المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل القاضي بهذا الحكم يكون آثما؟



الدارقطني
03-15-2006, 11:46 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الهدي الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين..

وبعد

فهذا سؤال فضلت الإمساك في الإجابة عنه إلى حين عرضه عليكم إخوتي الأكارم علكم تجدون لي فيه جوابا شافيا يخرج الرجل صاحبه من همه وألمه الكبير، وسؤاله كان قد دار ويدور في جانب حكم من أحكام الله الغفور الرحيم، في حد زانية محصنة من أسرة فقيرة معدمة، لا تجد من الطعام إلا القليل، ولا يحميها من البرد القارص إلا لحاف وغطاء قصير، ولا يخفى على امرئ أن الإنسان مهما بلغ من دين ويقين فإنه قد يقع في يوم من الأيام في شرك المعصية والظلم الكبير لنفسه وأسرته وأمته، لا سيما إذا كان فقيرا ومعوزا ومحتاجا.

وباختصار فإن القاضي حيث تُعرض عليه مثل هذه القضايا المفسدة لحال الأمة، المحطمة لنفسية الزوج والأسرة، فإنه لا يجد مخرجا ولا سبيلا إلا أن يقيم الحد العادل الفاصل حيث توافرت الأدلة، ولكن الرحمة في قلب القاضي تتنازعه في بعض الأحيان أن يحكم برجم امرأة مسكينة قد حملت في أحشائها طفلا لا ذنب له إلا أن أمه قد حملت به سفاحا وظلما، لا سيما وأن القوم قد أسقطوا كثيرا من الحدود كانت قد ثبتت في حق أغنيائهم بحركات خبيثة وماكرة.

والسؤال المباشر هو:

ما حكم القاضي الذي هذا حاله وفي بلد هذه حالها، لا تُقيم على الشريف الحد بل تقيمه على الوضيع والمسكين، فآثر هذا الرجل المساواة بين المرأة وبين أولئك النسوة فعطل الحكم الأول وأبدله بحكم آخر مشككا في الشهود رغم الأدلة القاطعة الثابتة ويقينه منقطع النظير؟ فهل تجدونه مذنبا؟ أم لعلكم تجدونه مصيبا فيما وصل إليه من رأي وحكم؟

ناصر التوحيد
03-15-2006, 07:44 PM
ما حكم القاضي الذي هذا حاله وفي بلد هذه حالها، لا تُقيم على الشريف الحد بل تقيمه على الوضيع والمسكين، فآثر هذا الرجل المساواة بين المرأة وبين أولئك النسوة فعطل الحكم الأول وأبدله بحكم آخر مشككا في الشهود رغم الأدلة القاطعة الثابتة ويقينه منقطع النظير؟ فهل تجدونه مذنبا؟ أم لعلكم تجدونه مصيبا فيما وصل إليه من رأي وحكم؟
بداية .. يصعب كثيرا الشك في نزاهة القاضي ..
وليس للقاضي مصلحة في تعطيل حكم وابداله بحكم اخر ..
القاضي يحكم بالبينة وهي هنا بالاقرار او باربعة شهود عدول ..
والقاضي له ان يرد شهادة الشاهد اذا فقد الشاهد التزكية ..
لا بد وان يكون في حيثيات القرار ما يبرر ويبين اسباب حكمه وقضاءه ..
كما ان القضية قد يشوبها شبهة , فلذلك آثر درء الحد بهذه الشبهة , وهذا الامر مما نصت عليه السنّة الشريفة ..
اما تاجيل تنفيذ حد الزنا على الحامل فيما لو ثبت زناها فهذا ثابت في السنّة الشريفة .. وذلك حتى تضع حملها , بل وحتى يتم فطامه ..

كما قد تكون هذه القضية قضية لعان , فلا يطبق فيه حد الزنا اذا لاعنت الزوجة بالطريقة التي ذكرها القرآن الكريم في اللعان ...
ولا اظن ان مثل هذا الحكم الا ابتدائي ولم يصل الى حد القطعي البات النهائي , اي انه قابل للاستئناف , فيمكن الاستئناف على الحكم اذا خالف البينات او خالف اصول المحاكمات ..

اما حكم القاضي الذي لا يُقيم على الشريف الحد بل يقيمه على الوضيع والمسكين، فهذا حرام , ولا تجوز الشفاعة لتعطيل حد من حدود الله .. والحدود زواجر وجوابر .. " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " ,

الدارقطني
03-16-2006, 12:11 AM
بداية .. يصعب كثيرا الشك في نزاهة القاضي ..
وليس للقاضي مصلحة في تعطيل حكم وابداله بحكم اخر ..
القاضي يحكم بالبينة وهي هنا بالاقرار او باربعة شهود عدول ..
والقاضي له ان يرد شهادة الشاهد اذا فقد الشاهد التزكية ..
لا بد وان يكون في حيثيات القرار ما يبرر ويبين اسباب حكمه وقضاءه ..

سامحك الله أخي الكريم إذ لم تقرأ النص كاملا، فقد أكدت أنا على يقين القاضي وما ذكرت شكا من جانبه أبدا في وقوع المرأة بتلك الجريمة النكراء، وقد أقر هو بذلك وما أخفى عنا هذه الحقيقة، ولكنه آثر تعطيل الحد أسوة ببقية من لا يُقام عليهن الحد في بلاده من باب العدل والإنصاف والمساواة على ما يظن ويرى..

وأنا أسأل هنا عنه إن كان أذنب بهذا الفعل أم لا، وهل يكون بذلك ظالما أخذا بقول الله عز وعلا: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)؟؟

الدارقطني
03-16-2006, 06:58 PM
إخوتي الأكارم ألا من رأي تتكرمون به علينا في صاحب السؤال الحائر؟!! :emrose:

ناصر التوحيد
03-16-2006, 08:58 PM
أخي ..
كيف تريد ان نقول ان القاضي بهذا الحكم يكون آثما , أو ظالما أخذا بقول الله عز وعلا: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)؟؟

يجب ان نسمع منه , ويجب ان نسمع منه المبرر لذلك الحكم ..
ربما ليس كما تقول تعطيل الحد أسوة ببقية من لا يُقام عليهن الحد في بلاده من باب العدل والإنصاف والمساواة على ما يظن ويرى..
هل تريد لنا ان نأثم او نظلم ؟

الدارقطني
03-16-2006, 11:49 PM
أخي ..
كيف تريد ان نقول ان القاضي بهذا الحكم يكون آثما , أو ظالما أخذا بقول الله عز وعلا: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)؟؟

يجب ان نسمع منه , ويجب ان نسمع منه المبرر لذلك الحكم ..
ربما ليس كما تقول تعطيل الحد أسوة ببقية من لا يُقام عليهن الحد في بلاده من باب العدل والإنصاف والمساواة على ما يظن ويرى..
هل تريد لنا ان نأثم او نظلم ؟

أخي الكريم عافاك الله ما أردت بسؤالي هذا اتهاما لقاض بعينه ولا اتهام قوم بأعيانهم وإنما هو سؤال طرحته في حال قاض فعل ما فعل يقينا لا ظنا من أجل أمر يراه حقا في نفسه رغم ثبوت الأدلة والبراهين..

يعني باختصار أخي الكريم أخي العزيز حديثي إنما يدور عن شخص أقر على نفسه بفعلته هذه ويسأل عن هذا الأمر أمذنب هو به إذ تعمد استبدال حكم من أحكام الله بغيره أم لا؟؟

يعني لست أنا أو غيري من اتهمه أو ادعى عليه..

وثق تماما أخي الكريم بأن لا علاقة لي بالموضوع هذا من قريب أو بعيد إلا مجرد وصول إلى نتيجة صحيحة وحق أراني غير عالم به..

الفرصة الأخيرة
03-17-2006, 12:37 AM
إذا تيقن القاضي بحكم ما .. فعليه أن يقضي به لا غير.. وليس للقاضي ولا لغيره أن يستبدل حكم الله عز وجل بأي حكم كان .. مهما كانت المبررات.. فمن غير حكم الله لشبهةٍ كالتي هنا من ظن المساواة في ترك الحد أو غيره من الشبهات فهو من الظالمين لأنفسهم بلا شك.. ويأثم بذلك.. وعليه التوبة .. ولولي الأمر أن يردع مثل هذا القاضي بما يراه ملائما له من تعزير .. أما من بدل حكم الله جحودًا أو ظنًا بمساواة حكم غيره لحكمه سبحانه أو أفضليته عليه .. فهذا تعلمون كفره بلاشك.. لكنها مسألة أخرى.

وحجة القاضي هنا في ترك الحكم .. ليست إلا حجة وهمية لا أساس لها من الصحة.. لأنه لا فرق بين الفقير والغني في ضرور إقامة الحدود على الجميع.. وإهدار البعض للحدود ذنب كبير بلا شك.. لكنه لا يجيز لغيرهم إهدار الحدود هم أيضًا بحجة المساواة في الإهدار والتفريط.. فالواجب السعي في إقامة الحد على هؤلاء المفرطين.. لا إهدار الحدود والسعي في تركها مع القدرة عليها!

وهذا كله هو الأصل في مثل هذه الصور.. لكن حينما نأتي لتنزيلها على القاضي الذي هنا أو غيره من القضاة فإنه لابد من النظر في عدة جوانب.. منها شبهتهم التي تعلقوا بها.. وهل فعلوا ذلك لشبهةٍ كما في السؤال أعلاه.. فهنا يُرَدُّ حكمه ويبين له وجه الخطأ والصواب في المسألة.. ولا يؤخذ بحكمه.. ولكن من تعلق بشبهة وأخطأ في اجتهاد يكون قد أخطأ وله أجر الاجتهاد.. فالحدود تُدْرأُ بالشبهات.. كذلك التأثيم والحكم بالظلم على شخصٍ .. وهذا بخلاف إذا علمنا من حاله أنه فعل هذا بغير شبهة أو اجتهاد.. وإنما فعله عن هوى في نفسه.. وجحود لحكم الله.. فهنا لا كرامة له البتة.

فلينظر صاحب المسألة في هذه الأمور كلها .. ويستوضح الحق فيها من خلال ملابساتها التي يعلمها هو.. ويستفيد في ذلك من كلامنا المذكور.. مع رجاء الانتباه إلى الفارق بين الأحكام العامة.. وبين تنزيل الحكم على واقع بعينه.. والله أعلم.

الفرصة الأخيرة
03-17-2006, 01:00 AM
كتبت هنا مشاركة طويلة.. لكنني فوجئتُ بها وضعت في مشاركتين بما يتسبب في الإخلال بمرادي ومقصدي منها.. وحين فتحت المتصفح لتعديل المشاركة وحذف الخطأ فوجئتُ بها كلها قد حُذفت.

معذرة لهذا كله.. وإن شاء الله لعلي أعيد كتابة ما عندي إن شاء الله فيما بعد إن وجدتُ الوقت لذلك.

مراقب 1
03-17-2006, 01:07 AM
الأخ الفرصة الأخيرة

مداخلتك المحذوفة تم اعادتها مرة اخرى ، فلا داعى لتكرار كتابتها .

أبو مريم
03-17-2006, 06:44 AM
الأخ الدارارقطنى :
لقد سعدت عندما شاهدت اسمك ولم أكن اتوقع أن يكون هذا هو الموضوع أليس من ألأولى يا أخى أن نعين الإخوة على ما هم فيه بدلا من شغلهم وتشتيت همتهم .
طبعا يا أخى لا يجوز تعطيل الحدود لا على الشريف ولا على الوضيع وعلى القاضى أن يحكم بما أنزل الله تعالى ولو لم يحكم غيره والأمر واضح وجزاك الله خيرا .

الدارقطني
03-17-2006, 01:45 PM
الحمد لله رب العالمين وبعد

فأشكر الأخ الكريم (الفرصة الأخيرة) والأخ (أبو مريم) على تفضلهما بالمشاركة في هذا الموضوع..

ولا أنسى أخانا الكريم (ناصر التوحيد) المعقب الأول على النص المكتوب..

أقول: ولعل بعض القوم فهموا ما أرمي إليه بهذا الطرح، وآخرون لعلهم فضلوا تجاوزه بالترك أو المراوغة، والحقيقة أن هذا الموضوع إنما هو تصور لما كانت عليه أمة بني إسرائيل وقت بعثة الحبيب المصطفى عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام، إذ وجدوا أن لا قدرة لهم في إقامة الحدود على الأشراف فيهم..

وللحرج هذا فقد فضلوا استبدال حكم الله بحكم آخر يكون سهل التطبيق على الجميع، فاستبدلوا حد المحصن الزاني بالتحميم دون الرجم..

لا جحودا ولا تفضيلا لهذا الحكم على حكم الله عز وعلا، وإنما من باب الضعف وعدم القدرة على تطبيق الحدود على الجميع، فأنزل الله فيهم: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون) وأتبعها بآية أخرى عز وعلا فقال: (فأؤلئك هم الظالمون) وقال أيضا جل شأنه: (فأؤلئك هم الفاسقون)..

والناظر لأول وهلة يتعجب من وصف هؤلاء بالكفر ومرة بالظلم وأخرى بالفسق، فيأتي أحدهم ليقول إن القاضي حيث يحكم بغير ما أنزل الله في الحدود فهو فاسق وظالم لنفسه لا كافر بالآية الأولى، لأنه لو كان يكفر بها ما ليَّن الله تعالى القول فيه فجعله مرة ظالما وأخرى فاسقا!!

ولما رجعت للحديث في صحيح مسلم والذي كان فيه سبب نزول هذه الآيات وجدت البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه وأرضاه يقول: هي في الكفار كلها.

أي أن هؤلاء قد حكم الله عليهم بالكفر ابتداء إذ لم يقيموا حدوده جل شأنه..

وحكم عليهم بالظلم إذ لم يقيموا حدوده جل وعز بين الناس فكان الفساد وكان الضياع..

وحكم عليهم بالفسق إذ جاهروا بمعصية الله وما راعوا في الناس ولا في أنفسهم أمر الله تبارك وتعالى..

وعليه فهذه الصفتان إنما هما للكفار الذين يكفرون بأمر الله فلا يقيمونه بين الناس، وكما هو معلوم بأن كل كافر يكون فاسقا وظالما، وليس كل ظالم أو فاسق يكون كافرا..

وإليكم حديث البراء بن عازب في باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى من صحيح مسلم حديث 1700

حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة كلاهما عن أبي معاوية قال يحيى أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمما مجلودا فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم قالوا نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم قال لا ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك نجده الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إلى قوله إن أوتيتم هذا فخذوه يقول ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا فأنزل الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) في الكفار كلها.

المهم أن هذا الموضوع أخي أبو مريم ولا أظنني الشخص الذي تقصد، ولكني الكاتب سابقا في ما سوسم بـ منتدى الفكر العربي..

المهم أخي وإخوتي الأكارم أني ما طرحت الموضوع للتشتيت ولا للتفريق، وإنما جئت به أبحث عن حكم أو رأي في هذه المسألة سديد..

ولا تحزن فإني في الأيام القادامات أكون لأؤلئك القوم بالمرصاد إن شاء الله العزيز الحكيم

والحقيقة أن هذا الموضوع ما كان يشغلني ولست ولله الحمد ممن يكفر خلق الله أو يسعى لإقامة الحدود عليهم فقد عافاني الله من هذا الأمر ولا أرجوه يوما، لا لنفسي ولا لغيري من طلاب العلم والخير..

ولكني وجدت جماعة من الخلق أتوا على هذه الآية يفسرونها بتفسيرات ومختلفة وآخرها ما سمعته من أحد المحاضرين في إحدى الندوات السب الماضي بالتحديد يقول: إن ابن عباس قال: هو كفر دون كفر فقلنا ننتهي عند هذا ولا نتكلم في ما فسره ترجمان القرآن..

ثم رجعت لكتب الحديث فوجدت الأثر يدور على هشام بن حُجير، وهذا ضعفه أئمة الحديث، ووثقه أهل التساهل منهم، وقال فيه خاتمة الحفاظ: "صدوق له أوهام" وهو مع كونه من رجال الصحيحين إلا أن للصحيحين خصوصية لا تخفى على عالم في هذا الشأن فإما أن تكون لحديثه متابعة أو يكون مشهورا بين الناس فيأتي بحديثه عاليا لا أنه في ذاته منفردا يكون صحيحا..

وحيث تفرد هذا الراوي بسنده عن ابن عباس، وجاء البراء بن عازب في صحيح مسلم ليؤكد على كفر أؤلئك القوم، أضف إلى هذا مجيئ روايات أخرى عن ابن عباس يؤكد فيها كفر تارك حكم الله كما في تفسير ابن كثير، وأن القائل بأنه كفر دون كفر إنما هو عطاء لا ابن عباس، وأكد لي هذا الأمر تماما قول ابن حجر في تغليق التعليق الجزء الثاني- صفحة 43: "وأما قوله كفر دون كر فوجدته من قول عطاء"

ثم نظرت بعد ذلك فوجدت بعض أهل العلم يستدلون بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) على أن الكفر هذا كفر دون كفر..

والصحيح أن هذا الحديث وغيره حيث جاء لفظ الكفر فيه منّكرا فإنه لا يُستدل به ولا يُحمل عليه، ولكم أن ترجعوا إلى الفرق بين ما جاء نكرة وبين ما جاء معرفا، ومن ذلك دعوة إبراهيم عليه السلام فيما أخبرنا ربنا تبارك وتعالى عنه فقال: (رب اجعل هذا بلدا آمنا) وقال في موضوع (رب اجعل هذا البلد آمنا) فالأولى كانت نكرة في حق بلد لم تتوفر فيه مقومات البلد كلها إلا المكان وربما أمور أخرى لا تقوم بها، ولكنه لما رجع عليها وقد تفجرت ماء زمزم وأقبل إليها الناس يسقون ويرعون جعلها معرفة لأنها حققت مقومات اللبلد الحقيقي الصالح للعيش والحياة والاستمرار..

وعليه فاللفظ حيث جاء نكرة فما هو بجامع للكفر المخرج من الملة ولكنه حيث يكون معرفا فإنه لا شك يكون جامعا لمقومات الخروج عن الملة بناء على فهمنا للغة العرب لغة القرآن الكريم..

أنبه هنا مرة أخرى بأني لست ممن يطالبون بتكفير أحد من خلق الله وإنما أنا باحث عن الحق وبيانه لئلا يقع القضاة في بعض البلاد في ما لا تُحمد عُقباه، وفي ذات الوقت فإنما هذا حكم ولا يصدر ولا يقره أحد إلا بأمر العلماء أهل الشأن أو القضاة الربانيون، وأدعو كل من قرأ هذا الكلام أن لا ينجرف وراء أهوائه تطرفا أو انحرافا..

والله أسأل أن يرزقني الحق وإخوتي أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته