحروب الصليبية)، وكان ذلك في معركة (كريسي) سنة 1346 م أي بعد المسلمين بثلاثة قرون أو أكثر.

وحتى بعد أن عرفت أوروبا صناعة المدافع فقد ظلت متخلفة عن المسلمين في تطوير هذا السلاح ،فعندما حاصر محمد الفاتح القسطنطينية سنة 1453 م استعمل مدافع ضخمة لم تعرف أوروبا مثيلاً لها، وعندما حاصر العثمانيون فيينا بعد ذلك كانت مدفعيتهم متفوقة على أوروبا بمراحل كبيرة.

كذلك كان للمسلمين الفضل في اختراع الأسلحة الصغيرة كالبندقية أو البارودة وقد اخترع مسلمو الأندلس القربينة ونقلها عنهم الأسبان في غزو المكسيك سنة 1520م وكانوا يسمونها Arquabus ، وهو اسم مشتق من العربية.

(راجع باب العسكرية الإسلامية لمزيد من الاطلاع عن المدافع)

الجندى
01-15-2006, 03:51 PM
ثامناً: مضخة المكبس Piston Cylinder

اخترعها بديع الزمان الرزاز الجزري (ت سنة 184 ام) .

عندما جاء عصر البخار الذي يتمثل في صناعة القطار والمراكب البخارية.. ثم تلاه عصر البنزين الذي يتمثل في محرك السيارة والطائرة، كانت الفكرة الأساسية التي اعتمد عليها المخترعون لتحويل الطاقة إلى قوة محركة هي فكرة عربية أصلاً، أنها المضخة الماصة الكابسة،والتي اخترعها المهندس العربي وعالم الميكانيكا الجزرى، وأورد لها وصفاً دقيقاً مزوداً بالصور العلمية التوضيحية الملونة في كتابه المعروف "الحيل الجامع بين العلم والعمل " وقد ترجم هذا الكتاب عدة مرات إلى كل اللغات الأوروبية تحت اسم (الحيل الهندسية).

ومضخة الجزرى عبارة عن آلة من المعدن تدار بقوة الريح أو بواسطة حيوان يدور بحركة دائرية، وكان الهدف منها أن ترفع المياه من الآبار. العميقة إلى أسطح الأرض، وكذلك كانت تستعمل في رفع المياه من منسوب النهر إذا كان منخفضاً إلى الأماكن العليا مثل جبل المقطم في مصر وقد جاء في المراجع أنها تستطيع ضخ الماء إلى أن يبلغ ثلاثة وثلاثين قدماً، أي حوالي عشرة أمتار وهو ما يعادل ارتفاع مبنى يتألف من ثلاثة أو أربعة طوابق، وتنصب المضخة فوق سطح الماء مباشرة بحيث يكون عمود الشفط مغموراً فيه، وهي تتكون من ماسورتين متقابلتين في كل منهما ذراع يحمل مكبساً اسطوانياً، فإذا كانت إحدى الماسورتين في حالة كبس (اليسرى) فإن الثانية تكون في حالة شفط، ولتأمين هذه الحركة المتقابلة المضادة في نفس الوقت يوجد قرص دائري مسنن قد ثبت فيه كل من الذراعين بعيداً عن المركز، ويدار هذا القرص بوساطة تروس متصلة بعامود الحركة المركزي وهناك ثلاثة صمامات على كل مضخة تسمح باتجاه المياه من أسفل إلى أعلى ولا تسمح بعودتها في الطريق العكسي..

هذا التصميم العبقري لم يكن معروفاً لدى الرومان والإغريق، وهو اختراع عربي صميم، ولا يزال مبدأ مضخة المكبس مستعملاً حتى الوقت الحاضر في جميع مضخات المكبس التي تعمل باليد وهي منتشرة في كثير من القرى في العالم أجمع.

وهذه المضخة هي الفكرة الرئيسية التي بنيت عليها جميع المضخات المتطورة في عصرنا الحاضر والمحركات الآلية كلها ابتداء من المحرك البخاري الذي في القطار أو البواخر إلى محرك الاحتراق الداخلي الذي يعمل بالبنزين كما في السيارة والطائرة والفكرة الرائدة التي أدخلها الجزرى هي استعماله مكبسين واسطوانتين يعملان بشكل متقابل وبصورة متوازية، ثم نقل الحركة الناتجة وتحويلها من حركة خطية إلى حركة دائرية بواسطة نظام يعتمد استعماله التروس المسننة وهو ما يطبق حالياً في جميع المحركات العصرية .

الجندى
01-17-2006, 07:49 AM
تاسعاً: اختراع الكاميرا: أو الخزانة المظلمة ذات الثقب Camera Obscura

اخترعها ابن الهيثم المولود سنة 965 م.

عندما كان عالم البصريات ابن الهيثم يعيش في مدينة البصرة سمع عن بيت قديم مهجور من بيوت المدينة يقولون عنه (بيت الأشباح) فإذا كنت بداخل البيت رأيت صور أشخاص يسيرون على الحائط، وقد ظهرت الصور مصغرة مقلوبة، وزار ابن الهيثم هذا المنزل وأخذ يجري التجارب على هذه الظاهرة حتى تبين له أن هناك ثقب صغير جداً في الحائط الفاصل بين البيت والشارع، فإذا مر أحد في الطريق على مسافة معينة من ذلك الحائط تظهر له صورة مصغرة مقلوبة على الحائط الآخر، ولكي يؤكد ابن الهيثم نظريته العلمية، فقد شيد في بيته حجرة مماثلة وأخذ يجري التجارب على حجم الثقب والمسافة بين الثقب والجدار المقابل الذي تسقط عليه الصورة حتى حصل على صورة أوضح من تلك التي رآها في (منزل الأشباح).

ومرت السنوات وانتقل ابن الهيثم إلى القاهرة وتبلورت تجاربه العلمية فأراد أن يطور فكرة غرفة الأشباح إلى صندوق صغير يستطيع أن ينقله أينما ذهب فجاء بخزانة أي صندوق صغير مطلي من الداخل باللون الأسود، وجعل في أحد جوانبه ثقباً صغيراً ،وفي الجانب المواجه للثقب وضع لوحاً من الزجاج (المصنفر) وعندما وضع هذه الخزانة في رواق الأزهر أمام تلاميذه ظهرت لهم على الزجاج صورة صغيرة مقلوبة كانت مثار الدهشة والضحك.

وقد طور ابن الهيثم اختراعه بعد ذلك، وإذا كنا نعرف أنه أول من اخترع العدسة المحدبة واستعملها في النظارة فقد استخدم هذه العدسة في الخزانة أيضاً ووضعها خلف الثقب مباشرة، وهو بذلك يكون قد استكمل اختراع أول كاميرا في تاريخ الإنسانية، إلا أنه لم يطلق عليها اسمه، بل اسما علميا بسيطاً هو (الخزانة المظلمة ذات الثقب).

وعندما يمسك الواحد منا بتلك الأجهزة المتطورة التي أصبحت في يد كل سائح وصحفي وعالم وطبيب وفي يد الطفل الصغير والشيخ الكبير وكأنها جواز سفر إلى الدنيا لا بد لنا تذكر ابن الهيثم شيخ البصريات الإسلامي، واختراعه الأول الذي جعل هذه النعمة ميسرة لنا.

ملحوظة : أنا أرى أن هذه النقطة غير واضحة ... يبدو في الأمر نوع من المبالغة لأن الواقع ان الكاميرا اختراع كبير تمثل الخزانة المظلمة جزءا كبيرا و هاما منه ... لكنها لا تمثله كله و الحمد لله

الجندى
01-17-2006, 07:50 AM
عاشراً : الرقاص أو الموار Pendulum

اخترعه عالم الرياضيات والفلك أحمد بن يونس المصري المتوفي سنة 1009 م.
قبل اختراع الرقاص كان الزمن يحسب بالساعة الرملية أو الساعة الشمسية، ومنذ عرف الإنسان الرقاص تطورت آلات حساب الوقت بسرعة،كان ابن يونس عالما رياضياً وفلكياً لدى الخليفة الحاكم بأمر الله، وكان مديراً لمرصد المقطم في حلوان وقد لاحظ ابن يونس أنه إذا علق ثقلاً في خيط طويل في سقف المرصد ثم أزاحه قليلا عن مركز سكونه فإن هذا الثقل يكتسب حركة ترددية منتظمة على شكل قوس مركزه نقطة التعليق وذلك وفقاً لقانون ثابت يتوقف على طول الخيط وليس علي المسافة التي يقطعها في حركته.

وبعد ابن يونس في مصر جاء عالم فلكي آخر في العراق هو كمال الدين الموصلي المتوفي سنة 1242م فأجرى المزيد من التجارب على الرقاص، وتوصل إلى الكثير من قوانين تذبذبه، وقد استعمل العرب الرقاص في كثير من الآلات الحاسبة والساعات الدقاقة وآلات رصد الفلك، وبعد أن اخترع العرب الرقاص بستمائة وخمسين عاماً ووصولهم إلى أكثر قوانينه جاء العالم الإيطالي جاليلو المتوفي سنة 1624 م فاستفاد من أبحاث العرب ووضع أكثر القوانين الرياضية التي نعرفها اليوم عن البندول (الرقاص وحسبها رياضياً).

ولم يعد أحد اليوم يجادل في أن الرقاص اختراع عربي. وقد أجمع على ذلك كل من سارتون وسيديو ومتز وهونكة ولوبون.

ويقول سميث في كتاب "تاريخ الرياضيات (ص 673 جزء 2) "ومع أن قانون الرقاص من وضع جاليلو إلا أن ابن يونس المصري قد سبقه إلى اكتشافه وكان فلكيو المسلمين يستعملون البندول لحساب الفترات الزمنية أثناء الرصد، كما يذكر الدكتور جوستاف لوبون "أن العرب هم أول من طبق استعمال الرقاص في الساعة.

وقد كان لاختراع البندول الفضل في قيام علم جديد قائم بذاته هو علم ميكانيكا الذبذبات أو الاهتزازات، واستعمل في تسجيل الزلازل والهزات الأرضية والتنبؤ بها، كما في جهاز (المرجاف). واستعمل في قياس شدة الجاذبية الأرضية التي تؤثر على زمن الذبذبة، وفي إثبات حركة دوران الأرض، ومن أهم استعمالاته في العصر الحديث، في اكتشاف الاهتزازات الناجمة عن المحركات الدوارة كما في الطائرات السريعة والمركبات الفضائية ومعالجتها لتحقيق توازن المحرك.

الجندى
01-17-2006, 07:52 AM
حادي عشر: علم الجبر

اخترعه محمد بن موسى الخوارزمي المتوفي سنة 8461 م وفي أوروبا يسمى هذا العلم (اللوغارتم) Logaritmiوهي كلمة مشتقة من اسم (الخوارزمي) مؤلف هذا العلم.

كان عهد الخليفة المأمون عصر تفتح على العلم إلى أبعد الحدود، فقد اتسعت الخلافة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وزادت حاجة المسلمين إلى علم جديد من علوم الحساب يساعدهم في الأمور الآتية:

أولا: معاملات البيع والشراء: مع الدول المجاورة والشعوب المختلفة بما في ذلك من اختلاف العملات والموازين ونظام العقود.

ثانياً: معاملات المساحة: ابتداء من حساب محيط الكرة الأرضية وقطرها وخطوط الطول والعرض في البلدان إلى مساحات البلدان والمدن والمسافات بينها ثم مساحات الشوارع والأنهار إلى مساحات الضياع والبيوت.

ثالثاً: الوصايا والمواريث: وتقسيم التركات المعقدة.

رابعاً: الحساب العلمي: مثل الحسابات الفلكية التي تصل أرقامها إلى الملايين، وحساب المعمار إلى غير ذلك مما تحتاجه دولة ناهضة تسابق الزمن بل تسبق كل علوم عصرها في نهضتها ولكن لا تسعفها علوم الحساب العادية والموروثة عن السابقين.

من هنا فقد أمر الخليفة لامأمون عالم الرياضيات المشهور في بغداد الخوارزمي أن يتفرغ لعلم جديد أو وسيلة جديدة لحل المعادلات الصعبة التي تواجه المشتغلين بالحساب، ويقول الخوارزمي، في ذلك في مقدمة كتابه (الجبر والمقابلة)، "لقد شجعنا ما فضل به الله الإمام (المأمون) أمير المؤمنين مع الخلافة التي حاز له إرثها وأكرمه بلباسها وحله بزينتها من الرغبة في العلم وتقريب أهله وإدنائهم وبسط كنفه لهم ومعونته إياهم على أني ألفت له (كتاب الجبر والمقابلة).

وبشرح الخوارزمي الهدف من هذا العلم الجليل فيقول عنه "لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكرى الأنهار والهندسة وغير ذلك من وجوهه وفنونه ".

ومن بعد الخوارزمي جاء علماء آخرون من أنحاء العالم الإسلامي فأسهموا في تطوير هذا العلم الذي وضع الخوارزمي أساسه ومن هؤلاء النبريزي والبتاني وابن يونس المصري وابن الهيثم وعمر الخيام وغيرهم كثيرون حيث وصلوا بهذا العلم إلي قمة الكمال، وعندما جمعت أوروبا ما كتبه المسلمون في هذا الميدان كان لهذا العلم فضل، عظيم في نهضتها الحديثة في كل مجالات الحياة. ابتداء من صناعة السيارات، والطائرات والقاطرات، إلى إقامة الجسور الضخمة وناطحات السحاب إلي، صناعة صواريخ الفضاء والهبوط على سطح القمر.

ويكفي لكي نتصور كيف كان حال الدنيا لو لم يخترع علم الجبر. أن ننظر إلى هذه الرسمة الرمزية التي نشرتها هيئة اليونسكو في كتاب تاريخ الإنسانية وهي تبين مرحلة في أوروبا في العصور الوسطى بين مدرسة الخوارزمي في الحساب وبين المدرسة الإغريقية القديمة، فعلى اليمين رجل أمامه لوح مكون من عدد من الكرات على السلك لمعرفة الحساب، وعلى اليسار رجل يحسب بطريقة اللوغارتم وعلم الجبر، فانظر الفارق بين الحضارتين والعلمين.

ويذكر الدومييلي Al-domieli في كتابه "العلم عند العرب وأثره في تطور العلم العالمي " أن فضل الخوارزمي لم يؤد فقط إلى وضع لفظ الجبر وإعطائه مدلوله الحالي بل أنه افتتح عصراً جديداً في الرباضيات حتى وإن أمكن أن نجد رواداً سابقين عليه في ذلك النوع من الحساب ".

ملحوظ ... ورد اسم العالم الجليل البتاني المسلم في هذه المقالة ... و لهذا العالم نظرية رياضية درستها في كلية الهندسة حلت معضلة كبيرة في حساب جيب الزاوية كدالة في مضروب الزوايا المحيطة بها في نمط الإشعاع الخاص بالمشعار antenna و هو فرع من اهم فروع علم الموجات و الاتصالات ... و كانت نظرية هذا العالم الجليل خطوة كبيرة في هذا العلم رغم أنه و لا شك لما وضعها لم يقصد ان يفيد بها هذا العلم بالذات لكن رحمه الله كانت رصيدا علميا إسلاميا ادخره المسلمون و افاد العالم اجمع

الجندى
01-28-2006, 04:28 PM
ثاني عشر: علماء المسلمين اكتشفوا قوانين الحركة قبل نيوتن وجاليليو:

علم الحركة يقوم على ثلاثة قوانين رئيسية تنسب حالياً الى إسحق نيوتن المتوفي سنه 1727 م عندما نشرها في كتابه الشهير (الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية).

كانت هذه هي الحقيقة المعروفة في العالم كله وفي جميع المراجع العلمية حتى مطلع القرن العشرين، إلي أن تصدى للبحث جماعة من علماء الطبيعة المعاصرين، وفي مقدمتهم الدكتور مصطفى نظيف أستاذ الفيزياء. والدكتور جلال شوقي أستاذ الهندسة الميكانيكية والدكتورعلى عبد الله الدفاع أستاذ الرياضيات. فتوفروا على دراسة ما جاء في المخطوطات الإسلامية في هذا المجال. فاكتشفوا أن الفضل الحقيقي في هذه القوانين يرجع إلى علماء المسلمين بحيث اعتبروا أن فضل نيوتن في هذه القوانين هو تجميع المعلومات القديمة وصياغتها وتحديده لها في قالب الرياضيات، وهذا سرد مبسط لكل واحد من هذه القوانين وما كتبه علماء المسلمين في المخطوطات العربية قبل نيوتن بسبعة قرون.

القانون الأول للحركة:

وينص على أن الجسم يبقى في حالة سكون أو في حالة حركة منتظمة في خط مستقيم مالم تجبره قوى خارجية على تغييرهذه الحالة، جاء هذا المعنى في أقوال إخوان الصفا وابن سينا وفخر الدين الرازي ونصير الدين الطوسى ،ففي الرسالة الرابعة والعشرين يقول إخوان الصفا، "الأجسام الكليات كل واحد له موضع مخصوص ويكون واقفاً فيه لا يخرج إلا بقسر قاسر" ويقول ابن سينا المتوفي سنة 1037 في كتابه الإشارات والتنبيهـات.

"إنك لتعلم أن الجسم إذا خلى وطباعه ولم يعرض له من الخارج تأثير غريب لم يكن له بد من موضع معين وشكل معين فإن من طباعه مبدأ استيجاب ذلك ".

ثم يقول ابن سينا:
"إذا كان شيء ما يحرك جسما ولا ممانعة في ذلك الجسم كان قبوله الأكبر للتحريك مثل قبوله الأصغر، ولا يكون أحدهما أعصى والآخر أطوع حيث لا معاوقة أصلاً".

ثم يأتي بعد ابن سينا علماء مسلمون على مر العصور يشرحون قانونه ويجرون عليه التجارب العملية، وفي ذلك يقول فخر الدين الرازي المتوفي سنة 1209م في شرحه "إنكم تقولون: طبيعة كل عنصر تقتضي الحركة بشرط الخروج عن الحيز الطبيعي والسكون بشرط الحصول على الحيز الطبيعي ".

ويقول أيضاً في كتابه "المباحث الشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات"وقد بينا أن تجدد مراتب السرعة والبطء بحسب تجدد مراتب المعاوقات الخارجية والداخلية".

كل هذه إشارات واضحة إلي خاصية مدافعة الجسم عن استمراره في البقاء على حاله من السكون أو الحركة ،وهذا يؤكد أن ابن سينا أول من اكتشف، هذا القانون قبل جاليلو ونيوتن بعدة قرون.

القانون الثاني للحركة:

ويتعلق بدراسة الأجسام المتحركة ، وهو ينص على أن تسارع جسم ما أثناء حركته، يتناسب مع القوة التي تؤثر عليه، وفي تطبيق هذا القانون على تساقط الأجسام تحت تأثير جاذبية الأرض تكون النتيجة أنه إذا سقط جسمان من نفس الارتفاع فإنهما يصلان إلي سطح الأرض في نفس اللحظة بصرف النظر عن وزنهما ولو كان أحدهما كتلة حديد والآخر ريشة، ولكن الذي يحدث من اختلاف السرعة مرده إلى اختلاف مقاومة الهواء لهما في حين أن قوة تسارعهما واحدة.

وقد تصدى لهذه القضية العديد من علماء الميكانيكا والطبيعيات المسلمين فيقول الإمام فخر الدين الرازي في كتابه "المباحث المشرقية":

"فإن الجسمين لو اختلفا في قبول الحركة لم يكن ذلك الاختلاف بسبب المتحرك، بل بسبب اختلاف حال القوة المحركة، فإن القوة في الجسم الأكبر ،أكثرمما في الأصغر الذي هو جزؤه لأن ما في الأصغر فهو موجود في الأكبرمع زيادة"، ثم يفسر اختلاف مقاومة الوسط الخارجي كالهواء للأجسام الساقطة فيقول: "و) ما القوة القسرية فإنها يختلف تحريكها للجسم العظيم والصغير لا لاختلاف المحرك بل لاختلاف حال المتحرك فإن المعاوق في الكبير أكثر منه في الصغير، وهكذا نجد أن المسلمين قد اقتربوا الى حد بعيد جداً إلي معرفة القانون الثاني.

القانون الثالث للحركة:
وينص على أن لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، هذا المعنى بنصه في كتاب (المعبر في الحكمة) لأبي البركات هبة الله البغدادي المتوفي سنة 1165م إذ يقول "إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر. وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه تكون قد خلت من قوة جذب الآخر ، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب "، ويقول الإمام فخر الدين الرازي في كتابه " المباحث المشرقية" " الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط لا شك أن كل واحد منهما فعل فيها فعلاً معوقا بفعل الآخر".

وبهذا نستطيع أن نقول إن المسلمين قد توصلوا إلي أصول القانونين الأول والثالث للحركة واقتربوا كثيراً من القانون الثاني. وجدير بنا أن ننسب القانون الأول لابن سينا والثالث للبغدادي لا لنيوتن.

أهمية هذه القوانين وفضلها على الحضارة المعاصرة:

هذه القوانين الثلاثة للاستقرار والحركة ورد الفعل هي القوانين الأساسية التي ترتكز عليها كل علوم الآلات المتحركة.. ابتداء من السيارة والقطار والطائرة إلي صواريخ الفضاء والعابرة للقارات.. وهي نفسها التي هبط بها الإنسان على سطح القمر.. وسيره في الفضاء الخارجي. وهي أيضاً أساس جميع العلوم الفيزيائية التي تقوم على الحركة، فالكهرباء هي حركة الالكترونات. والبصريات هي حركة الضوء والصوت هو حركة الموجات الضوئيه الخ.. وجدير بنا أن نفخر بفضل علمائنا الأولين كلما ذكر اسم نيوتن الذي وضعه بعض المؤرخين في صف الأنبياء بسبب نسبة هذه القوانين إليه.

الجندى
01-28-2006, 04:30 PM
خاتمة
( أحسن الله خاتمتنا و إياكم )


كانت هذه اثنى عشر اكتشافاً إسلاميا.. لكل منها دور بارز في تطور العلوم وفي مسيرة الحضارة الإنسانية ، وليس معنى ذلك أن هذا هو كل ما قدمته تلك الحضارة من إنجازات ولكنها على سبيل المثال لا الحصر، وقد أردت بها أن تكون أمثلة حية وملموسة على إنجازات المسلمين في عصر نهضتهم.. نرد بها على فريق المستشرقين المغرضين الذين دأبوا دون ملل ولا كلل على ترديد أن فضل الحضارة العربية هو في نقل العلوم الإغريقية وحفظها إلى أن جاء الأوروبيون أصحاب هذا التراث العلمي لكي يتسلموه منهم.

والواقع أن هناك الكثير من إنجازات الحضارة الإسلامية.. الذي مازال خافياً علينا، والذي نهب منا ونسبه غيرنا إلى نفسه ونحن غافلون، فهناك في مكتبات أوروبا عشرات الألوف من المخطوطات العلمية العربية، الموجودة في الأفنية المظلمة والدهاليز السرية، ومعظمها من النادر الثمين الذي لا يوجد منه غير نسخة واحدة في أوروبا لا مثيل لها في العالم العربي، كما أن هناك أضعاف هذا العدد من المخطوطات في العالم العربي نفسه، وكلها لم يتفرغ له أحد لتحقيقه والكشف على ما يحتويه من كنوز المعرفة.

والملاحظ هنا أن كل واحد من هذه الاكتشافات قد تعرض لادعاءات كثيرة من شعوب مختلفة ومن علماء في شتى أنحاء الأرض، وتتراوح هذه الادعاءات بين السرقة العلمية الواضحة.. وبين الاقتباس والتطوير أما أمثلة السرقة فهو ما فعله سرفيتوس في نقله الدورة الدموية عن ابن النفيس، وقد اتفقت الهيئات العلمية التي تناولت هذا الموضوع بالبحث والدراسة على أن النقل قد تم بالمعنى واللفظ، ونفس الشيء فعله قسطنطين الإفريقي عندما ترجم مجموعة من كتب المسلمين.

ومن أمثلة الاقتباس والتطوير ما فعله جاليليو في اختراع البندول ونيوتن في قوانين الحركة حيث وضعوا لها المعادلات الرياضية التي نعرفها اليوم ولكنهم لم يذكروا فضل من سبقوهم من المسلمين في هذا الميدان.

وهناك ثلاثة من هذه الاكتشافات كثر حولها الجدل.. قيل إن العرب نقلوها عن الصينيين.. وهي البارود والبوصلة والورق، وقد ناقشنا هذا الادعاء بوضوح، واستشهدنا برأي العلماء المختصين في تاريخ الصين العلمي وبينا في هذا الميدان مالنا وما علينا، بأمانة العلم، فإذا كان علماء الغرب قد أنكروا على غيرهم حقه وحاولوا سلبه منه، فلا يعنى ذلك أن نفعل مثلهم فننكر فضل من سبقونا فالحضارة الإنسانية كلها متصلة ببعضها، وجميع الحضارات تنقل عن بعضها أفكارآ ثم تطورها وتقدمها لصالح الإنسانية كلها.. وهذه سنة الحياة التي لولاها لكان على كل حضارة أن تبدأ من الصفر.. وتظل الإنسانية في حلقة مفرغة.. ولا تحرز تقدماً جيلاً بعد جيل.

ولكن المهم في هذا الميدان.. ميدان التسابق الحضاري... هو أن لا تطغى روح الأنانية، وأن تعترف كل حضارة بغيرها وتقر بمنجزاته... وللحقيقة والتاريخ: فلم نسمع أن عالما واحدا من علماء المسلمين حاول أن ينسب لنفسه أي اكتشاف علمي ليس له، أو كتاباً لم يؤلفه وقد كان ذلك سهلأ وميسوراً، لأن كتب الإغريق كانت قد نسيت واندثرت، وكان بعضها يستخرج من مقابر أصحابها، وفي مثل هذه الأحوال ما أسهل الادعاء ولكنك تجد دائما في المراجع العربية ذكر لكل صاحب فضل وعلم في هذا الميدان مع الكثير من التقدير والاحترام، فإذا كان رأيه خطأ يناقشونه بشجاعة ولكن دون إفحاش ولا إساءة.. فكان الرازي وابن سينا وابن النفيس والزهراوي وغيرهم يقولون "قال الفاضل جالينوس " "وقال الفاضل ابقراط " فإذا وجدوا خطأ قالوا (وهذا الرأي عندنا خطأ وصحته كذا قارن هذا بما فعله رجال أمثال بارسيليسو في أوروبا في القرن السادس عشر عندما قام بإحراق كتب ابن سينا والرازي في الساحة العامة في إحدى مدن أوروبا لكي يقول أن عهدهم قد انتهى وأن نفوذهم على العلم يجب أن يتوقف.

وفي ختام هذا الباب لنا هنا ملاحظة أخيرة. فبعض هذه الإنجازات التي سردتها مازالت بحاجة إلى المزيد من الأدلة والبراهين من خلال مطالعة واسعة ومسح شامل للمخطوطات الإسلامية.. وهذا عمل لا يستطيع فرد واحد أن يقوم به.. وحسبي أنني فتحت الأبواب لمن يأتي بعدي ولكل من يهمه رد الاعتبار إلي حضارتنا الإسلامية لإبراز الحقيقة من ثنايا كتب التراث.. ولكنني أحذر القارئ والباحث من الاعتماد على المصادر الأجنبية وحدها في هذا الميدان بالذات حتى لو كانت موسوعات علمية منصفة. فقد اعتادت هذه الموسوعات على أن تنقل عن بعضها.. وبعض الحقائق الخطيرة الخاطئة يظل ينقل من كتاب إلى آخر.. بل من جيل إلي جيل.. إلي أن يظهر من يتصدى له ويبين خطأه كما فعل الدكتور التطاوى في الدورة الدموية.

ومن أكبر الصعوبات التي ستصادف الباحث في هذا الميدان، أن معظم المخطوطات العلمية العربية القيمة موجودة الآن في متاحف الغرب ومكتباتهم، وأنه لا يوجد لها مثيل في العالم العربي والإسلامي، والقليل الذي نعرفه عنها هو ما يسمحون بنشره أو يذكرونه في كتبهم.. وهذا أيضاً يؤيد ما ذهبنا إليه في الباب الأول من هذا الكتاب من وجوب العمل على كافة المستويات ابتداء من المستوى السياسي عن طريق رؤساء الدول، إلى مستوى الحكومات والكليات والمعاهد العلمية إلي مستوى الأفراد من العلماء لاستعادة كتب التراث الإسلامي الموجودة في الغرب أو على الأقل نقلها وتصويرها والله ولي التوفيق.

الأستاذ الدكتور محمد زكي خضر
جزاه الله خيرا و أحسن إليه

الجندى
03-20-2006, 01:39 PM
اتمم هذا البحث بنقولات تتعرض لنفس الطرح من كتاب [ مناهج البحث العلمى ] للدكتور فرج الله عبد البارى

بعض العلوم التى برع فيها المسلمون بإيجاز :

علم الفلك

انطلق المسلمون يبدعون فى علم الفلك ليس لذات العلم كما يفعل البعض ولكن لأنه يبحث فى فى معرفة السنين والشهور والمواقيت ولأنه من العلوم التى توصل إلى علم التوحيد وتعظيم الرب سبحانه .
يقول أحد رواد علم الفلك فى الحضارة الإسلامية وهو ((البتانى)) ( 244 – 317هـ ) : { إن من أشرف العلوم منزلة وأسناها مرتبة وأحسنها حلية ، وأعلقها بالقلوب وألمعها بالنفوس وأشدها تحديداً للفكر والنظر وتزكية للفهم ورياضة للعقل بعد العلم بما لا يسع الإنسان جهله من شرائع الدين وسننه ، علم صناعة النجوم لما فى ذلك من جسيم الحظ وعظيم الانتفاع بمعرفة مدة السنين والشهور والمواقيت وفصول الأزمان /وزيادة الليل والنهار ونقصانهما مواضع النيرين وكسوفهما ومسير الكواكب فى استقامتها ورجوعها وتبدل أشكالها ومراتب أخلافها ، وسائر مناسباتها إلى ما يدرك ذلك من أنعم النظر وأدام الفكر فيه من إثبات التوحيد ومعرفة كنه عظمة الخالق وسعة حكمته وجليل قدرته ولطيف صنعه } الزيج الصابى للبتانى ص ( 6 ) نقلاً عن النهضة الأوربية ص ( 104 )

هنا البحث من أجل مقاصد الشريعة لتحديد أوائل الشهور التى ترتبط بها عبادات كشهر رمضان ووأشهر الحج ، ولتحديد مواقيت الصلاة ، ثم لمعرفة عظمة الخالق وسعة حكنه وجليل قدرته .

ولم يكتف علماء الإسلام بالاشتغال بعلم الفلك وإنما نقدوا التظريات التى توصل اليها علم الإغريق . ( انظر نماذج متعددة لنقد العلماء المسلمين لنظريات الإغريق فى كتاب النهضة الأووربية . دراسة نقدية ص ( 110 – 114 ) .

وكانت البحوث الفلكية التى قام بها المسلمون تعود بالفائدة العلمية عليهم إذ كان لابد للمسلين خاصة بعد الفتوحات أن يحددوا اتجاههم عبر الصحراء ، ووسط امواج البحار ، وحينما راحوا يمخرون عباب البحار والمحيطات ويجوبون الشواطئ كان لابد لهم كى يحددوا موقع سفنهم من معارف عميقة وأدوات للقياس كالاسطرلاب الذى طوروه وعدلوه فاستطاعوا به قياس ارتفاع الشمس والقمر وبعض النجوم وسائر الكواكب وكذا الأمر فيما يخص البوصلة التى اخترعوها ونقلوها إلى الصينيين فيما بعد ، أما التوجه إلى (( مكة )) للصلاة أياً كان المكان الذى يقيم فيه الإنسان فيقتضى علماً دقيقاً للتوجه فى (( الحيز المكانى )) ، وأما وجوب توقيت دقيق للصلوات الخمس اليومية فيتطلب معرفة موقع الشمس ساعة شروقها وغروبها وهذا ما يلزم كذلك معرفة توقيت الصيام والإفطار فى رمضان وتحديد يوم العيد انطلاقا من موقع القمر ، وقد بلغت الدقة فى البحوث الفلكية التى قام بها المسلمون دقة متناهية ، فقد قام الفلكى الأمير (( أولنغ بيك )) حفيد تيمور لانك بقياس السنة الشمسية وحسابها بخطأ (14) ثانية فقط بالقياس إلى حساباتنا الحالية . ( ما يعد به الإسلام ) ص ( 128 ، 129 ) روجيه جارودى .

مجدي
06-21-2006, 05:54 PM
جزاكم الله خيرا ... ولكن لماذا لا يعلم هذا في الدول الاسلامية ؟

حازم
04-20-2007, 04:05 PM
للرفع

عمر الأنصاري
03-31-2008, 03:11 PM
رائع

لرفع و الصفع على قفا الملحدين

حازم
09-03-2008, 06:36 PM
رواد مسلمون في علم الفلك وأهم منجزات العلماء العرب
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=14196

عمر الأنصاري
03-05-2009, 03:39 PM
يُرفع

سالم
03-06-2009, 12:54 AM
علم الحيل الهندسية ( الميكانيكا

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3975

تقدم الغربيون علميا بسبب تمردهم على الكنيسة و اللاهوت, و تأخر غيرهم ..

http://eltwhed.com/vb/showthread.php?t=16908

1001 اختراع وابتكار قام به المسلمون

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=14709&highlight=%C7%E1%DA%E1%E3%C7%C1

كتاب مترجم يضم صور أهم مقتنيات الفن الإسلامي / مع المتحف الإفتراضي
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=13633&highlight=%C7%E1%DD%E4

قائمة اسماء المخترعين المسلمين في العصر الذهبي للنهضة العلمية للمسلمين

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=14777&highlight=%C7%D3%E3%C7%C1

يتهمون المسلمين بالارهاب وهم قتلوا في الحرب العالمية الثانية 60 مليون انسان/ انجليزي

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=13955&highlight=%C7%D3%E3%C7%C1

حرق مكتبة الاسكندرية
وحرق الكتب في العالم

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=13957&highlight=%E3%DF%CA%C8%C9

اسماء العلماء والمكتشفين المسلمين عبر الازمنة

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?p=106869#post106869

رواد مسلمون في علم الفلك وأهم منجزات العلماء العرب

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=14196

ahmed_mehdi
03-06-2009, 03:06 AM
جزاكم الله خيرا

للرفـــــــــــــــــــــــــــع

عَرَبِيّة
03-28-2010, 05:57 AM
بارك الله فيكم و أحسن إليكم وجزاكم الله خير الجزاء ..
وكم تتواضع كلمة (( رائع )) أمام هذا الطرح في هكذا صرح ..
موضوع يفتق رتق العقل ..
يُرفع ..

فارسة الاسلام
08-14-2011, 10:09 PM
جزاك الله كل الخير وبارك بجهودك الطيبة
للرفع)))