عَرَبِيّة
07-17-2012, 08:03 AM
الجزيرة .. معرفة .. كتب
عرض كتاب " عولمة الفقر " لصاحبه ميشيل تشوسودوفيسكي
يعرضُهُ أحمد التلاوي
اسم الكتاب: عولمة الفقر
اسم المؤلف المؤلف: ميشيل تشوسودوفيسكي
اسم المُترجم: محمد مستجير مصطفى
عدد صفحات الكتاب : 328
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة/ الإنسانيات-القاهرة-الطبعة: الأولى2012م
بين أيدينا كتاب بعنوان "عولمة الفقر"، يتناول السياسات الاقتصادية التي ظهرت على مستوى العالم منذ مطلع عقد الثمانينيات من القرن العشرين على يد المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان، وأدت إلى شيوع حالة من الفقر وغياب القدرة لدى الاقتصاديات الوطنية في الدول النامية، التي نفذت الأجندة "الإصلاحية" التي "توصي" بها هذه المؤسسات، على تطبيق سياسات اقتصادية وتنموية وطنية، تحقق نموا حقيقيا في الاقتصادات النامية.
وهو ما أطلق عليه مؤلفه مصطلح "عولمة الفقر"، حيث يعبر بدقة عن فكرة "توزيع" الفقر من جانب القوى الكبرى التي تتحكم في الاقتصاد العالمي، بما يحقق مصالحها. والمؤلف هو عالم الاقتصاد الكندي، ميشيل تشوسودوفيسكي، وهو من مواليد العام 1946م، تخرج في جامعة مانشستر الإنجليزية، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة نورث كارولينا الأميركية، ويعمل أستاذا للاقتصاد بجامعة أوتاوا بكندا، من مؤلفاته "الحرب على الإرهاب"، وصدر في العام 2005م، و"أخطار الحرب النووية"، وصدر في العام 2011م.
كما قام بتحرير عدد من الكتب، من بينها "الأزمة الاقتصادية العالمية" و"صندوق النقد الدولي" و"ليبيا"، ويدير مركز أبحاث العولمة، وله موقع إلكتروني ينشر فيه آراءه الناقدة لسياسات الولايات المتحدة الخارجية، وحلف شمال الأطلنطي "الناتو"، والتضليل الإعلامي الغربي وعدم المساواة الاجتماعية والأزمة الاقتصادية العالمية.
ويؤكد الكاتب في تقديمه للكتاب على مجموعة من الحقائق، وهي أن السياسات الغربية في المجال الاقتصادي الدولي خلقت الكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية في المجتمعات النامية التي فرِضت عليها هذه السياسات مثل الاضطربات الاجتماعية والعنصرية وتقويض الحريات وحقوق الإنسان بشكل عام، بما فيها حقوق المرأة.
الفقر ظاهرة عالمية
ويناقش الكتاب في أجزائه الخمسة، التي تضمنت 13 فصلا، الأسباب التي جعلت من الفقر ظاهرة عالمية، ورغم أن الكتاب ألف منذ سنوات، قبل نهاية القرن العشرين، فإنه وضع صورة تنبؤية ثبتت صحتها بنهاية القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين، مع زيادة وتيرة حدوث الأزمات الاقتصادية العالمية، كما في جنوب شرق آسيا، وفي الغرب نفسه، حيث وقعت أكثر من أزمة كبرى في الغذاء والحبوب، وكذلك في مجال الطاقة والسلع الأساسية الأخرى.
وتفسر الكثير من الأطر والأفكار التي وضعها المؤلف في كتابه، حالة الإفقار العالمية التي ضربت الكثير من الاقتصاديات النامية، وانهارت بسببها النظم الإنتاجية في العالم النامي، وأدت إلى تصفية المؤسسات الوطنية، تحت مسمى الخصخصة وإعادة الهيكلة، وتحلل البرامج الصحية والتعليمية والخدمية عموما، مع تراجع دور الدولة بسبب "نصائح" و"توصيات" صندوق النقد والبنك الدوليين.
ومن بين أبرز الأسباب التي حددها تشوسودوفيسكي لحالة الفقر العالمي البطالة التي ضربت الكثير من الاقتصاديات والمجتمعات، ويرجع الكاتب ذلك إلى التقدم التكنولوجي والعلمي الذي أدى إلى التوفير في الكثير من عناصر الإنتاج، ومن بينها الحاجة إلى العمل البشري والأيدي العاملة، حيث باتت الآلة قادرة على أن تقوم بالكثير من المهام التي كان يقوم بها الإنسان.
العمالة الرخيصة وجه آخر من أوجه أزمة الإفقار العالمية هذه، حيث إن العمالة الرخيصة في الدول الكثيفة السكان، مثل الصين وبنغلاديش، التي يحصل عمالها على رواتب وأجور أقل من غيرهم، دفعت حتى الشركات الأوروبية والأميركية إلى توجيه استثماراتها وصناعاتها إليها، وهو ما رتب حالة من البطالة والفقر، في ظل تراجع مستوى الاستثمارات في الكثير من الدول الأخرى.
ومن بين الأسباب التي ركز عليها أيضا قضية تركيز الثروات، أو عدم العدالة في توزيع الثروة داخل الكثير من المجتمعات، حيث تسيطر فئة ضئيلة من أصحاب رؤوس الأموال والنفوذ السياسي على مقدرات الاقتصاد والمجتمع ككل، في مقابل أشكال مروعة للفقر تسود أكثر من نصف المجتمعات العالمية.
يضاف إلى ذلك هيمنة الاقتصاديات الكبرى على الاقتصاد العالمي، وهو ما فرض سلع ومنتجات الدول الكبرى على أسواق الدول النامية، وأكد الكاتب في هذا السياق أن ما وصفه بـ"دولرة" الأسواق المحلية والعالمية لعب دورا كبيرا في خلق المشكلات التي أصابت الدول النامية.
فهذه الحالة تفرض، على أقل تقدير، على هذه البلدان أن تتحمل تبعات ما يصيب الدولار الأميركي من تقلبات، وكذلك تبعات الهزات التي تطرأ على الاقتصاد الأميركي والاقتصاديات الغربية التي تدور في فلكه، وهي هزات من الضروري حدوثها كل بضع سنوات، وهو ما يعرف في علوم الاقتصاد، بدورات رأس المال.
دور مؤسسات التمويل في صناعة الفقر
أجزاء الكتاب الأربعة من الثاني حتى الخامس، تناولت في مضامينها نماذج حالة شديدة الأهمية في التدليل على الأفكار التي ساقها في الإطار النظري للكتاب، حول دور مؤسسات التمويل الدولي والسياسات الغربية في صناعة الفقر عبر العالم.
فيتناول في الجزء الثاني حالة أفريقيا جنوب الصحراء، منذ تدخل البنك الدولي في السياسات الاقتصادية لهذه البلدان، التي كانت تصنف على أساس أنها بلدان عالم رابع، ويقول: إن سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أدت إلى تدمير القطاع الزراعي، بما في ذلك الثروة الحيوانية لهذه الدول، رغم أنها تعد القطاع الإنتاجي الوحيد القائم فيها، مدللا على ذلك بحالة رواندا، كنموذج للدولة الهشة التي دمر اقتصادها الإنتاجي في المجال الزراعي بسبب ميراث الاستعمار، وتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليين.
الجزء الثالث تناول فيه نماذج حالة لجنوب وجنوب شرق آسيا، مركزا على الحالة الهندية وحالة بنغلاديش وفيتنام، حيث وصف الوضع الذي جرى في الهند في الفترة التي كانت توجيهات وسياسات الصندوق والبنك هي الموجهة والمحركة للاقتصاد الهندي، بأنه كان عبارة عن سياسات لسحق الفقراء في الريف والحضر، وأن سياسات القضاء على الفقر، كانت تتم من خلال القضاء على الفقراء عن طريق الموت جوعا، وقرر أن الهند كانت محكومة بشكل غير مباشر من صندوق النقد الدولي.
أما بنغلاديش فقد عانت منذ الانقلاب العسكري الذي وقع هناك في منتصف السبعينيات من سيطرة الغرب على اقتصادياتها، من خلال مؤسسات التمويل الدولية، فتم خصخصة القطاع العام وتراجع دور الدولة، بما أدى إلى تقويض الاقتصاد الريفي، مع إغراق البلاد في الديون، وزيادة اعتماديتها في الغذاء على القمح الأميركي، في ظل تدمير ممنهج لحق بعملية الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
ولم يقتصر الأمر على ذلك في هذا البلد الذي يعد من أفقر بلدان العالم، حيث طالت سياسات التكيف الهيكلي المفروضة من صندوق النقد الصناعة المحلية الضعيفة من الأصل، وهو ما رتب آثارا اجتماعية وخيمة.
كذلك الحال في فيتنام، حيث دمّر الاقتصاد الوطني من خلال إبعاد الخصخصة وإبعاد المنتجين المحليين عن سوقهم المحلية، وخنق قنوات التجارة الداخلية مع تدمير ممنهج لأهم قطاعات الأمن الغذائي في هذا البلد الذي يقطنه عشرات الملايين من السكان، وهو زراعة الأرز.
تدمير بنية الاقتصاد الوطنية
الجزء الرابع تناول نماذج حالة من أميركا اللاتينية، وهي البرازيل والبيرو وبوليفيا، وتشابهت مع مثيلاتها في جنوب وجنوب شرق آسيا، بين سياسات الإغراق الممنهج بالديون وتدمير بنية الاقتصادات الوطنية.
وفي السياق السابق، يلاحظ أن الكاتب لم يفصل بين هذه الأوضاع والحالة السياسية القائمة في هذه البلدان، سواء بلدان أميركا اللاتينية، أو النماذج السابقة التي ساقها، في آسيا وأفريقيا وبين هذه الحالة من التبعية التي قادت إلى تدمير الاقتصاديات الوطنية لهذه البلدان، قبل أن تبدأ بعضها، مثل الهند والبرازيل، تجاربها النهضوية التنموية الذاتية.
فوجود أنظمة فاشلة أو مستبدة - بعضها يتاجر في المخدرات كما في بوليفيا في بعض فترات تاريخها ما بعد الاستقلال- سمح للغرب ومؤسساته بالتوغل في هذه البلدان، والسيطرة على اقتصادياتها، وبالتالي على قرارها السياسي، وأنه عندما تولت أنظمة حكم وطنية في هذه البلدان، فإنها سعت -أول ما سعت- إلى فرض نمط من التنمية الذاتية المستقلة الذي لا تعتمد فيه على الخارج، مع تشديد بعض هذه الأنظمة على رفض أي نصائح أو "روشتات" من صندوق النقد أو البنك الدولي أو ما شابههما من أدوات السيطرة والعولمة الأميركية والغربية.
الجزء الخامس تناول حالة الاتحاد السوفياتي السابق ويوغسلافيا السابقة، وفي كلتا الحالتين أدت "الرسملة" القسرية غير الرشيدة، والتدخلات الغربية عموما، إلى إعادة روسيا والجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفياتي إلى مصاف دول العالم الثالث، بينما أدت في الحالة اليوغسلافية إلى تفكك يوغسلافيا، وسيادة الفوضى والعنف فيها حتى النصف الثاني من التسعينيات.
وقد أردف تشوسودوفيسكي كتابه بملحقين، الأول بعنوان تزييفات عالمية، يوضح فيه كيف تقوم الأمم المتحدة بتزييف نسب وأرقام الفقر حول العالم، من أجل إخفاء تأثيرات العولمة والسياسات الغربية، والثاني عبارة عن حقائق وأرقام حول النسب الحقيقية للفقر في العالم، بما يوضح وجهات النظر التي نقلها في كتابه.
المصدر (http://www.aljazeera.net/books/pages/5f879425-ee12-4e5e-8582-63f0f71f5aba)
نتيجة استخلصتها من قراءة عرض الكتاب :
هذا جزء بسيط جدًا من فضائح وفضائع أدعياء الإنسانية وحقوق الإنسان التي يكاد زُملاؤنا المخالفين من علمانيين وليبراليين وملاحدة أن يقبِّلوا نعالهم ويغتسِلوا بشراكِها وهم يتبعونَهُم حذو القذَّة بالقذَّة , وأمرٌ آخر وهو أنَّ مؤلف الكتاب عالم إقتصاد كَنَدي أي إنسان يعي ويعرف مايقول وأنا سعيدة أنَّه " أعجمي " حتَّى لا يُقال أنَّ " العرب " أو " الإسلاميين " يتوهمون وجود مؤامرة تسعى لعولمة الفِكْر الغربي - وفي هذا الشريط مثال على السعيْ للتحكُّم بقرارات الدول - وبالتالي قتل الهويَّة المحليَّة وفرض الهيمَنَة الغربية بكل أشكالها على جميع المجالات .. ونَصِيرُ كلُّنا وفي وسط أوطاننا :
Like we are all living in America !!
ونتيجة لهذا يبقى المُسلِم المُتمسِّك بدينه وتعاليم دينِه إنسان " رجعي " في نظر العالم الذي توَّحدت عنده مفاهيم " الرقي والتحضُّر " .
وهذا ما يدفع العامي إلى خوض " معركة نفسية " مع نفسه لأنه يرى " السواد الأعظم " من بني جنْسِه في شتَّى العالم على ملَّة واحدة , فتدفعُهُ نفسُهُ للتساؤل عن صحَّة موقفه ؟!
ولو كانَ عند ألئك الناسْ علمٌ ولو ضئيل من " الإستغراب : العلم بتاريخ الغرب وحياته الإجتماعية ومفاهيمه ورؤاه تجاه نفسه والعالم ... " لتجلَّت لهُ أنَّ مفاهيم الرُقيْ والتحضُّر التي اتفق عليْها العالمين بطريقةٍ أو أخرى تتقاطع في معظَم أحايينها بالماديَّة والإنحلالية الأخلالية التي يرفُضُها الإسلام رفضًا قاطعًا , ولَعَلِمَ علمَ اليقين بالحقد الكنائسي الممارس منذُ قرون طوال علانية والتي انتقل إلى تحت الطاولات وتحت شعارات أُخَر في عصْرِ التلميع الإعلامي لإكتساب قلوب الجماهير .. قُل الضحايا!
وأحب أن أستأنِس بقوْلِه تعالى : { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ } , على الإشارة بأنَّ أهل الأرض شرقها وغربا شمالها وجنوبها سوفَ يتَّفِقُون على أمرٍ أو مجموعة أمور ويكونون بموافقتهم هذه " أكثرية " وقد حذَّر الله من الإنغرار بكثرتهم وموافقتهم وأعطانا نتيجة الإنقياد لهُم { يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } , والسبب { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ } فهذه أحكامهم الوضعية وتصوُّراتهم المادية هذه ونحوُهُ ماذا تساوي أمام الحق الذي أنزله الحق تباركَ وتعالى ؟!! ويقول في آيةٍ أخرى { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } .
.
.
والله أعلم والحمدُ لله وربِّ العالمين .
عرض كتاب " عولمة الفقر " لصاحبه ميشيل تشوسودوفيسكي
يعرضُهُ أحمد التلاوي
اسم الكتاب: عولمة الفقر
اسم المؤلف المؤلف: ميشيل تشوسودوفيسكي
اسم المُترجم: محمد مستجير مصطفى
عدد صفحات الكتاب : 328
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة/ الإنسانيات-القاهرة-الطبعة: الأولى2012م
بين أيدينا كتاب بعنوان "عولمة الفقر"، يتناول السياسات الاقتصادية التي ظهرت على مستوى العالم منذ مطلع عقد الثمانينيات من القرن العشرين على يد المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان، وأدت إلى شيوع حالة من الفقر وغياب القدرة لدى الاقتصاديات الوطنية في الدول النامية، التي نفذت الأجندة "الإصلاحية" التي "توصي" بها هذه المؤسسات، على تطبيق سياسات اقتصادية وتنموية وطنية، تحقق نموا حقيقيا في الاقتصادات النامية.
وهو ما أطلق عليه مؤلفه مصطلح "عولمة الفقر"، حيث يعبر بدقة عن فكرة "توزيع" الفقر من جانب القوى الكبرى التي تتحكم في الاقتصاد العالمي، بما يحقق مصالحها. والمؤلف هو عالم الاقتصاد الكندي، ميشيل تشوسودوفيسكي، وهو من مواليد العام 1946م، تخرج في جامعة مانشستر الإنجليزية، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة نورث كارولينا الأميركية، ويعمل أستاذا للاقتصاد بجامعة أوتاوا بكندا، من مؤلفاته "الحرب على الإرهاب"، وصدر في العام 2005م، و"أخطار الحرب النووية"، وصدر في العام 2011م.
كما قام بتحرير عدد من الكتب، من بينها "الأزمة الاقتصادية العالمية" و"صندوق النقد الدولي" و"ليبيا"، ويدير مركز أبحاث العولمة، وله موقع إلكتروني ينشر فيه آراءه الناقدة لسياسات الولايات المتحدة الخارجية، وحلف شمال الأطلنطي "الناتو"، والتضليل الإعلامي الغربي وعدم المساواة الاجتماعية والأزمة الاقتصادية العالمية.
ويؤكد الكاتب في تقديمه للكتاب على مجموعة من الحقائق، وهي أن السياسات الغربية في المجال الاقتصادي الدولي خلقت الكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية في المجتمعات النامية التي فرِضت عليها هذه السياسات مثل الاضطربات الاجتماعية والعنصرية وتقويض الحريات وحقوق الإنسان بشكل عام، بما فيها حقوق المرأة.
الفقر ظاهرة عالمية
ويناقش الكتاب في أجزائه الخمسة، التي تضمنت 13 فصلا، الأسباب التي جعلت من الفقر ظاهرة عالمية، ورغم أن الكتاب ألف منذ سنوات، قبل نهاية القرن العشرين، فإنه وضع صورة تنبؤية ثبتت صحتها بنهاية القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين، مع زيادة وتيرة حدوث الأزمات الاقتصادية العالمية، كما في جنوب شرق آسيا، وفي الغرب نفسه، حيث وقعت أكثر من أزمة كبرى في الغذاء والحبوب، وكذلك في مجال الطاقة والسلع الأساسية الأخرى.
وتفسر الكثير من الأطر والأفكار التي وضعها المؤلف في كتابه، حالة الإفقار العالمية التي ضربت الكثير من الاقتصاديات النامية، وانهارت بسببها النظم الإنتاجية في العالم النامي، وأدت إلى تصفية المؤسسات الوطنية، تحت مسمى الخصخصة وإعادة الهيكلة، وتحلل البرامج الصحية والتعليمية والخدمية عموما، مع تراجع دور الدولة بسبب "نصائح" و"توصيات" صندوق النقد والبنك الدوليين.
ومن بين أبرز الأسباب التي حددها تشوسودوفيسكي لحالة الفقر العالمي البطالة التي ضربت الكثير من الاقتصاديات والمجتمعات، ويرجع الكاتب ذلك إلى التقدم التكنولوجي والعلمي الذي أدى إلى التوفير في الكثير من عناصر الإنتاج، ومن بينها الحاجة إلى العمل البشري والأيدي العاملة، حيث باتت الآلة قادرة على أن تقوم بالكثير من المهام التي كان يقوم بها الإنسان.
العمالة الرخيصة وجه آخر من أوجه أزمة الإفقار العالمية هذه، حيث إن العمالة الرخيصة في الدول الكثيفة السكان، مثل الصين وبنغلاديش، التي يحصل عمالها على رواتب وأجور أقل من غيرهم، دفعت حتى الشركات الأوروبية والأميركية إلى توجيه استثماراتها وصناعاتها إليها، وهو ما رتب حالة من البطالة والفقر، في ظل تراجع مستوى الاستثمارات في الكثير من الدول الأخرى.
ومن بين الأسباب التي ركز عليها أيضا قضية تركيز الثروات، أو عدم العدالة في توزيع الثروة داخل الكثير من المجتمعات، حيث تسيطر فئة ضئيلة من أصحاب رؤوس الأموال والنفوذ السياسي على مقدرات الاقتصاد والمجتمع ككل، في مقابل أشكال مروعة للفقر تسود أكثر من نصف المجتمعات العالمية.
يضاف إلى ذلك هيمنة الاقتصاديات الكبرى على الاقتصاد العالمي، وهو ما فرض سلع ومنتجات الدول الكبرى على أسواق الدول النامية، وأكد الكاتب في هذا السياق أن ما وصفه بـ"دولرة" الأسواق المحلية والعالمية لعب دورا كبيرا في خلق المشكلات التي أصابت الدول النامية.
فهذه الحالة تفرض، على أقل تقدير، على هذه البلدان أن تتحمل تبعات ما يصيب الدولار الأميركي من تقلبات، وكذلك تبعات الهزات التي تطرأ على الاقتصاد الأميركي والاقتصاديات الغربية التي تدور في فلكه، وهي هزات من الضروري حدوثها كل بضع سنوات، وهو ما يعرف في علوم الاقتصاد، بدورات رأس المال.
دور مؤسسات التمويل في صناعة الفقر
أجزاء الكتاب الأربعة من الثاني حتى الخامس، تناولت في مضامينها نماذج حالة شديدة الأهمية في التدليل على الأفكار التي ساقها في الإطار النظري للكتاب، حول دور مؤسسات التمويل الدولي والسياسات الغربية في صناعة الفقر عبر العالم.
فيتناول في الجزء الثاني حالة أفريقيا جنوب الصحراء، منذ تدخل البنك الدولي في السياسات الاقتصادية لهذه البلدان، التي كانت تصنف على أساس أنها بلدان عالم رابع، ويقول: إن سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أدت إلى تدمير القطاع الزراعي، بما في ذلك الثروة الحيوانية لهذه الدول، رغم أنها تعد القطاع الإنتاجي الوحيد القائم فيها، مدللا على ذلك بحالة رواندا، كنموذج للدولة الهشة التي دمر اقتصادها الإنتاجي في المجال الزراعي بسبب ميراث الاستعمار، وتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليين.
الجزء الثالث تناول فيه نماذج حالة لجنوب وجنوب شرق آسيا، مركزا على الحالة الهندية وحالة بنغلاديش وفيتنام، حيث وصف الوضع الذي جرى في الهند في الفترة التي كانت توجيهات وسياسات الصندوق والبنك هي الموجهة والمحركة للاقتصاد الهندي، بأنه كان عبارة عن سياسات لسحق الفقراء في الريف والحضر، وأن سياسات القضاء على الفقر، كانت تتم من خلال القضاء على الفقراء عن طريق الموت جوعا، وقرر أن الهند كانت محكومة بشكل غير مباشر من صندوق النقد الدولي.
أما بنغلاديش فقد عانت منذ الانقلاب العسكري الذي وقع هناك في منتصف السبعينيات من سيطرة الغرب على اقتصادياتها، من خلال مؤسسات التمويل الدولية، فتم خصخصة القطاع العام وتراجع دور الدولة، بما أدى إلى تقويض الاقتصاد الريفي، مع إغراق البلاد في الديون، وزيادة اعتماديتها في الغذاء على القمح الأميركي، في ظل تدمير ممنهج لحق بعملية الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
ولم يقتصر الأمر على ذلك في هذا البلد الذي يعد من أفقر بلدان العالم، حيث طالت سياسات التكيف الهيكلي المفروضة من صندوق النقد الصناعة المحلية الضعيفة من الأصل، وهو ما رتب آثارا اجتماعية وخيمة.
كذلك الحال في فيتنام، حيث دمّر الاقتصاد الوطني من خلال إبعاد الخصخصة وإبعاد المنتجين المحليين عن سوقهم المحلية، وخنق قنوات التجارة الداخلية مع تدمير ممنهج لأهم قطاعات الأمن الغذائي في هذا البلد الذي يقطنه عشرات الملايين من السكان، وهو زراعة الأرز.
تدمير بنية الاقتصاد الوطنية
الجزء الرابع تناول نماذج حالة من أميركا اللاتينية، وهي البرازيل والبيرو وبوليفيا، وتشابهت مع مثيلاتها في جنوب وجنوب شرق آسيا، بين سياسات الإغراق الممنهج بالديون وتدمير بنية الاقتصادات الوطنية.
وفي السياق السابق، يلاحظ أن الكاتب لم يفصل بين هذه الأوضاع والحالة السياسية القائمة في هذه البلدان، سواء بلدان أميركا اللاتينية، أو النماذج السابقة التي ساقها، في آسيا وأفريقيا وبين هذه الحالة من التبعية التي قادت إلى تدمير الاقتصاديات الوطنية لهذه البلدان، قبل أن تبدأ بعضها، مثل الهند والبرازيل، تجاربها النهضوية التنموية الذاتية.
فوجود أنظمة فاشلة أو مستبدة - بعضها يتاجر في المخدرات كما في بوليفيا في بعض فترات تاريخها ما بعد الاستقلال- سمح للغرب ومؤسساته بالتوغل في هذه البلدان، والسيطرة على اقتصادياتها، وبالتالي على قرارها السياسي، وأنه عندما تولت أنظمة حكم وطنية في هذه البلدان، فإنها سعت -أول ما سعت- إلى فرض نمط من التنمية الذاتية المستقلة الذي لا تعتمد فيه على الخارج، مع تشديد بعض هذه الأنظمة على رفض أي نصائح أو "روشتات" من صندوق النقد أو البنك الدولي أو ما شابههما من أدوات السيطرة والعولمة الأميركية والغربية.
الجزء الخامس تناول حالة الاتحاد السوفياتي السابق ويوغسلافيا السابقة، وفي كلتا الحالتين أدت "الرسملة" القسرية غير الرشيدة، والتدخلات الغربية عموما، إلى إعادة روسيا والجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفياتي إلى مصاف دول العالم الثالث، بينما أدت في الحالة اليوغسلافية إلى تفكك يوغسلافيا، وسيادة الفوضى والعنف فيها حتى النصف الثاني من التسعينيات.
وقد أردف تشوسودوفيسكي كتابه بملحقين، الأول بعنوان تزييفات عالمية، يوضح فيه كيف تقوم الأمم المتحدة بتزييف نسب وأرقام الفقر حول العالم، من أجل إخفاء تأثيرات العولمة والسياسات الغربية، والثاني عبارة عن حقائق وأرقام حول النسب الحقيقية للفقر في العالم، بما يوضح وجهات النظر التي نقلها في كتابه.
المصدر (http://www.aljazeera.net/books/pages/5f879425-ee12-4e5e-8582-63f0f71f5aba)
نتيجة استخلصتها من قراءة عرض الكتاب :
هذا جزء بسيط جدًا من فضائح وفضائع أدعياء الإنسانية وحقوق الإنسان التي يكاد زُملاؤنا المخالفين من علمانيين وليبراليين وملاحدة أن يقبِّلوا نعالهم ويغتسِلوا بشراكِها وهم يتبعونَهُم حذو القذَّة بالقذَّة , وأمرٌ آخر وهو أنَّ مؤلف الكتاب عالم إقتصاد كَنَدي أي إنسان يعي ويعرف مايقول وأنا سعيدة أنَّه " أعجمي " حتَّى لا يُقال أنَّ " العرب " أو " الإسلاميين " يتوهمون وجود مؤامرة تسعى لعولمة الفِكْر الغربي - وفي هذا الشريط مثال على السعيْ للتحكُّم بقرارات الدول - وبالتالي قتل الهويَّة المحليَّة وفرض الهيمَنَة الغربية بكل أشكالها على جميع المجالات .. ونَصِيرُ كلُّنا وفي وسط أوطاننا :
Like we are all living in America !!
ونتيجة لهذا يبقى المُسلِم المُتمسِّك بدينه وتعاليم دينِه إنسان " رجعي " في نظر العالم الذي توَّحدت عنده مفاهيم " الرقي والتحضُّر " .
وهذا ما يدفع العامي إلى خوض " معركة نفسية " مع نفسه لأنه يرى " السواد الأعظم " من بني جنْسِه في شتَّى العالم على ملَّة واحدة , فتدفعُهُ نفسُهُ للتساؤل عن صحَّة موقفه ؟!
ولو كانَ عند ألئك الناسْ علمٌ ولو ضئيل من " الإستغراب : العلم بتاريخ الغرب وحياته الإجتماعية ومفاهيمه ورؤاه تجاه نفسه والعالم ... " لتجلَّت لهُ أنَّ مفاهيم الرُقيْ والتحضُّر التي اتفق عليْها العالمين بطريقةٍ أو أخرى تتقاطع في معظَم أحايينها بالماديَّة والإنحلالية الأخلالية التي يرفُضُها الإسلام رفضًا قاطعًا , ولَعَلِمَ علمَ اليقين بالحقد الكنائسي الممارس منذُ قرون طوال علانية والتي انتقل إلى تحت الطاولات وتحت شعارات أُخَر في عصْرِ التلميع الإعلامي لإكتساب قلوب الجماهير .. قُل الضحايا!
وأحب أن أستأنِس بقوْلِه تعالى : { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ } , على الإشارة بأنَّ أهل الأرض شرقها وغربا شمالها وجنوبها سوفَ يتَّفِقُون على أمرٍ أو مجموعة أمور ويكونون بموافقتهم هذه " أكثرية " وقد حذَّر الله من الإنغرار بكثرتهم وموافقتهم وأعطانا نتيجة الإنقياد لهُم { يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } , والسبب { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ } فهذه أحكامهم الوضعية وتصوُّراتهم المادية هذه ونحوُهُ ماذا تساوي أمام الحق الذي أنزله الحق تباركَ وتعالى ؟!! ويقول في آيةٍ أخرى { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } .
.
.
والله أعلم والحمدُ لله وربِّ العالمين .