فخر الدين المناظر
03-21-2006, 06:12 PM
لقد ميز الله سبحانه وتعالى الانسان عن بقية الكائنات الأخرى..بأن وهب له العقل وأعطاه امكانية التمييز بين كافة عناصر الفضاء الذي يعيش فيه..فكانت نتيجة ذلك تمكنه من ادراك تحديد الحياة والمعيشة من جهة..وبنائه لفضاء ثقافي عقلاني في الزمكان الأرضي من جهة أخرى.
ولا شك أن الفارق كبير بين القول بأهمية الحياة وأهمية المعيشة في نمط صيرورة الأحداث الانسانية.
فالانسان يسير وفق خوارزمية معينة تستمد جذورها من قوانين حركة التاريخ والكون،تكون في آخر المطاف، اما ذات فاعلة لها بصمات في كل مناحي الحياة، كشجرة طيبة أصلها ثابث وفرعها في السماء، أو هيكل متحرك يفتقد كل شروط الحياة، فتمتص قدراته الفسيولوجية، ويتحول في آخر المطاف الى سراب يظن الظمآن انه مادة الحياة فاذا به سراب في قاع صحراء.
وعندما يدخل الانسان فضاء التطبيقات المجتمعية، من معاملات وبرامج تخطيط مستقبلية ودراسات، فانه يستخدم –في غالب الأحيان- مصطلحات قد تبدو له بسيطة الأثر في هيكلها المعرفي، لكنها عميقة الأثر ومتشعبة المقاصد في تكوينها الثقافي والروحي والأنثروبولوجي.
ومن بين المصطلحات التي تهمنا في مقالنا المتواضع هذا هي *الصدفة والحتمية القدرية*
ان كل قارئ لصفحات الكون الشاسع، يدرك أثناء التفسيرات العقلانية، أن التعرف على الطبيعة وعلى كل الكائنات الموجودة، تمر عن طريق دينامية العقل ، التي تفرز مجموعة من المعادلات الرياضية، دقيقة الطرح،شاملة القيم المستعملة، لأن الكون كله مبني على علاقات رياضية لا يعلمها الا صانعها مصداقا لقول رب العالمين
{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }
فحساب تحرك الأرض أو القمر أو الشمس أو مجرتنا –درب التبانة- (la voie lactée) تحتاج الى معرفة بالقوانين الرياضية، سواء منها المتعلقة بالقطع الناقصة (Ellipses) مع جملة معارف وقوانين فيزيائية، من قوة طاردة مركزية، وحركات نسبية، وتجاذب جسمي، أو التي تنتمي الى القرآن الكريم عندما يستخدم عبارة السباحة الفلكية مصداقا لرب العزة {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}
وكذلك الأمر بالنسبة للنجوم، والتي هي عناصر الأجرام السماوية، حيث تعرف بها الأماكن السماوية، كل ذلك يسري وفق نظام محكم، لا يعتريه الخلل الديناميكي، ولا يستطيع التنقيب والبحث العلمي الرصين معرفة أسراره الكاملة نظرا لبساطة علم الانسان.
بالاضافة لما سبق، لا يمكن للمسافر الذي يسبح في الكون عند خروجه من كوكبنا الأرضي السير بمنظومته العقلانية الا اذا اتخذ لمساره نقطة المبدأ، ومجموعة الاحداثياث التي تمثل وضعيته الفلكية، سواء كان ذلك بالنسبة للقمر أو لزحل أو لعطارد .... وفي غياب ذلك فانه يصبح تائها في العالم الكوني الفسيح. معنى ذلك أن الحركة في الكون لا تكون لها مصداقية تطبيقية الا اذا اعتمدنا على حسابات رياضية دقيقة(هندسية وجبرية ومثلثية ومعلوماتية).
وهكذا نجد في آخر المطاف، أن اللبنات الأساسية لكل عمل كوني يحتاج لمادة الحساب، لأن هذا الكون قد بني في أساسه على قواعد رياضية مصداقا لقوله تعالى
{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }.
فالأيد هنا هو القوة، وهذه الأخيرة لا تكمن الا في العلم، فهل يمكننا القول أن كوننا الذي نعيشه يسير وفق نظام صدفوي؟؟
لقد شعر الانسان منذ ان بدأ يهتم بالعالمين(العالم الكوني الخارجي والعالم الكوني الداخلي المتمثل في عالم الذرات وما تحتها) أنه جزيئي الوضع (Position moléculaire) بل أقل من ذلك بكثير.
كما أن الارض قد لا تكون لها رقعة جغرافية كونية فيما اذا كنا في مجرة (Androméde) أو مجموعة ال NGC أو حتى المشتري.
داخل هذا الاطار، يتعامل الباحث مع كل مكونات الكون مستخدما في ذلك امكانيته العقلانية، المادية منها والروحية كي يكتشف عناصر الفضاء، ويحاول بناء مدرسة تقنوروحية رصينة شعارها <العلم النافع في خدمة المجتمع> يقوم بالاشراف عليها مجموعة من العلماء –وليس المدبلمين المؤمنون بالصدفة- الذين يعترفون بالتركيبة العلمية للكون من جهة ونظامه العجيب الذي لا يمكن أن يكون صدفويا من جهة أخرى، خاصة وأنهم يدركون أن التنقل من كوكبنا الأرضي الى العالم الخارجي يتم عبر مسار منعرج، وهنا نقول ألم يكن من المفيد قراءة آيات القرآن الكريم ومن بينها {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ}
حتى لا نتخلف عن المسيرة الحضارية لمدة خمسة عشر قرنا من الزمن.
لذلك نترك بعد هذه الفقرة سؤالنا الآتي:
اذا كان السفر نحو العالم الخارجي يتم عن طريق مسار غير مستقيم <منحنى> فهل يدل هذا على عشوائية وصدفوية البناء الكوني؟؟؟
وقارئ يؤكد أثناء مناقشته لهذه الافكار المتواضعة، أن الظواهر الفيزيائية هي التي تتحكم في كل العلاقات الكونية، وهنا نقول له، ان البحث في الفيزياء ليس في الواقع سوى البحث في بناء العلاقات الرياضية التي تتحكم في كل دواليب الطبيعة المرئية، ولا يمكن للمرء تفسير وتحليل اللآية الكريمة {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}
الا بلغة الخطاب الرياضي الذي يعتبر جزءا من الخطاب السماوي، وهنا تكمن عظمة الخطاب الالهي الذي يجمع بين المادة والروح، ليخلق من الأخيرين كائنا حيا يستطيع القيام بتحمل كل التعليمات والأمانة الملقاة على عاتق الانسان، فيلتزم بطاعة الخالق الأحد، ويتحمل مسؤولية ارتباطه بنفسه وبمجتمعه، كما يصرح بذلك معلمنا الأكبر محمد عليه الصلاة والسلام " كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته"
وبذلك يكون الانسان قد أدى الأمانة، وبلغ رسالته على وجه البسيطة، فأمن نفسه ووطنه.
فهل في هذا التلاحم منطقة تتسم بالصدفوية؟؟؟
ان الحق سبحانه وتعالى لا يضعنا في فضاء محدود الشكل أو النظام (لا نتحدث هنا عن الأبعاد) وانما يخرج بنا الى العالم الخارجي ويحثنا على استخدام طاقاتنا القصوى، حيث ينبهنا الى احدى آياته:
{سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
أنه برنامج مفتوح من الطرف الأيمن،وليست له حدود،يدل على عظمة صانعه، ثم يضيف الى هذه النظرة المتعددة الأبعاد، فكرة عمق العمل البحثي، حيث يقول سبحانه {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }
فالنظام الكوني المتواجد في كل منطقة ، وتوسيعه يزيده تعقيدا وشمولية، ومن هنا تتميز قزمية لفظة الصدفة التي يستخدمها الملاحدة، سواء تعلق الأمر بالكون المرئي أو الامرئي، ونخرج في نهاية المطاف بفكرة شاملة المعاني، ألا وهي أن ديننا الحنيف اهتم بالعقل كي يمارس دوره الذي أنيط به.
هناك طائفة من الناس تستخدم أسلوبا موازيا لأسلوب الصدفة مستعملين فكرة الاحتملات، وهذه الأخيرة بدورها لا تخرج عن فضاء الصدفة، لأنه ما يسمى بنظرية الاحتمالات مازالت لحد الآن قاصرة في ترجمة التداخلات المعرفية الكونية.
وعلى سبيل المثال اذا قمنا برمي أربع قطع من النقود دفعة واحدة، فان الحصول على الوجه (Pile) مرتين حسب لغة الاحتمالات هو 16/1*6=8/3.
ولكن قد يحصل أحيانا، أن هذه الحادثة(événement) تحدث في المرة الأولى، عندها يكون احتمال الحصول على وجه القطع مرتين متتاليتين يساوي الواحد، ويكون تفسير توقع هذه الحادثة < حادث أكيد> فهل في هذه الحالة-الأخيرة-
نقول أننا حصلنا على ذلك عن طريق الصدفة؟؟
ان هذا الامر يولد تناقضا بين المفهوم العقلي والمفهوم الانساني التجريبي.
أما اذا طبقنا هذه المفاهيم والتجارب على العالم الكوني، فان حدوث بعض الظواهر الفلكية(مثل مذنب هوللي) ، قد يتطلب منا مجموعة من العمليات الحسابية المعقدة قد لا نستطيع ايجاد حل لها. ولربما يكون القارئ الكريم الذي يوجد في مستوى أرقى من صاحب المقال المتواضع وقد يفهم ميكانيزماتها، وزمن حدوثها ان هو استخدم التفكير الاحتمالي.
فهل هذا المذنب يكون نتيجة عمل صدفوي أم مبرمج؟؟ ومن هو صاحب هذا البرنامج الذي يضع المذنب في مجال يجعله يجاور الأرض كل 76سنة؟؟؟
وخلاصة القول أنه لكي يستطيع الانسان التخلص من الهرطقة الانسانية الغربية الغريبة
التي تسبب له الشعور بالنقص الذاتي في مواجهة القضايا المطروحة عليه، وجعلته يعتمد على ترسبات فكرية ولدتها ايديولوجيات كانت قطعة جليدية على الانسانية جمعاء (مثل الديانات المحرفة (اليهودية والمسيحية) والمذاهب الفكرية الباطلة )
كان لابد له ان يعتني بالمرجعية الأصلية الصحيحة ونعني بذلك كتاب الله عز وجل المرجعية الاولى وسنة رسول الله المرجعية الاخيرة لكل برنامج علمي، هذا الكتاب (القرآن الكريم) هو القادر الوحيد على اظهار منهج الطريق الذي يجب ان يسلكه الانسان، وهو الذي سيحدد له الفضاء الذي يجب ان يعمل فيه ، من أجل بناء نظريات بل حقائق علمية ثابثة وليس نظريات كاسدة مثل نظرية التطور لداروين المجنون.
فعلى المسلمين بشكل خاص عوض ان يصبحوا ملحدين وعلمانيين ولا دينيين التخلص من تبعيتهم الفكرية والتخلص من الأفكار الدخيلة، وعليهم ان يقيموا علما نافعا شفافا واضح المعالم، ان هم أرادوا اعادة كتابة تاريخ أسلافهم الذين تركوا معجما انسانيا وحضاريا ضخما.
يتبع قريبا ان شاء الله بالجزء التاني
ملحوظة لكل من كان يسألني عن منهجي: انا والحمد لله مسلم من أهل السنة والجماعة أعض على كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة بالنواجد.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
ولا شك أن الفارق كبير بين القول بأهمية الحياة وأهمية المعيشة في نمط صيرورة الأحداث الانسانية.
فالانسان يسير وفق خوارزمية معينة تستمد جذورها من قوانين حركة التاريخ والكون،تكون في آخر المطاف، اما ذات فاعلة لها بصمات في كل مناحي الحياة، كشجرة طيبة أصلها ثابث وفرعها في السماء، أو هيكل متحرك يفتقد كل شروط الحياة، فتمتص قدراته الفسيولوجية، ويتحول في آخر المطاف الى سراب يظن الظمآن انه مادة الحياة فاذا به سراب في قاع صحراء.
وعندما يدخل الانسان فضاء التطبيقات المجتمعية، من معاملات وبرامج تخطيط مستقبلية ودراسات، فانه يستخدم –في غالب الأحيان- مصطلحات قد تبدو له بسيطة الأثر في هيكلها المعرفي، لكنها عميقة الأثر ومتشعبة المقاصد في تكوينها الثقافي والروحي والأنثروبولوجي.
ومن بين المصطلحات التي تهمنا في مقالنا المتواضع هذا هي *الصدفة والحتمية القدرية*
ان كل قارئ لصفحات الكون الشاسع، يدرك أثناء التفسيرات العقلانية، أن التعرف على الطبيعة وعلى كل الكائنات الموجودة، تمر عن طريق دينامية العقل ، التي تفرز مجموعة من المعادلات الرياضية، دقيقة الطرح،شاملة القيم المستعملة، لأن الكون كله مبني على علاقات رياضية لا يعلمها الا صانعها مصداقا لقول رب العالمين
{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }
فحساب تحرك الأرض أو القمر أو الشمس أو مجرتنا –درب التبانة- (la voie lactée) تحتاج الى معرفة بالقوانين الرياضية، سواء منها المتعلقة بالقطع الناقصة (Ellipses) مع جملة معارف وقوانين فيزيائية، من قوة طاردة مركزية، وحركات نسبية، وتجاذب جسمي، أو التي تنتمي الى القرآن الكريم عندما يستخدم عبارة السباحة الفلكية مصداقا لرب العزة {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}
وكذلك الأمر بالنسبة للنجوم، والتي هي عناصر الأجرام السماوية، حيث تعرف بها الأماكن السماوية، كل ذلك يسري وفق نظام محكم، لا يعتريه الخلل الديناميكي، ولا يستطيع التنقيب والبحث العلمي الرصين معرفة أسراره الكاملة نظرا لبساطة علم الانسان.
بالاضافة لما سبق، لا يمكن للمسافر الذي يسبح في الكون عند خروجه من كوكبنا الأرضي السير بمنظومته العقلانية الا اذا اتخذ لمساره نقطة المبدأ، ومجموعة الاحداثياث التي تمثل وضعيته الفلكية، سواء كان ذلك بالنسبة للقمر أو لزحل أو لعطارد .... وفي غياب ذلك فانه يصبح تائها في العالم الكوني الفسيح. معنى ذلك أن الحركة في الكون لا تكون لها مصداقية تطبيقية الا اذا اعتمدنا على حسابات رياضية دقيقة(هندسية وجبرية ومثلثية ومعلوماتية).
وهكذا نجد في آخر المطاف، أن اللبنات الأساسية لكل عمل كوني يحتاج لمادة الحساب، لأن هذا الكون قد بني في أساسه على قواعد رياضية مصداقا لقوله تعالى
{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }.
فالأيد هنا هو القوة، وهذه الأخيرة لا تكمن الا في العلم، فهل يمكننا القول أن كوننا الذي نعيشه يسير وفق نظام صدفوي؟؟
لقد شعر الانسان منذ ان بدأ يهتم بالعالمين(العالم الكوني الخارجي والعالم الكوني الداخلي المتمثل في عالم الذرات وما تحتها) أنه جزيئي الوضع (Position moléculaire) بل أقل من ذلك بكثير.
كما أن الارض قد لا تكون لها رقعة جغرافية كونية فيما اذا كنا في مجرة (Androméde) أو مجموعة ال NGC أو حتى المشتري.
داخل هذا الاطار، يتعامل الباحث مع كل مكونات الكون مستخدما في ذلك امكانيته العقلانية، المادية منها والروحية كي يكتشف عناصر الفضاء، ويحاول بناء مدرسة تقنوروحية رصينة شعارها <العلم النافع في خدمة المجتمع> يقوم بالاشراف عليها مجموعة من العلماء –وليس المدبلمين المؤمنون بالصدفة- الذين يعترفون بالتركيبة العلمية للكون من جهة ونظامه العجيب الذي لا يمكن أن يكون صدفويا من جهة أخرى، خاصة وأنهم يدركون أن التنقل من كوكبنا الأرضي الى العالم الخارجي يتم عبر مسار منعرج، وهنا نقول ألم يكن من المفيد قراءة آيات القرآن الكريم ومن بينها {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ}
حتى لا نتخلف عن المسيرة الحضارية لمدة خمسة عشر قرنا من الزمن.
لذلك نترك بعد هذه الفقرة سؤالنا الآتي:
اذا كان السفر نحو العالم الخارجي يتم عن طريق مسار غير مستقيم <منحنى> فهل يدل هذا على عشوائية وصدفوية البناء الكوني؟؟؟
وقارئ يؤكد أثناء مناقشته لهذه الافكار المتواضعة، أن الظواهر الفيزيائية هي التي تتحكم في كل العلاقات الكونية، وهنا نقول له، ان البحث في الفيزياء ليس في الواقع سوى البحث في بناء العلاقات الرياضية التي تتحكم في كل دواليب الطبيعة المرئية، ولا يمكن للمرء تفسير وتحليل اللآية الكريمة {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}
الا بلغة الخطاب الرياضي الذي يعتبر جزءا من الخطاب السماوي، وهنا تكمن عظمة الخطاب الالهي الذي يجمع بين المادة والروح، ليخلق من الأخيرين كائنا حيا يستطيع القيام بتحمل كل التعليمات والأمانة الملقاة على عاتق الانسان، فيلتزم بطاعة الخالق الأحد، ويتحمل مسؤولية ارتباطه بنفسه وبمجتمعه، كما يصرح بذلك معلمنا الأكبر محمد عليه الصلاة والسلام " كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته"
وبذلك يكون الانسان قد أدى الأمانة، وبلغ رسالته على وجه البسيطة، فأمن نفسه ووطنه.
فهل في هذا التلاحم منطقة تتسم بالصدفوية؟؟؟
ان الحق سبحانه وتعالى لا يضعنا في فضاء محدود الشكل أو النظام (لا نتحدث هنا عن الأبعاد) وانما يخرج بنا الى العالم الخارجي ويحثنا على استخدام طاقاتنا القصوى، حيث ينبهنا الى احدى آياته:
{سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
أنه برنامج مفتوح من الطرف الأيمن،وليست له حدود،يدل على عظمة صانعه، ثم يضيف الى هذه النظرة المتعددة الأبعاد، فكرة عمق العمل البحثي، حيث يقول سبحانه {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }
فالنظام الكوني المتواجد في كل منطقة ، وتوسيعه يزيده تعقيدا وشمولية، ومن هنا تتميز قزمية لفظة الصدفة التي يستخدمها الملاحدة، سواء تعلق الأمر بالكون المرئي أو الامرئي، ونخرج في نهاية المطاف بفكرة شاملة المعاني، ألا وهي أن ديننا الحنيف اهتم بالعقل كي يمارس دوره الذي أنيط به.
هناك طائفة من الناس تستخدم أسلوبا موازيا لأسلوب الصدفة مستعملين فكرة الاحتملات، وهذه الأخيرة بدورها لا تخرج عن فضاء الصدفة، لأنه ما يسمى بنظرية الاحتمالات مازالت لحد الآن قاصرة في ترجمة التداخلات المعرفية الكونية.
وعلى سبيل المثال اذا قمنا برمي أربع قطع من النقود دفعة واحدة، فان الحصول على الوجه (Pile) مرتين حسب لغة الاحتمالات هو 16/1*6=8/3.
ولكن قد يحصل أحيانا، أن هذه الحادثة(événement) تحدث في المرة الأولى، عندها يكون احتمال الحصول على وجه القطع مرتين متتاليتين يساوي الواحد، ويكون تفسير توقع هذه الحادثة < حادث أكيد> فهل في هذه الحالة-الأخيرة-
نقول أننا حصلنا على ذلك عن طريق الصدفة؟؟
ان هذا الامر يولد تناقضا بين المفهوم العقلي والمفهوم الانساني التجريبي.
أما اذا طبقنا هذه المفاهيم والتجارب على العالم الكوني، فان حدوث بعض الظواهر الفلكية(مثل مذنب هوللي) ، قد يتطلب منا مجموعة من العمليات الحسابية المعقدة قد لا نستطيع ايجاد حل لها. ولربما يكون القارئ الكريم الذي يوجد في مستوى أرقى من صاحب المقال المتواضع وقد يفهم ميكانيزماتها، وزمن حدوثها ان هو استخدم التفكير الاحتمالي.
فهل هذا المذنب يكون نتيجة عمل صدفوي أم مبرمج؟؟ ومن هو صاحب هذا البرنامج الذي يضع المذنب في مجال يجعله يجاور الأرض كل 76سنة؟؟؟
وخلاصة القول أنه لكي يستطيع الانسان التخلص من الهرطقة الانسانية الغربية الغريبة
التي تسبب له الشعور بالنقص الذاتي في مواجهة القضايا المطروحة عليه، وجعلته يعتمد على ترسبات فكرية ولدتها ايديولوجيات كانت قطعة جليدية على الانسانية جمعاء (مثل الديانات المحرفة (اليهودية والمسيحية) والمذاهب الفكرية الباطلة )
كان لابد له ان يعتني بالمرجعية الأصلية الصحيحة ونعني بذلك كتاب الله عز وجل المرجعية الاولى وسنة رسول الله المرجعية الاخيرة لكل برنامج علمي، هذا الكتاب (القرآن الكريم) هو القادر الوحيد على اظهار منهج الطريق الذي يجب ان يسلكه الانسان، وهو الذي سيحدد له الفضاء الذي يجب ان يعمل فيه ، من أجل بناء نظريات بل حقائق علمية ثابثة وليس نظريات كاسدة مثل نظرية التطور لداروين المجنون.
فعلى المسلمين بشكل خاص عوض ان يصبحوا ملحدين وعلمانيين ولا دينيين التخلص من تبعيتهم الفكرية والتخلص من الأفكار الدخيلة، وعليهم ان يقيموا علما نافعا شفافا واضح المعالم، ان هم أرادوا اعادة كتابة تاريخ أسلافهم الذين تركوا معجما انسانيا وحضاريا ضخما.
يتبع قريبا ان شاء الله بالجزء التاني
ملحوظة لكل من كان يسألني عن منهجي: انا والحمد لله مسلم من أهل السنة والجماعة أعض على كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة بالنواجد.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين