المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فلسفة الألم واللذة في اطار المقايضة و العدل ..(خاص بالنصارى)



ابن النعمان
08-30-2012, 02:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب

فلسفة الألم واللذة في اطار المقايضة و العدل

هناك علاقة بين الحكمة من خلق الألم واللذة في الإنسان وبين الخطيئة والعقاب فهناك حق و مستحق يتصلان بالعدل ومقايضة تتعلق بتبادل المنفعة بين الإطراف كما ان هناك مردود و مقابل ناتج عن العمل سواء كان خيرا أو شر , وفى إطار هذه المفاهيم إذا اقترف الإنسان خطيئة مقابل لذة ذاتية فلابد عليه من أن يدفع ثمن هذه الخطيئة بذاته لكونه هو الذي تلذذ وتمتع , ومن الطبيعي أن يكون لكل شيء ثمن والثمن بديهيا تحت كل المفاهيم السابقة لا يصح أن يدفعه إلا المستفيد , ومن أراد أن يتلذذ فليدفع الثمن أو يقايض بصورة أخرى الألم باللذة ولا يلومن أحدا إلا نفسه ..

إذن هناك مقايضة بين الألم واللذة (1)

فهل تلذذ ابناء ادم بثمار الشجرة التى أخرجت أبيهم من الجنة ..

الكتاب المقدس يقول : (من يأكل الحصرم تضرس أسنانه ) ارميا 31 وبذلك يرجع الامر برمته على المستفيد فقط ..
وهو نفي المعنى الموجود فى قوله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ) .

فالمدار على العمل وثمرته من باب الجزاء من جنس العمل وقوله أيضا (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا ما سعى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) ) الآيات من سورة النجم .

اما اذا ذهبنا الى السنة المطهرة نجد فيما صحح الأمام الالبانى من سنن الترمذى عن انس رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "حفت الجنة بالمكارة وحفت النار بالشهوات " والشهوة تصحبها لذة ... هذه اللذة تستوجب حدوث مقايضة بينها وبين العقاب الذى سوف يقع مستقبلا على الذات المتلذذة كمقابل لها مع الإنذار المسبق بذلك من باب الدفع بأجل والعكس صحيح بالنسبة لمجاهدة النفس والثواب تحت نفس الباب .

وفى الكلام عن القضاء والقدر ورد في مجلة التاريخ العربي إصدار الموسوعة الشاملة ما يلي "وأما الدائرة التي يسيطر الإنسان عليها، فهي الدائرة التي تقع فيها الأعمال التي تصدر من الإنسان أو عليه بإرادته واختياره، ويثاب على الفعل إن كان مما يستحق الثواب، ويعاقب عليه إن كان مما يستحق العقاب، كإشباع الحاجات والغرائز، وهذه الأعمال لا دخل لها بالقضاء، ولا دخل للقضاء بها، لأنها أفعال اختيارية يقوم الإنسان بها بمحض إرادته واختياره، والإنسان مسئول عنها ثوابا " ..
وعقابا على الأقل بدفع مقابل لهذا الإشباع للحجات والغرائز.

الكتاب المقدس

يقول المسيح : (( لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان )) ( متى 12 : 37 ) فقوله يدل على أن الإنسان يثاب أو يعاقب بسلوكه هو ، ولم يتحدث المسيح عن خطية موروثة . ويقول أيضا حينئذ يجازى كل واحد حسب عمله )) ( متى 16 : 27) فيقرر أن كل إنسان سيجازى بحسب عمله. وهذا يناقض الخطية الموروثة والخلاص بالصلب . لأن النص يدل على أن الخلاص بالعمل وليس بالصلب . ويؤكد كل ذلك بقوله : (( أبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية )) ( متى 6 : 4 ) إذاً هناك مجازاة وهذا يتناقض مع الخلاص الشامل الذي يتضمنه الخلاص بالصلب .

وتتجلى كلى هذه المفاهيم بوضوح شديد في رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس التي قال فيها : (( كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه )) ( كورنثوس الأولى 3 : 8 ) .
اى إن كل إنسان سوف يؤخذ أجرته على قدر تعبة فيكون بالتالي هناك فرق بين المجتهد والكسول بشهادة بولس وبالقياس على ذلك يمكن أيضا أن نقول من ناحية أخرى كل إنسان سيأخذ عقوبته على قدر أخطائه فيكون هناك فرقبين المكثر من فعل الأخطاء وبين المقل من فعلها او بين المسرف والمقتصد.

ولم يكتفي الكتاب المقدس بكل هذه الإشارات و الدلالات بل أورد ما يؤكد على مسؤولية كل فرد عن ذنبه نافيا بذلك الخطيئة الموروثة.
ففي سفر حزقيال (18 : 20) يقول الكتاب المقدس : (النفس التي تخطيء هي تموت لا يحمل الابن من إثم الأب ولا يحمل الأب من إثم الابن بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون) .. فهذا النص يدل على مسؤولية كل فرد عن ذنبه فلم يقل النص أن النفس التي تخطيء يموت ابنها!!!

وفى نفس السفر اورد ما يتناقض مع الخلاص حيث يقول : (بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون) . (حزقيال 18 : 20) فالخير يعتد به ومن غير المعقول ان يعتد به في شىء اخر غير الخلاص وخصوصا اذا كان مقابلا للشر وموازيا له كما ظهر جليا في الفقرات الكتابية السابقة .

و في سفر العدد 16 : 22 موسى وهارون يقولان لله : " اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟ ". ( ترجمة فاندايك )

أليس من حقنا أيضاً أن نقول : اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطئ آدم فتسخط على كل البشر؟
و في سفر ارميا المقدس عند اليهود والنصارى ويعتقدون أنه كلام الله نجد امامنا هذه الفقرة : (( بل كل واحد يموت بذنبه )) ( 31 : 30). هذه الفقرة تدل على مسؤولية كل واحد عن ذنبه داحضتا بذلك الخطيئة الموروثة ..
ومما سبق من نصوص الكتاب المقدس بعهده القديم والجديد نجد أن كل المعاني والحكم والغايات السابقة من الألم واللذة والمقايضة بينهما , صحيحة ولا يشوبها اى شك ويكفى أنها بديهيات عقلية وفطرية .
وأخيرا أليس الله هو الذي قد غفر لأهل نينوى ، ورجع عن الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه؟ ( يونان 3 : 10 )


--------




(1) المقايضة هي مبادلة سلعة مقابل سلعة أخرى أو خدمة أو هي - حسب ما عرفها القانون المدني - عقد يلتزم به كل من المتعاقدين بأن يعطي للآخر شيئاً مقابل ما أخذه منه. وينبني على ذلك أن كل متقايض يعتبر بائعاً ومشترياً في وقت واحد- شبكة المحامين العرب - و المقصود بنظام المقايضة انه نظام يقوم على مبادلة شيء بشيء آخر فمن يملك شيئا لا يحتاجه و يريد شيئا بحوزة شخص آخر يقايض هذا الشخص. لم تظهر الحاجة للنقود في العصور البدائية, التي كان الإنسان يكتفي ذاتيا خلال تلك العصور, سواء على مستوى الفرد أو العائلة أو القبيلة. حيث كان كل فرد يبادل جزءا من إنتاجه مقابل السلع التي ينتجها الآخرون اي ان المبادلة كانت تتم عن طريق المقايضة دون وجود فاصل من اي نوع, اي دون تدخل النقود وسيطا في عملية التبادل – الموسوعة العربية