المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل ما تحتاج معرفته عن التقليد " بإيجاز " .



حسام الدين حامد
12-08-2004, 07:40 AM
التقليد:

تعريفه:
التقليد لغة : وضع الشيء في العنق محيطا به كالقلادة.
و اصطلاحا : اتباع من ليس قوله حجة.
فخرج بقولنا "من ليس قوله حجة" اتباع النبي صلي الله عليه و سلم و اتباع أهل الإجماع ، و اتباع الصحابي-إذا قلنا أن قوله حجة- فلا يسمي اتباع شيء من ذلك تقليدا ، لأنه اتباع للحجة ، لكن قد يسمي تقليدا علي وجه المجاز و التوسع.


مواضع التقليد :
يكون التقليد في موضعين :
الأول: أن يكون المقلد عاميا لا يستطيع معرفة الحكم بنفسه ، ففرضه التقليد لقوله تعالي ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، و يقلد أفضل من يجده علما و ورعا ، فإن تساوي عنده اثنان خير بينهما.
الثاني: أن يقع للمجتهد حادثة تقتضي الفورية و لا يتمكن من النظر فيها ، فيجوز له التقليد حينئذ ، و اشترط بعضهم لجواز التقليد ألا تكون المسألة من أصول الدين التي يجب اعتقادها لأن العقائد يجب الجزم فيها و التقليد إنما يفيد الظن فقط.
و الراجح أن ذلك ليس بشرط لعموم قوله تعالي : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، و الآية في سياق إثبات الرسالة و هي من أصول الدين ، و لأن العامي لا يتمكن من معرفة الحق بأدلته فإذا تعذر عليه معرفة الحق بنفسه لم يبق إلا التقليد لقوله تعالي ( فاتقوا الله ما استطعتم).


أنواع التقليد :التقليد نوعان عام و خاص :

1-فالعام : أن يلتزم مذهبا معينا يأخذ برخصه و عزائمه في جميع أمور دينه.
و قد اختلف العلماء فيه ، فمنهم من حكي وجوبه لتعذر الاجتهاد في المتأخرين ، ومنهم من حكي تحريمه لما فيه من الالتزام المطلق لاتباع غير النبي صلي الله عليه و سلم .
و قال شيخ الإسلام : إن في القول بالوجوب طاعة غير النبي صلي الله عليه وسلم في كل أمره و نهيه و هو خلاف الإجماع و جوازه فيه ما فيه.
و قال : من التزم مذهبا معينا ثم فعل خلافه من غير تقليد لعالم آخر أفتاه و لا استدلال بدليل يقتضي خلاف ذلك و لا عذر شرعي يقتضي حل ما فعله فهو متبع لهواه ، فاعل للمحرم بغير عذر شرعي ، و هذا منكر ، و أما إذا تبين له ما يوجب رجحان قول علي قول إما بالأدلة المفصلة إن كان يعرفها و يفهمها ، و إما بأن يري أحد الرجلين أعلم بتلك المسألة من الآخر ، و هو أتقي لله فيما يقوله فيرجع عن قول إلي قول لمثل هذا فهذا يجوز بل يجب ، و قد نص الإمام أحمد علي ذلك.

2- والخاص: أن يأخذ بقول معين في قضية معينة ، فهذا جائز إذا عجز عن معرفة الحق بالاجتهاد سواء عجز عجزا حقيقيا أو استطاع ذلك مع المشقة العظيمة.


فتوي المقلد:

قال الله تعالي ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) و أهل الذكر هم أهل العلم ، والمقلد ليس من أهل العلم المتبوعين و إنما هو تابع لغيره.
قال أبو عمر بن عبد البر و غيره "أجمع الناس علي أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم ، و أن العلم معرفة الحق بدليله".
قال ابن القيم : و هذا كما قال أبو عمر فإن الناس لا يختلفون في أن العلم هو المعرفة الحاصل عن دليل ، و أما بدون الدليل فإنما هو تقليد ، ثم حكي ابن القيم بعد ذلك في جواز الفتوي بالتقليد ثلاثة أقوال :
أحدها: لا تجوز الفتوي بالتقليد لأنه ليس بعلم ، و الفتوي بغير علم حرام ، و هذا قول أكثر الأصحاب و جمهور الشافيعية.
الثاني : أن ذلك جائز فيما يتعلق بنفسه ، ولا يجوز أن يقلد فيما يفتي به غيره.
الثالث : أن ذلك جائز عند الحاجة و عدم العالم المجتهد ، و هو أصح الأقوال و عليه العمل .انتهي كلامه.

قاله محمد بن صالح العثيمين رحمه الله " الأصول من علم الأصول " ص 122.

عبد الله
12-11-2004, 08:42 PM
تحياتي للاستاذ حسام

هل ان اسأل عن التقليد اليوم.. اي بمعنى ان كان عاما، يبتلى به العوام... هل يكون مختصا باصحاب المذاهب الاربعة المعروفة؟؟ او هناك من يصح تقليده في هذا الزمن؟؟

شكرا جزيلا

حسام الدين حامد
12-11-2004, 10:50 PM
لنفرض أن شخصًا ذهب لمن يري فيه أهلية الإفتاء فأفتاه دون أن يخبره بالدليل ، فاتبع كلامه ، فهذا يعتبر تقليدًا ، ما الإشكال يا أستاذ بسام ؟

عبد الله
12-12-2004, 12:13 AM
استاذي المحترم

الذي قصدته من سؤالي (واعترف لك انه لم يكن واضحا) في البداية ... وعلى ما اعتقد ان الذي لديه آلية الفتوى هو الذي يكون قادرا على استخراجها من مصادر التشريع لديكم .. هل هؤلاء هم اصحاب المذاهب الاربعة المعروفين او ربما من عاصرهم او تتلمذ على يدهم؟ ام من الممكن ان نجد اليوم مجتهدا في نص القرآن ونص السنة .. وان كان هذا لا.. فما مقياس الفتوى لديه (ولا اسأل عن الدليل) هل هو مجرد ناقل لاراء القدماء؟ ام يمكن له مخالفتهم باجتهاده بطريقة ما؟؟

دمت بخير

حسام الدين حامد
12-12-2004, 03:29 AM
الأستاذ بسام :

العالم من عرف الحكم بدليله ، و هذا متحقق إلي اليوم ، و يستطيع المفتي أن يخالف أي رأي إن كان معه دليل علي ضعف هذا الرأي ، و هذا من عظمة هذا الدين الذي خلا من الكهنوت و السلطة البابوية ، و أذكر لك علي سبيل المثال :

جاء شخص يسأل الإمام الشافعي رحمه الله عن حكم مسألة ، فذكر له حديثًا للرسول صلي الله عليه و سلم فيه الحكم ، فسأله مرة أخري : فما قولك في المسألة ؟ ، فغضب الشافعي رحمه الله و قال : أتراني خارجًا من كنيسة ؟ أتراني معلقًا زنارًا ؟

فما سر هذه الغضبة ؟

السبب هو أن الرجل ظن مجرد ظن أن للإمام قولًا قد يخالف ما ورد عن رسول الله صلي الله عليه و سلم .

و قد صح عن الأئمة الأربعة أنهم قالوا " إذا صح الحديث فهو مذهبي " أو ما في معناها .

و أختم ردي بما نقله الشيخ العثيمين رحمه الله عن شيخ الإسلام رحمه الله :

و أما إذا تبين له ما يوجب رجحان قول علي قول إما بالأدلة المفصلة إن كان يعرفها و يفهمها ، و إما بأن يري أحد الرجلين أعلم بتلك المسألة من الآخر ، و هو أتقي لله فيما يقوله فيرجع عن قول إلي قول لمثل هذا فهذا يجوز بل يجب ، و قد نص الإمام أحمد علي ذلك.

د. هشام عزمي
12-12-2004, 04:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

ميز علماء الإسلام في مراتب المجتهدين - بصفة عامة - بين ثلاث مراتب :
الاولى : مرتية الاجتهاد المطلق الذي يستنبط صاحبه الأحكام من المنابع - القرآن و السنة .
و الثانية : مرتية الاجتهاد في المذهب الذي يستنبط صاحبه الاحكام حسب قواعد و اصول مذهبه الفقهي .
و الثالثة : مرتبة الاجتهاد في القتوى و الذي يستبنط صاحبه الاحكام من الترجيح بين أقوال من سبقوه من أتباع مذهبه .

و الاجتهاد بصورة عامة ظل سنة مستمرة على مر تاريخنا الاسلامي لم يخل منه عصر من العصور .. لكن هذا التاريخ الاسلامي قد شهد عصور ازدهار للاجتهاد كان الاجتهاد فيها هو القاعدة ، و شهد عصور تراجع كان الاجتهاد فيها هو الاستثناء .. كذلك صعد الاجتهاد في عصور الازدهار إلى مرتبته الاولى - الاجتهاد المطلق - و هبط في عصور التراجع إلى المرتبة الثانية او الثالثة - اجتهاد المذهب او اجتهاد الفتوى .

هذه اجابة مختصرة و موجزة بدون الدخول في تفاصيل لا داعي لها .. و الله أعلم .

د. هشام عزمي
12-12-2004, 04:46 AM
كذلك يجب أن تتوافر في المجتهد عدة شروط منها على سبيل المثال :
- التمكن من اللغة ، حتى يمكن إدراك أسرار التركيب القرآني و مقاصد السنة النبوية .
- الفهم و التدبر لآيات الاحكام في القرآن و لناسخه و منسوخه و عامه و خاصه و مطلقه و مقيده .. و كذلك فقه السنة و علومها رواية و دراية .
- المعرفة بأصول الفقه و قواعده و اجتهادات أئمته و مسائل الاجماع و القياس فيه .
- الحذق لروح التشريع و فلسفته و لمقاصد الشريعة على النحو الذي يكون ملكة الاجتهاد لدى المجتهد .

حسام الدين حامد
12-12-2004, 04:49 AM
جزاك الله خيرًا يا دكتور علي هذه المعلومات القيمة ، لكن الأهلية للاجتهاد أوسع من الأهلية للإفتاء ، فلننتظر الأستاذ بسام ليبين لنا أثم إشكال بعد ؟

عبد الله
12-12-2004, 05:24 AM
و الاجتهاد بصورة عامة ظل سنة مستمرة على مر تاريخنا الاسلامي لم يخل منه عصر من العصور .. لكن هذا التاريخ الاسلامي قد شهد عصور ازدهار للاجتهاد كان الاجتهاد فيها هو القاعدة ، و شهد عصور تراجع كان الاجتهاد فيها هو الاستثناء .. كذلك صعد الاجتهاد في عصور الازدهار إلى مرتبته الاولى - الاجتهاد المطلق - و هبط في عصور التراجع إلى المرتبة الثانية او الثالثة - اجتهاد المذهب او اجتهاد الفتوى .



هذا ما كنت اريد فهمه اجمالا ..... واظن انه سيكون لي عود على هذا الموضوع قريبا ..

مع شكري الجزيل للمحترمين الاستاذ حسام الدين حامد والدكتور هشام عزمي

وفائق الاحترام