أميرة الجلباب
08-22-2012, 03:13 AM
(شارعٌ غيرُ آمنٍ للجميع) .. صفعةٌ في وجهِ (منظومةِ التحرير) !!
كتبه/ أميرة الجلباب.
***
في غمامةٍ مُعتمةٍ من هواجسِ الخوفِ المحيط.. وحالِ ضنكٍ وشرٍ يُنتظر .. وعلى شفا جُرُفٍ هارٍ من نقيعِ الخطر ..
أضحت) المرأةُ الجديدة)(1) تعيش حياتَها اليوم تحت مِظلةِ (المنظومةِ التحرُّريَّة)(2).. كما أراد لها من قبلُ مُحرِروها .. وكما خَطط لها من ولدوها .. لمّا خرجوا مبَشِرين بها يومَ مولدِها .. ولكنهم في ظلام الخبثِ وأَدوها !!
كم كانت وجوهُهم سوداء !
صمتـًا !.. لاتسلْ بأيِّ ذنبٍ قتلوها..
صعبٌ براءتُها هنـا !
فلا تسلْ حُزنَ القلوبِ .. ولا دمعَ المروءةِ والحيـاء..
ولا تسل ندي الجبينِ إذا ما انكشفَ الغطـاء..
ولا تسل عن غيرةِ الحُر .. ولا روحِ الإبـاء..
وسل أُمتي عن شِرعةٍ نُبذت وراء..
فحلَّ البـلاء !
الخطبُ جمٌّ .. ولا عـزاء!!
تبحثُ عن أمان !
***
هل أُخبرتْ؟!.. لقد أضحت مهمةُ العثورِ على (شارعٍ آمنٍ للجميع)(3) .. مهمةً شاقةً، ومعاناةً دائمةً، وأزمةً نفسيةً.. تُثقلُ كاهلَ (المرأةِ الجديدة)، وأُمنيةً من الأمانيِّ العزيزةِ عندَها، كلما أرادت الخروجَ من بيتها!.. فهي اليومَ وكلَّ يومٍ تتوقعُ الخطرَ الدَّاهمَ أن يصيبَها والأذى أن يحيطَ بها.. في ظلِّ منظومةِ التحررِ والعلمانيةِ والاختلاطِ والمساواةِ والتقدميةِ النكراءَ التي ابتدعوها، وفي النفوسِ نفثوها، وفي كلِّ مناحي الحياةِ بثّوها، وفي عروقِ المجتمعِ سَرى سُمُّها وبدمِه مزجوها.
ضريبةً تنزلُ كالمطرقةِ على رؤوسِهم.. وفضائحَ تُزلزِلُ قواعدَ منظومتِهم المتهالِكة.. وتتصدعُ أركانُها وهي للسقوطِ أصلاً آيلة.. وتنفرجُ بوضوحٍ فيها هذه الشقوقُ الغائرة.. التي لم يكن يراها من قبلُ إلا البصير!
وكم نصحَ البصيرُ: أنِ احذروا..
فقالوا: لا نُحبُّ الناصحين!
وقد بُحَّ صوتُ المنادي مشفِقًا: لا تفسدوا..
فقالوا: إنما نحن مصلحون!
تجمعت غمامةُ الخوفِ هذه مثلَ (سحابةٍ سوداءَ) في سماءِ حياةِ هذه المرأة كلما أرادت الخروج من بيتها، بعدما أفرزَتها سنواتٌ طِوالٌ من تدويرِ نفاياتِ منظومةِ التحررِ الغربيةِ في القلوبِ والعقولِ وفي وسائلِ الإعلامِ والتعليمِ والفنِّ والفكرِ والثقافة!
تحت غمامةٍ دهماء، وتحت مِظلةٍ سوداءَ، باتت (المرأةُ الجديدة) تعيشُ حياتها.. ظلماتٌ بعضُها فوق بعض.. ومن لم يجعلِ اللهُ له نورًا فما له من نور.
رحم اللهُ آدابًا مزَّقوها.. وحضارةً رفضوها.. بَشَّرت بخروجِ (المرأةِ المسلمة) من بيتها وهي آمنة، من القادسيةِ إلى بيتِ الله تعالى لا تخاف أحدًا إلا اللهَ تعالى!
نظرةُ تأمُّلٍ وتحليل!
***
إن المجتمعاتِ بطبيعتِها في حالٍ دائمةٍ من التغيُّرِ والتحوُّل، وهذا التغيرُ يكون مشاهَدًا ملموسًا، أو يكونُ بطيئًا يتعذرُ الوقوفُ عليه إلا بمقارنةِ المجتمعِ القائمِ اليومَ بما كان عليه فيما سبق، وفي كل حالٍ هناك عواملُ أدت لهذا التحوُّلِ والتغيير(4).
وما يعنينا هنا هو التحولُ البطيءُ وعواملُه المتراكمَة(5).. فإن ألوانَ (الأذى) المتصعِدةُ التي تتعرضُ لها بعضُ النساءِ اليوم، والتي لم تكن من قبلُ قد استشرتْ بهذا الشكل المخيف، ما هي إلا ثمارٌ قبيحةُ المنظرِ، كريهةُ الرائحةِ، مُرَّةُ المذاقِ، لسنواتٍ طويلةٍ من المعيشةِ المتحررةِ من دين اللهِ تعالى، المنفلتةِ من قِيمِ وآدابِ الإسلامِ في كافةِ مجالات الحياة..
إذ يُعدُّ وقوعُ (الأذى) - في حدِّ ذاتِه - على المرأةِ إذا خرجت من بيتها داخلَ المجتمعِ الطاهرِ النظيفِ أمرًا واردًا، حيث لا ينفكُّ احتمالُ ورودِه -بطبيعةِ الحالِ- عن وجودِ البشر، لكنه في الوضعِ الطبيعيِّ لا يتعدى كونَه حالةً شاذةً أو سلوكًا فرديًا مستهجَنًا، كفيلاً -إذا وقع- بأن تَغلي لأجله الدماءُ في العروق، أو تُسَلَ لأجله السيوف، أو تندلِعَ له الحروب وتُغزى الدول، كما حدث في التاريخ من قبل!
لكن أن يتفاقمَ الأمرُ ويطفو على السطح، ويتجمَّعَ هذا (الأذى) – في بعض الأوضاع - ليس في صورةٍ فرديةٍ وحالةٍ شاذةٍ محدودةٍ فحسب؛ بل في صورةِ سلوكٍ جماعيٍّ غوغائيٍّ بغيضٍ غريبٍ، تحُفُّه الدياثةُ واللامبالاةُ.. فهو –لعمرُ اللهِ- الخطبُ الجللُ والنذيرُ الخَطِر!!
إن هذا السلوكَ المنحرفَ بصورتِه الجماعيةِ تلك، أو بصورتِه الفرديةِ المنتشرة، ينمُّ عن وجودِ خَللٍ فوق الطبيعي، خللٍ في النَّسق القِيَميّ، (الذي تَعرَّض بدورِه إلى مجموعةِ تغيُّراتٍ نتج عنها تهميشُ القيمِ الدينيةِ وإحلالُ قيمٍ سلبيةٍ أثَّرت عليه وأدت إلى وجودِ ما يمكنُ أن نطلقَ عليه أزمةً أخلاقية) (6).
إنَّ طبيعةَ هذا السلوكِ وأسبابَه التي تحيطُ به ودواعيه، تُشيرُ في مُجملِها بأصابعِ الاتهام – في نظر الباحثين – إلى عدةِ عواملَ، من أهمِّها وأكبرِها عواملٌ ثقافيةٌ وفكرية، من طبيعتِها أنها غيرُ مؤقتةٍ ولا استثنائيةٍ ولاطارئةٍ ولا محدودة، بل تعملُ على نطاقٍ بعيدٍ في الزمان والمكان، أي أنها مؤثرةٌ في شريحةٍ واسعةٍ وعلى مدىً طويل، بحيث يشتركُ التأثيرُ نفسُه على عددٍ كبيرٍ من الأفراد.
هذه العواملُ لا يمكنُ أن تبرأَ منها بسهولةٍ وسائلُ تشكيلِ الفكرِ والوعيِ الاجتماعيِّ، العريضةُ التأثيرِ، الواسعةُ الانتشارِ، والتي تلعبُ دورًا كبيرًا في تشكيلِ القيمِ وتكريسِ المفاهيمِ مقارنةً بدَورِ الأسرةِ أو الخطابِ الديني(7).
لا شكَّ أن وسائلَ مثل الإعلامِ – المتهمِ بالتركيزِ على عَرضِ المرأةِ مختزلة في صورة جسد(8) - والتعليمِ والفنِّ والفكرِ والثقافةِ و"جنودِهم"!، تلك الوسائل التي تُسيِّرُها وتهيمنُ عليها المنظومةُ العلمانيةُ التغريبيةُ التحررية - المدعومةُ بقوىً دوليةٍ ومحلية - دعمًا فجًّا وصريحًا؛ لها الأثرُ الأكبرُ والجنايةُ الأعظمُ في هذا الانحرافِ السلوكيِّ الخطير!
وهل هناك أَحَزُّ في الصخرِ من مكرِ الليل والنهار؟!
كما لا يُعفيها الانفتاحُ والعولمةُ وتطوُّرُ الوسائلِ التكنولوجيةِ اليومَ من التُّهمةِ، ولا يُقصيها عن مسرحِ الجريمة –وإن كانوا شركاءَ في الجريمة(9)- إذ يبقى لهذه الوسائلِ اليدُ الطولى في تشكيلِ الوعيِ الاجتماعي، والدَّورُ الذي لا يُستهانُ به في الضبطِ الاجتماعي(10) للقيمِ والأخلاقِ والآدابِ العامة، والتأثيرِ عليها بالسلبِ أو الإيجاب، عَبْرَ سنواتٍ طوالٍ مضت من قبلِ هذا الانفتاح ومن بعدِه.
قَتل القتيلَ، ثم في جنازتِه يسيرُ!
شعورُ المرأةِ بالخطرِ والتهديدِ في ظلِّ (منظومةِ التحرير) !
***
هل بات حقُّ هذه المرأةِ في الشعور بالأمن ِوالسلامة، وحقُّها في أن تأمنَ على نفسِها إذا خرجت من بيتِها؛ حقًا في عِدادِ الأوهام؟! في ظلِّ هيمنةِ النُّظُمِ العلمانيةِ والليبراليةِ على دَفَّةِ التوجيهِ الثقافيِّ والفكريِّ لأمدٍ طويل، حتى ظهر الخَبَثُ، وطَفت على السطحِ حصيلةُ سنواتٍ طوالٍ من تكريس ثقافةٍ إعلاميةٍ وفكريةٍ مُناهضةٍ للشريعةِ الإسلامية، مُروِّجةً للإباحية، مُرسِّخةً لمبدإِ المساواةِ والاختلاطِ وسائرِ المبادئِ العلمانيةِ والغربية، كانت مُحصلتُها على كيان المرأةِ في النهاية أنْ اجتاحَه ذلك التهديدُ.. (وآلَ الأمرُ إلى الواقعِ المؤلمِ الذي عَبَّرَ عنه أحدُ الغربيينَ بقولِه: (إن التأثيرَ الغربيَّ الذي يَظهرُ في كلِّ المجالات، ويَقلبُ –رأساً على عقِبٍ– المجتمعَ الإسلاميَّ، لا يبدو في جلاءٍ أفضلَ مما يبدو في تحريرِ المرأة)(11)، ومن هنا فلا عجَبَ أن نسمعَ - بين الحين والحين - عن جرائمَ اجتماعيةٍ تُضاهي الجرائمَ التي تحدثُ في أورُبا وأمريكا من قتلٍ واختطافٍ واغتصابٍ وتشريد)(12).
سنواتٌ طويلةٌ من تدويرِ هذه النفاياتِ في قلوبِ وعقولِ الأمة.. سنواتٌ طويلةٌ بدءًا من رمي البذورِ الخبيثةِ بأيدي دعاةِ "التنويرِ والتحرير"!.. ثم يَسقيها مكرُ الليلِّ والنهارِ بأيدي العلمانيةِ والتغريب.. مرورًا باشتدادِ العودِ.. وحتى طُرحت أخيرًا الثمارُ الـمُرةُ، وأوقعت الضحايا وتفجرتْ في زمنِ العولمةِ والانفتاحِ كأبشعِ ما تكونُ شجرةٌ خبيثةٌ اجتُثت من فوقِ الأرض ما لها من قَرار.
ها هي (ضحيتُهم)(13) تصيحُ بهم: (وامعتصماه)!.. فما كان جوابُ حالِهم إلا أن قالوا لها: ما ثَمَّ معتصمٌ يُغيث!.. وما كان لنا عليكِ من سلطانٍ إلا أن دعوناكِ فاستجبتِ لنا!
لا يُلام الذئبُ في عُدوانِه.. إن يَكُ الراعي عدوَّ الغنمِ!
هل اكتشفتْ هذه المرأةُ أن دعواتِهم لم تكن آمنةً ومضمونة، ورأت كيف اضطُرت هذه المنظومةُ لمَّا انكشف عوارُها أن تُعلنَ عن فشلِها -بطريقةٍ غيرِ مباشرة– في تحقيقِ الأمنِ للمرأةِ التي نادَوا بها، وتحاولَ أن تداري سوءَتها -ولن تستطيعَ!- بترقيعاتٍ وحملاتٍ مثل: (شارعٌ آمنٌ للجميع) و(تفعيلُ قانونِ العقوبات) والبحثُ عن (أمنِ المرأةِ الإنساني)، و(حملةُ المليونِ توقيع)... إلخ.
أيَّ أمنٍ يريدونَه لها؟!.. وقد أراقوا بأيديهِم ماءَ وجهِها وأعدموا حياتَها.. هلا اعترفوا بفشلهِم الذي حققوه وإفلاسِهم الذي جمعوه لها؟! .. هلا اعترفوا أنهم قد أخذوا منها أكثرَ مما أعطوها.. وحرموها وما منحوها.. ودمروها وما حاموا عنها ولا حمَوها.. وأنَّ دعواتِهمُ التحرريةَ تلك ما جرَّت عليها إلا الكبتَ والخراب، والمشاكلَ النفسيةَ والاجتماعية، وما لا حدَّ له من غمٍّ وضيقٍ وهمومٍ وأحزان!
ويبقى السؤال: هل يكفي القانونُ لحمايتِها؟!.. لاشكَّ أن له دَورٌ في الضبط، ولكنه مثلَ دَورِ الأبتر.
إذ هل تراه يسيرُ معها ليحميها في كل شارعٍ ومكتبِ عملٍ وقاعةِ درسٍ وزقاقٍ تدخلُه؟!.. وحتى لو فُرض أن عيَّنوا حارسَ أمنٍ خلفَ كلِّ امرأةٍ تخرج من بيتِها؛ أتُراها تَسلمُ منه أو يَسلمُ منها؟! (14).
أنَّى للبشرِ أن يَصلوا إلى حلٍّ شاملٍ ورادعٍ لهذه الظاهرةِ وهم بعيدون عن نورِ اللهِ تعالى، أم تُراهم يُضيفون بقوانينِهم تلكَ مأساةً جديدةً للإنسانية، فإنَّه يكفينا ما أصابنا من شؤمِها جرَّاءَ اقصاءِ أحكامِ الشريعةِ الإسلامية عنها!
قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:123-124]. والمجتمعاتُ الإسلاميةُ أيضا ينالُها من هذا الشقاءِ بقدرِ إعراضِها عن الله تعالى.
(إن المجتمعَ الذي لم يتحلَّ بالقِيم يتحوَّلُ إلى غابة، والطبعُ إذا لم يرتبطْ بالسلوكِ الرفيع يتحولُ إلى همجية، والحياةُ إذا لم يضبطْها قانونٌ من السماءِ تتحولُ إلى فوضى. هكذا بدأتِ العلمانيةُ بتقويضِ أركانِ المجتمعِ عندما زعمتْ أنَّ تحريرَ المرأةِ يقتضي انسلاخَها من دينِها، وخروجَها على قانونِ السماءِ الذي يضبطُ الحياة)(15).
طوقُ النجــاة!
***
إنَّ هذا البلاءَ الذي ظهرَ في المجتمع، وهذا الشقاءَ الذي آلَ إليه حالُ بعضِ النساءِ يؤكدُ الحاجةَ الماسَّةَ إلى طوقِ نجاةٍ، وحِرزِ أمان، ورُكنٍ حصين، وملاذٍ أمين، ينتشلُ الناسَ مما غرقوا فيه، ويهديهِم إلى الطريقِ المستقيم الذي حادَ عنه الإنسانُ منذ أن قدَّسَ عقلَه وألَّه هَواه، وحادَّ وحيَ ربِّه وسلى عنه.
{أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثية:21].
وإن "التدابيرَ الوقائيَّةَ" لتأمينِ المرأةِ إذا خرجت من بيتها، والضماناتِ التي تنالُها، في ظل (المنظومةِ الإسلاميَّة) موثوقةٌ ووفيرة –كما سنُبينه- مما يجعلُها بحقٍّ طوقًا للنَّجاة، ولعلها من الوَفرة والغِنى بمكانٍ يجعلُ من العسير جدًّا حصرَها أو تعدادَها بالسردِ والتفصيلِ في هذا الموضع، لذا نكتفي هنا ببعض الومضات.
بعيدةٌ هي عن (الأذى) ؛ إذا...!!
***
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:59].
كلُّ شيء بعيدًا عن الإسلامِ وخارجَ نطاقِه متهالِكٌ ولا بُدَّ..
انظُر كيف جعلَتها المنظومةُ التحررِيةُ الغربيةُ (أَمَةً) تتعرضُ لأبشع أنواعِ الإيذاء.. بينما جعلها الإسلامُ حـرَّةً مصونةً لمَّا أمَرها بإدناءِ الجلباب..
أين هي القوانينُ الرادعةُ (الموضوعةُ) التي ستحمي المرأةَ، بجانب ما ضمِنه اللهُ تعالى لها في قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}؟!.. وأيُّهما أحكَمُ وأضمَنُ للمرأةِ وللمجتمع ؟! وأين الثرى من الثريا؟!
{ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ}: (أي أولى وأجدرَ وأقرب بأن يُعرفن أنهن عفيفاتٌ(16) شريفاتٌ، غيرَ متطلعاتٍ لريبة، قاصراتِ الطرف، راضياتٍ بالتُّقى، لا يتطلعن إلى الفاحشةِ ولا مُقدماتِها ولا دواعيها، مُنضبطاتٌ في سلوكِهِن الذي هو في غايةِ الحرصِ والحذر، فتنقطعُ الأطماعُ عنهُن، بخلافِ التبذُّلِ والتكشُّفِ والسفورِ فهو داعيةٌ إلى نظرِ الرجال إليهنَّ وتشعُّبِ الفكرةِ فيهنَّ، والمرأةُ إذا كانت غايةً في التستُّرِ والانضمامِ والصيانة، لم يُقْدَمْ عليها بخلافِ المتبرجةِ أو المُتبذِّلةِ، فإنها مطموعٌ فيها).
{فَلَا يُؤْذَيْنَ}: (لا يؤذيهِنَّ أهلُ الريبةِ والفُساقُ بالتعرض لهن، فلا يُتعرضْ لهن، ولا يَلقَيْنَ ما يَكرهْنَ، وهو نصٌّ على أن معرفةَ محاسنِ المرأةِ إيذاءٌ لها ولغيرِها بالفتنةِ والشر، ولذلك حرَّم اللهُ تعالى عليها أن تُظهِرَ من بدنِها ما تُعرف به محاسنُها أيًّا كانت، ودلَّ أيضًا على وجودِ أذِيةٍ إن لم يحتجبْنَ، وذلك لأنهنَّ إذا لم يحتجِبنَ ربما ظُنَّ أنهنَّ غيرَ عفيفاتٍ فيَتَعرضُ لهن من في قلبِه مرضٌ فيؤذيهنَّ وربما استُهينَ بهنَّ، فالاحتجابُ حاسمٌ لمطامعِ الطامعين). (17).
ويقولُ العلامةُ أبو الأعلى المودوديُّ رحمه اللهُ تعالى: (المرادُ بقوله: {يُعْرَفْنَ} أنَّ كلَّ من يَرَاهُنَّ في هذا اللباسِ الوقورِ المحتشمِ غيرِ المُزينِ يَعرف أنهن شريفاتٍ حرائر، لا أوباشَ متهتكاتٍ متبذلاتٍ فيطمعُ أيُّ مستهترٍ خليعٍ في أن ينالَ منهن مرادَه).
ثم قال في سياقِ كلامِه عن هذه الآيةِ الكريمة: (ويَظهرُ من هذا تِلقائيًّا أنَّ هذا الأمرَ صادرٌ إلى النسوةِ اللاتي لا يتلذذنَ بمعاكسةِ الرجالِ لهن، وحمْلَقَتِهم في وجوهِهِنَّ وأجسامِهِن، ورغبتِهم فيهن، بل يتألَّمنَ ويتأذَّين، هؤلاءِ الشريفاتِ الطيباتِ يقول اللهُ لهن: إن كنتنَّ تُردن أن تُعرَفنَ بهذه الصفةِ فِعلاً، وإن كان اهتمامُ الرجال بكُن، ورغبتُهم فيكُن لا يَلِذُّ لَكنَّ حقيقةً، بل يؤذيكُنَّ ويؤلمُكُن، فليس السبيلُ إلى ذلك أن تَخرجن من بيوتِكُن مُتزيناتٍ كعروسٍ ليلةَ زفافِها، وتُظهرن جمالَكن وحُسنَكن بَراقًا أخاذًا كأحسنِ ما يكونُ أمامَ الأعينِ الطامعةِ الجائعة، بل إن أفضلَ سبيلٍ لهذا الغرضِ أن تخرُجنَ خافياتٍ زينتِكنَّ كلَّها في جلبابٍ مُسدَلٍ غيرَ مُزين، وتضربنَ النقابَ على وجوهِكُن، وتمشينَ بطريقةٍ لا يَلفتُ نظرَ الناسِ فيها إليكُنَّ شيءٌ حتى ولا صوتُ حُلِيِّكن.
إن المرأةَ التي تتزينُ وتتهيأُ قبل خروجِها، ولا تُخرجُ قدمَها من منزِلِها قبلَ أن تكونَ قد وضعت أصنافًا وألوانًا من المساحيقِ والخطوط، لا يُمكن أن يكون غرضُها من هذا سوى أنها تريد أن تلفتَ إليها نظرَ الرجالِ وتدعوهُم هي نفسُها إلى الالتفاتِ إليها، والاهتمامِ بها، والرغبةِ فيها، فإن قالت بعدَ ذلك إنَّ النظراتِ الجائعةِ العطشى تؤذيها، وتضايقُها، فليس ذلك منها غيرَ خداعٍ ومكر.
إنَّ قولَ الإنسانِ لا يُحددُ نيَّته، بل إنَّ نيَّتهُ الحقيقيةَ هي التي تختارُ، وتحددُ شكلَ عملِه، ومن ثَمَّ فالمرأةُ التي تجعلُ نفسَها شيئًا لافتًا للنظر، ثم تمشي أمامَ الرجال، فيفضحُ فعلُها هذا الدوافعَ التي تَكمنُ خلفَه، والمحركاتِ التي تعملُ وراءَه، ولهذا يتوقعُ طلابُ الفتنةِ منها نفسَ ما يتوقعونه من امرأةٍ من هذا الصنف)(18).
شُبهةٌ.. وَرَد!
***
ثَمَّ شبهةٌ برزت هنا من لَيِّ أعناقِ الحقائقِ والتلاعبِ بالكلمات، ترمي لترسيخِ أركانِ الباطل، وفَرْضِ قِيَمِ الفسادِ، والطعنِ في الشريعة، والإرجافِ بين الناس، وردَّدها البعض.
مفادُها: أن الحِجابَ لا يحمي المرأةَ كما تزعمون، وأن كثيرًا من المحجباتِ والمنتقباتِ يتعرضن لأنواع الأذى كالمتبرجاتِ سواءً بسواء! .. وظهرت دراسةٌ تؤكدُ ذلك(19) والمشاهداتُ تؤيدُه، وبهذا سقطت حُجة الذين ينادون بالحجابِ، ويدندنون "بالدُّرِ المكنون"!!
وحول ذلك طَبَّل العلمانيونَ وزمَّروا!
والرد: أيَّ حجابٍ تقصدون؟!.. أهو حجابُ الموضة، أم الحجابُ العصري، أم العباءةُ المُخصَّرة،، أم نقابُ العينينِ الفاتنتين؟!! أم هو المدعُوُّ "محتشمٌ" بلا هوية؟!
فلتعلمْ أيُّ امرأةٍ "متحجبةٍ" تعرضت لهذا الأذى أنَّ في حجابِها ذلك نوعُ نقصٍ أو خلل!.. أو أنها حادتْ عن السلوك الصوابِ، ولم تعُد في الحِرزِ والحجابِ الذي أمر اللهُ تعالى به!
ومن قال إن الحجابَ تغطيةُ شعرِ الرأسِ فقط؟! أو أنَّه مظهرٌ بغير جوهر؟! بل هو عقيدةٌ وسلوكٌ وثقافةٌ وشيءٌ راقٍ لو طُبِّقَ على أصولِه!
إن الإشكاليَّة الأولى تكمن في استخدامِهِمُ المُبهَمِ لكلمةِ "حجاب"!.. ولا يَخفى أنَّ هناك ضوابطٌ وشروطٌ للحجابِ الشرعيِّ الصحيح، تَفُكُّ ما أَبهموه!
فإن الأذى الواقعَ على بعضِ النسوةِ بعدما أحدثْنَه وابتدعْنَه في حجابِهِن من أُمورٍ ما أنزل اللهُ بها من سلطانٍ ليس مَدعاةً للتعجبِ أبدًا، فإن الجزاءَ من جنسِ العمل!.. حتى إن بعضَ النساءِ تلبسُ حجابَها ولا تقتصرُ على الإخلالِ ببعض شروطِه فحسب، بل تتفننُ أيضًا في تزيينِه وتجميلِه، حتى يصيرَ "حجابًا" بحاجةٍ إلى حجاب.. أو تبَرُّجًا أشدَّ سفورًا من العُري!.. فأنَّى يَسلَمْن من الأذى!
فبفرضِ وقوعِ ذلك الذي "ادَّعَوه" - إذ لم نُسَلِّم لكم بأقاويلِكم وأبحاثكم التي لا تخلو من أكاذيبَ ومزايداتٍ لا تخفى أغراضُها الدنيئةُ - على صاحبةِ الحجابِ الذي "أبهمُوه" أيًّا كان شكلُه؛ فإن الخطأَ ومَكمَنَ الخللِ والتقصيرِ - بلا ريب - في التطبيقِ وأهلِه، مما يُسهمُ في تشويهِ المسلكِ القويم، وليس في شريعةِ الحكيمِ العليم.
ثُم مَن الذي زعمَ أن الحجابَ منفردًا هو العاملُ الوحيدُ الحاسمُ الذي يحمي المرأةَ في ظلِّ (المنظومةِ الإسلاميَّة)، حتى تَسحبوا الاتهامَ بالفشلِ - بسبب تقصيرِ بعضِ النساءِ فيه - على المنظومةِ الإسلاميةِ كلِّها، محاولينَ إسقاطَها والتشكيكَ في جدواها للمرأة بهذا الافتراءِ والإرجافِ الخبيث، بل إن سلوكَ المرأة، وأخلاقَها والتزامَها بآدابِ الطريقِ، والتدابيرَ الوقائيةَ التي أحاطتها بها الشريعةُ من كلِّ جانب، وقُربِها من ربِّها عز وجل، وتَعلُّقَ رجائِها به - كما سنبينُ بعد قليل -، كلُّ ذلك له دَورٌ أيضًا في أمنِها إذا خرجت من بيتِها.
وعلى جانبٍ آخرَ يظهرُ سببٌ آخرُ لهذه البلية، في حالةِ بعضِ النساءِ اللاتي يُفاجَأن بها في الحقيقةِ، والسببُ هو الغفلةُ والجهلُ منهن بنصوصِ الشريعةِ وتفاصيلِ أحكامِها، التي وضعتْ "الأسلاكَ الشائكة"، وضوابطَ الخروجِ من المنزل، ووضعتْ حدودَ التعاملِ مع الرجال، مما جعلهنَّ ذلك الجهلُ في سذاجةٍ من أمرِهِن وغفلةٍ عن طبائعِ الرجالِ وطبيعةِ خُلقِهم، مما يُظهرُ حكمةَ هذه النصوصِ والآدابِ لمن تأمَّلَ وتدبرَ وعمل بها.
ومن "التدابيرِ الوقائيَّةِ" أيضًا.. على سبيل المثالِ والإجمال:
- الدعاء!، فهو أحدُ العواملِ التي توفرُها (المنظومة الإسلاميَّة) للمرأةِ لتحقيقِ أمنِها، ولا تجده المرأة خارجها!، الأمرُ الذي يُسهمُ في إحساسِ المرأةِ بالأمنِ إذا خرجتْ من بيتِها بشكلٍ كبير، {ألا بِذِكر اللهِ تَطمئنُّ القلوب}، فتقولُ هي عندَ الخروجِ من المنزل: (بسم الله، توكلتُ على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله)(20)، (اللهم إني أعوذُ بك أن أَضِلَّ أو أُضَل، أو أَزِلَّ أو أُزَل، أو أَظلِمَ أو أُظلم، أو أَجهلَ أو يُجهلَ عليَّ)(21).
وتقولُ في أذكارِ الصباحِ والمساء: (اللهم إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفوَ والعافيةَ، في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استُرْ عوراتي، وآمِن رَوْعَاتي، اللهم احفظني من بين يَدَيَّ، ومِن خَلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذُ بعظمَتِك أن أُغتالَ من تحتي)(22).
- الحجابُ الشرعيُّ السابغ، معَ كمالِ السترِ للوجهِ والكفين، فلا شكَّ أن هذا مما تتضحُ أهميتُه في هذا المقامِ والزمان وتتأكد(23).
- النهيُ عن الخُلوةِ والاختلاطِ المُحرَّم.
- الحثُّ على القرارِ في البيت.
- الحثُّ على التزامِ السلوكِ الإسلاميِّ في الطريق، وهذا يشملُ عدةَ أُمور، منها: غَضَّ البصرِ، وعدمَ التطيُّب، وعدمَ الخضوعِ بالقول، وضربَ الخمارِ على الصدر، والتزامَ حافةِ الطريق، والبعدَ عن الزحامِ ووسائلِ المواصلاتِ غيرِ الآمنة، وأن يكونَ كلامُها مع الرجالِ – إذا تكلمت - مُختَصرًا موضوعيًّا وبحدود.. إلى آخرِ تلك الأخلاقِ والآدابِ الإسلاميةِ الرفيعة.
فَتِّش عن الثغرة!
***
(والآن نستطيعُ –بكل قوةٍ- أن نَجزمَ بحقيقةٍ لا مِراءَ فيها، وهي أنكَ إذا وقفتَ على جريمةٍ فيها نُهِشَ العِرضُ، وذُبِحَ العفافُ، وأُهدِر الشرفُ، ثم فتشتَ عن الخيوطِ الأولى التي نَسجتْ هذه الجريمة، وَسَهَّلتْ سبيلَها، فإنكَ حتمًا ستجدُ أن هناك ثغرةً حصلتْ في "الأسلاكِ الشائكةِ" التي وضعتها الشريعةُ الإسلاميةُ بين الرجالِ والنساء، ومن خلالِ هذه الثغرةِ... دخل الشيطان!!)(24).
(ولو أنَّ المرأةَ التزمتْ درجةَ الحجابِ المُثلى وقرَّت في بيتِها ولو أنها احتاجت للخروجِ فخرجت حَجبت كلَّ بدنِها عن الأجانبِ لَمَا كان لهذه الفتنِ مكانٌ في حياتِنا)(25).
الأمنُ منحةٌ ربانيَّـةٌ.. ضلَّ من يطلُبُها من غير هذا الطريق!!
***
يقول ربنا الحكيمُ العليم :
{فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام:81-82].
فأيُّ الفريقين أحقُّ بالأمنِ: منظومةُ (المرأةِ الجديدة)، أم منظومةُ (المرأةِ المسلمة)؟!..
(المنظومة التحرريَّة)، أم (المنظومة الإسلاميَّة)؟!
(في هذه الآيةِ الكريمةِ رَبْطٌ واضحٌ وعلاقةٌ قويةٌ بين رسوخِ عقيدةِ التوحيدِ في النفسِ البشريةِ وبين الأمنِ والاطمئنان؛ أما الذين لم تُخالطْ عقيدةُ التوحيدِ قلوبَهُم، ولم تملأْ نفوسَهُم فلن يشعروا أبدًا بذلك الاطمئنانِ والأمنِ النفسي؛ فهُمْ في الدنيا وَجِلُونَ من سَخَطِ الله، وفي الآخرةِ ينتظرُهم عذابٌ من الله أليم، ويَظلون طولَ حياتِهِم يخافون من المستقبلِ المجهول، ولا يعرفون معنىً لوجودِهم في هذا الكونِ الرحيب. والملايينُ الضالةُ في العالمِ الماديِّ فقدت الأمنَ والاطمئنانَ عندما مُسختْ فطرتُها؛ ومهما لَهثتْ وراءَ ذلك فلن تحصلَ عليه؛ فذلك الأمنُ منحةٌ ربانيةٌ للذين آمنوا ولم يَخلطوا إيمانَهم بشرك؛ هكذا تُرشدُنا الآيةُ القرآنية؛ وذلك نوعٌ من التحدي والإعجازِ القرآني للبشرِ على مدى العصور) اهـ (26).
فهل يمكنُ تحقيقُ الأمنِ بعيدًا عن هذه الآيةِ الكريمة؟!.. لا شك أن العلاقةَ جِدُّ وثيقةٌ بين أمنِ المرأة وحِرصِها على الإيمانِ علمًا وعملاً، عقيدةً وسلوكًا، وأنَّ من كمالِ تحقيقِ التوحيدِ والإيمانِ البُعدُ عن المعاصي والنواهي الشرعيةِ بكلِّ صورِها.
فالظلمُ المقصودُ يفسرُه لنا العلامةُ السعدي - رحمه الله – فيقول: ({أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ}الأمنُ من المخاوفِ والعذابِ والشقاء، والهدايةُ إلى الصراطِ المستقيم، فإن كانوا لم يلبِسوا إيمانَهُم بظلمٍ مُطلقًا لا بشِركٍ ولا بمعاصٍ؛ حصل لهم الأمنُ التامُّ والهدايةُ التامة .. وإن كانوا لم يلبسوا إيمانَهم بالشركِ وحدَه ولكنهم يعملون السيئاتِ حصلَ لهم أصلُ الهداية وأصلُ الأمن وإن لم يحصُلْ لهم كمالُها)(27).
فمن لم يخلطْ إيمانَه بظلمِ الشركِ أو المعاصي، وجاهدَ في مَحوِهِما من حياته، ثم أخذ بالأسبابِ الأخرى، مُنِح مِنحةَ الهدى والأمان.
(فالأمنُ مِنحةٌ ربانيَّةٌ يهبُها الحقُّ سبحانَه وتعالى لِمَن حقَّقَ الإيمانَ وصُبغتْ حياتُه بصبغةٍ إسلاميةٍ {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة:138].. وإنَّ العواملَ الداخلةَ في تحقيقِ هذا الأمنِ ليست عواملَ ماديةً فحسب، وإنما العاملُ الأولُ هو الالتزامُ بعقيدةِ التوحيدِ على مستوى الفردِ والجماعةِ سواءً بسواء)(28).
وفي ضوءِ هذه الآيةِ الكريمةِ نجدْ أن العبءَ الأكبرَ يقعُ على المرأةِ نفسِها في تحقيقِ أمنِها قبل أن يقعَ على المجتمعِ أو القانون!
ومن السذاجةِ والبلاهة أن تسعى في تطلُّبِهِ من قوانينَ مقفِرةً وضعيِّة، أو بمظاهراتٍ وهتافاتٍ غوغائيِّة!
ففي ظلالِ (المنظومةِ الإسلاميَّة) الوارفةِ يسهلُ على (المرأةِ المسلمة) أن تحصلَ على حقوقِها وأمنِها واطمئنانِها من طريقٍ أقربَ بكثيرٍ من طُرقِهم!.. وأن تنعمَ بالأمنِ المنشودِ في ظلِّ ما تُقدمُه لها هذه المنظومةُ من منهجِ حياةٍ متكامل، وتدابيرَ وقائيِّةً، وما كفلته لها من ضماناتٍ، وملاذٍ آمن، ومُعتصَمٍ أمين.
فكلَّما كانت المرأةُ المسلمةُ مطيعةً للهِ ورسولِه، يحكمُ التوحيدُ حياتَها كاملةً، بعيدةً عن المعاصي كالتبرجِ والسفورِ والاختلاطِ والأخلاقِ المرفوضة، ملتزمةً بآدابِ الإسلامِ وتعاليمِه.. كلَّما تحققَ لها الأمنُ على قَدْرِ ذلك.
وكلما كان المجتمع مجتمعًا إسلاميًّا يحكم الإسلام حياته، كلما نالها من الأمن على قدر ذلك.
فبُعدًا للمنظومة التحرريَّة، وهنيئًا لمن آمنت والتزمت بشرعِ ربِّها، وبتعاليمِ الإسلامِ وآدابِه الرفيعة، وجديرٌ بها أن يُبدِلَها ربُّها من بَعد الخوفِ أمنًا، ومن بعد الظُلمةِ نورًا.. كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}[النور:55].
من الظلماتِ إلى النور!
***
إنَّ هذه الآدابَ والأخلاقَ الإسلاميةَ الرفيعةَ التي اشتملت عليها (المنظومةُ الإسلاميَّة)، وكفلتها للمرأة والمجتمع، تُحارَبُ ليلَ نهارٍ من قِبلِ (المنظومةِ التحرريَّة الإباحيَّة)، بالكلمةِ الخليعة، والصورةِ الماجنة، والفكرةِ الفاسدة، وبوسائلَ شتى، حتى طُمست معالمُ الحياء، واضمحلَّ الأدبُ، ورقَّ الدينُ في قلوبِ الكثيرين إلا من رحمَ ربي، ونتجت في النهاية هذه الثمار الخبيثة.
وإن (المرأةَ المسلمة) في ظل (المنظومةِ الإسلاميَّة) تعيشُ في ظلالٍ وارفةٍ من الأمان والاطمئنان، هانئةَ البال، ساكنةَ النفس، مطمئنةَ الخاطر، لا تعاني من قلقٍ أو خوفٍ أو مشاكلَ نفسية، ولا تهددُها غمامةٌ سوداءُ من الهواجس المخيفة، ولا تخشى من هذا الخطر.
ولِمَ لا.. وقد عمِلت بمُراد اللهِ تعالى منها، وامتثلتْ لتعاليمِه، ففي المقابلِ هي واثقةٌ بحفظ اللهِ تعالى لها، كما وعَدها بـ (احفظ الله يحفظْك)، و (أنا عند ظنِّ عبدي بي)، تتعبدُ للهِ تعالى بمقتضى أسمائِه وصفاتِه، فهو "الحفيظُ" الذي حفظ أولياءَه في الدنيا والآخرةِ ونجّاهم من كل أمرٍ خطير، "المؤمنُ" الذي أمَّن أولياءَه من خزيِ الدنيا ووقاهُم في الآخرةِ عذابَ الهاوية، "الوليُّ" للمؤمنين فلا غالبَ لمن تولاه.
وتتعبدُ له باتباعِ أوامِره واجتنابِ نواهيه، موقنةً بخيريَّة هذه التعاليمِ على كل تعاليمِ الأرضِ ومنظوماتِ البشر، ودساتيرِهم، وقوانينِهم.
فأنَّى لمثل من تكونُ هذا حالُها أن تشعرَ بالخوفِ والقلقِ وعدم الأمان؟! وهي تنعمُ بولايةِ خالِقها لها، ومعيتِه أينما حلتْ وارتحلت، {وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[آل عمران:101].
ها هو الفرقُ بين (المنظومةِ العلمانيَّةِ الغربيَّةِ التحرريَّة) و(المنظومةِ الإسلاميَّة)، فرقٌ بين الثرى والثريا، بين الظلماتِ والنور، والظلِّ والحَرور، بين الشقاءِ والسعادة، بين الخوفِ والأمن، بين فقرٍ مُدقعٍ تستقي (المنظومةُ العلمانيَّةُ التحرريَّة) تعاليمَها ووعودَها منه، وكنزٍ غنيٍّ وافرٍ تستقي (المنظومةُ الإسلاميَّة) تعاليمَها منه.
إن عدمَ توقُّعِ المشروعِ العلمانيِّ لنتائجِ هذه المنظومةِ وثمارِها المُرةِ الخبيثةِ قبل أن تحدث؛ لهي صفعةٌ ذاتيةٌ قويةٌ في وجهِه، ودليلٌ بليغٌ على فشلِه وسذاجتِه، وعدمِ صلاحيتِه لأنْ يُعتبرَ نظامًا مؤهلًا لقيادةِ الحياةِ والمجتمعِ نحو التقدمِ والتنميةِ في الماضي والحاضرِ والمستقبل .. أما إن كان قد توقَّعَ هذه النتائجَ من قبل، وسكت عنها، ولم يُحذِّر منها وهو شاهد، فهو حينئذٍ متهَمٌ بالخيانة الكبرى والعمالةِ لغير صالحِ الوطن.
الهامش:
_____
1- (المرأةُ الجديدة): إشارةٌ إلى كتاب قاسم أمين المشهور، ويرمز المصطلح في هذا المقال إلى "المرأة المتحررة" باعتبارها نسقًا وكيانا نادى به دعاة "تحرير المرأة" في المجتمع، ويرمز أيضًا إلى المرأة ذاتها التي انساقت لهذا النسق سواءً برضاها، أو جهلاً منها.
2- (المنظومة التحرريَّة): ترمزُ في المقال إلى نظامِ ومنهج الحياة الذي أراده التوجهُ الليبراليُّ أو العلمانيُّ الغربيُّ ودعاةُ "تحريرِ المرأة" للمرأةِ وللمجتمع كله، فأضحت المرأةُ داخلَها متأثرةً بعدة عواملَ مجتمعةٍ فرضتها أجندةُ "المنظومةِ التحررية"، وكذلك أضحى المجتمعُ متأثرًا بعدةِ عواملَ فرضتها هذه المنظومة.
3- ((شارعٌ آمنٌ للجميع): حملةٌ أطلقها المركزُ المصري لحقوق المرأة ECWR بالقاهرة، بدأت عام 2005 لمحاربة ظاهرة التحرش بالمرأة)!
http://ecwronline.org/index.php?option=com_content&task=view&id=122&Item
4- مثالٌ لهذا التغير: (التحولُ نحو النموذج الرأسمالي، وما تبعه من تحولاتٍ قيَميةٍ، منها سيادةُ قِيَمِ المادةِ والربحِ والفردية، وهى القِيَمُ التى تجعلُ إمكانيةَ انتهاكِ الآخرينَ والتعدي عليهم أكبر) خالد عبد الرسول، جرائمُ الاغتصاب وهتكِ العِرض فى مصر، أحوالٌ مصرية، العدد 25، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة، صيف 2004م، ص 58.
5- (إن قضيةَ التحرشِ لم تظهر فجأةً، بل هي قضيةٌ تراكميةٌ لها جذورٌ عميقةٌ بدأت منذ بداية الانفتاحِ الاقتصاديِّ وما صاحبَه من انحلالٍ أخلاقيٍّ وانهيارٍ للقيم، وإن هذه النتيجةَ كانت متوقعةً حين أخذ السوسُ ينخرُ في البنيةِ الأخلاقيةِ للمجتمعِ التي تُمثل حائطَ الصدِّ أمام القيم الإباحيةِ الوافدةِ والسلوكيات الشاذة؛ فبدا أن الإعلامَ الفاسدَ والفنَّ الهابطَ مرْضيٌّ عنه ولا يجدُ من يوقفُه أو يتصدى له) د.أماني أبو الفضل، المديرةُ التنفيذية للمركز المصري لرصدِ أولوياتِ المرأة (مرام)، المصدر: موقع إسلام أون لاين.
http://www.islamonline.net/arabic/Cyber_Counselor/bigHouse/2007/01/02.shtml
6- الأبعادُ الاجتماعيةُ للتحرش الجنسي في الحياة اليومية، دراسة ميدانية على الشبكة، (ص 21)، بتصرف.
7- (ينبغي ألا نلقي باللوم على الخطاب الإسلامي؛ لأن الدعاةَ يقومون بدورِهم، ولكنَّ الإعلامَ الهابطَ يجعلُ هذا الخطابَ بلا مردودٍ إيجابيٍّ بسبب قوةِ ما يملكُه من وسائلِ التأثيرِ، ومطاردتِه للناس طوالَ ساعات اليوم). د. أماني أبو الفضل، المديرةُ التنفيذية للمركز المصري لرصد أولويات المرأة (مرام)، المصدر: موقع إسلام أون لاين.
http://www.islamonline.net/arabic/Cyber_Counselor/bigHouse/2007/01/02.shtml
8- (الإعلام بوسائلِه المختلفةِ المقروءةِ والمسموعةِ والمرئيةِ يلعب دورًا مؤثرًا في نفوس مشاهديه؛ حيث يُكسبهم توجيهاتٍ معينةٍ لا تلبثُ أن تصبحَ قوالبَ موجِّهةً لسلوكياتِهم، إنه يعملُ على ترسيخِ بذورٍ ثقافيةٍ وقيمٍ بديلة، ذلك أن الإعلامَ المرئيَّ أباح ولا يزالُ يبيحُ لنفسِه (باسم الجانب الترويحيِّ من رسالته وبفعل الجانبِ الاقتصاديِّ من نشاطه) السخريةَ من الكثير من المقدسات الاجتماعية، وقد جاءت معظمُ هذه السخريةُ شديدةَ الفجاجةِ بما يتناسبُ مع فجاجةُ الذوقِ في الكثيرِ من الأعمال التمثيلية لدينا، ومِن ثَمَّ فقد أسهمت ولا تزالُ تُسهم بقوةٍ في مزيدٍ من إفسادِ مناخ التنشئةِ الاجتماعية لدينا بصورةٍ عامة، هذا بالإضافة إلى الإعلاناتِ وما تَعرض من ثقافاتٍ بديلةٍ للقيم الأخلاقية الثابتة، وأمامَ هذا الوابلِ من الغناءِ المعنوي الفاسدِ اللاأخلاقي يُصبح من المحال على النفوس ألا تمرض) أحمد مجدى حجازي، أزمة القيم، مجلة الديمقراطية، العدد التاسع، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة، يناير 2003م، ص 58.
9- عولمةُ الإباحية.. (تُلفت د. منال أبو الحسن -المسئولةُ الإعلامية باللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، ومُدرسة الإعلام بجامعة الأزهر- الانتباهَ إلى هذا العامل المهم: وهو محاولاتُ الأمم المتحدة عولمةَ القضايا الجنسية. حيث غلَّفتْ كلَّ ما يخصُ هذه القضايا بإطارٍ من الحرية والتمكين وأصبح من متطلباتِ العولمة فرضُ تلك الأجندةِ التي هي في الأصل منظومةُ الغربِ الإباحية من خلال مواثيقِ الأمم المتحدةِ الخاصةِ بالمرأة والطفل.
وتضيفُ أن المنظمةَ الدولية تقوم بإلزامِ الدولِ الأعضاءِ بتنفيذ بنودِ تلك المواثيقِ وتطبيقِها على مستوى كافةِ مؤسسات هذه الدول دون اعتبارٍ للدين ولا للقيم المجتمعية، والتي تمثلُ من وجهةِ نظرِهم العائقَ الأساسَ للتطبيق، مشيرةً إلى أن هذه المواثيقَ تُركزُ على المطالبة بتغيير المناهجِ الدراسيةِ للأطفال والمراهقين لتلبيةِ هذه المتطلبات..
وتؤكدُ على أن بعض وسائلِ الإعلامِ العربيةِ الموالية للمنظماتِ الغربية تقوم بدورٍ أساسٍ في إيجاد حالةٍ من الإلحاحِ والضجيجِ لشد الجمهورِ نحو الأساليبِ الغربية للمعالجات الجنسية، سواءً من النواحي الثقافيةِ أو التعليمية أو القانونية أو السياسيةِ لكي يتبعَها المناقشاتُ والحواراتُ الثنائيةُ والجماعيةُ لإيجاد رأيٍ عامٍّ داعمٍ لتلك المنظومة الإباحية) المصدر: موقع إسلام أون لاين.
http://www.islamonline.net/arabic/Cyber_Counselor/bigHouse/2007/01/02.shtml
10- (إن هذا السلوكَ المنحرفَ يتصفُ بعدم الانضباطِ، وينقلُنا مفهومُ الانضباط وعدمُ الانضباط إلى مفهومين آخرين ارتبطا بهذا السلوكِ وهما مفهوما الانحراف وعدمُ الامتثال... ويظهرُ مفهومُ عدمِ الامتثال من خلال نظرية "ميرتون Merton" فى مجال البناءِ الاجتماعيِّ و"الأنوميِّ"، والتصنيفِ الذى قدمه "بارسونز Parsons" فى وصفه لميكانيزم الضبط الاجتماعي فى مواجهة الميول الانحرافية وإعادةِ التوازن إلى المجتمع، حيث أكد بارسونز على أن التنشئةَ الاجتماعيةَ من خلال الأسرةِ لا تستطيعُ وحدَها أن تتغلبَ على التوترِ والانحرافِ فى العلاقات الأمرُ الذي يؤدي إلى ظهور بعضِ العناصر السلبيةِ فى البناءِ الدافعي تؤدي بدورها إلى الانحراف عن المعايير القائمةِ، ولا بد أن يواجِهَ النسقُ هذه الأنماطَ الإنحرافيةَ بعملية الضبطِ الاجتماعي، وتصبحُ درجةُ الامتثال واحدةً من الدرجات التي توضحُ عودةَ النسق إلى التوازنِ ويصبحُ الانحرافُ هو عدم الامتثالِ للقواعد الضابطةِ للنسق). أحمد زايد وآخرون، العنف بين طلاب المدارس، التقرير الاجتماعي الأول، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 2004م، ص 21، بتصرف.
11- الإسلام في الغرب، جان بول رو (ص 178).
12- قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية – د.فؤاد بن عبدالكريم، (ص 54).
13- (لما وقعت فتنةُ الاختلاطِ بالجامعة المصرية، كان ما كان من حوادث يندى لها الجبين، ولما سُئِل "طه حسين" عن رأيه في هذا، قال: (لا بد من ضحايا)!! ولكنه لم يبين : "بماذا" تكون التضحية؟ وفي "سبيل ماذا" لا بد من ضحايا؟!). (المرأة المسلمة) لوهبي غاوجي الألباني (ص241). (وأيُّ ثمرةٍ يمكن أن تكون أغلى وأثمنَ من أعراض المسلمين؟!!)/ نقلاً عن: د. محمد إسماعيل المقدم، عودة الحجاب، مجلد "أدلة الحجاب" (ص 65).
14- العجيبُ أنني بعد أن كتبتُ هذه الكلمات قرأتُ خبرًا يفيد أن شيئًا من هذا حدث بالفعل أمام إحدى مدارس البنات التي كانت تشتكي من هذه الظاهرة فتم تعيينُ حرسٍ أمام المدرسة لحماية الطالبات، فما كان من حال هؤلاءِ الحراس مع الطالبات إلا ما ذكرت!
15- قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية – د.فؤاد بن عبدالكريم، (ص 55).
16- العفة: حصول حالةٍ للنفس تمتنعُ بها عن غلبة الشهوة، والمتعففُ: المتعاطي لذلك بضربٍ من الممارسةِ والقهر، انظر: "المفردات" للراغب (ص507).
17- الكلام في تفسير الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}، هو من مجموع كلام العلماء، بتصرف يسير.
18- العلامة أبو الأعلى المودودي – رحمه الله – تفسير سورة الأحزاب (ص165-167) بتصرف.
19-. دراسة أجراها المركز المصري لحقوق المرأة بعنوان "غيوم في سماء مصر"!
http://ecwronline.org/index.php?option=com_content&task=view&id=273&Item
http://ecwronline.org/index.php?option=com_content&task=view&id=274&Item
20- أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي في الكبرى، وغيرهم، وقال الترمذي: (حديث حسن غريب)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"، وفي تحقيقه "الكلم الطيب" لابن تيمية.
21- أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وغيرهم، وصححه الألباني في تحقيقه "الكلم الطيب"، وانظر: "السلسلة الصحيحة" (3163)
22- حسنه الحافظ ابن حجر، وصححه الحاكم، والذهبي، وابن حبان، والنووي، والألباني، ومحققا "الزاد". (أذكار وآداب الصباح والمساء، الشيخ محمد إسماعيل المقدم، ص12).
23- (يقول الشيخ أبو بكر الجزائري – حفظه الله - : الجلباب هو ما تضعه المرأة على رأسها، فكيف يقال لها: "أدنِ الجلباب من رأسك" وهو يغطيه؟! – يريد أنه يكون حينئذٍ تحصيل حاصل – وإنما تدنيه من رأسها لتغطي به وجهها، هذا هو المعقول والمفهوم من كلام العرب، ثم مجرد تغطية الرأس لا تمنع من المغازلة المخوفة!.. وإنما يمنع منها تغطيةُ الوجه بالمرة، أما كاشفةُ الوجه فإن النظرَ إليها ومنها يُسَهِّلُ المكالمةَ فالمغازلة، كما قال الشاعر الحكيم: نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ .. فكلامٌ فموعدٌ فلقاء)، فصل الخطاب في المرأة والحجاب، (ص: 38-39)/ نقلاً عن: د. محمد إسماعيل المقدم، عودة الحجاب، مجلد "أدلة الحجاب" (ص224)، بتصرف يسير.
24- د. محمد إسماعيل المقدم، عودة الحجاب، مجلد "أدلة الحجاب" (ص 65).
25- المصدر السابق، (ص131)
26- د. محمد البرزنجي، مدلولات الأمن الإسلامي في القرآن الكريم، مجلة البيان، العدد: 124
27- تفسير العلامة عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، سورة الأنعام، (ص 241).
28- د. محمد البرزنجي، مدلولات الأمن الإسلامي في القرآن الكريم، مجلة البيان، العدد: 124، بتصرف.
المراجع:
- عودة الحجاب، د. محمد إسماعيل المقدم.
- الأبعاد الاجتماعية للتحرش الجنسي في الحياة اليومية، دراسة ميدانية على الشبكة.
- قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية – د.فؤاد بن عبدالكريم.
- مقالات ودراسات متفرقة على الشبكة.
كتبه/ أميرة الجلباب.
***
في غمامةٍ مُعتمةٍ من هواجسِ الخوفِ المحيط.. وحالِ ضنكٍ وشرٍ يُنتظر .. وعلى شفا جُرُفٍ هارٍ من نقيعِ الخطر ..
أضحت) المرأةُ الجديدة)(1) تعيش حياتَها اليوم تحت مِظلةِ (المنظومةِ التحرُّريَّة)(2).. كما أراد لها من قبلُ مُحرِروها .. وكما خَطط لها من ولدوها .. لمّا خرجوا مبَشِرين بها يومَ مولدِها .. ولكنهم في ظلام الخبثِ وأَدوها !!
كم كانت وجوهُهم سوداء !
صمتـًا !.. لاتسلْ بأيِّ ذنبٍ قتلوها..
صعبٌ براءتُها هنـا !
فلا تسلْ حُزنَ القلوبِ .. ولا دمعَ المروءةِ والحيـاء..
ولا تسل ندي الجبينِ إذا ما انكشفَ الغطـاء..
ولا تسل عن غيرةِ الحُر .. ولا روحِ الإبـاء..
وسل أُمتي عن شِرعةٍ نُبذت وراء..
فحلَّ البـلاء !
الخطبُ جمٌّ .. ولا عـزاء!!
تبحثُ عن أمان !
***
هل أُخبرتْ؟!.. لقد أضحت مهمةُ العثورِ على (شارعٍ آمنٍ للجميع)(3) .. مهمةً شاقةً، ومعاناةً دائمةً، وأزمةً نفسيةً.. تُثقلُ كاهلَ (المرأةِ الجديدة)، وأُمنيةً من الأمانيِّ العزيزةِ عندَها، كلما أرادت الخروجَ من بيتها!.. فهي اليومَ وكلَّ يومٍ تتوقعُ الخطرَ الدَّاهمَ أن يصيبَها والأذى أن يحيطَ بها.. في ظلِّ منظومةِ التحررِ والعلمانيةِ والاختلاطِ والمساواةِ والتقدميةِ النكراءَ التي ابتدعوها، وفي النفوسِ نفثوها، وفي كلِّ مناحي الحياةِ بثّوها، وفي عروقِ المجتمعِ سَرى سُمُّها وبدمِه مزجوها.
ضريبةً تنزلُ كالمطرقةِ على رؤوسِهم.. وفضائحَ تُزلزِلُ قواعدَ منظومتِهم المتهالِكة.. وتتصدعُ أركانُها وهي للسقوطِ أصلاً آيلة.. وتنفرجُ بوضوحٍ فيها هذه الشقوقُ الغائرة.. التي لم يكن يراها من قبلُ إلا البصير!
وكم نصحَ البصيرُ: أنِ احذروا..
فقالوا: لا نُحبُّ الناصحين!
وقد بُحَّ صوتُ المنادي مشفِقًا: لا تفسدوا..
فقالوا: إنما نحن مصلحون!
تجمعت غمامةُ الخوفِ هذه مثلَ (سحابةٍ سوداءَ) في سماءِ حياةِ هذه المرأة كلما أرادت الخروج من بيتها، بعدما أفرزَتها سنواتٌ طِوالٌ من تدويرِ نفاياتِ منظومةِ التحررِ الغربيةِ في القلوبِ والعقولِ وفي وسائلِ الإعلامِ والتعليمِ والفنِّ والفكرِ والثقافة!
تحت غمامةٍ دهماء، وتحت مِظلةٍ سوداءَ، باتت (المرأةُ الجديدة) تعيشُ حياتها.. ظلماتٌ بعضُها فوق بعض.. ومن لم يجعلِ اللهُ له نورًا فما له من نور.
رحم اللهُ آدابًا مزَّقوها.. وحضارةً رفضوها.. بَشَّرت بخروجِ (المرأةِ المسلمة) من بيتها وهي آمنة، من القادسيةِ إلى بيتِ الله تعالى لا تخاف أحدًا إلا اللهَ تعالى!
نظرةُ تأمُّلٍ وتحليل!
***
إن المجتمعاتِ بطبيعتِها في حالٍ دائمةٍ من التغيُّرِ والتحوُّل، وهذا التغيرُ يكون مشاهَدًا ملموسًا، أو يكونُ بطيئًا يتعذرُ الوقوفُ عليه إلا بمقارنةِ المجتمعِ القائمِ اليومَ بما كان عليه فيما سبق، وفي كل حالٍ هناك عواملُ أدت لهذا التحوُّلِ والتغيير(4).
وما يعنينا هنا هو التحولُ البطيءُ وعواملُه المتراكمَة(5).. فإن ألوانَ (الأذى) المتصعِدةُ التي تتعرضُ لها بعضُ النساءِ اليوم، والتي لم تكن من قبلُ قد استشرتْ بهذا الشكل المخيف، ما هي إلا ثمارٌ قبيحةُ المنظرِ، كريهةُ الرائحةِ، مُرَّةُ المذاقِ، لسنواتٍ طويلةٍ من المعيشةِ المتحررةِ من دين اللهِ تعالى، المنفلتةِ من قِيمِ وآدابِ الإسلامِ في كافةِ مجالات الحياة..
إذ يُعدُّ وقوعُ (الأذى) - في حدِّ ذاتِه - على المرأةِ إذا خرجت من بيتها داخلَ المجتمعِ الطاهرِ النظيفِ أمرًا واردًا، حيث لا ينفكُّ احتمالُ ورودِه -بطبيعةِ الحالِ- عن وجودِ البشر، لكنه في الوضعِ الطبيعيِّ لا يتعدى كونَه حالةً شاذةً أو سلوكًا فرديًا مستهجَنًا، كفيلاً -إذا وقع- بأن تَغلي لأجله الدماءُ في العروق، أو تُسَلَ لأجله السيوف، أو تندلِعَ له الحروب وتُغزى الدول، كما حدث في التاريخ من قبل!
لكن أن يتفاقمَ الأمرُ ويطفو على السطح، ويتجمَّعَ هذا (الأذى) – في بعض الأوضاع - ليس في صورةٍ فرديةٍ وحالةٍ شاذةٍ محدودةٍ فحسب؛ بل في صورةِ سلوكٍ جماعيٍّ غوغائيٍّ بغيضٍ غريبٍ، تحُفُّه الدياثةُ واللامبالاةُ.. فهو –لعمرُ اللهِ- الخطبُ الجللُ والنذيرُ الخَطِر!!
إن هذا السلوكَ المنحرفَ بصورتِه الجماعيةِ تلك، أو بصورتِه الفرديةِ المنتشرة، ينمُّ عن وجودِ خَللٍ فوق الطبيعي، خللٍ في النَّسق القِيَميّ، (الذي تَعرَّض بدورِه إلى مجموعةِ تغيُّراتٍ نتج عنها تهميشُ القيمِ الدينيةِ وإحلالُ قيمٍ سلبيةٍ أثَّرت عليه وأدت إلى وجودِ ما يمكنُ أن نطلقَ عليه أزمةً أخلاقية) (6).
إنَّ طبيعةَ هذا السلوكِ وأسبابَه التي تحيطُ به ودواعيه، تُشيرُ في مُجملِها بأصابعِ الاتهام – في نظر الباحثين – إلى عدةِ عواملَ، من أهمِّها وأكبرِها عواملٌ ثقافيةٌ وفكرية، من طبيعتِها أنها غيرُ مؤقتةٍ ولا استثنائيةٍ ولاطارئةٍ ولا محدودة، بل تعملُ على نطاقٍ بعيدٍ في الزمان والمكان، أي أنها مؤثرةٌ في شريحةٍ واسعةٍ وعلى مدىً طويل، بحيث يشتركُ التأثيرُ نفسُه على عددٍ كبيرٍ من الأفراد.
هذه العواملُ لا يمكنُ أن تبرأَ منها بسهولةٍ وسائلُ تشكيلِ الفكرِ والوعيِ الاجتماعيِّ، العريضةُ التأثيرِ، الواسعةُ الانتشارِ، والتي تلعبُ دورًا كبيرًا في تشكيلِ القيمِ وتكريسِ المفاهيمِ مقارنةً بدَورِ الأسرةِ أو الخطابِ الديني(7).
لا شكَّ أن وسائلَ مثل الإعلامِ – المتهمِ بالتركيزِ على عَرضِ المرأةِ مختزلة في صورة جسد(8) - والتعليمِ والفنِّ والفكرِ والثقافةِ و"جنودِهم"!، تلك الوسائل التي تُسيِّرُها وتهيمنُ عليها المنظومةُ العلمانيةُ التغريبيةُ التحررية - المدعومةُ بقوىً دوليةٍ ومحلية - دعمًا فجًّا وصريحًا؛ لها الأثرُ الأكبرُ والجنايةُ الأعظمُ في هذا الانحرافِ السلوكيِّ الخطير!
وهل هناك أَحَزُّ في الصخرِ من مكرِ الليل والنهار؟!
كما لا يُعفيها الانفتاحُ والعولمةُ وتطوُّرُ الوسائلِ التكنولوجيةِ اليومَ من التُّهمةِ، ولا يُقصيها عن مسرحِ الجريمة –وإن كانوا شركاءَ في الجريمة(9)- إذ يبقى لهذه الوسائلِ اليدُ الطولى في تشكيلِ الوعيِ الاجتماعي، والدَّورُ الذي لا يُستهانُ به في الضبطِ الاجتماعي(10) للقيمِ والأخلاقِ والآدابِ العامة، والتأثيرِ عليها بالسلبِ أو الإيجاب، عَبْرَ سنواتٍ طوالٍ مضت من قبلِ هذا الانفتاح ومن بعدِه.
قَتل القتيلَ، ثم في جنازتِه يسيرُ!
شعورُ المرأةِ بالخطرِ والتهديدِ في ظلِّ (منظومةِ التحرير) !
***
هل بات حقُّ هذه المرأةِ في الشعور بالأمن ِوالسلامة، وحقُّها في أن تأمنَ على نفسِها إذا خرجت من بيتِها؛ حقًا في عِدادِ الأوهام؟! في ظلِّ هيمنةِ النُّظُمِ العلمانيةِ والليبراليةِ على دَفَّةِ التوجيهِ الثقافيِّ والفكريِّ لأمدٍ طويل، حتى ظهر الخَبَثُ، وطَفت على السطحِ حصيلةُ سنواتٍ طوالٍ من تكريس ثقافةٍ إعلاميةٍ وفكريةٍ مُناهضةٍ للشريعةِ الإسلامية، مُروِّجةً للإباحية، مُرسِّخةً لمبدإِ المساواةِ والاختلاطِ وسائرِ المبادئِ العلمانيةِ والغربية، كانت مُحصلتُها على كيان المرأةِ في النهاية أنْ اجتاحَه ذلك التهديدُ.. (وآلَ الأمرُ إلى الواقعِ المؤلمِ الذي عَبَّرَ عنه أحدُ الغربيينَ بقولِه: (إن التأثيرَ الغربيَّ الذي يَظهرُ في كلِّ المجالات، ويَقلبُ –رأساً على عقِبٍ– المجتمعَ الإسلاميَّ، لا يبدو في جلاءٍ أفضلَ مما يبدو في تحريرِ المرأة)(11)، ومن هنا فلا عجَبَ أن نسمعَ - بين الحين والحين - عن جرائمَ اجتماعيةٍ تُضاهي الجرائمَ التي تحدثُ في أورُبا وأمريكا من قتلٍ واختطافٍ واغتصابٍ وتشريد)(12).
سنواتٌ طويلةٌ من تدويرِ هذه النفاياتِ في قلوبِ وعقولِ الأمة.. سنواتٌ طويلةٌ بدءًا من رمي البذورِ الخبيثةِ بأيدي دعاةِ "التنويرِ والتحرير"!.. ثم يَسقيها مكرُ الليلِّ والنهارِ بأيدي العلمانيةِ والتغريب.. مرورًا باشتدادِ العودِ.. وحتى طُرحت أخيرًا الثمارُ الـمُرةُ، وأوقعت الضحايا وتفجرتْ في زمنِ العولمةِ والانفتاحِ كأبشعِ ما تكونُ شجرةٌ خبيثةٌ اجتُثت من فوقِ الأرض ما لها من قَرار.
ها هي (ضحيتُهم)(13) تصيحُ بهم: (وامعتصماه)!.. فما كان جوابُ حالِهم إلا أن قالوا لها: ما ثَمَّ معتصمٌ يُغيث!.. وما كان لنا عليكِ من سلطانٍ إلا أن دعوناكِ فاستجبتِ لنا!
لا يُلام الذئبُ في عُدوانِه.. إن يَكُ الراعي عدوَّ الغنمِ!
هل اكتشفتْ هذه المرأةُ أن دعواتِهم لم تكن آمنةً ومضمونة، ورأت كيف اضطُرت هذه المنظومةُ لمَّا انكشف عوارُها أن تُعلنَ عن فشلِها -بطريقةٍ غيرِ مباشرة– في تحقيقِ الأمنِ للمرأةِ التي نادَوا بها، وتحاولَ أن تداري سوءَتها -ولن تستطيعَ!- بترقيعاتٍ وحملاتٍ مثل: (شارعٌ آمنٌ للجميع) و(تفعيلُ قانونِ العقوبات) والبحثُ عن (أمنِ المرأةِ الإنساني)، و(حملةُ المليونِ توقيع)... إلخ.
أيَّ أمنٍ يريدونَه لها؟!.. وقد أراقوا بأيديهِم ماءَ وجهِها وأعدموا حياتَها.. هلا اعترفوا بفشلهِم الذي حققوه وإفلاسِهم الذي جمعوه لها؟! .. هلا اعترفوا أنهم قد أخذوا منها أكثرَ مما أعطوها.. وحرموها وما منحوها.. ودمروها وما حاموا عنها ولا حمَوها.. وأنَّ دعواتِهمُ التحرريةَ تلك ما جرَّت عليها إلا الكبتَ والخراب، والمشاكلَ النفسيةَ والاجتماعية، وما لا حدَّ له من غمٍّ وضيقٍ وهمومٍ وأحزان!
ويبقى السؤال: هل يكفي القانونُ لحمايتِها؟!.. لاشكَّ أن له دَورٌ في الضبط، ولكنه مثلَ دَورِ الأبتر.
إذ هل تراه يسيرُ معها ليحميها في كل شارعٍ ومكتبِ عملٍ وقاعةِ درسٍ وزقاقٍ تدخلُه؟!.. وحتى لو فُرض أن عيَّنوا حارسَ أمنٍ خلفَ كلِّ امرأةٍ تخرج من بيتِها؛ أتُراها تَسلمُ منه أو يَسلمُ منها؟! (14).
أنَّى للبشرِ أن يَصلوا إلى حلٍّ شاملٍ ورادعٍ لهذه الظاهرةِ وهم بعيدون عن نورِ اللهِ تعالى، أم تُراهم يُضيفون بقوانينِهم تلكَ مأساةً جديدةً للإنسانية، فإنَّه يكفينا ما أصابنا من شؤمِها جرَّاءَ اقصاءِ أحكامِ الشريعةِ الإسلامية عنها!
قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:123-124]. والمجتمعاتُ الإسلاميةُ أيضا ينالُها من هذا الشقاءِ بقدرِ إعراضِها عن الله تعالى.
(إن المجتمعَ الذي لم يتحلَّ بالقِيم يتحوَّلُ إلى غابة، والطبعُ إذا لم يرتبطْ بالسلوكِ الرفيع يتحولُ إلى همجية، والحياةُ إذا لم يضبطْها قانونٌ من السماءِ تتحولُ إلى فوضى. هكذا بدأتِ العلمانيةُ بتقويضِ أركانِ المجتمعِ عندما زعمتْ أنَّ تحريرَ المرأةِ يقتضي انسلاخَها من دينِها، وخروجَها على قانونِ السماءِ الذي يضبطُ الحياة)(15).
طوقُ النجــاة!
***
إنَّ هذا البلاءَ الذي ظهرَ في المجتمع، وهذا الشقاءَ الذي آلَ إليه حالُ بعضِ النساءِ يؤكدُ الحاجةَ الماسَّةَ إلى طوقِ نجاةٍ، وحِرزِ أمان، ورُكنٍ حصين، وملاذٍ أمين، ينتشلُ الناسَ مما غرقوا فيه، ويهديهِم إلى الطريقِ المستقيم الذي حادَ عنه الإنسانُ منذ أن قدَّسَ عقلَه وألَّه هَواه، وحادَّ وحيَ ربِّه وسلى عنه.
{أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثية:21].
وإن "التدابيرَ الوقائيَّةَ" لتأمينِ المرأةِ إذا خرجت من بيتها، والضماناتِ التي تنالُها، في ظل (المنظومةِ الإسلاميَّة) موثوقةٌ ووفيرة –كما سنُبينه- مما يجعلُها بحقٍّ طوقًا للنَّجاة، ولعلها من الوَفرة والغِنى بمكانٍ يجعلُ من العسير جدًّا حصرَها أو تعدادَها بالسردِ والتفصيلِ في هذا الموضع، لذا نكتفي هنا ببعض الومضات.
بعيدةٌ هي عن (الأذى) ؛ إذا...!!
***
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:59].
كلُّ شيء بعيدًا عن الإسلامِ وخارجَ نطاقِه متهالِكٌ ولا بُدَّ..
انظُر كيف جعلَتها المنظومةُ التحررِيةُ الغربيةُ (أَمَةً) تتعرضُ لأبشع أنواعِ الإيذاء.. بينما جعلها الإسلامُ حـرَّةً مصونةً لمَّا أمَرها بإدناءِ الجلباب..
أين هي القوانينُ الرادعةُ (الموضوعةُ) التي ستحمي المرأةَ، بجانب ما ضمِنه اللهُ تعالى لها في قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}؟!.. وأيُّهما أحكَمُ وأضمَنُ للمرأةِ وللمجتمع ؟! وأين الثرى من الثريا؟!
{ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ}: (أي أولى وأجدرَ وأقرب بأن يُعرفن أنهن عفيفاتٌ(16) شريفاتٌ، غيرَ متطلعاتٍ لريبة، قاصراتِ الطرف، راضياتٍ بالتُّقى، لا يتطلعن إلى الفاحشةِ ولا مُقدماتِها ولا دواعيها، مُنضبطاتٌ في سلوكِهِن الذي هو في غايةِ الحرصِ والحذر، فتنقطعُ الأطماعُ عنهُن، بخلافِ التبذُّلِ والتكشُّفِ والسفورِ فهو داعيةٌ إلى نظرِ الرجال إليهنَّ وتشعُّبِ الفكرةِ فيهنَّ، والمرأةُ إذا كانت غايةً في التستُّرِ والانضمامِ والصيانة، لم يُقْدَمْ عليها بخلافِ المتبرجةِ أو المُتبذِّلةِ، فإنها مطموعٌ فيها).
{فَلَا يُؤْذَيْنَ}: (لا يؤذيهِنَّ أهلُ الريبةِ والفُساقُ بالتعرض لهن، فلا يُتعرضْ لهن، ولا يَلقَيْنَ ما يَكرهْنَ، وهو نصٌّ على أن معرفةَ محاسنِ المرأةِ إيذاءٌ لها ولغيرِها بالفتنةِ والشر، ولذلك حرَّم اللهُ تعالى عليها أن تُظهِرَ من بدنِها ما تُعرف به محاسنُها أيًّا كانت، ودلَّ أيضًا على وجودِ أذِيةٍ إن لم يحتجبْنَ، وذلك لأنهنَّ إذا لم يحتجِبنَ ربما ظُنَّ أنهنَّ غيرَ عفيفاتٍ فيَتَعرضُ لهن من في قلبِه مرضٌ فيؤذيهنَّ وربما استُهينَ بهنَّ، فالاحتجابُ حاسمٌ لمطامعِ الطامعين). (17).
ويقولُ العلامةُ أبو الأعلى المودوديُّ رحمه اللهُ تعالى: (المرادُ بقوله: {يُعْرَفْنَ} أنَّ كلَّ من يَرَاهُنَّ في هذا اللباسِ الوقورِ المحتشمِ غيرِ المُزينِ يَعرف أنهن شريفاتٍ حرائر، لا أوباشَ متهتكاتٍ متبذلاتٍ فيطمعُ أيُّ مستهترٍ خليعٍ في أن ينالَ منهن مرادَه).
ثم قال في سياقِ كلامِه عن هذه الآيةِ الكريمة: (ويَظهرُ من هذا تِلقائيًّا أنَّ هذا الأمرَ صادرٌ إلى النسوةِ اللاتي لا يتلذذنَ بمعاكسةِ الرجالِ لهن، وحمْلَقَتِهم في وجوهِهِنَّ وأجسامِهِن، ورغبتِهم فيهن، بل يتألَّمنَ ويتأذَّين، هؤلاءِ الشريفاتِ الطيباتِ يقول اللهُ لهن: إن كنتنَّ تُردن أن تُعرَفنَ بهذه الصفةِ فِعلاً، وإن كان اهتمامُ الرجال بكُن، ورغبتُهم فيكُن لا يَلِذُّ لَكنَّ حقيقةً، بل يؤذيكُنَّ ويؤلمُكُن، فليس السبيلُ إلى ذلك أن تَخرجن من بيوتِكُن مُتزيناتٍ كعروسٍ ليلةَ زفافِها، وتُظهرن جمالَكن وحُسنَكن بَراقًا أخاذًا كأحسنِ ما يكونُ أمامَ الأعينِ الطامعةِ الجائعة، بل إن أفضلَ سبيلٍ لهذا الغرضِ أن تخرُجنَ خافياتٍ زينتِكنَّ كلَّها في جلبابٍ مُسدَلٍ غيرَ مُزين، وتضربنَ النقابَ على وجوهِكُن، وتمشينَ بطريقةٍ لا يَلفتُ نظرَ الناسِ فيها إليكُنَّ شيءٌ حتى ولا صوتُ حُلِيِّكن.
إن المرأةَ التي تتزينُ وتتهيأُ قبل خروجِها، ولا تُخرجُ قدمَها من منزِلِها قبلَ أن تكونَ قد وضعت أصنافًا وألوانًا من المساحيقِ والخطوط، لا يُمكن أن يكون غرضُها من هذا سوى أنها تريد أن تلفتَ إليها نظرَ الرجالِ وتدعوهُم هي نفسُها إلى الالتفاتِ إليها، والاهتمامِ بها، والرغبةِ فيها، فإن قالت بعدَ ذلك إنَّ النظراتِ الجائعةِ العطشى تؤذيها، وتضايقُها، فليس ذلك منها غيرَ خداعٍ ومكر.
إنَّ قولَ الإنسانِ لا يُحددُ نيَّته، بل إنَّ نيَّتهُ الحقيقيةَ هي التي تختارُ، وتحددُ شكلَ عملِه، ومن ثَمَّ فالمرأةُ التي تجعلُ نفسَها شيئًا لافتًا للنظر، ثم تمشي أمامَ الرجال، فيفضحُ فعلُها هذا الدوافعَ التي تَكمنُ خلفَه، والمحركاتِ التي تعملُ وراءَه، ولهذا يتوقعُ طلابُ الفتنةِ منها نفسَ ما يتوقعونه من امرأةٍ من هذا الصنف)(18).
شُبهةٌ.. وَرَد!
***
ثَمَّ شبهةٌ برزت هنا من لَيِّ أعناقِ الحقائقِ والتلاعبِ بالكلمات، ترمي لترسيخِ أركانِ الباطل، وفَرْضِ قِيَمِ الفسادِ، والطعنِ في الشريعة، والإرجافِ بين الناس، وردَّدها البعض.
مفادُها: أن الحِجابَ لا يحمي المرأةَ كما تزعمون، وأن كثيرًا من المحجباتِ والمنتقباتِ يتعرضن لأنواع الأذى كالمتبرجاتِ سواءً بسواء! .. وظهرت دراسةٌ تؤكدُ ذلك(19) والمشاهداتُ تؤيدُه، وبهذا سقطت حُجة الذين ينادون بالحجابِ، ويدندنون "بالدُّرِ المكنون"!!
وحول ذلك طَبَّل العلمانيونَ وزمَّروا!
والرد: أيَّ حجابٍ تقصدون؟!.. أهو حجابُ الموضة، أم الحجابُ العصري، أم العباءةُ المُخصَّرة،، أم نقابُ العينينِ الفاتنتين؟!! أم هو المدعُوُّ "محتشمٌ" بلا هوية؟!
فلتعلمْ أيُّ امرأةٍ "متحجبةٍ" تعرضت لهذا الأذى أنَّ في حجابِها ذلك نوعُ نقصٍ أو خلل!.. أو أنها حادتْ عن السلوك الصوابِ، ولم تعُد في الحِرزِ والحجابِ الذي أمر اللهُ تعالى به!
ومن قال إن الحجابَ تغطيةُ شعرِ الرأسِ فقط؟! أو أنَّه مظهرٌ بغير جوهر؟! بل هو عقيدةٌ وسلوكٌ وثقافةٌ وشيءٌ راقٍ لو طُبِّقَ على أصولِه!
إن الإشكاليَّة الأولى تكمن في استخدامِهِمُ المُبهَمِ لكلمةِ "حجاب"!.. ولا يَخفى أنَّ هناك ضوابطٌ وشروطٌ للحجابِ الشرعيِّ الصحيح، تَفُكُّ ما أَبهموه!
فإن الأذى الواقعَ على بعضِ النسوةِ بعدما أحدثْنَه وابتدعْنَه في حجابِهِن من أُمورٍ ما أنزل اللهُ بها من سلطانٍ ليس مَدعاةً للتعجبِ أبدًا، فإن الجزاءَ من جنسِ العمل!.. حتى إن بعضَ النساءِ تلبسُ حجابَها ولا تقتصرُ على الإخلالِ ببعض شروطِه فحسب، بل تتفننُ أيضًا في تزيينِه وتجميلِه، حتى يصيرَ "حجابًا" بحاجةٍ إلى حجاب.. أو تبَرُّجًا أشدَّ سفورًا من العُري!.. فأنَّى يَسلَمْن من الأذى!
فبفرضِ وقوعِ ذلك الذي "ادَّعَوه" - إذ لم نُسَلِّم لكم بأقاويلِكم وأبحاثكم التي لا تخلو من أكاذيبَ ومزايداتٍ لا تخفى أغراضُها الدنيئةُ - على صاحبةِ الحجابِ الذي "أبهمُوه" أيًّا كان شكلُه؛ فإن الخطأَ ومَكمَنَ الخللِ والتقصيرِ - بلا ريب - في التطبيقِ وأهلِه، مما يُسهمُ في تشويهِ المسلكِ القويم، وليس في شريعةِ الحكيمِ العليم.
ثُم مَن الذي زعمَ أن الحجابَ منفردًا هو العاملُ الوحيدُ الحاسمُ الذي يحمي المرأةَ في ظلِّ (المنظومةِ الإسلاميَّة)، حتى تَسحبوا الاتهامَ بالفشلِ - بسبب تقصيرِ بعضِ النساءِ فيه - على المنظومةِ الإسلاميةِ كلِّها، محاولينَ إسقاطَها والتشكيكَ في جدواها للمرأة بهذا الافتراءِ والإرجافِ الخبيث، بل إن سلوكَ المرأة، وأخلاقَها والتزامَها بآدابِ الطريقِ، والتدابيرَ الوقائيةَ التي أحاطتها بها الشريعةُ من كلِّ جانب، وقُربِها من ربِّها عز وجل، وتَعلُّقَ رجائِها به - كما سنبينُ بعد قليل -، كلُّ ذلك له دَورٌ أيضًا في أمنِها إذا خرجت من بيتِها.
وعلى جانبٍ آخرَ يظهرُ سببٌ آخرُ لهذه البلية، في حالةِ بعضِ النساءِ اللاتي يُفاجَأن بها في الحقيقةِ، والسببُ هو الغفلةُ والجهلُ منهن بنصوصِ الشريعةِ وتفاصيلِ أحكامِها، التي وضعتْ "الأسلاكَ الشائكة"، وضوابطَ الخروجِ من المنزل، ووضعتْ حدودَ التعاملِ مع الرجال، مما جعلهنَّ ذلك الجهلُ في سذاجةٍ من أمرِهِن وغفلةٍ عن طبائعِ الرجالِ وطبيعةِ خُلقِهم، مما يُظهرُ حكمةَ هذه النصوصِ والآدابِ لمن تأمَّلَ وتدبرَ وعمل بها.
ومن "التدابيرِ الوقائيَّةِ" أيضًا.. على سبيل المثالِ والإجمال:
- الدعاء!، فهو أحدُ العواملِ التي توفرُها (المنظومة الإسلاميَّة) للمرأةِ لتحقيقِ أمنِها، ولا تجده المرأة خارجها!، الأمرُ الذي يُسهمُ في إحساسِ المرأةِ بالأمنِ إذا خرجتْ من بيتِها بشكلٍ كبير، {ألا بِذِكر اللهِ تَطمئنُّ القلوب}، فتقولُ هي عندَ الخروجِ من المنزل: (بسم الله، توكلتُ على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله)(20)، (اللهم إني أعوذُ بك أن أَضِلَّ أو أُضَل، أو أَزِلَّ أو أُزَل، أو أَظلِمَ أو أُظلم، أو أَجهلَ أو يُجهلَ عليَّ)(21).
وتقولُ في أذكارِ الصباحِ والمساء: (اللهم إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفوَ والعافيةَ، في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استُرْ عوراتي، وآمِن رَوْعَاتي، اللهم احفظني من بين يَدَيَّ، ومِن خَلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذُ بعظمَتِك أن أُغتالَ من تحتي)(22).
- الحجابُ الشرعيُّ السابغ، معَ كمالِ السترِ للوجهِ والكفين، فلا شكَّ أن هذا مما تتضحُ أهميتُه في هذا المقامِ والزمان وتتأكد(23).
- النهيُ عن الخُلوةِ والاختلاطِ المُحرَّم.
- الحثُّ على القرارِ في البيت.
- الحثُّ على التزامِ السلوكِ الإسلاميِّ في الطريق، وهذا يشملُ عدةَ أُمور، منها: غَضَّ البصرِ، وعدمَ التطيُّب، وعدمَ الخضوعِ بالقول، وضربَ الخمارِ على الصدر، والتزامَ حافةِ الطريق، والبعدَ عن الزحامِ ووسائلِ المواصلاتِ غيرِ الآمنة، وأن يكونَ كلامُها مع الرجالِ – إذا تكلمت - مُختَصرًا موضوعيًّا وبحدود.. إلى آخرِ تلك الأخلاقِ والآدابِ الإسلاميةِ الرفيعة.
فَتِّش عن الثغرة!
***
(والآن نستطيعُ –بكل قوةٍ- أن نَجزمَ بحقيقةٍ لا مِراءَ فيها، وهي أنكَ إذا وقفتَ على جريمةٍ فيها نُهِشَ العِرضُ، وذُبِحَ العفافُ، وأُهدِر الشرفُ، ثم فتشتَ عن الخيوطِ الأولى التي نَسجتْ هذه الجريمة، وَسَهَّلتْ سبيلَها، فإنكَ حتمًا ستجدُ أن هناك ثغرةً حصلتْ في "الأسلاكِ الشائكةِ" التي وضعتها الشريعةُ الإسلاميةُ بين الرجالِ والنساء، ومن خلالِ هذه الثغرةِ... دخل الشيطان!!)(24).
(ولو أنَّ المرأةَ التزمتْ درجةَ الحجابِ المُثلى وقرَّت في بيتِها ولو أنها احتاجت للخروجِ فخرجت حَجبت كلَّ بدنِها عن الأجانبِ لَمَا كان لهذه الفتنِ مكانٌ في حياتِنا)(25).
الأمنُ منحةٌ ربانيَّـةٌ.. ضلَّ من يطلُبُها من غير هذا الطريق!!
***
يقول ربنا الحكيمُ العليم :
{فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام:81-82].
فأيُّ الفريقين أحقُّ بالأمنِ: منظومةُ (المرأةِ الجديدة)، أم منظومةُ (المرأةِ المسلمة)؟!..
(المنظومة التحرريَّة)، أم (المنظومة الإسلاميَّة)؟!
(في هذه الآيةِ الكريمةِ رَبْطٌ واضحٌ وعلاقةٌ قويةٌ بين رسوخِ عقيدةِ التوحيدِ في النفسِ البشريةِ وبين الأمنِ والاطمئنان؛ أما الذين لم تُخالطْ عقيدةُ التوحيدِ قلوبَهُم، ولم تملأْ نفوسَهُم فلن يشعروا أبدًا بذلك الاطمئنانِ والأمنِ النفسي؛ فهُمْ في الدنيا وَجِلُونَ من سَخَطِ الله، وفي الآخرةِ ينتظرُهم عذابٌ من الله أليم، ويَظلون طولَ حياتِهِم يخافون من المستقبلِ المجهول، ولا يعرفون معنىً لوجودِهم في هذا الكونِ الرحيب. والملايينُ الضالةُ في العالمِ الماديِّ فقدت الأمنَ والاطمئنانَ عندما مُسختْ فطرتُها؛ ومهما لَهثتْ وراءَ ذلك فلن تحصلَ عليه؛ فذلك الأمنُ منحةٌ ربانيةٌ للذين آمنوا ولم يَخلطوا إيمانَهم بشرك؛ هكذا تُرشدُنا الآيةُ القرآنية؛ وذلك نوعٌ من التحدي والإعجازِ القرآني للبشرِ على مدى العصور) اهـ (26).
فهل يمكنُ تحقيقُ الأمنِ بعيدًا عن هذه الآيةِ الكريمة؟!.. لا شك أن العلاقةَ جِدُّ وثيقةٌ بين أمنِ المرأة وحِرصِها على الإيمانِ علمًا وعملاً، عقيدةً وسلوكًا، وأنَّ من كمالِ تحقيقِ التوحيدِ والإيمانِ البُعدُ عن المعاصي والنواهي الشرعيةِ بكلِّ صورِها.
فالظلمُ المقصودُ يفسرُه لنا العلامةُ السعدي - رحمه الله – فيقول: ({أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ}الأمنُ من المخاوفِ والعذابِ والشقاء، والهدايةُ إلى الصراطِ المستقيم، فإن كانوا لم يلبِسوا إيمانَهُم بظلمٍ مُطلقًا لا بشِركٍ ولا بمعاصٍ؛ حصل لهم الأمنُ التامُّ والهدايةُ التامة .. وإن كانوا لم يلبسوا إيمانَهم بالشركِ وحدَه ولكنهم يعملون السيئاتِ حصلَ لهم أصلُ الهداية وأصلُ الأمن وإن لم يحصُلْ لهم كمالُها)(27).
فمن لم يخلطْ إيمانَه بظلمِ الشركِ أو المعاصي، وجاهدَ في مَحوِهِما من حياته، ثم أخذ بالأسبابِ الأخرى، مُنِح مِنحةَ الهدى والأمان.
(فالأمنُ مِنحةٌ ربانيَّةٌ يهبُها الحقُّ سبحانَه وتعالى لِمَن حقَّقَ الإيمانَ وصُبغتْ حياتُه بصبغةٍ إسلاميةٍ {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة:138].. وإنَّ العواملَ الداخلةَ في تحقيقِ هذا الأمنِ ليست عواملَ ماديةً فحسب، وإنما العاملُ الأولُ هو الالتزامُ بعقيدةِ التوحيدِ على مستوى الفردِ والجماعةِ سواءً بسواء)(28).
وفي ضوءِ هذه الآيةِ الكريمةِ نجدْ أن العبءَ الأكبرَ يقعُ على المرأةِ نفسِها في تحقيقِ أمنِها قبل أن يقعَ على المجتمعِ أو القانون!
ومن السذاجةِ والبلاهة أن تسعى في تطلُّبِهِ من قوانينَ مقفِرةً وضعيِّة، أو بمظاهراتٍ وهتافاتٍ غوغائيِّة!
ففي ظلالِ (المنظومةِ الإسلاميَّة) الوارفةِ يسهلُ على (المرأةِ المسلمة) أن تحصلَ على حقوقِها وأمنِها واطمئنانِها من طريقٍ أقربَ بكثيرٍ من طُرقِهم!.. وأن تنعمَ بالأمنِ المنشودِ في ظلِّ ما تُقدمُه لها هذه المنظومةُ من منهجِ حياةٍ متكامل، وتدابيرَ وقائيِّةً، وما كفلته لها من ضماناتٍ، وملاذٍ آمن، ومُعتصَمٍ أمين.
فكلَّما كانت المرأةُ المسلمةُ مطيعةً للهِ ورسولِه، يحكمُ التوحيدُ حياتَها كاملةً، بعيدةً عن المعاصي كالتبرجِ والسفورِ والاختلاطِ والأخلاقِ المرفوضة، ملتزمةً بآدابِ الإسلامِ وتعاليمِه.. كلَّما تحققَ لها الأمنُ على قَدْرِ ذلك.
وكلما كان المجتمع مجتمعًا إسلاميًّا يحكم الإسلام حياته، كلما نالها من الأمن على قدر ذلك.
فبُعدًا للمنظومة التحرريَّة، وهنيئًا لمن آمنت والتزمت بشرعِ ربِّها، وبتعاليمِ الإسلامِ وآدابِه الرفيعة، وجديرٌ بها أن يُبدِلَها ربُّها من بَعد الخوفِ أمنًا، ومن بعد الظُلمةِ نورًا.. كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}[النور:55].
من الظلماتِ إلى النور!
***
إنَّ هذه الآدابَ والأخلاقَ الإسلاميةَ الرفيعةَ التي اشتملت عليها (المنظومةُ الإسلاميَّة)، وكفلتها للمرأة والمجتمع، تُحارَبُ ليلَ نهارٍ من قِبلِ (المنظومةِ التحرريَّة الإباحيَّة)، بالكلمةِ الخليعة، والصورةِ الماجنة، والفكرةِ الفاسدة، وبوسائلَ شتى، حتى طُمست معالمُ الحياء، واضمحلَّ الأدبُ، ورقَّ الدينُ في قلوبِ الكثيرين إلا من رحمَ ربي، ونتجت في النهاية هذه الثمار الخبيثة.
وإن (المرأةَ المسلمة) في ظل (المنظومةِ الإسلاميَّة) تعيشُ في ظلالٍ وارفةٍ من الأمان والاطمئنان، هانئةَ البال، ساكنةَ النفس، مطمئنةَ الخاطر، لا تعاني من قلقٍ أو خوفٍ أو مشاكلَ نفسية، ولا تهددُها غمامةٌ سوداءُ من الهواجس المخيفة، ولا تخشى من هذا الخطر.
ولِمَ لا.. وقد عمِلت بمُراد اللهِ تعالى منها، وامتثلتْ لتعاليمِه، ففي المقابلِ هي واثقةٌ بحفظ اللهِ تعالى لها، كما وعَدها بـ (احفظ الله يحفظْك)، و (أنا عند ظنِّ عبدي بي)، تتعبدُ للهِ تعالى بمقتضى أسمائِه وصفاتِه، فهو "الحفيظُ" الذي حفظ أولياءَه في الدنيا والآخرةِ ونجّاهم من كل أمرٍ خطير، "المؤمنُ" الذي أمَّن أولياءَه من خزيِ الدنيا ووقاهُم في الآخرةِ عذابَ الهاوية، "الوليُّ" للمؤمنين فلا غالبَ لمن تولاه.
وتتعبدُ له باتباعِ أوامِره واجتنابِ نواهيه، موقنةً بخيريَّة هذه التعاليمِ على كل تعاليمِ الأرضِ ومنظوماتِ البشر، ودساتيرِهم، وقوانينِهم.
فأنَّى لمثل من تكونُ هذا حالُها أن تشعرَ بالخوفِ والقلقِ وعدم الأمان؟! وهي تنعمُ بولايةِ خالِقها لها، ومعيتِه أينما حلتْ وارتحلت، {وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[آل عمران:101].
ها هو الفرقُ بين (المنظومةِ العلمانيَّةِ الغربيَّةِ التحرريَّة) و(المنظومةِ الإسلاميَّة)، فرقٌ بين الثرى والثريا، بين الظلماتِ والنور، والظلِّ والحَرور، بين الشقاءِ والسعادة، بين الخوفِ والأمن، بين فقرٍ مُدقعٍ تستقي (المنظومةُ العلمانيَّةُ التحرريَّة) تعاليمَها ووعودَها منه، وكنزٍ غنيٍّ وافرٍ تستقي (المنظومةُ الإسلاميَّة) تعاليمَها منه.
إن عدمَ توقُّعِ المشروعِ العلمانيِّ لنتائجِ هذه المنظومةِ وثمارِها المُرةِ الخبيثةِ قبل أن تحدث؛ لهي صفعةٌ ذاتيةٌ قويةٌ في وجهِه، ودليلٌ بليغٌ على فشلِه وسذاجتِه، وعدمِ صلاحيتِه لأنْ يُعتبرَ نظامًا مؤهلًا لقيادةِ الحياةِ والمجتمعِ نحو التقدمِ والتنميةِ في الماضي والحاضرِ والمستقبل .. أما إن كان قد توقَّعَ هذه النتائجَ من قبل، وسكت عنها، ولم يُحذِّر منها وهو شاهد، فهو حينئذٍ متهَمٌ بالخيانة الكبرى والعمالةِ لغير صالحِ الوطن.
الهامش:
_____
1- (المرأةُ الجديدة): إشارةٌ إلى كتاب قاسم أمين المشهور، ويرمز المصطلح في هذا المقال إلى "المرأة المتحررة" باعتبارها نسقًا وكيانا نادى به دعاة "تحرير المرأة" في المجتمع، ويرمز أيضًا إلى المرأة ذاتها التي انساقت لهذا النسق سواءً برضاها، أو جهلاً منها.
2- (المنظومة التحرريَّة): ترمزُ في المقال إلى نظامِ ومنهج الحياة الذي أراده التوجهُ الليبراليُّ أو العلمانيُّ الغربيُّ ودعاةُ "تحريرِ المرأة" للمرأةِ وللمجتمع كله، فأضحت المرأةُ داخلَها متأثرةً بعدة عواملَ مجتمعةٍ فرضتها أجندةُ "المنظومةِ التحررية"، وكذلك أضحى المجتمعُ متأثرًا بعدةِ عواملَ فرضتها هذه المنظومة.
3- ((شارعٌ آمنٌ للجميع): حملةٌ أطلقها المركزُ المصري لحقوق المرأة ECWR بالقاهرة، بدأت عام 2005 لمحاربة ظاهرة التحرش بالمرأة)!
http://ecwronline.org/index.php?option=com_content&task=view&id=122&Item
4- مثالٌ لهذا التغير: (التحولُ نحو النموذج الرأسمالي، وما تبعه من تحولاتٍ قيَميةٍ، منها سيادةُ قِيَمِ المادةِ والربحِ والفردية، وهى القِيَمُ التى تجعلُ إمكانيةَ انتهاكِ الآخرينَ والتعدي عليهم أكبر) خالد عبد الرسول، جرائمُ الاغتصاب وهتكِ العِرض فى مصر، أحوالٌ مصرية، العدد 25، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة، صيف 2004م، ص 58.
5- (إن قضيةَ التحرشِ لم تظهر فجأةً، بل هي قضيةٌ تراكميةٌ لها جذورٌ عميقةٌ بدأت منذ بداية الانفتاحِ الاقتصاديِّ وما صاحبَه من انحلالٍ أخلاقيٍّ وانهيارٍ للقيم، وإن هذه النتيجةَ كانت متوقعةً حين أخذ السوسُ ينخرُ في البنيةِ الأخلاقيةِ للمجتمعِ التي تُمثل حائطَ الصدِّ أمام القيم الإباحيةِ الوافدةِ والسلوكيات الشاذة؛ فبدا أن الإعلامَ الفاسدَ والفنَّ الهابطَ مرْضيٌّ عنه ولا يجدُ من يوقفُه أو يتصدى له) د.أماني أبو الفضل، المديرةُ التنفيذية للمركز المصري لرصدِ أولوياتِ المرأة (مرام)، المصدر: موقع إسلام أون لاين.
http://www.islamonline.net/arabic/Cyber_Counselor/bigHouse/2007/01/02.shtml
6- الأبعادُ الاجتماعيةُ للتحرش الجنسي في الحياة اليومية، دراسة ميدانية على الشبكة، (ص 21)، بتصرف.
7- (ينبغي ألا نلقي باللوم على الخطاب الإسلامي؛ لأن الدعاةَ يقومون بدورِهم، ولكنَّ الإعلامَ الهابطَ يجعلُ هذا الخطابَ بلا مردودٍ إيجابيٍّ بسبب قوةِ ما يملكُه من وسائلِ التأثيرِ، ومطاردتِه للناس طوالَ ساعات اليوم). د. أماني أبو الفضل، المديرةُ التنفيذية للمركز المصري لرصد أولويات المرأة (مرام)، المصدر: موقع إسلام أون لاين.
http://www.islamonline.net/arabic/Cyber_Counselor/bigHouse/2007/01/02.shtml
8- (الإعلام بوسائلِه المختلفةِ المقروءةِ والمسموعةِ والمرئيةِ يلعب دورًا مؤثرًا في نفوس مشاهديه؛ حيث يُكسبهم توجيهاتٍ معينةٍ لا تلبثُ أن تصبحَ قوالبَ موجِّهةً لسلوكياتِهم، إنه يعملُ على ترسيخِ بذورٍ ثقافيةٍ وقيمٍ بديلة، ذلك أن الإعلامَ المرئيَّ أباح ولا يزالُ يبيحُ لنفسِه (باسم الجانب الترويحيِّ من رسالته وبفعل الجانبِ الاقتصاديِّ من نشاطه) السخريةَ من الكثير من المقدسات الاجتماعية، وقد جاءت معظمُ هذه السخريةُ شديدةَ الفجاجةِ بما يتناسبُ مع فجاجةُ الذوقِ في الكثيرِ من الأعمال التمثيلية لدينا، ومِن ثَمَّ فقد أسهمت ولا تزالُ تُسهم بقوةٍ في مزيدٍ من إفسادِ مناخ التنشئةِ الاجتماعية لدينا بصورةٍ عامة، هذا بالإضافة إلى الإعلاناتِ وما تَعرض من ثقافاتٍ بديلةٍ للقيم الأخلاقية الثابتة، وأمامَ هذا الوابلِ من الغناءِ المعنوي الفاسدِ اللاأخلاقي يُصبح من المحال على النفوس ألا تمرض) أحمد مجدى حجازي، أزمة القيم، مجلة الديمقراطية، العدد التاسع، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة، يناير 2003م، ص 58.
9- عولمةُ الإباحية.. (تُلفت د. منال أبو الحسن -المسئولةُ الإعلامية باللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، ومُدرسة الإعلام بجامعة الأزهر- الانتباهَ إلى هذا العامل المهم: وهو محاولاتُ الأمم المتحدة عولمةَ القضايا الجنسية. حيث غلَّفتْ كلَّ ما يخصُ هذه القضايا بإطارٍ من الحرية والتمكين وأصبح من متطلباتِ العولمة فرضُ تلك الأجندةِ التي هي في الأصل منظومةُ الغربِ الإباحية من خلال مواثيقِ الأمم المتحدةِ الخاصةِ بالمرأة والطفل.
وتضيفُ أن المنظمةَ الدولية تقوم بإلزامِ الدولِ الأعضاءِ بتنفيذ بنودِ تلك المواثيقِ وتطبيقِها على مستوى كافةِ مؤسسات هذه الدول دون اعتبارٍ للدين ولا للقيم المجتمعية، والتي تمثلُ من وجهةِ نظرِهم العائقَ الأساسَ للتطبيق، مشيرةً إلى أن هذه المواثيقَ تُركزُ على المطالبة بتغيير المناهجِ الدراسيةِ للأطفال والمراهقين لتلبيةِ هذه المتطلبات..
وتؤكدُ على أن بعض وسائلِ الإعلامِ العربيةِ الموالية للمنظماتِ الغربية تقوم بدورٍ أساسٍ في إيجاد حالةٍ من الإلحاحِ والضجيجِ لشد الجمهورِ نحو الأساليبِ الغربية للمعالجات الجنسية، سواءً من النواحي الثقافيةِ أو التعليمية أو القانونية أو السياسيةِ لكي يتبعَها المناقشاتُ والحواراتُ الثنائيةُ والجماعيةُ لإيجاد رأيٍ عامٍّ داعمٍ لتلك المنظومة الإباحية) المصدر: موقع إسلام أون لاين.
http://www.islamonline.net/arabic/Cyber_Counselor/bigHouse/2007/01/02.shtml
10- (إن هذا السلوكَ المنحرفَ يتصفُ بعدم الانضباطِ، وينقلُنا مفهومُ الانضباط وعدمُ الانضباط إلى مفهومين آخرين ارتبطا بهذا السلوكِ وهما مفهوما الانحراف وعدمُ الامتثال... ويظهرُ مفهومُ عدمِ الامتثال من خلال نظرية "ميرتون Merton" فى مجال البناءِ الاجتماعيِّ و"الأنوميِّ"، والتصنيفِ الذى قدمه "بارسونز Parsons" فى وصفه لميكانيزم الضبط الاجتماعي فى مواجهة الميول الانحرافية وإعادةِ التوازن إلى المجتمع، حيث أكد بارسونز على أن التنشئةَ الاجتماعيةَ من خلال الأسرةِ لا تستطيعُ وحدَها أن تتغلبَ على التوترِ والانحرافِ فى العلاقات الأمرُ الذي يؤدي إلى ظهور بعضِ العناصر السلبيةِ فى البناءِ الدافعي تؤدي بدورها إلى الانحراف عن المعايير القائمةِ، ولا بد أن يواجِهَ النسقُ هذه الأنماطَ الإنحرافيةَ بعملية الضبطِ الاجتماعي، وتصبحُ درجةُ الامتثال واحدةً من الدرجات التي توضحُ عودةَ النسق إلى التوازنِ ويصبحُ الانحرافُ هو عدم الامتثالِ للقواعد الضابطةِ للنسق). أحمد زايد وآخرون، العنف بين طلاب المدارس، التقرير الاجتماعي الأول، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 2004م، ص 21، بتصرف.
11- الإسلام في الغرب، جان بول رو (ص 178).
12- قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية – د.فؤاد بن عبدالكريم، (ص 54).
13- (لما وقعت فتنةُ الاختلاطِ بالجامعة المصرية، كان ما كان من حوادث يندى لها الجبين، ولما سُئِل "طه حسين" عن رأيه في هذا، قال: (لا بد من ضحايا)!! ولكنه لم يبين : "بماذا" تكون التضحية؟ وفي "سبيل ماذا" لا بد من ضحايا؟!). (المرأة المسلمة) لوهبي غاوجي الألباني (ص241). (وأيُّ ثمرةٍ يمكن أن تكون أغلى وأثمنَ من أعراض المسلمين؟!!)/ نقلاً عن: د. محمد إسماعيل المقدم، عودة الحجاب، مجلد "أدلة الحجاب" (ص 65).
14- العجيبُ أنني بعد أن كتبتُ هذه الكلمات قرأتُ خبرًا يفيد أن شيئًا من هذا حدث بالفعل أمام إحدى مدارس البنات التي كانت تشتكي من هذه الظاهرة فتم تعيينُ حرسٍ أمام المدرسة لحماية الطالبات، فما كان من حال هؤلاءِ الحراس مع الطالبات إلا ما ذكرت!
15- قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية – د.فؤاد بن عبدالكريم، (ص 55).
16- العفة: حصول حالةٍ للنفس تمتنعُ بها عن غلبة الشهوة، والمتعففُ: المتعاطي لذلك بضربٍ من الممارسةِ والقهر، انظر: "المفردات" للراغب (ص507).
17- الكلام في تفسير الآية: {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}، هو من مجموع كلام العلماء، بتصرف يسير.
18- العلامة أبو الأعلى المودودي – رحمه الله – تفسير سورة الأحزاب (ص165-167) بتصرف.
19-. دراسة أجراها المركز المصري لحقوق المرأة بعنوان "غيوم في سماء مصر"!
http://ecwronline.org/index.php?option=com_content&task=view&id=273&Item
http://ecwronline.org/index.php?option=com_content&task=view&id=274&Item
20- أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي في الكبرى، وغيرهم، وقال الترمذي: (حديث حسن غريب)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"، وفي تحقيقه "الكلم الطيب" لابن تيمية.
21- أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وغيرهم، وصححه الألباني في تحقيقه "الكلم الطيب"، وانظر: "السلسلة الصحيحة" (3163)
22- حسنه الحافظ ابن حجر، وصححه الحاكم، والذهبي، وابن حبان، والنووي، والألباني، ومحققا "الزاد". (أذكار وآداب الصباح والمساء، الشيخ محمد إسماعيل المقدم، ص12).
23- (يقول الشيخ أبو بكر الجزائري – حفظه الله - : الجلباب هو ما تضعه المرأة على رأسها، فكيف يقال لها: "أدنِ الجلباب من رأسك" وهو يغطيه؟! – يريد أنه يكون حينئذٍ تحصيل حاصل – وإنما تدنيه من رأسها لتغطي به وجهها، هذا هو المعقول والمفهوم من كلام العرب، ثم مجرد تغطية الرأس لا تمنع من المغازلة المخوفة!.. وإنما يمنع منها تغطيةُ الوجه بالمرة، أما كاشفةُ الوجه فإن النظرَ إليها ومنها يُسَهِّلُ المكالمةَ فالمغازلة، كما قال الشاعر الحكيم: نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ .. فكلامٌ فموعدٌ فلقاء)، فصل الخطاب في المرأة والحجاب، (ص: 38-39)/ نقلاً عن: د. محمد إسماعيل المقدم، عودة الحجاب، مجلد "أدلة الحجاب" (ص224)، بتصرف يسير.
24- د. محمد إسماعيل المقدم، عودة الحجاب، مجلد "أدلة الحجاب" (ص 65).
25- المصدر السابق، (ص131)
26- د. محمد البرزنجي، مدلولات الأمن الإسلامي في القرآن الكريم، مجلة البيان، العدد: 124
27- تفسير العلامة عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، سورة الأنعام، (ص 241).
28- د. محمد البرزنجي، مدلولات الأمن الإسلامي في القرآن الكريم، مجلة البيان، العدد: 124، بتصرف.
المراجع:
- عودة الحجاب، د. محمد إسماعيل المقدم.
- الأبعاد الاجتماعية للتحرش الجنسي في الحياة اليومية، دراسة ميدانية على الشبكة.
- قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية – د.فؤاد بن عبدالكريم.
- مقالات ودراسات متفرقة على الشبكة.