المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تدخل مواقع شات للتسلية ...قد تحولك الى جاسوس



سبع البوادي
01-26-2006, 01:40 AM
الكيان الصهيوني وحرب الانترنت!

بقلم : ياسمينة صالح‏

قبل ثلاثة أعوام، حين نزل إلى السوق في الولايات الأمريكية كتاب" حرب المخابرات"، قوبل بالكثير من التعتيم، ربما لأن كاتبه "توماس ج.ر.هارفر" كان واحدا من ضباط المخابرات الذين عايشوا الحرب الباردة بكل تفاصيلها الرهيبة، و لأنه ـ و هذا الأهم ـ انقلب ضد الحزب الجمهوري الأمريكي معتبرا إياه حزبا جاهزا لإدارة الحرب فقط، و لإغراق أمريكا في كراهية العالم لها، كما قال في حوار مع جريدة اللوموند الفرنسية بعد سنة من ذلك التاريخ..‏

لم يكن الحديث عن حرب المخابرات شيئا هلاميا ولا من نسج الخيال، وحتى وأفلام هوليود تحاول إيهام العالم أن جيمس بوند الأمريكي المميز لن يجد من يقهره، ولكنها أيضا فشلت في إقناع الناس بأن جيمس بوند رجل مسالم و محب للخير، هو الذي لا يمكنه العيش في غير المياه العكرة !‏

عالم المخابرات بكل غموضه، و أسراره صار مكشوفا إلى حد كبير اليوم، ليس لأن العالم أصبح قرية صغيرة، بل لأن "الجوسسة" أخذت في النهاية وضعا مختلفا، بحيث أن الحصول على المعلومة لم يعد صعبا، وبالتالي الوصول إلى من يمد الآخر بالمعلومة لم يعد مستحيلا، لأن انفتاح الناس على "الشبكة المعلوماتية" جعلهم من حيث لا يدرون جاهزين لأن يصبحوا عملاء وخونة أيضا، تسيرّهم أجهزة خبيرة كي يفعلوا ما تطلبه منهم، وكي تأخذ منهم ما تشاء من المعلومات مهما بدت صغيرة وغير مهمة وأحيانا تافهة، إلا أنها تظل بالنسبة لتلك الأجهزة، في غاية الأهمية وعاكسة للسلوك النفسي والفكري والاجتماعي والاقتصادي لأي مجتمع، بالخصوص المجتمعات التي توصف بـ "الحساسة" ونعني بها تلك التي تعيش صراعا سياسيا أو عسكريا مباشرا مع الدول الأخرى، بالخصوص مع الولايات الأمريكية و "إسرائيل"..‏

في آب/ أغسطس سنة 2003، نشرت مجلة "لوسوار البلجيكية" ملفا عن "جواسيس الانترنت" وهم في الحقيقة ليسوا أولئك الذين يخترقون البريد فحسب، بل هم أولئك الذين يجلسون لساعات، في غرف الشات (المحادثة المباشرة) ينتظرون دخول أي متحدث يمكنه أن "يصبح" صديقا جيدا لهم.‏

الصداقة هنا لا تحمل أي معنى للقيمة و لا مكان للمبدأ فيها، بل هي صداقة من نوع آخر، يعرف خبراء الانترنت أنها ستصطاد كل الشباب المراهق الذي يحب أن يتكلم في الأشياء الممنوعة، في الجنس وفي السياسة أيضا. فالذين يدخلون إلى غرف الشات يفعلون ذلك بحثا عن فتاة أو امرأة "متحررة" تستطيع أن تحكي وتتكلم وتناقش بكل حرية معهم، ولا يهم من تكون تلك المرأة، مكانها، هويتها، جنسيتها و... أهدافها. المهم أن ساعة من المحادثة "الحرة" تتطور إلى تبادل لصور غير أخلاقية، وإلى تبادل لأرقام الهاتف الجوال أحيانا، بحيث تقيم الفتاة بالضرورة في دولة "محايدة" استراتيجيا، وهذه النقطة في غاية الأهمية بالنسبة لأجهزة المخابرات كي لا تثير أدنى شبهة.. صورة الفتاة يجب أن تكون مغرية، ولا يهم أيضا إن كانت صورتها الحقيقية أم لا، المهم أن الشاب/ الضحية سيكون مأخوذا بأشياء أخرى، وبالتالي يتم التأثير عليه عبرها.. هكذا يقول "باسكال شانتي" من المعهد الفرنسي للتقنيات المعلوماتية، فهو خبير في مجال الانترنت، ومؤلف كتاب " هؤلاء الذين لا يعرفون" وهو الكتاب الذي كان مشهدا آخر عن العملاء "غير العارفين" و الذين يتم إدخالهم في لعبة "الحوار" بكل إغراءاته، حتى الوصول إلى الحديث الأخطر!‏

ليس هذا فقط، بل في السياق نفسه ، نشرت مجلة" لومجازين ديسرائيل" الصادرة في فرنسا أن "الانفتاح على العالم لم يعد يكلف "إسرائيل" كما السابق فيما يخص جلب المعلومات، بحيث يكفي الدخول إلى مواقع الشات لتعرف كل شيء!"‏

ما هي مواقع الشات تلك؟‏

سؤال طرحناه على "جيرالد نيرو" (أستاذ في كلية علم النفس بجامعة بروفانس الفرنسية، وصاحب كتاب: (مخاطر الانترنت )، أجابنا قائلا: "من الصعب تعريف مواقع الشات أو كما تسمى عموما بمواقع المحادثة والاستمتاع.. المحادثة من منظور الشخص الذي يستعمل الانترنت هي فسحة من الحوار الذي لا تتدخل فيه الموانع ولا التابوهات، يجد الشخص نفسه يدخل إلى مواقع معينة باسم مستعار، وهو الأمر الذي يجعله يحس بالأمان كثيرا كون البيانات التي يقدمها للدخول غير حقيقية، ولكنه ينسى أن ما سيقوله أثناء الحديث هو الذي سيكون حقيقيا لأنه سيكون بين أيدي أشخاص خبراء في مجال الكلام، يعرفون كيف يسألون و كيف يحصلون على المعلومة، وكيف يديرون الحوار وكيف ومتى يوقفونه أيضا، ببساطة هي شبكة مختصة ومتكونة من أخصائيين أيضا، في علم الحديث، وعلى درجة كبيرة من الدهاء أيضا.."‏

مواقع الشات هي المواقع الأسهل، وأي شخص يمكنه أن يدخل إلى أي غرفة محادثة يرغبها، باسم مستعار يتخفى وراءه ليعبر عن رأيه ويدردش لمدة ساعة على الأقل، قد تصل إلى خمس ساعات متتالية حسب تقدير نفس مجلة" لومجازين ديسرائيل" التي ذكرت أن ـ حسب "موشي ميخائيل" ضابط سابق في الموساد ـ الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 25 سنة هم الأكثر إقبالا على مواقع المحادثة، لأنهم أكثر رغبة في التغيير، ووقتهم أكبر من مشاغلهم، وبالتالي يعتبرون المحادثة المباشرة أفضل طريقة لإفراغ ما في القلب من هموم يعتبرها المراهق مصيرية، كإحساسه بالكبت الاجتماعي الذي يتحول إلى رغبة في الكلام الذي يصل أحيانا حد "الإساءة" لدولته وحكومته و هو ما يشكل حوالي66% من نماذج الحوار.‏

المواقع هي نفسها تقريبا، الأكثر شهرة، مثل مواقع الصداقة و مواقع المحادثة الـ "حرة" التي تحتوي على غرف محددة كالغرف الجنسية والسياسية والثقافية والفكرية، إذ تجد في كل من تلك الغرف ضابطا منتظرا، له القدرة على الصبر وعلى إدارة الحوار بشكل عادي وبسيط. يرمز إلى نفسه عادة برمز يلفت الانتباه، وبالتالي يذكر أنه "امرأة" ليتم الاتصال به، و لهذا يصير الاتصال ممكنا، و الأهم أن الضابط يجيد بداية الحوار الذي يجعل الطرف الآخر يقع في الفخ، عبر إغرائه مباشرة بعبارات يعرف جيدا تأثيرها عليه، خاصة إن كان مستخدم الانترنت دخل إلى تلك المواقع بحثا عن الجنس و الصور غير الأخلاقية !‏

الصحفي الفرنسي "روجيه أرود" اهتم عن قرب بتلك المواقع قبل أن يصدر كتابه "كلمات في غرفة" الذي كشف من خلاله الدور الخفي و المزدوج للعديد من المواقع، بالخصوص مواقع المحادثة المباشرة، والشبهات التي تحوم حولها باعتبارها أنها ـ كما ذكر في بداية كتابه ـ تنشط من دول تتواجد فيها "إسرائيل" بكثرة، مثل قبرص، و اليونان، و فرنسا، و الولايات الأمريكية وبريطانيا.. بالإضافة إلى دول من أوروبا الديمقراطية سابقا، بلغات كثيرة و منها اللغة العربية التي تستقطب اليوم العديد من الشباب و التالي تبدو مواقع المحادثة العربية فخا سهلا جدا، لأن الذين ينشطون خلف الكواليس يعرفون جيدا ماذا يريد المشترك العربي.."فالمشترك العربي، الشاب، والمراهق عموما يبحث عن التسلية و الحوار السهل، متجاوزا التابوهات و الممنوعات، لهذا تبدو تلك المواقع مثالية بالنسبة إليه بالخصوص حين صارت لها صفحات عربية.‏

وقائع موثقة:‏

(مجلة " لاتريبون" الفرنسية عرضت في عدد 213 أن ضابط الاستخبارات الإسرائيلي "أدون وردان" المعروف في الوسط ألمخابراتي داخل و خارج "إسرائيل" هو نفسه "دانيال دوميليو" الذي أطلق موقع "شباب حر" الذي استقطب أكثر من 10 مليون زائر في سنة انطلاقته عام 2003، وكان هذا الموقع ـ ( الذي توقف فجأة بعد أن كشفت صحيفة الصنداي شخصية مؤسسه) ـ من أهم مواقع التعارف والكتابة الحرة التي يعبر فيها ملايين الشباب عن "غضبهم" من حكوماتهم، وبالتالي كان ثمة ضباط من العديد من الدول الذين "اعتقدوا" أنهم يؤدون مهمة إنسانية بالكشف عن أسرار عسكرية في غاية الخطورة، منها ضباط من كوت ديفوار نشروا وثائق خطيرة عن الوضع الأمني الذي تم استغلاله من قبل المخابرات الإسرائيلية في السنة الماضية لـ "معاقبة فرنسا" على موقفها "السلبي" من الحرب على العراق، يقول "دونالد ماكرو" بالحرف الواحد.. لقد لعب الانترنت المهمة الأخطر على المستوى العسكري، إذ أن مجرد السؤال في حوار عادي عن الوضع السائد في البلد الفلاني لم يعد بريئا، لكن ثمة أخصائيون يجيدون طرح الأسئلة بتفادي طرحها بشكل مباشر، و لإجبار الطرف الآخر على طرحها.. فقد كانت دولة مثل "إسرائيل" في الستينات و السبعينات تصرف الملايين من الدولارات كرواتب لعملاء تعمل على تدريبهم وبالتالي على تهيئتهم للأعمال المطلوبة منهم. كان عالم الجواسيس محاطا دائما بنفس الهالة الرهيبة و المخاطر التي نجحت السينما الأمريكية في صياغتها. الجاسوس أو العميل هو نفسه الخائن في كل اللغات، هو الشخص الذي يعي أنه يختار الجهة المضادة لأسباب مادية وأحيانا ثأرية، وهؤلاء يفعلون ذلك عن مغامرة وعن سقوط إرادي، لكن الذي يجري أن "العميل" الراهن لا يعرف الدور الذي يقوم به. لا يعرف أنه يخون ويبيع أسرار بلده. لا يعرف أنه ضحية حوار غير برئ، ولا يعرف أن كل كلمة يقولها تمر على عشرات المحللين النفسانيين وأنه هو في الأخير فأر تجارب في عالم متناقض ومشبوه. لهذا من الصعب جدا تفادي "كارثة الانترنت" يقول أكثر من رأي، من الصعب تفادي "كارثة الشات(الدردشة)" لأنه يبقى هو العالم المغري لملايين من الشباب بالخصوص الذين يبلغون أقل من عشرين سنة، ولهم ثقافة حياتية وفكرية جد محدودة، بحيث لا يهمهم سوى الكلام في أشياء "محظورة" مع شخص يعتقدونه جنسا لطيفا!‏

يقول "مايكل هيجل" في مجلة "بون" الألمانية: ما يقال في هذا المجال يبدو حقيقيا جدا، وباعتراف ضباط سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مثــــل ( جون دلتون) وضابط الاستخبارات البريطانية المتقاعد (هنري سرلوب) صاحب كتاب " واجهة شاحبة"، وضابط الاستخبارات الإسرائيلية " ميخائيل ماتان"، هؤلاء كتبوا بأنفسهم عن الدور الذي لعبوه في استقطاب عملاء بطرق لم يكونوا ليحلموا بها، أي بجرهم إلى الحوار عبر الانترنت. الغريب في الأمر، يقول "هنري سرلوب" أن مواقع التعارف عبر النت هي التي تستقطب الملايين من الناس عبر العالم. ركن التعارف جلب أطباء وصحافيين مثلما جلب رجال أعمل وموظفين عاديين وأشخاص عسكريين أيضا، لهذا كانت المواقع المعنية بالتعارف من أكثر المواقع زيارة في أوروبا وطبعا مفتوحة لاستقطاب شباب من العالم العربي، ومن أمريكا اللاتينية.‏

الطريقة في غاية السهولة نجدها ببساطة في كتاب "العميل البريء" للكاتب الانجليزي " ادوارد ريتشارسون" قائلا: العميل المثالي هو الأكثر حنقا على نفسه، هو الكاره لذاته، الذي لا يحمل أي هدف محدد، فتلتقيه في حالة شرود، لتقوده إلى عالمك، ولتصقل شخصيته كما تشاء، بأن تصنع منه عميلا مثاليا و"بريئا" لمجرد أنه لا يعرف أنه يقدم لك خدمات كبيرة مقابل أن تكون صديقه !!!!)‏

........
ختاما
يا من أضعت طريق الله ما زالت على قيد الحياة
تملك عقلا..
مهما كانت صعوبات الحياة
فلن تحياها بخير الا بالرجوع اليه

اللهم اهد شباب الامة وبناتها
اصلح احوالهم واجمعهم على دينك .

امين