المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يضل من يشاء ويهدى من يشاء



رحومة
03-04-2006, 01:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ

نحاول فى هذه المقالة أن نجيب على أسئلة منها: هل الإنسان له إرادة مع إرادة الله؟ مامعنى يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء؟ ماعلاقة عدل الخالق بالضلال والهداية؟ ولعل أكثر آية إشكالا فى هذا الموضوع والتي حارت فيها أفهام بعض المفسرين:" فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ"

ويحسن أن أستهل هذا الموضوع بتحديد بعض الكلمات ذات الصلة بالموضوع كما وردت فى القرآن الكريم لتكون أساسا نستخدمه فى فهم الموضوع، ثم نأتى على الآيات التى تدور فى نفس المعنى.

إن كلمة ضل وهدى جاءت فى القرآن بمعانٍِِ تدل السياقات المختلفة على المعانى المرادة من الآيات [1]

جاءت الضلالة بمعنى العدول عن الطريق المستقيم عمداً ويضاده الهداية،كما فى قوله تعالى:"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ".

وجاءت بمعنى العدول عن الطريق المستقيم سهوا أو عن غيرعلم وعن غير قصد وذلك كقوله تعالى :" وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى، أى غير مهتد إلى الحق الذى أوحيناه إليك، كما جاء المعنى فى حق موسى عليه السلام عندما قتل نفسا بغير قصد (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) تنبيه أن ذلك وقع منه بغير قصد قتله".

وجاءت كلمة ضل بمعنى تاه أو ضاع، وهى تصب فى نفس المعنى لكنها تتحدث عن ضياع جسم الإنسان فى الأرض بعد الموت، "وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ، أى يتعجبون من البعث بعد ضلال أبدانهم فى الأرض وضياعها".

وجاءت بمعنى الحكم والتأكيد على الفعل أى إثبات حكم الضلالة لمن إختارها كما فى قوله تعالى:" فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً".

والآية فيها معاتبة وإرشاد للمؤمنيين، فقد كانت طائفة منهم تثبت وتصف أو تحكم بالهداية للمنافقين وذلك لعدم العلم بحالهم، فبين الله لهم أنه حكم عليهم ووصفهم بالضلال لعلمه بحقيقة ما أخفوه من الكفر، وكذلك جاء نفس المعنى فى قوله تعالى:"فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ".

وجاءت بمعنى تسهيل وإمداد العبد بما إختاره من الضلالة أو الهدى، وذلك بعد أن تتحرك وتعزم إرادة العبد على ذلك الخيار، وفى هذا السياق كثير من الآيات منها:" قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً" وهذا المعنى جاء فى سياق آخر ينسجم مع هذا السياق فى قوله تعالى:" كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً". والمعنى أن الله ييسر سبل الضلال وعدم نصب العقبات فى طريق من إختار الضلالة أو طريق الهداية، وهذا ينسجم مع مبدأ إعطاء حرية الإختيار للجنس البشرى الذى وضحته آيات أخرى سنأتى علي ذكرها.

ووردت آيات يفهم منها أن الله هو الذى أضل الإنسان وكأن المعنى أجبره على إختيار طريق الضلالة، وليس الأمر كما يتوهم هؤلاء، فالمعنى أن الله خلق الإنسان على جبلة إذا اختار طريقا محمودا أو مذموما ألفه واستطابه ولزمه وتعذر صرفه وانصرافه عنه فيصبح عند الإنسان كالطبع وهذه القوة فى الإنسان فعل إلهى ولذلك صح ان تنسب إليه لا بإرغام الله للعبد ولكن بسبب اختيار الإنسان وبمحض إرادته.

ومن الآيات التى تدور فى هذا المعنى قوله تعالى:" أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ "، أى: بسبب إختياره وإن كان أساس الخلقة من الله، وبمحض إرادته اتبع طريق الضلالة والله ييسر للعبد مااختار لنفسه

وجاءت معان أخرى لهاسياقاتها التى توضحها وليس لها صلة بالموضوع محل النقاش.

وبعد أن وضحنا معانى هذه الكلمات نحاول أن نضعها فى سياقاتها بعد مقدمة لمفهوم الإمتحان والإختبار كما جاء فى القرآن الكريم.

أخبرنا الله سبحانه فى آية محكمة أن الحكمة من خلق الإنسان هى عبادته،" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "، كما أن المسلم الذي ظهر له بالبرهان وجوده وصفاته يوقن بأن الله عليم حكيم قدير يفعل ما يشاء ولا حجر على مايفعله ومايقدره، وكل فعل من أفعاله لا يناقض مطلق الحكمة ولا مطلق القدرة ولا مطلق العلم ،"لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ"، ويوقن أن الله غنى عن عباده "إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ"، ولا تنفعه عبادتهم ولا تضره معصيتهم،" وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ "، وشاءت إرادته أن يخلق بشرا حر الإختيار فى بعض أفعاله،" وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ "، وأخبرنا أنه لن يلزم أحدا بالإيمان قهراً ولا بالكفر غصبا وكل شىء يخضع لعدله وحكمته ، كما أخبرنا أنه لو شاء أن يخلقنا مسيرين فاقدين لحرية الاختيار لفعل ذلك سبحانه، " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً "، ولكن حكمته اقتضت غير ذلك،" إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ "، أى لو أردنا ان نلزمهم بالإيمان لنزلنا عليهم ما يسحب منهم مبدأ الاختيار ولا يبقى لهم اختيار ولا إرادة، أى لو شاء الله لخلقنا بطبيعتنا مؤمنيين لا نستطيع أن نعصيه أبدا،" وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" ، "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"، "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ، أى لو أراد أن يخلقهم على حالة واحدة لا يستطيعون أن يختلفوا لجعلهم مسيرين غير مخيرين ولكن بسبب أنه خلقهم أحرارا فمنهم من يختار الهدى فيحكم عليه بما اختار ومنهم من يختار الضلالة فيحكم عليه بحسب إختياره.

وقد تكرر هدا المعنى فى آيات كثيرة وأمضى سبحانه إرادته وحكمته، وبين لنا أنه ما خلقنا إلا للاختباروالامتحان، والاختبار والابتلاء لا يتم إلا بمنح حرية الارادة والاختيار ،" وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ"، ولن يتغيرأو يتبدل حكمه وإرادته ، "وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ"[2]

فتبين مما سبق أن الله قد شاءت إرادته أن يخلق الناس أحرارا ولو شاء لخلقهم كالملائكة "لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "، وعندما أعرض كفار قريش وكفروا بنبيه، أحزنه صلى الله عليه وسلم كفرهم وعنادهم وعبر القرآن عن ذلك بقوله" لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ "، وأحب لقومه الهداية فأجابه الله، "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ".

وكان يتطلع إلى آية حسية تلزمهم بالإيمان، فنبهه الله لإرادته التى شاءت أن تمتحن الناس بالغيب؛ أى يمتحن العقل[3] الذى هو أساس التكليف لا الحواس، لا بأمر قسرى يجبرهم ويجمعهم على الإيمان، " وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ "،أى لو شاء الله يامحمد أن يجعلهم مؤمنين لفعل، ولكن الاختبار والامتحان الذى أراده الله ومضت به مشيئته يقتضى أن يترك الله لهم حرية الاختيار، "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ "، أى لو كانت مشيئتى أن يؤمنوا بالقهر والخلقة لفعلت، وجاءت آيات كثيرة فى هذا السياق منها ، "إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ،(والمعنى: يامحمد لماذا تحرص على أن يتبع هؤلاء طريق الهداية ؟ والله لا يحكم ويشهد بالهداية لمن اختار غير طريقها).

كما أن الله سبحانه وجه المؤمنيين إلى عدم الحزن على من لم يؤمنوا، وليسلموا بنتيجة واحدة، وهي أن الله لو شاء أن يخلقهم ويجبرهم على الإيمان لفعل، ولكن إرادته شاءت غير ذلك، ألم يصلوا بعد إلى اليأس أن الله لن يغير مشيئته وإرادته التى شاءت أن للناس حرية الاختيار،" أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعا "، أى على المؤمنيين أن يدركوا أن الهداية والضلالة تخضع لمشيئة الله التى أرادت أن يكون للناس الحرية والاختيار فى قبول الحق أو رفضه فلماذا لا تيأسون أيها المؤمنون وتنشغلوا فقط بتبليغ الحق وتتركوا للناس أن يختاروا ماأرادوا.

ولذلك يخطئ من المسلمين من يقول أن الإسلام لابد أن يفرض على الناس قهرا والله يقول: " أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ "، ويقول أيضا فى نفس المعنى: " لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "، ولأن من يقول هذا إنما يخالف آيات الله ووحيه.

والكفار بالأمس هم الكفار اليوم لا يتركون سبيلا إلا سلكوه ولا سؤالا بالباطل إلا طرحوه، لا على الحقيقة بحثا ولكن عنادا وسفها، ويتحججون بأنه لو نزل عليهم ما طلبوه سيؤمنون، " وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ". والمقصود بالآية ، أى آية حسية ولذلك قالوا فى موضع آخر : " بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ".

وقد سألوا نفس هذا السؤال فى مرات عديدة وما زال يسأله من أبى أن يعرف الحق إلا بملمس يديه ورجليه،

" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ".

اقترح أحد الملحدين اقتراحا على الله؛ أن يبرهن الله له على وجوده بأن يرسل رسالة على شاشات الكومبيوتر فى العالم كله ولمدة معينة قائلا فيها أنا ربكم ولن تستطيعوا ان تغيروا شيئا فى حواسيبكم إلا بعد مدة معينة فقلت له: بئس البرهان طلبت .. فإن قال أشباهك: هذا فيروس قام أحد الموحدين بزرعه على شبكة الإنترنت ليخدع الناس بوجود الإله فماذا عساك أن تقول ؟

والعجيب أن ماطالب به هذا الملحد قد سبق به أسلافه من قبل وإن تغير شكل السؤال، قال تعالى اخبارا عما قاله هؤالاء، "وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ "، والمعنى: أى لو أجبنا طلبهم لانتهى الامتحان والاختبار لأن مجيء الملك آية حسية ملموسة لا يسمح لمن عاين ذلك إلا ان يؤمن أو يقضى عليه، وهناك إقتراحات كثيرة من قبل هؤلاء ولكنها قد تعيد نفسها بطرق مختلفة ومن تدبر القرآن وجدها تدور فى نفس المعنى.

فقد إقترحوا ان ينزل الله ملائكة " وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ "

وأقترحوا ان ينزل عليهم كتابا مطبوعا يلمسونه بأيديهم؛ " وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ " .

وطالبوا بآيات حسية؛ "وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى، مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ "

" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ "

والله سبحانه لا يضل العباد ظلما، بل يهديهم إلى الحق بتبيينه لهم، فإن هم اختاروا طريق الضلال فإن الله يتركهم وما اختاروا أنفسهم له، "مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ "

" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "، أى لن يحكم الله على قوم بحكم الضلالة؛ أنهم ضلوا وأصبحت الضلالة فى حقهم حقيقة إلا بعد أن يبين لهم طريق الحق وطريق الضلالة، وبعد أن يختاروا عن طواعية طريق الضلالة، وخير مثال على ذلك قوم ثمود فقد أرسل الله لهم نبيه بالهدى ولكنهم أنكروا وكفروا بعد بيان الحق لهم، " وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "، أى هديناهم بتبيين طريق الهداية لهم فاختاروا طريق الضلالة فحق وصفهم بالضلالة وحق عليهم العذاب.

وقد سألت نفسى يوما، لماذا اختار الله أن يكون فى كتابه قصص لأمم سابقة ؟ وبعد تدبر أدركت أن حكمة الله إنما أخبرتنا عن نمادج الأفكار البشرية على مر العصور فى تعاملها مع قضية الإيمان والكفر، فالإنسان هو الإنسان بسبب ما حباه الله من الحرية فى الإرادة والاختيار، لا" وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ".

وفى ضوء ماسبق نوضح بعض الآيات التى قد تخفى على بعض الناس:

قوله تعالى:" سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ " أى سيدعون بأن الله سبب إشراكهم، فكذبهم الله لأنهم يعلمون أنهم إنما اختارا الشرك بأنفسهم ومحض إرادتهم والله لم يجبرهم على ذلك، وقد وردت آيات كثيرة فى نفس المعنى، فقوله تعالى: " أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ "، فهؤلا احتجوا بأن سبب شركهم هو ما ورثوه عن آباءهم وقوله تعالى:" وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ". كالتى قبلها.

أما قوله تعالى: " وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ". والمعنى كما أشرت من قبل، يامحمد ويا مسلمين إن مشيئتى أن أمتحن الناس بالغيب وقد خلقتهم أحرارا يختارون مايشاءون ويا محمد ما أرسلتك إلا لتبلغهم ما أرسلت به ( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)، لا أن تحفظهم من الشرك إن هم اختاروه طوعا وإرادة منهم.

وأقف هنا قليلا على موضوع المحكم والمتشابه، ولعلنا نكتب فى هذا الموضوع مقالة فى المستقبل إن شاء الله.

قال تعالى: " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ". ولا شك أن كتاب الله كله محكم كما قال تعالى:

" الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ".

فمن وجهة نظر الخالق منزّله فهو محكم وكذلك يراه الراسخون فى العلم، أما الذين فى قلوبهم زيغ فيجتزئون منه آيات فى أصلها محكمة لو نظر إليها مع أخواتها التى تدور فى نفس المعنى، ولكن الذين فى قلوبهم زيغ يتبعون طريقة قطع الآيات عن المعنى الذى تدور حوله كى يصلوا إلى مرادهم الذى سماه الله ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ أى تأويله على مايوافق الغرض الذى يرمون إليه، وقد بينت فى مقالة سابقة كيف اجتزأ أحدهم آية فى سياق الدنيا ليوهم القراء أنها فى سياق يوم القيامة[4].

" وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "، أى بعد أن أرسلنا الرسل ليبلغوا الناس أن يجتنبوا عبادة الطاغوت وأن ويعبدوا الله (أى بينا لهم طريق الهداية) فمن هؤلاء من اهتدى أى اتبع طريق الهداية ومااختيارهم هذا إلا لأن الله منح الإنسان حرية الاختيارفحق وصفه بالهداية، ومنهم من ضل فحق وصفه بالضلالة.

(قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ "، وحتى الذين استكبروا يتبرؤون من متبعيهم بأنهم أدركوا أنهم لم يصدوهم عن الهدى بل كان فى قلوب هؤلاء المستضعفين من المرض ما جعلهم يستحبون الضلالة عن الهدى.

وهناك طائفة من الآيات لها علاقة بعدل الله سبحانه بين عباده، فمن عرض عليه الحق وكفر به وأعرض عنه وعزم على محاربته فالله يحكم عليه بأن يطبع على قلبه ويختم عليه لأنه استنفد كافة السبل الكافية لمعرفة الحق، فالله خلق الإنسان بطريقة وجبلة خاصة، فمثلا من أدمن على تعاطى المخدرات فإنها ستؤدى حتما إلى هلاك بدنه ومن أدمن على رفض الحق كلما عرض عليه تشكل عقله بطريقة لا يقبل فيها أى حق ولو استبان له فى كل مرة ومهما كان الحق واضحا ساطعا، وهذه هى الجبلة التى تحدث عنها فى معانى الضلالة والهداية، وكلها ترجع إلى عدل الله وحكمته إزاء مخلوق وهبه حرية الاختيار والإرادة.

وهذه بعض الآيات التى تحكى هذا المعنى:

" فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً ". فالطبع نتيجة حتمية بسبب الإدمان على رفض الحق ونتيجة ذلك الطبع كما ان إغراق الجسم بالسموم نتيجته المرض.

" فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً " أى كان الطبع نتيجة حتمية لمواقفهم المتكررة.

" وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ. أى ماجاؤوا ليستمعوا لما قاله النبى بل للاستهزاء فيما بعد عندما يخرجون من عنده ولذلك لم يفقهوا ولم يستفيدوا بسبب ما تعودوا عليه من رفض الحق والاستهزاء به.

" تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ".

" الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ".

" سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ " . أى بسبب تكبرهم الذى يدفعهم فى كل مرة إلى التكذيب صرفت عنهم الاستفادة من هذه الآيات، ففى كل مرة تعرض عليهم الآيات يكذبون بها ويتغافلون عنها.

إن الإنسان المتكبر لا يستفيد حتى من حقائق الدنيا العملية، ولذلك عندما تدخل فى نقاش مع هؤلاء المتكبرين ولو فى موضوع ليس له علاقة بالدين يترفع عن الأدلة ويرى أن الحق ما نطق به هو لا ما نطق به غيره؛ ولذلك فإن من كان هذا حاله تنصرف عنه كل فائدة ويتحول هذا الإنسان إلى شخص مريض يجادل بالباطل وينتصر لأهوائه بغير برهان ولا دليل. ألم يأتك نبأ ذلك المخلوق الذى أعترض عن أمر خالقه، ولم يكتف بذلك بل وضع نفسه فى مرتبة عظيمة ليعلم خالقه أن النار أفضل من التراب؟ " وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً " ، " وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً " .

" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " . أى لو شاء لأجبرهم على حالة من الخضوع لا يحيدون عنها ولكنه شاء غير ذلك فتركهم وما يقولون؟ " قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ " .

وأختم بقوله تعالى: " فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ " . أى أن الله بعد تبيين الحق للعبد وعدم تكبره وسلامة صدره من الحقد والحسد وأمراض النفس وتقبله لأن يسمع ممن يحب أو يكره فإن الله يهديه بأن ييسر له طريق الهداية ومن كان على عكس ذلك جعله يضيق ويأنف من الحق الذى يخالف أهواءه وأحكامه المسبقة دون دراسة للحق.

" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ".

اللهم أهدنا وأهد بنا وأجعلنا سببا لمن اهتدى

تحياتى

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد رحومة

www.zliten.net

أنظرمعجم ألفاظ القرآن للراغب الأصفهانى [1]

[2] (أى إرادته وحكمه نافذ وليس للآية علاقة بما يسمى بموضوع النسخ فى القرآن وسنأتى لهذا الموضوع إن شاء الله).

- لم ترد كلمة عقل فى القرآن بهذه الصيغة. [3]

http://www.libya-watanona.com/letters/v2005b/v23oct5p.htm [4]

muslimah
03-09-2006, 07:04 PM
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وجزاكم الله خير الجزاء على هذا الموضوع القيم الذ ي يمكن اختصاره بجملة واحدة وهي " إن الله يضل من يشاء الضلالة لنفسه ويهدي من يشاء الهداية لنفسه"
أي أن الإنسان وما يبذل من جهد نحو اهتدائه أو ضلاله هو سبب ما يترتب على ذلك

ففي الهداية يقول سبحانه وتعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69

{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ }محمد17


ويقول في الضلال {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }القصص50

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }الجاثية23