ISLAMIC SERVICE
04-02-2006, 10:28 AM
أسباب أكل لحوم العلماء
1- الْغَيْرَة والْغِيرَة:
أما الغيرة -بالفتح- فهي محمودة، وهي أن يغار المرء وينفعل من أجل دين الله، وحرمات الله -جل وعلا- لكنها قد تجر صاحبها -إن لم يتحرز- شيئا فشيئا، حتى يقع في لحوم العلماء من حيث لا يشعر.
وأما الغيرة -بالكسر- فهي مذمومة، وهي قرينة الحسد، والمقصود بها هو: كلام العلماء بعضهم في بعض (الأقران)؛ ولذلك قال الذهبي: "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به، لا سيما إذا كان لحسد أو مذهب أو هوى".
2- الحسد:
والحسد يعمي ويصم، ومنه التنافس للحصول على جاه أو مال، فقد يطغى بعض الأقران على بعض، ويطعن بعضهم في بعض، من أجل القرب من سلطان، أو الحصول على جاه أو مال.
3- الهوى:
إن بعض الذين يأكلون لحوم العلماء لم يتجردوا لله -تعالى- وإنما دفعهم الهوى، للوقوع في أعراض علماء الأمة، واتباع الهوى لا يؤدي إلى خير، قال -تعالى-: (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) (صّ: من الآية26)، وقال -سبحانه-: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ) (القصص: من الآية50).
قال شيخ الإسلام -ابن تيمية-: "صاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه"، وكان السلف يقولون: "احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه ".
4- التقليد:
لقد نعى الله -تعالى- على المشركين تقليدهم آباءهم على الضلال: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ( (الزخرف: من الآية22).
والتقليد ليس كله مذموما، بل فيه تفصيل ذكره العلماء، ولكنني في هذا المقام أحذر من التقليد الذي يؤدي إلى نهش لحوم العلماء، فإنك-أحيانا- تسمع بعض الناس يقع في عرض عالم، فتسأله: هل استمعت إلى هذا العالم؟ فيقول: لا والله، فتقول: إذن كيف علمت من حاله وأقواله كذا وكذا؟! فيقول: قاله لي فلان، (1) هكذا يطعن في العالم تقليدا لفلان، بهذه السهولة، غير مراع حرمة العالم.
قال ابن مسعود: "ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا، إن آمن آمن، وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر". وقال أبو حنيفة: "لا يحل لمن يفتي من كتبي أن يفتي حتى يعلم من أين قلت". وقال الإمام أحمد: "من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال ".
5- التعصب:
من خلال سبري لأقوال الذين يتحدثون في العلماء -وبخاصة طلاب العلم والدعاة- تبين لي أن التعصب من أبرز أسباب ذلك، والباعث على التعصب هو الحزبية، الحزبية لمذهب أو جماعة أو قبيلة أو بلد، الحزبية الضيقة التي فرقت المسلمين شيعا، حتى صدق على بعضهم قول الشاعر:
وهـل أنـا إلا مـن غزيـة إن غوت
غـويت وإن ترشـد غزيـة أرشـد
سمعت أن بعض طلاب العلم يتكلمون في بعض العلماء، وفجأة تغير موقفهم، وصاروا يثنون عليه؛ لأنهم سمعوا أن فلانا يثني عليه؛ فأثنوا عليه، وسبحان الله! مغير الأحوال.
إذا ضل من يتعصبون له ضلوا معه، وإذا اهتدى للصواب اهتدوا معه، لقد سلم بعض الطلاب والدعاة عقولهم لغيرهم، وقلدوا في دينهم الرجال.
ولقد رأينا قريبا من ينتصر لعلماء بلده، ويقدح في علماء البلاد الأخرى، سبحان الله! أليست بلاد المسلمين واحدة؟! هذا من التعصب المذموم! أليس من الشطط أن يتعصب أهل الشرق لعلماء الشرق، وأهل الغرب لعلماء الغرب، وأهل الوسط لعلماء الوسط؟!
إن هذا التعصب مخالف للمنهج الصحيح، الذي يدعونا إلى أن نأخذ بالحق مهما كان قائله؛ ولهذا قال أبو حامد الغزالي في ذم التعصب: "وهذه عادة ضعفاء العقول؛ يعرفون الحق بالرجال، لا الرجال بالحق ".
6- التعالم:
لقد كثر المتعالمون في عصرنا، وأصبحت تجد شابا حدثا يتصدر لنقد العلماء، ولتفنيد آرائهم وتقوية قوله، وهذا أمر خطير، فإن من أجهل الناس من يجهل قدر نفسه، ويتعدى حدوده.
7- النفاق وكره الحق:
قال الله -تعالى- عن المنافقين: ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً) (البقرة: من الآية10). ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) (البقرة:14).
إن المنافقين الكارهين للحق، من العلمانيين، والحداثيين، والقوميين، وأمثالهم، من أشد الناس أكلا للحوم العلماء؛ لما في قلوبهم من المرض والبغض للحق وأهله.
ومن المؤسف الممض أنني استمعت في مجلس من المجالس إلى أحد هؤلاء المنافقين، يستطيل في أعراض العلماء، فقلده بعض الطيبين من حيث لا يشعر، ووافقه على ما يقول، حتى رد عليه في ذلك المجلس.
إن العلمانيين الآن يتحدثون في علمائنا بكلام بذيء، يعف القلم عن تسطيره، مما يدل على ما في قلوبهم من الدغل، ومعاداة ورثة الأنبياء وما يحملونه من الحق.
8- تمرير مخططات الأعداء كالعلمنة ونحوها:
أدرك العلمانيون -أخزاهم الله- أنه لا يمكن أن تقوم لهم قائمة، والعلماء لهم شأن وهيئة وهيبة في البلد، فأخذوا في النيل من العلماء، وشرعوا في تشويه صورة العلماء، وتحطيم قيمتهم، بالدس واللمز، والافتراء والاختلاق، لا أقول هذا جزافا ولا رجما بالغيب، ولكن ذلك هو ما نقله إلينا الثقات عن العلمانيين، من كلام في العلماء لا يقبله عقل العامي، فضلا عن طالب العلم.
وسيأتي مزيد بيان وتوضيح لهذه القضية قريبا.
--------------------------------------------------------------------------------
1 - وليس المراد أن فلانا نقل له كلامه - فهذا هو السند وهو مصدر صحيح إذا كان الناقل ثقة، ولكن المراد أن فلانا سبه وقدح فيه، فسبه تبعا له دون تبين.
==============================
هذا النقل من كتاب لحوم العلماء مسمومة ... لفضيله الشيخ / ناصر العمر حفظه الله تعالى
1- الْغَيْرَة والْغِيرَة:
أما الغيرة -بالفتح- فهي محمودة، وهي أن يغار المرء وينفعل من أجل دين الله، وحرمات الله -جل وعلا- لكنها قد تجر صاحبها -إن لم يتحرز- شيئا فشيئا، حتى يقع في لحوم العلماء من حيث لا يشعر.
وأما الغيرة -بالكسر- فهي مذمومة، وهي قرينة الحسد، والمقصود بها هو: كلام العلماء بعضهم في بعض (الأقران)؛ ولذلك قال الذهبي: "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به، لا سيما إذا كان لحسد أو مذهب أو هوى".
2- الحسد:
والحسد يعمي ويصم، ومنه التنافس للحصول على جاه أو مال، فقد يطغى بعض الأقران على بعض، ويطعن بعضهم في بعض، من أجل القرب من سلطان، أو الحصول على جاه أو مال.
3- الهوى:
إن بعض الذين يأكلون لحوم العلماء لم يتجردوا لله -تعالى- وإنما دفعهم الهوى، للوقوع في أعراض علماء الأمة، واتباع الهوى لا يؤدي إلى خير، قال -تعالى-: (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) (صّ: من الآية26)، وقال -سبحانه-: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ) (القصص: من الآية50).
قال شيخ الإسلام -ابن تيمية-: "صاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه"، وكان السلف يقولون: "احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه ".
4- التقليد:
لقد نعى الله -تعالى- على المشركين تقليدهم آباءهم على الضلال: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ( (الزخرف: من الآية22).
والتقليد ليس كله مذموما، بل فيه تفصيل ذكره العلماء، ولكنني في هذا المقام أحذر من التقليد الذي يؤدي إلى نهش لحوم العلماء، فإنك-أحيانا- تسمع بعض الناس يقع في عرض عالم، فتسأله: هل استمعت إلى هذا العالم؟ فيقول: لا والله، فتقول: إذن كيف علمت من حاله وأقواله كذا وكذا؟! فيقول: قاله لي فلان، (1) هكذا يطعن في العالم تقليدا لفلان، بهذه السهولة، غير مراع حرمة العالم.
قال ابن مسعود: "ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا، إن آمن آمن، وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر". وقال أبو حنيفة: "لا يحل لمن يفتي من كتبي أن يفتي حتى يعلم من أين قلت". وقال الإمام أحمد: "من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال ".
5- التعصب:
من خلال سبري لأقوال الذين يتحدثون في العلماء -وبخاصة طلاب العلم والدعاة- تبين لي أن التعصب من أبرز أسباب ذلك، والباعث على التعصب هو الحزبية، الحزبية لمذهب أو جماعة أو قبيلة أو بلد، الحزبية الضيقة التي فرقت المسلمين شيعا، حتى صدق على بعضهم قول الشاعر:
وهـل أنـا إلا مـن غزيـة إن غوت
غـويت وإن ترشـد غزيـة أرشـد
سمعت أن بعض طلاب العلم يتكلمون في بعض العلماء، وفجأة تغير موقفهم، وصاروا يثنون عليه؛ لأنهم سمعوا أن فلانا يثني عليه؛ فأثنوا عليه، وسبحان الله! مغير الأحوال.
إذا ضل من يتعصبون له ضلوا معه، وإذا اهتدى للصواب اهتدوا معه، لقد سلم بعض الطلاب والدعاة عقولهم لغيرهم، وقلدوا في دينهم الرجال.
ولقد رأينا قريبا من ينتصر لعلماء بلده، ويقدح في علماء البلاد الأخرى، سبحان الله! أليست بلاد المسلمين واحدة؟! هذا من التعصب المذموم! أليس من الشطط أن يتعصب أهل الشرق لعلماء الشرق، وأهل الغرب لعلماء الغرب، وأهل الوسط لعلماء الوسط؟!
إن هذا التعصب مخالف للمنهج الصحيح، الذي يدعونا إلى أن نأخذ بالحق مهما كان قائله؛ ولهذا قال أبو حامد الغزالي في ذم التعصب: "وهذه عادة ضعفاء العقول؛ يعرفون الحق بالرجال، لا الرجال بالحق ".
6- التعالم:
لقد كثر المتعالمون في عصرنا، وأصبحت تجد شابا حدثا يتصدر لنقد العلماء، ولتفنيد آرائهم وتقوية قوله، وهذا أمر خطير، فإن من أجهل الناس من يجهل قدر نفسه، ويتعدى حدوده.
7- النفاق وكره الحق:
قال الله -تعالى- عن المنافقين: ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً) (البقرة: من الآية10). ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) (البقرة:14).
إن المنافقين الكارهين للحق، من العلمانيين، والحداثيين، والقوميين، وأمثالهم، من أشد الناس أكلا للحوم العلماء؛ لما في قلوبهم من المرض والبغض للحق وأهله.
ومن المؤسف الممض أنني استمعت في مجلس من المجالس إلى أحد هؤلاء المنافقين، يستطيل في أعراض العلماء، فقلده بعض الطيبين من حيث لا يشعر، ووافقه على ما يقول، حتى رد عليه في ذلك المجلس.
إن العلمانيين الآن يتحدثون في علمائنا بكلام بذيء، يعف القلم عن تسطيره، مما يدل على ما في قلوبهم من الدغل، ومعاداة ورثة الأنبياء وما يحملونه من الحق.
8- تمرير مخططات الأعداء كالعلمنة ونحوها:
أدرك العلمانيون -أخزاهم الله- أنه لا يمكن أن تقوم لهم قائمة، والعلماء لهم شأن وهيئة وهيبة في البلد، فأخذوا في النيل من العلماء، وشرعوا في تشويه صورة العلماء، وتحطيم قيمتهم، بالدس واللمز، والافتراء والاختلاق، لا أقول هذا جزافا ولا رجما بالغيب، ولكن ذلك هو ما نقله إلينا الثقات عن العلمانيين، من كلام في العلماء لا يقبله عقل العامي، فضلا عن طالب العلم.
وسيأتي مزيد بيان وتوضيح لهذه القضية قريبا.
--------------------------------------------------------------------------------
1 - وليس المراد أن فلانا نقل له كلامه - فهذا هو السند وهو مصدر صحيح إذا كان الناقل ثقة، ولكن المراد أن فلانا سبه وقدح فيه، فسبه تبعا له دون تبين.
==============================
هذا النقل من كتاب لحوم العلماء مسمومة ... لفضيله الشيخ / ناصر العمر حفظه الله تعالى