المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل الأحاديث ثابتة



مرابط
01-28-2006, 02:33 PM
الاخوة في منتدى التوحيد
السلام عليكم

أتفق معكم في كثير من القضايا وأختلف معكم في بعض ، وأرجو أن تكون هذه المحاورة التي أعتزم بدءها معكم فاتحة نقاش مثمر ، وإن كنت لا أحبذ إشغالكم عما هو أهم وهو مناقشة الملاحدة والرد على اللادينيين. لكن بما أن المطاعن الكثيرة التي يأتي بها اللادينييون مرجعها هو الأحاديث. وبما أن غالبية هؤلاء اللادينيين ، إن لم نقل كلهم ، ينقلون عن مواقع نصرانية. ولا يخفى عليكم أن هذه المواقع النصرانية هي أغبى من أن تفهم شيئا في الاسلام أو في مراجعه إنما كل بضاعتها آتية من مصدرين :
مواقع أهل السنة التي يفضحون فيها الشيعة وينتقون من كتبهم غرائب وعجاب من الفكر المتخلف.
ومواقع الشيعة التي يفضحون فيها أهل السنة وينتقون من كتبهم أيضا غرائب وعجائب.
وهكذا يعمل الطرفان بكل غباء على خدمة أعداء الاسلام . فيأتي هؤلاء الأعداء فيجدون هدية مجانية جاهزة فيأخذون هذه النصوص المخزية ويلصقونها بالاسلام .
ولما يدخل المسلم العادي في حوار مع نصراني أو لاديني فيلقي عليه هذا أو ذاك تلك الشبه يتفاجأ ويحسب أن هذا هو الاسلام، بينما هي نصوص حديثية غير صحيحة – وإن صحح سندها بعض العلماء- أو آراء فقهية أو اجتهادات مفسرين ترجع إلى من ابتدعها، و لا يجوز إلصاقها بالاسلام.
إن الحل في نظري وبعد تمحيص وتأمل هي أن المسلم اليوم يحتاج إلى إعادة بناء فكره ووعيه المنهجي في تحقيق مصدرية استلهام الاسلام.
والمشكلة كما سبق أن قلت تكمن أولا في الأحاديث.
وفي هذا أختلف معكم وأريد مناقشتكم، فأقول مستعينا بالله:
إن التعريف المتواضع عليه في أحاديث الآحاد الصحيحة هي ما رواه " بسند متصل العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ و لا علة".
فإذا ما قمنا باختبار هذه الشروط سنصل إلى أن الأحاديث الآحادية ظنية من حيث ثبوت نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم. ومن ثم فإنها يجب أن تؤخذ وتعاير بمقياس نقد المتن.

وقبل أن نصل إلى بحث شروط نقد المتن ، لابد أن نقف عند ظنية الأحاديث، لأنني هنا أختلف معكم في شأنها:
بالنسبة للشرط الأول لصحة الحديث :
إتصال السند:
ليس هناك في مجمل أحاديث الآحاد ما يضمن لنا أن أسانيدها متصلة والدليل على ذلك ما يلي:
أن تدوين أغلب الأحاديث جاء في فترة متأخرة. ولذا لا بد أن يدخل الظن مسألة اتصال السند على الأقل فيما قبل التدوين . كما أن تحقيق مسألة اتصال السند فيها ما يؤكد ظنيتها، ذلك لأن هناك إجماعا من طرف أهل الحديث على أنه يكفي لاتصال السند المعنعن كون الشخصين في عصر واحد. ومثل هذا الاجماع دليل على عدم صرامة معيار اتصال السند عند المحدثين .
لكن لو افترضنا اتصال السند فإن بقية الشروط لا تضمن زوال الظن . وسآتي إلى ذكرها بعد سماع رايكم في ما سبق .

ابو مارية القرشي
01-28-2006, 02:53 PM
الحمد لله وبعد،

فقبل الدخول في الحوار أيها الزميل لا بد لك أن تعرف بنفسك، يعني تخبرني ببساطة أأنت سنيٌ أم منكر للسنة أم شيعي؟
وهذا أمرٌ مهم وهو غاية العدل ، فأنت غريب عنا وتعلم من كتاباتنا عقيدتنا ومذهبنا فلا بد أن نعلم عنك ما تعلم عنا لكي يسير الحوار على أسس صحيحة ونحتكم في حوارنا الى مرجعيةٍ واحدة، اليس كذلك؟

ولا تحسب هذا الكلام حيدةً أو حرفاً للموضوع وإنما هو بناءًٌ لاساس صحيح لحوارٍٍ مثمرٍ إن شاء الله.

وسأتناول في المداخلة التالية الإشكال الأول الذي طرحته.
أرجو أن نتناول المسائل بالتدرج ولا نجاوز الواحدة الى اخرى قبل الفراغ منها.

امّا ما ذكرتموه في المقدمة فهو مجرد كلام عن الحوار بين المسلمين والرافضة فلا أتفق معك بل لا بد من فضح الشرك وأهله سواءا كانوا بيضاً أو سمراً وهذا على العموم ليس موضوعك المطلوب فدعنا منه.

أرجو الإجابة على اسئلتي ونواصل بعد ذلك إن شاء الله.

مرابط
01-28-2006, 05:06 PM
طلب مني الأخ أبو مارية القريشي التعريف بنفسي ، هل أنا سني أم منكر للسنة ، أم شيعي؟
أنا ولله الحمد مسلم ، لكن إذا كان ولابد من تحديد الانتساب فأقول أنا سني ، لكنني لست مقتنعا بطريقة أهل الحديث في النظر إلى الأحاديث .

كانت هناك مداخلة لأحد الإخوة و بعد أن انتهيت من التعقيب عليها لاحظت أنها حذفت . لكن رغم هذا احتفظ بالتعقيب عليها لما فيه من فائدة



الاخ مرابط اععتقد انك استبقت بالاجابة على موضوع السند والمتن واظن فكرتك غير صحيحة عن ذلك .
ربما .
أنا مستعد لتغيير اقتناعي متى بدا لي أنه خاطئ ، وأن وجهة نظر مخالفي صواب.



اما بالنسبة للقطعية والظنية . فأعيد لك الكلام مرة أخرى : لا علاقة للقطعية والظنية بالثبوت فقط بل بالثبوت والدلالة . والقطعي لا يجوز مخالفته . ومن خالف قطعيا وهو يعلم بقطعيته خرج عن الملة .

الذي استغربه : كيف تتكلموا عن السنة انها ظنية . وانتم تعلموا ان ايات من كتاب الله ظنية ايضا ؟؟
نعن هي ظنية بسبب الدلالة

أعرف أن الظنية تطال الدلالة كما تطال الثبوت. لكن ظنية دلالة نص ما شيء وظنية صدور هذا النص بأكمله من صاحبه المنسوب إليه أمر آخر. فالخطر هنا واضح جدا ، وهو الكذب على رسول الله ، ليس فقط بنسبة نص ظني في دلالته بل أخطر منه وهو نسب نص ذي دلالة قطعية إلى النبي صلى الله عليه وسلم، الأمر الذي قد يكون سببا في زعزعة الإيمان . فلو كان النص ظني الدلالة لهان الأمر ، لكن الخطر كل الخطر هو نسبة نص قطعي الدلالة إلى الرسول الأكرم. ومن هنا أرى أن الانتهاء إلى كون النصوص الحديثية الآحادية هي ظنية في ثبوتها مخرج من كل الإشكالات والشبهات التي يطرحها أعداء الإسلام. وهو في نظري ليس مخرجا مفتعلا بل هو مؤسس على أصول منهجية لا يعارضها إلا جاهل أو جاحد.


..



ارجوا ان تركز موضوعك اكثر نقطة نقطة نصل الى الخير باذن الله

أنا أظن قد ركزت . فقد طرحت مسألة شروط الحديث الصحيح وبدأت بمسالة اتصال السند . ولم انتقل إلى اختبار الشروط الاخرى حتى أسمع وجهة نظركم فيه ولازلت أنتظر أن تركزوا نقاشكم في هذا الشرط.

ابو مارية القرشي
01-28-2006, 05:16 PM
مرحبا بالزميل مرابط...

كان الأولى عدم الرد على المداخلة المحذوفة احتراماً لرغبة صاحبها الذي صادفت مشاركته مشاركتي فحذفها رغبة في حوار طيب غير متشعب. ثم إنك يا أيها الزميل خالفت بذلك ما ذكرته في مقدمتك وأنك ملتزم بنقاش المسائل واحدةً تلو الأخرى!!

على العموم،

أفهم من كلامك أنك تؤمن بحجيّة السنة ولكن عندك نظرة خاصة بالنسبة لطريقة المحدثين في التعامل معها.
أرجو الإجابة عن هذه النقطة لأنها محور اساسي في هذا الحوار، وأظن أنه لا يخفى عليك دلالات هذا المصطلح" حجية السنة"، اليس كذلك؟
وإن لم تعلمها بينتها لك إن شاء الله.

مرابط
01-28-2006, 05:20 PM
نعم أخي أنا لست ناكرا للسنة بل أقول بحجيتها .
ولكن أرجو أن نركز حوارنا في مسألة الشروط الخمسة لتصحيح أحاديث الآحاد وهل تضمن لنا هذه الشروط قطعية ثبوت السنة. ولهذا سأعتذر مسبقا عن أي تشعيب للموضوع يخرج بنا عن سياقه.
أما المداخلة المحذوفة التي أجبت عليها فقد حرصت على عدم ذكر صاحبها. كما أنه حتى لو ذكرت صاحبها فليس في مداخلته ما يعيبه فهي مداخلة جيدة.

ابو مارية القرشي
01-28-2006, 06:35 PM
الحمد لله القائل" ما يلفظ من قولٍ الا لديه رقيب عتيد" وبعد،
فسأبتدأ بنقد مقدمتك لأني لا أسلم لك بما ذكرت فيها وما دمت أنك قد سطرتها فلا بد من وقفاتٍ معها:

الوقفة الأولى: ذكرت أنّ الذي دقع بك للتفكر في الأحاديث الشريفة هو صولة اللادينين والنصارى على هذه النصوص ، فقلت:


ولما يدخل المسلم العادي في حوار مع نصراني أو لاديني فيلقي عليه هذا أو ذاك تلك الشبه يتفاجأ ويحسب أن هذا هو الاسلام، بينما هي نصوص حديثية غير صحيحة – وإن صحح سندها بعض العلماء-
فبأي المعايير جزمت أنها غير صحيحة وأنت تقول أن بعض العلماء صححوا سندها؟
هل أفهم من كلامك أنك أستندت على أراء غيرهم من المحدثين ممن ضعفها وبين عللها الخفية التي غابت عن أولئك العلماء؟ أم أنك اكتشفت ذلك بنفسك وحسب معاييرك النقدية الجديدة؟

ثم إنك أيها الزميل تريد أن تثبت في نفس القارئ أنّ الأحاديث الصحيحة عندنا كانت سبب إحراجٍ لنا ولم نستطع الرد عليها وهذا يا زميلي زعمٌ باطلٌ يخالفه واقع حالنا وآنظر قسم الحوار عن الإسلام لتعلم كيف ردّ الأخوة تلك الشبه على أصحابها ولعل بعضهم اعتذر عن دعواه والبعض الأخر فرّ هارباً لا يلوي على شئ.
أمّا إن كانت الأحاديث ضعيفة عندنا فأمرها هيّن والرد عليها يكون من أسهل الوجوه وعندنا نماذج على هذا أيضاً .

فمقدمتك ودافعك لبحثك غير سليمين وكأني بك تريد أن تتبرأ من كل حديثٍ لم تعلم وجهه الصحيح وهذا أمرٌ خطيرٌ فما كل ما جهلناه أنكرناه وإن لم تعلم الجواب، فغيرك يعلم ولله الحمد.

الوقفة الثانية: قلت:

ن التعريف المتواضع عليه في أحاديث الآحاد الصحيحة هي ما رواه " بسند متصل العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ و لا علة".
فإذا ما قمنا باختبار هذه الشروط سنصل إلى أن الأحاديث الآحادية ظنية من حيث ثبوت نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم. ومن ثم فإنها يجب أن تؤخذ وتعاير بمقياس نقد المتن.

وهذا قول عجيب يا مرابط، تذكر التعريف ولا تفهم معناه!!
إنّ النتيجة التي وصلت إليها من أهمية نقد المتن وكأنك أتيت بما لم تأتِ به الأوائل تجد الردّ عليها في هذا التعريف البسيط الذي ذكرته، اليس كذلك؟
إنّ العلة والشذوذ يكونان في السند والمتن وهذا أمرٌ معلوم لكل من درس شيئاً من علم المصطلح. فمعنى هذا الكلام أنك لم تقرأ في حياتك عن المدرج والمقلوب والمضطرب والمنكر والشاذ ..الخ من مباحث العلة!!
يقول الحافظ ابن كثير عند كلامه عن المعلل من الحديث:
"وَإِنَّمَا يَهْتَدِي إِلَى تَحْقِيقِ هَذَا اَلْفَنِّ اَلْجَهَابِذَةُ اَلنُّقَّادُ مِنْهُمْ, يُمَيِّزُونَ بَيْنَ صَحِيحِ اَلْحَدِيثِ وَسَقِيمِهِ, وَمُعْوَجِّهِ وَمُسْتَقِيمِهِ, كَمَا يُمَيِّزُ اَلصَّيْرَفِيُّ اَلْبَصِيرُ بِصِنَاعَتِهِ بَيْنَ اَلْجِيَادِ وَالزُّيُوفِ, وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ فَكَمَا لَا يَتَمَارَى هَذَا, كَذَلِكَ يَقْطَعُ ذَاكَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ, وَمِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ, وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ, بِحَسَبِ مَرَاتِبِ عُلُومِهِمْ وَحِذْقَتِهِمْ وَاطِّلَاعِهِمْ عَلَى طُرُقِ اَلْحَدِيثِ, وَذَوْقِهِمْ حَلَاوَةَ عِبَارَةِ اَلرَّسُولِ  اَلَّتِي لَا يُشْبِهُهَا غَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ اَلنَّاسِ .
فَمِنَ اَلْأَحَادِيثِ اَلْمَرْوِيَّةِ مَا عَلَيْهِ أَنْوَارُ اَلنُّبُوَّةِ, وَمِنْهَا مَا وَقَعَ فِيهِ تَغْيِيرُ لَفْظٍ أَوْ زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ أَوْ مُجَازَفَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ, يُدْرِكُهَا اَلْبَصِيرُ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اَلصِّنَاعَةِ .
وَقَدْ يَكُونُ اَلتَّعْلِيلُ مُسْتَفَادًا مِنَ اَلْإِسْنَادِ, وَبَسْطُ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ يَطُولُ جِدًّا, وَإِنَّمَا يَظْهَرُ بِالْعَمَلِ "اختصار علوم الحديث).

فيجب التنبه عند تناول هذه المواضيع والرجوع الى كتب القوم قبل أن تبتدأ أيها الزميل بالنقد .
لذلك يجب عليك الإقرار بالخطأ في هذه الجملة وعدم دقتها العلمية وأنك لم تأت بشئ جديد.
وأرجو تتحفني بمصادرك التي درستها للوصول الى مثل هذه النتيجة الغريبة؟
بالمناسبة التعريف المذكور هو للأحاديث الصحيحة عامّة وليس خاصاً بالآحاد كما ذكرت.

ولعله من المستحسن أن أذكر لك تعريف الحديث الصحيح كاملاً كما ورد على لسان أهل العلم، يقول ابن كثير:
فَحَاصِلُ حَدِّ اَلصَّحِيحِ أَنَّهُ اَلْمُتَّصِلُ سَنَدُهُ بِنَقْلِ اَلْعَدْلِ اَلضَّابِطِ عَنْ مِثْلِهِ, حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ  أَوْ إِلَى مُنْتَهَاهُ, مِنْ صَحَابِيٍّ أَوْ مَنْ دُونَهُ, وَلَا يَكُونُ شَاذًّا, وَلَا مَرْدُودًا, وَلَا مُعَلَّلًا بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ, وَقَدْ يَكُونُ مَشْهُورًا أَوْ غَرِيبًا . (اختصار علوم الحديث)


الوقفة الثالثة: قلت:

ليس هناك في مجمل أحاديث الآحاد ما يضمن لنا أن أسانيدها متصلة

والواجب عليك أن تعكس الجملة تماماً لانك ذكرت لي أنك تؤمن بحجية السنة بكل ما تحمل هذه الكلمة من دلالاتٍ، أذن السنة وصلتنا ولم يفتنا منها شئ والا كان قولك يفضي الى الزعم بضياع شئ من هذا الدين؟
فلا يصح اطلاق مثل هذا الزعم البتة وكان الأولى أن تقول إن السنة وصلتنا بكاملها ولكن دواوين الحديث فيها الصحيح والضعيف فيجب غربلتها.
وأنا أقول إن الجهابذة النقاد غربلوا الأحاديث وبينوا لنا الصحيح والضعيف ومن زعم خلاف هذا فقد أبعد النجعة وزعم أنّ الله أمرنا باتباع رسوله وجعلها سنته حجة عليها ومع ذلك ضلت الأمة في التيه مدة 14 قرنا لا تهتدي الى سنة نبيها!!!

وأسمع منك قبل أن أواصل الى الوقفة الرابعة إن شاء الله.

مرابط
01-29-2006, 02:31 PM
فسأبتدأ بنقد مقدمتك لأني لا أسلم لك بما ذكرت فيها وما دمت أنك قد سطرتها فلا بد من وقفاتٍ معها:

الوقفة الأولى: ذكرت أنّ الذي دقع بك للتفكر في الأحاديث الشريفة هو صولة اللادينين والنصارى على هذه النصوص .

لم أقل بهذا على الاطلاق ، بل في الواقع ليس اللادينيون و لا النصارى من دفعني إلى القول بظنية أحاديث الآحاد. فأنا لا أعترف ابتداء للنصارى و لا لللادينيين بصولة و لا بجولة . وليس في كلامي السابق ما يفيد أن تفكيري في الأحاديث وموقفي منها جاء نتيجة نقد النصارى واللادينيين.
بل أزيدك لقد كانت لدي مع أحد اللادينيين محاورة وقد جاءني في معرض الحوار بأحاديث وناقشته فيها وفي دلالاتها ، وحتى عندما لم يقتنع بوجهة نظري في المسألة ، لم أشأ أن أقلب الأمور عليه وكان بإمكاني أن اتخلص من المشكلة ببساطة فأنعت له الحديث بكونه ليس قطعيا في ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أكثر من ذلك كان بإمكاني أن أحكم عليه بالضعف ، وما أسهل أن تجد في أحد رجال السند جرحا يمس عدالته أو ضبطه ، فمعلوم اختلاف العلماء في هذا الشأن. وإنني أعلم أن محاوري اللاديني أعجز من أن يثبت منهجيا قطعية الثبوت ، ولكني لم أكترث لذلك لأني لست متسرعا في رد حديث لمجرد أنه لم يعجب فلانا أو علانا من اللادينيين، وما لم تتوفر لدي مراجع ووقت كاف لدراسة الحديث ذاته ومعرفة ما قال في شأنه العلماء تفصيلا لن أتسرع في معرض محاورة مع لاديني أو نصراني في رده لمجرد الهوى ومحبة انتصار شخصي في الحوار.
أما نقاشنا اليوم فهو ليس في حق حديث من الأحاديث ، إنما الأمر قضية منهجية هامة لابد من بحثها والتثبت منها.وقد فعلت وجئتكم بوجهة نظري وبدأت بمسألة اتصال السند ولحد الساعة لم أجدكم تعقبون بما يفيد عكس ما اقول ، بل ضيعت أخي أبو مارية الوقت في طلب من أكون وما مذهبي، ثم ضيعت المداخلة الثانية في الاتيان بتعاريف الحديث الصحيح، مع أن التعريف الذي كتبته أنا ليس مخالفا لما جئت به أنت من بن كثير...
تقول

فبأي المعايير جزمت أنها غير صحيحة وأنت تقول أن بعض العلماء صححوا سندها؟
هل أفهم من كلامك أنك أستندت على أراء غيرهم من المحدثين ممن ضعفها وبين عللها الخفية التي غابت عن أولئك العلماء؟ أم أنك اكتشفت ذلك بنفسك وحسب معاييرك النقدية الجديدة؟

الأمر يختلف بحسب الأحاديث بأفرادها، فول كان نقاشنا في حديث معين فتصحيحه وتضعيفه عمل منهجي خاص به ننتهي به إلى ضعفه بسبب من الأسباب سواء كان السبب انقطاعا في السند أو جرحا في عدالة راويه أو حفظه،أو كان مخالفا لمن هو أوثق منه أو معلولا بعلة قادحة .
لكن حواري معكم أكبر من هذا كله فهو حوار في أحاديث الآحاد – أي أغلب الأحاديث – هل هي ظنية أم ثابتة في نسبتها إلى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام .
من جهتي أقول بظنيتها.
زمن جهتك أخي أبو مارية تقول أنك تخالفني ، أي أنك تقول بقطعية ثبوتها. لكنك لم تأت بديل على ذلك ، بل صرفت الوقت في أمور لا دخل لها بالفكرة التي هي محل الخلاف.




الوقفة الثانية: قلت:
إقتباس:
ن التعريف المتواضع عليه في أحاديث الآحاد الصحيحة هي ما رواه " بسند متصل العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ و لا علة".
فإذا ما قمنا باختبار هذه الشروط سنصل إلى أن الأحاديث الآحادية ظنية من حيث ثبوت نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم. ومن ثم فإنها يجب أن تؤخذ وتعاير بمقياس نقد المتن.


وهذا قول عجيب يا مرابط، تذكر التعريف ولا تفهم معناه!!
إنّ النتيجة التي وصلت إليها من أهمية نقد المتن وكأنك أتيت بما لم تأتِ به الأوائل تجد الردّ عليها في هذا التعريف البسيط الذي ذكرته، اليس كذلك؟
إنّ العلة والشذوذ يكونان في السند والمتن وهذا أمرٌ معلوم لكل من درس شيئاً من علم المصطلح. فمعنى هذا الكلام أنك لم تقرأ في حياتك عن المدرج والمقلوب والمضطرب والمنكر والشاذ ..الخ من مباحث العلة!!

لا أدري كيف تجزم أنني أذكر تعريفا و لا أفهم معناه ؟؟؟؟؟؟؟
و لا أدري كيف استفدت من كلامي السابق أنني لم أقرأ عن المدرج والمنكر والشاذ... ؟؟؟
وهي أبواب في متناول أي قارئ لهذا الفن ، ويكفيه منه أن يأخذ أي كتاب ابتدائي في هذا العلم ، ففيه الكفاية والغنية في معرفة هذه الأبواب.
لكن بصرف النظر عن ما أعلمه – وهو قليل بالتأكيد- فإنني لم أجد في كلامي السابق خطأ ، ولم أجد في تعقيبك علي تصويبا. ولكن لعل في كلامي السابق افتقارا إلى الإيضاح ، فأبين قائلا :
في مداخلتي الأولى جئت بتعريف شروط صحيح أحاديث الآحاد :
الاتصال والعدالة والضبط والخلو من الشذوذ والعلة. جئت بها على سبيل التعريف. ثم قلت :
فإذا ما قمنا باختبار هذه الشروط سنصل إلى أن الأحاديث الآحادية ظنية من حيث ثبوت نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم. ومن ثم فإنها يجب أن تؤخذ وتعاير بمقياس نقد المتن.
وكنت أقصد أننا لو اختبرنا أحاديث الآحاد من حيث معيار الاتصال وعدالة الرواة وضبطهم والشذوذ والعلة فإننا سنصل إلى أن الضوابط المنهجية التي وضعها أهل الحديث لا تسمح لنا برفع الظنية عن ثبوت هذه الأحاديث. وبالتالي يجب عندئذ أن نعمق النظر في الأحاديث وفق منهج نقد المتن الذي رغم وجود مبحثي الشذوذ والعلة عند أهل الحديث ، فإنهما كانا من أضعف المباحث الحديثية تشغيلا وضبطا بالمقارنة مع غيرها من الشروط التي تعلقت بالسند ورجاله .

بمعنى أن أخبار الآحاد تبقى ظنية الثبوت حتى ولو قطعت هذه المراتب الاختبارية كلها. ويبقى القرآن حاكما على الأحاديث ومهيمنا عليها.

تقول :


بالمناسبة التعريف المذكور هو للأحاديث الصحيحة عامّة وليس خاصاً بالآحاد كما ذكرت.

أحاديث الآحاد في نظري هي كل ما سوى المتواتر ، وإذا كنت تأخذ برأي الأحناف وتقول بوجود المشهور وتعزله عن الاندراج تحت مسمى الآحاد ، فأنا مع الرأي القائل بكونها كلها آحاد.سواء كانت من المشهور أو العزيز أو الغريب.




الوقفة الثالثة: قلت:
إقتباس:
ليس هناك في مجمل أحاديث الآحاد ما يضمن لنا أن أسانيدها متصلة


والواجب عليك أن تعكس الجملة تماماً لانك ذكرت لي أنك تؤمن بحجية السنة بكل ما تحمل هذه الكلمة من دلالاتٍ، أذن السنة وصلتنا ولم يفتنا منها شئ والا كان قولك يفضي الى الزعم بضياع شئ من هذا الدين؟
فلا يصح اطلاق مثل هذا الزعم البتة وكان الأولى أن تقول إن السنة وصلتنا بكاملها ولكن دواوين الحديث فيها الصحيح والضعيف فيجب غربلتها.
وأنا أقول إن الجهابذة النقاد غربلوا الأحاديث وبينوا لنا الصحيح والضعيف ومن زعم خلاف هذا فقد أبعد النجعة وزعم أنّ الله أمرنا باتباع رسوله وجعلها سنته حجة عليها ومع ذلك ضلت الأمة في التيه مدة 14 قرنا لا تهتدي الى سنة نبيها!!!

بالنسبة لي أعتقد أن تصحيح الأحاديث وتضعيفها مسألة غير منتهية في زمن جهابذة النقاد، بل هي قضية متصلة. أما حفظ الدين فهو محفوظ بحفظ كتاب الله.
بل حتى العلماء المحققين نبهوا إلى أن تصحيح حديث ليس معناه أنه مقطوع به ، يقول الامام بن الصلاح في مقدمته :
"ومتى قالوا: هذا حديث صحيح، فمعناه: أنه اتصل سنده مع سائر للأوصاف المذكورة. وليس من شرطه أن يكون مقطوعاً، به في نفس الأمر، إذ منه ما ينفرد برواية عدل واحد، وليس من الأخبار التي أجمعت الأمة على تلقيها بالقبول.وكذلك إذا قالوا في حديث: إنه غير صحيح، فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس لأمر، إذ قد يكون صدقاً في نفس الأمر، وإنما المراد به: أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور، والله أعلم."
إذن فلا التصحيح يفيد القطعية بثبوت الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولا تضعيف الحديث أو تكذيبه يفيد قطعية عدم صدوره عن النبي، وهذا ما يدفع بي إلى التشبث بصواب الموقف القاضي بظنية ثبوت أخبار الآحاد.
أما مسألة تلقي الأمة بالقبول التي قال بها بن الصلاح فسيكون لي معها وقفة إن شاء الله في ما يأتي من حوارنا.

وأتمنى مرة أخرى تركيز النقاش والحوار وعدم صرفه عن مساره.

ومسار النقاش هو اختبار للشروط التي وضعها المحدثون لاختبار الأحاديث ، وقد تكلمت في الشرط الأول وهو اتصال السند ، ولا زلت أنتظر تعقيبكم فيه .
وأضيف فيما يتعلق ب:
الشرط الثاني وهو عدالة الرواة، فأقول :
2- عدالة الرواة:
يحدد المحدثون مفهوم العدالة في :

" أن يكون الراوي بالغاً مسلماً عاقلاً، سليماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة." نقلا عن " المختصر في أصول الحديث" للجرجاني ص 5.


"الثقة الضابط لما يرويه. وهو: المسلم العاقل البالغ، سالماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة، وأن يكون مع ذلك متيقظاً غير مغفل، حافظاً إن حدَّث من حفظه، فاهماً إن حدث على المعنى فان اختل شرط مما ذكرنا ردت روايته.
وتثبت عدالة الراوي باشتهاره بالخير والثناء الجميل عليه، أو بتعديل الأئمة، أو اثنين منهم له، أو واحد على الصحيح، ولو بروايته عنه في قول."

لكن هنا اختلاف بين رجال الحديث ، فعند بعضهم توسع إلى درجة التساهل فيصبح العدل عند بن عبد البر "كل حامل علم معروف العناية به، فهو عدل، محمول أمره على العدالة، حتى يتبين جرحه، لقوله عليه الصلاة والسلام: " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله " .

لكن بن الصلاح يرفض كلام بن عبد البر فيقول مخالفا :"فيما قاله اتساع غير مرضي."

ويعلق الإمام بن كثير على هذا ذاهبا مذهب بن الصلاح مخالفا لتوسع وتساهل بن عبد البر قائلا :
"و صح ما ذكره من الحديث لكان ما ذهب إليه قوياً، ولكن في صحته نظر قوي، والأغلب عدم صحته والله أعلم." (أنظر الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث - (ج 1 / ص 11)) .

وياليت الخلاف بقي محصورا في شروط العدالة ، بل الخلاف الأكبر يتعلق فيمن هو العادل من الرواة . هنا نجد تشتتا وتناقضا كبيرين فما يوثقه هذا يفسقه الآخر ، وما يجيز الأخذ عنه في مذهب ، نجد مذهبا آخر يحذر من الأخذ عنه!!

كما اختلف الائمة في قبول الأحاديث وردها وفق مقاييس خاصة بهم ، حتى بدا أحيانا وكأن الأمر يعود إلى إعمال مقياس الجغرافيا لا إلى إعمال قواعد منهجية :
فالأمام مالك رحمه الله كان يأخذ بأحاديث أهل المدينة ، بينما بن جريح كان يفضل أحاديث أهل مكة ، اما أحاديث أهل العراق فقد كان أغلب المحدثين يحترسون منها ، وفي ذلك يقول الإمام محمد بن شهاب الزهري : يا أهل العراق يخرج الحديث من عندنا شبراً ويصير عندكم ذراعا !


بل حتى الأئمة الكبار نجدهم يختلف في شأنهم علماء الجرح والتعديل :

فبن المبارك وصف هُشيم بالتدليس ، فما كان من هشيم إلا أن رد عليه :"كان كبيراك يدلسان." يقصد الأعمش والثوري. ( أنظر علل الترمذي الكبير ج 2 ص 474)
فإذا كان الثوري والأعمش يتهمان بالتدليس فما تبقى إذن لغيرهما؟؟

وعندما نأتي إلى علماء الجرح والتعديل فسنجد انفسنا أمام خلاف كبير. فبعضهم متساهل في الجرح نازع إلى التعديل ، وبعضهم الآخر يكاد لا يترك أحدا إلا عابه . وفي هذا يقول الامام على ابن المدينى

(أبو نعيم وعفان صدوقان لا اقبل كلامهما في الرجال، هؤلاء لا يدعون احدا الا وقدحوا فيه" الرازي الجرح والتعديل - (ج 1 / ص 3)
بل حتى أعظم رجالات الحديث على الإطلاق عند اهل السنة وهو الامام البخاري نجد البعض من علماء
أهل السنة يصنفه ضمن الضعفاء والمتروكين.


لكن لنفترض أن كل هذا غير ذي اعتبار . ولنتساءل :
لو قبلنا شروطا معينة في توثيق الرواة ، واقتنعنا بالجرح والتعديل على مذهب واحد من المذاهب ( مع أنه لا اتفاق حتى داخل المذهب الواحد)، بل لو التزمنا بتوثيق إمام واحد من الأئمة لمجموعة من الرواة ، فإن ذلك كله لا يطعن في ما قلناه سابقا وهو ظنية ثبوت الحديث .
لماذا ؟؟؟
لأن من المعلوم أن تعديل راو، هو حكم على الظاهر فقط. ومعلوم أن حقيقة الانسان لا تعلم من الظاهر، فكم من الذين يظهرون الصلاح هم في أعماقهم فساق.
لكن هل يعني هذا أنني سأذهب إلى من يوثقهم المحدثون فأرميهم بالفسق ؟؟؟
نعوذ بالله من ذلك ، ومن اجتراء البعض ليس فقط على أئمة الاسلام وشيوخه بل حتى على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إنما أقول ما دامت السرائر لا يعلمها إلا خالقها فإن تعديل راو من الرواة حتى لو أخذنا به فإنه لا يفيد القطع واليقين بعدالته.مثلما أن جرحه حتى ولو كان معللا مفسرا يبقى ظنيا لما نعلمه من شدة الخلاف المذهبي بين علماء المسلمين .
إذن ماهي النتيجة المتحصلة من كل ماسبق ؟
النتيجة هي أن شرط العدالة يبقى ظنيا لأنه حكم على الظاهر ، أما الباطن فلا يعلمه إلا الله .

" إن الله أعلم بمن اتقى" .

تكلمت في ما سبق في الاستدلال على ظنية ثبوت أحاديث الآحاد من جهتين : اتصال السند وعدالة الرواة.
وحتى لا اطيل ، أكتفي بما سبق على أمل أن تناقشوه دون تشعيب للموضوع .
ثم ننتقل بعد ذلك إلى اختبار الشروط الأخرى.
والله ولي التوفيق.

ابو مارية القرشي
01-29-2006, 04:06 PM
الحمد لله وبعد،
1-فقد صدّرت مداخلتي الأولى بقوله تعالى"ما يلفظ من قولٍ الا لديه رقيب عتيد" في إشارة مني إليك الى الأعتناء بما تكتب وأني سأتابع ما ستكتب ولن أترك منه ما أراه باطلاً ، فإن كنت تريد الدخول في الموضوع مباشرة كان الأولى بك الّا تكتب تلك المقدمة الفقيرة، أما وإن كتبتها فلا تعاتبني إن عقبت عليها وقولك أني أضيع الوقت مردودٌ عليك، فلا داعي للمزايدة عليًّ بهذا الكلام، فإن فساد المقدمة سبب لفساد النتيجة.

2- أمّا عن دافعك للبحث ، فالقارئ يمكنه مراجعة مداخلتك الأولى وهو يحكم بيننا إن شاء الله.

3- قولك"
أكثر من ذلك كان بإمكاني أن أحكم عليه بالضعف ، وما أسهل أن تجد في أحد رجال السند جرحا يمس عدالته أو ضبطه ، فمعلوم اختلاف العلماء في هذا الشأن"

هذا كلامٌ سقيم لا يصدر إلا ممن جهل علم الحديث جملة وتفصيلاً ، فالحكم بضعف الحديث صعبٌ وشديدٌ كالحكم بصحته، فهذه يا زميلي جرأةٌ في نفي الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والحكم على ضعف الحديث لا يكون بمجرد وجود ضعيف فيه، فأين أنت من مقارنة الأسانيد والبحث عن طرق الحديث المختلفة والبحث في كتب العلل عن أقوال النقاد فيه ثم البحث عن الأحاديث الأخر المشابهة أو المناقضة لمعنى هذا الحديث...الخ. وليس هذا محل بيان كيف يكون التصحيح والتضعيف ولعله يأتي لاحقا ولكن أحببت التنبيه الى سطحية هذه الجملة وجرأتها على هذا العلم الشريف.

3- قلت:
ثم ضيعت المداخلة الثانية في الاتيان بتعاريف الحديث الصحيح، مع أن التعريف الذي كتبته أنا ليس مخالفا لما جئت به أنت من بن كثير...

أنا ما ذكرت إلا تعريفاً واحداً يعضد تعريفك ويبينه ويزيد عليه ولم آت بتعاريف !!! ولو أنك نقلت التعريف كما هو من كتب أهل العلم لما تكلفت ذلك.


3- لم تجب على سؤالي بل حدت عنه، قلت لك:
فبأي المعايير جزمت أنها غير صحيحة وأنت تقول أن بعض العلماء صححوا سندها؟
هل أفهم من كلامك أنك أستندت على أراء غيرهم من المحدثين ممن ضعفها وبين عللها الخفية التي غابت عن أولئك العلماء؟ أم أنك اكتشفت ذلك بنفسك وحسب معاييرك النقدية الجديدة؟

والغرض من هذا السؤال استكشاف منهجك ولمَ ذكرت أن تلك الأحاديث ضعيقة مع تصحيح العلماء لها!!
وأذكرك مرةً اخرى أنك مسؤل عما تكتب ، فبين لي عبارتك وإلا طالب بحذفها من مقالك، فالحوار ليس بيني وبينك فقط بل يطلع عليه كل زوار المنتدى فلا بدّ من بيان الخطل والزلل إن وقع من أحدنا.

4- قلت:
زمن جهتك أخي أبو مارية تقول أنك تخالفني ، أي أنك تقول بقطعية ثبوتها
ما وصلنا الى هذه النقطة بعد ، فلا تتعجل يا أيها الزميل!! ولمَ العجلة؟
أنا ما زلت أنقد ما سطرت يمينك فلا تخلط المواضيع رجاءاً .

5- قلت:

لاأدري كيف تجزم أنني أذكر تعريفا و لا أفهم معناه ؟؟؟؟؟؟؟
و لا أدري كيف استفدت من كلامي السابق أنني لم أقرأ عن المدرج والمنكر والشاذ... ؟؟؟

لانك ذكرت نقد المتن وأكدت على أهميته مع أن التعريف المذكور يذكر ذلك ويؤكد عليه بذكره للعلة والشذوذ، فلو فهمت مباحث العلة حقّ الفهم لما قلت ذلك.
وكلامك الآتي يبين من أين أتيت:

هي أبواب في متناول أي قارئ لهذا الفن ، ويكفيه منه أن يأخذ أي كتاب ابتدائي في هذا العلم ، ففيه الكفاية والغنية في معرفة هذه الأبواب

هذه هي السطحية يا زميلي والتعدي والتجني على أهل العلم، تقرأ هذه المباحث في كتبٍ مختصرة كان الغرض منها تبسيط المسائل للطالب المبتدي ليحقظ هذه المصطلحات لتكون أساساً له لقراءة المطولات لا الإعراض عنها.
إنّ المتون لا تعطيك كيفية استعمال هذه المصطلحات ولا تضرب لك الأمثلة الدقيقة العميقة على ذلك ولو أنك أطلعت على كتب العلل المفصلة كعلل الدارقطني لفهمت ما أعني!
ثم إنك لو تبصرت في المتون المختصرة بل لو تبصرت فيما نقلت لك لعلمت أن علم العلل من أصعب العلوم وأخفاها حتى يظنه الغريب عن هذا الفن كهانة كما روي عن ابن مهدي وغيره.
فالزعم أن نقد المتن غريب على المحدثين دعوى باطلة لا يقولها إلا جاهل بهذا العلم الشريف.
ثم زدت الطين بلة فقلت:

الذي رغم وجود مبحثي الشذوذ والعلة عند أهل الحديث ، فإنهما كانا من أضعف المباحث الحديثية تشغيلا وضبطا بالمقارنة مع غيرها من الشروط التي تعلقت بالسند ورجاله .

وهذا كلام غير منضبط فالشذوذ والعلة من مباحث السند أيضا !!
ثم إن دعواك هذه كبيرة لا تناسب حجمك يا زميلي فلا بدًّ أن تعضدها بالدليل العلمي وإلا فهي مردودة عليك.
ويكفي في الرد عليها تلك الثروة الهائلة من كلام أئمة القوم في العلل ومصنفاتهم الخاصة بهذا الفن شاهدة على ذلك ، فأين أنت من علل ابن المديني و علل أحمد وابن أبي حاتم والدارقطني ومسند البزار وعلل القطان الفاسي وأيضاً اين أنت من كلامهم المنتشر في كتب السنن والمسانيد وكتب الرجال؟!!
فهل أحطت بهذه الكتب علماً لتصل الى هذه النتيجة الخطيرة أم هي دعوى تلقفتها من كتب بعض المعاصرين؟!!


6- قلت:
بمعنى أن أخبار الآحاد تبقى ظنية الثبوت حتى ولو قطعت هذه المراتب الاختبارية كلها. ويبقى القرآن حاكما على الأحاديث ومهيمنا عليها
وهذا من تعجلك أيضا فلم ندخل بعد في الموضوع وما زلنا في المقدمة فالتزم يا زميلي بما اتفقنا عليه عند بدء الحوار من التسلسل في الموضوع.
على العموم، يبدو أن نقد المتن عندك يعني مقارنة نصوص الأحاديث بالقرآن لا غير، فإن كان هذا ما تقول فمعناه أنك تنفي حجية السنة في حقيقة الأمر وترفض كل حكم أو حديث ما تطرق له القرآن ، وحتى لا يكون هذا اتهاما بالظن فإني أرجو منك بيان هذه النقطة في مداخلتك الآتية

7- أردت من قولي "بالمناسبة التعريف المذكور هو للأحاديث الصحيحة عامّة " أن النقاد الذين صنفوا الكتب ووضعوا أصول هذا العلم وصححوا وضعفوا ،لم يتطرقوا الى مسألة الآحاد والتواتر فلا داعي للقول أن هذا تعريف الحديث الصحيح الآحادي!!
ثم دخل مصطلح الآحاد والمتواتر فيما بعد الى هذا العلم.

8- قولك:
أما حفظ الدين فهو محفوظ بحفظ كتاب الله.
أقول وبحفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقد نبهتك لما سألتك عن موقفك من حجية السنة فأقررت به ولازم كلامك هذا يخالف ما ذكرت .

ثم أنك لم تجبني لما علقت على كلامك:

ليس هناك في مجمل أحاديث الآحاد ما يضمن لنا أن أسانيدها متصلة
فقلت:
والواجب عليك أن تعكس الجملة تماماً لانك ذكرت لي أنك تؤمن بحجية السنة بكل ما تحمل هذه الكلمة من دلالاتٍ، أذن السنة وصلتنا ولم يفتنا منها شئ والا كان قولك يفضي الى الزعم بضياع شئ من هذا الدين؟
فلا يصح اطلاق مثل هذا الزعم البتة وكان الأولى أن تقول إن السنة وصلتنا بكاملها ولكن دواوين الحديث فيها الصحيح والضعيف فيجب غربلتها.
وأنا أقول إن الجهابذة النقاد غربلوا الأحاديث وبينوا لنا الصحيح والضعيف ومن زعم خلاف هذا فقد أبعد النجعة وزعم أنّ الله أمرنا باتباع رسوله وجعلها سنته حجة عليها ومع ذلك ضلت الأمة في التيه مدة 14 قرنا لا تهتدي الى سنة نبيها!!!

والحق أنّ هذا مبحث عقدي مهم، فهل أنت ترى أن شيئاً من السنة قد فاتنا ولم يصلنا؟
هل ترى أن مجمل ما وصلنا من السنة مشكوك فيه؟

أماّ يقية مداخلتك فليس هذا وقت وضعها فاحفظها لحينها وأرجو الإلتزام بمسار الحوار وعدم تقديم مسائل حقها التأخير

وأخيراً لا تتعجل في الحوار ولا تقفز الى نقاط لم نتناولها بعد، فلنحرر هذه المسائل التي جاءت في مقدمتك ولا تنسَ أني لم أذكر وقفتي الرابعة مع المقدمة.
والله الموفق.

مرابط
01-29-2006, 06:36 PM
أخي الفاضل لست في عجلة من أمري ، ولكن الذي أعيبه عليك هو أنك لحد الآن لم تدخل في صلب الموضوع .
وأرى أن بهذه الطريقة لن نصل أنا وانت إلى أي شيء يتعلق بموضوع حوارنا "ظنية الحديث".
ولا تظن أن الاسئلة التي طرحتها في مداخلتك ليس عندي جواب عليها ، ولكن أعرف أنني لو أجبتك فسترد، وعندما ترد فإنني سأعقب انا وتعقب أنت ونتيه ويتشعب الموضوع ونخرج من عنوان هذا الشريط، بلا معالجة لموضوعه. تماما كما هو الحال في كثير من موضوعات هذا المنتدى ، يأتي الملحد فيطرح عليكم شبهة ، لكن بدل نقض شبهته وردها عليه ، يقوم الإخوة المحاورون - تقبل الله منهم - بإضاعة جهدهم في اصطياد عبارة أو جملة وإقامة الدنيا وإقعادها بسبب ذلك ويحسبون أنهم إذا نجحوا في السخرية من الملحد فقد انتصروا ، ولا يدركون انهم بذلك يتركون اهم شيء بلا رد وهو أصل الموضوع أي الشبهة التي ألقاها ذلك الملحد ، فتركتموها أنتم جانيبا وانشغلتم بتسجيل أهداف في معركة زائفة .

أنظر رعاك الله كم في منتداكم من موضوعات . مئات ومئات ، لكن كم هي الموضوعات التي فيها جواب حقيقي وعلمي على تلك الشبهات المطروحة؟؟

وحتى لا يكون مصير موضوعنا هذا مصير غيره أنا عازم على أن أقود الموضوع بصرامة حتى لا ينحرف . وتأكد مني مسبقا أنه لو أثبتم لي خطا وجهة نظري في الأحاديث سآخذ بموقفكم وأضرب بموقفي عرض الحائط أمام الملأ.
لذا أقترح عليك ما يلي :
موقفي هو ظنية ثبوت أحاديث الآحاد.
أدلتي عليه أستمدها من شرائط تصحيح الحديث التي وضعها المحدثون أنفسهم.
بيان أدلتي :
تسهيلا مني لمخالفي لم أرد أن أضع مداخلة طويلة أعرض فيها هذه الشروط كلها بل بدأت بالشرط الأول والثاني ، وألخص ما سبق في ما يلي :

إتصال السند:
ليس هناك في مجمل أحاديث الآحاد ما يضمن لنا أن أسانيدها متصلة والدليل على ذلك ما يلي:
أن تدوين أغلب الأحاديث جاء في فترة متأخرة. ولذا لا بد أن يدخل الظن مسألة اتصال السند على الأقل فيما قبل التدوين . كما أن تحقيق مسألة اتصال السند فيها ما يؤكد ظنيتها، ذلك لأن هناك إجماعا من طرف أهل الحديث على أنه يكفي لاتصال السند المعنعن كون الشخصين في عصر واحد. ومثل هذا الاجماع دليل على عدم صرامة معيار اتصال السند عند المحدثين .


شرط العدالة:

لو قبلنا شروطا معينة في توثيق الرواة ، واقتنعنا بالجرح والتعديل على مذهب واحد من المذاهب ( مع أنه لا اتفاق حتى داخل المذهب الواحد)، بل لو التزمنا بتوثيق إمام واحد من الأئمة لمجموعة من الرواة ، فإن ذلك كله لا يطعن في ما قلناه سابقا وهو ظنية ثبوت الحديث .
لماذا ؟؟؟
لأن من المعلوم أن تعديل راو، هو حكم على الظاهر فقط. ومعلوم أن حقيقة الانسان لا تعلم من الظاهر، فكم من الذين يظهرون الصلاح هم في أعماقهم فساق.
لكن هل يعني هذا أنني سأذهب إلى من يوثقهم المحدثون فأرميهم بالفسق ؟؟؟
نعوذ بالله من ذلك ، ومن اجتراء البعض ليس فقط على أئمة الاسلام وشيوخه بل حتى على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إنما أقول ما دامت السرائر لا يعلمها إلا خالقها فإن تعديل راو من الرواة حتى لو أخذنا به فإنه لا يفيد القطع واليقين بعدالته.مثلما أن جرحه حتى ولو كان معللا مفسرا يبقى ظنيا لما نعلمه من شدة الخلاف المذهبي بين علماء المسلمين .
إذن ماهي النتيجة المتحصلة من كل ماسبق ؟
النتيجة هي أن شرط العدالة يبقى ظنيا لأنه حكم على الظاهر ، أما الباطن فلا يعلمه إلا الله .

فالله وحده " هو أعلم بمن اتقى" .

وخلاصة الكلام : إذا كان لديك أخي أبو مارية ما تقوله في نقض الدليلين الذين قدمتهما أنا لإثبات ظنية ثبوت أحاديث الآحاد،فهات بارك الله فيك.
وإذا لم يكن لديك ، فعذرا جميلا، وإني عازم على عدم التعقيب عليك ولو بكلمة ما لم تدخل في الموضوع وتنقض دليلي نقضا واضحا ومباشرا.
وإذا كنت تريد مناقشة أمر من الأمور التي وجدتها في مقدمتي او بين سطور كلامي السابق فمن حقك أن تأخذه وتفتح له شريطا مستقلا . وإذا كان همك أن تثبت أنني جاهل و لا أعرف وبضاعتي سطحية مصدرها

كتب مختصرة كان الغرض منها تبسيط المسائل للطالب البتدئكما جاء في ردك السابق علي، فما أهون الأمر وما اقصر الطريق ، وما أتفه الطلب.
لكن على هوانه وقصره فإنني اعفيك منه فأقول لك :
أنا بضاعتي سطحية ، فهات البضاعة العميقة . وتفضل أسمعني وجهة نظرك في موضوع نقاشنا وهات الدليل ، وستجدني إن شاء الله أسرع في الأوبة إلى الحق عندما يبدو لي ببرهان.


والسلام عليكم ورحمة الله

ابو مارية القرشي
01-29-2006, 07:08 PM
الزميل مرابط أصلحه الله
هذا يسمى في عرف المناظرة والحوار حيدةً ورغبة في تسيير الحوار على هواك فأنت كتبت مقدمة وتريد من محاورك ومن القارئ أن يسلم لك بكل ما فيها وهي كما تبين في الوقفات الثلاث الأول مقدمة فقيرة مجانبة للصواب في أغلب فقراتها وما زالت لي معها وقفات ، هذا وكل هذه الوقفات هي من صلب الموضوع وأساسه ، فدع عنك هذا الكلام وواصل الحوار وأجب أسئلتي واعتراضاتي وما الزمتك به من لوازم.

أما عن تضييع الوقت فأنت من ابتدأته وما مداخلتك في الإجابة على مداخلة الأخ مجدي التي حذفها الا مثال واضح على ذلك.

كل كلمة كتبتها أنت مسؤل عنها ولا تنتظر مني أن أحاورك على هواك، ووالله إنّ شأنك لعجيب ؛ هذا منتدى حواري لا تنتظر فيه أن تسود الصفحات من غير أن يتعقبك أحدٌ .

أمّا قولك"
وإني عازم على عدم التعقيب عليك ولو بكلمة ما لم تدخل في الموضوع وتنقض دليلي نقضا واضحا ومباشرا."
فأنت وشأنك...إن أحببت مواصلة الحوار فأجب عن المداخلات السابقة ، وإن أردت تركه فما أنا لسماع منهجك المبتدع بحريص .
أما ما ذكرت عن مشاركات الأخوة وحوارهم للملحدين ، فهي من مجازفاتك ويبدو أنها لك عادة!!
فغالب الحوارات التزم الأخوة والأخوات فيها بالمنهجية العلمية وأجابوا إجابات رائعة وما انحرف حوار الا بسبب ملحدٍ طويل اللسان أو لاديني جهول يهرف بما لا يعرف.

ابو مارية القرشي
01-31-2006, 11:25 AM
الحمد لله وبعد، فهذا ملخصٌ لما استنكرته في مقدمة الزميل المرابط وسؤالاتي التي حاد عن جوابها:

1-ذكر أنَّ هجمات اللادينين والنصارى على الأحاديث الشريفة تسبب إحراجاً للمسلم ولذا لا بد من إعادة النظر في منهجية قبول الأحاديث الشريفة.(انظر مداخلته الأولى)
وهذا يكذبه الواقع ولا وجود له إلا في عقل الزميل ، فهذه كتب العلماء قديماً وحديثاً تزخر بالردود المفحمة لدعاوى الكفرة والضالين المكررة ولم نسمع دعوى لمنهجية جديدة من أجل ردّ هذه الأحاديث وعدم قبولها، ولو تأمل الزميل في دعاوى الملحدين في هذا المنتدى لوجد أنّ كل الأباطيل التي جاؤا بها قد ردت اليهم وقد بان زيفها وكشف عوارها.

2- ذكر الزميل أن بعض الإشكال يكون من ناحية الأحاديث التي صححها بعض العلماء وهي ضعيفة!!
فسألته: كيف علمت أنها ضعيفة؟ بقول غيرهم من العلماء أم من طريق منهجك؟
وذلك لانه لو قد ضعفها من طريق العلماء، فلا داع للمنهجية الجديدة ، وإن كان عن طريق منهجه فهذه دعوى خاصة به لا يجوز طرحها كمسلَّمة في أول الحوار عن منهجه!

3- ذكر المحاور أنه يؤمن بحجية السنة وأنه سني، ومعنى هذا أنّ للمحاور عقيدةً تلزمه بالإقرار بأن السنة محفوظةٌ بحفظ الله وأنّ الأحكام العملية و العقدية وصلتنا كاملة غير منقوصة. فالأمر مسألة عقيدة يعتقدها الإنسان قبل النظر في مناهج المحدثين.ولكن المحاور نقض غزله وجعل حفظ الدين بحفظ القرآن دون السنة بل وذكر أن السنة على وجه الإجمال مشكوك في ثبوتها فهذا يعني واحداً من أمرين:
إمّا أن المحاور قد كذب علينا وأنه منكرٌ للسنة
أو أنّ المحاور لا يفقه ما يكتب ولا يعلم عقيدته ، وكان الأولى به السؤال فقد قلت له هل تؤمن بحجية السنة مع ما كل لهذا المصطلح من دلالات معروفة فأجاب أي نعم!!!

4- عمدة الحوار هو حول تعريف الحديث الصحيح وشروطه ، والرجل قد بيّن للقرّاء أنه لا يفهم هذا التعريف فكيف يجوز له نقده قبل فهمه، ويتجلّى هذا الجهل بالدعوة لنقد المتون مع أن الشرطين الأخيرين؛ نفي الشذوذ ونفي العلة يشتملان على نقد المتن والسند وللمحدثين في باب العلة جولات معروفة ومصنفات مسطورة وقد عُدّ هذا العلم من أعلى علوم الحديث ولا يتصدر للكلام فيه إلا الجهابذة الحفاظ النقّاد وذكروا أن حال الغريب معهم كحال العامي مع الصيرفي الذي يميز بين الصحيح والمغشوش من الدنانير الذهبية بل ربما ظنه العامي كهانة ورجماً بالغيب، وكم من حديث ظاهره الصحة والسلامة ردّ بسبب علة خفية لم يطلع عليها الا الخافظ، وما أدراك ما معنى الحافظ؟!!
ومع ذلك زعم المسكين أن هذه المباحث لم تفَعّل، وهذا حال من اكتفى بالمختصرات دون أن يثني الركب بين يدي أهل العلم فضلاً عن يطالع الكتب المطولة!!
ومن العجيب أن المحاور لما نبهته لهذا جعل علم العلل قسيماً لنقد السند(انظر مداخلته7)، أي أن الرجل ظنّ أن هذا العلم مخصوص بنقد المتن وهذا خطاٌ جسيم فالعلة تكون في السند والمتن كما تقدم.

4- الزميل تطرق الى مسألة التدوين وتأخره ووصل الى هذه النتيجة:"ولذا لا بد أن يدخل الظن مسألة اتصال السند على الأقل فيما قبل التدوين". وبالطبع هو لا يريد نقاش هذه النتيحة لأنه يعتبرها مسَلَّمة يجب قبولها، فأقول إن المسألة فيها تفصيل فأما تدوين الرواة لما يسمعون ممن يأخذون منه فهو متقدم جداً بل قد دون الصحابة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم بعد إذنه لهم وكانت للتابعين صحف بمروياتهم يرجعون اليها وربما حدثوا منها وناولوها تلاميذهم وقد تعرض لهذا الموضوع أخونا أبو جهاد في سلسلته في الرد على صبحي منصور ، كما قد بين ذلك الدكتور عجاج الخطيب في كتابه الحافل " السنة قبل التدوين" فليراجع، أمّا تدوين الكتب الكبيرة المشتهرة فليس بمتأخرٍ كثيراً بل بدأ منذ عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
هذا وإنّ اعتبار التدوين الضابط الأول الذي يحفظ النصوص من عنديات المعاصرين بل الضابط الأعظم هو حفظ الله ويأتي بعد ذلك أخلاص وحب تفاني القوم الذي يحملون الرسالة، وهذا واضح بين في جيل الصحابة و تابعيهم وأبتدأ التدوين لدواوين السنة من جيل تابع التابعين كما تقدم ودعوني أزيد هذا بياناً فأقول إن الله سبحانه وتعالى أنزل على إبراهيم صحفاً وأنزل على موسى الواحاً فيها كتابه، فأين صحف إبراهيم وأين توراة موسى صلوات الله وسلامه عليهم؟!!
إنّ نزول الكتاب في ألواح لا في صحف من أعظم أسباب الحفظ على منطقكم ولكن لمّا كان اليهود أهل تحريف وخيانة حرفوها فأرسل الله لهم رسله تترى تجدد لهم التوراة وأحكامها ما لم يرسله الى أمةٍ قطُّ ومع ذلك فأين هي التوراة؟
ثم أنزل الله الإنجيل على عيسى صلى الله عليه وسلم فحمله الحواريون وكان قلةً ساحوا في البلاد بسبب الإضطهاد والتعذيب ولم تكن لهم دولة تحميهم ودخل الوثنيون المتمسكون بوثنبتهم في دينهم فحرفوا الكتاب ولا يخفى دور اليهود في ذلك أيضاً.
أمّا القرآن فإن الله أنزله على صدر نبيه ولم ينزله في صحف ، وحملهُ الصحبُ في صدورهم أولاً ، قال تعالى"بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)" العنكبوت) ، فكان حبُّ الصحابة لدينهم وحماستهم الشديدة لحفظه كما نزل هو الفارق الأعظم عن حال غيرهم من الأمم ، وهذا كله من قدر الله فهو الذي اختارهم لصحبة خاتم المرسلين ، ما أريد أن أصل إليه أن الجيل الأول وتلاميذهم في الجيل الثاني كانوا أشد الناس حرصاً على دين الله ، ولم يكن حرصهم هذا مخصوص بالقرآن فقط بل كانوا يحفظون الحديث كما يحفظون السورة من القرآن ، لذا خشي النبي من اختلاط القرآن بحديثه فأمر بكتابة القرآن دون الحديث ثم أجاز كتابة الحديث بعد ذلك كما هو معلوم. فمن زعم أن عدم التدوين في الجيل الأول هو سبب للظن بتحريف السنة فقد أبعد النجعة، فالقوم الذين حفظوا كتاب الله وأشار الله الى أمانة صدورهم" بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ" هم الذين رووا السنة وحفظوها، وما زال هذا الحبُّ والحماس في نفوس البعض وقد رأيت من يحفظ أحاديث البخاري عن ظهر قلب وسمعت عن حفظة الكتب الستة ، وهذا في عصرنا الذي لا يخفى على أحدٍ حال الأمة فيه!
ولا يعني كلامي أني أنتقص من أهمية التدوين ولكن مرادي أن التدوين ليس العامل الرئيسي في حفظ النصوص وإنما العامل الأهم هو إخلاص حملة النصوص وتعلقهم بها وحماستهم في نشرها وتطبيقها كما أنزلت وقبل ذلك وبعده حفظ الله جل وعلا.
5- ذكر المحاور كثيراً في مداخلاته مسألة ظنية وقطعية ثبوت الأحاديث ويبدو من كلامه أنه يرى أنّني ولعله يظن وأهل السنة ايضاً نقول أنه لا بد من قطعية الثبوت للأخذ بالأحاديث الشريفة ولو تأمل الناظر في الحوار لعلم أني لم أتطرق لهذه المسالة الى الآن وكنت أرغب بتأجيلها الى أن أسمع منه إجابات عن مدخلاتي السابقة.
ويبدو أيضاً أن الرجل يرى أن ما يثبت قطعاً هو المتواتر لا غير! وعليه يجب ردُّ ما وردنا من السنة الى القرآن لقبوله أو رده. ويظن أن هذا معنى نقد المتن!!

فأقول وبالله التوفيق:
لم يحسن الرجل فهم مذهب أهل السنة متقدميهم ومتأخريهم بل ألبسهم مذهباً صاغه بنفسه ثم أراد دحضه!!
فالمتأخرين من أهل الأصول انقسموا الى فرقتين ، فرقة رأت الأخذ بأحاديث الآحاد في العمل دون العلم(المسائل العقدية) وفرقة فصّلت وقالت إذا احتفت أحاديث الآحاد بالقرائن وغلب على الظن صحتها وجب الأخذ بها في القول والعمل.
هذا وقد نسب بعضهم الى أهل الحديث القول بإفادة حديث الآحاد للعلم وإيجاب العمل مطقاً وهو غلط عليهم أو قولٌ لمتأخرين منهم لم يحققوا المسألة.
أمّا أئمة الحديث النقاد من المتقدمين فلم يعلموا هذه المصطلحات التي دخلت فيما بعد عن طريق أهل الكلام الى علمي الحديث والأصول، فلا يجوز محاكمتم الى مصطلحات لم يعرفوها ولكن قالوا إذا صح الحديث وفقاً لمعاييرهم النقدية وجب الأخذ به سواءاً كان الحديث متعلقاً بالعقيدة أو العمل، يقول الشيخ الشريف حاتم العوني:
فالذي يظهر بعد كل هذا : أن محل النزاع لم يحرر بين الأصوليين والمحدثين ! فالأصوليون فهموا أن المحدثين يقولون بإفادة خبر الواحد العدل العلم مطلقاً ، ولا يقول ذلك المحدثون ؛ لكنهم يقولون : إن كل خبر صح عندنا فهو مفيد للعلم ، والصحيح عندهم : خبر الواحد العدل المحتف بما يقويه من القرائن . لكن لجهل كثير من الأصوليين بعلم الحديث ، ولعدم معرفة غالبهم بدقائق فنه ، ظنوا أن المحدثين يكتفون بظاهر الإسناد ، دون التدقيق في باطن علله ودون نقد المتون! وهذا من خصائص علمهم التي لا يعلمها إلا العالمون !!
وليس أدل على نفي ما نسبه الأصوليون للمحدثين ، من القول بإفادة خبر الواحد العدل العلم مطلقاً : من تغليط المحدثين للثقات ، وتوهيمهم العدول ، وقولهم بشذوذ ما صح سنده أحياناً ، وبتعليل ما ظاهره الثبوت أخرى ، وترجيح أحد المتعارضين من الأحاديث المقبولة كذلك ! كل ذلك يكذب ما نسب إليهم ، ويدفع ما ألصق عليهم !!!"
والكثر ممن يطعن في حكم المحدثين يظن أنّ الحكم بصحة الحديث هو مجرد النظر الى رجال السند ومعرفة درجتهم والنظر الى اتصال السند في الظاهر. وهذه سطحيةُ من لم يقرأ الا المتون المختصرة في علم المصطلح ولم يمارس كتب أئمة القوم فكم من حديثٍ حكموا بنكارته مع أنه مرويٌ عن العدول الثقات بسند متصل ولكن خفيت علل سنده أو متنه الا على الناقد الخبير.
وليس هذا محل بيان طريقة تعامل النقاد مع النصوص وتكفي الإشارة اليه والمراد أنّ ما نسبه الرجل الى أهل الحديث ليس مذهبهم، فكيف يناقش أمراً ما أرادوه ما تعرضوا له؟!!!
إنّ الزعم بوجوب ثبوت الحديث قطعيا عن طريق التواتر للأخذ به مخالفٌ للعقل والنص؛
فمن قال أنّ السنةَ حجةٌ وأنها من دين الله ثم رفضها الا أن تكون متواترة فقد أبعد النجعة وزعم أن الله ورسوله قصّرا في حفظها وكان الواجب على رسول الّأ يفتي ولا يحدث إلا بوجود جمع كبيرٍ جداً!! وأن القرآن في أمره طوائف من الناس للنفور في طلب العلم قد أخطأ وكان الواجب أن يأمر جموعاً كبيرة في طلب العلم فيوصلوه الى قومهم متواتراً!!
وأنّ الحجة لم تقم على كسرى وهرقل وطواغيت الأرض يومها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أفراداً اليهم ولم يرسل أمماً!!!
إنّ طبيعة السنة(قوله وفعله وتقريره صلى الله عليه وسلم) تمنع أن تصلنا عن طريق التواتر وقد علم من كلفنا اتباع السنة جلّ جلاله ذلك.
كان الأولى تحرير هذه المسألة قبل الخوض في شروط المحدثين ومناهجهم النقدية.
وسأضرب مثالاً نظرياً لان كلام صاحبنا ما زال نظرياً بعيداً عن كتب الحديث وأهله ، فأقول لو وصلنا حديث متواتراً عن أبي بكر الصديق وعن عمر الفاروق، فالمنطق النظري المجرد يقول إن هذا الحدبث ظني الثبوت لانه من طريق رجلين ولكن عند النظر في حال هذين الإمامين الحافظين يصل المرء الى اليقين بثبوت هذا الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، لأن الصديق إضافة الى تعديل الله ورسوله له حافظٌ من كبار حفاظ الصحابة وما غابت عنهم مسألة و إلا وتصدى لها وبينها عن رسول الله وما علمنا أنه أخطأ قط في حديث رواه، وهو خليل النبي وصاحب سره ورفيقه في الحل والترحال فلا ريب أنه قد سمع منه ما لم يسمع غيره، مع سعة علم الصديق في شريعة الإسلام ولغة العرب فلو لم يروي هذا الحديث غيره مع أقرار الصحابة له وعدم وجود الأحاديث أو النصوص القرآنية قطعية الدلالة المعارضة لوجدنا في أنفسنا اليقين بصحة ما نسبه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أنه قد توبع من قبل الفاروق عمر وهو من هو في تقواه وحفظه وذكائه مع شدة تحرٍٍ عن السنة معروفة ، كل هذا يورثنا اليقين بصحة هذا الحديث ، أمّا عند أصحاب الهوى فالحديث ظني الدلالة ولا يؤخذ به في العقيدة، وقد ضربت هذا المثل واقتصرت فيه على أبي بكر لرجلٍ من حزب معروف بموقفه من حديث الآحاد فقال لا أخذ به في العقيدة!!!
هذا والبحث عن القرائن هو ديدنُ المحدثين وأرجو ممن له اطلاعٌ على أساسيات علم المصطلح أن يقرأ في كتب المليباري وحاتم العوني ليستمتع بمباحث هذا العلم الجليل.

وبقيت مسألة نقد المتن برده الى القرآن فإن وافقه قبل وإلا ردّ فأقول هذا عكس لوظيفة السنة بصفتها مذكرة تفسيرية للقرآن" وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ"
فالقرآن منه ما قطعي الدلالة ، ومنه ما هو ظني الدلالة وهذا تبينه السنة وتوضحه ، فلا يجوز بحالٍ أن نقول إنّ هذه النصوص تردّ السنة!! ومن زعم مثل زعم مرابط فقد جعل القرآن مبيناً للسنة!!
وكل هذا الكلام مبني على إقرار المحاور بحجية السنة كما تقدم منه.

6- أما مداخلتك الأخيرة وقولك:

" وإذا كنت تريد مناقشة أمر من الأمور التي وجدتها في مقدمتي او بين سطور كلامي السابق فمن حقك أن تأخذه وتفتح له شريطا مستقلا"
فأقول يا أيها الزميل لا تلبس على الناس فأنا لا أناقش أمرأ فيها ولكن أناقش كل فقراتها ولا أقر لك بشئ منها كما تقدم فكيف يجوز أن أتركها وأفتح شريطاً خاصاً بها؟!!

وقولك

" أنا بضاعتي سطحية ، فهات البضاعة العميقة"
فأقول أنت صاحب الموضوع وليس أنا وكان الأولى بك إن كان هذا حالك أن تجعل الموضوع على شكل سؤال منك تلتزم فيه بآداب طالب العلم بدلاً من تلك المقدمة التي ذكرت فيها تفكرك وعميق دراستك للموضوع ووصولك الى منهجية جديدة!!!

هذا وإن أردت مواصلة الحوار فدونك المشاركات السابقة وملخصها هنا فأجب عليها كلها وبين موقفك فيما الزمتك من لوازم ، والله الموفق.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.