المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان وسطية أهل السنة والجماعة في صفات الله عز وجل بين طوائف المتكلمين



أبو القـاسم
08-28-2012, 04:49 PM
التأويل معناه :ذكر حقائق الأشياء أو ما تؤول إليه..
يقول الله عز وجل " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله . والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب"

حين يقول الله تعالى عن أهل الزيغ إنهم يتبعون المتشابه "ابتغاء الفتنة وابتغاءَ تأويله " :معنى ذلك أنهم يفعلون ذلك لأجل سببين ، الثاني منهما ابتغاء التأويل ، فدل : أن تأويلهم الذي يبتغون :صنيع مذموم منهم ولا سبيل لمعرفة حقيقته التي هو عليها لأنه قال "وما يعلم تأويله إلا الله " ثم استأنف وقال : (والراسخون في العلم يقولون : ..)..ولا يمكن أن يكون المقصود بالتأويل تفسير القران لأن الرسول(ص) وصحابته كانوا يبتغون التأويل بهذا المعنى الذي هو التفسير بل هو ممدوح مشروع مأمور به ، إذ لا يتحقق التدبر والعمل إلا بالفهم..فثبت أن المراد هنا : ابتغاء معرفة كنه الأمور المتعلقة بالغيب وكيفياتها وأخصها صفات الله تعالى : مما لا سبيل لمعرفته إلا من جهة الشارع الحكيم سبحانه..وليس للعقل فيها مجال..ولا مدخل ....

المتكلمون كلهم :ابتغوا التأويل المذموم ..وخاضوا في الفلسفيات اليونانية الدخيلة لمعرفة ما ينبغي لله وما لا ينبغي له ! ومن عجائب الدهر أن ينشأ في المسلمين من يطلب علم التوحيد من قواعد وضعها المشركون الفلاسفة ..ما لهم بذلك من علم وقد علموا أن الله قال محذرا : " وأن تقولوا على الله مالا تعلمون "! ، وأما المؤمنون فقالوا :آمنا به كل من عند ربنا

محاكمة :

1-قوم قالوا الله يستوي على عرشه كاستوائنا *..فهؤلاء ..مشبهة وقولهم ضلالة بينّة

2-وقوم قالوا : ليس ثم علو حقيقي على العرش (كالمعتزلة والأشاعرة )..فهؤلاء من أهل الزيغ بنص الآية وحقيقة قولهم تكذيب لله عز وجل ،ولو لم يشعروا بهذا ،فهم رادّون على الله قوله حتى زعموا أن ظواهر النصوص الإلهية تفيد معاني باطلة أو كفرية ! ، وقد أطبق أهل السنة في القرون الفاضلة على ذمهم والتحذير من مسلكهم الجهمي . حكى غير واحد الإجماع على هذا كالترمذي والدارمي وابن خزيمة وابن عبر البر وغيرهم ..

3-وقال آخرون "لا ندري ما الاستواء بمنزلة الألفاظ الجامدة التي لا تدل على معنى معلوم ..ومعنى قولهم على التحقيق ان تاتي مكان كل صفة وتضع فراغًا ! ..أو رمز لا معنى له يعرف ..وهذا شر ظاهر (وعليه مفوضة الأشاعرة) ..فيه نسبة خطاب الله الناسَ بما لا يفهمونه ..وهو محال وبخاصة لأن الله في هذه المواضع خاصة يذكر صفاته في معرض التمدح وسياق التمجيد الدال على إرادة لحاظ المعاني .

4-وقوم قالوا :وصف الله نفسه بأنه استوى على عرشه وأنه وأنه فنثبت ما اثبته لنفسه , ولا نكيّف , ونوقن ان لها كيفيات لا نعلمها لأن الله لم يطلعنا عليها ..فتأمل كيف حاز هؤلاء ان يكونوا اهل الحق وحق فيهم "آمنا به كل من عند ربنا " وكانوا عاملين بجميع ما ورد من نصوص دون تعطيل ولا تمثيل ولا تكذيب ولا تجهيل..وبينوا ان الاستواء له معنى معروف في لسان العرب وهو العلو ..وكذا بقية الصفات يدرك العقل منها معاني كلية اجمالية ذهنية بحسبها..كما يدرك الاعمى الذي لم يبصر قط حين يسمع من يقول :ذهبت إلى فلان, يدرك معنى كليا وإن لم يكن رأى فلانا من قبل..ويكلون علم الكيفية لله ولا يبتغون التقعر بهذه التأويلات الفلسفية ..بل قالوا سمعنا وأطعنا ، وجمعوا بين النصوص كلها, قجمعوا بين "ليس كمثله شيء" وبين"وهو السميع البصير" ، بين "ثم استوى على العرش الرحمن " و بين "فاسأل به خبيرا" وهكذا ..فثبت أنهم أهل الحق وهم أهل السنة والجماعة ..وغيرهم أهل البدعة والانحراف والضلالة والتحريف والزيغ
---------
* هذا مثال للفهم فقس عليه ، لأن صفة العلو من أبلغ ما تضافرت عليها الأدلة

قلب معلق بالله
08-29-2012, 01:16 AM
بارك الله فيكم