د. هشام عزمي
12-09-2004, 05:03 AM
دلـت على وجـوده الحوادث :::: سبحانـه فهـو الـحكيـم الوارث
قال العلامة ابن عثيمين في شرح العقيدة السفارينية ص49-53:
قوله : ( دلت على وجوده الحوادث ) : أراد المؤلف رحمه الله أن يستدل على وجود الله عز وجل ، فاستدل بوجوده سبحانه وتعالى على الحوادث ، يعني أن حدوث الأشياء دليل على وجود الله عز وجل .
وتقرير هذا الدليل : أن نقول : كل حادث لا بد له من محدث ، وإذا تتبعنا الأشياء وجدنا أنه لا محدث لهذا الحادث إلا الله عز وجل .
ودليل هذا : قوله تعالى : { أم خلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون } ( الطور 35 ) .
الجواب : لا هذا ولا ذاك ، يعني ليسوا خلقوا من غير خالق ولا خلقوا أنفسهم ، وحينئذ يتعين أن يكون لهم خالقاً ، فمن الذي خلقهم ؟
الذي خلقهم هو الله ، لأنه لا أحد يستطيع أن يقول عن نفسه : أنا الذي خلقت ؟
حتى الأب والأم لا يستطيع أن يقولا : خلقنا ما في بطون الأم ، لو قال الأب : أنا الذي خلقت ابني وجعلت له عينين ولساناً وشفتين وأصابع يدين ورجلين قال الناس : له كذبت ملء شدقيك وأين أنت من الجنين في بطن أمه ؟ هل شققت البطن وجعلت هذا هل نفخت فيه الروح ؟ أبدًا ، إذن فهو كاذب ،
ولا يمكن أن يدعي ذلك أحد ، لو قال : الذي خلقه سيدنا فلان المولى العظيم الكبير الذي في قبره .
فنقول له : كذبت ألف مرة ، هذا اذهب إلى قبره إما أن يكون أكلته الأرض وإلا فهو جثة لا يملك لنفسه شيئا فكيف يملك لغيره ؟ وإذا كابرت فكل أحد يرد قولك .
إذن الحوادث دليل على وجود الله لدليل سمعي ودليل عقلي :
الدليل : { أم خلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون } ( الطور 35 ) .
ودليلٌ عقلي : وهو أن ( كل حادث لا بد له من محدث ) ولا محدث للحوادث إلا الله عز وجل .
ولكن ينبغي أن نسأل : هل المؤلف أراد حصر الدليل على وجود الله عز وجل بهذه الطريق فقط ؟
الجواب : لا ، فإن كان أراد ذلك فلا شك أن هذا قصور ، لأن الأدلة على وجود الله عز وجل أدلةٌ كثيرة شرعية وعقلية وحسية وفطرية :
فدلالة الفطرة على وجود الله أقوى من كل دليل لمن لم تجتله الشياطين ، ولهذا قال الله تعالى : { فطرة الله التي فطر الناس عليها } بعد قوله : { فأقم وجهك للدين حنيفاً } ( الروم 30 )
فالفطرة السليمة تشهد بوجود الله ولا يمكن أن يعدل عن هذه الفطرة إلا من اجتالته الشياطين ومن اجتالته الشياطين فقد وُجد في حقه مانعٌ قوي يمنع هذا الدليل .
والحقيقة أن دلالة الحوادث على المحدث دلالة حسية عقلية :
أما كونها حسية : فلأنها مشاهدة بالحس ،
وأما كونها عقلية : فلأن العقل يدل على أن كل حادثٍ لا بد له من محدث ، ولهذا سئل أعرابي : بم عرفت ربك ؟ فقال : الأثر يدل على المسير ، والبَعْرَة تدل على البعير ، فسماء ذات أبراجٍ وأرض ٌ ذات فجاج وبحارٌ ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير ؟
الجواب : بلى .
هذا أعرابي استدل على أن هذه الحوادث العظيمة تدل على خالقٍ عظيم عز وجل ، هو السميع البصير ، فالحوادث دليل على وجود المحدث ، ثم كل حادثٍ منها يدل على صفةٍ مناسبةٍ غير الوجود ، فنزول المطر يدل لا شك على وجود الخالق ويدل على رحمته وهذه دلالةٌ غير الدلالة على الوجود .
وجود الجدب والخوف والحروب تدل على وجود الخالق وتدل على غضب الله عز وجل وانتقامه .
فكل حادثٍ فله دلالتان :
1. دلالةٌ كلية عامة : تشترك فيها جميع الحوادث وهي وجود الخالق وجود المحدث .
2. ودلالةٌ خاصة : في كل حادثٍ بما يختص به كدلالة الغيث على الرحمة ودلالة الجدب على الغضب وهكذا .
هل هناك أدلةٌ أخرى على وجود الخالق ؟
الجواب : نعم ، هناك أدلة أخرى :
جميع الشرائع دالةٌ على الخالق وعلى كمال علمه وحكمته ورحمته ، لأن هذه الشرائع لا بد لها من مشرِّعٍ والمشرِّع هو الله عز وجل ، فجميع الشرائع دالة على وجود المشرع وهو الله سبحانه وتعالى .
هناك دلالة أخرى : النوازل التي تنزل لسبب دالة على وجود الخالق ، مثل : دعاء الله عز وجل ثم استجابته للدعاء دليل على وجوده ، وهذه وإن كانت من باب دلالة الحادث على المحدث لكنها أخص .
لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم الله أن يغيث الخلق قال : ( اللهم أغثنا اللهم أغثنا ) ثم نشأ السحاب وأمطر قبل أن ينزل من المنبر .
هذا حديث أنس يدل على وجود الخالق وهذا أخص من دلالة العموم ، إذن عندنا من الدلالات على وجود الخالق عز وجل :
1 – الحوادث على سبيل العموم .
2 – والشرائع .
3 – والحوادث الخاصة التي تكون لسبب .
4 – وهناك أيضاً الفطرة .
فالفطرة السليمة تدل على وجود الخالق ، ليست الفطرة التي فطر عليها الإنسان بل التي فطر عليها جميع الخلق ، حتى البهائم العُجْمْ تعرف خالقها ، قال الله تعالى : { تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا ويسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } ( الإسراء 44 ) ، { وإن من شيءٍ } أي : ( ما من شيءٍ ) .
وهل يسبح المسبح من لا يعرفه ؟ لا ، لا يسبح إلا من يعرفه ، فهذه أربعة أوجهٍ كلها تدل على وجود الخالق عز وجل .
انتهى النقل .
قال العلامة ابن عثيمين في شرح العقيدة السفارينية ص49-53:
قوله : ( دلت على وجوده الحوادث ) : أراد المؤلف رحمه الله أن يستدل على وجود الله عز وجل ، فاستدل بوجوده سبحانه وتعالى على الحوادث ، يعني أن حدوث الأشياء دليل على وجود الله عز وجل .
وتقرير هذا الدليل : أن نقول : كل حادث لا بد له من محدث ، وإذا تتبعنا الأشياء وجدنا أنه لا محدث لهذا الحادث إلا الله عز وجل .
ودليل هذا : قوله تعالى : { أم خلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون } ( الطور 35 ) .
الجواب : لا هذا ولا ذاك ، يعني ليسوا خلقوا من غير خالق ولا خلقوا أنفسهم ، وحينئذ يتعين أن يكون لهم خالقاً ، فمن الذي خلقهم ؟
الذي خلقهم هو الله ، لأنه لا أحد يستطيع أن يقول عن نفسه : أنا الذي خلقت ؟
حتى الأب والأم لا يستطيع أن يقولا : خلقنا ما في بطون الأم ، لو قال الأب : أنا الذي خلقت ابني وجعلت له عينين ولساناً وشفتين وأصابع يدين ورجلين قال الناس : له كذبت ملء شدقيك وأين أنت من الجنين في بطن أمه ؟ هل شققت البطن وجعلت هذا هل نفخت فيه الروح ؟ أبدًا ، إذن فهو كاذب ،
ولا يمكن أن يدعي ذلك أحد ، لو قال : الذي خلقه سيدنا فلان المولى العظيم الكبير الذي في قبره .
فنقول له : كذبت ألف مرة ، هذا اذهب إلى قبره إما أن يكون أكلته الأرض وإلا فهو جثة لا يملك لنفسه شيئا فكيف يملك لغيره ؟ وإذا كابرت فكل أحد يرد قولك .
إذن الحوادث دليل على وجود الله لدليل سمعي ودليل عقلي :
الدليل : { أم خلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون } ( الطور 35 ) .
ودليلٌ عقلي : وهو أن ( كل حادث لا بد له من محدث ) ولا محدث للحوادث إلا الله عز وجل .
ولكن ينبغي أن نسأل : هل المؤلف أراد حصر الدليل على وجود الله عز وجل بهذه الطريق فقط ؟
الجواب : لا ، فإن كان أراد ذلك فلا شك أن هذا قصور ، لأن الأدلة على وجود الله عز وجل أدلةٌ كثيرة شرعية وعقلية وحسية وفطرية :
فدلالة الفطرة على وجود الله أقوى من كل دليل لمن لم تجتله الشياطين ، ولهذا قال الله تعالى : { فطرة الله التي فطر الناس عليها } بعد قوله : { فأقم وجهك للدين حنيفاً } ( الروم 30 )
فالفطرة السليمة تشهد بوجود الله ولا يمكن أن يعدل عن هذه الفطرة إلا من اجتالته الشياطين ومن اجتالته الشياطين فقد وُجد في حقه مانعٌ قوي يمنع هذا الدليل .
والحقيقة أن دلالة الحوادث على المحدث دلالة حسية عقلية :
أما كونها حسية : فلأنها مشاهدة بالحس ،
وأما كونها عقلية : فلأن العقل يدل على أن كل حادثٍ لا بد له من محدث ، ولهذا سئل أعرابي : بم عرفت ربك ؟ فقال : الأثر يدل على المسير ، والبَعْرَة تدل على البعير ، فسماء ذات أبراجٍ وأرض ٌ ذات فجاج وبحارٌ ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير ؟
الجواب : بلى .
هذا أعرابي استدل على أن هذه الحوادث العظيمة تدل على خالقٍ عظيم عز وجل ، هو السميع البصير ، فالحوادث دليل على وجود المحدث ، ثم كل حادثٍ منها يدل على صفةٍ مناسبةٍ غير الوجود ، فنزول المطر يدل لا شك على وجود الخالق ويدل على رحمته وهذه دلالةٌ غير الدلالة على الوجود .
وجود الجدب والخوف والحروب تدل على وجود الخالق وتدل على غضب الله عز وجل وانتقامه .
فكل حادثٍ فله دلالتان :
1. دلالةٌ كلية عامة : تشترك فيها جميع الحوادث وهي وجود الخالق وجود المحدث .
2. ودلالةٌ خاصة : في كل حادثٍ بما يختص به كدلالة الغيث على الرحمة ودلالة الجدب على الغضب وهكذا .
هل هناك أدلةٌ أخرى على وجود الخالق ؟
الجواب : نعم ، هناك أدلة أخرى :
جميع الشرائع دالةٌ على الخالق وعلى كمال علمه وحكمته ورحمته ، لأن هذه الشرائع لا بد لها من مشرِّعٍ والمشرِّع هو الله عز وجل ، فجميع الشرائع دالة على وجود المشرع وهو الله سبحانه وتعالى .
هناك دلالة أخرى : النوازل التي تنزل لسبب دالة على وجود الخالق ، مثل : دعاء الله عز وجل ثم استجابته للدعاء دليل على وجوده ، وهذه وإن كانت من باب دلالة الحادث على المحدث لكنها أخص .
لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم الله أن يغيث الخلق قال : ( اللهم أغثنا اللهم أغثنا ) ثم نشأ السحاب وأمطر قبل أن ينزل من المنبر .
هذا حديث أنس يدل على وجود الخالق وهذا أخص من دلالة العموم ، إذن عندنا من الدلالات على وجود الخالق عز وجل :
1 – الحوادث على سبيل العموم .
2 – والشرائع .
3 – والحوادث الخاصة التي تكون لسبب .
4 – وهناك أيضاً الفطرة .
فالفطرة السليمة تدل على وجود الخالق ، ليست الفطرة التي فطر عليها الإنسان بل التي فطر عليها جميع الخلق ، حتى البهائم العُجْمْ تعرف خالقها ، قال الله تعالى : { تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا ويسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } ( الإسراء 44 ) ، { وإن من شيءٍ } أي : ( ما من شيءٍ ) .
وهل يسبح المسبح من لا يعرفه ؟ لا ، لا يسبح إلا من يعرفه ، فهذه أربعة أوجهٍ كلها تدل على وجود الخالق عز وجل .
انتهى النقل .