المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلام نفيس للشيخ محمد ابراهيم الحمد بخصوص اليأس من اجابة الدعاء



عبدالرحمن الحنبلي
09-27-2012, 06:40 PM
اليأس أو قلة اليقين من إجابة الدعاء:
فكثير من الناس إذا أصيب بمرض عضال يغلب على الظن أنه لا يبرأ، وأن المصاب به لا يشفى _ تجده يَدَعُ الدعاء، ويترك اللجوء إلى الله؛ ليأسه، وقلة يقينه بأن الله قادر على تبديل الحال.
وربما ألقى الشيطان في رُعه أن الدعاء لا داعي له في هذه الحالة، ولا فائدة وراءه حيال هذا الأمر، كحال من يصاب بمرض السرطان _ عياذًا بالله _ فتجد تلك الحال تغلب عليه، بل ربما غلبي على أقاربه وذويه، فتراهم يتركون الدعاء لهذا المريض؛ بحجة أن هذه الحالة خطيرة، وأنها تنتهي بالوفاة في الأعم الأغلب؛ لذا لا فائدة من الدعاء لهذا المريض، ولا داعي له _ بزعمهم _!.
فهذا خطأ في باب الدعاء، وجهل بالله، وما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه.
فيا سبحانه الله! أما علم أولئك أن الله على كل شيء قدير؟ وأن أزمَّة الأمور بيده _ تبارك وتعالى _ وأنه يقول للشيء كن فيكون؟ وأن الذي كتب الضر قادر على كشفه؟
بل ما علموا أن الدعاء _ بحد ذاته _ عبادة عظمى؟ وأن انتظار الفرج من أجل العبادات؟ وأن الافتقار إلى الله واللجوء إليه عين الفلاح ورأس العز؟.
بل ما علموا أن الله قد يشفيه؟، أو يخفف عنه بعض ما يعانيه؟، أو يرزقه _ بفضل ذلك الدعاء _ من الثبات والطمأنينة والرضا ما لا يجده لو كان سليمًا معافى؟.
وكذلك الحال بالنسبة لبعض من يبتلى بالعقم، أو تأخر الإنجاب عنه، فمنهم من يرغب عن دعاء الله، وسؤاله الذرية الصالحة؛ بحجة أن الأمر قد كتب وقدر، فلا داعي للدعاء في ذلك الأمر، إذ لا فائدة من وراءه بزعمه!.
فهذا الكلام لا ينبغي أن يصدر من مسلم؛ فالله _ عزَّ وجل _ هو الذي قدر العقمَ وتَأَخُّرَ الإنجاب، وهو القادر على أن يمد الإنسان بالأولاد؛ فالأمر أمره، والقدر قدره، والكون كله ملك له؛ فكيف تيأس _ أيها المسلم _ من روح الله، أو تقنط من رحمته؟ فهذا زكريا _ عليه السلام _ عندما قال:[رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء]آل عمران: 38، _ أجاب الله دعاءه،[فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقًا بكلمة من الله وسيدًا وحصورًا ونبيًا من الصالحين]آل عمران: 39.
كل ذلك مع أن زكريا قد بلغ من الكبر عتيًّا، وأن امرأته كانت عاقرًا!.
وقل مثل ذلك في شأن بعض الوالدين الذين يَدَعُون الدعاء لأولادهم؛ يأسًا من صلاحهم، وذلك إذا رأوا منهم تمردًا وتماديًا في الغواية والضلال.
فتجد هذا الوالد يقول: أنا يئست من صلاح ولدي، وتركت الدعاء له!
سبحان الله! أتيئس من روح الله؟ أم تحجر رحمة الله؟ أما علمت أن دعاء الوالد مستجاب، وأن الدعوة الصالحة قد تدركه ولو بعد حين، إما أن يكون ذلك في حياتك فترى صلاحه واستقامته، أو بعد مماتك وفراقك الدنيا، فتسعد ببركة دعائه.
ثم ماذا يضيرك من الدعاء؟
ثم إن الولد ولدك مهما كان، والعرب تقول:=أنفك منك وإن ذَنَّ ( )، وعيص( ) منك وإن كان أشَبًا( )+.( )
وكذلك الحال بالنسبة لبعض المسلمين؛ فما أن يشاهد ما عليه المسلمون من التمزق، والتخلف والتفرق _ إلا ويدِب اليأس إلى قلبه، وإذا قيل له: ادع للمسلمين بأن يصلح الله أحوالهم، هز عطفيه، وأومأ برأسه موحيًا بأن لا أمل في الإصلاح؛ فلا داعي _ إذًا _ للدعاء.
كل ذلك خطأ، ومنافٍ للثقة بالله _ عز وجل _ والتصديق بوعده الصادق الذي لا يختلف.