المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال بخصوص خلق العمل



ابن المصرى
03-05-2006, 10:00 AM
الأخوة الكرام

لى استفسار بسيط بخصوص الجزء المتعلق بخلق العمل

فعلى أى أساس استند علماؤنا الأفاضل ان عمل الانسان مخلوق؟

فرجاء تاتينى بآية واحدة تبين أن عمل الانسان مخلوق؟

ودعنى أسهل عليك الأمر أكثر وأطلب منك أن تأتينى بآية واحدة تقول أن عمل الانسان مكتوب عليه قبل أن يعمله؟

جزاكم الله خير

عبد الواحد
03-06-2006, 02:30 AM
ودعنى أسهل عليك الأمر أكثر وأطلب منك أن تأتينى بآية واحدة تقول أن عمل الانسان مكتوب عليه قبل أن يعمله؟تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5)

الاخ ابن المصرى هذه الآيات دليل على علم الله المسبق. وسؤالي لك:
الله يعلم ما سيكون, فما الذي يمنعه من كتابة ما يعلم ؟

فعلى أى أساس استند علماؤنا الأفاضل ان عمل الانسان مخلوق؟وعلى اي شيء استندت لتثبت العكس؟ حين تشاء شرب كوباً من الماء فهل تخلق تلك الحركة بكل تعقيداتها ام الله هو الذي خلقها؟

عبد الواحد
03-06-2006, 05:43 PM
فعلى أى أساس استند علماؤنا الأفاضل ان عمل الانسان مخلوق؟ الانعام (101) وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
الفرقان (2) وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا
عقلاً:
الاعمال هي أحداث كونية مخلوقة انت تختارها ولا تخلقها. إذا صنعت شيئاً فقد "خلقته" بمعنى حولت الشيء من حال الى حال. لكن الله هو الخالق الحقيقي, إذ بدون اذنه ما فعلت شيئاً.
ما الفرق بينك وبين المشلول؟ كلاكما يشاء تحريك يده. لكن الله خلق لك افعالك التي تشاءها ولم يخلقها للمشلول.

ودعنى أسهل عليك الأمر أكثر وأطلب منك أن تأتينى بآية واحدة تقول أن عمل الانسان مكتوب عليه قبل أن يعمله؟ نقلاً:
الانعام (59) وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
هود (6) وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
الحج (70) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
فاطر (11) وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
الحديد (22) مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
.
عقلاً: الله سبحانه هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ . يعلم ما كان وما سيكون , وقادر على كتابة ما يعلمه.

مجدي
03-06-2006, 05:50 PM
خلق افعال العباد امر له مستند من القران الا وهو قوله تعالى :"وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ" الاية96 سورة الصافات
اما بأن الله عز وجل يعلم اعمال الناس قبل ان يعملوا ذلك فهو كثير ورد الأخ عليك موفقا اذ لو لم يكن الله يعلم عمل ابوا لهب قبل موته لما أخبر انه وزوجته في النار.وكذا ابو جهل وابي بن خلف كما في سورة العلق والقلم وفي سورة ياسين .
اما كون الله يعلم الغيب فهذا امر لا يخفى على أحد فقد توعد ابليس وجنده من الانس والجن في النار قبل ان يتبع ابليس أحد .
ومنه ان الله أخبر المسلمين بفعل المنافقين قبل عودتهم الى المدينة من غزوة العسرة . ومه وأخرين منهم لما يلحقوا بهم

ناصر التوحيد
03-06-2006, 06:35 PM
[على أى أساس استند علماؤنا الأفاضل ان عمل الانسان مخلوق؟ فرجاء تاتينى بآية واحدة تبين أن عمل الانسان مخلوق؟
وأطلب منك أن تأتينى بآية واحدة تقول أن عمل الانسان مكتوب عليه قبل أن يعمله؟

انت تخلط بالغلط بين مفاهيم مختلفة مرة واحدة لعدم فهمك لها ..
مفهوم خلق افعال العباد يعني ان الله خالق العباد وكذلك خالق كل الاشياء والافعال .
وعلى ذلك , ومن حيث الاساس ..
فكل الافعال مخلوقة .. كما ان كل شيء مخلوق ..
قال الله تعالى :{قلِ اللهُ خالق كل شىء} سورة الرعد 16
(الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل) الزمر 62
( ذلكم الله ربكم خالق كل شئ لا اله الا هو) غافر 62
ومن يقول بقول المعتزلة ومن يسمون بالقدرية والجهمية والمعطلة بأنّ العبد يخلق أفعاله الاختيارية أي يحدثها من العدم إلى الوجود فهو يكون ممن كذّبوا قول الله تعالى .

ومفهوم القدر وهو ان كل شيء عن حياة الانسان مكتوب اي معلوم (وهو علم الله الذي تستغرب ان يشير اليه الاخ jerusalem2004 في معرض جوابه لسؤالك , فكل شيء مسجل وموجود في علم الله المسبق)
(وخلق كل شيء فقدره تقديرا )

ومفهوم القضاء وهو ان كل انسان تقع منه او عليه افعال جبرا عنه .

ومفهوم حرية الاختيار للعباد (وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه ) سورة الأسراء: الآية (13)
وعلم الله المسبق لا يؤثر في حرية اختيار العباد , الا حين يكون وقوع القضاء .

عبد الواحد
03-06-2006, 10:40 PM
لاعلاقة بالآية المذكورة بخلق العمل فالعمل هنا المقصود به المادة التى صنع منها الصنم سواء من خشب او حجر او خلافه وليس المقصود به الكفر او الايمان أو المعصية أو الطاعة
وأرجو أن تراجع كل التفاسير وستجدها لاتؤيد رؤيتك بخلق العمل

الزميل ابن المصرى الظاهر انك تخلط بين العمل وبين ما استقر في القلب من كفر او إيمان.
والسؤال عن الإيمان هو سؤال عن الروح التي قال الله عنها : الاسراء (85) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً
وقال عن النفس: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)

فالمنافق مثلاً كافر وعاصي لله رغم ان أعماله هي أعمال المؤمن الطائع. سؤالك كان عن الاعمال وأجابك الاخ مجدي بنص صريح ان الاعمال مخلوقة. وكان ردك خارج الموضوع فتحدثت عما استقر في القلب من كفر وإيمان.


أما العمل هو ظاهرة كونية لم تخلقها انت. وأعطيتك مثال لم تعلق عليه.
ما الفرق بينك وبين المشلول؟ كلاكما يشاء تحريك يده. لكن الله خلق لك افعالك التي تشاءها ولم يخلقها للمشلول.

فو كانت المشيئة تخلق الفعل, لما وُجد مشلولٌ يشاء ولا يستطيع.

.

ابو مارية القرشي
03-07-2006, 04:07 PM
بالنسبة لموضوع خلق العمل:
جواب سؤالك، قوله عز وجل " الله خالق كل شئ"

فهل ترى العمل من جملة المخلوقات أم لا تراه مخلوقاً ؟ واذا لم يكن مخلوقاً فما هو؟
وإن كنت ترى أن العمل مخلوق؟ فمن خلقه؟

عبد الواحد
03-07-2006, 06:46 PM
-- أنا أتحدث عن خلق عمل الانسان والذى يؤدى الى ايمان أو كفر مثلا الزنا أو الغيبة أو الصدقات أو قتل النفس
ولاأتحدث عن العمل الذى يصنعه الانسان كصناعة مثلا السيارة او المكتب أو الصنم فهى مخلوقه بالتأكيد عكست الاتجاهات وخلطت خلطاً عجيباً. نحن لا نتحدث عما وقر في القلب من إيمان او كفر بل عما نتج عن المؤمن والكافر من اعمال كالزنى او الصدقة الخ.
ولم تجب بعد هل مشيئة المشلول كافية لتخلق أعمال الخير او الشر بجسده؟

-- أما الاستدلال بآية والله خلقكم وماتعملون فهى تتحدث عن الصنعة نفسها والمادة التى وجدت منها الصنعة وراجع التفاسير كما قلت لك فلا دليل واحد يبين أن أعمالنا مخلوقة
وأرجو أن تراجع كل التفاسير وستجدها لاتؤيد رؤيتك بخلق العمل وهل قرأت التفاسير؟
القرطبي:
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ " مَا " فِي مَوْضِع نَصْب أَيْ وَخَلَقَ مَا تَعْمَلُونَهُ مِنْ الْأَصْنَام , يَعْنِي الْخَشَب وَالْحِجَارَة وَغَيْرهمَا ; كَقَوْلِهِ : " بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ " [ الْأَنْبِيَاء : 56 ] وَقِيلَ : إِنَّ " مَا " اِسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ التَّحْقِير لِعَمَلِهِمْ . وَقِيلَ : هِيَ نَفْي , وَالْمَعْنَى وَمَا تَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَكِنَّ اللَّه خَالِقه . وَالْأَحْسَن أَنْ تَكُون " مَا " مَعَ الْفِعْل مَصْدَرًا , وَالتَّقْدِير وَاَللَّه خَلَقَكُمْ وَعَمَلَكُمْ وَهَذَا مَذْهَب أَهْل السُّنَّة : أَنَّ الْأَفْعَال خَلْق لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاكْتِسَاب لِلْعِبَادِ . وَفِي هَذَا إِبْطَال مَذَاهِب الْقَدَرِيَّة وَالْجَبْرِيَّة .

الطبري:
وَقَوْله : { وَاَللَّه خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل إِبْرَاهِيم لِقَوْمِهِ : وَاَللَّه خَلَقَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم وَمَا تَعْمَلُونَ . وَفِي قَوْله : { وَمَا تَعْمَلُونَ } وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون قَوْله : " مَا " بِمَعْنَى الْمَصْدَر , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ : وَاَللَّه خَلَقَكُمْ وَعَمَلكُمْ . وَالْآخَر أَنْ يَكُون بِمَعْنَى " الَّذِي " , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام عِنْد ذَلِكَ : وَاَللَّه خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِي تَعْمَلُونَهُ

مجدي
03-08-2006, 05:48 PM
الزميل ابن المصري . اسألك سؤال وأرجوا ان تجيب عليه :
هل يوجد شيء غير مخلوق سوى الرحمن؟
ارجوا ان تتفكر به من خلال هذه الاسئلة:
وهل تعلم معنى" يخلقكم في بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق" اليس الخلق هنا التشكيل والتغير من حال الى حال ؟
وهل الاعمال من تشكيل طين او نحت حجر تتم بلا عمل .
وهل يجوز ان تكون بعمل وان لا يكون هذا العمل مخلوق ؟

مجدي
03-08-2006, 06:14 PM
الأخ مجدى:
لاعلاقة بالآية المذكورة بخلق العمل فالعمل هنا المقصود به المادة التى صنع منها الصنم سواء من خشب او حجر او خلافه وليس المقصود به الكفر او الايمان أو المعصية أو الطاعة
وأرجو أن تراجع كل التفاسير وستجدها لاتؤيد رؤيتك بخلق العمل
----------------------------------------

ثقة عمياء يا ابن المصري تحتاج لمراجعة التفاسير!!
نراجع التفاسير :
ابن جرير:

وقوله( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل إبراهيم لقومه: والله خلقكم أيها القوم وما تعملون. وفي قوله( وَمَا تَعْمَلُونَ ) وجهان: أحدهما: أن يكون قوله"ما" بمعنى المصدر، فيكون معنى الكلام حينئذ: والله خلقكم وعملكم.والآخر أن يكون بمعنى"الذي"، فيكون معنى الكلام عند ذلك: والله خلقكم والذي تعملونه: أي والذي تعملون منه الأصنام، وهو الخشب والنحاس والأشياء التي كانوا ينحتون منها أصنامهم.
ابن كثير:


{ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } يحتمل أن تكون "ما" مصدرية، فيكون تقدير الكلام: والله خلقكم وعملكم. ويحتمل أن تكون بمعنى "الذي" تقديره: والله خلقكم والذي تعملونه. وكلا القولين متلازم، والأول أظهر؛ لما رواه البخاري في كتاب "أفعال العباد"، عن علي بن المديني، عن مروان (1) بن معاوية، عن أبي مالك، عن ربْعِيّ بن حراش، عن حذيفة مرفوعا قال: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته" (2) . وقرأ بعضهم: { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }

القرطبي

" والله خلقكم وما تعملون " " ما " في موضع نصب أي وخلق ما تعملونه من الأصنام، يعني الخشب والحجارة وغيرهما، كقوله: " بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن "
[ الأنبيا ء: 56 ] وقيل: إن " ما " استفهام ومعناه التحقير لعملهم.
وقيل: هي نفي، والمعنى وما تعملون ذلك لكن الله خالقه.
والأحسن أن تكون " ما " مع الفعل مصدرا، والتقدير والله خلقكم وعملكم وهذا مذهب أهل السنة: أن الأفعال خلق لله عز وجل واكتساب للعباد.
وفي هذا إبطال مذاهب القدرية والجبرية.


البغوي:

:{ قَالَ } لهم إبراهيم على وجه الحجاج: { أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } يعني: ما تنحتون بأيديكم.
{ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } بأيديكم من الأصنام، وفيه دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.


الألوسي: وفيه بيان رد عن تفسير الزمخشري المعتزلي:

{ والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } في موضع الحال من ضمير { تَعْبُدُونَ } [ الصافات : 95 ] لتأكيد الإنكار والتوبيخ والاحتجاج على أنه لا ينبغي تلك العبادة ، وما موصولة حذف عائدها أيضاً أي خلقكم وخلق الذي تعملونه أي من الأصنام كما هو الظاهر ، وهي عبارة عن مواد وهي الجواهر الحجرية وصور حصلت لها بالنحت؛ وكون المواد مخلوقة له عز وجل ظاهر ، وكون الصور والأشكال كذلك مع أنها بفعلهم باعتبار أن الأقدار على الفعل وخلق ما يتوقف عليه من الدواعي والأسباب منه تعالى ، وكون الأصنام وهي ما سمعت معمولة لهم باعتبار جزئها الصوري فهو مع كونه معمولاً لهم مخلوق لله تعالى بذلك الاعتبار فلا إشكال .
وفي المتمة للمسألة المهمة تأليف الشيخ إبراهيم الكوراني عليه الرحمة صريح الكلام دال على أن الله تعالى خالق للأصنام بجميع أجزائها التي منها الأشكال ، ومعلوم أن الأشكال إنما حصلت بتشكيلهم فتكون الأشكال مخلوقة لله تعالى معمولة لهم لكون نحتهم وتشكيلهم عين خلق الله تعالى الأشكال بهم .
ولا استحالة في ذلك لأن العبد لا قوة له إلا بالله تعالى بالنص ومن لا قوة له إلا بغيره فالقوة لذلك الغير لإله فلا قوة حقيقة إلا لله تعالى ، ومن المعلوم أنه لا فعل للعبد إلا بقوة فلا فعل له إلا بالله تعالى فلا فعل حقيقة إلا لله تعالى ، وكل ما كان كذلك كان النحت والتشكيل عين خلق الله سبحانه الأشكال بهم وفيهم بالذات وغيره بالاعتبار فيكون المعمول عين المخلوق بالذات وغيره بلاعتبار فإن إيجاد الله عز وجل يتعلق بذات الفعل من حيث هو وفعل العبد بالمعنى المصدري يتعلق بالفعل بمعنى الحاصل بالمصدر من حيث كونه طاعة أو معصية أو مباحاً لكونه مكلفاً والله تعالى له الإطلاق ولا حاكم عليه سبحانه انتهى فافهم .
والزمخشري جعل أيضاً ما موصولة إلا أنه جعل المخلوق له تعالى هو الجواهر ومعمولهم هو الشكل والصورة إما على أن الكلام على حذف مضاف أي وما تعملون شكله وصورته ، وإما على أن الشائع في الاستعمال ذلك فإنهم يقولون عمل النجار الباب والصائغ الخلخال والبناء البناء ولا يعنون إلا عمل الشكل بدون تقدير شكل في النظم كأن تعلق العمل بالشيء هو هذا التعلق لا تعلق التكوين ، وهو مبني على اعتقاده الفاسد من أن أفعال العباد مخلوقة لهم ، والاحتجاج في الآية على الأول بأن يقال : إنه تعالى خلق العابد والمعبود مادة وصورة فكيف يعبد المخلوق المخلوق؟ وعلى الثاني بأنه تعالى خلق العابد ومادة المعبود فكيف يعبد المخلوق المخلوق على أن العابد منهما هو الذي عمل صورة المعبود ، والأول أظهر وعدل عن ضمير { مَا تَنْحِتُونَ } [ الصافات : 95 ] أو الإتيان به دون ما تعملون للإيذان بأن مخلوقية الأصنام لله عز وجل ليس من حيث نحتهم لها فقط بل من حيث سائر أعمالهم أيضاً من التصوير والتحلية والتزيين .

البحر المحيط:

{ قال أتعبدون ما تنحتون } : استفهام توبيخ وإنكار عليهم ، كيف هم يعبدون صوراً صوّروها بأيديهم وشكلوها على ما يريدون من الأشكال؟ { والله خلقكم وما تعملون } : الظاهر أن ما موصولة بمعنى الذي معطوفة على الضمير في خلقكم ، أي أنشأ ذواتكم وذوات ما تعملون من الأصنام ، والعمل هنا هو التصوير والتشكيل ، كما يقول : عمل الصائغ الخلخال ، وعمل الحداد القفل ، والنجار الخزانة؛ ويحمل ذلك على أن ما بمعنى الذي يتم الاحتجاج عليهم ، بأن كلاً من الصنم وعابده هو مخلوق لله تعالى ، والعابد هو المصور ذلك المعبود ، فكيف يعبد مخلوق مخلوقاً؟ وكلاهما خلق الله ، وهو المنفرد بإنشاء ذواتهما . والعابد مصور الصنم معبوده . و « ما » في : { وما تنحتون } بمعنى تأذى ، فكذلك في { وما تعملون } ، لأن نحتهم هو عملهم . وقيل : ما مصدرية ، أي خلقكم وعملكم ، وجعلوا ذلك قاعدة على خلق الله أفعال العباد .
فتح القدير:

{ والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } في محل نصب على الحال من فاعل تعبدون ، و «ما» في { وَمَا تَعْمَلُونَ } موصولة ، أي : وخلق الذي تصنعونه على العموم ويدخل فيها الأصنام التي ينحتونها دخولاً أولياً ، ويكون معنى العمل هنا : التصوير ، والنحت ، ونحوهما ، ويجوز أن تكون مصدرية ، أي : خلقكم ، وخلق عملكم ، ويجوز أن تكون استفهامية ، ومعنى الاستفهام : التوبيخ ، والتقريع ، أي : وأي شيء تعملون ، ويجوز أن تكون نافية ، أي : إن العمل في الحقيقة ليس لكم ، فأنتم لا تعملون شيئاً ،
ابن الجوزي : ذكر كلام ابن جرير
الرازي :

المسألة الثانية : احتج جمهور الأصحاب بقوله : { والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى ومع انه رجح عدم الاستدلال بالاية على ذلك .
البيضاوي :
.{ والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } أي وما تعملونه فإن جوهرها بخلقه وشكلها وإن كان بفعلهم ، ولذلك جعل من أعمالهم فبإقداره إياهم عليه وخلقه ما يتوقف عليه فعلهم من الدواعي والعدد ، أو عملكم بمعنى معمولكم ليطابق ما تنحتون ، أو إنه بمعنى الحدث فإن فعلهم إذا كان بخلق الله تعالى فيهم كان مفعولهم المتوقف على فعلهم أولى بذلك ، وبهذا المعنى تمسك أصحابنا على خلق الأعمال ولهم أن يرجحوه على الأولين لما فيها من حذف أو مجاز .

النسفي:

{ والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } وخلق ما تعملونه من الأصنام أو «ما» مصدرية أي وخلق أعمالكم وهو دليلنا في خلق الأفعال أي الله خالقكم وخالق أعمالكم فلم تعبدون غيره؟

فهل الزمخشري عندك كل المفسرين !!!!!!!!

راجعت التفاسير فوجدت عكس ما تقول يا ابن المصري هداك الله

أبو مريم
03-08-2006, 06:49 PM
نعم الزمخشرى المعتزلى عنده هو كل المفسرين .

أبو جهاد الأنصاري
03-09-2006, 10:15 PM
السلام عليكم
قوله تعالى : (والله خلقكم وما تعملون) [الصافات : 96] دليل قاطع على أن الله سبحانه خلق عمل الإنسان.
ولكن من ينظر لهذه الآية فى سياقها هذا قد يلتبس عليه الأمر ويقول أن العمل المقصود هنا هو صناعة التماثيل والأوثان خاصة أنه سبحانه وتعالى قد ذكر فى الآية السابقة عليها قوله : (قال أتعبدون ما تنحتون) [الصافات : 95] !
وهذا ليس بصواب لعدة أسباب نذكر منها ما يلى :
1- قوله تعالى : (ما) فإن "ما" من صيغ العموم فيكون المعنى : "الله خلقكم وكل الذى تعملون". وقد تكون ما موصولة ولا منافاة أيضاً لهذا المعنى.
2- قوله تعالى : (تعملون) ولم يقل : "تصنعون" ولو أراد صناعة التماثيل لقال : "والله خلقكم وما تصنعون".
3- العمل - غالباً وربما دائماً - لا يطلق إلا على الأفعال ذاتها وليس على المصنوعات ، أى تطلق ألفاظ من قبيل : " عمل - يعمل - يعملون - تعملون" كلها على الأمور المعنوية التى يقصد بها فعل الإنسان ، ولا تطلق على الشئ المصنوع.
والقرآن خير شاهد لهذا ، ولمن أراد التأكد أن يراجع القرآن الكريم فى تلك المواضع التى ذكرت فيها كلمة (تعملون) وقد بلغت ثلاثة وثمانين موضعاً مثال ذلك فى سورة البقرة الآيات 74 - 85 - 110 - 140 - 149 - 233 - 234 - 237 - 265 - 271 - 283
وفى سورة آل عمران الآيات : 98 - 99 - 153 - 156 - 180
وفى سورة النساء الآيات : 94 - 128 - 135 وغيرها
كذلك قوله تعالى : (يعلمون) وقد ذكرت فى ستة وخمسين موضعاً كلها تفيد ذلك
ولو أردنا الحصر لعجزنا.
إذن فهذا شاهد من القرآن الكريم نفسه على أن لفظ (تعملون) المذكورة فى قوله تعالى : (والله خلقكم وما تعملون) محمولة على العمل المعنوى وليس المادى كما ذكره صاحب الموضوع.
كما أن قوله تعالى : (الله خالق كل شئ) دليل آخر على أن الله خلق عمل الإنسان.
لأن لفظ "الشئ" يطلق على اثنين : الأعيان والأعراض ولا ثالث لهما. ولفظ (كل) هنا - وهو من صيغ العموم أيضاً يفيد أن الله جلت قدرته قد خلق الاثنين : الأعيان والأعراض. ومن يقول بالتخصيص فعليه أن يأتى بالدليل.
===========
شئ آخر مهم جداً يجب أن نعلمه فى هذه القضية ألا وهو :
لو لم يوجد نص قرآنى صريح أن الله سبحانه وتعالى هو خالق عمل الإنسان ، لوجب أن يقوم الدليل العقلى بذلك (لماذا؟)
لأننا لو لم نقل أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق أفعال العباد ، فمن يخلقها إذن؟
لو قال أحد أن أفعال العبادة ليست مخلوقة لله ، للزمه أن يقول أن العباد هو الخالقون لها على الحقيقة.
فهو بهذا يثبت خالقين آخرين غير الله.
تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

مجدي
03-14-2006, 11:46 AM
هم أرادوا ان بنزهوا الله عن خلق القاذورات فاثبتوا لها خالقا آخر .
فمن خلق الفعل اذا " أَمْ خُلِقُوا من غير شيء ام هم الخالقون "

مجدي
03-16-2006, 11:54 AM
أغرب كلام أهل البدع : انهم يقولوا ان افعالهم غير مخلوقة وكلامهم غير مخلوق !!! ويزعموا مع هذا بأن كلام الله مخلوق !!!

مجدي
03-16-2006, 07:03 PM
من فوائد معرفة خلق فعلك انك تعرف انك لن تخرج عن مشيئته عز وجل .
فلن تفعل امرا الا بارادته :
"وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"
" وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"
الامر الأخر الله خالق كل شيء فاي شيء سواه مخلوق سواء اكان جوهرا ام شكلا
اي ان ما يخلقه بنوا ادم انما الله خالقه فعيسى عليه السلام كان يسكل من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا باذن الله

والعرب تقول عن الكلام المحدث امر مختلق اي حديث لم يكن موجودا ومنه الاختلاق الذي هو ايجاد كلام للاشيء او الكذب .

أبو جهاد الأنصاري
03-16-2006, 08:29 PM
قال تعالى : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) [الرعد : 16]
وقال تعالى : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر : 62]
والآيتان لم تأتيا فى إطار الحديث عن الفعل المادى بصفة خاصة بل جاءت فى سياق عام ، يدل على ما نؤمن به من أن الله خلقنا وما نعمل.
وللحديث بقية إن شاء الله.

ناصر التوحيد
03-16-2006, 11:01 PM
نستنتج من الآيات السابقة أن للبشر مشيئة ولكنها واقعة تحت مشيئة الله الكونية ومشيئته الكونية أنه سبحانه خلقنا ليختبرنا فأعطانا الارادة والحرية على الاختيار مع الاخذ فى الاعتبار أن اختيارنا الكامل يمكن أن يغيره الله لو أراد ذلك ولكنه سبحانه لايفعل حتى يحاسبنا عليه
نعم , فهو سبحانه خلقنا , ولكن ليس ليختبرنا , فعلّة الخلق لا نعلمها ..
نعم , وهو سبحانه أعطانا الارادة والحرية على الاختيار ....حتى يحاسبنا عليه

لكن هذا لا يعني عدم تدخل الله سبحانه ......
"إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " اي توفيقا
"ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب "

وهناك امور قد تغير الانسان لو لم تكن به ..
فمن الناس من يكون الفقر له افضل من ناحية أخروية , او يكون له الغنى افضل من ناحية أخروية ..
سيدنا يوسف - عليه السلام - ارادت امراة ان تراوده مرارا فيأبى .. ربما غيره لو صارت معه لوقع في الإثم ..
فمن رحمة الله بهذا الغير انه لا يوقعه في حادثة مشابهة لحادثة يوسف حتى لا يقع في الاثم ..
ولذلك يقول المؤمن دائما : اللهم لا تكلنا الى أنفسنا طرفة عين .
ولذلك فحتى نتيجة العمل ليست مضمونة لكل من يعمل .. فقد يعمل شخص عملا ويتوفق فيه , ويعمل شخص اخر نفس العمل ولا يتوفق فيه .
رام نفعاً فضر من غير قصدً ..... ومن البر ما يكـون عقوقـاً
لذلك فرض الله الدعاء ..
فهو في صالح الانسان ولمصلحته ..
والتقوى أقوى ...
{أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين }.
فمن الناس من لا يصمد عند الابتلاء والمحنة ...
فيجب الصبر على الضراء... والالتجاء إلى الله ...


وهذه المسألة ليست من باب مسالة الموضوع الاساسي ..
فالموضوع الاساسي هو بخصوص خلق العمل ..

استمع لهذه الاية الكريمة :
قال تعالى(أم حسبتم أن تدخلوا الجنه و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء )
فهو من الله سبحانه ..
ولكن من ألأدب مع الله تبارك وتعالى ألا ننسب اليه الضر مباشرة, بل نقول هو الذى قدر الضرر ردعا للمعتدين ودفعا لظلم الظالمين...

اية اخرى :
"قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله"
وهذا رد على من زعموا أنهم ينفردون بالقدرة على أعمالهم دون ربهم .. فهذا انحراف عن القرآن وعما اجمع المسلمون عليه
فالخير والشر بقضاء الله وقدره فنؤمن بقضاء الله وقدره خيره وشره وحلوه ومره ونعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وأنا لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله وإنا نلجيء أمورنا إلى الله في كل وقت
وإن أعمال العباد مخلوقة لله كما قال والله خلقكم وما تملون وإن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا وهم يخلقون كما قال هل من خالق غير الله وكما قال لا يخلقون شيئا وهم يخلقون وكما قال أفمن يخلق كمن لا يخلق وكما قال أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون وهذا في كتاب الله كثير

عبد الواحد
03-17-2006, 02:04 PM
الزميل ابن المصري قلتَ ان الآية (الصافات (96) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) تفيد فقط نتيجة العمل وليس الفعل ذاته وادعيت ان التفاسير تؤيد كلامك.
وبالرجوع الى التفسير لم اجد ذلك صحيحاً بل (مَا تَعْمَلُونَ ) تشمل الفعل ونتيجته.
ولم تعلق على هذه النقطة.

ثم سألتك ما الفرق بينك وبين المشلول الذي يشاء تحريك يده ولم يخلق له الله تلك الحركة.
لم تعلق على هذه النقطة ايضاً.

أبو جهاد الأنصاري
07-20-2006, 06:27 PM
الله خلقنى امشى على رجلين فهل معنى ذلك أنه خلق الزنى الذى ذهبت اليه برجلى؟وهل مِن خالق غيرُ الله!؟
فمن خلقه إذن إن لم يخلقه الله!؟
أجب.

الله خلق لى عينين فهل يعنى ذلك أنه خلق النظر الى الفاحشة؟وهل مٍن خالق غيرُ الله!؟
فمن خلقه إذن إن لم يخلقه الله!؟
أجب.
اسمع هذه حتى لا تسوق مثل هذه الأمثلى العقيمة لاحقاً :
هل الزنى أسوأ من إبليس؟
وهل الفحش أضر من الشيطان؟
فمن خلق إبليس إذن؟
أليس هو الله!!!!!!!!
فما الخطأ أن يكون الله هو خالق كل شئ!؟
هل من عيب أو خطأ فى هذا!؟

الله خلقنا على صورة تمكنا من العيش وتساعدنا فى أداء الرسالة التى من اجلها خلقنا وأعطانا السيطرة الكاملة على جميع تلك الأدوات المخلوقة فينا يعنى أنت جعلت (السيطرة الكاملة) هى البديل عن (خلق الفعل)!؟
حسناً ! أجبنى : فمن خلق تلك السيطرة فيك؟
هل من خالق غير الله!؟
أجب.

فالعين لاتستطيع النظر الى المحرمات الا بارادتنا واليد لاتسرق الا بارادتنا وهكذا جميع أعمالنا نفعلها ولا نخلقها ولم يخلقها الله ولكن الله خلق لنا الأدوات التى مكنتنا من فعل أعمالنا وهذا لايعنى اطلاقا انه خالق افعالناصدقنى ! لو عشت حياتك كلها فلن تقول أغرب من تلك المقولة : (جميع أعمالنا نفعلها ولا نخلقها) وماذا أيضاً (ولم يخلقها الله)!؟
حفظك الله من كل سوء. ما هذا العبث!؟
أعمالنا لا نخلقها ولم يخلقها الله!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!؟
حسناً أجبنى هل هذه الأعمال مخلوقات أم غير مخلوقات!؟
إن قلت مخلوقات فقد انتهى الموضوع.
وإن قلت أنها غير مخلوقات فمعنى كلامك أنها آلهة (!؟)
هل تقول أنها مخلوقات أم غير مخلوقات؟
أجبنى.
إن أجبت بصدق عن أسئلتى هذه فستعترف معنا أن : (الله خالق كل شئ) وستعترف معنا أن : (الله خلقكم وما تعملون).
أسأل الله لك التوفيق والرشاد.

قرآن الفجر
07-20-2006, 10:51 PM
المرتبة الرابعة من الإيمان بالقدر:
الخلق:

فكل مافي الكون فهو مخلوق لله عزّ وجل، بالنسبة لما يحدثه الله تعالى من فعله فهو واضح: كالمطر وإنبات الأرض وما أشبه ذلك، فهو مخلوق لله تعالى لا شك.

لكن بالنسبة لفعل العبد ، هل هو مخلوق لله أم لا؟

الجواب: نعم مخلوق لله، فحركات الإنسان وسكناته كلها مخلوقة لله، ووجه ذلك:

أولاً: أن الله عزّ وجل خلق الإنسان وأعطاه إرادة وقدرة بهما يفعل، فسبب إيجاد العبد لما يوجده الإرادة الجازمة والقدرة التامة، وهاتان الصفتان مخلوقتان لله، وخالق السبب خالق للمسبب.

ثانياً: أن الإنسان إنسان بجسمه ووصفه، فكما أنه مخلوق لله بجسمه فهو مخلوق له بوصفه، ففعله مخلوق لله عزّ وجل،كما أن الطول والقصر والبياض والسواد والسمن والنحافة كلها مخلوقة لله فهكذا أيضاً أفعال الإنسان مخلوقة لله،لأنها صفة من أوصافه، وخالق الأصل خالق للصفة.

ويدل لهذا قول إبراهيم عليه السلام لقومه: (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ* وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) [الصافات:95-96] تحتمل معنيين:

المعنى الأول: أن تكون (ما) مصدرية والمعنى: خلقكم وخلق عملكم، وهذا نص في أن عمل الإنسان مخلوق لله تعالى.

والمعنى الثاني: أن تكون (ما) اسماً موصولاً، ويكون المعنى: خلقكم وخلق الذي تعملونه؟ فكيف يمكن أن نقول:إن الآية دليل على خلق أفعال العباد على هذا التقدير ؟

والجواب: أنه إذا كان المعمول مخلوقاً لله، لزم أن يكون عمل الإنسان مخلوقاً، لأن المعمول كان بعمل الإنسان،فالإنسان هو الذي باشر العمل في المعمول، فإذا كان المعمول مخلوقاً لله، وهو فعل العبد، لزم أن يكون فعل العبد مخلوقاً فيكون في الآية دليل على خلق أفعال العباد على كلا الاحتمالين.
المصدر:
شرح الاربعين النووية
الشيخ ابن عثيمين

قرآن الفجر
07-21-2006, 01:15 PM
الله خالق الهداية والضلالة، إلاّ أنه يخلقهما وفق الإرادة، وأفعال العباد هي من تحدد هداية الإنسان أو ضلاله
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُم لا مَانِعَ لما أعطَيتَ وَلا مُعطِيَ لِمَا مَنَعتَ وَلا يَنفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدِّ"
"اللّهم اِنِّي أستخيركَ بعِلمكَ وأستَقدرُكَ بقُدرَتِكَ وأسألكَ مِن فَضلكَ العظيم، فإنَّكَ تقدِرُ ولا أقدر وتَعلم ولا أعلَم وأنتَ علاَّمُ الغُيُوبِ. اللَّهُم إن كنتَ تَعلَمُ أن هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني وَمَعاشِي وعَاقبَةِ أمري أو قَالَ عَاجِل أمري وآجله فاقدره لي ويسّره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنتَ تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومَعاشي وعَاقبة أمري أو عاجل أمري وآجله فاصرفهُ عَني واصرفنِي عَنهُ واقدر لي الخيرَ حيثُ كانَ ثُم رَضِّنِي بهِ"
أي أن أن الله خالق العباد وخالق أفعال العباد

قرآن الفجر
07-21-2006, 06:09 PM
أن تؤمن بالقدر خيره وشره، والإيمان بالقدر معترك عظيم من زمن الصحابة إلى زماننا هذا، وسبق لنا أن له مراتب أربع وهي: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق، فلنتكلم عن كل واحد منها تفصيلاً،وذلك لأهميته:-
المرتبة الأولى : العلم

بأن تؤمن بأن الله عزّ وجل عالم بكل شيء جملة وتفصيلاً مما يتعلق بفعله بنفسه كالخلق والإحياء أو بفعل عباده، والأدلة على هذا كثيرة، قال الله تعالى: (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(البقرة: الآية282) وقال عزّ وجل:(أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14)

والجواب: بلى.

وأما التفصيل ففي آية الأنعام قوله: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59)

فإن قال قائل:لدينا إشكال : مثل قول الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31)

وقال الله عزّ وجل: (لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْب)(المائدة: الآية94) وقال: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (آل عمران:142)

وأمثال هذه الآيات مشكلة، لأن ظاهرها تجدد علم الله عزّ وجل بعد وقوع الفعل؟

والجواب عن هذا الإشكال من أحد وجهين:

الوجه الأول: إن علم الله عزّ وجل بعد وقوعه غير علمه به قبل وقوعه، لأن علمه به قبل وقوعه علم بأنه سيقع، وعلمه به بعد وقوعه علم بأنه واقع، نظير هذا من بعض الوجوه: الله عزّ وجل مريد لكل شيء حتى المستقبل الذي لانهاية له،مريد له لاشك، لكن الإرادة المقارنة تكون عند الفعل: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82)

فهاهنا إرادتان: إرادة سابقة، وإرادة مقارنة للفعل، فإذا أراد الله تعالى أن يخلق شيئاً فإنه يريده عند خلقه، لكن كونه أراد أن يخلق في المستقبل فهذا غير الإرادة المقارنة، كذلك العلم.

الوجه الثاني: (حَتَّى نَعْلَمَ) [محمد:31] أي علماً يترتب عليه الثواب والعقاب، لأن علم الله الأزلي السابق لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب، فالثواب والعقاب يكون بعد الامتحان والابتلاء،كما قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31)

وحينئذ قد زال الإشكال ولله الحمد.

وقد قال غلاة القدرية: إن علم الله تعالى بأفعال العباد مستأنف حيث يقولون: الأمر أنف يعني مستأنف، فيقولون: إن الله لايعلم الشيء، إلا بعد وقوعه،فهؤلاء كفرة بلا شك لإنكارهم ما دلّ الكتاب والسنة عليه دلالة قطعية، وأجمع عليه المسلمون.

المرتبة الثانية : الكتابة وهي أنواع:

.1الكتابة العامة في اللوح المحفوظ، كتب الله تعالى كل شيء.

.2 الكتابة العُمريّة، وهي أن الجنين في بطن أمه إذا تم له أربعة أشهر بعث الله إليه الملك الموكل بالأرحام، وأمرَ أن يكتب: أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد. فهذه كتابة عمرية لأنها مقيدة بالعمر،أي تكتب مرة واحدة،ولايعاد كتابتها.

.3 الكتابة الحولية، وهي التي تكون ليلة القدر، كما قال الله عزّ وجل: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان:4)

يعني يبيّن ويفصل (كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وليس أمر من أمر الله إلا وهو حكيم.

وذكر بعضهم: كتابة يومية،واستدل لذلك بقوله عزّ وجل: (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (الرحمن:29)

ولكن الآية ليست واضحة في هذا المعنى.

وهنا مسألة: هل الكتابة تتغير أو لاتتغير؟

الجواب: يقول رب العالمين عزّ وجل: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (الرعد:39)

أي اللوح المحفوظ ليس فيه محو ولا كتاب، فما كتب في اللوح المحفوظ فهو كائن ولاتغيير فيه، لكن ما كتب في الصحف التي في أيدي الملائكة فهذا: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) قال عزّ وجل: ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)(هود: الآية114).

وفي هذا المقام يُنكَرُ على من يقولون: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه) فهذا دعاء بدعي باطل، فإذا قال: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه) معناه أنه مستغن، أي افعل ما شئت ولكن خفف وهذا غلط، فالإنسان يسأل الله عزّ وجل رفع البلاء نهائياً فيقول مثلاً: اللهم عافني، اللهم ارزقني وما أشبه ذلك.

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال:لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهَمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ [41] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-04.HTM#_ftn32) فقولك: (لا أسألك رد القضاء،ولكن أسألك اللّطف فيه) أشد.

واعلم أن الدعاء قد يرد القضاء،كما جاء في الحديث: لاً يَرُدُّ القَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ [42] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-04.HTM#_ftn33) وكم من إنسانٍ افتقر غاية الافتقار حتى كاد يهلك،فإذا دعا أجاب الله دعاءه، وكم من إنسان مرض حتى أيس من الحياة فيدعو فيستجيب الله دعاءه.

قال الله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (الانبياء:83)

فذكر حاله يريدُ أنّ اللهَ يكشفُ عنهُ الضُّرَّ، قال الله :(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ) (الانبياء: الآية84)

المرتبة الثالثة : المشيئة:

ومعناها: أن تؤمن بأن كل كائن وجوداً أو عدماً فهو بمشيئة الله، كالمطر، والجفاف، ونبات الأرض، والإحياء، والإماتة، وهذا لا إشكال فيه، وهو مشيئة الله عزّ وجل لفعله ،وكذلك ما كان من فعل المخلوق فهو أيضاً بمشيئة الله،ودليل ذلك قوله تعالى: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [التكوير:28-29] وقال الله عزّ وجل: ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا ) [البقرة:253] وأجمع المسلمون على هذه الكلمة: (ماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.)

ففعل العبد بمشيئة الله. ويرد إشكال وهو إذا كان فعل العبد بمشيئة الله صار الإنسان مجبراً على العمل، لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فيؤدي هذا الاعتقاد إلى مذهب الجبرية، وهو مذهب الجهمية.

* والجهمية: لهم ثلاث جيمات كلها فساد:

الجهم: وهذا يتعلق بالصفات، والجبر: يتعلق بالقدر، الإرجاء: يتعلق بالإيمان، ثلاث جيمات كلها لاخير فيها.

ولهذا قول القائل: إذا كان كل شيء بمشيئة الله وبكتابة الله،فنحن مجبرين على أعمالنا؛ قولٌ لايخفى مافيه من الفساد، لأنه إذا كان الإنسان مجبراً وفعل الفعل ثم عُذب عليه، ولهذا لو حدث من بشر لصاح الناس به، فكيف بالخالق عزّ وجل ؟

ولذلك يعتبر هذا القول من أبطل الأقوال، ونحن نشعر بأنهم لايجبرون على الفعل ولا على الترك، وأننا نفعل ذلك باختيارنا التام.

وبهذا التقرير يبطل هذا الاستفهام الحادث المحدث، هل الإنسان مسير أو مخير ؟

وهذا سؤال غير وارد وعلى من يسأل هذا السؤال أن يسأل نفسه:هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال؟ وكلٌّ يعرف أن الإنسان مخير لا أحد يجبره، فعندما أحضر من بيتي إلى المسجد هل أشعر بأن أحداً أجبرني؟ لا، وكذا عندما أتأخر باختياري لا أشعر بأن أحداً أجبرني، فالإنسان مخيّر لا شك، لكن ما يفعله الإنسان نعلم أنه مكتوب من قبل، ولهذا نستدل على كتابة الله عزّ وجل لأفعالنا وإرادته لها وخلقه لها بعد وقوعها، أما قبل الوقوع فلا ندري، ولهذا قال الله عزّ وجل: ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إن الله عليم خبير) (لقمان: الآية34) فإذا كان هذا هو الواقع بالنسبة للمشيئة: أن الله تعالى يشاء كل شيء لكن لا يجبر العباد، بل العباد مختارون فلا ظلم حينئذ، ولهذا إذا وقع فعل العبد من غير اختيار رُفِع عنه الإثم، إن كان جاهلاً أو مكرهاً أو ناسياً،فإنه يُرفع عنه الإثم لأنه لم يختره.

ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّار قَالُوْا: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَفَلا نَدَعُ العَمَلَ وَنَتَّكِلُ عَلَى مَا كُتِبَ، قَالَ: لا، اعْمَلُوْا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ -اللهم اجعلنا منهم- فَيُيَسَّرُوْنَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُوْنَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَة ثُمَّ قَرَأَ النبي صلى الله عليه وسلم - مستدلاً ومقرراً لما قال- قول الله عزّ وجل: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) (الليل:5-10) [43] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-04.HTM#_ftn34)

إذاً نعمل .الرّزق مكتوب ومراد لله، ومع ذلك الإنسان يسعى للرزق.

وكذا الولد مكتوب أي أن الإنسان سيولد له مكتوب، ومع ذلك فالإنسان يسعى لهذا ويطلب الأولاد بالنكاح، ولا يقول: سأنام على الفراش وإن كان الله مقدراً لي الولد سيأتي به، فلو قال أحد هذا الكلام لقالوا: إنه مجنون.

كذلك العمل الصالح: اعمل عملاً صالحاً من أجل أن تدخل الجنة، ولا أحد يمنعك من الطاعة، ولا أحد يكرهك على المعصية.

وقد احتجّ المشركون بالقدر على شركهم،كما قال الله عنهم: ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ)[الأنعام:148].

والجواب: قال الله تعالى: (كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا) [الأنعام:148] فلم تقبل منهم هذه الحجة، لأن الله تعالى جعل ذلك تكذيباً وجعل له عقوبة: (حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا) .

فإن قال قائل: إن لدينا حديثاً أقرّ فيه النبي صلى الله عليه وسلم الاحتجاج بالقدر،وهو أن آدم وموسى تحاجا -أي تخاصما- فقال موسى لآدم: أنت أبونا خيبتنا، أخرجتنا ونفسك من الجنة -لأن خروج آدم من الجنة من أجل أنه أكل من الشجرة التي نُهِيَ عن الأكل منها -فقال له آدم: أتلومني على شيء قد كتبه الله عليَّ قبل أ ن يخلقني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: حَجَّ آدَمُ مُوْسَى مرتين أو ثلاثاً وفي لفظ: فَحَجَّهُ آدَمُ [44] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-04.HTM#_ftn35) يعني غلبه في الحجة.

هذا يتمسّك به من يحتجّ بالقدر على فعل المعاصي.

ولكن كيف المخرج من هذا والحديث في الصحيحين؟

أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بجواب، وأجاب تلميذه ابن القيم - رحمه الله - بجواب آخر.

شيخ الإسلام قال: إن آدم عليه الصلاة والسلام فعل الذنب، وصار ذنبه سبباً لخروجه من الجنة، لكنه تاب من الذنب، وبعد توبته اجتباه الله وتاب عليه وهداه، والتائب من الذنب كمن لاذنب له،ومن المحال أن موسى عليه الصلاة والسلام -وهو أحد أولي العزم من الرسل- يلوم أباه على شيء تاب منه ثم اجتباه الله بعده وتاب عليه وهداه،وإنما اللوم على المصيبة التي حصلت بفعله،وهي إخراج الناس ونفسه من الجنة، فإن سبب هذا الإخراج هو معصية آدم، على أن آدم عليه الصلاة والسلام لاشك أنه لم يفعل هذا ليخرج من الجنة حتى يلام، فكيف يلومه موسى؟

وهذا وجه ظاهر في أن موسى عليه السلام لم يرد لوم آدم على فعل المعصية، إنما على المصيبة التي هي من قدر الله وحينئذ يتبين أنه لاحجة في الحديث لمن يستدل على فعل المعاصي.

إذاً احتج على المصيبة وهي الإخراج من الجنة،ولهذا قال:أخرجتنا ونفسك من الجنة ولم يقل: عصيت ربك، فهنا كلام موسى مع أبيه آدم على المصيبة التي حصلت، وهي الإخراج من الجنة،وإن كان السبب هو فعل آدم. وقال رحمه الله: اللوم على المصائب وعلى المعائب إن استمر الإنسان فيها.

أما تلميذه ابن القيم - رحمه الله - فأجاب بجواب آخر قال: إن اللوم على فعل المعصية بعد التوبة منها غلط، وإن احتجاج الإنسان بالقدر بعد التوبة من المعصية صحيح. فلو أن إنساناً شرب الخمر، فجعلت تلومه وهو قد تاب توبة صحيحة وقال: هذا أمر مقدر عليَّ وإلا لست من أهل شرب الخمر،وتجد عنده من الحزن والندم على المعصية، فهذا يقول ابن القيم: لابأس به.

وأما الاحتجاج بالقدر الممنوع فهو: أن يحتج بالقدر ليستمر على معصيته،كما فعل المشركون، أما إنسان يحتج بالقدر لدفع اللوم عنه مع أن اللوم قد اندفع بتوبته فهذا لابأس به.

وهذا الجواب جواب واضح يتصوره الإنسان بقرب، وإن كان كلام شيخ الإسلام - رحمه الله - أسد وأصوب، لكن لامانع بأن يُجاب بما أجاب به العلامة ابن القيم .

وقال ابن القيم:نظير هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم حين طرق ابنته فاطمة وابن عمه عليَّاً رضي الله عنهما ليلاً فوجدهما نائمين، فقال: أَلاَ تُصَلِّيَانِ؟ فكأنه عاب عليهما، أي لماذا لم تقوما لصلاة التهجّد فقال علي رضي الله عنه : يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّ أَنْفُسَنَا بِيَدِ اللهِ عزّ وجل فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا؛ بَعَثَنَا، فَخَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَضْرِبُ عَلَى فَخِذِهِ وَيَقُوْلُ: وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيءٍ جَدَلاً[45] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-04.HTM#_ftn36) لأن عليّاً رضي الله عنه دافع عن نفسه بأمرٍ انتهى وانقضى.

ولو أن إنساناً فعل معصية وأردنا أن نقيم عليه العقوبة حدّاً أو تعزيراً وقال: أنا مكتوب عليَّ هذا. ولنفرض أنه زنا وقلنا: اجلدوه مائة جلدة وغربوه عاماً عن البلد، فقال: مهلاً، هذا شيء مكتوب عليَّ، أتنكرون هذا؟ فسنقول: لاننكره، فيقول: لالوم عليّ، فنقول: ونحن سنجلدك ونقول هذا مكتوب علينا.

وذكر أن سارقاً رفع إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمر بقطع يده، فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين، والله ما سرقت إلا بقدر الله، وهذا جواب صحيح، فقال عمر: ونحن لا نقطعك إلا بقدر الله، فغلبه عمر رضي الله عنه، بل نقول: إننا نقطع يده بقدر الله وشرع الله، فالسارق سرق بقدر الله، لكن لم يسرق بشرع الله،ونحن نقطع يده بقدر الله وشرع الله، ولكن عمر رضي الله عنه سكت عن مسألة الشرع من أجل أن يقابل هذا المحتج بمثل حجته.

فتبين الآن أن الاحتجاج بالقدر على المعاصي باطل، والاحتجاج بالقدر على فوات المطلوب باطل أيضاً، ولذلك نرى الناس الآن يتسابقون إلى الوظائف باختيارهم ولا يفوتونها، ولو أن الإنسان تقاعس ولم يتقدم لامه الناس على هذا، مما يدل دلالة واضحة على أن الإنسان له إرادة وله اختيار.

فبطل بذلك احتجاج العاصي بقدر الله على معاصي الله، ونقول له: أنت قدرت الآن أن الله قد كتب عليك المعصية فعصيت، فلماذا لم تقدر أن الله كتب لك الطاعة وأطعت، لأن القدر سر مكتوم لا يعلمه إلا الله، ولا نعلم ماذا قضى الله وقدر إلا بعد الوقوع، فإذا كنت أقدمت على المعصية فلماذا لم تقدم على الطاعة وتقول إنها بقضاء الله وقدره.

والأمر والحمد لله واضح، ولولا ما أثير حول القضاء والقدر لكان لا حاجة إلى البحث فيه لأنه واضح جداً، وأنه لا حجة بالقدر على المعاصي ولا على ترك الواجبات.

المرتبة الرابعة: الخلق :

فكل مافي الكون فهو مخلوق لله عزّ وجل، بالنسبة لما يحدثه الله تعالى من فعله فهو واضح: كالمطر وإنبات الأرض وما أشبه ذلك، فهو مخلوق لله تعالى لا شك.

لكن بالنسبة لفعل العبد ، هل هو مخلوق لله أم لا؟

الجواب: نعم مخلوق لله، فحركات الإنسان وسكناته كلها مخلوقة لله، ووجه ذلك:

أولاً: أن الله عزّ وجل خلق الإنسان وأعطاه إرادة وقدرة بهما يفعل، فسبب إيجاد العبد لما يوجده الإرادة الجازمة والقدرة التامة، وهاتان الصفتان مخلوقتان لله، وخالق السبب خالق للمسبب.

ثانياً: أن الإنسان إنسان بجسمه ووصفه، فكما أنه مخلوق لله بجسمه فهو مخلوق له بوصفه، ففعله مخلوق لله عزّ وجل،كما أن الطول والقصر والبياض والسواد والسمن والنحافة كلها مخلوقة لله فهكذا أيضاً أفعال الإنسان مخلوقة لله،لأنها صفة من أوصافه، وخالق الأصل خالق للصفة.

ويدل لهذا قول إبراهيم عليه السلام لقومه: (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ* وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) [الصافات:95-96] تحتمل معنيين:

المعنى الأول: أن تكون (ما) مصدرية والمعنى: خلقكم وخلق عملكم، وهذا نص في أن عمل الإنسان مخلوق لله تعالى.

والمعنى الثاني: أن تكون (ما) اسماً موصولاً، ويكون المعنى: خلقكم وخلق الذي تعملونه؟ فكيف يمكن أن نقول:إن الآية دليل على خلق أفعال العباد على هذا التقدير ؟

والجواب: أنه إذا كان المعمول مخلوقاً لله، لزم أن يكون عمل الإنسان مخلوقاً، لأن المعمول كان بعمل الإنسان،فالإنسان هو الذي باشر العمل في المعمول، فإذا كان المعمول مخلوقاً لله، وهو فعل العبد، لزم أن يكون فعل العبد مخلوقاً فيكون في الآية دليل على خلق أفعال العباد على كلا الاحتمالين.

ومن فوائد هذا الحديث:

أن القدر ليس فيه شر، وإنما الشر في المقدور،وتوضيح ذلك بأن القدر بالنسبة لفعل الله كله خير، ويدل لهذا: قول النبي صلى الله عليه وسلم : وَالشّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ [46] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-04.HTM#_ftn37) أي لاينسب إليك،فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شرٌّ أبداً، لأنه صادر عن رحمة وحكمة، لأن الشر المحض لا يقع إلا من الشرير ،والله تعالى خير وأبقى.

إذاً كيف نوجّه وتؤمن بالقدر خيره وشرّه ؟

الجواب: أن نقول :المفعولات والمخلوقات هي التي فيها الخير والشر، أما أصل فعل الله تعالى وهو القدر فلا شرّ فيه، مثال ذلك: قول الله عزّ وجل:( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ )(الروم: الآية41) هذا بيان سبب فساد الأرض ،وأما الحكمة فقال: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(الروم: الآية41) إذن هذه مصائب من جدب في الأرض ومرض أو فقر،ولكن مآلها إلى خير، فصار الشرّ لايضاف إلى الرب، لكن يضاف إلى المفعولات والمخلوقات مع أنها شر من وجه وخير من وجه آخر، فتكون شراً بالنظر إلى ما يحصل منها من الأذية، ولكنها خير بما يحصل منها من العاقبة الحميدة (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم:41].

ومن الحكمة أن يكون في المخلوق خير وشر، لأنه لولا الشر ما عُرف الخير،كما قيل: (وبضدها تتبين الأشياء) فلو كان الناس كلهم على خير ما عرفنا الشر، ولو كانوا كلهم على شر ما عرفنا الخير، كما أنه لا يعرف الجمال إلا بوجود القبيح، فلو كانت الأشياء كلها جمالاً ما عرفنا القبيح.

إذا إيجاد الشر لنعرف به الخير، لكن كون الله تعالى يوجد هذا الشر ليس شراً، فهنا فرق بين الفعل والمفعول، ففعل الله الذي هو تقديره لا شر فيه، ومفعوله الذي هو مُقدرهُ ينقسم إلى خير وشر، وهذا الشر الموجود في المخلوق لحكمة عظيمة.

فإذا قال قائل: لماذا قدر الله الشر؟

فالجواب: أولاً: ليُعرف به ا لخير.

ثانياً: من أجل أن يلجأ الناس إلى الله عزّ وجل.

ثالثاً: من أجل أن يتوبوا إلى الله.

فكم من إنسان لا يحمله على الورد ليلاً أو نهاراً إلا مخافة شرور الخلق، فتجده يحافظ على الأوراد لتحفظه من الشرور، فهذه الشرور في المخلوقات لتحمل الإنسان على الأذكار والأوراد وما أشبهها، فهي خير.

ولنضرب مثلاً في رجل له ابن مشفق عليه تماماً، وأصيب الابن بمرض وكان من المقرر أن يكوى هذا الابن بالنار، ولا شك أن النار مؤلمة للابن، لكن الأب يكويه لما يرجو من المصلحة بهذا الكي، مع أن الكي في نفسه شر، لكن نتيجته خير.

وإذا علمت أن فعل الله عزّ وجل الذي هو فعله كله خير اطمأننت إلى مقدور الله عزّ وجل واستسلمت تماماً،وكنت كما قال الله عزّ وجل: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )(التغابن: الآية11) قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.

والإنسان إذا رضي بالقدر حقاً استراح من الحزن والهم، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيْفِ، وَفِيْ كُلٍّ خَيْر، اِحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وِاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلا تَقُلْ: لَوْ أَنِّيْ فَعَلْتُ كَذَا لَكَانَ كَذَا، فَإِنَّ - لَوْ - تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ [47] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-04.HTM#_ftn38) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحرص على ما ينفع، ثم إذا اختلفت الأمور فقل: هذا قدر الله وما شاء فعل.

وليس المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيْفِ قوي العضلات، بل المراد: المؤمن القوي في إيمانه لا في جسمه، فكم من إنسان قوي الجسم لكن لا خير فيه، وبالعكس. وبهذه المناسبة لو كتبت هذه الجملة المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيْفِ على لوحة كبيرة فوق ملعب رياضي، على أن المراد بالمؤمن القوي قوي العضلات فإن هذا لايجوز

فالمهم أن الشر لاينسب إلى الله تعالى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ [48] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-04.HTM#_ftn39) وإنما ينسب الشر إلى المخلوقات، قال الله تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) [الفلق:1-2] فالشرّ ينسب إلى المخلوقات.

وهنا مسألة: هل في تقدير المخلوقات الشريرة حكمة ؟

والجواب: نعم، حكمة عظيمة، ولولا هذه المخلوقات الشريرة ما عرفنا قدر المخلوقات الخيّرة، فالذئب مثلاً صغير الجسم بالنسبة للبعير، ومع ذلك الذئب يأكل الإنسان كما قال الله تعالى في سورة يوسف علىلسان يعقوب عليه السلام: (وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ )(يوسف: الآية13) ومعلوم أن البعير لا يأكل الإنسان، بل إن البعير القوي الكبير الجسم ينقاد للصبي الصغير، قال الله عزّ وجل: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ*وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ) [يس:71-72] فتأمل الحكمة البالغة أن الله تعالى خلق الإبل،وهي أجسام كبيرة،وأمرنا الله تعالى أن نتدبر حيث قال: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (الغاشية:17)

وخلق الذئاب وأشباهها مما يؤذي بني آدم حتى يعلم الناس بذلك قدرة الله عزّ وجل ،وأن الأمور كلها بيده.

أن الساعة لا يعلمها أحد إلا الله عز وجل ،لأن أفضل الرسل من الملائكة سأل أفضل الرسل من البشر عنها، فقال: ما المَسْؤولُ عَنْهَا بَأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ.

ويترتب على هذه الفائدة أنه لو صدَّق أحد من الناس شخصاً ادعى أن الساعة تقوم في الوقت الفلاني، فإنه يكون كافراً، لأنه مكذب للقرآن والسنة.

عظم الساعة، ولهذا جاءت لها أمارات وعلامات حتى يستعد الناس لها - رزقنا الله وإياكم الاستعداد لها -.

أننا إذا كنا لانعلم الشيء فإننا نطلب ما يكون من علاماته، لأن جبريل عليه السلام قال: أخبرني عن أماراتها

ضرب المثل بما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم : أن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وفي لفظ: ربَّهَا والعلامة الثانية: أنْ تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رُعَاءَ الشَّاءِ يَتْطَاوَلُوْنَ فَي البُنْيَانِ.

فإن قال قائل: لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أمارات أخرى أوضح من هذا؟

فالجواب: أن العلامات الأخرى بيّنة واضحة لا يحتاج السؤال عنها، ولذلك عدل النبي صلى الله عليه وسلم عنها إلى ذكر هذه الصورة.

أن الملائكة يمشون إذا تحولوا إلى بشر، لقوله: ثم انْطَلَقَ

وهل يمشون إذا كانوا على صفةالخلق الذي خلقواعليه؟

الجواب: قال الله عزّ وجل: (قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً) (الاسراء:95)

ولهم أجنحة يطيرون بها، كما قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) (فاطر:1)

إلقاء العالم على طلبته ما يخفى عليهم،لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أَتَدْرُوْنَ مَنِ السَّائِل

أن السائل عن العلم يكون معلماً لمن سمع الجواب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فإنه جبريل أَتَاكُم يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ مع أن الذي علمهم النبي صلى الله عليه وسلم لكن لما كان سؤال جبريل هو السبب جعله هو المعلم.

ويتفرع على هذا: أنه ينبغي لطالب العلم إذا كان يعلم المسألة وكان من المهم معرفتها أن يسأل عنها وإن كان يعلمها، وإذا سأل عنها وأجيب صار هو المعلم.

أن السبب إذا بني عليه الحكم صار الحكم للسبب، ولهذا ذكر العلماء لهذه القاعدة مسائل كثيرة منها:

لو شهد رجلان على شخص بما يوجب قتله من ردة أو حرابة، ثم حكم القاضي بذلك ثم رجعوا وقالوا: تعمدنا قتله،فإن هؤلاء الشهود يقتلون، لأن الحكم مبني على شهادتهم وهم السبب.

ولكن إذا اجتمع متسبب ومباشر فالضمان على المباشر إلا إذا تعذرت إحالة الضمان عليه،فيكون على المتسبب، مثال ذلك:

رجل حفر حفرة في الطريق فوقف عليها رجل فجاء رجل ثالث فدفع الرجل وسقط في الحفرة ومات، فالضمان على الدافع،لأنه هو المباشر.

مثال آخر: رجل ألقى بشخص بين يدي الأسد فأكله، فالمباشر هنا هو الأسد، والمتسبب الرجل الذي ألقى الآخر بين يدي الأسد، فالضمان على الرجل لتعذر إحالة الضمان على الأسد.

أن ما ذكر في هذا الحديث هو الدين، لقوله: يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ ولكن ليس على سبيل التفصيل،بل على سبيل الإجمال.

فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ ثلاث مرات: للهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُوله، وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَعَامَّتِهِمْ [49] (http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-04.HTM#_ftn40)؟

فالجواب:بلى، لكن هذه النصيحة لا تخرج عما في حديث جبريل،لأنها من الإسلام.

شرح الاربعين النووية
الشيخ ابن عثيمين

الفرصة الأخيرة
07-21-2006, 08:09 PM
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?p=46510#post46510