المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل نفى القرآن الكريم المعجزات عن الرسول صلى الله عليه و سلم؟



الحمد لله
03-17-2006, 04:24 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أثناء تجولي في صفحات الانترنت .. وجدت أحد الكتب التي تحاول تكذيب الرسول صلى الله عليه و سلم .. و اعتمد كاتبه على اثبات ان المعجزة تكون وحدها دليلا على النبوة .. ثم قام بعد ذلك بتفنيد ما جاء به القرآن و الأحاديث حول معجزات الرسول صلى الله عليه و سلم ليثبت انها كانت جميعا من وحي الخيال

طبعا لم يكن عندي من الوقت الكفاية لقراءة كل ما ورد في الكتاب واعتقد ان اسم كاتبه يوسف حداد .. فقمت بالانتقال مباشرة لقراءة تعليقه حول واحدة من أظهر معجزات الرسول صلى الله عليه و سلم و هي معجزة انشقاق القمر .. و ساقوم بالتعليق على الباقي تباعا


نختم هذا البحث بذكرهم معجزة انشقاق القمر . فقد رأى بعضهم فى مطلع سورة ( القمر ) معجزة خارقة : " اقتربت الساعة ! و انشق القمر ! و إن يروا آية يعرضوا و يقولوا : سحر مستمر " ! ( 1 – 2 ) .

جاء الحديث فوثق الخبر ، فتداولته الكتب الصحاح . و صحيح البخارى يجعل المعجزة بناء على طلب الكفار . و مسند أحمد يذكر المعجزة لكن لا يشير الى طلب الكفار لها ، فهى عنده خالية من عنصر التحدى . و أكثر الروايات تؤيد أحمد فى مسنده .

و فى حديث البخارى أن أهل مكة سألوا محمدا آية فانشق القمر بمكة مرتين ! إنما حرف الآية يقول : " أتت الساعة و انشق القمر " . فانشقاق القمر مرتبط بقدوم الساعة . و ان " الساعة " فى لغة الكتاب ، و فى لغة القرآن ، كناية عن يوم الدين . و انشقاق القمر من أشراط الساعة ؟ فليس هو حادث يجرى فى حياة الرسول ، هذا بنص القرآن القاطع .

قال القرطبى فى تفسيره : " قال قوم : لم يقع انشقاق القمر بعد . و هو منتظر . أى اقترب قيام الساعة و انشقاق القمر . و أن الساعة إذاقامت انشقت السماء بما فيها من القمر و غيره . و كذا قال القشيرى . و ذكر الماوردى : ان هذا قول الجمهور . وقال : لأنه اذا انشق ما بقى أحد إلا رآه ، لأنه آية و الناس فى الآيات سواء . و قال الحسن : اقتربت الساعة ، فإذا جاءت انشق القمر بعد النفخة الثانية … و قيل : " و انشق القمر " أى وضح الأمر و ظهر ، و العرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح . و قيل : انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه بطلوعه فى أثنائها ، كما يسمى الصبح فلقا لانفلاق الظلمة عنه " .

ففى نظر المفسرين المدركين ، تعبير " انشق القمر " إما حقيقى ، و هو من أشراط الساعة فى اليوم الآخر ، و إما مجازى فليس فيه من حادث طبيعى .

و قال محمد عبد الله السمان 1 : " و لو سلمنا جدلا بأن الانشقاق قد حدث ، فهل من العقل و المنطق بألا ترى الدنيا بأسرها هذا الانشقاق ! لأن القمر للدنيا كلها و ليس لمكة وحدها ، إن هذا حدث ضخم ، و ليس بالأمر الهين اليسير . و لو حدث حقا لكان على

1 محمد ، الرسول البشر ، ص 85 .

الأقل دونته كتب التاريخ المعاصر ، و تغنى به الشعراء المعاصرون و ما كثرهم فى جزيرة العرب يومئذ " .

و نقول : لو حدث شىء من مثل ذلك ، لآمن العرب من دون جهاد و قتال ، و لعرفه الفرس و الروم و آمنوا بالنبى العربى ، من دون فتوحات و حروب !

لا يسعنا إذن أن رنى فى الآية القرآنية ، على نقيض حرفها و معنااها ، حادثا تاريخيا جرى على يد محمد معجزة له ! فهذا يناقض علم الفلك ، و ارتباط عالمنا الشمسى بجاذبية واحدة ، و ارتباط هذه الجاذبية الشمسية بالجاذبية الكونية . و لنفكر فى ما يترتب على انشقاق القمر من احداث و أخطار فى مدار القمر كما فى مدار الأرض ، فى الهواء كما فى البحر ، فى النبات و الحيوان و الانسان .

إن انشقاق القمر شرط من اشراط الساعة : هذا كل ما فى آية القرآن . و من الظلم للقرآن و العقل و العلم أن ننسب للقرآن ما هو منه براء .

تلك نماذج خمسة من المعجزات التى يستنبطونها للنبوة فى القرآن ، و تهافتها فى ذاتها يقضى عليها قضاء مبرما . إنما هى الحماسة التى تدفع بالشعب و من يجاريه من العلماء بالحديث و التفسير ، الى استنباط معجزات من " آيات متشابهات " فى القرآن ، لأنهم يشعرون بالفطرة ، مثل أهل مكة أنفسهم ، أن المعجزة دليل النبوة الأوحد ، " سنة الأنبياء الأولين " ، " السلطان المبين " من لدن الله ، و انه لا نبوة بدون معجزة . فإذا لم يجدوها فى القرآن خرقوها بالحديث و التفسير .

و صريح القرآن هو بمنع المعجزة عن محمد منعا مبدئيا مطلقا ( الاسراء 59 ) ، و امتناع المعجزة عنه امتناعا واقعيا مطلقا ( الاسراء 93 ) . لذلك وقف المعتزلة قديما بوجه الحماسة الشعبية تجاه أهل الكتاب ، و حماسة المحدثين و المفسرين ، بإعلانهم : لم يجعل الله القرآن دليل النبوة . و علماء العصر فى التفسير و السيرة ، اضطروا إلى أن يعلنوا موقف القرآن السلبى من كل معجزة ، و أن يصرحوا مثل الاستاذ دروزة كما نقلنا : " إن حكمة الله اقتضت أن لا تكون الخوارق دعامة سيدنا محمد عليه السلام ، و برهانا على صحة رسالته و صدق دعوته

و أقول لهذا الكاتب الجاهل المدلس
1- ان الاقتران بين انشقاق القمر مع اقتراب الساعة لان انشقاق القمر هو أحد اشراط الساعة الدالة على قرب حدوثها : فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ [محمد : 18]
و من هذه العلامات الدالة على قرب الساعة بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم و انشقاق القمر و الدخان
2- تفسير الآية بانها تعني ان الانشقاق يحدث يوم القيامة لا يتماشى مع السياق و يناقض آيات القرآن و يهدم علم الحديث لان فيه اتهام للرواة العدول بالتدليس
و نقول ردا على هذه الشبهة الساذجة
أولا .. قوله تعالى :اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ
هو دليل كافي لكل من له عقل ..
ثانيا : ما اخبرنا القرآن الكريم عن حال القمر يوم القيامة : فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرّ
فلا انشقاق للقمر يوم القيامة
ثالثا : في قراءة اقتربت الساعة و قد انشق القمر تفيد تحقق الانشقاق .. والقرآتان لا تختلفان في المعنى
رابعا :ما روي عن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال: ألا إن الساعة قد اقتربت، وأن القمر قد انشق على عهد نبيكم صلى الله عليه وسلم.اهـ
خامسا كثرة ما ورد في هذا الباب من احاديث صحيحة تثبت حدوث الانشقاق في زمن الرسول صلى الله عليه و سلم .. و يكفينا حديث واحد لاثبات الواقعة

3- من تدليس هذا الكاتب انه ادعى كذبا ان تفاسير العلماء المدركين تحمل الانشقاق على يوم القيامة .. و الحقيقة ان المفسرون اجمعوا على حدوث هذا الانشقاق في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم .. و لا يلتفت الى بعض التفاسير الشاذة التي لا تناقض الاجماع

4-من جهل الكاتب انه قال بان صحيح البخاري جعل المعجزة بناء على طلب كفار مكة و هذا صحيح و لكنه لم يذكر ان ذلك قد وري أيضا باسناد صحيح في صحيح الترمذي
و كثرة الروايات انما هو دليل أكبر على صدق الخبر

5- من افتراء الكاتب و تدليسه و انعدام امانته العلمية انه نقل فقرة من تفسير القرطبي على انها تفسيره في حين انه قام بنقل أحد الآراء الشاذة للرد عليها

6-و من سخافة الكاتب و غبائه انه ادعى ان حدوث هذه المعجزة يناقض علم الفلك .. و هو بذلك يناقض نفسه بنفسه في تعريفه لمعنى لمعجزة

7-ناتي لمسالة عدم تدوين الواقعة في كتب التاريخ و الحقيقة اني لم اقرأ من قبل انه أحد كتب التاريخ قد كتب عن الظواهر الكونية الغير طبيعية .. فهل ذكرت كتب التاريخ كسوف الشمس و القمر و البرف و الرعد و الزلازل و البراكين رغم عدم وجود تفسير علمي لها حتى تذكر انشقاقا وقتيا حدث للقمر؟
اضافة الى ذلك فانه نصف الكرة الارضية يكون ليلا و النصف الآخر نهارا .. و الليل هو وقت نوم و استراحة .. و مشاهدة مثل هذه الظاهرة الكونية يقتضي ان يكون المشاهد ناظرا الى لسماء .. ناهيك عن وجود الغيوم الكثيفة في الكثير من المناطق تحجب رؤوية القمر
و بالتالي افتراض تدوين مثل هذا الحدث في كتب التاريخ هو افتراض غير منطقي
8- أخيرا أحب أن أسأل الكاتب : لو افترضنا جدلا ان انشقاق القمر كان اكذوبة .. الم يكن المسلمين سيرتدون عن دين الاسلام لأن القرآن يسجل واقعة لم تحدث؟
ماذا لو علمت ان الرسول صلى الله عليه و سلم كان يقرأ بسورتي "القمر" و "ق" في المحافل الكبار
أعتقد ان الكاتب أغبى من ان يجيب مثل هذا السؤال

--------------------------------------------

و في موقع آخر نجد انه قد شرح شبهتين أخرتين و هما شعر أمرؤ القيس المنحول و الآيات التي انكرت وقوع معجزات في نظرهم

فهل بالفعل انكر القرآن تأييد الرسول صلى الله عليه و سلم بالمعجزات؟
لمعرفة ذلك يجب ان نعلم نوعية المعجزات التي طلبها المشركون من الرسول صلى الله عليه وسلم

و قبل أن أبدا في الرد على هذه الشبهات أقول
1-ان الاسلام لم يكن كغيره من الأديان الأخرى يعتمد اعتمادا أساسيا على المعجزات الحسية و انما كان يعتمد اساسا على التفكير المنهجي و التدبر في آيات القرآن و آيات الكون العظيمة .. فلم يكن من المنطقي أن يجيب الله تعالى كل ما طلبه المشركين آنذاك من أمور خيالية بل ان يأمرهم بالتدبر في آيات القرآن و عجائب الكون .. و الا فان الاسلام يفقد أساس رسالته السامية التي تخاطب العقول و القلوب

2-اضافة الى ذلك نقول ان معجزة انشقاق القمر بالذات تختلف عن باقي المعجزات في كونها أحد أشراط الساعة المذكورة في سورة محمد .. فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ . مثلها مثل بعثة النبي صلى الله عليه و سلم و و الدخان و غيرها

3- من خلال تتبع قصص الانبياء في القرآن لاحظت ان الله يؤيد أنبياؤه باحد نوعين من المعجزات

النوع الأول : معجزات دالة على صدق النبوة و فيها خرق للعادة و سنن الكون مثل معجزة عصا موسى و و معجزات سيدنا عيسى
و الكفر بهذه المعجزات لا يستتبع العقاب الالهي في الدنيا
بدليل كفر الناس بمعجزات سيدنا موسى و عيسى عليهما السلام و سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

و الدليل على كفر الناس بهذه المعجزات

حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ

وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (51) فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ .. وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ [القمر : 3]

أما النوع الثاني : فهو آيات ينزلها الله من السماء لاقامة الحجة على الناس قبل تعذيبهم .. و لا تكون بالضرورة خارقة لسنن الكون .. و قد اخبرنا الله تعالى في القرآن باثنين من هذه المعجزات
1- ناقة صالح
2- مائدة عيسى

و عكس النوع الاول فان الكفر بهذه المعجزات يستتبع العذاب الاليم في الدنيا
و الدليل على ذلك أيضا

مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (155) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ

إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ

و هنا نلاحظ انطباق هاتين الايتين تماما مع حال كفار مكة .. و لكن الله كان يعلم ان كفار مكة كانوا سيكذبون بهذه الآيات مما يعني اهلاكهم و خروج الدعوة عن مسارها كخاتم الرسالات السماوية

وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً [الإسراء : 59]

و قد يقول قائل ان كفار مكة قد طلبوا بالفعل من الرسول صلى الله عليه و سلم آية عندما شق القمر
و أقول انهم لم يطلبوا آية بعينها و لم يطلبوا ان تنزل عليهم آية من السماء .. فكانت معجزة انشقاق القمر كدليل صادق على نبوة الرسول صلى الله عليه و سلم على مدى العصور والأزمان و ليس لكفار مكة فقط

-----------------------------

نستنتج من الكلام السابق ان الله تعالى قد ايد الرسول صلى الله عليه و سلم بمعجزات حسية وقتية اكراما له و اثباتا لنبوته .. و لم تكن معجزة انشقاق القمر هي الوحيدة .. و الدليل على ذلك

1- وصف الكفار للرسول صلى الله عليه و سلم بالساحر
2- ما روي في طبقات بن سعد و سيرة بن هشام : عندما عميت زنيرة بنت رومية من التعذيب ثم عاد بصرها .. ان قريش قالت هذا بعض سحر محمد .. و هو اعتراف له بالسحر
3- قول الله تعالى : و ان يروا آية يعرضوا و يقولوا سحر مستمر .. يدل على تتابع و استمرار هذه الآيات التي فسرها الكافرون بالسحر

اذا لم يجد المشركون مخرجا من هذه الآيات الا بان يصفوها بالسحر
فانتقلوا الى المرحلة الثانية و هي مطالبة الرسول صلى الله عليه و سلم بان ينزل عليهم آية من السماء أو ان ياتي بافعال خيالية هزلية تخالف طبيعته البشرية مثل الصعود في السماء
و نستشف ذلك من مبالغة الكفار في هذه المعجزات

و الحقيقة ان هذا اجتهاد شخصي لكن هناك الكثير من الأدلة التي تؤيده

1- ان الله تعالى اهلك ثمودا لانهم كفروا بآية الناقة و توعد الحواريين بعذاب لم يعذبه احدا من العالمين لو كفروا بعد معجزة المائدة .. في حين انه لم يهلك الملأ من قوم فرعون أو اليهود او الرومان

2- نجد ان المشركين طالبوا الرسول صلى الله عليه وسلم بنوعين من الآيات
الاول: ان ينزل عليهم آية أو ملك

وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ
وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِين
وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ
فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ

و نلاحظ ان القرآن لم ينفي حدوث المعجزات نفيا قاطعا و انما ربطها بمشيئة الله .. مع التاكيد على كون القرآن الكريم أدل على صدق النبوة من أي معجزة حسية

الثاني : آيات تتنافى مع الطبيعة البشرية للرسول صلى الله عليه و سلم .. و جاءت من باب الاستهزاء ببشرية الرسول صلى الله عليه و سلم

وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً
أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً
أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً
أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء
وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ

لذلك رد الله عليهم قائلا

قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً

اقرا هذه الآية أيضا

بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُون (5) مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ

3- تقرير الله تعالى في مطلع سورة القمر بحدوث الانشقاق رغم ان سورة القمر نزلت في بدايات العهد المكي قبل نزول الآيات التي يطلب فيها المشركون من الله ان ينزل عليهم آية
4- من أقوى الادلة هو في رد الله تعالى على المشركين المطالبين بانزال آية من السماء
وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً [الإسراء : 59]
لاحظ ان الله قد ذكر آية الناقة كسبب لعدم ارسال الآيات و لم يذكر معجزات سيدنا موسى و عيسى عليهما السلام

ناصر التوحيد
03-17-2006, 07:08 PM
هذا كتاب "الأب" يوسف درة الحداد
وهو قس وتنصيري كافر ولا يؤمن بصدق نبوة سيدنا محمد ( ص )
ومن اساليبه في ذلك نفي المعجزات الحسية عن الرسول صلى الله عليه و سلم

فبارك الله فيك على تفنيدك لارائه الزائغة والضالة

الحمد لله
03-17-2006, 11:25 PM
الحقيقة لقد كنت اشك ان هذا اسمه "يوسف حداد"
لكن لم اكن اعرف أنه قس

على اي حال كلامه انما يدل على انحطاط اخلاقه و انعدام ضميره .. فهو لا يجد حرجا في التدليس و الكذب و التلفيق حتى يصل الى ما يريده

هو شخص نكره لا يستحق ان نذكر اسمه على السنتنا أو على صفحات منتدانا .. و سبب اهتمامي بالرد على كلامه لاني وجدته منتشرا في أكثر من موقع

قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ