المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فى سطور واحكم انت



المهاجر
02-19-2006, 10:21 PM
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد ..

الدين يسر.. فإن الله عز و جل جعل دينه ديناً مناسباً لكل الأزمان والعصور، وجعل الشرع سهلاً ميسوراً على كل مسلم بحيث يستطيع أن ينفذ ما أمره الله به، وأن يمتنع عما نهاه الله عنه بيسر. قال تعالى: { يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [البقرة:185]، و قال سبحانه: { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } [البقرة:286]، فلو حرّم علينا شيئاً سبحانه لا يحرمه إلا لأجل مصلحتنا، ولو أحلّ لنا شيئاً فلا يحله إلا من أجل مصلحتنا، فنحن متّفقون أن الدين يسر.

سؤال

والآن أسأل سؤالاً.. هل سوف نقف أمام الله عز وجل؟ هل سوف نعرض عليه يوم القيامة؟ وهل سوف نحاسب على أعمالنا في ذلك اليوم، حيث تقسم الأعمال إلى حسنات وسيئات، وليس هناك نوع ثالث؟! هل سوف ينصب لكل منا ميزاناً للحسنات والسيئات؟
بالطبع، الإجابة نعم..

أقول لك... لمّا تقف أمام الله عز وجل كي تحاسب وتُسأل عن أعمالك صغيرها وكبيرها، سرها وعلانيتها، قبيحها وحسنها،
أين ستضع الاختلاط بين الرجال والنساء، والخلوة بهن في البيوت والجامعات والأعمال والمنتديات، والمصانع والمتاجر والعيادات و... و... و...؟؟!
هل سيكون هذا العمل في ميزان الحسنات أم في ميزان السيئات؟
هل تتقرب إلى الله بهذا العمل أم أن هذا العمل يبعدك عن الله؟

إذا أردت أن تعرف الحق فاقرأ هذه السطور و احكم أنت....
بعض الناس يقولون أن الاختلاط حرام، وبعضهم يقول أنه ليس حرام مطلقاً، فلو كانت النية صالحة فلا شيء، وبعضهم يقول ليس حراماً أصلاً! بل إنه يهذب الأخلاق والمشاعر، ويخلق روح التنافس بين الجنسين...

فمن هو صاحب الحق؟؟
فالناس قد اختلفوا في الحكم على الاختلاط، وقد قال الله تعالى: { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } [الشورى:10]، وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [النساء:59].
فهيا بنا نرد هذا الأمر إلى الله و إلى سنة النبي صلى الله عليه و سلم ...


أولاً: أخي الحبيب.. أختي الغالية، ما رأيكم في جيل الصحابة؟ أليس هو خير جيل أوجده الله؟ قال الله تعالى { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } [آل عمران:110]، وما رأيكم في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهن؟ ألسن هن أطهر نساء العالمين؟؟ بلى، بالطبع..

فقد أنزل الله عز و جل آية في الصحابة إذا أرادوا أن يتعاملوا مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الآية هي قول ربنا { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [الأحزاب:53]، ومعنى الآية: يا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، إذا سألتم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم متاعاً { فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ }، والمتاع هو الشيء الضروري من ضروريات الحياة... لماذا يا ربنا؟ قال عز و جل { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }... قلوب الصحابة، وقلوب زوجات النبي صلى الله عليه و سلم.

فلو كنا أفضل من الصحابة فلسنا مخاطبين بهذه الآية، ولو كنا مثلهم فلنفعل مثل ما فعلوا. ولكن الحقيقة أننا لسنا شيئاً بالنسبة لهم، فأين نحن من هؤلاء الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: « لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفة » والمد هو ملئ الكف.

والآية نزلت في الصحابة و زوجات النبي صلى الله عليه و سلم و لكنها عامة لكل المسلمين فالله منع الاختلاط بين أطهر الرجال و أطهر النساء و نحن بالطبع لسنا مثلهم مع أن الصحابة لا يريدون مزاحا و لا زمالة و لا صداقة و لا ولا .... و لكن يريدون متاعا ضروريا مثل طلب الفتوى أو طلب المساعدة بالمال أو ابلاغ رسالة و ما إلى ذلك .

ثانياً: كانت عادة النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلّم من الصلاة ألا يلتفت مباشرة حتى لا تقع عينه على النساء، فالتفت ذات مرة فوجد الصحابة رجالاً ونساءً يخرجون من باب واحد من المسجد؛ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال للنساء: « ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق »، أي لا يصح لكنََََََََََََََََََ أن تمشين في منتصف الطريق، ولكن عليكن بحافات الطريق وجوانبه، وأمر بفتح باب للنساء وباب للرجال، صلى الله عليه وسلم.

ولنا عدة تأملات في هذه القصة:
(أ) أن الصحابة رجالاً ونساء كانوا يصلّون في المسجد، أي أنهم كانوا في عبادة وفي المسجد، وهم الصحابة خير الناس بعد الأنبياء، ورغم ذلك منع النبي صلى الله عليه وسلم الاختلاط بينهم، ولم يقل عليه الصلاة والسلام إنهم الصحابة أصحاب الأخلاق الكريمة والسمعة الحسنة، لا.. ولكن غضب لمّا رأى ذلك، وأمر بفتح باب للنساء وآخر للرجال.
ورأى صلى الله عليه و سلم عبد الله بن عمر، الصحابي الجليل، يخرج من باب النساء ذات مرة، فقال له صلى الله عليه وسلم: « لو تركنا هذا الباب للنساء »! فلم يخرج منه ابن عمر حتى مات.

(ب) أن الصحابة رجالاً ونساءً كانوا يصلّون، ولم يكونوا في جلسة سمر أو جلسة زمالة، ولا صداقة ولا أخوّة، كما يزعم البعض حين يختلط بالنساء الأجنبيات عنه، واللاتي لسن من محارمه.

(ج) كان نساء الصحابة رضي الله عنهن بعد هذه القصة أول ما يذوب من ثيابهن الكتف! لامتثالهن لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمشي في حافات الطريق وعلى جوانبه؛ فكان الكتف يحتك ويعلق بالجدران حتى يذوب! فياله من حياء من نساء لم نرى ولن نرى مثلهن! وياله من امتثال يدل على الإيمان العميق بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم... فرضي الله عن الصحابة أجمعين، ومن سار على طريقهم إلى يوم الدين.

ثالثاً: أخي، أختي.. هل تعلمون شيئاً عن الحور العين؟
إنهن نساء المؤمنين في الجنة، نسأل الله أن يجعلنا من أهلها.. آمين...
لمّا وصف الله الحور العين في القرآن، امتدحهن بصفة هي حقاً صفة مدح؛ ومعلوم أن أحدنا إذا طلب منه مدح أو وصف أحد بما فيه من المكارم فإنه يذكر أحسن ما فيه من هذه المكارم.. فالله لما امتدح الحور العين، قال عنهن { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ } [الرحمن:72]، أي لا يخرجن من بيوتهن! هذا في الجنة حيث لا شياطين ولا سيئات، ولا نية سيئة ولا... ولا... ولا...
إن المرأة لم تخرج من بيتها إلا في العصر الحديث على يد الآثم (آثم أمين) -أتعمّد كتابتها بالثاء- وصفية زغلول وزوجها سعد زغلول بدعوى تحرير المرأة؛ فكانت قبل ذلك وحتى عام 1919م تقريباً تمتثل أمر ربها { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } [الأحزاب:33]، ولكنها خرجت، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وخلعت برقع الحياء إلا من رحم الله.
فالله قال عن الحوريات أنهن لا يخرجن من بيوتهن، وإذا خرجن قال عز وجل عنهن { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ } [ص:52]، أي لو خرجت فإنها تغض بصرها فلا ترى الرجال.
سبحان الله، هذا في الجنة! فهذا حال أحسن الناس حالاً، أهل الجنة..
أفلا نسير على سيرهم كي نلحق بهم، نسأل الله أن يجعلنا من أهلها.. اللهم آمين.

ولسنا ضد خروج المرأة من بيتها للضرورة، ولكن إذا خرجت وجب عليها أن تلتزم بتعاليم الإسلام، بأن ترتدي الحجاب الشرعي، ولا تتبرج، ولا تختلط بالرجال، وأن تغضّ بصرها، وكل ذلك سهل وميسور بإذن الله تعالى، لأنها كلها أوامر الله... وكما اتفقنا أن الدين يسر.

فهذه الثلاثية دليل قاطع على أن الاختلاط محرم في دين الإسلام، وأنه معصية يجب التوبة الفورية منها.. وسبحان الله، كما قال السلف أن من أضرار المعاصي أنها تجر إلى معاصي أخرى.

ولو تأمّلت أخي، أختي هذه المعصية التي عدّها كثير من أهل العلم أنها من الكبائر؛ لوجدت أنها يترتب عليها مفاسد عظيمة ومعاصي جسيمة، وإليك بعضاً منها:

1- إطلا ق البصر: فليس من المتصوّر أن يختلط رجل بامرأة ويغض بصره عنها. من الذي أمر بغضّ البصر؟ أليس سبحانه الذي قال { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } الآية [النور:30-31]، وهو سبحانه الذي قال { يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [البقرة:185]، وهو سبحانه الذي قال: { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } [البقرة:286]. فالله أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، وأخبر أن ذلك أزكى لهم، أي أحسن وأطهر لهم... ألا نصدقه سبحانه وهو أعلم بنا من أنفسنا؛ يعلم ما يصلحنا وما يفسدنا، قال سبحانه: { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14].

ولنا في آيات سورة النور التي فيها الأمر بغض البصر عدة تأملات:
(1) أن الله أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، ولم يقل سبحانه قل للناس يغضوا من أبصارهم؛ ولكن قال { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ } و{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ } لأنه لن يستجيب لأمر الله إلا المؤمنين والمؤمنات؛ قال تعالى { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [النور:51]، ولا مفلح غيرهم لأنهم أطاعوا ربهم واتبعوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.

(2) أن الله قال { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ }، فما السبب الذي من أجله أتى الأمر بحفظ الفرج بعد الأمر بغض البصر؟! السبب هو أن الذي لا يغض بصره لا يستطيع أن يحفظ فرجه غالباً؛ وواقع المسلمين وصفحات الحوادث والجرائد خير شاهد على ذلك.. والحر تكفيه الإشارة؛ وإذا أردت الدليل على ذلك تأمّل أي قصة كانت نهايتها الوقوع في الفاحشة، ستجد أن أول خطوة في ذلك الطريق كانت إطلاق البصر..

ولنا خير شاهد ودليل على ذلك في قصة المؤذن الذي كان واقفاً على المسجد ليؤذن للصلاة، فوقع بصره على نافذة بيت لرجل نصراني، فوقع بصره على ابنة ذلك النصراني، فلم يغض بصره وأعقب النظرة النظرة؛ فما كانت النتيجة؟
وقع حبّها في قلبه من أول نظرة، فترك الأذان، ونزل من على المسجد، وذهب إليها في بيتها، وقال لها: أريدك بحلال أو حرام، قالت: تزوّجني. قال: أتزوجك. قالت ولكنك مسلم، وأنا نصرانية، ولا أتزوجك حتى تتنصّر؛ قال: أتنصّر...
قالت: فانتظر أبي حتى يأتي... فانتظر, فأتت له بخمر، فشرب فسكر، فصعد على سطح المنزل فسقط فمات! فلا هو طالها ولا طال رضا الله عز وجل، بل { خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [الحج:11]، كما قال الله تبارك وتعالى.
وكما قال الشاعر: نظرة.. فابتسامة.. فموعد.. فلقاء.. والنهاية معروفة، نسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة.

(3) أن الله تعالى قال { ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ }، أي أطهر لهم أن يغضوا من أبصارهم وأحسن... سبحان الله، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا ويعلم ما يصلحنا وما يفسدنا؛ يعلم ما نسعد به وما لا نسعد به؛ ونحن في العرف نقول: أن الذي يصنع آلة هو أعلم رجل بهذه الآلة، يعلم إذا فسدت أو تعطلت كيف يصلحها، وكيف تعمل بكفاءة وكيف يطول عمرها الإنتاجي...
ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض، وكما قال سبحانه: { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } [النجم:32]... لا تقل أنا أخلاقي حسنة ولا أوذي أحد، وأفعل ذلك بحسن نية وأنا أخاف من الله وأتقيه... أقول لك لا تزكّي نفسك وتمدحها، فالله أعلم بخفايا النفوس والقلوب. قال تعالى { هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى }، وقال تعالى: { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14]

(4) أن الله تعالى أمرنا جميعا بغض البصر فقال { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ }، وإن لم يغضوا من أبصارهم فماذا؟! قال عز وجل { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }، أي أنك أمرت بغض البصر فإن أطعت الله و غضضت بصرك زاد إيمانك و إن لم تغض بصرك و نسيت نظر الله إليك فاعلم أن الله خبير بما تصنع ؛ سوف يكتبه ليحاسبك عليه قال تعالى { وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ } [القمر:53]، أي مكتوب أليس هو القائل سبحانه { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } [غافر:19]. و لما سُئل الحسن البصري: بما يستعان على غض البصر؟ فقال: أن تعلم أن نظر الله إليك أسبق.. قبل أن تنظر تذكّر أن الله يراك.

(5) كما أن الله سبحانه أمر الرجال بغض البصر، أمر النساء كذلك بغض البصر، فـ « النساء شقائق الرجال »، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، أي أنهن مأمورات بما أمر به الرجال.

فهذه أول معصية تترتب على كبيرة الاختلاط؛ أما الثانية فهي: مصافحة المرأة الأجنبية.

فإن الذين يختلطون غالباً ما يقعون في ذلك... وقد يقول قائل: هل مصافحة المرأة الأجنبية حرام؟ هل مصافحة زميلتي التي أعتبرها مثل أختي تماماً أو جارتنا التي تربينا سوياً منذ الصغر أو ابنة عمي أو ابنة خالتي أو زوجة عمي أو زوجة خالي حرام؟ إنني أصافح أحداهن وليس في نيّتي شيء، والأعمال بالنيات...

أقول لك أخي الحبيب، أختي الغالية... هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع الصحابة و يبايعونه على الإسلام بالقول والمصافحة؟ وهل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتحن المؤمنات -أي يشترط عليهن- قبل الدخول في الإسلام كما في قوله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [الممتحنة:14]، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد بايعتك).. كلاماً، ولا والله ما مسّت يده يد امرأة قط في المبايعة؛ ما يبايعهن إلا بقوله « قد بايعتكن على ذلك »، ومعلوم كما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بايع الرجال صافحهم، بل قال صلى الله عليه وسلم للنساء في موقف البيعة هذا: « إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة »، وقال صلى الله عليه وسلم: « لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له »، وقد قال الله عز وجل { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ } [الأحزاب:21].

ولنا في هذه البيعة تأملات:
(1) أن الرجال والنساء الذين جاؤوا ليبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم جاؤوا يطلبون نصرة الله ونصرة نبيه صلى الله عليه وسلم، فكان موقف البيعة موقف جد، موقف نصرة لله، موقف لا مزاح ولا لعب فيه، ومع ذلك لم يصافح النبي صلى الله عليه وسلم أي امرأة بايعها؛ لأن البيعة اشتراط على الالتزام بطاعة الله، وطاعة الله ملزمة لنا في كل حين، ولا يجوز أن نطيع العادات الاجتماعية الفاسدة وقواعد الذوق التي تخالف تعاليم الإسلام ونترك طاعة الله، فطاعة الله مقدمة على كل شيء، فالإسلام حرّم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية للأدلة التي ذكرتها، فلا يجوز لرجل أن يصافح امرأة أو العكس محتجّاً بالعادات الاجتماعية أو بأن ذلك موافقٌ للأدب والذوق.. لا والله، إن الإسلام جاء بأسمى قواعد الأدب والذوق الرفيع، ولكننا رضينا بالعادات الاجتماعية الفاسدة بديلاً عن عادات وآداب الإسلام، إلا من رحم رب العالمين.

ثم إن بعض الناس، هدانا الله وإياهم، يصاحبون المصافحة بابتسامات وضحكات وتمايلات تهيّج الكامن، وتقرّب من الفواحش، وترغّب فيها مثل ما يحدث بين الموظفين والموظفات، والطلبة والطالبات.. فعياذاً بالله من الانحراف عن سواء السبيل.

(2) رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معصوماً من الخطأ، وله من الزوجات تسعة؛ وقد بلغ من العمر الستين، إلا أنه لم يصافح النساء اللائي جئن للبيعة، ولم يلتفت إلى مسألة النيّة أو ما إلى ذلك، وهو خير أسوة صلى الله عليه وسلم، ولم يفعل ذلك لأن من حرم ذلك هو الله عز وجل القائل في كتابه { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ } [الأحزاب:21].

ومن المعاصي المترتبة على الاختلاط:

الخضوع بالقول

فإذا اختلط الرجال بالنساء، تجد النساء إلا من رحم الله تتبسّم وتترقّق وتلين في الكلام، مع أن الله سبحانه وتعالى نهى عن ذلك فقال { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا } [الأحزاب:32]، فهذا أمر الله عز وجل لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهن المؤمنات الطاهرات العفيفات أمهات المؤمنين..

فأين نساء اليوم منهن؟ فجدير إذاً بالمرأة المسلمة المؤمنة ألا تخضع بالقول، وليس معنى عدم خضوعها بالقول أن تكون فظة غليظة إذا حادثت بعض الرجال لأمر ضروري. لا، ولكن تتكلم بكلمات تنم عن أدب وحسن خلق، ولا تجعل الرجال يطمعون فيها. ولتدرك تماماً أثناء حديثها أن الله يعلم ما تقول، معها سبحانه يسمع ويرى، ولتدرك تماماً أن ربها يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور..
عجيب أمر امرأة فظة غليظة مع زوجها ومحارمها، ثم هي تخضع بالقول مع الرجال الأجانب والشباب!!

وكذلك فلا يخضع الرجال بالقول، وقد يعجب شخص من هذا فيتسائل: هل يخضع الرجل بالقول؟
نعم، هناك من يخضع بالقول من الرجال. هناك رجل يتّصل بصديق له على الهاتف فإذا وجده كلّمه كلام رجل لرجل، أما إذا ردت عليه امرأة أخذ بسماعة الهاتف، فإذا به يتأنّث معها ويتخنّث، ويخضع لها بالقول غاية الخضوع كي يوقعها في شراكه وحباله، وخفي عليه أن الله تعالى محيط بما يعمل عليم بما يصنع.

ومن المعاصي المترتبة على الاختلاط:

الخلوة

ما هي الخلوة المحرمة؟
هي أن ينفرد رجل بامرأة أجنبية عنه (أي يحل له أن يتزوج منها أو أنها غير محرمة عليه أبداً)، في غيبة عن أعين الناس وهي من أفعال الجاهلية وكبائر الذنوب.

ما هو الدليل على تحريمها؟
قول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم »، وقوله صلى الله عليه وسلم: « ألا لا يخلوَنّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان »، وهذا يعم جميع الرجال، ولو كانوا صالحين أو مسنين، وجميع النساء ولو كنّ صالحات أو عجائز، وقوله صلى الله عليه وسلم: « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان »، وقوله صلى الله عليه وسلم: « لا تَلِجُوا على المغيبات، فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم »، أي لا تدخلوا على النساء اللاتي غاب أزواجهن لسفر وما إلى ذلك، فهذا الكلام موجّه من النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة الكرام أطهر الناس بعد الأنبياء، فما بالك بنا أصحاب النفوس الضعيفة، أصحاب الذنوب والمعاصي، أصحاب الشهوات.. نسأل الله أن يعصمنا من الزلل، وأن يغفر لنا ذنوبنا.

وقد يسهل الدخول على المرأة والخلوة بها بسبب وجود القرابة أو بسبب زوجها، كابن العم وابن الخال مثلاً، أو صديق الزوج.. ولذلك حذّرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء لأنه من مداخل الشيطان، وأسباب الفساد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت الحمو الموت »، و =الحمو هو قريب الزوج الذي لا يحل للمرأة، كأخيه وابن عمه، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لو دخل أحد هؤلاء على المرأة، فإن ذلك يفسد الحياة الزوجية كما يفسد الموت البدن؛ فلا تعرّض المرأة نفسها للخلوة مع أحد، وإن قلّ زمن هذه الخلوة، لعدم الأمن، وخصوصاً مع فساد الزمن، والمرأة فتنة.

فالحكمة من تحريم الخلوة هي سد الذريعة إلى الفاحشة أو الاقتراب منها، حتى يظل المرء واقفاً على مسافة بعيدة قبل أن يفضي إلى الجريمة الأصلية. قال تعالى: { تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا } [البقرة:187].
فلا يحل لشخص بعد هذه الأدلة أن يخلو بامرأة لا تحل له، فلا يحل لقريب الزوج، كأخيه وابن عمه، أن يأتي في غياب الزوج ويخلو بالزوجة، ولا يحل لصديق الزوج أن يأتي إلى المنزل في غياب الزوج ويخلو بالزوجة، ولا يحل له أن يخلو بها في حضور الزوج في البيت ويغلق عليهما باب، ولا يحل لمدرّس أن يخلو بفتاة يعلّمها، ولو كان يعلّمها القرآن، ولا أن يغلق عليهما باب كما يحدث في كثير جداً من بيوت المسلمين، فهذا باب عظيم من أبواب البلاء.

وكذلك لا يحل لمحفّظ قرآن أن يخلو بامرأة يعلمها القرآن، وكذلك لا يحل لمعالج يعالج بالقرآن أن يخلو بامرأة يعالجها، ولا يحلّ لطبيب أن يخلو بمريضة ولا بممرضة، ونعوذ بالله من المهازل التي تحدث في المستشفيات والعيادات، وياليتهم يفرّقون في نوبات العمل بين الرجال والنساء، ويفصلون بين الرجال والنساء.

وقبيح أيّما قبح أمر صيدلي أو بقّال يستأجر فتاة للعمل معه، حيث هناك مكان يخلو بها فيه. وكذلك لا يحل لمدير أن يخلو بسكرتيرة ولا أن يغلق عليهما باب؛ فالشيطان ثالث هؤلاء كما قد تقدم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

إن النبي صلى الله عليه و سلم كان واقفاً مع زوجته أم المؤمنين صفية بنت حيي يوصلها إلى بيتها، فلما رآه رجلان من الأنصار أسرعا، فقال صلى الله عليه وسلم: « على رسلكما، إنّما هي صفية »، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً ».

ولا يحل كذلك لخاطب أن يخلو بمخطوبته؛ فهو لا يزال رجلاً أجنبياً عنها، وغريب أمر رجل قلّت مروءته وانعدمت غَيرته حيث يترك خاطب ابنته بالغرفة معها، ويغلق عليهما الأبواب، فهل هذا من الغيرة بمكان أم إنه من الدياثة بمكان كبير؟!

وكذلك لا يحل لرجل أن يخلو بالخادمة التي تخدم في بيته فليست هي من محارمه، وكذلك لا يحل للزوجة أو الابنة أن تفتح باب البيت لأخي زوجها أو صديقه أوصديق أخيها في غير وجود المحرم، ولا أن تختلي بأحد هؤلاء أو يغلق عليهما باب.

ليحذر كل مسلم ومسلمة مما يعرض على شاشات التلفاز، لما ترى المرأة وقد حضر صديق زوجها أو أخيه إلى البيت وطرق الباب وقال فلان موجود؟ فترد عليه قائلة: لا.. تفضّل، فيتفضّل، ويدخل ويغلق عليهما الباب، ويأكل ويشرب. ثم يأتي الزوج فيجد زوجته مع ذلك الرجل في البيت وقد فعلت معه ذلك، فيشكرها على إكرام ضيفه.

إنا لله وإنا إليه راجعون... هل هذا من دين الإسلام في شيء؟ نعوذ بالله من الخذلان. فهل يا ترى نجد قلوباً تعي هذه الكلمات؟ وآذاناً تصغي لتلك النداءات؟

وأكبر معصية تترتب على جريمة الاختلاط:

الزنا

فعياذاً بالله من الزنا.. من أكبر الكبائر المهلكة.. تلك الفاحشة التي مقتها الله عز وجل، ووعد من يفعلها ويقع فيها بالوعيد والعذاب الشديد. عياذاً بالله من الزنا، فهو من أعظم الكبائر والمصائب التي تنكّد على من يفعلها حياته وتفسد عليه دنياه وأخراه، وتجعله في نكد دائم وهمّ لا يفارق. ولا يزال شبحها يطارده وضررها يلاحقه حتى عند وفاته وفي قبره، ويوم يقوم الأشهاد..

تلك الفاحشة الكبرى التي تجلب لفاعلها العذاب في الدنيا والآخرة، تلك الجريمة الكبرى التي تتسبب في زوال الصحة والعافية، وحلول البلايا والاسقام، وتتسبب كذلك في محو البركة ومحق الأرزاق.. تلك الجريمة النكراءالتي تتسبب في قطع الأرحام واختلاط الأنساب، وزوال الإيمان.. تلك الكبيرة الشنعاء التي تلحق بمن يفعلها العار والشنار، وتوجب في الآخرة عذاب النار.. فكم من نفس قد أزهقت بسببها، وكم من رحم قد قُطعت، وكم من امراة قد طلّقت، وكم من صداقات قد مزّقت وكم من مولود قد ألحق بغير أبيه.. كم من وجه قد سُلِبَ بهاؤه، وكم من عين قد سُلِبَت ضياءها، وكم من قلب قد اضطرب وانكمش بسبب هذه الفاحشة المنكرة.

فيا الله، نسألك الستر والعافية والنجاة من هذه الفاحشة. نسألك يا ربنا العصمة منها لنا ولأولادنا ولأزواجنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا، وآبائنا وأمهاتنا، والمسلمين والمسلمات؛ فالمعصوم من عصمت يا ربنا والمحفوظ من حفظت سبحانك.. نسألك يا ربنا أن تجنّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن تأخذ بأيدينا إلى الطهر والعفاف، والهدى والتقى والإيمان.

هذا، ومن المعلوم لدى عموم المسلمين والمسلمات لدى علمائهم وعامّتهم أن الله عز وجل حرّم هذه الفاحشة، فقال سبحانه { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } [الإسراء:32]، وقال عز وجل عن المؤمنين { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } [الفرقان:68]، وحرّمها كذلك عز وجل في مواطن كثيرة من القرآن الكريم، وكذلك فقد حرّم الله تعالى كل السبل الموصلة إليها، مثل عدم غض البصر عن المحرمات، والاختلاط والخلوة بالأجنبيات والمصافحة واللمس والخضوع بالقول كما ذكر آنفاً. فقوله عز وجل { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى } معناه لا تفعلوا وتقتربوا من الزنا بهذه المحرمات المذكورة، لأنها كلها تقرب من الزنا. وصفحات الجرائد، وواقع المسلمين، وما نراه بأعيننا لأكبر دليل على ذلك.

و بعد كل هذا...
قد يقول قائل... قد يقول قائل أنا نيّتي صالحة، وليس في نيّتي شيء، وأنا أصادق زميلاتي على أساس أنهن أخوات لي، وكذلك قد تقول هذه المقولة أي فتاة أو امرأة...

أقول لك أخي الحبيب، أختي الفاضلة.. إن النية لا تصح إلا في الأعمال الصالحة، وكما هو معروف عند المسلمين أن ( النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد )؛ فلو أن رجلاً أراد أن يحج إلى بيت الله فهل هذه إرادة طيبة ونية صالحة؟ بالطبع نعم، فلما ذهب ليحج بالفعل سرق وحج من هذا المال، فهل تقبل منه هذه العبادة؟! بالطبع لا، لأنه ارتكب عملاً فاسداً وهو السرقة ومعلوم أن السرقة محرمة في دين الإسلام، ونيّته الصالحة التي لا شك في صحتها لم تغير فساد هذا العمل.


فتّش عن الثغرة

قال الدكتور محمد إسماعيل المقدم حفظه الله: "إن جعبة الباحثين والدارسين لظاهرة الاختلاط حافلة بالمآسي المخزية، والفضائح المشينة، التي تمثّل صفعة قوية في وجه كل من يجادل في الحق بعد ما تبين. وإن الإحصائيات الواقعية في كل البلاد التي شاع فيها الاختلاط ناطقة بل صارخة بخطر الاختلاط على الدنيا والدين، لخّصها العلاّمة أحمد وفيق باشا العثماني الذي كان سريع الخاطر، حاضر الجواب، عندما سأله بعض عشرائة من رجال السياسة في أوروبا في مجلس بإحدى تلك العواصم قائلاً: "لماذا تبقى نساء الشرق محتجبات في بيوتهن مدى حياتهن من غير أن يخالطن الرجال ويغشين مجامعهن؟" فأجابه في الحال قائلاً: "لأنهن لا يرغبن أن يلدن من غير أزواجهن". وكان هذا الجواب كصب ماء بارد على رأس هذا السائل، فسكت على مضض كأنه ألقم الحجر.

ولما وقعت فتنة الاختلاط بالجامعة المصرية، كان ما كان من حوادث يندى لها الجبين، ولما سئل طه حسين عن رأيه في هذا قال: "لابد من ضحايا"! ولكنه لم يبين بماذا تكون التضحية؟ وفي سبيل ماذا؟ لا بد من ضحايا..
وأي ثمرة يمكن أن تكون أغلى وأعز وأثمن من أعراض المسلمين؟!

فتباً لهؤلاء المستغربين، وسحقاً سحقاً لعبيد المدنيّة الزائفة الذين أطلقوا لبناتهم ونسائهم العنان يسافرون دون محرم، ويخلون بالرجال الأجانب، مدّعين أن الظروف قد تغيّرت، وأن ما اكتسبته المرأة من التعليم وما أخذته من الحرية؛ يجعلها موضع ثقة أبيها وزوجها، فما هذا إلا فكر خبيث دلف إلينا ليفسد حياتنا، وما هي إلا حجج واهية ينطق بها الشيطان على ألسنة هؤلاء الذين انعدمت عندهم غيرة الرجولة والشهامة، فضلاً عن كرامة المسلم ونخوته.

ومثل الذين يتهاونون في الخلوة والاختلاط الآثم بدعوى أنهم ربُّوا على الاستجابة لنداء الفضيلة ورعاية الخلق، مثل قوم وضعوا كمية من البارود بجانب نار متوقّدة، ثم ادّعوا أن الانفجار لا يكون، لأن على البارود تحذير من الاشتعال والاحتراق... إن هذا خيال بعيد عن الواقع، ومغالطة للنفس وطبيعة الحياة وأحداثها.

والآن نستطيع بكل قوة أن نجزم بحقيقة لا مراء فيها، وهي أنك إذا وقفت على جريمة فيها نهش العرض وذبح فيها العفاف وأهدر فيها الشرف، ثم فتّشت عن الخيوط الأولى التي نسجت هذه الجريمة، وسهّلت سبيلها فإنك حتماً ستجد أن هناك ثغرة حصلت في الأسلاك الشائكة التي وضعتها الشريعة الإسلامية بين الرجال والنساء، ومن خلال هذه الثغرة دخل الشيطان!
وصدق الله العظيم: { وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا } [النساء:27].


تمت الرسالة، والحمد لله رب العالمين.
وجزى الله خيرا من نشرها وأذاعها نصيحة للمسلمين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « الدال على الخير كفاعله ».


جمع وترتيب
أبو الفرج أحمد بن محمود شمس
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
آمين

muslimah
02-20-2006, 09:15 AM
نقل موفق
فجزاك الله وكاتبه خير الجزاء

يُزين أعداء الإسلام بعض الأمور بحجج منفعة المسلمين ومنها خروج المرأة المسلمة إلى معترك الحياة فتختلط بالرجال وتفعل ما يريدون هم
وهم بذلك أعدى أعداء المسلمين عامة ونساء المسلمين خاصة
وهدفهم من وراء ذلك القدرة على الوصول إليها كما يحصل في بلاد الكفر
وتجريدها من النعم التي منحها الله لها فقد قال ‏عز وجل آمراً النساء : " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ "‏ الأحزاب33

لقد أقام الإسلام سياجاً حول المرأة المسلمة فأمرها بعدم الخروج من بيتها لغير ضرورة ، لكن ‏السطحيين وأعداء الإسلام فسروا ذلك بأنه عدم ثقة بالمرأة وإهانة لها ، وأنه يدل على عدم قيمتها ‏وأهميتها في المجتمع ، وهذا كلام باطل فإن وظيفة المرأة في البيت أعظم وأهم عمل في الحياة ، وما ‏قرارها في البيت إلا لحمايتها ولعدم تحميلها مهام إضافية قد تؤثر على نفسيتها وصحتها ، وتجاهلوا ‏أن السياج والحراسة لا تكون إلا على ثمين وهام . ‏

ومن أهداف هؤلاء تحليل الرجل من تبعاته تجاه نساء بيته . قال الله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ......النساء34
يقول سيد قطب -‏‎ ‎رحمه الله - : " إن الأسرة هي المؤسسة الأولى في الحياة الإنسانية ، وإذا كانت ‏المؤسسات الأخرى الأقل شأناً ، والأرخص سعراً كالمؤسسات المالية والتجارية والصناعية لا يوكل ‏أمرها - عادةً - إلا لأكفأ المرشحين لها ، فأولى أن تُتبع هذه القاعدة في مؤسسة الأسرة التي تُنشيء ‏أثمن عناصر الكون ‏‎…‎العنصر الإنساني.. والمنهج الرباني يراعي هذا ويراعي به الفطرة ، ‏والإستعدادات الموهوبة لشطري النفس لأداء الوظائف المنوطة بكل منهما وفق هذه الإستعدادات ، ‏كما يراعي به العدالة في توزيع الأعباء على شطري النفس الواحدة ".‏
ألا يُعتبر هذا تكريماً للمرأة ؟ ‏

‏وقال صلى الله عليه وسلم : " من عال ابنتين أو ثلاث بنات أو أختين أو ثلاث أخوات حتى يبلغن أو ‏يموت عنهن أنا وهو كهاتين وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى "‏
كما أنه صلى الله عليه وسلم أعطى للأم 75% من حسن صحبة الأبناء وأبقى 25% فقط للرجال ‏عندما سأله رجل عن أحق الناس بحسن صحابته فكرر " أمك " ثلاث مرات .‏

لقد أتبع الله جل في علاه أمر النساء بالقرار في بيوتها بقوله " وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى " وهذا دليل على السماح للنساء بالخروج ولكن بشرط عدم التبرج وهنا أيضاً أساء السطحييون وأعداء الإسلام الفهم ، وفسروا ذلك بأنه إهانة للمرأة وحرمان لها من ‏حريتها !!! ‏ألا تكون المرأة حرة إلا عندما تعرض زينتها وجسمها في الشوارع والأسواق ؟؟؟
الآية الكريمة أمر من الخالق الحكيم للنساء بالقرار في البيوت وعدم التبرج ، ولكنه استثنى الخروج للحاجة ‏لقوله صلى الله عليه وسلم : " أُذن لكن في الخروج لحاجتكن " فما هي الحالات التي تسمح للنساء ‏بالخروج ؟‏

‏1- الخروج إلى الصلاة :حبب الإسلام إلى المرأة الصلاة في بيتها ، فقد جاءت أم حميد الساعدي إلى ‏الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخبرته أنها تحب أن تصلي معه فقال لها : " قد علمت أنك تحبين ‏الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير لك من ‏صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد ‏قومك خير لك من صلاتك في مسجدي " . ‏
لكنه صلى الله عليه وسلم لم يمنعهن من الخروج للمساجد لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تمنعوا ‏إماء الله مساجد الله ، وإذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها " .‏
ويُشترط لخروجهن للمساجد أمور منها :-‏
 أن يكون ذلك في صلوات الليل لقوله صلى الله عليه وسلم:" ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد "‏
 أن لا يخرجن متزينات لقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " يا أيها الناس انهوا نساءكم ‏عن الزينة والتبختر في المسجد " .‏
 أن لا تختلط النساء بالرجال ولا يسبقنهم إلى الصفوف الأمامية لقوله صلى الله عليه وسلم : " خير ‏صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " وقد فسر ‏العلماء ذلك بأنه عند حالة عدم وجود حاجز بين النساء والرجال، أما في حالة وجود حاجز فإن ‏فضل الصف الأول ينطبق على الرجال والنساء .‏
 أن لا يُحدثن صوتاً ولو لتصحيح الإمام إذا أخطأ ، بل يكتفين بالتصفيق وذلك بضرب باطن اليد ‏اليمنى على ظاهر اليد اليسرى دون كلام لقوله صلى الله عليه وسلم : " التسبيح للرجال ‏والتصفيق للنساء " .‏
 أن يُبادرن بالانصراف من المسجد فور سلام الإمام من صلاته لقول عائشة رضي الله عنها : " ‏كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلففات بمروطهن ما ‏يُعرفن من الغلس " .‏
 يُسمح للنساء حضور صلاة العيدين

‏2- الخروج إلى التعلم : قال صلى الله عليه وسلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " . لم يرد ‏لفظ " ومسلمة " في الحديث الشريف ، ولكن العلماء أجمعوا أن كل ما فرضه الله تعالى على عباده ‏فالرجال والنساء فيه سواء وإلا فكيف للمرأة أن تتعلم ما يفيدها في دينها ودنياها ؟ قالت عائشة ‏رضي الله عنها : " نِعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من أن يتفقهن في الدين " . وقد ‏خصص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوماً لتعليم النساء بناءً على رغبتهن . وفضْل السيدة ‏عائشة رضي الله عنها في تعليم الدين معروف لدى الجميع . وكتب الحديث مملوءة بأسماء الراويات ‏للحديث ولم يشترط العلماء الذكورة لصحة الحديث .‏
أما ما تتعلمه المرأة فهو نوعان :-‏
 فرض عين وهو الذي تصلح به عبادتها وعقيدتها وسلوكها ، وتحسن به تدبير منزلها وتربية ‏أولادها .‏
 فرض كفاية وهو ما تحتاج إليه الأُمة كالطب والتمريض ، وما تحتاجه الأُمة في ثقافة معينة . فإذا ‏كانت الأُمة مثلاً بحاجة إلى طبيبات لأمراض النساء والطفولة ، وتمريض النساء ومعلمات لتعليم ‏الفتيات لزم إعداد عدد كاف من الطبيبات والممرضات والمعلمات ويكون تعليمها في تلك الحالة ‏واجباً .‏
أما ما يُسمونه علماً في الوقت الحاضر - تجاوزاً وافتراءً - مثل الرقص والموسيقى والتمثيل وغيرها ‏مما وصلت إليه أُمم الفجور فهو ليس من العلم في شيء بل هو الباطل بعينه ، ويجب على المسلمة ‏تجنبه .‏
قال الشاعر معروف الرصافي :-‏
وهل يُرجى لأطفال كمالٌ *** إذا نشأوا بحضن الجاهلاتِ‏
أليس العلم في الإسلام فرضاً *** على أبنائه وعلى البناتِ
وكانت أمنا في العلم بحراً *** تحل لسائليها المشكلاتِ
وعلمها النبي أجلَّ علمٍ *** فكانت من أجلِّ العالماتِ

‏3- الخروج إلى العمل : أباح الإسلام للمرأة أن تضطلع بالوظائف والأعمال المشروعة التي تحسن ‏أداءها ولا تخالف طبيعتها ، ولم يُحرم عليها أي عمل أو مهنة مشروعة ، وإنما قيده بما يحفظ ‏كرامتها ، بل لم يمنعها من العمل في فترة العدة ما دام هذا العمل ضرورياً ومشروعاً . روى مسلم ‏في صحيحه عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنه يقول : طُلقت خالتي فخرجت ‏تجذ نخلها فزجرها رجل أن تخرج ، فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " بلى فجُذي نخلك ‏فإنك عسى أن تتصدقي أو تفعلي معروفاً " .‏
ويُشترط لخروج المرأة للعمل ما يلي :-‏
 أن لا يستغرق العمل وقتها وجهدها فيمنعها من أداء مهمتها الأساسية كأم وزوجة
 أن لا يُخرجها عن خصائصها ومقتضيات مهمتها الفطرية
 أن تتجنب الاختلاط والخلوة بالرجال الأجانب
 أن تؤدي عملها في وقار وحشمة حتى تكون بعيدة عن مهاوي الفتنة وسوء الظن

‏4- خروج المرأة للأسواق ولزيارة أهلها وصديقاتها : لقد ورد في كتب السيرة خروج النساء ‏للأسواق وللزيارة ، ولكن يحق للزوج منعها من ذلك إن رأى فيه ضرراً عليها. يقول سيد قطب ‏رحمه الله في تفسير قوله تعالى : " وقرن في بيوتكن " : من وقر .يقر . أي ثقل واستقر . وليس ‏معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاقاً . إنما هي إيماءةٌ لطيفة إلى أن يكون البيت هو ‏الأصل في حياتهن ، وهو المقر " . " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " ذلك حين الاضطرار إلى ‏الخروج بعد الأمر بالقرار في البيوت " .‏

‏5- سفر المرأة بدون محرم : إن من أسباب حفظ المرأة منعها أن تسافر إلا مع ذي محرم يحميها من ‏أطماع العابثين والفسقة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم ‏وليلة إلا مع ذي محرم " .‏
وهكذا نرى أن الهدف من كل حكم شرعي يختص بالمرأة هو حمايتها والمحافظة عليها .‏

والله تعالى أعلم .‏