المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح كتاب الوحي من صحيح الإمام البخاري...سلسلة حلقات



ابو مارية القرشي
03-19-2006, 10:20 PM
شرح كتاب الوحي من صحيح الإمام البخاري رحمه الله
الحمدُ للهِ الذي أرسلَ رسولَهُ بالهُدى ودين الحق ليظهرَهُ على الدِّين كلهِ وكفى بالله شهيداً، وأشهد الاّ إله الاّ الله لا شريكَ له إقراراً به وتوحيداً وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً مزيداً.
وبعد ،

قال الإمام البخاري رحمه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم
1 – كتاب بدء الوحي.
1 –باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقول الله جل ذكره: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} /النساء: 163/.


الشرح:
1-ابتدأ الإمام البخاري جامعه الصحيح بهذا الكتاب خلافاً لغالب المحدثين المصنفين في السنة المطهرة ، فأصحاب السنن الأربعة مثلاً ابتدأوا كتبهم بكتاب الطهارة ، وابتدأ الإمام مسلم صحيحه بكتاب الإيمان ولعل الإمام الدارمي وهو من شيوخ البخاري هو الوحيد-بجانب البخاري- الذي ابتدأ سننه بحال النبي قبل البعثة وكيف ابتدأ نزول الوحي على خاتم الإنبياء صلى الله عليه وسلم.
وهذا يدلُّ على رسوخ علمٍ وبصيرةٍ عظيمةٍ لهذين الإمامين العلمين ، وكأنهم أرادوا من القارئ التنبه الى أمرين في غاية الأهمية ؛
أحدها: أنَّ السنة المطهرة وحي من الله عزَّ وجلَّ ، فكل ما سيقرأه القارئ من حال النبي صلى الله عليه وسلم بعد اللقاء الأول لجبريل في غار حراء هو من وحي الله.
هذا وقد ابتدأ أخونا الفاضل الفرصة الأخيرة((طالب العلم المصري)) بسلسلة رائعة بعنوان"السُّنة وحيٌ من الله" :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4717

الثاني: الرد على أهل الفلسفة والرياضات الصوفية الذّين يزعمون أنهم يصلون الى معرفة دين الله بالعقل المجرد أو بالرياضات الروحية، فالبخاري يؤصل هنا لأمرٍ عقديٍ مهم جداً وهو استحالة وبطلان هذه الدعوى وأنَّ الطريق الوحيد لمعرفة دين الله هو الوحي الصادق.

قال البلقيني رحمه الله : وقدمه لأنه منبع الخيرات وبه قامت الشرائع وجاءت الرسالات ومنه عرف الإيمان والعلوم(إرشاد الساري:1\470)

2- لعلك لاحظت أيها القارئ الكريم أنَّ البخاري صدّر الباب بآيةٍ كريمة ، فلعلك تقول اليس كتاب البخاري مجرد جامعٍ للأحاديث الصحيحة؟
والجواب كلا يا أيها القارئ اللبيب ، فالجامع المختصر الصحيح هو منهج متكامل للمسلم فهو كتاب عقيدة وفقه وحديث،وهذا واضح من العنوان الذي اختاره الإمام البخاري لكتابه؛((الجامع الصحيح الْمُسْنَد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسُنَنِه وأيَّامِه)).
يقول الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله:
ثم رأى أن لا يخليه من الفوائد الفقهية والنكت الحكمية فاستخرج بفهمه من المتون معاني كثيرة فرقها في أبواب الكتاب بحسب تناسبها واعتنى فيه بآيات الأحكام فانتزع منها الدلالات البديعة وسلك في الإشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة قال الشيخ محيي الدين نفع الله به ليس مقصود البخاري الاقتصار على الأحاديث فقط بل مراده الاستنباط منها والاستدلال لأبواب ارادها ولهذا المعنى اخلى كثيرا من الأبواب عن إسناد الحديث واقتصر فيه على قوله فيه فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك(إرشاد الساري:8\1)
ولهذا صدر البخاري الباب بهذه الآية الكريمة في إشارةٍ لطيفة منه الى أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم ليس ببدعٍ من الرسل وأنه قد أوحي إليه كما أوحي الى النبيين من قبله.
يقول الحافظ ابن حجر:
ومناسبة الآية للترجمة واضح من جهة أن صفة الوحي إلى نبينا صلى الله عليه وسلم توافق صفة الوحي إلى من تقدمه من النبيين(الفتح:9\1)

يتبع إن شاء الله

أبو جهاد الأنصاري
03-19-2006, 10:26 PM
سنة حسنة يا أخى أبا مارية.
جعلها الله فى ميزان حسناتك.

ابو مارية القرشي
03-19-2006, 10:28 PM
بارك الله فيكم أخي الفاضل وسررت بمروركم الكريم وتشرفت به

الفرصة الأخيرة
03-19-2006, 11:41 PM
جزيتم خيرًا أخي الحبيب أبا مارية.. وتقبل الله منكم.. في انتظار الباقي وفقكم الله :emrose:

ابو مارية القرشي
03-20-2006, 09:38 PM
وجزاكم الله خيرا أخي الحبيب وسعدت بمروركم الكريم

ابو مارية القرشي
03-21-2006, 01:01 AM
قال الإمام البخاري رحمه الله:
1- حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي: أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه).

الشرح:
يسر الله لي شرح هذا الحديث الجليل بسلسلة في منتدى التوحيد تحت عنوان " الباقيات الصالحات من فوائد حديث إنما الأعمال بالنيات" وتجدوها على هذا الرابط:
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=1427

وسأذكر بعض الفوائد المناسبة لهذه السلسلة:
1-للبخاري رحمه الله طرق مختلفة الى يحي بن سعيد الأنصاري واختار هذا الطريق ليبتدأ به جامعه الصحيح من أجل أن شيخه عبد الله بن الزبير الحميدي قرشي وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بتقديم قريش فامتثل رحمه الله ذلك حتى في رواية الحديث.
2- سفيان شيخ الحميدي هو ابن عيينة، إمامٌ من أئمة الحديث ويكثر الحميدي من الرواية عنه.
3- انفرد برواية هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عمر ُبن الخطاب ولم يروه عنه غيرُ علقمة ولم يحدث به عن علقمة غير محمد بن ابراهيم التيمي ولم يروه عن محمد غير يحيى بن سعيد ثم سمعه من يحيى جمع غفير يقدر عددهم بمئة راوٍ ، فهذا حديث فردٌ غريب ، والأفراد يكثر فيها الضعيف والمنكر ولكن صحح الأئمة هذا الحديث بسبب حال رواته وموافقته لما تواتر من معناه في القرآن والسُنة.
4- مناسبة الحديث للباب أن البخاري رحمه الله لم يفتتح كتابه بخطبة كما جرت العادة وكأنه رأى أن هذا الحديث يقوم مقام الخطبة ، فكأنه يقول قصدت جمع وحي السنة المتلقى عن خير البرية على وجه سيظهر حسن عملي فيه من قصدي وإنما لكل امرئ ما نوى فاكتفى بالتلويح عن التصريح(انظر فتح الباري: 8\1)
5- اختصر الإمام البخاري الحديث ولم يورده كاملاً ، وعادته أن يختصر الحديث ويقتصر على محل الشاهد في موضع ويذكره بطوله في موضع آخر ويغير الإسناد في كل مرة يسوق فيها الحديث. أما عن سبب اختصار البخاري للحديث في هذا الموضع وعدم ذكره لقوله صلى الله عليه وسلم" فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله" أنه أراد الابتعاد عن مدح النفس وتزكيتها ؛ فيقول الحافظ : حاصله أن الجملة المحذوفة تشعر بالقربة المحضة والجملة المبقاة تحتمل التردد بين أن يكون ما قصده يحصل القربة أولا فلما كان المصنف كالمخبر عن حال نفسه في تصنيفه هذا بعبارة هذا الحديث حذف الجملة المشعرة بالقربة المحضة فرارا من التزكية وبقي الجملة المترددة المحتملة تفويضا للأمر إلى ربه المطلع على سريرته المجازى له بمقتضى نيته(الفتح:1\15)
وبقية الفوائد تجدوها في الرابط أعلاه إن شاء الله.

ابو مارية القرشي
03-27-2006, 04:35 PM
قال الإمام البخاري رحمه الله
2- حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا، فيكلمني فأعي ما يقول).
قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً.


الشرح:
أولاً: الكلام على رجال الحديث(فتح الباري بتصرف)
عبد الله بن يوسف هو التنيسي كان نزل تنيس من عمل مصر وأصله دمشقي وهو من أتقن الناس في الموطأ، قال الإمام البدر العيني:
وقال البخاري لقيته بمصر سنة سبع عشرة ومائتين ومنه ، سمع (منه) البخاري الموطأ عن مالك وليس في الكتب الستة عبد الله بن يوسف(عمدة القاري:36\1)
ومالك هو الإمام صاحب المذهب الشهير وكتابه الموطأ من المصنفات القديمة في الحديث وغالب أحاديث الموطأ المتصلة صحاحٌ.
عروة هو ابن الزبير بن العوام وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم وخالته أم المؤمنين عائشة ويكثر من الرواية عنها وهو أحد فقهاء المدينة السبعة واستشهد بالكوفة، قتله الحجاج لما كان والياً عليها لأخيه عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.
الحارث بن هشام المخزومي رضي الله عنه هو أخو أبي جهلٍ لعنه الله أكرمه الله بالإسلام يوم الفتح وكان من فضلاء الصحابة ونال الشهادة في فتوح الشام ، فلله درُّ أولئك الأبطال الذين نالوا شرف الصحبة والشهادة.
ومن ميزات هذا السند أنَّ فيه شهيدين ، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك مقبلين غير مدبرين، اللهم آمين.
ومن اللطائف هنا أن البخاري ساق الحديث الأول من طريق إمام مكة سفيان بن عيينة رحمه الله وساق الحديث الثاني من طريق إمام المدينة مالك رحمه الله ، ورجال السند حاشا شيخ البخاري مدنيون.
ثانياً: الفوائد المناسبة لكتاب الوحي:
1-ولما كان في الآية(التي ذكرها البخاري أول الباب) أن الوحي إليه نظير الوحي إلى الأنبياء قبله ناسب تقديم ما يتعلق بها وهو صفة الوحي وصفة حامله إشارة إلى أن الوحي إلى الأنبياء لا تباين فيه.(الفتح:19\1)
2-فيه بيان صفة الوحي وأنه يأتي بصورٍ متعددةٍ.
3- الصورة الأولى، أن الوحي يأتي مثل صلصلة الجرس المصنوع من النحاس أو الحديد وهذه الصورة هي أشدها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يتركه جبريل صلى الله عليه وسلم وقد وعى النبي صلى الله عليه وسلم الوحي وحفظه. وقد رأى الصحب الكرام النبيَّ وهو يوحى إليه مراراً.

4- الصورة الثانية: أن يأتي الملك في صورة رجل كما في حديث جبريل لما جاءه بهيئة رجل شديد بياض الثياب لا يرى عليه أثر السفر وأحياناً يأتي بصورة الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه.
وقد ابتدأ أخي الفاضل أبو جهاد الأنصاري حفظه الله بسلسلة طيبة عن صفات الوحي الالهي وتجدونها على هذا الرابط:
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4814


ثالثاً: الفوائد الأخرى:
1- فيه أدب طالب العلم ومخاطبته لأستاذه بأحسن الألقاب وتوجيه السؤال الى صاحب الشأن الخبير به.
2- فيه أدب المعلم وتفهميه التلميذ بأسلوب مبسطٍ وضرب المثال من القريب المعهود على الأمر البعيد، وأن المسئول عنه إذا كان ذا أقسام يذكر المجيب في أول جوابه ما يقتضى التفصيل(الفتح)
3- دقيق ملاحظة عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم في كل أحواله.
4- العناء والتعب في طلب العلم.
5-السؤال عن الكيفية لطلب الطمأنينة لا يقدح في اليقين.(الفتح)

ابو مارية القرشي
04-03-2006, 03:20 AM
قال الإمام البخاري رحمه الله:
3 - حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: (ما أنا بقارىء). قال: (فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم}). فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: (زملوني زملوني). فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: (لقد خشيت على نفسي). فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرءا تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أومخرجي هم). قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي.

الشرح:
أولاً: الكلام على رجال الحديث(فتح الباري وعمدة القاري بتصرف)
1-يحيى بن بكير من كبار حفاظ مصر وأثبت الناس في الإمام الليث بن سعد .ت231 هـ
2- الليث هو ابن سعد ، إمامٌ من كبار الأئمة، سمع من كبار التابعين كالزهري وعطاء بن أبي رباح ونافع وأبي الزبير المكي وغيرهم ، وليس في الكتب الستة من اسمه الليث بن سعد سواه ،وكان الشافعي يتأسف على فواته وكان يقول هو افقه من مالك إلاّ أنَّ أصحابه لم يقوموا به! كان رحمه الله من الأجواد ويروى أنَّ دخله كان ثمانين ألف دينار في السنة فما أوجب الله عليه زكاة قط لأنه يفنيها بجوده قبل حلول العام في زمنٍ كان النصاب فيه عشرون ديناراً وله ترجمة حافلة في تذكرة الحفاظ فلتراجع.
3- عُقَيل هو ابن خالد بن عَقيل بفتح العين الأيلي ، وليس في الكتب الستة من اسمه عقيل بضم العين غيره، وهو من الطبقة الأولى من الرواة عن الإمام الزهري(أنظر شرح علل الترمذي لابن رجب)
4- الزهري هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري المدني الإمام ولد سنة 50هـ ، قال عنه الذهبي: أعلم الحفاظ، لقي الصحابة وحدّث عن ابن عمر وسهل بن سعد وأنس بن مالك ومحمود بن الربيع وأبي أمامة بن سهل ، وحدّث عن كبار التابعين مثل وسعيد بن المسيب وغيره ، أجمع الناس على إمامته رضي الله عنه ، وهو ممن عنته سهام المستشرقين المشركين طعناً في السنة من خلاله ، وللشيخ الدكتور حارث الضاري حفظه الله دراسة مهمة عن هذا الإمام ، نال عليها شهادة الدكتوراة من الأزهر، فند فيها أكاذيب المستشرقين وبين فيها جهلهم بالسنة وأصول البحث العلمي وتحاملهم على الإسلام وأهله.
توفي الإمام الزهري في رمضان سنة 124 هـ.
5- تقدمت ترجمة عروة في الحديث الثاني.
ولعلك لاحظت أن الإسناد الى عقيل مصري ، ويصير مدنياً من الإمام الزهري رحمه الله.

ثانياً ؛ الفوائد المناسبة لكتاب الوحي:
1- ابتدأ الوحي اليه صلى الله عليه وسلم بالرؤى الصادقة تمهيداً وتبشيراً وتهيئة له صلى الله عليه وسلم للقاء الأول مع جبريل عليه السلام ، يقول الإمام البدر العيني رحمه الله:
إنما ابتدىء بها لئلا يفجأه الملك ويأتيه بصريح النبوة ولا تحتملها القوى البشرية فبدىء بأوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة من صدق الرؤيا مع سماع الصوت وسلام الحجر والشجر عليه بالنبوة ورؤية الضوء ثم أكمل الله له النبوة بإرسال الملك في اليقظة وكشف له عن الحقيقة كرامة له(عمدة القاري:60\1)
2- قوله ((حُبب إليه)) : فيها إشارة لطيفة الى أنَّ الله تولاه بعنايته فحبب إليه العبادة والتحنث بعيداً عن البشر ، وفي هذا اصطفاء منه جلَّ وعلا وتربية وتهيئةٌ له صلى الله عليه وسلم.
3- فيه قصة اللقاء الأول مع جبريل عليه السلام ، ورؤيته صلى الله عليه وسلم لهذا الملك العظيم .
أنظر غير مأمور سلسلة صفات الوحي الالهي لأخينا أبي جهاد الأنصاري على هذا الرابط:
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?goto=newpost&t=4814
4- بيان الآيات الأولى التي نزلت من كتاب الله.
5- الناموس(صاحب السر) الذي كان يأتي موسى هو جبريل صلى الله عليه وسلم ، ولعلك تذكر الآية الأولى التي صدّر الإمام البخاري كتابه" إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده" ، وقد كان مجرد ذكر قصة اللقاء كافياً لاقناع ورقة بصدق محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه عرف صفة الوحي من الكتب السابقة قبل التحريف.
6- حفظه صلى الله عليه وسلم لهذه الآيات الكريمات رغم خوفه الشديد.
7- الرسول صلى الله عليه وسلم أميٌ لا يقرأ ولا يكتب.
8- شدة خوفه صلى الله عليه وسلم حتى قال لقد خشيت على نفسي، أي من الموت من الشدة الرعب ، وذلك لأن صورة الملك الحقيقية هائلة وعظيمة.

وتأتيكم بقية الفوائد في الحلقة التالية إن شاء المولى عز وجل.

ابو مارية القرشي
04-08-2006, 05:41 PM
متن الحديث تجده في المشاركة السابقة.
الفوائد الأخرى:
1-يستشهد بعض الصوفية على خلواتهم المبتدعة وانقطاعهم عن الناس في التكايا والبرايا بهذا الحديث الشريف، والجواب أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ما عاد للتحنث في الغار بعد البعثة، وما علم صحابته ذلك وما أثر عنهم رضي الله عنهم ، ولكنه علمهم الاعتكاف في بيوت الله في العشر الأوخر من رمضان. فالإعتكاف سنة نبوية والخلوة الصوفية عبادة بدعية.
2- دور الزوجة الصالحة ومعاونتها له في عبادته ودعوته.
3- اختيار الزوجة الصالحة.
4- فضلُ أمِّ المؤمنين خديجة رضي الله عنها.
5- انصراف المعلم بكليته الى تلميذه.
6- أدب العالم والمتعلم.
7- الأعمال الصالحة الطيبة معروفة قبل البعثة وبعدها، يعرفها الإنسان بعقله وفطرته وشرع الله.
8- فقه خديجة في قولها" كلا والله لا يخزيك اللهُ أبداً"، وكانت رضي الله عنها موحدةً من الحنفاء.
9- معرفة قريش لاسم الجلالة((الله)) ، ومعرفتهم أنه الخالق الرزاق وقد ذكر القرآن ذلك مراراً.
10- الله جلّ جلاله لا يخزي من قام بالأعمال المذكورة إذا أراد بها الإنسان وجه الله.
11- سؤال أهل العلم والحكمة والتجربة.
12- فقه ورقة بن نوفل رضي الله عنه وفضله.
13- الانجيل والتوراة لم يكونا مترجمين الى العربية في ذلك العهد، فمن أراد الاطلاع عليهما لا بد له من تعلم العبرية.
14- ترقب أهل التوحيد في ذلك الزمان لظهور النبي الأميّ صلى الله عليه وسلم.
15- معاداة أهل الشرك والتنديد لدعاة التوحيد سنّةٌ قدرية لا تتخلف.
16- تهيئة الدعاة لمعرفة ما يلاقونه من أهوال ومصاعب في القريب العاجل.
17- نصرة الدعاة.
18- دور الشباب، ومع الأسف فإنَّ الكثير اليوم يزدري الشباب لكونهم شباباً متحمسين في سبيل دينهم!!
19- تمني الخير ونصرة الدين والجهاد.
20-"استحباب تأنيس من نزل به أمر بذكر تيسيره عليه وتهوينه لديه وأن من نزل به أمر استحب له أن يطلع عليه من يثق بنصيحته وصحة رأيه"(الفتح)
21-"فيه إرشاد إلى أن صاحب الحاجة يقدم بين يديه من يعرف بقدره ممن يكون أقرب منه إلى المسئول وذلك مستفاد من قول خديجة لورقة أسمع من بن أخيك أرادت بذلك أن يتأهب لسماع كلام النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أبلغ في التعليم"(الفتح)

الفرصة الأخيرة
05-25-2006, 09:54 PM
تسجيل متابعة.. واصل أخي الحبيب وصلك الله.
وتمنياتي لك بدوام السعادة :emrose: