المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرحُ فوائدِ الإمامِ محمَّد بنِ عبدِ الوهَّاب



ابو مارية القرشي
02-08-2006, 01:44 AM
شرحُ فوائدِ الإمامِ محمَّد بنِ عبدِ الوهَّاب على حديثِ عمروِ بنِ عبسة رضي اللهُ عنه.


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُ ناصرُ كلِ صابرٍ

عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ قَالَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السُّلَمِىُّ كُنْتُ وَأَنَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَلاَلَةٍ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَىْءٍ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ فَسَمِعْتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ أَخْبَاراً فَقَعَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِى فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْفِياً جُرَءَاءُ عَلَيْهِ قَوْمُهُ فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ فَقُلْتُ لَهُ مَا أَنْتَ قَالَ « أَنَا نَبِىٌّ » . فَقُلْتُ وَمَا نَبِىٌّ قَالَ « أَرْسَلَنِى اللَّهُ » . فَقُلْتُ وَبِأَىِّ شَىْءٍ أَرْسَلَكَ قَالَ « أَرْسَلَنِى بِصِلَةِ الأَرْحَامِ وَكَسْرِ الأَوْثَانِ وَأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ لاَ يُشْرَكُ بِهِ شَىْءٌ » . قُلْتُ لَهُ فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا قَالَ « حُرٌّ وَعَبْدٌ » (مسلم 1967)


قال شيخ الاسلام محمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّاب رحمه الله تعالى( الدر السنية10-11\11):
ذكرُ ما في قصة عمرو بن عبسة من الفوائد:
الأولى: كون الشرك يعرف قبحه بالفطرة، لقوله: كنت أظن الناس ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان.
الشرح:
1-تعريف الشرك:( أن تجعل لله نداً وهو خلقك) متفق عليه.
السجود للأصنام = السجود للكواكب والنجوم = السجود للأنبياء = السجود للصالحين = السجودللقبور = الصلاة للأصنام = الصلاة للأنبياء = الصلاة للصالحين= الصلاة للطالحين=الصلاة للقبور= الأستعاذة بغير الله = دعاء الأصنام = دعاء الأنبياء والصالحين = الطلب من الأموات = النذر للأصنام = النذر للكوكب والنجوم = النذر للأنبياء = النذر للصالحين = النذر للطالحين = طلب الشفاعة من الأصنام = طلب الشفاعة من الأنبياء والشهداء والصالحين = طلب الشفاعة من الملائكة المقربين = التحاكم لسدنة الأصنام والقبور = التحاكم الى الأحبار والرهبان = التحاكم الى الشعب (الديمقراطية) = التحاكم الى ال UN= التحاكم الى الغرب او الشرق الكافرين = تحكيم غير شرع الله =الإنتماء الى الأحزاب العلمانية = الزعم بأن الله اتخذ المسيح ولداً = الزعم بأن الله اتخذ العزير ولداً = عبادة غير الله = الشرك
وتلخص لنا آيات التوبة هذه المعادلة ، قال تعالى:
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)"
2
-الشرك من الأعمال المذمومة المنكرة قبل البعثة و بعدها. قال ابنُ القيم: : وقال فكون ذلك فاحشة وإثماً وبغياً بمنزلة كون الشرك شركاً ،فهو شركٌ في نفسه قبل النهي وبعده فمن قال إنّ الفاحشة والقبائح والآثام إنما صارت كذلك بعد النهي فهو بمنزلة من يقول الشرك إنما صار شركاً بعد النهي وليس شركاً قبل ذلك، ومعلومٌ أن هذا مكابرة صريحة للعقل والفطرة(مدارج السالكين 1/230.234.240)
فمن فعل الشرك و تلبس به فهو مشرك سواءاً قامت عليه الحجة الرسالية أو لم تقم.

3-الناس يدركون قبح الشرك بالفطرة و العقل. والقرآن الكريم احتج في مواضع عديدة بالعقل على بطلان الشرك وقبحه ، وذكر لنا أن الفطرة السليمة تحب الدين القيم . وحال الأحناف والموحدين زمن الفترات أمثلة واقعية على هذا ولله الحمد.
4-الحجة في بطلان الشرك: ميثاق الله الذي أخذه على عباده في عالم الذر والفطرة والعقل . قال ابن القيم: (إن قبح عبادة غير الله تعالى مستقر في العقول والفطر، والسمع نبّه العقول وأرشدها إلى معرفة ما أودع فيها من قبح ذلك)(المصدر السابق) و لكن اللهَ منَّ على عباده فما أوجب عليهم ترك الشرك و لزوم التوحيد إلا بالسمع ،و لهذا لا يعذب عباده إلا بعد قيام الحجة الرسالية عليهم، قال تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )، قال الإمام ابن تيمية:وقيل إن ذلك سئ وشر وقبيح قبل مجيء الرسول لكن العقوبة إنما تستحق بمجيء الرسول وعلى هذا عامة السلف وأكثر المسلمين وعليه يدل الكتاب والسنة فإن فيهما بيان أن ما عليه الكفار هو شر وقبيح وسئ قبل الرسل وإن كانوا لا يستحقون العقوبة إلا بالرسل(الفتاوى11/677.676)

4- قوله" يعبدون الأوثان" اي مشركون . ومن زعم أن هؤلاء لا يلحقهم اسم الشرك لجهلهم فقد افترى اثماً عظيماً وكذب صريح القران.
و" من بدع هذا العصر الشرعية و اللغوية و العقلية التفريق بين الفعل و الفاعل . فالأصل لغةً و شرعاً بل و عقلاً: أن من فعل فعلا ًسُمّيَ بهذا الفعل فمن أكل سُمّي آكلاً و من شرب سُمّي شارباً سواءً قيل بأنَّ الآسم مشتقٌ من المصدر أو من الفعل، فكل النحويين متفقون على ذلك و إن اختلفوا في أصل الإشتقاق لأن المصدر و الفعل كلاهما يتضمن الحدث الذي هو الفعل فشارب مثلاً يتضمن حدث الشرب و هذا الحدث موجود في في الفعل و المصدر و فارق الفعل المصدر بأن الحدث قارنه زمن .
و هذا من تدبره علم علم اليقين بأنه مقتضى جميع اللغات.
و كذلك شرعاً كل من فعل فعلا سمي بهذا الفعل فمن أشرك مع الله غيره سمي مشركاً و من ابتدع في الدين سمي مبتدعاً و من شرب الخمر سمي شارباً للخمر ."( الشيخ عبد الرحمن بن طلاع المخلف حفظه الله:مقال الفرق بين الكفر و الشرك –منتدى أهل الحديث)
قال أبو مارية عفا الله عنه :فآسم الشرك لا تعلق له بقيام الحجة بل يلحق المتلبس بالشرك قبل قيامها و بعده ، لكن لا تلحقه أحكام القتل و التعذيب إلّا بعد قيام الحجة(اتظر المسألة التالية).


الثانية: الحرصُ على طلب العلم، لأنه سبب للخير، وفسر به قوله: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ} [سورة الأنفال آية: 23]، لقوله: فسمعت أن رجلا بمكة يخبر أخبارا فقعدت على راحلتي، فوجدته مختفيا، فتلطفت حتى دخلت عليه.
الشرح:
1-هذا من طلب العلم الواجب على كل إنسان، فمن سمع ببعثة النبي صلى الله عليه و سلم فقد قامت عليه حجة الله ووجب عليه التحري عنها، فان قعد و أعرض كسلاً أو عناداً إستحق العذاب. قال ابن حزم-رحمه الله-:فإنما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم الأيمان به على من سمع بأمره،فكل من كان في أقاصي الجنوب و الشمال و المشرق و جزائر البحور و المغرب و أغفال الأرض من أهل الشرك فسمع بذكره صلى الله عليه و سلم ففرض عليه البحث عن حاله و أعلامه و الإيمان به-إلى أن قال و أما من بلغه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به ثم لا يجد في بلاده من يخبره عنه ففرض عليه الخروج عنها الى بلاد يستبرئ فيها الحقائق و لولا إخباره صلى الله عليه و سلم أنه لا نبي بعده للزمنا ذلك في كل من نسمع عنه أنه أدعى النبوة ،و لكنا قد أمنا ذلك و الحمد لله) الإحكام في أصول الأحكام(2/112)

2- الحجة في باب الشرك؛ العلم والبلاغ ووجود دعوة قائمة والوجود في مكان العلم والتمكن.
لا يشترط اجتماع الخمسة المذكورة لقيام الحجة بل واحدة منهم تكفي لقيام الحجة، فمن كان في بادية قريبة فهو متمكن من الوصول الى الدعوة و قامت عليه الحجة بذلك ومن بلغته الدعوة قامت عليه الحجة بذلك كما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال((والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي و لا نصراني ثم يموت و لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)).
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: والحجة قامت بوجود الرسول المبلغ وتمكنهم من الاستماع والتدبر لا بنفس الاستماع ففي الكفار من تجنب سماع القرآن واختار غيره ( الفتاوى 16/66)






الثالثة: قوله فقلت له: ما أنت؟ قال: "نبي. قلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله عز وجل". فهذه المسألة هي أصل العلوم كلها، وهي فهم القلب فهما جيدا أن الله أرسل إليك رسولا، فإذا عرفتها هان عليك ما بعدها.
الشرح:
1-من فهم أن الله الذي خلق السموات و الارضين ومن فيهن لم يترك عباده هملا بل أرسل اليهم الرسل " أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ " فقد فهم معنى ربوبيته عز وجل و إلاهيته وهذه المسألة هي أصل العلوم كلها.
2-" فإذا عرفتها هان عليك ما بعدها" تنبيهٌ منه رحمه الله على ما يلاقيه الموحدُ من غربةٍ ومشقةٍ وعذابٍ في سبيل الله عز وجل.
وصدق الأمير أبو مصعب حفظه الله إذ يقولُ:
فمن جرّد نفسه لحمل كلمة "لا إله إلا الله" ونصرها وإقامتها في الأرض عليه أن يدفع تكاليف هذا التشريف من تعبٍ ونصبٍ وبلاءٍ.

فأين أنت؟!!... والطريق طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورمي في النار الخليل، وأضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحي، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم...(كلمة الشيخ: وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة)

الرابعة: قوله: بأي شيء أرسلك؟ قال: "بكذا وكذا" وهذه توضح ما قبلها بالفعل.
الشرح:
مراد الشيخ رحمه الله التأكيد على ان العمل من الاسلام والإيمان فهو يردُّ بذلك على من زعم أنَّ الانسان يكون مؤمناً مسلماً بمجرد التصديق دون العمل واستدل ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم لرسالته" أَرْسَلَنِى بِصِلَةِ الأَرْحَامِ وَكَسْرِ الأَوْثَانِ وَأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ لاَ يُشْرَكُ بِهِ شَىْءٌ".

الخامسة: قوله: "بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يعبد الله لا يشرك به شيء"
الأول: حق الخلق، والثاني حق الخالق، وذكر هذه مع هذه، تفسير سياسة المدعو والرفق به، والتلطف في إدخال الخير إلى قلبه;
والثاني فيها تعريف الأمر قبل الدخول فيه، لأن الداخل لا يستقيم له الدخول إلا بمعرفته ولو صعب.
الشرح:
1-"حق الخلق" أي على الخلق.
أمّا حقهم على الخالق فهو ألّأ يعذب الموحدين منهم.
2- عند الدعوة لدين الله يتلطف بالمدعو ويبين له ما جاء به الإسلام من خير لإصلاح هذه الدنيا أيضا، فلا يقتصر الداعية على بيان العقيدة لوحدها، ولكن يجمع بين الأمرين مع التأكيد على مسائل عبادة الله عز وجل والكفر بالطاغوت والولاءو البراء، قال الله تعالى" وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ" وقال" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"
وقال ربعي بن عامر لقائد الفرس" الله آبتعثنا لنخرجَ من شاء من عبادة العباد الى عبادة الله عز وجل و حدة ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا و الاخرة"




3- " تعريف الأمر قبل الدخول فيه....... ":
هذه من المسائل المهمة التي ضلَّ فيها الكثير ممن ينتسب الى الدعوة اليوم فتراهم يقضون الساعات الطوال في الحديث عن سماحة الإسلام و وقبول الإسلام للاديان السماوية الاخرى(كذا زعموا) والإخوة الإسانية...ألخ من غير أن يبينوا للناس معنى كلمة التوحيد و شروطها ولوازمها فربما دخل بعض الناس في الدين ثم انقلبوا على أعقابهم بعد ذلك لمّا يرون حقيقة التكاليف الشرعية .
" فالذين يصدّرون أنفسهم للدعوة في هذا الزمان بحاجة إلى تدبر هذا الأمر جيداً ومحاسبة أنفسهم عليه كثيراً، لأن دعوة تسعى لنصرة دين الله ثم تلقي بهذا الأصل الأصيل وراءها ظهرياً لا يمكن أن تكون على منهج الأنبياء والمرسلين.. وها نحن نعايش في هذا الزمان انتشار شرك التحاكم إلى الدساتير والقوانين الوضعية بين ظهرانينا، فيلزم هذه الدعوات ولا بد، التأسي بنبيها في اتباع ملة إبراهيم بتسفيه قدر هذه الدساتير وتلك القوانين وذكر نقائصها للناس وإبداء الكفر بها وإظهار وإعلان العداوة لها ودعوة الناس إلى ذلك.. وبيان تلبيس الحكومات وضحكها على الناس.. وإلا فمتى يظهر الحق، وكيف يعرف الناس دينهم حق المعرفة، ويميزون الحق من الباطل والعدو من الولي.. ولعل الغالبية يتعذرون بمصلحة الدعوة وبالفتنة.. وأي فتنة أعظم من كتمان التوحيد والتلبيس على الناس في دينهم، وأي مصلحة أعظم من إقامة ملة إبراهيم وإظهار الموالاة لدين الله والمعاداة للطواغيت التي تعبد ويدان لها من دون الله"(ملة ابراهيم لابي محمد المقدسي فك الله أسره)
4-" وَكَسْرِ الأَوْثَانِ": فيه رد على من قال" إن ملة إبراهيم منسوخة في حقنا، ويستدلون على ذلك بالأصنام التي كانت حول الكعبة والتي لم يكسرها صلى الله عليه وسلم بزعمهم طوال مكوثه في مكة عهد الاستضعاف"(ملة ابراهيم).
قال أبو محمد المقدسي فك الله أسره في سياق رده على هؤلاء الضلال: ونقول: أما تحطيم الأصنام حقيقة وحسياً كما فعل إبراهيم فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل شيئاً منه حينما تمكن من ذلك وقدر عليه في غفلة من كفار قريش، ولا أعني بعد الفتح بل في مكة في عهد الاستضعاف، كما روى الإمام أحمد وأبو يعلى والبزار بإسناد حسن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "انطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينا الكعبة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس وصعد على منكبي فذهبت لأنهض به فرأى مني ضعفاً فنزل وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال: اصعد على منكبي. قال فصعدت على منكبيه، قال فنهض بي قال فإنه يخيل إلي أني لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه، حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقذف به فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير، ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس" وبوّب له الهيثمي في مجمع الزوائد: (باب تكسيره صلى الله عليه وسلم الأصنام) وذكر رواية "كان على الكعبة أصنام فذهبت أحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أستطع فحملني فجعلت أقطعها..." وفي رواية زاد "فلم يوضع عليها بعد، يعني شيئاً من تلك الأصنام" قال: ورجال الجميع ثقات.. وذكره أبو جعفر الطبري في (تهذيب الآثار) وتكلم على بعض الفوائد الفقهية فيه، أنظر ص236 إلى ص243 من مسند علي فيه..

لذلك فنحن لا نتحرج أبداً من القول بأن ذلك مطلوب منا أيضاً حال القدرة عليه في عهد الاستضعاف وغيره.. سواء كان ذلك الصنم تمثالاً أو قبراً أو طاغوتاً أو نظاماً.. أو غيره، حسب تنوع الصور واختلافها في كل زمان ومكان.. وأقصد بذلك الجهاد والقتال وهو أعلى مراتب إظهار العداوة والبغضاء لأعداء الله...

ومع ذلك نقول لو سلمنا جدلاً أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تحطيم الأصنام في مكة زمن الاستضعاف.. فإنه صلوات الله وسلامه عليه كان متبعاً لملة إبراهيم أشد الاتباع آخذاً بها بقوة.. فما داهن الكفار لحظة واحدة وما سكت عن باطلهم أو عن آلهتهم.. بل كان همه وشغله الشاغل في تلك الثلاث عشرة سنة بل وغيرها هو (اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [النحل: 36]. أهـ

السادسة: حسن فهم عمرو، لقوله: من معك على هذا؟
السابعة: قوله حر وعبد، والله أعلم.


الشرح:
1-"بدأ الاسلام غريبا و سيعود غريبا كما بدأ".
2-عمرو رضي الله عنه لما سمع دعوة النبي صلى الله عليه و سلم علم ما علمه ورقة من قبل"لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِىَ"
3-على الموحد ألّا يستوحش الطريق لقلة السالكين.
وكتب
أبو مارية القرشي

أبوأنس
02-08-2006, 03:30 PM
السلام عليكم و رحمةالله
شكر الله جهودكم في نشر عقيدة التوحيد
فالله يشهد أني تمتعت بقراءة هذا الشرح، وبارك الله فيك
وهل هو موجود على صيغة ورد، جوزيتم خيرا،
والسلام عليكم و رحمةالله.

أبوأنس
02-08-2006, 10:58 PM
السلام عليكم و رحمة الله
أخي الفاضل: قد أشكل علي الأمرالتالي:
إن كان اسم لشرك يثبت قبل الرسالة، حتى في حق انتسب إلى الإسلام ،إذا تحققت فيه حقيقة الشرك، فكيف نوجه حديث عدي رضي الله عنه، ولبسه الصليب، مع أن لبس الصليب شرك أكبر؟
وما رأيكم في كلام الشيخ أبي بصير الآتي:
"- ومن الأدلة كذلك على العذر بالجهل، حديث عدي بن حاتم -رضي الله عنه- حيث قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي:" يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك "، فطرحته فلما انتهيت إليه وهو يقرأ:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ}، حتى فرغ منها، قلت: إنا لسنا نعبدهم، فقال:" أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويُحلون ما حرم الله فتستحلونه "، قلت: بلى، قال:" فتلك عبادتهم "[17].
يُستفاد من الحديث الفوائد التالية:
1- أن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- مسلماً مقراً بالشهادتين .. لأنه كان قبل ذلك مهدور الدم، وما عصم دمه إلا إسلامه.
2- أن عدياً كان قد تنصر، وكان حديث عهد بالكفر؛ أي أنه كان عاجزاً عن معرفة كل ما يدخل في التوحيد ومتطلباته من أيامه الأولى من لإسلامه؛ أي أنه كان معذوراً بالجهل ..
3- بسبب ما تقدم فقد وقع عدي -رضي الله عنه- بنوعين من الشرك الأكبر، كل واحد منهما يُخرج صاحبه من الملة لو اقتُرف من غير جهل بالنص الشرعي الذي يفيد التحريم، لكن عدياً لم يكفر بعينه لمانع الجهل المعتبر بالخطاب الشرعي:
أولهما: ارتداؤه الصليب .. وهذا شرك أكبر، لذا سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالوثن الذي يُعبد من دون الله -عز وجل- .. ومع ذلك فقد اكتفى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن قال لعدي:" اطرح هذا الوثن من عنقك "، من دون أن يحكم عليه بعينه أنه كافر أو قد كفر وارتد، وعليه أن يدخل الإسلام من جديد بتلفظ الشهادتين ..
ثانياً: أن عدياً كان يجهل أن طاعة الأحبار والرهبان في التحليل والتحريم من دون سلطان من الله .. يدخل في معنى العبادة التي لا يجوز أن يُصرف منها شيء لغير الله تعالى، وأنه من الشرك الأكبر .. إلى أن بين له النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، وعلمه أن طاعة الأحبار والرهبان، والتحاكم إليهم من دون الله تعالى في التحليل والتحريم هو عبادة لهم وشرك بالله تعالى .. ومن دون أن يحكم عليه بالكفر والارتداد، أو يُلزمه بضرورة تجديد إسلامه وإيمانه ..! "
نقلا عن متابه" العُذْرُ بالجَهْل ِوقيامُ الحُجَّةِ"
وبارك الله فيكم
السلام عليكم و رحمة الله
أخوكم الفقير إلى عفو ربه

ابو مارية القرشي
02-09-2006, 02:20 AM
الحمد لله وبعد،
بارك الله فيكم أخي الحبيب ورزقني وإياك الفقه في الدين.
1-بالنسبة لما ذكرت من إشكال، فاعلم أخي الحبيب أنه لا يستدل بحادثة عينٍ لم نعلم ملابساتها ولا أحوالها على بطلانٍ أمرٍ قطعيٍ معلوم من دين الله. هذا وسيأتي بيان قصة إسلام حاتمٍ إن شاء الله.
2- وحديث عديٍ هذا مختلف في صحته بل مختلف في تحسينه كما هو معلومٌ عند أهل الحديث.
3- كان الواجب على الشيخ حفظه الله أن يراجع كل الروايات في إسلام عدي بن حاتم رضي الله عنه، قبل أن يستنبط منه تلك الأمور البعيدة ومنها قدومه مسلماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمل في هذه الروايات:
روى أحمد والترمذي من طريق عباد بن حبيش الكوفي عن عدي بن حاتم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال الناس هذا عدي بن حاتم ، قال وجئت بغير أمان ولا كتاب ،وكان قال قبل ذلك إني لأرجو الله أن يجعل يده في يدي فقام فأخذ بيدي فلقيته امرأة وصبي معها فقالا أنا لنا إليك حاجة فقام معهما حتى قضى حاجتهما ثم أخذ بيدي حتى أتى إلى داره فألقت إليه الوليدة وسادة فجلس عليها وجلست بين يديه فقال هل تعلم من إله سوى الله قلت لا ثم قال هل تعلم شيئا أكبر من الله قلت له قال فإن اليهود مغضوب عليهم وإن النصارى ضالون (نقلا عن الإصابة: 471\4)
قال الحافظ ابن كثير:وقد روي حديث عدي هذا من طرق وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها (التفسير:52\1)
ويذكر لنا الحافظ ابن حجر رواية أخرى في ترجمة عدي ٍرضي الله عنه:
روى أحمد والبغوي في معجمه وغيرهما من طريق أبي عبيدة بن حذيفة قال كنت أحدث حديث عدي بن حاتم فقلت هذا عدي في ناحية الكوفة فأتيته فقال لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كرهته كراهية شديدة فانطلقت حتى كنت في أقصى الأرض مما يلي الروم فكرهت مكاني أشد من كراهته فقلت لو أتيته فإن كان كاذبا لم يخف علي وإن كان صادقا أتبعته فأقبلت فلما قدمت المدينة استشرفني الناس فقالوا عدي بن حاتم فأتيته فقال لي يا عدي أسلم تسلم قلت إني لي دينا قال أنا أعلم بدينك منك ألست ترأس قومك قلت بلي قال ألست تأكل المرباع قلت بلى قال فإن ذلك لا يحل لك في دينك ثم قال أسلم تسلم قد أظن أنه إنما يمنعك غضاضة تراها ممن حولي وإنك ترى الناس علينا البا واحدا قال هل أتيت الحيرة قلت لم آتها وقد علمت مكانها قال يوشك أن تخرج الظعينة منها بغير جوار حتى تطوف بالبيت ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز فقلت كسرى بن هرمز قال نعم وليفيضن المال حتى يهم الرجل من يقبل صدقته قال عدي فرأيت اثنتين الظعينة وكنت في أول خيل أغارت على كنوز كسرى وأحلف بالله لتجيئن الثالثة وآخر الحديث عند البخاري من وجه آخر (المصدر السابق)

ولعل في هذه الروايات كفاية إن شاء الله لبيان المسألة وللرد على هذا الإشكال من أقصر الطرق.

وسأضع لك الشرح على ملف ورد إن شاء الله.

أبوأنس
02-09-2006, 11:57 AM
السلام عليكم و رحمة الله
بارك الله فيكم فقد زال الإشكال بفضل الله
فمما فهمت: أنه لا يصح الاستدلال بهذا الحديث، على فرضية ثبوته، في مسءلتنا هذه، لأن عديا لم يكن مسلما حين ذاك؟
جوزيتم خيرا و السلام عليكم و رحمة الله

ابو مارية القرشي
02-12-2006, 05:56 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزيت خيراً اخي الحبيب.
نعم ، لم يكن مسلماً حينها وبقية الروايات تبين كيف أسلم عديٌ رضي الله عنه .
والله أعلم وأحكم.

موحده
04-01-2006, 08:55 AM
السلام عليكم ورحمة الله

حول العذر بالجهل

بشبهة ذات انواط

جاء بكتاب التوحيد للشيخ محمد بالنسبة لقوم موسى عليه السلام عند طلبهم الها ولم يكفروا بالطلب

قال انهم قالوا ولم يفعلوا ولو فعلوا لكفروا

وفي شرح الشيخ الخضير عده من الشرك الاصغر!!!

كيف يكون هذا الطلب من الشرك الاصغر؟؟ ولم يكفروا بالفعل دون القول ؟والمرأ يكفر بالفعل والقول؟؟

ابو مارية القرشي
04-01-2006, 12:47 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
1-لم يتضح لي السؤال هل هو عن قوم موسى أم عن الصحابة رضي الله عنهم ويغلب عل ظني أنك تسألين عن الصحابة لأن هذا هو عنوان موضوعك.

2- لم أجد نص ما ذكرتيه عن شيخ الإسلام رحمه الله ولا عن الشيخ علي الخضير فك الله أسره. ولكن وجدت كلاماً نقله الشيخ الخضير في شرح كتاب التوحيد من مجموعة رسائل الشيخ محمد وذكر فيه الشيخ محمد مجموعة مسائل منها الحلف بغير الله (وهنا علق الشيخ الخضير وذكر الشرك الأصغر) ، وقصة ذات أنواط وقوم موسى.

3- بالنسبة للصحابة رضي الله عنهم ، فإنهم طلبوا شجرة يتقربون لله بالعبادة عندها وهذه من مسائل التبرك وهي من الشرك الأصغر ويعذر الإنسان فيها بالجهل ، ولم يريدوا أن يعبدوا الشجرة .
4- المطالع لكتاب التوحيد يجد هذه الفائدة المهمة التي يكرر ذكرها شيخ الإسلام وهي الاستدلال بآيات الشرك الأكبر على الأصغر ، فقول بني اسرائيل أعظم من قول الصحابة رضي الله عنهم ولكن استدل به الرسول صلى الله عليه وسلم.

فلا حجة لمن عذر بالجهل في باب الشرك الأكبر بقصة ذات أنواط ، والله أعلم.

موحده
04-01-2006, 04:47 PM
عفوا اخي انما اقصد قوم موسى عليه السلام

سأبحث عن النصوص لتتضح الصورة

موحده
04-23-2006, 04:22 AM
عفوا
التبس الامر عندي

ذكر الشيخ ان طلب بنو اسرائيل شرك اكبر وليس اصغر

وطلب الصحابة شرك اصغر

وانه من الاستدلال بآيات الشرك الأكبر على الأصغر

وانهم لم يكفروا لأن المؤمن المجتهد اذا تكلم بكفر فنبه فتاب من فوره لا يكفر

لكن النبي اقسم ان طلبهم من جنس طلب بنو اسرائيل سواءا بسواء؟

ابو مارية القرشي
04-24-2006, 10:06 PM
أخيتي الكريمة،
عذرا فقصة بني اسرائيل تحتاج الى مزيد من تأمل ومراجعة لكلام المفسرين ، ولا أرغب بالتعليق بغير علم .
وجزاكم الله خيراً وزادكم حرصاً على تعلم مسائل العقيدة والتوحيد.

أبو الوليد الربضي
05-31-2006, 01:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أختي الكريمة :
قلت :

لكن النبي اقسم ان طلبهم من جنس طلب بنو اسرائيل سواءا بسواء؟

فالمشبه لا يكون مثل المشبه به في كل الأوجه ، فقول الإنسان زيد كالأسد ليس معناه أنه مثله في كل الأوجه ، فأداة كاف للتشبيه وليست للمماثلة .
وأما تشبيه الصحابة ببني إسرائيل كان في طلبهم المشابهة فقط ، وطلب المشابهة كفر أكبر ولكن بعد إقامة الحجة ، والله أعلم .

موحده
06-02-2006, 10:17 AM
طلب المشابهة كفر اكبر .....باطلاق؟؟