muslimah
03-25-2006, 07:55 PM
الحركة النسوية الغربية وأثرها في المجتمعات الإسلامية
بقلم د. محمد بن حامد الأحمري
"...هذه نماذج ليست لتكون هنا سنة أو بديلاً , ولكنها محاولة للهروب من نمط هذه المدنية الغربية وأخلاقها الجشعة ..."
كانت ليلة عاصفة من النقاش مع غير المسلمين. كان النقاش في الكنيسة عن الإسلام وموقفه من قضايا عدة , وقد دعت لهذا اللقاء إحدى كنائس "البروتستانت" في أمريكا. كلفت باللقاء , وتهيبت ما أمامي منه أيما تهيب , وسيحضر اللقاء معي مسلم واحد -حديث العهد بالإسلام - وهذا امتحان لدينه أمامه وأمامهم , وأمامنا لقاء مفتوح مع شخصيات كنسية رغبت في التعرف والنقاش , وهم كثرة ونحن قلة , ومعهم قسيسة متخصصة في الإسلام والعالم الإسلامي , رأيت - قبل قدومي - بعض ما درسته , وعرفت من لقاء سابق , أنها مهتمة جداً بالإسلام ودراسته من شتى الجوانب , عقيدة وسلوكاً وتاريخاً, وبدى ذلك واضحاً من ورقة البرنامج.
وما أن بدأت الحديث , حتى ثارت إحدى الجالسات في لهجة مندفعة وصوت عال وسلوك نزق , تشتم الطريقة التي أجبرها أهلها فيها على اعتناق المسيحية ودراستها ؛ فقد أجبروها على ما تكره , وألزموها ديناً , فيه الكثير من غير المعقول , فتورمت أنوف الشيوخ الكبار والعجائز المشاهدات , وضاقوا بها وبتعرضها وتشويهها للمسيحية أمام المسلمين , وفي موجة غضب , كانت تهجو المسيحية وتسأل المسلمين وتنتقد الموجودين .
ثم هدأ الموقف - بتهدئة ذوي الأحلام - ليأخذ السياق طابع الجد والنقاش المباشر , وقد هيأ الله لنا باباً في الحديث - هم فتحوه - وكان موضوع (المرأة) .
ولا يأتي ذكر الإسلام عند الأمريكان خاصة , إلا مرتبطاً بالحديث عن أمر المرأة . وكيف أن الإسلام يمنعها من التعليم والحياة , وموقف الإسلام من المرأة يحدده سلوك "طالبان" في أفغانستان ؛ فهو تجهيل للمرأة وحرمان . كما أن السلوك الإسلامي للرجل , يحدده صدام و القذافي والخميني , فهو كراهية للأجناس الأخرى , وحقد وفشل وحصار .. وما شابه .
ومشكلة المرأة في المجتمع الغربي , عقدة حقيقة في الثقافة الأوروبية القديمة , ثم حملتها المسيحية معها عندما تنصرت الشعوب المتوحشة المتخلفة ؛ فقد كانت هذه الشعوب - قبل تنصرها - تشرب الخمر, وتتزوج زوجة واحدة يمتلكها الرجل مدى الحياة ويخونها , ويزني بمن صادف من زمان التوحش إلى زمان "كلنتون" .. ثقافة يتوارثها الآباء عن الأجداد , في البيوت والمكاتب والمدارس والكتب .. وغيرها .
ذكرت لهم : أن عقدة المرأة لم تكن في المجتمع الإسلامي كما هي في ثقافتهم , وأننا اليوم قد استوردنا المشكلة مع مطاعم "مكدونالد والكوكاكولا", وأصبح همهم في هذه "الكنيسة" هو همّ الشارع "المسلم" , فيكفي أن تطلقوا نكتة أو تحدث مشكلة ؛ فتصبح مشكلتنا ! يكفي أن تنشر عندكم صورة إمرأة "بلباس غريب" أو "موضة حديثة" فتكون - هذه - موضة المغلوبين على أمرهم , ولم تسمعوا ولم تروا ولم تكبر عندكم كما كبرت عندنا .
وقرأت "لشريعتي" في مقارنته بين أسلوب تقدم المرأة في البلاد المتخلفة والدول القوية "أن المرأة تقدم في "فرنسا" على أنها بطلة من أبطال المقاومة ضد "ألمانيا" وتحرير باريس من النازيين , وضمن الأساتذة والكتاب والمترجمين والمكتشفين والمخترعين والمناضلين السياسيين والقائمين بخدمة البشر .. وأمور وتخصصات من هذا القبيل , أي الجهاد والمشاركة الفعالة بأكثر ما يمكن , من المفاخر التي كانت - في الغالب -قاصرة على الرجال , أما المرأة العصرية - هنا في إيران- فإن الإحصائية الوحيدة التي تقدمها كدليل دقيق لمعدل التقدم والتطور والحرية لديها, وأكثر الأناشيد الحماسية التي ينشدنها إيقاعاً , ويعتبرنها من الانتصارات التي اكتسبنها في طريق الحرية والتقدم , إنه منذ سنة 57 حتى 76 - وفي فترة لا تزيد عن عشر سنوات تضاعفت - مؤسسات التجميل والزينة وبيع لوازم الزينة والرموش والأظافر الصناعية في (طهران) خمسمائة ضعف , مما أسعد أصحاب محلات من أمثال كريستين ديور" أ.هـ بتصرف , (العودة إلى الذات ص 80). ثم يشير - في مكان آخر - إلى أن النساء الجاهلات أو الأقل تعليماً ومدنية وفي ريف إيران - أشد تعلقاً بالموضات الفرنسية وإنفاقاً عليها , من ساكنات طهران . وكانت إيران تستورد من مساحيق الزينة , أضعاف ما تستورده من المنتجات الثقافية .
ولما وهب الله المرأة من الحساسية الاجتماعية العالية, وسرعة التقليد , والتي تتمثل في تعلم الأشكال والأصوات , بل والبراعة في تعلم اللغات أكثر من الرجل , وهي أمور تساهم سلباً , كما تساهم إيجاباً. فعلى مجتمع الرجل المنهار- التابع لغير المسلمين - ألا يصب اللوم على المرأة وحدها , ولكن الحل أن يبرز الرجال منهم أساتذة ومن النساء يكن قدوات ؛ فينقلب الأمر, كما حدث في "مجتمع النبوة" الأول , وكما يمكن أن يحدث في أي مجتمع بشري . فالنخبة الواعية قادرة على قلب الموازين الثقافية .
ولما عرجت على أن المرأة المسلمة لم تعرف عقدة الكراهية والشتم - التي امتلأت بها كتب النصارى , وأنها تملك حق الزواج والطلاق والميراث , وأن تكون لها تجارتها وعملها ومالها الخاص , منذ أكثر من أربعة عشر قرناً , وأن خديجة - رضي الله عنها - كانت صاحبة مال وأعمال , عمل عندها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في تجارتها . وكان للنساء حضور في الحركة الجهادية والعلمية والسياسية في الإسلام , وما هند بنت عتبة , وعائشة وخطبتها يوم الجمل , بغريبة في الثقافة الإسلامية .
قال الذهبي : - ناقلاً عن (الأحنف بن قيس) لقد استمعت لأبي بكر وعمر , فما سمعت مثل عائشة يوم الجمل أفخم كلاماً. إن مجتمع خفت فيه العقد الداخلية , ولم يستورد أمراض الشعوب الأخرى - كحالنا اليوم - , تمرضه كل هبة ريح , أمل القوي فيستقوي بالوافد , ويضع الصالح لبنة في بنائه الضخم .
ثم أخذنا نستشهد جاء في الإنجيل: "وكما تصمت النساء في جميع كنائس الاخوة القديسين فلتصمت نساؤكم في كنائسكم , فلا يجوز لهن التكلم , وعليهن أن يخضعن كما تقول الشريعة, فإن أردن أن يتعلمن شيئا, فليسألن أزواجهن في البيت, لأنه عيب على المرأة أن تتكلم في الكنيسة" فليس لها أن تتكلم أو تتعلم في الكنيسة . ودع هذا النص , للتالي العجيب ؛ يقول الإنجيل : "فالمرأة المتزوجة تربطها الشريعة بالرجل ما دام حياً, فإذا مات تحررت من رباط الشريعة .. هذا وإن صارت إلى رجل آخر وهو حي فهي زانية" وهنا جاء السؤال هل ترون - معشر الحاضرين - هذا عدلاً ؟ وضجوا .. لا ؟!
لقد كان النقاش والتعقيب منا ومنهم , لنا نصراً , وشعرنا بالانشراح والابتهاج ؛ لأنهم اعترفوا بهذه الحقيقة , وليست هناك مشكلة عندها أن تسوق الأمثلة - بلا نهاية - على الشك والتناقض في أصولهم . وختاماً أقرت خبيرتهم فقالت: "بكل بساطة ووضوح , إن المرأة في المسيحية ما هي إلا جزء من ممتلكات الرجل والمسلمون منذ 14 قرناً , أعطوا للمرأة ما ترون . حقاً إنه عدل مبكر جداً".
الانتقام من المسيحية بالحركة النسوية
كنت قبلها بفترة يسيرة , اطلعت على كلمة لأحد الكتاب الأمريكان , قال فيها : "إن تعاملنا مع مسألة المرأة هذه الأيام , يدمر مجتمعنا" . فالمرأة التي تصبح وتمشي على ثقافة الحركة النسوية المتطرفة , والتي تطالب بأن يخاطب الله - عز وجل - بضمير المؤنث أيضاً "عز وجل عما يفترون" لأنهم إن وصفوا الله بضمير التذكير ؛ ففي هذا امتهان للمرأة . بل لا بد من الإشارة بالضميرين بالتساوي . وجعل كلمة "هي" و"هو" في كل مكان سواء . وأيضاً - يقول : "والأسرة التي تسمع , والأطفال .. هذه الحروب الثقافية , كيف يمكن أن تصنع هذه الثقافة أسرة سعيدة ؟ بل وكيف يشعر الأطفال والآباء أن بينهم مودة ومحبة ؟ إن الأصوات الصاخبة بحقوق المرأة , لم تعد عليها إلا بالتدمير والكراهية والطلاق والمضايقة في مواقع العمل والشوارع , والامتهان والسخرية . إن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة "قانونية" مجردة , إنها حب ووئام وألفة وإنصاف ومشاركة , يدخل القانون وقت المشكلة فقط .. وكم كانت الحياة سعيدة هادئة , قبل الحركة النسوية ؟
إن سياق الحزازات والمماحكات بين الرجل والمرأة - والتي أدت لحصول المرأة على نصف ممتلكات الرجل عند الطلاق أو الانفصال - هي التي تجعل الرجل يكره الزواج , ما دام الزنا سهلاً , ويصون عليه ماله , ويتهرب به حتى من المسئولية عن أطفاله .
بل أوجدت هذه القوانين نوعاً جديداً - بدأه شياطين الأفلام - وهو "زواج العقود" وهو (عقد يظهر فيه الرجل على أنه زوج للمرأة ولكن لا يسجل زواجاً) , ويكتب عقداً يبين فيه أنه في حال الانفصال - لكثرته عندهم - ؛ فليس له عندها شيء , وليس لها عنده أي التزام ؛ لأن الحيلة - بأن توقعه في الزواج أو يوقعها - سادت في المجتمع المنحرف , ليخرج - بعد أيام - بنصف مالها , أو هي بنصف ذلك ؛ فكانت هذه الحيلة - التي تجعل العلاقة علاقة نفاق وعدم ثقة وحرب - مبطنة بالابتسامات للمصورين , والتظاهر بالسعادة والحياة الجميلة . وأكثر من نصف الزيجات تنتهي بالطلاق4 في عامة المجتمع , أما بين هذه الطبقات فلا تكاد النسبة تذكر , للباقين على زواجهم . على الرغم من أن الرجل يعاشر المرأة وتعاشره مدة أطول قبل الزواج , منها بعده .
إن النقمة العارمة من التاريخ المسيحي والعرف الوثني الغربي - الذي يحقر المرأة ويجعلها من سقط متاع الرجل - ؛ هو من أسباب سن القوانين المناصرة للمرأة , والتي تفضلها على الرجل , ولكن .. ماذا جاءت به هذه القوانين ؟ بالمزيد من الكراهية والاستهتار . فالأمريكي العنيف , لم يزل يفكر بالفتوة , والرجولة , والقوة , والغلبة على المرأة والهندي والملون . ولا أنسى قول أستاذنا - لزميل لنا عربي حصلت له مشكلة مع رئيسة التسجيل في الجامعة - قال له الأستاذ : "اذهب وقل لها كذا ؛ فرد الطالب بما يوحي بخوفه منها أو تمسكها برأيها , قال له منتهراً : أنت تخاف من امرأة ؟ حدثنا فيما بعد بالقصة .. يتعجب من أسلوب أستاذه في الاستهتار بصاحبة المنصب الرفيع , التي تهتز لقولها فرائص طلاب العالم الثالث (المتخلف) , إذ يقلبون القوانين والثقافة - دائماً - لتكون ضدهم . صحيح .. إنه قول جريء وغريب في ذلك المجتمع ؛ فهم يمارسون قهر المرأة دون صراحة , والعمل الذي يسندونه لها , يعطونها أقل مما يعطون الرجل , وقد تعمل عملاً أكثر وأشق .
المرأة ومرحلة المجتمع
ولكن المجتمع الأمريكي إلى الآن مجتمع رجولي , وعندما يضعف وينهار سوف تأتي المرأة على رأسه , كما جاءت (تاتشر) عند غروب ونهاية بريطانيا ؛ لتعلن ضياع الأدوار وسقوط همم الرجال , وتواري بأسهم . لقد كان أمراً يستحق الملاحظة أن الدول الإسلامية التي تمت فيها انتخابات حرة ؛ قد تزعمت فيها المرأة أول الحكومات الانتخابية .
في تركيا, والباكستان , وبنغلادش , وأندونيسيا .. لماذا ؟ بل وفي الهند والفلبين - إذا ألحقنا دولاً أخرى ضعيفة أو متخلفة بمقاييس العصر - , بينما هذه المرأة الفرنسية , لم تصل في الانتخابات الحرة بعد الثورة , ولا بعد العلمانية المتطرفة , ولا زمن قوة فرنسا , ولم تصل أمريكا بعد , مع كونها أطول الديموقراطيات الرئاسية عمراً , وهذه اليهودية (مادلين ألبرايت) أول امرأة تتولى منصباً مهماً , في تاريخ أمريكا ؛ بسبب مال اليهود ونفوذهم . ولكنها لا تحلم بالرئاسة , ولو كانت هناك من امرأة قريبة أمل بالرئاسة في أمريكا ؛ فهي المترجلة (إليزابيث دول) . ولكن أمريكا القوية لم تصل بعد إلى عهد النساء , واختلاط المهمات .
ولماذا المرأة في الدول الإسلامية فازت ؟ سأل أحدهم هذا السؤال في مجلس ؛ فقال أحدهم : "هذه شعوب مريضة ومعقدة تحب أن تثبت أنها متطورة فيهرب رجالها للخلف وتتظاهر الشعوب المقهورة بالتقدم والحرية واختيار المرأة !!" .
وقال بعضهم : "إن هذا هو موقع المرأة الحقيقي في هذه الشعوب هي الزعيمة وهي صاحبة القرار في البيت والشارع , ولا يغرك تظاهر الرجال, ولذا لم يفلحوا" . ولكن فترة حكم هذه النساء , في تركيا والباكستان ؛ قد تكشفت عن فساد مالي ووساطات وقرابات , نهبت ميزانية دولهم في عهدهن , فأين القوة والأمانة ؟!
فتش عن العقدة
لم تكن تلك الحوادث التي تقال على الألسن كافية لأن أعرف سر تطرف بعض العربيات في الحركة النسوية العربية , والتي جاوزت الخلق والأدب والمعقول , وأضحت كتابات مشبعة بالفجور ومستفزة , حتى كان ذات يوم , وأعطاني زميل كتاب (نوال السعداوي) .. "مذكرات طبيبة" , وهي نسخة مترجمة للغة أجنبية, إذ لا مناص من إثبات الولاء والحضور في لغتهم , والتماثل .
ومن الصفحات الأولى في الكتاب تظهر لك (العقدة) وعين الأزمة , بلا ستار . لقد كانت عقدتها أنها في أول سنوات بلوغها - وكما تقول هي - ؛ فقد تعرضت لتحرش مؤذ من حارس العمارة - التي كانت تسكن فيها - وهربت منه - كما تقول - وكانت صغيرة جاهلة . وأنشب الخوف والحقد مخالبه فيها منذ ذاك. ثم تبعه - فيما بعد - أزمة علاقات صعبة في البيت مع إخوانها ووالديها , ثم تطورت العقدة إلى زواج فاشل , فنمى الخوف والعقدة , وأزمة البيت والشارع , والجامعة والذكاء والنجاح في الدراسة , والفشل في الحياة ؛ لتخرج بأزمة وأفكار "مريضة" موغلة في الانتقام ممن رأت أنهم "سر" فشلها ومرضها وعقدها المزمنة .
إن الصدمات الموجعة , والتجارب الفاشلة , والعلاقات القاسية في الطفولة والشباب المبكر ؛ تحفر- في النفس والعقل - حفراً كبيرة , يظهر خللها في يوم من الأيام . وتظهر آثار تلك الأزمات في تصرفات غير يسيرة , بل وبأشكال مثيرة ومستفزة , لأن النفس لم تكن سوية , ولم تستطع أن تخفي تلك الحفر (العميقة) , ولا أن يدمسها الزمن ! .
لقد كانت مذكرات "هذه المرأة" جواباً لسؤال كبير أحاط بكتابتها , وتفسيراً لعقدة عتيدة , فقد جاوزت الحد , الذي يقال له "شكوى" , وأحرجت النساء ؛ بما وصل له أسلوبها من طريقة تقضي على الود والرحمة التي فطر الله عباده عليها , وجعلها رباط الزوجين .
التعدد والأفراد
إن كنتم تريدون أن يكون الغربي مثالاً , أو الشرقي- الصيني والياباني - مثالاً ؛ فلا بأس , وإن أردتم أن يكون "الشيوعي" - المتظاهر بخدمة الطبقة الكادحة - قدوة , فلكم ما أردتم. أنكم لن تجدوا عندهم - وبلا وصاية من كاتب أو ممل لفكرة - غير رجال يعددون النساء في كل أمة وتحت كل قانون , وأنهم يغيرون زوجاتهم , أو يخونونهن , أو يقتلونهن .
ومن قرأ "دعاية السياحة" في بريطانيا - في وسط التسعينات - ؛ فقد كانت مضحكة ومعبرة !! , إنها تقول: "تعالوا إلى بريطانيا فقد مات هنري الخامس منذ زمن طويل" .
لماذا "هنري" .. هذا ؟ إنه هو الذي ساق نساءه للمقصلة في برج لندن , فقد كان كلما عاشر زوجة ثم أعجبته امرأة أخرى, اتهمها , ثم قتلها وجاء بالأخرى .. لم كل هذا ؟ لأن هناك رجالاً لا يستطيعون الاكتفاء بواحدة , وهناك قوانين أو أعرافاً سنها الناس , خلاف سنة الله في عباده ؛ فكان لابد للناس أن يدوروا حول هذه القوانين بالحيل , أو يحطموها , أو أن يعبثوا بها .
في الحوار تلك الليلة معهم أشرنا إلى الأنبياء الذين ورد ذكرهم في التوراة والإنجيل , وأنهم كانوا يعددون الزوجات والجواري , أما (عيسى) فقد رفعه الله في نحو الثالثة والثلاثين, أما قادتهم وقادة الإلحاد المعاصر (الحداثة الشيوعية وغيرها) , فهم معددون في أسوأ نماذج التعدد. ولأضرب لذلك مثلاً بأربعة , من شر صناع الفكر والسياسة في القرنين الأخيرين وهم: هيجل , وماركس , ولينين , وماوتسي تونج.
عاش "ابن هيجل" مع الأسرة , من صديقة كان يزني بها ؛ وسبب هذا مشاكل للأسرة بلا نهاية5. أما "ماركس" فقد كان له - أيضاً - ولد من شبه قصة أستاذه "هيجل" , ومات الابن في بريطانيا في نحو عام 24 بعد انتصار "فلسفة والده" في روسيا6. أما "لينين" فقد كانت "عشيقته" السويسرية , تساكنه شقته , مع زوجته "كروبسكايا" قبل الثورة وفي الكرملين , حتى مات7. أما "ماوتسي تونج" , ففي مذكرات "طبيبه الخاص" من القصص ما لا يحسن ذكره في هذا الجانب . لكن المنحرفين الذين أعماهم التقليد والجهل ؛ لا يجدي معهم شيء ؛ فهم يقولون : إنهم لا يعددون , ولكنهم يفعلون ما هو أسوأ. والمهزوم بالسلاح النووي , يتوقع أن غالبه متميز في كل شيء !! ولله الأمر من قبل ومن بعد .
لقد كنت قبيل محاكمة "كلينتون" , من سامعي البرنامج الذي قدمته شبكة (سي إن إن) , وقد لفت انتباهي , قول أحد الضيوف الكبار, على التلفاز للعالم كله "كلنا نفعل هذا" يقول ذلك عن الرجال الأمريكان , أما الأوروبيون فقد عدوا السؤال والنقاش في الأمر , سخافة وتخلف ؛ فمن عندهم الذي بقي مهتما بمثل هذا الأمر!
ألا ترى المرأة المسلمة , أن التعدد والاعتراف بالفطرة والوضوح والكرامة , خيراً لها . فلنقل إنها هي الزوجة (الأولى) , فكيف ترضى لأختها أن تكون عاهرة , وكيف ترضى أن تكون باقية على نار الشك وعدم الثقة في الرجل سنوات وهي تتوقع منه الانحراف ؟ .
ألم تكن هي من يدعو للانحراف , بإصرارها على تحقيق قوانين الشعوب الأجنبية المتضاربة , التي جاءت من مخلفات الهراطقة والمتوحشين؟ .
بلاد بلا دين ولا خلق , والتصقت بالمسيحية , التي قال الله - عز وجل - عنهم , أنهم سنوا لأنفسهم الالتزامات , ثم إنهم لم يرعوها حق رعايتها . ليس أفراداً منهم فقط . بل الأغلب منهم لم يرعوها , فقال الله - عز وجل - عنهم "فما رعوها حق رعايتها".
لأنه لو كان خرقاً فردياً , لما كان الحكم للمجموع , ولا كان اللوم عليهم , فإما أنهم خرقوا أو , وافقوا , أو سكتوا عن كسر حدود الله . وفي قصة (أصحاب السبت) .. دليل . قد نجد في بلاد المسلمين , رجالاً ونساءاً لا يرعون حدود الله , ولكن ليست بهذه الطريقة الشمولية التي ساقها الله عن غالب أولئك , أو كلهم .
وهل أمنت المرأة - التي تكره وتحارب التعدد - أن تكون هي بحاجة - ذات يوم - أن تكون ثانية , أو ثالثة , أو رابعة لرجل آخر , خير لها من الإهمال والعزوبة والتفرد ؟ وقد تكون نهاية زواجها ؛ بسبب منع زوجها لحقه في الزواج من أخرى , أو بسبب موت أو غيره , فكيف تفكر المسلمة في إلزام الشعوب المسلمة بشرائع الوثنية , التي لم يوقروها ذات يوم ؟ رأيت في المجتمع الغربي - من معايشة طويلة - كيف تتمنى المرأة الغربية - في أحوال عديدة - أن تكون زوجة "ثانية" لمسلم , يكف عنها حياة العدم , والوحدة , والأنانية الطاغية , ولكن المسلمين هناك أيضاً , يقل بينهم من يعدد بسبب الأحوال المادية والقانونية , وبسبب تسرب أفكار الوثنيين للإسلاميين رجالاً ونساءاً ؛ فيقدسون قوانين , أو يخشونها , أو يفكرون في صحتها رغم فرار أهلها منها . والابشع من ذلك أن تنشر مجلة (التايمز) - مقابلة مع إحداهن - وهي تروي كيف سمح لها زوجها بمعاشرة رجال آخرين ؛ لأنه هو لديه نساء أخريات , ويبقى التسجيل القانوني أنهما زوجان , حتى لا تأخذ البيت أو نصفه أو ما جمع من مال ؟
وفي ولاية "يوتا" تقوم طائفة حديثة من النصارى "المورمن" بالسماح بالتعدد إلى حد تسع زوجات , وذات يوم جاءت إحدى الزوجات لمذيع لتقص عليه "قصة" هذه الأسرة المكونة من رجل وتسع زوجات (كبرى النساء فوق الخمسين وصغراهن عمرها ثلاثة عشر عاماً) , صورت المقابلة , وأعيد إذاعتها على التلفاز عدة مرات , وما هذه الأسرة إلا واحدة من عشرات الألوف - في تلك الولاية وحدها - من المعددين , ومستوى المشكلات الاجتماعية , أقل من غيرهم, ويحرمون الخمر أيضاً , إلا في أيام قليلة في السنة .
جاء المذيع لمحطة الإذاعة التي تعمل فيها هذه الزوجة ؛ وتبين أنها قد تمكنت من أن تقنع زميلتها المذيعة الأخرى لتكون زوجة للرجل نفسه , ثم ذهب المذيع للبيت وقابل الأسرة كاملة , ورأى النساء والأطفال وقد وضع لكل زوجة غرفة , ويرأس النساء وينظمهن أقدمهن وهي "أكبرهن سناً" , أما الصغيرة - التي كانت في الثالثة عشرة - فقد كان أمرها أغرب , لذا ذهب المذيع إلى والدها ووالدتها اللذين زوجاها من هذا العجوز الستيني . وأبو البنت وأمها أصغر من زوج ابنتهما . وقد قال الأب والأم : "إنه كانت لنا بنت أكبر منها , وقد ذهبت مع عشيق أو عشيقة وفسدت , ولا نعرف مصيرها , وقد عرضنا عليه الزواج من ابنتنا , وحببنا لها الأمر , وقبلت وقبل , فهي الآن زوجة لرجل نعرفه في بيت نعرفه . وليس لديها مشكلات , كالتي تعاني منها أختها الهاربة" .
قد تكون أمثال هذه الحادثة قليلة أو نادرة , ولكن يبقى أن من الناس - وإن كفروا - أناس قريبين من الفطرة , تهمهم كرامتهم وصيانة أعراضهم , ويواجهون مشكلاتهم بأسلوب عملي , مهما بدا للغرباء غريباً .
وقد يمط أحدهم شفتيه , مستغرباً لنماذج الحياة الأمريكية هذه ؛ فأمريكا - عنده - , والغرب قوة , وفحش , ومسرحيات , وسيارات , وطائرات , وحرية , حتل لا يشعر أن الإنسان بقي هناك - قابعاً مقهوراً - تحت فحش وتفسخ الحداثة وميراث الوثنية , وصرامة العمل , وغياب العاطفة , ورغبة عارمة في التدين .
وهناك من يدأب للبحث عن البدائل , في الهروب من كل أشكال الحضارة المعاصرة ففي مقاطعات "الآمش" هناك اللذين لا يستخدمون أيا من الوسائل الحديثة , فلا يستعملون السيارات , ولا الطائرات , ولا الكهرباء , ولا الهاتف , في استسلام عجيب لمبادئ "كالفن" الدينية تغطي النساء رؤوسهن إلى اليوم والغد - غالباً - بغطاء أزرق , ويزرعون زراعتهم دون كيماويات ولا مخصبات , مما جعل اللذين يسعون إلى الطعام الطبيعي يقبلون على منتوجاتهم , مما عاد عليهم بالأرباح الكبيرة , مع أنهم لم يغادروا تلك الحياة القديمة جداً , في شمال أوروبا , في القرن السادس عشر والسابع عشر الميلاديين ..
هذه نماذج ليست لتكون هنا سنة أو بديلاً , ولكنها محاولة للهروب من نمط هذه المدنية الغربية وأخلاقها الجشعة . فقد نمى لدى العديد من المفكرين والمؤرخين , مقدار ما أساء به مفكروا اليهود وفلاسفتهم للحياة الغربية , في تدمير الروابط وحل المجتمعات , ووضع المال معيار الحياة الجديدة فقط . وسحق ما عداه .
واستطاع اليهود أن يخرجوا الأفلام السياسية والعقائدية , التي تمجدهم وتهون من غيرهم , فيصورون الإسلام على أنه دين مؤذ ومخيف , ودين رجال بلا خلق ومروءة .
ويزيد الحال سوءاً , بعض من يحاول - من العرب - أن يحسن الصورة ؛ فيرمي نفسه عليهم , بشكل بعيد عن احترام النفس والهوية والذات, يتملقهم الفرصة. وكأنه يستجديهم أن يعترفوا به إنساناً من البشر على الأرض . ولكن أنى له - بعد كل الجهود اليهودية - , والواقع العربي المحزن . وقد أشار (صلى الله عليه وسلم) .. أن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء .
وهكذا هي مكرورة اليوم , ولكن اليهود استطاعوا أن يجعلوها "مشكلة العالم" فتنة الناس .. كل الناس , وكل العالم , وهذه الحروب بين الجنسين , من يوقدها كل يوم في الصحف والمجلات والتلفزيون والمدارس والجامعات , إن هذا الشّرَك , أبعد خطراً مما يخطر , لمن يرى تبسيط المسألة .
ولا أبتعد بك بعيداً في الحديث هنا , فشيء من النقاش , والمزاح , ودراسة الخلل الذي يسئ به الرجال للمرأة .. مطلوب , وصحيح وطبيعي ولم يعش البشر , دون هذه الملاطفات والمعاتبات والسخريات المتبادلة , واللوم أحياناً , ولكن الذي نعيبه هنا - وهو الداء الدوي - أن يستلحقنا غيرنا , وأن نحارب في معركة ليست لنا من بدايتها إلى نهايتها , وأن تفرض علينا المواقف في المعركة , ويفرض علينا السلاح .. فأي قيمة لشعوب تسقط في هذه الأحابيل وأي استقلال ؟
ولأزيد هذه المسألة بياناً وأمثلة ؛ لعل من قومنا من يفتح عينيه على المشكلة , فقد شاهدنا مئات الآلاف من المسلمين يجندون في الجيش البريطاني , من مسلمي الهند وبدو الجزيرة العربية , والأردن , وسوريا , ورأينا العرب المسلمين يجندون في الجيوش البريطانية والفرنسية والإيطالية , يحاربون لمصالح بريطانيا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا , ويموتون في سبيل التراث الفرنسي والبريطاني والإيطالي , مقابل دراهم قليلة , أو مقابل شيء من الزاد لبطونهم , لم يكن ذلك بعيداً , فرجال من رجال هذه الحروب , أحياء اليوم في عالم الناس , فكيف لا تجد رجالاً ونساء متعلمين أو جاهلين , يحاربون في مدارس الفكر الغربي , ويحاربون إسلامهم وفكرتهم , دون وعي منهم . وأنصاف المتعلمين - ممن حصلوا على شهادات غربية أو زاروا أمريكا أو أوروبا عدة سنوات أو أيام - جهلهم فاضح بأنفسهم وبغيرهم , جهلهم بنظم الحضارات وصراع الأفكار .. فاحش , وغرورهم بشهاداتهم كبير , وبكلمات لقطوها - دون عمق - أكبر . وبعضهم لا يزيد عن كونه "وسيلة اختراق" ناجحة لمجتمعه دون وعي منه .
وهل المرأة المسلمة بلا مشكلات؟
المرأة المسلمة إن سارت في الطريق ؛ فستكون الأسوأ حظاً بين الجميع , فلديها ما تنوء به من مشكلات المجتمع الذي تخلف وفارقته الحيوية الحضارية , وأثقلته مشكلات الجهل والعزلة والاستبداد , لقد هدت مشكلاتنا العويصة المرأة والرجل , وألقت على الطرفين سلوك الخوف والتردد , والسطحية والسلبية في الحياة , وذلك هو الاستجابة الطبيعية للإنسان المقهور , والمقهور إذا سنحت له فرصة تفلت وتخلص ؛ لم يحسن التعامل معها , أياً كان جنسه , رجلاً أو امرأة .
غير أنني أشير هنا .. إلى أن لكل مجتمع - نساءً ورجالاً - مشكلاته, وليس بحاجة إلى أن تفد عليه مشكلات الآخرين وأفكارهم . فكيف إذا أرهقنا الإنسان المسلم المجروح , بل المحطم , وحملناه أفكار ومشكلات غيره ؟ بل , وما هي أفكار الآخرين - سوى مشكلات ومحاولات حلول - فننقل مشكلاتهم إلى مجتمعنا , ونطالبه بحلول لمشكلات عويصة على المجتمع الغربي نفسه , غارق فيها بلا نهاية , ونطالب أنفسنا أيضاً , بحل مشكلاتنا!! .
إن هذا لضرب من العبث والسذاجة , وإهلاك للقوى دون جدوى . إن هؤلاء الذين يفترضون , أو يرون أن يحملوا المرأة والرجل , ثقل الغرب والشرق ومشكلات حضارتين , لا يزيدون قومهم إلا خساراً ووبالاً , وستكون المرأة الغربية أخف حملاً لأنها تعاني مشكلة , تكاد أن تكون واحدة , مشكلتها الثقافية أو عقدتها مع ثقافات اليهود - الذين مارسوا دورهم من داخل المجتمع الغربي - فهي تواجه أزمة معروفة , أو شبه معروفة الأسباب والحدود في أذهانهم , أما "المسلمة" فسيكلفها عدوها ما لا تطيق ؛ فلن يتحول المجتمع الإسلامي ليكون نصرانياً , ولن يتبنى فلسفة اليهودية , ولا الحداثة , ولا العلمانية , فتحل مشكلاته - كما يتخيل المتغربون من هناك - بفلسفة الغرب نفسه بعد استيطانها .
بل شهد عصرنا هذا , وأيامنا هذه , على خلاف ما كان يتوقعه المتغربون (الاستلحاقيون) , فمن شاهد صور (النساء العراقيات قبل حرب 1990) ومن شاهدها عام 99 ؛ يرى الفارق الكبير ! فما كنا نرى صورة امرأة "محجبة" آنذاك .. أما اليوم - وفي زمن قصير جداً - ترى عكس ذلك تماماً .
مست أمتنا آلام الغرب , وإفساده وقتله , وتشريده بالمسلمين ؛ فهرب منه من كان يأمل منه خيراً أو تقدماً . عادوا للدين عادوا للإسلام . بل إن شياطين "حزب البعث" نفسه , غادروا ثقافته ؛ لما كان فيها من سموم القومية "الغربية" لا العربية .
وعند "صدام" اليوم , درجات الترقي - حسب حفظ القرآن . وكم لله في خلقه عجائب ؟ فهذا وزير عربي , درس في "جامعة القاهرة" في بداية الستينات , ثم عاد لها بعد ثلاثين سنة قال : "عدت لأتذكر تلك الأيام ؛ فكان أشد ما شدهني , تحجب النساء , فقبل ثلاثين سنة كانت - ربما - واحدة فقط .. في كل الكلية , تتحجب , أما اليوم , فيقول : "حتى النصرانيات هل يتحجبن" ؟ إن مخلفات الفكر المهزوم والنفوس المبتورة ؛ ستبقى مادام الغرب قوياً لديه السلاح النووي والإعلامي .. هوليوود وما شابه .
ولا نتوقع أن تنقطع فصيلة المهزومين والمستلحقين , ولكن علينا أن لا نغرق في بحر بلا ساحل , وفي معارك ليست لنا .
ملحق إحصائي
يبدو أن هذا الكتاب , مكتوب من قبل إحدى العاملات مع الحركات النسوية المتطرفة , ينحي باللائمة على الرجال في ما وصل له وضع المرأة في العالم , وقد لخصت ما رأيت أن له علاقة بالموضوع , في الأرقام التالية :
الاغتصاب:
1- في أمريكا نسبة "إمكان اغتصاب المرأة" ما بين واحدة إلى خمس , والتقديرات المحافظة , واحدة إلى سبع , أي أنه من بين كل (خمس نساء) إلى (سبع نساء) تكون إحداهن تعرضت للاغتصاب , أو ستتعرض له في حياتها. ص 56
2- عدد المغتصبات اللاتي سجلن حوادث اغتصابهن عند الشرطة في عام 96 كان 90430 , أما اللاتي لم يسجلن حادثة الاغتصاب فيقدرن بـ 310000 حالة .
وسبب عدم الشكوى ؛ اليأس من إمكان الشرطة أن تعرف أو تساعد , وعدم جدوى التقرير, كما أن عدداً كبيراً , لا يحببن أن يسجل عليهن في البوليس ذلك .
هناك نوع آخر من الجرائم , وتسمى "الجريمة المسكوت عنها" , وهي تحرش أرباب العمل أو المديرين أو المدرسين بالنساء , الاتي يقعن تحت نفوذ رجال متنفذين, وفي العادة لا تسجل هذه الجرائم ؛ بسبب خوف المرأة على وظيفتها , أو طمعها في تعويض, أو صعوبة الإثبات , وأشهر الحوادث التي كشف عنها - منذ نحو ثلاثة أعوام - فقدت اشتكت إحداهن رجلاً من رجال (الكونجرس) من "أوريجون" , وحين اشتهر أمره سجلت عليه 26 امرأة , شكاوى من هذا النوع , ممن سبق أن عملن معه في الكونجرس وخارجه.
3- عدد حالات الاغتصاب في كندا : المسجلة (20530) وليس هناك إحصاء لغير المسجلات , ولكن في كندا (150) مركزاً لمساعدة المغتصبات اللاتي يأتين لطلب المساعدة , بعد الاغتصاب. ورقم المراكز في (أمريكا) لا تتوفر له إحصائية , وذلك أن منه الرسمي , والتطوعي .. ومن يعرف المجتمع , يعرف مدى انتشار هذه المراكز, فهي خدمة اجتماعية منتشرة في الأحياء , والجامعات .
4- في أستراليا (75) مركزاً لمساعدة المغتصبات , وفي نيوزيلاندا (66)
5- حالات الاغتصاب المسجلة في ألمانيا (5527 ) - لم تشر الكاتبة لتقدير الأرقام غير المسجلة" .
6- في جنوب إفريقيا (2600) حالة مسجلة , وغير المسجل يقدر بـ386000
7- إسرائيل بها سبعة مراكز لمساعدة المغتصبات
8- بنغلاديش بها مركز واحد
9- روسيا سجل فيها (14000) أما التقدير للحالات فهو من أعلى دول العالم : (700000) .
قتل النساء في الولايات المتحدة
يقتل كل يوم عشر نساء من قبل الزوج أو الصديق , من هذه الحالات (75%) يتم القتل بعد , أن تترك المرأة صديقها , فينتقم منها بالقتل . أو تطلب الطلاق من زوجها , أو تعصي زوجها. ص 26 في روسيا عام 95 نصف حالات القتل في روسيا , تمت ضد النساء من قبل أزواجهن , أو أصدقائهن, وفي عام 93 قتل (14000) امرأة , وجرح (45000) جراحات شديدة . ص27
ملاجئ النساء
في الولايات المتحدة فقط 14 ملجأ للنساء المضروبات , أو الهاربات من أزواجهن , وهن اللاتي لا يجدن ملجأ عند أهل أو أقارب . ص 26
- في كندا 400 ملجأ
- في ألمانيا 325
- في بريطانيا 300
- في أستراليا 270
- في نيوزيلندا 53
- في هولندا 40
- في استراليا19
- في ايرلندا 10
- في اليابان 5
- في الباكستان 4
- في تونس 1
- في بنغلاديش
نسبة حالات العنف ضد النساء في المجتمع
أعلى الأرقام سجلت - وللأسف - في الباكستان80 % ثم تنزتنيا 60 %. ثم اليابان 59 % بنما 54%. أمريكا 28 %. وكندا 27 % نسبة الطلاق في أمريكا كانت في عام (1970 - 42%) ووصلت في 1990إلى (55%) وفي فرنسا 32 % , وفي بريطانيا 42% . ص 23 وفي السويد إلى 44% , وفي كندا إلى 38% , وتأخر سن الزواج عن عام 1970في نيوزيلندا , ليزيد ست سنوات , وثلاث سنوات في أمريكا , وعامين في كل من كندا , وبريطانيا . ص 23
حالات الإجهاض
المواجهات محتدمة بين أنصار الإجهاض وخصومه في أمريكا , ولذلك أثره الكبير ونقاشه العام , حتى على مستوى من يفوز في الانتخابات , قد يساعد على أن يحدد مصيره , موقفه من الإجهاض ؛ فالمحافظون المتدينون , ضده , ويتهمون المجهضين والموافقين بأنهم قتلة للأطفال , والمعارضون يسمون أنفسهم أنصار الاختيار, والأزمة أغلبها حول أطفال من السفاح , وقد اشتدت المواجهات بالسلاح بينهم .
وإليك هذه الإحصائية : بين عامي 1990و 1995 تم اغتيال خمسة من العاملين في عيادات الإجهاض , و12 حادثة , محاولة أخرى , و196حالة تهديد بالقتل , و65 حادثة مسلحة أو تفجير , تمت للعيادات , و30محاولة غير ناجحة , و 115 تهديداً بالتفجير, و372 محاولة تخريب و إضرار بالعيادات التي تنفذ الإجهاض .
ويموت في العالم ما يزيد عن 200000امرأة , تموت سنوياً ؛ بسبب محاولات الإجهاض غير المسموح به , أغلبهن في آسيا ص 38 - 39 وقد كان شعار أنصار "عدم" الإجهاض .. (أوقفوا القتل) ولكن لما زادت محاولاتهم في قتل الأطباء وتخريب العيادات ؛ بدأت تظهر دعايات ضدهم , وكاريكاتيرات تقول : "أوقفوا القتل أنتم أيضاً" , وهناك أحد هؤلاء الذين فجروا عيادات في "كارولاينا" , لم يزل هارباً - منذ ما يزيد عن عام - وينشر الرعب , هو وأنصاره , ولم يقبض عليه إلى الآن , وهو هارب في الغابات , ويتهم مجموعة من "المتدينين" أنهم يناصرونه .
الإيدز:
في عام 93 , كان هناك 13 ألف شخص , يصاب يومياً في العالم . والمتوقع أن يصاب بالإيدز هذا العام 99 , ما يقدر بـ60 إلى سبعين مليوناً من البشر. ومناطق العالم الإسلامي هي الأقل إصابة به في العالم , فيقدر منطقة المشرق العربي , وإيران , والباكستان , وتركيا , وإسرائيل , والمغرب العربي .. بنحو 76000 في عام 95 في أمريكا وكندا - رغم التوعية الصحية والإعلامية - ما يزيد عن مليون وثلاثمائة . وأعلى الأرقام في (إفريقيا - جنوب الصحراء) يصل إلى 3 ملايين و360000 .
بقلم د. محمد بن حامد الأحمري
"...هذه نماذج ليست لتكون هنا سنة أو بديلاً , ولكنها محاولة للهروب من نمط هذه المدنية الغربية وأخلاقها الجشعة ..."
كانت ليلة عاصفة من النقاش مع غير المسلمين. كان النقاش في الكنيسة عن الإسلام وموقفه من قضايا عدة , وقد دعت لهذا اللقاء إحدى كنائس "البروتستانت" في أمريكا. كلفت باللقاء , وتهيبت ما أمامي منه أيما تهيب , وسيحضر اللقاء معي مسلم واحد -حديث العهد بالإسلام - وهذا امتحان لدينه أمامه وأمامهم , وأمامنا لقاء مفتوح مع شخصيات كنسية رغبت في التعرف والنقاش , وهم كثرة ونحن قلة , ومعهم قسيسة متخصصة في الإسلام والعالم الإسلامي , رأيت - قبل قدومي - بعض ما درسته , وعرفت من لقاء سابق , أنها مهتمة جداً بالإسلام ودراسته من شتى الجوانب , عقيدة وسلوكاً وتاريخاً, وبدى ذلك واضحاً من ورقة البرنامج.
وما أن بدأت الحديث , حتى ثارت إحدى الجالسات في لهجة مندفعة وصوت عال وسلوك نزق , تشتم الطريقة التي أجبرها أهلها فيها على اعتناق المسيحية ودراستها ؛ فقد أجبروها على ما تكره , وألزموها ديناً , فيه الكثير من غير المعقول , فتورمت أنوف الشيوخ الكبار والعجائز المشاهدات , وضاقوا بها وبتعرضها وتشويهها للمسيحية أمام المسلمين , وفي موجة غضب , كانت تهجو المسيحية وتسأل المسلمين وتنتقد الموجودين .
ثم هدأ الموقف - بتهدئة ذوي الأحلام - ليأخذ السياق طابع الجد والنقاش المباشر , وقد هيأ الله لنا باباً في الحديث - هم فتحوه - وكان موضوع (المرأة) .
ولا يأتي ذكر الإسلام عند الأمريكان خاصة , إلا مرتبطاً بالحديث عن أمر المرأة . وكيف أن الإسلام يمنعها من التعليم والحياة , وموقف الإسلام من المرأة يحدده سلوك "طالبان" في أفغانستان ؛ فهو تجهيل للمرأة وحرمان . كما أن السلوك الإسلامي للرجل , يحدده صدام و القذافي والخميني , فهو كراهية للأجناس الأخرى , وحقد وفشل وحصار .. وما شابه .
ومشكلة المرأة في المجتمع الغربي , عقدة حقيقة في الثقافة الأوروبية القديمة , ثم حملتها المسيحية معها عندما تنصرت الشعوب المتوحشة المتخلفة ؛ فقد كانت هذه الشعوب - قبل تنصرها - تشرب الخمر, وتتزوج زوجة واحدة يمتلكها الرجل مدى الحياة ويخونها , ويزني بمن صادف من زمان التوحش إلى زمان "كلنتون" .. ثقافة يتوارثها الآباء عن الأجداد , في البيوت والمكاتب والمدارس والكتب .. وغيرها .
ذكرت لهم : أن عقدة المرأة لم تكن في المجتمع الإسلامي كما هي في ثقافتهم , وأننا اليوم قد استوردنا المشكلة مع مطاعم "مكدونالد والكوكاكولا", وأصبح همهم في هذه "الكنيسة" هو همّ الشارع "المسلم" , فيكفي أن تطلقوا نكتة أو تحدث مشكلة ؛ فتصبح مشكلتنا ! يكفي أن تنشر عندكم صورة إمرأة "بلباس غريب" أو "موضة حديثة" فتكون - هذه - موضة المغلوبين على أمرهم , ولم تسمعوا ولم تروا ولم تكبر عندكم كما كبرت عندنا .
وقرأت "لشريعتي" في مقارنته بين أسلوب تقدم المرأة في البلاد المتخلفة والدول القوية "أن المرأة تقدم في "فرنسا" على أنها بطلة من أبطال المقاومة ضد "ألمانيا" وتحرير باريس من النازيين , وضمن الأساتذة والكتاب والمترجمين والمكتشفين والمخترعين والمناضلين السياسيين والقائمين بخدمة البشر .. وأمور وتخصصات من هذا القبيل , أي الجهاد والمشاركة الفعالة بأكثر ما يمكن , من المفاخر التي كانت - في الغالب -قاصرة على الرجال , أما المرأة العصرية - هنا في إيران- فإن الإحصائية الوحيدة التي تقدمها كدليل دقيق لمعدل التقدم والتطور والحرية لديها, وأكثر الأناشيد الحماسية التي ينشدنها إيقاعاً , ويعتبرنها من الانتصارات التي اكتسبنها في طريق الحرية والتقدم , إنه منذ سنة 57 حتى 76 - وفي فترة لا تزيد عن عشر سنوات تضاعفت - مؤسسات التجميل والزينة وبيع لوازم الزينة والرموش والأظافر الصناعية في (طهران) خمسمائة ضعف , مما أسعد أصحاب محلات من أمثال كريستين ديور" أ.هـ بتصرف , (العودة إلى الذات ص 80). ثم يشير - في مكان آخر - إلى أن النساء الجاهلات أو الأقل تعليماً ومدنية وفي ريف إيران - أشد تعلقاً بالموضات الفرنسية وإنفاقاً عليها , من ساكنات طهران . وكانت إيران تستورد من مساحيق الزينة , أضعاف ما تستورده من المنتجات الثقافية .
ولما وهب الله المرأة من الحساسية الاجتماعية العالية, وسرعة التقليد , والتي تتمثل في تعلم الأشكال والأصوات , بل والبراعة في تعلم اللغات أكثر من الرجل , وهي أمور تساهم سلباً , كما تساهم إيجاباً. فعلى مجتمع الرجل المنهار- التابع لغير المسلمين - ألا يصب اللوم على المرأة وحدها , ولكن الحل أن يبرز الرجال منهم أساتذة ومن النساء يكن قدوات ؛ فينقلب الأمر, كما حدث في "مجتمع النبوة" الأول , وكما يمكن أن يحدث في أي مجتمع بشري . فالنخبة الواعية قادرة على قلب الموازين الثقافية .
ولما عرجت على أن المرأة المسلمة لم تعرف عقدة الكراهية والشتم - التي امتلأت بها كتب النصارى , وأنها تملك حق الزواج والطلاق والميراث , وأن تكون لها تجارتها وعملها ومالها الخاص , منذ أكثر من أربعة عشر قرناً , وأن خديجة - رضي الله عنها - كانت صاحبة مال وأعمال , عمل عندها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في تجارتها . وكان للنساء حضور في الحركة الجهادية والعلمية والسياسية في الإسلام , وما هند بنت عتبة , وعائشة وخطبتها يوم الجمل , بغريبة في الثقافة الإسلامية .
قال الذهبي : - ناقلاً عن (الأحنف بن قيس) لقد استمعت لأبي بكر وعمر , فما سمعت مثل عائشة يوم الجمل أفخم كلاماً. إن مجتمع خفت فيه العقد الداخلية , ولم يستورد أمراض الشعوب الأخرى - كحالنا اليوم - , تمرضه كل هبة ريح , أمل القوي فيستقوي بالوافد , ويضع الصالح لبنة في بنائه الضخم .
ثم أخذنا نستشهد جاء في الإنجيل: "وكما تصمت النساء في جميع كنائس الاخوة القديسين فلتصمت نساؤكم في كنائسكم , فلا يجوز لهن التكلم , وعليهن أن يخضعن كما تقول الشريعة, فإن أردن أن يتعلمن شيئا, فليسألن أزواجهن في البيت, لأنه عيب على المرأة أن تتكلم في الكنيسة" فليس لها أن تتكلم أو تتعلم في الكنيسة . ودع هذا النص , للتالي العجيب ؛ يقول الإنجيل : "فالمرأة المتزوجة تربطها الشريعة بالرجل ما دام حياً, فإذا مات تحررت من رباط الشريعة .. هذا وإن صارت إلى رجل آخر وهو حي فهي زانية" وهنا جاء السؤال هل ترون - معشر الحاضرين - هذا عدلاً ؟ وضجوا .. لا ؟!
لقد كان النقاش والتعقيب منا ومنهم , لنا نصراً , وشعرنا بالانشراح والابتهاج ؛ لأنهم اعترفوا بهذه الحقيقة , وليست هناك مشكلة عندها أن تسوق الأمثلة - بلا نهاية - على الشك والتناقض في أصولهم . وختاماً أقرت خبيرتهم فقالت: "بكل بساطة ووضوح , إن المرأة في المسيحية ما هي إلا جزء من ممتلكات الرجل والمسلمون منذ 14 قرناً , أعطوا للمرأة ما ترون . حقاً إنه عدل مبكر جداً".
الانتقام من المسيحية بالحركة النسوية
كنت قبلها بفترة يسيرة , اطلعت على كلمة لأحد الكتاب الأمريكان , قال فيها : "إن تعاملنا مع مسألة المرأة هذه الأيام , يدمر مجتمعنا" . فالمرأة التي تصبح وتمشي على ثقافة الحركة النسوية المتطرفة , والتي تطالب بأن يخاطب الله - عز وجل - بضمير المؤنث أيضاً "عز وجل عما يفترون" لأنهم إن وصفوا الله بضمير التذكير ؛ ففي هذا امتهان للمرأة . بل لا بد من الإشارة بالضميرين بالتساوي . وجعل كلمة "هي" و"هو" في كل مكان سواء . وأيضاً - يقول : "والأسرة التي تسمع , والأطفال .. هذه الحروب الثقافية , كيف يمكن أن تصنع هذه الثقافة أسرة سعيدة ؟ بل وكيف يشعر الأطفال والآباء أن بينهم مودة ومحبة ؟ إن الأصوات الصاخبة بحقوق المرأة , لم تعد عليها إلا بالتدمير والكراهية والطلاق والمضايقة في مواقع العمل والشوارع , والامتهان والسخرية . إن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة "قانونية" مجردة , إنها حب ووئام وألفة وإنصاف ومشاركة , يدخل القانون وقت المشكلة فقط .. وكم كانت الحياة سعيدة هادئة , قبل الحركة النسوية ؟
إن سياق الحزازات والمماحكات بين الرجل والمرأة - والتي أدت لحصول المرأة على نصف ممتلكات الرجل عند الطلاق أو الانفصال - هي التي تجعل الرجل يكره الزواج , ما دام الزنا سهلاً , ويصون عليه ماله , ويتهرب به حتى من المسئولية عن أطفاله .
بل أوجدت هذه القوانين نوعاً جديداً - بدأه شياطين الأفلام - وهو "زواج العقود" وهو (عقد يظهر فيه الرجل على أنه زوج للمرأة ولكن لا يسجل زواجاً) , ويكتب عقداً يبين فيه أنه في حال الانفصال - لكثرته عندهم - ؛ فليس له عندها شيء , وليس لها عنده أي التزام ؛ لأن الحيلة - بأن توقعه في الزواج أو يوقعها - سادت في المجتمع المنحرف , ليخرج - بعد أيام - بنصف مالها , أو هي بنصف ذلك ؛ فكانت هذه الحيلة - التي تجعل العلاقة علاقة نفاق وعدم ثقة وحرب - مبطنة بالابتسامات للمصورين , والتظاهر بالسعادة والحياة الجميلة . وأكثر من نصف الزيجات تنتهي بالطلاق4 في عامة المجتمع , أما بين هذه الطبقات فلا تكاد النسبة تذكر , للباقين على زواجهم . على الرغم من أن الرجل يعاشر المرأة وتعاشره مدة أطول قبل الزواج , منها بعده .
إن النقمة العارمة من التاريخ المسيحي والعرف الوثني الغربي - الذي يحقر المرأة ويجعلها من سقط متاع الرجل - ؛ هو من أسباب سن القوانين المناصرة للمرأة , والتي تفضلها على الرجل , ولكن .. ماذا جاءت به هذه القوانين ؟ بالمزيد من الكراهية والاستهتار . فالأمريكي العنيف , لم يزل يفكر بالفتوة , والرجولة , والقوة , والغلبة على المرأة والهندي والملون . ولا أنسى قول أستاذنا - لزميل لنا عربي حصلت له مشكلة مع رئيسة التسجيل في الجامعة - قال له الأستاذ : "اذهب وقل لها كذا ؛ فرد الطالب بما يوحي بخوفه منها أو تمسكها برأيها , قال له منتهراً : أنت تخاف من امرأة ؟ حدثنا فيما بعد بالقصة .. يتعجب من أسلوب أستاذه في الاستهتار بصاحبة المنصب الرفيع , التي تهتز لقولها فرائص طلاب العالم الثالث (المتخلف) , إذ يقلبون القوانين والثقافة - دائماً - لتكون ضدهم . صحيح .. إنه قول جريء وغريب في ذلك المجتمع ؛ فهم يمارسون قهر المرأة دون صراحة , والعمل الذي يسندونه لها , يعطونها أقل مما يعطون الرجل , وقد تعمل عملاً أكثر وأشق .
المرأة ومرحلة المجتمع
ولكن المجتمع الأمريكي إلى الآن مجتمع رجولي , وعندما يضعف وينهار سوف تأتي المرأة على رأسه , كما جاءت (تاتشر) عند غروب ونهاية بريطانيا ؛ لتعلن ضياع الأدوار وسقوط همم الرجال , وتواري بأسهم . لقد كان أمراً يستحق الملاحظة أن الدول الإسلامية التي تمت فيها انتخابات حرة ؛ قد تزعمت فيها المرأة أول الحكومات الانتخابية .
في تركيا, والباكستان , وبنغلادش , وأندونيسيا .. لماذا ؟ بل وفي الهند والفلبين - إذا ألحقنا دولاً أخرى ضعيفة أو متخلفة بمقاييس العصر - , بينما هذه المرأة الفرنسية , لم تصل في الانتخابات الحرة بعد الثورة , ولا بعد العلمانية المتطرفة , ولا زمن قوة فرنسا , ولم تصل أمريكا بعد , مع كونها أطول الديموقراطيات الرئاسية عمراً , وهذه اليهودية (مادلين ألبرايت) أول امرأة تتولى منصباً مهماً , في تاريخ أمريكا ؛ بسبب مال اليهود ونفوذهم . ولكنها لا تحلم بالرئاسة , ولو كانت هناك من امرأة قريبة أمل بالرئاسة في أمريكا ؛ فهي المترجلة (إليزابيث دول) . ولكن أمريكا القوية لم تصل بعد إلى عهد النساء , واختلاط المهمات .
ولماذا المرأة في الدول الإسلامية فازت ؟ سأل أحدهم هذا السؤال في مجلس ؛ فقال أحدهم : "هذه شعوب مريضة ومعقدة تحب أن تثبت أنها متطورة فيهرب رجالها للخلف وتتظاهر الشعوب المقهورة بالتقدم والحرية واختيار المرأة !!" .
وقال بعضهم : "إن هذا هو موقع المرأة الحقيقي في هذه الشعوب هي الزعيمة وهي صاحبة القرار في البيت والشارع , ولا يغرك تظاهر الرجال, ولذا لم يفلحوا" . ولكن فترة حكم هذه النساء , في تركيا والباكستان ؛ قد تكشفت عن فساد مالي ووساطات وقرابات , نهبت ميزانية دولهم في عهدهن , فأين القوة والأمانة ؟!
فتش عن العقدة
لم تكن تلك الحوادث التي تقال على الألسن كافية لأن أعرف سر تطرف بعض العربيات في الحركة النسوية العربية , والتي جاوزت الخلق والأدب والمعقول , وأضحت كتابات مشبعة بالفجور ومستفزة , حتى كان ذات يوم , وأعطاني زميل كتاب (نوال السعداوي) .. "مذكرات طبيبة" , وهي نسخة مترجمة للغة أجنبية, إذ لا مناص من إثبات الولاء والحضور في لغتهم , والتماثل .
ومن الصفحات الأولى في الكتاب تظهر لك (العقدة) وعين الأزمة , بلا ستار . لقد كانت عقدتها أنها في أول سنوات بلوغها - وكما تقول هي - ؛ فقد تعرضت لتحرش مؤذ من حارس العمارة - التي كانت تسكن فيها - وهربت منه - كما تقول - وكانت صغيرة جاهلة . وأنشب الخوف والحقد مخالبه فيها منذ ذاك. ثم تبعه - فيما بعد - أزمة علاقات صعبة في البيت مع إخوانها ووالديها , ثم تطورت العقدة إلى زواج فاشل , فنمى الخوف والعقدة , وأزمة البيت والشارع , والجامعة والذكاء والنجاح في الدراسة , والفشل في الحياة ؛ لتخرج بأزمة وأفكار "مريضة" موغلة في الانتقام ممن رأت أنهم "سر" فشلها ومرضها وعقدها المزمنة .
إن الصدمات الموجعة , والتجارب الفاشلة , والعلاقات القاسية في الطفولة والشباب المبكر ؛ تحفر- في النفس والعقل - حفراً كبيرة , يظهر خللها في يوم من الأيام . وتظهر آثار تلك الأزمات في تصرفات غير يسيرة , بل وبأشكال مثيرة ومستفزة , لأن النفس لم تكن سوية , ولم تستطع أن تخفي تلك الحفر (العميقة) , ولا أن يدمسها الزمن ! .
لقد كانت مذكرات "هذه المرأة" جواباً لسؤال كبير أحاط بكتابتها , وتفسيراً لعقدة عتيدة , فقد جاوزت الحد , الذي يقال له "شكوى" , وأحرجت النساء ؛ بما وصل له أسلوبها من طريقة تقضي على الود والرحمة التي فطر الله عباده عليها , وجعلها رباط الزوجين .
التعدد والأفراد
إن كنتم تريدون أن يكون الغربي مثالاً , أو الشرقي- الصيني والياباني - مثالاً ؛ فلا بأس , وإن أردتم أن يكون "الشيوعي" - المتظاهر بخدمة الطبقة الكادحة - قدوة , فلكم ما أردتم. أنكم لن تجدوا عندهم - وبلا وصاية من كاتب أو ممل لفكرة - غير رجال يعددون النساء في كل أمة وتحت كل قانون , وأنهم يغيرون زوجاتهم , أو يخونونهن , أو يقتلونهن .
ومن قرأ "دعاية السياحة" في بريطانيا - في وسط التسعينات - ؛ فقد كانت مضحكة ومعبرة !! , إنها تقول: "تعالوا إلى بريطانيا فقد مات هنري الخامس منذ زمن طويل" .
لماذا "هنري" .. هذا ؟ إنه هو الذي ساق نساءه للمقصلة في برج لندن , فقد كان كلما عاشر زوجة ثم أعجبته امرأة أخرى, اتهمها , ثم قتلها وجاء بالأخرى .. لم كل هذا ؟ لأن هناك رجالاً لا يستطيعون الاكتفاء بواحدة , وهناك قوانين أو أعرافاً سنها الناس , خلاف سنة الله في عباده ؛ فكان لابد للناس أن يدوروا حول هذه القوانين بالحيل , أو يحطموها , أو أن يعبثوا بها .
في الحوار تلك الليلة معهم أشرنا إلى الأنبياء الذين ورد ذكرهم في التوراة والإنجيل , وأنهم كانوا يعددون الزوجات والجواري , أما (عيسى) فقد رفعه الله في نحو الثالثة والثلاثين, أما قادتهم وقادة الإلحاد المعاصر (الحداثة الشيوعية وغيرها) , فهم معددون في أسوأ نماذج التعدد. ولأضرب لذلك مثلاً بأربعة , من شر صناع الفكر والسياسة في القرنين الأخيرين وهم: هيجل , وماركس , ولينين , وماوتسي تونج.
عاش "ابن هيجل" مع الأسرة , من صديقة كان يزني بها ؛ وسبب هذا مشاكل للأسرة بلا نهاية5. أما "ماركس" فقد كان له - أيضاً - ولد من شبه قصة أستاذه "هيجل" , ومات الابن في بريطانيا في نحو عام 24 بعد انتصار "فلسفة والده" في روسيا6. أما "لينين" فقد كانت "عشيقته" السويسرية , تساكنه شقته , مع زوجته "كروبسكايا" قبل الثورة وفي الكرملين , حتى مات7. أما "ماوتسي تونج" , ففي مذكرات "طبيبه الخاص" من القصص ما لا يحسن ذكره في هذا الجانب . لكن المنحرفين الذين أعماهم التقليد والجهل ؛ لا يجدي معهم شيء ؛ فهم يقولون : إنهم لا يعددون , ولكنهم يفعلون ما هو أسوأ. والمهزوم بالسلاح النووي , يتوقع أن غالبه متميز في كل شيء !! ولله الأمر من قبل ومن بعد .
لقد كنت قبيل محاكمة "كلينتون" , من سامعي البرنامج الذي قدمته شبكة (سي إن إن) , وقد لفت انتباهي , قول أحد الضيوف الكبار, على التلفاز للعالم كله "كلنا نفعل هذا" يقول ذلك عن الرجال الأمريكان , أما الأوروبيون فقد عدوا السؤال والنقاش في الأمر , سخافة وتخلف ؛ فمن عندهم الذي بقي مهتما بمثل هذا الأمر!
ألا ترى المرأة المسلمة , أن التعدد والاعتراف بالفطرة والوضوح والكرامة , خيراً لها . فلنقل إنها هي الزوجة (الأولى) , فكيف ترضى لأختها أن تكون عاهرة , وكيف ترضى أن تكون باقية على نار الشك وعدم الثقة في الرجل سنوات وهي تتوقع منه الانحراف ؟ .
ألم تكن هي من يدعو للانحراف , بإصرارها على تحقيق قوانين الشعوب الأجنبية المتضاربة , التي جاءت من مخلفات الهراطقة والمتوحشين؟ .
بلاد بلا دين ولا خلق , والتصقت بالمسيحية , التي قال الله - عز وجل - عنهم , أنهم سنوا لأنفسهم الالتزامات , ثم إنهم لم يرعوها حق رعايتها . ليس أفراداً منهم فقط . بل الأغلب منهم لم يرعوها , فقال الله - عز وجل - عنهم "فما رعوها حق رعايتها".
لأنه لو كان خرقاً فردياً , لما كان الحكم للمجموع , ولا كان اللوم عليهم , فإما أنهم خرقوا أو , وافقوا , أو سكتوا عن كسر حدود الله . وفي قصة (أصحاب السبت) .. دليل . قد نجد في بلاد المسلمين , رجالاً ونساءاً لا يرعون حدود الله , ولكن ليست بهذه الطريقة الشمولية التي ساقها الله عن غالب أولئك , أو كلهم .
وهل أمنت المرأة - التي تكره وتحارب التعدد - أن تكون هي بحاجة - ذات يوم - أن تكون ثانية , أو ثالثة , أو رابعة لرجل آخر , خير لها من الإهمال والعزوبة والتفرد ؟ وقد تكون نهاية زواجها ؛ بسبب منع زوجها لحقه في الزواج من أخرى , أو بسبب موت أو غيره , فكيف تفكر المسلمة في إلزام الشعوب المسلمة بشرائع الوثنية , التي لم يوقروها ذات يوم ؟ رأيت في المجتمع الغربي - من معايشة طويلة - كيف تتمنى المرأة الغربية - في أحوال عديدة - أن تكون زوجة "ثانية" لمسلم , يكف عنها حياة العدم , والوحدة , والأنانية الطاغية , ولكن المسلمين هناك أيضاً , يقل بينهم من يعدد بسبب الأحوال المادية والقانونية , وبسبب تسرب أفكار الوثنيين للإسلاميين رجالاً ونساءاً ؛ فيقدسون قوانين , أو يخشونها , أو يفكرون في صحتها رغم فرار أهلها منها . والابشع من ذلك أن تنشر مجلة (التايمز) - مقابلة مع إحداهن - وهي تروي كيف سمح لها زوجها بمعاشرة رجال آخرين ؛ لأنه هو لديه نساء أخريات , ويبقى التسجيل القانوني أنهما زوجان , حتى لا تأخذ البيت أو نصفه أو ما جمع من مال ؟
وفي ولاية "يوتا" تقوم طائفة حديثة من النصارى "المورمن" بالسماح بالتعدد إلى حد تسع زوجات , وذات يوم جاءت إحدى الزوجات لمذيع لتقص عليه "قصة" هذه الأسرة المكونة من رجل وتسع زوجات (كبرى النساء فوق الخمسين وصغراهن عمرها ثلاثة عشر عاماً) , صورت المقابلة , وأعيد إذاعتها على التلفاز عدة مرات , وما هذه الأسرة إلا واحدة من عشرات الألوف - في تلك الولاية وحدها - من المعددين , ومستوى المشكلات الاجتماعية , أقل من غيرهم, ويحرمون الخمر أيضاً , إلا في أيام قليلة في السنة .
جاء المذيع لمحطة الإذاعة التي تعمل فيها هذه الزوجة ؛ وتبين أنها قد تمكنت من أن تقنع زميلتها المذيعة الأخرى لتكون زوجة للرجل نفسه , ثم ذهب المذيع للبيت وقابل الأسرة كاملة , ورأى النساء والأطفال وقد وضع لكل زوجة غرفة , ويرأس النساء وينظمهن أقدمهن وهي "أكبرهن سناً" , أما الصغيرة - التي كانت في الثالثة عشرة - فقد كان أمرها أغرب , لذا ذهب المذيع إلى والدها ووالدتها اللذين زوجاها من هذا العجوز الستيني . وأبو البنت وأمها أصغر من زوج ابنتهما . وقد قال الأب والأم : "إنه كانت لنا بنت أكبر منها , وقد ذهبت مع عشيق أو عشيقة وفسدت , ولا نعرف مصيرها , وقد عرضنا عليه الزواج من ابنتنا , وحببنا لها الأمر , وقبلت وقبل , فهي الآن زوجة لرجل نعرفه في بيت نعرفه . وليس لديها مشكلات , كالتي تعاني منها أختها الهاربة" .
قد تكون أمثال هذه الحادثة قليلة أو نادرة , ولكن يبقى أن من الناس - وإن كفروا - أناس قريبين من الفطرة , تهمهم كرامتهم وصيانة أعراضهم , ويواجهون مشكلاتهم بأسلوب عملي , مهما بدا للغرباء غريباً .
وقد يمط أحدهم شفتيه , مستغرباً لنماذج الحياة الأمريكية هذه ؛ فأمريكا - عنده - , والغرب قوة , وفحش , ومسرحيات , وسيارات , وطائرات , وحرية , حتل لا يشعر أن الإنسان بقي هناك - قابعاً مقهوراً - تحت فحش وتفسخ الحداثة وميراث الوثنية , وصرامة العمل , وغياب العاطفة , ورغبة عارمة في التدين .
وهناك من يدأب للبحث عن البدائل , في الهروب من كل أشكال الحضارة المعاصرة ففي مقاطعات "الآمش" هناك اللذين لا يستخدمون أيا من الوسائل الحديثة , فلا يستعملون السيارات , ولا الطائرات , ولا الكهرباء , ولا الهاتف , في استسلام عجيب لمبادئ "كالفن" الدينية تغطي النساء رؤوسهن إلى اليوم والغد - غالباً - بغطاء أزرق , ويزرعون زراعتهم دون كيماويات ولا مخصبات , مما جعل اللذين يسعون إلى الطعام الطبيعي يقبلون على منتوجاتهم , مما عاد عليهم بالأرباح الكبيرة , مع أنهم لم يغادروا تلك الحياة القديمة جداً , في شمال أوروبا , في القرن السادس عشر والسابع عشر الميلاديين ..
هذه نماذج ليست لتكون هنا سنة أو بديلاً , ولكنها محاولة للهروب من نمط هذه المدنية الغربية وأخلاقها الجشعة . فقد نمى لدى العديد من المفكرين والمؤرخين , مقدار ما أساء به مفكروا اليهود وفلاسفتهم للحياة الغربية , في تدمير الروابط وحل المجتمعات , ووضع المال معيار الحياة الجديدة فقط . وسحق ما عداه .
واستطاع اليهود أن يخرجوا الأفلام السياسية والعقائدية , التي تمجدهم وتهون من غيرهم , فيصورون الإسلام على أنه دين مؤذ ومخيف , ودين رجال بلا خلق ومروءة .
ويزيد الحال سوءاً , بعض من يحاول - من العرب - أن يحسن الصورة ؛ فيرمي نفسه عليهم , بشكل بعيد عن احترام النفس والهوية والذات, يتملقهم الفرصة. وكأنه يستجديهم أن يعترفوا به إنساناً من البشر على الأرض . ولكن أنى له - بعد كل الجهود اليهودية - , والواقع العربي المحزن . وقد أشار (صلى الله عليه وسلم) .. أن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء .
وهكذا هي مكرورة اليوم , ولكن اليهود استطاعوا أن يجعلوها "مشكلة العالم" فتنة الناس .. كل الناس , وكل العالم , وهذه الحروب بين الجنسين , من يوقدها كل يوم في الصحف والمجلات والتلفزيون والمدارس والجامعات , إن هذا الشّرَك , أبعد خطراً مما يخطر , لمن يرى تبسيط المسألة .
ولا أبتعد بك بعيداً في الحديث هنا , فشيء من النقاش , والمزاح , ودراسة الخلل الذي يسئ به الرجال للمرأة .. مطلوب , وصحيح وطبيعي ولم يعش البشر , دون هذه الملاطفات والمعاتبات والسخريات المتبادلة , واللوم أحياناً , ولكن الذي نعيبه هنا - وهو الداء الدوي - أن يستلحقنا غيرنا , وأن نحارب في معركة ليست لنا من بدايتها إلى نهايتها , وأن تفرض علينا المواقف في المعركة , ويفرض علينا السلاح .. فأي قيمة لشعوب تسقط في هذه الأحابيل وأي استقلال ؟
ولأزيد هذه المسألة بياناً وأمثلة ؛ لعل من قومنا من يفتح عينيه على المشكلة , فقد شاهدنا مئات الآلاف من المسلمين يجندون في الجيش البريطاني , من مسلمي الهند وبدو الجزيرة العربية , والأردن , وسوريا , ورأينا العرب المسلمين يجندون في الجيوش البريطانية والفرنسية والإيطالية , يحاربون لمصالح بريطانيا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا , ويموتون في سبيل التراث الفرنسي والبريطاني والإيطالي , مقابل دراهم قليلة , أو مقابل شيء من الزاد لبطونهم , لم يكن ذلك بعيداً , فرجال من رجال هذه الحروب , أحياء اليوم في عالم الناس , فكيف لا تجد رجالاً ونساء متعلمين أو جاهلين , يحاربون في مدارس الفكر الغربي , ويحاربون إسلامهم وفكرتهم , دون وعي منهم . وأنصاف المتعلمين - ممن حصلوا على شهادات غربية أو زاروا أمريكا أو أوروبا عدة سنوات أو أيام - جهلهم فاضح بأنفسهم وبغيرهم , جهلهم بنظم الحضارات وصراع الأفكار .. فاحش , وغرورهم بشهاداتهم كبير , وبكلمات لقطوها - دون عمق - أكبر . وبعضهم لا يزيد عن كونه "وسيلة اختراق" ناجحة لمجتمعه دون وعي منه .
وهل المرأة المسلمة بلا مشكلات؟
المرأة المسلمة إن سارت في الطريق ؛ فستكون الأسوأ حظاً بين الجميع , فلديها ما تنوء به من مشكلات المجتمع الذي تخلف وفارقته الحيوية الحضارية , وأثقلته مشكلات الجهل والعزلة والاستبداد , لقد هدت مشكلاتنا العويصة المرأة والرجل , وألقت على الطرفين سلوك الخوف والتردد , والسطحية والسلبية في الحياة , وذلك هو الاستجابة الطبيعية للإنسان المقهور , والمقهور إذا سنحت له فرصة تفلت وتخلص ؛ لم يحسن التعامل معها , أياً كان جنسه , رجلاً أو امرأة .
غير أنني أشير هنا .. إلى أن لكل مجتمع - نساءً ورجالاً - مشكلاته, وليس بحاجة إلى أن تفد عليه مشكلات الآخرين وأفكارهم . فكيف إذا أرهقنا الإنسان المسلم المجروح , بل المحطم , وحملناه أفكار ومشكلات غيره ؟ بل , وما هي أفكار الآخرين - سوى مشكلات ومحاولات حلول - فننقل مشكلاتهم إلى مجتمعنا , ونطالبه بحلول لمشكلات عويصة على المجتمع الغربي نفسه , غارق فيها بلا نهاية , ونطالب أنفسنا أيضاً , بحل مشكلاتنا!! .
إن هذا لضرب من العبث والسذاجة , وإهلاك للقوى دون جدوى . إن هؤلاء الذين يفترضون , أو يرون أن يحملوا المرأة والرجل , ثقل الغرب والشرق ومشكلات حضارتين , لا يزيدون قومهم إلا خساراً ووبالاً , وستكون المرأة الغربية أخف حملاً لأنها تعاني مشكلة , تكاد أن تكون واحدة , مشكلتها الثقافية أو عقدتها مع ثقافات اليهود - الذين مارسوا دورهم من داخل المجتمع الغربي - فهي تواجه أزمة معروفة , أو شبه معروفة الأسباب والحدود في أذهانهم , أما "المسلمة" فسيكلفها عدوها ما لا تطيق ؛ فلن يتحول المجتمع الإسلامي ليكون نصرانياً , ولن يتبنى فلسفة اليهودية , ولا الحداثة , ولا العلمانية , فتحل مشكلاته - كما يتخيل المتغربون من هناك - بفلسفة الغرب نفسه بعد استيطانها .
بل شهد عصرنا هذا , وأيامنا هذه , على خلاف ما كان يتوقعه المتغربون (الاستلحاقيون) , فمن شاهد صور (النساء العراقيات قبل حرب 1990) ومن شاهدها عام 99 ؛ يرى الفارق الكبير ! فما كنا نرى صورة امرأة "محجبة" آنذاك .. أما اليوم - وفي زمن قصير جداً - ترى عكس ذلك تماماً .
مست أمتنا آلام الغرب , وإفساده وقتله , وتشريده بالمسلمين ؛ فهرب منه من كان يأمل منه خيراً أو تقدماً . عادوا للدين عادوا للإسلام . بل إن شياطين "حزب البعث" نفسه , غادروا ثقافته ؛ لما كان فيها من سموم القومية "الغربية" لا العربية .
وعند "صدام" اليوم , درجات الترقي - حسب حفظ القرآن . وكم لله في خلقه عجائب ؟ فهذا وزير عربي , درس في "جامعة القاهرة" في بداية الستينات , ثم عاد لها بعد ثلاثين سنة قال : "عدت لأتذكر تلك الأيام ؛ فكان أشد ما شدهني , تحجب النساء , فقبل ثلاثين سنة كانت - ربما - واحدة فقط .. في كل الكلية , تتحجب , أما اليوم , فيقول : "حتى النصرانيات هل يتحجبن" ؟ إن مخلفات الفكر المهزوم والنفوس المبتورة ؛ ستبقى مادام الغرب قوياً لديه السلاح النووي والإعلامي .. هوليوود وما شابه .
ولا نتوقع أن تنقطع فصيلة المهزومين والمستلحقين , ولكن علينا أن لا نغرق في بحر بلا ساحل , وفي معارك ليست لنا .
ملحق إحصائي
يبدو أن هذا الكتاب , مكتوب من قبل إحدى العاملات مع الحركات النسوية المتطرفة , ينحي باللائمة على الرجال في ما وصل له وضع المرأة في العالم , وقد لخصت ما رأيت أن له علاقة بالموضوع , في الأرقام التالية :
الاغتصاب:
1- في أمريكا نسبة "إمكان اغتصاب المرأة" ما بين واحدة إلى خمس , والتقديرات المحافظة , واحدة إلى سبع , أي أنه من بين كل (خمس نساء) إلى (سبع نساء) تكون إحداهن تعرضت للاغتصاب , أو ستتعرض له في حياتها. ص 56
2- عدد المغتصبات اللاتي سجلن حوادث اغتصابهن عند الشرطة في عام 96 كان 90430 , أما اللاتي لم يسجلن حادثة الاغتصاب فيقدرن بـ 310000 حالة .
وسبب عدم الشكوى ؛ اليأس من إمكان الشرطة أن تعرف أو تساعد , وعدم جدوى التقرير, كما أن عدداً كبيراً , لا يحببن أن يسجل عليهن في البوليس ذلك .
هناك نوع آخر من الجرائم , وتسمى "الجريمة المسكوت عنها" , وهي تحرش أرباب العمل أو المديرين أو المدرسين بالنساء , الاتي يقعن تحت نفوذ رجال متنفذين, وفي العادة لا تسجل هذه الجرائم ؛ بسبب خوف المرأة على وظيفتها , أو طمعها في تعويض, أو صعوبة الإثبات , وأشهر الحوادث التي كشف عنها - منذ نحو ثلاثة أعوام - فقدت اشتكت إحداهن رجلاً من رجال (الكونجرس) من "أوريجون" , وحين اشتهر أمره سجلت عليه 26 امرأة , شكاوى من هذا النوع , ممن سبق أن عملن معه في الكونجرس وخارجه.
3- عدد حالات الاغتصاب في كندا : المسجلة (20530) وليس هناك إحصاء لغير المسجلات , ولكن في كندا (150) مركزاً لمساعدة المغتصبات اللاتي يأتين لطلب المساعدة , بعد الاغتصاب. ورقم المراكز في (أمريكا) لا تتوفر له إحصائية , وذلك أن منه الرسمي , والتطوعي .. ومن يعرف المجتمع , يعرف مدى انتشار هذه المراكز, فهي خدمة اجتماعية منتشرة في الأحياء , والجامعات .
4- في أستراليا (75) مركزاً لمساعدة المغتصبات , وفي نيوزيلاندا (66)
5- حالات الاغتصاب المسجلة في ألمانيا (5527 ) - لم تشر الكاتبة لتقدير الأرقام غير المسجلة" .
6- في جنوب إفريقيا (2600) حالة مسجلة , وغير المسجل يقدر بـ386000
7- إسرائيل بها سبعة مراكز لمساعدة المغتصبات
8- بنغلاديش بها مركز واحد
9- روسيا سجل فيها (14000) أما التقدير للحالات فهو من أعلى دول العالم : (700000) .
قتل النساء في الولايات المتحدة
يقتل كل يوم عشر نساء من قبل الزوج أو الصديق , من هذه الحالات (75%) يتم القتل بعد , أن تترك المرأة صديقها , فينتقم منها بالقتل . أو تطلب الطلاق من زوجها , أو تعصي زوجها. ص 26 في روسيا عام 95 نصف حالات القتل في روسيا , تمت ضد النساء من قبل أزواجهن , أو أصدقائهن, وفي عام 93 قتل (14000) امرأة , وجرح (45000) جراحات شديدة . ص27
ملاجئ النساء
في الولايات المتحدة فقط 14 ملجأ للنساء المضروبات , أو الهاربات من أزواجهن , وهن اللاتي لا يجدن ملجأ عند أهل أو أقارب . ص 26
- في كندا 400 ملجأ
- في ألمانيا 325
- في بريطانيا 300
- في أستراليا 270
- في نيوزيلندا 53
- في هولندا 40
- في استراليا19
- في ايرلندا 10
- في اليابان 5
- في الباكستان 4
- في تونس 1
- في بنغلاديش
نسبة حالات العنف ضد النساء في المجتمع
أعلى الأرقام سجلت - وللأسف - في الباكستان80 % ثم تنزتنيا 60 %. ثم اليابان 59 % بنما 54%. أمريكا 28 %. وكندا 27 % نسبة الطلاق في أمريكا كانت في عام (1970 - 42%) ووصلت في 1990إلى (55%) وفي فرنسا 32 % , وفي بريطانيا 42% . ص 23 وفي السويد إلى 44% , وفي كندا إلى 38% , وتأخر سن الزواج عن عام 1970في نيوزيلندا , ليزيد ست سنوات , وثلاث سنوات في أمريكا , وعامين في كل من كندا , وبريطانيا . ص 23
حالات الإجهاض
المواجهات محتدمة بين أنصار الإجهاض وخصومه في أمريكا , ولذلك أثره الكبير ونقاشه العام , حتى على مستوى من يفوز في الانتخابات , قد يساعد على أن يحدد مصيره , موقفه من الإجهاض ؛ فالمحافظون المتدينون , ضده , ويتهمون المجهضين والموافقين بأنهم قتلة للأطفال , والمعارضون يسمون أنفسهم أنصار الاختيار, والأزمة أغلبها حول أطفال من السفاح , وقد اشتدت المواجهات بالسلاح بينهم .
وإليك هذه الإحصائية : بين عامي 1990و 1995 تم اغتيال خمسة من العاملين في عيادات الإجهاض , و12 حادثة , محاولة أخرى , و196حالة تهديد بالقتل , و65 حادثة مسلحة أو تفجير , تمت للعيادات , و30محاولة غير ناجحة , و 115 تهديداً بالتفجير, و372 محاولة تخريب و إضرار بالعيادات التي تنفذ الإجهاض .
ويموت في العالم ما يزيد عن 200000امرأة , تموت سنوياً ؛ بسبب محاولات الإجهاض غير المسموح به , أغلبهن في آسيا ص 38 - 39 وقد كان شعار أنصار "عدم" الإجهاض .. (أوقفوا القتل) ولكن لما زادت محاولاتهم في قتل الأطباء وتخريب العيادات ؛ بدأت تظهر دعايات ضدهم , وكاريكاتيرات تقول : "أوقفوا القتل أنتم أيضاً" , وهناك أحد هؤلاء الذين فجروا عيادات في "كارولاينا" , لم يزل هارباً - منذ ما يزيد عن عام - وينشر الرعب , هو وأنصاره , ولم يقبض عليه إلى الآن , وهو هارب في الغابات , ويتهم مجموعة من "المتدينين" أنهم يناصرونه .
الإيدز:
في عام 93 , كان هناك 13 ألف شخص , يصاب يومياً في العالم . والمتوقع أن يصاب بالإيدز هذا العام 99 , ما يقدر بـ60 إلى سبعين مليوناً من البشر. ومناطق العالم الإسلامي هي الأقل إصابة به في العالم , فيقدر منطقة المشرق العربي , وإيران , والباكستان , وتركيا , وإسرائيل , والمغرب العربي .. بنحو 76000 في عام 95 في أمريكا وكندا - رغم التوعية الصحية والإعلامية - ما يزيد عن مليون وثلاثمائة . وأعلى الأرقام في (إفريقيا - جنوب الصحراء) يصل إلى 3 ملايين و360000 .