المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحوار الذى كان بينى وبين الزميل الربوبى حول معتقده



ابو ذر الغفارى
10-02-2012, 09:47 PM
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

فقد كان هذا حوارا فرعيا على مناظرة الأخ ابن عبد البر مع الزميل الربوبى رأيت أن أفرد له موضوعا أرتبه فيه وأنظمه عسى أن ينتفع بذلك منتفع
الربوبى :
ولكن قناعتي وقناعة كل الربوبيين هو أن الخالق قد أودع في الإنسان بعض القدرات والإمكانات اللازمة لتحقيق متطلباته وتلبية حاجاته ، مثل العقل والمنطق والميل للتعاطف مع الآخرين والميل للتنظيم وغير ذلك من الخصائص التي تلعب دوراً حاسماً في مساعدة الإنسان في تلبية حاجاته ... فيما أوكل الله للإنسان المسئولية في تحقيق جزء آخر من إحتياجاته عبر العمل والتعاون وتحمل مسئوليته الأخلاقية ... وبالفعل عندما تحمل الإنسان مسئولياته أرى أنه قد نجح في تحقيق حاجاته بشكل أفضل (بدون أن يكون هناك أي دور للأديان في ذلك) ، وعندما فشل الإنسان في تحمل مسئولياته تلك نتج عن ذلك فشله في تحقيق جزء من حاجاته الأساسية (مرة أخرى دون أن تحول الأديان دون حدوث ذلك) .
فقد أودع الله في الإنسان الكثير من الأشياء التي تضمن إستقامته النفسية دون الحاجة لرسل ولرسالات ... وأعطاه العقل والمنطق وبعض الخصائص النفسية والأخلاقية الأخرى التي تضمن قيامه بعمل التشريعات التي تصلح بها حياته وتستقيم أموره

إذاً ... السؤال الحيوي الذي يجب مناقشته هو .... هل تستطيع الديانات المنزلة من السماء تحقيق الحاجات الإنسانية بشكل أفضل مما يمكن أن يقوم به البشر بدون الإستعانة بتلك الديانات ؟
__________________________________________________ _________________________
أبو ذر:
الزميل الربوبى يقر بأن الخالق لابد أن يعطينا أسباب الهداية وأن هذا هو اللائق به سبحانه وتعالى لكنه يرى أن العقل والضمير الإنسانى كافى لتحصيل هذا الأمر للإنسان ولكن الحقيقة أن الهداية التى يمكن أن تتوفر للإنسان من هذه السبل التى ذكرتها هى الهداية المطلوبة للحيوان وليس للإنسان فالفطرة الحيوانية توفر للحيوان الهداية التى يحتاجها فى إقامة حياته وحياة أبنائه ومجتمعه وهذا ما قد نحصله نحن بالعقل والضمير الإنسانى وبالعقل أيضا يمكننا معرفة أن لنا رب خالق كامل عظيم لكن تبقى الحاجة الإنسانية إلى هداية خاصة بالإنسان فقط الذى تحمل أمانة الإختيار دون غيره من الحيوانات و لاسبيل لها إلا بالوحى وهى ماذا أفعل لأرضى الله عنى وماذا لاأفعل حتى لايسخط الله على
__________________________________________________ _________________________
الربوبى:
عندما نرى الوسائل الفطرية العجيبة والمبهرة التي خص الله بها الحيوانات من أجل تكييف معاشها وحفظ نوعها لا نملك إلا إبداء الدهشة الشديدة .... فلماذا ننكر وجود وسائل فطرية أخرى بنفس الدرجة من الإتقان والسمو خص الله بها الإنسان لتستقيم بها حياته وتتحقق حاجاته ... ما يمكن تصوره (قياساً على ما نراه في عالم الحيوانات) هو أن الله قد أعطى للإنسان وسائل معقدة (مركبة فيه بالفطرة) لتحقيق حاجاته وإستقامة حياته ... دون الحاجة لتدخلات إضافية من الخالق العظيم .

وبالنسبة لحاجتنا للرسل لمعرفة الكيفية التي نحقق بها رضا الله عنا .... ففي إعتقادي الشخصي هو أن الله لا يرضى ولا يسخط على البشر بغض النظر عن أفعالهم ... الله بالنسبة للبشر هو قاضي عادل يحاكمهم على أفعالهم دون أن يكون له موقف معين منها .. والبشر أتفه من أن يرضوا الله أو يغضبوه وهو خالقهم والعليم بما سوف يفعلونه ... بإختصار الله لا يريد منا شئ (هذا كله بالطبع في إعتقادي الشخصي)
__________________________________________________ _________________________
أبو ذر:

دون الحاجة لتدخلات إضافية من الخالق العظيم .

وبالنسبة لحاجتنا للرسل لمعرفة الكيفية التي نحقق بها رضا الله عنا .... ففي إعتقادي الشخصي هو أن الله لا يرضى ولا يسخط على البشر بغض النظر عن أفعالهم ... الله بالنسبة للبشر هو قاضي عادل يحاكمهم على أفعالهم دون أن يكون له موقف معين منها .. والبشر أتفه من أن يرضوا الله أو يغضبوه وهو خالقهم والعليم بما سوف يفعلونه ... بإختصار الله لا يريد منا شئ (هذا كله بالطبع في إعتقادي الشخصي)

انت تقر بأن الخالق متصف بصفات العظمة والكمال والعلم
إذن هو يعلم ما يجرى فى حياتنا
فهل من الكمال أن يعلم أن رجلا زنى بأمه وأخته وبناته وقتل الأبرياء ولا يسخط عليه؟
فلو قلت هذا لكان لزاما عليك أحد امرين باطلين
إما أن الله لا يعلم قبح هذه الأفعال وهذا باطل قطعا
وإما أن الله خدعنا بأن فطرنا على أن هذه الافعال قبيحة وهى ليست كذلك وهذا باطل قطعا

إذا فكل فعل يجرى فى الأرض له مردود من سخط الله أو رضاه
ولذلك كانت أعظم حاجاتنا نحن المكلفين المختارين لأفعالنا أن نعلم ما يرضى الله وماذا يسخطه وهذا لا سبيل له إلا بالوحى
وانت تقر بأن الله يهدى مخلوقاته لينالوا حاجاتهم
وهو يعلم تلك الحاجة عندنا
ويقدر على هدايتنا لها
فكيف لا يرسل الرسل بالوحى؟
وشكرا
__________________________________________________ _________________________
الربوبى:


انت تقر بأن الخالق متصف بصفات العظمة والكمال والعلم .. إذن هو يعلم ما يجرى فى حياتنا ... فهل من الكمال أن يعلم أن رجلا زنى بأمه وأخته وبناته وقتل الأبرياء ولا يسخط عليه؟
زميلي العزيز ... لنفرض بأن شخص ما فعل فعلاً قبيحاً أو فعلاً حسناً ، فهل يغضب الله منه أو يرضى عنه ... في إعتقادي الشخصي الإجابة هي "لا" ، فالغضب أو الرضا هي ردود أفعال على تصرفات غير متوقعة ، ولكن بما أن الله يعلم مسبقاً بأن هذا الشخص سوف يفعل ذلك الفعل ، فلن يكون المقام مقام رضا أو سخط ، ولكن مقام إمضاء للسنة الكونية التي أقرها الله وإمضاء لصفة العدل المتمثله فيه ، وذلك عبر ترتيب نتائج معينة على فعل هذا الشخص (ثواب أو عقاب) تناظر فعله شراً كان أو خيراً .


فلو قلت هذا لكان لزاما عليك أحد امرين باطلين ، إما أن الله لا يعلم قبح هذه الأفعال وهذا باطل قطعا ، وإما أن الله خدعنا بأن فطرنا على أن هذه الافعال قبيحة وهى ليست كذلك وهذا باطل قطعا .

ربما يمكننا أن نشتق من كلامك هذا إقرارك بأن الإنسان لديه قدرة فطرية على تمييز الأفعال القبيحة والحسنة ، بدون الحاجة لرسل كي يبينوا له ذلك .

ولذلك كانت أعظم حاجاتنا نحن المكلفين المختارين لأفعالنا أن نعلم ما يرضى الله وماذا يسخطه وهذا لا سبيل له إلا بالوحى ، وانت تقر بأن الله يهدى مخلوقاته لينالوا حاجاتهم ، وهو يعلم تلك الحاجة عندنا ، ويقدر على هدايتنا لها ، فكيف لا يرسل الرسل بالوحى؟
مرة أخرى في إعتقادي ليس هناك ما يرضي الله أو يسخطه ، وإنما هناك أفعال معينة ترتب نتائج معينة (فالفعل الحسن يترتب عليه نتائج حسنة في الدينا أو بعد الموت ، وكذلك الحال بالنسبة للفعل القبيح) ... ومن ناحية أخرى فإن الحسن أو القبيح هو شئ معروف للناس بالضرورة وبالفطرة ، صحيح ان البعض قد يضلوا ويحدث لهم خلط ... إلا أن هذا هو الإستثناء وليس القاعدة وهذا هو الشئ الطارئ وليس الثابت ... إذا الوحي الذي أرسله الله لنا (أو بمعنى أدق زرعه فينا) هو عقلنا ومنطقنا وضميرنا الذي يعطينا القدرة على تمييز الحسن والقبيح ، ويجعلنا مقدرين لنتائج أفعالنا ، ويجعلنا ننفر بشكل فطري وتلقائي من الأفعال القبيحة ونحب الأفعال الحسنة ونقدم على فعلها ,

هذه هي وجهة نظري ، وسأكون سعيداً لو إستطعت إبراز أي تناقض او خطأ فيها
__________________________________________________ _________________________
أبو ذر:


زميلي العزيز ... لنفرض بأن شخص ما فعل فعلاً قبيحاً أو فعلاً حسناً ، فهل يغضب الله منه أو يرضى عنه ... في إعتقادي الشخصي الإجابة هي "لا" ، فالغضب أو الرضا هي ردود أفعال على تصرفات غير متوقعة ،
على أي أساس وضعت هذا الضابط ؟
فالغضب والرضا هما الحب والكراهية لشيء وهما حكمان نتيجة للعلم بحقيقة الأشياء وليسوا نتيجة للمفاجأة بوقوع الشيء
فأنا أعلم أن الظلم والكبر والكذب صفات قبيحة ليس لأنى فوجئت بوقوعها ولكن لأنى أعلم حقيقة معانى هذه الأشياء
وغيرى الذى لا يعلم حقيقة هذه الأشياء لا يستقبحها فهذه صفة نقص فيه لأنه لا يعلم الفرق بين هذه الصفات وبين نقيضها فهذا (جهل) والجهل نقص
والعلم كمال وهو اللائق بالخالق العظيم أن يعلم الفرق بين هذه الصفات وبالتالى يحب الحسن منها ويكره القبيح منها
فأحتاج أنا أن اعرف ما يمكن أن يقع منى على وجه القبح وما يقع على وجه الإحسان


ربما يمكننا أن نشتق من كلامك هذا إقرارك بأن الإنسان لديه قدرة فطرية على تمييز الأفعال القبيحة والحسنة ، بدون الحاجة لرسل كي يبينوا له ذلك .
لدينا القدرة على معرفة الفرق بين معنى القبح والحسن بالفطرة وكذلك لدينا القدرة على معرفة قبح بعض الأمور وحسنها بالفطرة أيضا لكننا مخيرين فى أكثر من ذلك الذى نعلمه بالفطرة ونحتاج إلى الوحى فى معرفة هذا الجزء الاكبر فى حياتنا وهذا الجزء الأكبر من أفعالنا وهذا واضح جدا من كثرة الخلاف بين الناس
فهذا الخلاف دليل على حاجة الناس للوحى ليفصل بينهم ويبين الحق الذى يرضى الله من الباطل الذى يغضبه
قال تعالى(كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه )
__________________________________________________ _________________________
الربوبى:

فالغضب والرضا هما الحب والكراهية لشيء وهما حكمان نتيجة للعلم بحقيقة الأشياء وليسوا نتيجة للمفاجأة بوقوع الشيء

إن كان مقصود الآيات هو المجاز فلا بأس بتأويلك ، وإلا فإن الغضب هو شئ مختلف عن الكراهية لو أخذت المعني الحرفي للكلمتين ، وكذلك الحال لكلمتي الرضا والحب .

لدينا القدرة على معرفة الفرق بين معنى القبح والحسن بالفطرة وكذلك لدينا القدرة على معرفة قبح بعض الأمور وحسنها بالفطرة أيضا .... لكننا مخيرين فى أكثر من ذلك الذى نعلمه بالفطرة ونحتاج إلى الوحى فى معرفة هذا الجزء الاكبر فى حياتنا وهذا الجزء الأكبر من أفعالنا وهذا واضح جدا من كثرة الخلاف بين الناس ، فهذا الخلاف دليل على حاجة الناس للوحى ليفصل بينهم ويبين الحق الذى يرضى الله من الباطل الذى يغضبه ... قال تعالى(كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه )
هل لك أن تعطي أمثلة على ذلك الجزء الذي لا نعلمه بالفطرة وعلمناه فقط من خلال الوحي ... ما يفهم من كلامك هو أن هناك أشياء لا يدرك قبحها بالفطرة ولكنها تغضب الله !! وهناك أشياء لاندرك حسنها بالفطرة لكنها مطلوبة للحصول على رضا الله ....

والمشكلة المنطقية التي ألمسها في كلامك هذا هو أنه حتى لو إفترضنا وجود مثل تلك الأشياء (التي لا يدرك الناس حسنها أو قبحها بالفطرة) ، فكيف لنا أن نستنتج وجود حاجة لإرسال الرسل لإبلاغهم بمثل تلك الأشياء .... مثلاً ... ديانة الهندوس تحرم أكل لحم البقر... وهو شئ لا يدرك قبحه بالفطرة ... فهل وجود تحريم لأكل لحم البقر في أحد الأديان يمكن أن يقوم حجة بدعوى أنه من الأشياء التي لا يدرك العقل قبحها ولكن الشرع الهندوسي المنزل من الإله براهما أثبت قبحها .... ربما ستقول لي بأن الهندوسية ديانة غير صحيحة ... حسناً عندها تكون قد خرجنا من سياق نقاشنا عن ضرورة أو الحاجة لإرسال الرسل ودخلنا في فحص وتمحيص الديانات .
__________________________________________________ _________________________
أبو ذر:

إن كان مقصود الآيات هو المجاز فلا بأس بتأويلك ، وإلا فإن الغضب هو شئ مختلف عن الكراهية لو أخذت المعني الحرفي للكلمتين ، وكذلك الحال لكلمتي الرضا والحب ..
عذرا زميلى هذا تهرب وليس إجابة
وبالفعل هناك فرق بين معنى الرضا ومعنى الحب وبين معنى الغضب ومعنى الكراهية لكن الشاهد الذى أريده يتحقق بكليهما ولتكن العبارة على هذا النحو :
أنت تقر بأن الخالق متصف بصفات العظمة والكمال والعلم
إذا هو يعلم ما يجرى فى حياتنا

فلو قلت أن أفعالنا عند الله سواء فلا يحب شيء منها ولا يكره شيء ولا يحب شخص بسبب هذه الأفعال ولا يكره شخص بسبب تلك
لكان لزاما عليك أحد ثلاث أمور كلها باطلة

إما أن الله يعلم وقوع تلك الأفعال لكنه لا يعلم قبيحها من حسنها وهذا باطل قطعا (لأنك جعلتنا نحن المخلوقين أكمل علما وحكما من الخالق لأننا نعلم الأفعال وحكمها وهذه زيادة فى العلم )
وإما أن الله خدعنا بأن فطرنا على أن هذه الافعال قبيحة وهى ليست كذلك (أى أن الحقيقة التى علمها الله ولم نعلمها هى إستواء تلك الأفعال ببعضها) وهذا باطل قطعا لأنه يكون قد أخبرنا عن طريق الفطرة بأشياء مخالفة للواقع وهذا كذب والكذب نقص لا يليق بالخالق العظيم الكامل

و إما أن يقال أنه لا حكم يترتب على العلم بالشيء وأن الحب والكراهية هما حكمان ينتجان من المفاجأة بحدوث الشيء فقط وليسا نتيجة العلم به (وهذا ما قررته أنت فى مداخلتك السابقة ) وقد تبين بطلان ذلك هنا:
(الحب والكراهية لشيء هما حكمان نتيجة للعلم بحقيقة الأشياء وليسوا نتيجة للمفاجأة بوقوع الشيء
فأنا أكره الظلم والكبر والكذب لأنى أعلم أنها صفات قبيحة ليس لأنى فوجئت بوقوعها وغيرى الذى لا يعلم حقيقة هذه الأشياء لا يستقبحها فلا يكرهها فهذه صفة نقص فيه لأنه لا يعلم الإختلاف بين هذه الصفات والإختلاف بين تبعاتها فهما عنده كالمترادفات لا فرق أن تقع هذه أو تلك ومن يرى وقوع الخير مثل وقوع الشر ولا فرق وهما سواء فهو جاهل والجهل نقص
والعلم كمال وهو اللائق بالخالق العظيم
فأحتاج أنا أن اعرف ما يمكن أن يقع منى على وجه يحبه الله ويحبنى بسببه وما يقع على وجه يكرهه الله ويكرهنى بسببه وهذا هو الهدف الوحيد الذى يقبله الإنسان كهدف للحياة ولا يقبل غيره من حياة البهائم التى لا هم فيها غير الأكل والشرب والجماع


إذا فكل فعل يجرى فى الأرض له مردود من محبة الله أو كراهته
ولذلك كانت أعظم حاجاتنا نحن المكلفين المختارين لأفعالنا أن نعلم ما يحب الله وماذا يكره وهذا لا سبيل له إلا بالوحى
وانت تقر بأن الله يهدى مخلوقاته لينالوا حاجاتهم
وهو يعلم تلك الحاجة عندنا
ويقدر على هدايتنا لها
فكيف لا يرسل الرسل بالوحى؟

وأضرب لك مثلا على أمر نحتاج أن نعلم هل يحبه الله أم يكرهه
أقرب شيء هو الخلاف القائم بيننا الآن
هل يحب الله أن نعبده ونخلص له كل أعمالنا ونعظمه أم يكره ذلك ؟
هل يحب الله أن ننسب النجاح الذى نحققه له أم ننسبه إلى انفسنا ؟
هل يحب الله أن نحمده على نعمه أم يكره ذلك ؟
هل يحب الله أن نلجأ إليه وندعوه أم يكره ذلك ؟
هل نتوكل على الله بعدما علمنا أنه على كل شيء قدير أم لا؟
كيف نتوكل عليه ؟
هل نترك الأسباب بالكلية أم نأخذ بالأسباب وإذا فقدناها فقدنا الأمل؟
فطرنا الله على حب تحقيق مصالحنا وعلى حب الصدق والامانة فماذا نفعل إذا تعارضا أيهما يحب الله أن نقدمه ؟
ما جزاء من لم يفعل ما يحبه الله وما جزاء من تتبع ما يحبه الله؟
هل معنى أن أفعالى بإرادتى الحرة أن الله ليس له سلطان عليها أم أن معنى أن الله خالق كل شيء أننى ليس لى إرادة حرة أم أمر غير ذاك وذاك؟
والناس مختلفين كما ترى لأن الفطر تتبدل والحاجة شديدة لإجابة هذا الأسئلة وغيرها كثير لا يكاد يحصى
ولذلك كثيرا ما يطلق على القرآن ذكر لأنه يذكر بما فى فطرة الناس ليبصروا ما غفلوا عنه

هل لك أن تعطي أمثلة على ذلك الجزء الذي لا نعلمه بالفطرة وعلمناه فقط من خلال الوحي ... ما يفهم من كلامك هو أن هناك أشياء لا يدرك قبحها بالفطرة ولكنها تغضب الله !! وهناك أشياء لاندرك حسنها بالفطرة لكنها مطلوبة للحصول على رضا الله ....

والمشكلة المنطقية التي ألمسها في كلامك هذا هو أنه حتى لو إفترضنا وجود مثل تلك الأشياء (التي لا يدرك الناس حسنها أو قبحها بالفطرة) ، فكيف لنا أن نستنتج وجود حاجة لإرسال الرسل لإبلاغهم بمثل تلك الأشياء .... مثلاً ... ديانة الهندوس تحرم أكل لحم البقر... وهو شئ لا يدرك قبحه بالفطرة ... فهل وجود تحريم لأكل لحم البقر في أحد الأديان يمكن أن يقوم حجة بدعوى أنه من الأشياء التي لا يدرك العقل قبحها ولكن الشرع الهندوسي المنزل من الإله براهما أثبت قبحها .... ربما ستقول لي بأن الهندوسية ديانة غير صحيحة ... حسناً عندها تكون قد خرجنا من سياق نقاشنا عن ضرورة أو الحاجة لإرسال الرسل ودخلنا في فحص وتمحيص الديانات .
كلامك هذا يكون صحيح إذا حصرنا ما يحبه الله منا وما يكرهه فى الأفكار التى ترد على الطفل الصغير وفى التصرفات التى تصدر منه قبل أن يتجاوز الحلم والذى لا يستطيع إدراك إلا المعانى العامة الكبيرة دون التفاصيل والتنفيذ والترجيح والتعامل الحقيقى والنضخ الإنسانى ولذلك فالشرع لم يخاطب المكلف إلا بعد تجاوز سن البلوغ وهنا تأتى حاجة الإنسان للوحى ووقتها تظهر المعانى ويطلب منه إتخاذ قرارات يحاسب على نتائجها وتبعاتها فى الدنيا والآخرة
فضلا على أن الفطر كما نبهت سابقا تتغير وتحتاج إلى التذكير وهذا تراه فى كل طفل تعامله تجده على البراءة والطيبة والطهر التام ثم يكبر فيفعل أفعال الشياطين وما لا تفعله الشياطين أيضا
__________________________________________________ ________________________
الربوبى:

وبالفعل هناك فرق بين معنى الرضا ومعنى الحب وبين معنى الغضب ومعنى الكراهية
هذا كل ما أريد سماعه منك ، ولا مانع لدي في إعتبار أن القرآن إستخدم كلمة الغضب (أو أي كلمة أخرى تستخدم لوصف الإنفعالات البشرية والتفاعلات مع الأحداث) بشكل مجازي .



الحب والكراهية لشيء هما حكمان نتيجة للعلم بحقيقة الأشياء وليسوا نتيجة للمفاجأة بوقوع الشيء ، فأنا أكره الظلم والكبر والكذب لأنى أعلم أنها صفات قبيحة ليس لأنى فوجئت بوقوعها وغيرى الذى لا يعلم حقيقة هذه الأشياء لا يستقبحها فلا يكرهها فهذه صفة نقص فيه لأنه لا يعلم الإختلاف بين هذه الصفات والإختلاف بين تبعاتها فهما عنده كالمترادفات لا فرق أن تقع هذه أو تلك ومن يرى وقوع الخير مثل وقوع الشر ولا فرق وهما سواء فهو جاهل والجهل نقص والعلم كمال وهو اللائق بالخالق العظيم

أرجو منك يا زميلي ان تتنبه بأن كلامي فيما سبق كان منصباً على لفظ الغضب تحديداً أو غيرها من الأفعال التي تصف إنفعالات أو تفاعل مع أحداث مفاجأة ، وليس الحب والكراهية ... وبالنسبة لما ذكرته أعلاه فلا أختلف معك فيه كثيراً .

بإختصار ... أنا أعلم أن فلاناً سوف يفعل كذا في اليوم الفلاني وللأسباب الفلانية ... فهل أغضب عندما يفعل ذلك !! .... قد أكره فعله أو أستقبحه ، ولكن لن يكون لدي شعور بالغضب تجاه فعله ... قد يكون لديك مبررات لذلك الوصف بأن الله خارج حدود الزمان ، أو غير ذلك ... فقط أرجو منك توضيح وجهة نظرك الفلسفية لهذا الموضوع لحصول الفائدة للجميع ، وليس لمحاججتي ... (إذا سمح وقتك بذلك) .



فأحتاج أنا أن اعرف ما يمكن أن يقع منى على وجه يحبه الله ويحبنى بسببه وما يقع على وجه يكرهه الله ويكرهنى بسببه وهذا هو الهدف الوحيد الذى يقبله الإنسان كهدف للحياة ولا يقبل غيره من حياة البهائم التى لا هم فيها غير الأكل والشرب والجماع
أرجو من الزميل الإنتباه أيضاً أن إعتقادي الذي سبق لي بيانه فيما سبق لا يختلف كثيراً مع إعتقادك حول هذه النقطة ، ولكننا قد نختلف فقط فيما إذا كان الله يحبنا أو يكرهنا كأشخاص ، أم أنه يحب ويكره أفعالنا .... القرآن يشير لكراهية الله للأشخاص دائماً وليس أفعالهم ... (على حد علمي) ، فكيف تبرر ذلك ؟؟

ومن ناحية أخرى فليس كل من ليس له دين هو بالضرورة ليس له هدف في الحياة سوى الأكل والشرب والجماع ... ويعيش حياة البهائم



إذا فكل فعل يجرى فى الأرض له مردود من محبة الله أو كراهته ، ولذلك كانت أعظم حاجاتنا نحن المكلفين المختارين لأفعالنا أن نعلم ما يحب الله وماذا يكره وهذا لا سبيل له إلا بالوحى
هذا شئ معلوم بالفطرة السليمة ، قد نختلف فيما إذا كانت الفطرة السليمة وحدها (وحسابات العقل والمنطق التي تدفع الإنسان لكي يكون صالحاً وخلوقاً) هل تكفي هذه الأشياء وحدها لتحقيق الإلتزام بفعل الخير وتجنب الشر أم لا ، وهذا موضوع طويل سيكون محور نقاش في المناظرة .... ولكن هل القبيح والحسن هو معلوم بالفطرة ... أنت نفسك أقررت بذلك فيما سبق ، وهذا يقودني مرة أخرى لطرح السوال السابق عليك

هل هناك فعل يكرهه الله وقبحه ليس معلوماً بالفطرة وبالمنطق والعقل للبشر ، وبالمثل هل هناك فعل يحبه الله وحسنه ليس معلوماً بالفطرة والعقل والمنطق للبشر ...



وانت تقر بأن الله يهدى مخلوقاته لينالوا حاجاتهم ، وهو يعلم تلك الحاجة عندنا ، ويقدر على هدايتنا لها فكيف لا يرسل الرسل بالوحى؟
الوحي هو صوت الله الذي يستطيع كل شخص أن يسمعه في أعماقه ، هو عقلنا ومنطقنا الذي يميز لنا القبيح من الحسن ويدلنا على عواقب أفعالنا .



وأضرب لك مثلا على أمر نحتاج أن نعلم هل يحبه الله أم يكرهه ، أقرب شيء هو الخلاف القائم بيننا الآن ... هل يحب الله أن نعبده ونخلص له كل أعمالنا ونعظمه أم يكره ذلك ؟
هذا غير ثابت بالضرورة



هل يحب الله أن ننسب النجاح الذى نحققه له أم ننسبه إلى انفسنا ؟ هل يحب الله أن نحمده على نعمه أم يكره ذلك ؟
هذا غير ثابت بالضرورة ، وأميل لنفي محبة الله لذلك ، فلا يطلب الحمد على النعمة إلا المنان ، والمن صفة قبيحة لا أراها تليق بالخالق العظيم ... ومستحق الحمد إن كان كريماً فهو لا يأبه لأن يحمد على فضله أم لا



هل يحب الله أن نلجأ إليه وندعوه أم يكره ذلك ؟ هل نتوكل على الله بعدما علمنا أنه على كل شيء قدير أم لا؟
لا أظنه يحب ذلك ، لأني لا أحسبه يستجيب لدعاءنا ....



هل نترك الأسباب بالكلية أم نأخذ بالأسباب وإذا فقدناها فقدنا الأمل؟
ليس هناك مستحيل ، لذا لا يجب فقد الأمل ... ومن ناحية أخرى يجب أن يكون الإنسان أن يكون واقعي ... أنا مثلاً أريد أن أصبح رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ... سوف آخذ بالأسباب التي تساعدني على بلوغ تلك الغاية أو أتخلى عن هذا الهدف لعدم منطقيته ، ولكني بالتأكيد لن أدعو الله ليل نهار كي يحقق لي هذا الهدف



فطرنا الله على حب تحقيق مصالحنا وعلى حب الصدق والامانة فماذا نفعل إذا تعارضا أيهما يحب الله أن نقدمه ؟
صدقني ليس في القرآن أو الأحاديث معيار واضح لترجيح ما يقدم في مثل هذه المواقف ... الموضوع يخضع للعقل والمنطق ، وليس للنصوص أو الفتاوى .... الرسول نفسه يقول (إستفتي قلبك وإن أفتوك وأفتوك) ... هنا يعلم الرسول أتباعه بالوحي الآخر الذي أرسله الله للبشر ... إنه الضمير الإنساني الحي والعقل والمنطق السليم .




والناس مختلفين كما ترى لأن الفطر تتبدل والحاجة شديدة لإجابة هذا الأسئلة وغيرها كثير لا يكاد يحصى
ولذلك كثيرا ما يطلق على القرآن ذكر لأنه يذكر بما فى فطرة الناس ليبصروا ما غفلوا عنه
الفطرة تتبدل ... هذا صحيح ... وقد يرى بعض الناس القبيح حسناً أو العكس في بعض الأوقات ، وهذا صحيح ... ولكن هذا ليس دليلاً على حاجتنا للوحي أو الرسل ... وإنما يدل على حاجتنا للحكمة والحكماء ... وهؤلاء لم يخلو منهم التاريخ ... وأرى أن الرسل ربما كانوا بعض هؤلاء الحكماء الذين ألبسوا دعواتهم ثوب الدين كي يتمكنوا من إمضاء أجنداتهم الإصلاحية ... عن قناعة منهم بأن الغاية تبرر الوسيلة
__________________________________________________ _________________________
أبو ذر:

هذا كل ما أريد سماعه منك ، ولا مانع لدي في إعتبار أن القرآن إستخدم كلمة الغضب (أو أي كلمة أخرى تستخدم لوصف الإنفعالات البشرية والتفاعلات مع الأحداث) بشكل مجازي .



أرجو منك يا زميلي ان تتنبه بأن كلامي فيما سبق كان منصباً على لفظ الغضب تحديداً أو غيرها من الأفعال التي تصف إنفعالات أو تفاعل مع أحداث مفاجأة ، وليس الحب والكراهية ... وبالنسبة لما ذكرته أعلاه فلا أختلف معك فيه كثيراً .

بإختصار ... أنا أعلم أن فلاناً سوف يفعل كذا في اليوم الفلاني وللأسباب الفلانية ... فهل أغضب عندما يفعل ذلك !! .... قد أكره فعله أو أستقبحه ، ولكن لن يكون لدي شعور بالغضب تجاه فعله ... قد يكون لديك مبررات لذلك الوصف بأن الله خارج حدود الزمان ، أو غير ذلك ... فقط أرجو منك توضيح وجهة نظرك الفلسفية لهذا الموضوع لحصول الفائدة للجميع ، وليس لمحاججتي ... (إذا سمح وقتك بذلك) .
هذا الجزء خارج الموضوع فى الحقيقة لكنى سأجيبك عليه
فنحن نؤمن بكل صفة وردت فى القرآن والسنة فنؤمن بأن الله يكره ويحب وأنه يغضب ويرضى
والذى سبب الإشكال عندك هو الوقوع فى التمثيل لصفات الله فهناك قاعدة عامة لكل أسماء وصفات وأفعال الله وهى أنه ليس كمثله شيء قال تعالى ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ.) (الشورى:)
فمعنى الكلمة معروف لكن كيفيتها غير معروفة لأن الصفات فرع عن الذات ومادمنا لا نعرف كيفية ذات الله فلا يمكن معرفة كيفية صفاته وأضرب لك مثلا على ذلك
فهناك رجلا يحب ابنه فيعامله بشدة وغلظة ليكون رجلا
وهناك رجلا يحب ابنه فيعامله بلين ولطف وتدليل تعبيرا عن محبته

فالصفة واحدة وهى المحبة ولكن تغيرت كيفيتها بتغير الذات المنتسبة لها (مع ملاحظة أن الصفة مع هذا التغير لم تخرج عن معناها أى معنى المحبة)
وأما مسألة المجاز فقد انتصر شيخ الإسلام بن تيمية إلى القول بعدم وجود مجاز فى اللغة العربية لأن المجاز هو ما يصح نفيه من الجملة وهذا غير موجود فى اللغة العربية فالسياق من المقيدات


أرجو من الزميل الإنتباه أيضاً أن إعتقادي الذي سبق لي بيانه فيما سبق لا يختلف كثيراً مع إعتقادك حول هذه النقطة ، ولكننا قد نختلف فقط فيما إذا كان الله يحبنا أو يكرهنا كأشخاص ، أم أنه يحب ويكره أفعالنا .... القرآن يشير لكراهية الله للأشخاص دائماً وليس أفعالهم ... (على حد علمي) ، فكيف تبرر ذلك ؟؟
اذا نحن متفقين على أن الله يعلم ما يجرى على الأرض
وأن هذا الذى يقع منا له مردود عند الله من الحب أو الكراهية
ولنا هنا وقفات

أولا: فلنا أن نهتم بهذا الأمر ويكون من أعظم حاجاتنا كمكلفين لنا ارادة نوجهها حيث نشاء فيجب أن نعلم ماذا يحب الله وماذا يكره من الأفعال لكى نوجه هذه الارادة إلى ما يحبه الله (فى كل شيء نملك فيه القدرة على الإختيار) وهذا غير متوفر بالعقل ولا بالفطرة فتبقى هذه من أعظم الحاجات فكيف نتوقع أن الله يهدينا إلى أبسط الأشياء وأقلها حاجة فى حياتنا نحن وكل مخلوق ولا يهدينا إلى هذه العظيمة؟؟؟
ثانيا:كيف يمكنا الله من أفعال هو يكرهها والله لا يكره إلا الخبيث السيء ثم يتركه يقع فى ملكه (وهو قادر على منعه بالتأكيد) بدون جزاء على ذلك ؟
وإذا كان هناك جزاء فكيف يحاسبنا الله على أفعالنا وقد أمضينا أعمارنا تائهين مختلفين لا نعرف الحق فى أكثر أفعالنا واقوالنا واليوم أظن ان هذا حق وغدا أراه باطلا؟
ثالثا:القرآن بيَن كره وحب الله للأفعال والصفات والأشخاص وكيف لا ؟
والصفات والأفعال لا تقوم بنفسها بدون ذوات فالصفات والأفعال هى شيء من الذات لا يمكن فصل هذا عن هذا فلا ذات بدون صفات ولاصفات بدون ذات فكيف يكون حكم الصفة الكراهية ولا ينال الذات شيء من الكراهية ؟؟؟
هذا مستحيل
واعلم أن الله كلما ذكر مدح أو ذم لشخص فالحكم يدور مع علته فلو ترك النبى نفسه التوحيد لوقع فى سخط الله ولو ترك المشركون الشرك لدخلو فى رضوان الله قال تعالى(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
وقال تعالى (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ)

وهذه جملة من صفات وافعال ذكر الله كرهه لها
قال تعالى(لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا 22 ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا 23 وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا 24 رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا 25 وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا 26 إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا 27 وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا 28 وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا 29 إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا 30وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا 31 وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا 32 وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا 33 وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا 34 وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا 35 وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا 36 وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا 37 كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا

ومن ناحية أخرى فليس كل من ليس له دين هو بالضرورة ليس له هدف في الحياة سوى الأكل والشرب والجماع ... ويعيش حياة البهائم.

نعم بالتأكيد يمكن ان يكون له اهداف كثيرة لكن لا يمكن أن يكون عنده هدف له قيمة
كيف ذلك ؟
لأن كل عمل بدون غاية يقوم به الانسان يكون عبث لاقيمة له
وكل غاية حققها الانسان لنفسه تكون بعد موته بلاقيمة بالنسبة له
وكل غاية حققها الانسان لغيره (أى شيء ينتفع به غيره) تكون بلا قيمة عند موت هذا الغير
فالموت فضح حقيقة الحياة وأنها بلا قيمة ولا يمكن أن يكون هناك هدف حقيقى ويكون فى نفس الوقت بلا قيمة
فتبقى حياة الانسان بلا دين حياة بلا هدف وبلا قيمة
أما حياة المسلم فلها هدف واحد هو القرب من الرب العظيم والفوز بمحبته ومعيته فى الدنيا والوصول إلى رؤيته فى الجنة والعيش فى رضوانه أبد الآبدين


هذا شئ معلوم بالفطرة السليمة ، قد نختلف فيما إذا كانت الفطرة السليمة وحدها (وحسابات العقل والمنطق التي تدفع الإنسان لكي يكون صالحاً وخلوقاً) هل تكفي هذه الأشياء وحدها لتحقيق الإلتزام بفعل الخير وتجنب الشر أم لا ، وهذا موضوع طويل سيكون محور نقاش في المناظرة .... ولكن هل القبيح والحسن هو معلوم بالفطرة ... أنت نفسك أقررت بذلك فيما سبق ، وهذا يقودني مرة أخرى لطرح السوال السابق عليك

هل هناك فعل يكرهه الله وقبحه ليس معلوماً بالفطرة وبالمنطق والعقل للبشر ، وبالمثل هل هناك فعل يحبه الله وحسنه ليس معلوماً بالفطرة والعقل والمنطق للبشر ...


الوحي هو صوت الله الذي يستطيع كل شخص أن يسمعه في أعماقه ، هو عقلنا ومنطقنا الذي يميز لنا القبيح من الحسن ويدلنا على عواقب أفعالنا ..
مرة أخرى تحاول تحميل الفطرة والعقل ما لا يحتملوا
فلو أن العقل يستند إلى الفطرة فى معرفة الكليات والفرق بين المعانى العامة كالفرق بين القبيح والحسن فهذا يسعفه فى مرحلة الطفولة وعدم المسؤلية عن القرارات حيث هناك من يقرر له أما بعد البلوغ وبعد الاستقلال بالرأى يجد نفسه محتاج إلى نور اضافى فوق نور الفطرة يبين له حكم التفاصيل التى يواجهها فى حياته وما هى حقيقة الأمور وما هو القبيح منها عند الله وما هو الحسن منها عنده ليستطيع أن يختار بين الأشياء لأنه أصبح هو الذى يختار وليس هناك من يختار له

هذا غير ثابت بالضرورة
ما هو الغير ثابت ؟
ألم نتفق على أن الله يحب أو يكره ما نفعله ولابد
فهو يحب أن نعبده أو يكره ذلك ولابد
فقل لى كيف نعرف ذلك بدون رسالة ؟ ثم كيف نعلم كيفية تلك العبادة (إذا علمنا حتى انه يحب أن نعبده بالفطرة ) بدون رسالة؟


هذا غير ثابت بالضرورة ، وأميل لنفي محبة الله لذلك ، فلا يطلب الحمد على النعمة إلا المنان ، والمن صفة قبيحة لا أراها تليق بالخالق العظيم ... ومستحق الحمد إن كان كريماً فهو لا يأبه لأن يحمد على فضله أم لا
هذا نفس الذى وقعت فيه فى صفة الغضب فالمحبة تكون لصفة حسنة وهى شكر العبد بدون الحاجة إلى شكره والكره يكون لصفة قبيحة وهى الجحود والكفر بدون حصول الضرر من ذلك
وأضرب لك مثلا
فلو أن رجلا كريما يتصدق على فقير عاجز فيجد وفاء ومحبة من هذا الفقير العاجز
ثم نفس الرجل يتصدق على فقير عاجز آخر فيجده لئما يجحد ويتنكر تلك الصدقة
فهذا الرجل الكريم الذى لا يحتاج شيء من هذا ولا من ذاك لا يمكن ان يتساوى عنده الوفى واللئيم
ليس لأنه يحتاج إلى الثناء ولكن لأنه يعرف الفرق بين الوفاء واللؤم وهو لكرمه وعلوه يحب المعالى والصفات الحسنة ويكره الدنو والصفات القبيحة


لا أظنه يحب ذلك ، لأني لا أحسبه يستجيب لدعاءنا ....
لو أنك رجلا قوى شجاع كريم وامامك طفل ضعيف معاق عاجز جاء ثعبان ليلدغه فأخذ يستغيث بك (أرجوك أنقذنى ويبكى ) هل يمكن أن تتركه؟
ولو أن هذا الطفل المعاق كان ابنك الذى لا يرعاه غيرك فاستحالة أن تتركه أعظم وأعظم
فكيف تصف الله بذلك؟؟؟
وهو ربنا الذى يرعانا وهو القدير العليم الرحمن

صدقني ليس في القرآن أو الأحاديث معيار واضح لترجيح ما يقدم في مثل هذه المواقف ... الموضوع يخضع للعقل والمنطق ، وليس للنصوص أو الفتاوى .... الرسول نفسه يقول (إستفتي قلبك وإن أفتوك وأفتوك) ... هنا يعلم الرسول أتباعه بالوحي الآخر الذي أرسله الله للبشر ... إنه الضمير الإنساني الحي والعقل والمنطق السليم .
بل الدين كامل فى كل مسألة له حكم صغيرة كانت او كبيرة
وبشكل عام فقد أمرك الله أن تختار مكارم الأخلاق من صدق وأمانة وايثار وتكفل لك بأن يعوضك هو عن مصلحتك التى فوتها من أجله فى الدنيا والآخرة ولم نعلم هذا الترجيح بين المصلحة ومكارم الأخلاق إلا بالوحى اذ هما مستويان فى الفطرة



الفطرة تتبدل ... هذا صحيح ... وقد يرى بعض الناس القبيح حسناً أو العكس في بعض الأوقات ، وهذا صحيح ... ولكن هذا ليس دليلاً على حاجتنا للوحي أو الرسل ... وإنما يدل على حاجتنا للحكمة والحكماء ... وهؤلاء لم يخلو منهم التاريخ ... وأرى أن الرسل ربما كانوا بعض هؤلاء الحكماء الذين ألبسوا دعواتهم ثوب الدين كي يتمكنوا من إمضاء أجنداتهم الإصلاحية ... عن قناعة منهم بأن الغاية تبرر الوسيلة .
اذا كنت تقر بحاجة الناس للهداية
ثم تقر بأنه لابد من وسيلة تحقق ذلك
ثم تقر بأن الفطرة تتبدل وتتغير فلاتحقق ذلك
فيلزمك أن تقر بأنه لابد من وسيلة أخرى يجعلها الله لذلك
ولا نعلم ولا أحد يعلم وسيلة لذلك بعد الفطرة (التى هى ميزان العقل ومرجعه) غير الوحى ...


اذكرك أنك لم تجب على هذا السؤال
هل معنى أن أفعالى بإرادتى الحرة أن الله ليس له سلطان عليها أم أن معنى أن الله خالق كل شيء أننى ليس لى إرادة حرة أم أمر غير ذاك وذاك؟
__________________________________________________ _________________________
الربوبى:

سألخص فيما يلي أهم نقاط مداخلتك ، مع ردودي على كل نقطة في الأمور الخلافية بيننا .

-------------------------------------------------------
1) هل يليق وصف الله بالغضب ، والغضب هو ردة فعل على حدث غير متوقع

خلاصة ردك هو أن معنى الكلمة معروف ولكن كيفيتها غير معروفة ... لأن الصفات فرع عن الذات ومادمنا لا نعرف كيفية ذات الله فلا يمكن معرفة كيفية صفاته ....

وأكتفي بردك هذا ، خصوصاً أنك أشرت إلى أن هذا خارج موضوعنا ...

-------------------------------------------------------

2) هل يكره الله الأشخاص أم أنه يكره أفعالهم ...

هذا هو التساؤل الذي طرحته ... وكان ردك هو ...

الصفات والأفعال لا تقوم بنفسها بدون ذوات فالصفات والأفعال هى شيء من الذات لا يمكن فصل هذا عن هذا فلا ذات بدون صفات ولاصفات بدون ذات فكيف يكون حكم الصفة الكراهية ولا ينال الذات شيء من الكراهية ؟؟؟



ان مدح أو ذم الأفراد أو ذكر كراهية الله لهم يكون مقروناً بعلة ذلك (أي الفعل المؤدي لتلك الكراهية)
وأنا أتفهم وجهة نظرك وأقبلها ... (مع بعض التحفظات البسيطة التي لن أخوض فيها حيث أنها تتعلق بنقطة أخرى ، ألا وهي مسألة أن الإنسان مخير أم مسير)

-------------------------------------------------------
3) مسألة هل الغير مؤمن يعيش كالبهيمة وليس له هدف في الحياة سوى المتع المادية ...

وخلاصة وجهة نظرك هنا هو أن أهداف الكافر بغض النظر عن تلك الأهداف ليس لها قيمة ، حيث أنها مرتبطة فقط بفترة حياته القصيرة على الأرض ... (فالموت فضح حقيقة الحياة وأنها بلا قيمة ولا يمكن أن يكون هناك هدف حقيقى ويكون فى نفس الوقت بلا قيمة)

وهذا يقودنا لمسألة عبثية الحياة أو ما يسميها الزميل إبن عبد البر (العدمية) ... وخلال ردي في شريط المناظرة قد أسهبت في نقد وجهة النظر تلك ... وسيتتابع نقاشي مع الزميل إبن عبد البر حول هذه النقطة ، لذا لا أريد الخوض في ذلك خشية إغضاب المشرفين .

-------------------------------------------------------

4) مسألة هل العقل قادر على تمييز القبيح والحسن ....

أنت تقول بأن الإنسان البالغ يجد نفسه محتاج إلى نور اضافى فوق نور الفطرة يبين له حكم التفاصيل التى يواجهها فى حياته

وهنا أراك تناقض كلامك الاول وتنكر قدرة العقل على تمييز الخبيث والحسن ... متذرعاً بان العقل لا يدرك قبح وحسن التفاصيل ويحتاج الشرع في ذلك .... وقد قلت لك فيما سبق بأن تلك التفاصيل إن لم يدرك العقل حسنها أو قبحها وقال لنا الشرع بأنها قبيحة أو حسنة فكيف لنا أن نطمئن لصحة ما يقوله الشرع ... تذكر أننا نناقش فكرة إرسال الرسل كفكرة مجردة وعليه فنحن نفترض جدلاً بأننا غير متييقنين من صحة أو خطأ الرسالات السماوية أو أننا لم نخوض في فحصها بعد ..

-------------------------------------------------------

5) أنت تقول بأننا بحاجة للوحي والتوجيه الإلهي في أمور كثيرة لمعرفة ما يحب الله وما يكره

وضربت مثالاً بأن الله لا بد أنه إما يحب أن نعبده أو أنه يكره ذلك وفي كل الحالتين فإن المتوقع هو أن يقوم بإبلاغنا بما يحب أو يكره لكي نلتزم به ....

وردي على ذلك هو أن ليس كل الأفعال إما مكروه أو محبوبة من الله ... هناك أفعال كثيرة الله غير معني بفعلنا لها أو عدم فعلنا لها ... الله أعطانا نوره (العقل والضمير والمنطق) وتركنا لنخوض غمار الحياة بحرية ... مثلاً أكل اللحم بكثرة هو مضر ... فهل يحب الله ذلك أم يكرهه ... ربما تقول لي لو ثبت ضرره يكون مكروه شرعاً ... وأنا أقول لك كذلك الشئ الذي يثبت ضرره (مثل إهدار الوقت في عبادات لا طائل منها) يكون مكروه عقلاً .

-------------------------------------------------------

6) مسألة : هل تليق صفة المن وطلب الحمد بذات الله العلية ...

وكان ردك على تلك المسألة بمثال قلت فيه ... لو أن رجلا كريما يتصدق على فقير عاجز فيجد وفاء ومحبة من هذا الفقير العاجز ، ثم نفس الرجل يتصدق على فقير عاجز آخر فيجده لئما يجحد ويتنكر تلك الصدقة ، فهذا الرجل الكريم الذى لا يحتاج شيء من هذا ولا من ذاك لا يمكن ان يتساوى عنده الوفى واللئيم

وردي على كلامك بسيط ... فهذا الرجل الكريم لن يقوم بعقاب اللئم الذي جحد نعمته ... وإلا فلتتفضل بالتوضيح ... كيف يسئ الإنسان لله عندما يكفر به ويجحد نعمته أو لا يعبده كما يستحق ...

-------------------------------------------------------
7) مسألة : هل يجيب الله الدعاء ...

ومرة أخرى كان ردك لإثبات هذه المسألة هو عبر مثال قلت فيه : (لو أنك رجلا قوى شجاع كريم وامامك طفل ضعيف معاق عاجز جاء ثعبان ليلدغه فأخذ يستغيث بك (أرجوك أنقذنى ويبكى ) هل يمكن أن تتركه؟)

ولا أخالك تجهل بأن هناك ملايين الأطفال يموتون جوعاً ... وكثير منهم مسلمون يدعون الله الغوث فلا يغوثهم ... أما أن تقول لي بأن الله سيؤجل دعاءهم للحياة الأخرى وينصفهم فيها ، فهنا أقول لك بأن ذلك غير ثابت ... (أنا أميل للإعتقاد بأن الله سيعوض هؤلاء وينصفهم بالطبع ، إلا أن الغير ثابت لدي هو أن الله سنصفهم ويعوضهم فقط لأنهم دعوه)

-------------------------------------------------------
8) مسألة أن الله قد أمرنا بترجيح الأخلاق على مصلحتنا ، وبدون توجيه الله (عبر الرسل) لما قمنا بهذا الترجيح ... فغير المؤمن يقيس الأخلاق فقط بميزان المصلحة ...

وأقول لك إختصاراً أن كلامك هذا غير صحيح ... أما الخوض في ذلك فسيحتاج لشريط مستقل يمكننا فتحه ، فالموضوع شائك ومتشعب .

-------------------------------------------------------
9) مسألة أن الفطرة تتغير وتتبدل ، فيقبل الناس على إستحسان أفعال قبيحة بالفطرة أو العكس .

وهي شئ أنا أقره ... وقد علقت أنت على ذلك بالقول بأن ذلك يثبت الحاجة للشرع لرد الناس لفطرتهم السليمة .

ولكن يا عزيزي ... أنا رأيت الفطرة تتغير وتتبدل ، ورأيت بعض الحكماء أو الحركات الإصلاحية تعمل على إصلاح الخلل ... رأيت الثورة الفرنسية تنادي بالحرية والعدالة ، ورأيت ثورات كثيرة تدعو لإنصاف الضعفاء والمظلومين ... رأيت العالم الحر يتدخل ليصحح وضعاً شاذاً في جنوب أفريقيا العنصرية بالتضامن مع مجاهدين مخلصين لقضيتهم ، فعادت الأوضاع لنصابها .... رأيت إبراهام لينكولن يلغي العبودية وسبقه في هذا الصدد الكثيرين ممن مهدوا لهذه القرارات التي قضت على ظلم إمتد لآلاف الأعوام ... رأيت مصطلحين إجتماعيين كثيرين وحركات إجتماعية وسياسية ... ورأيت ثمار كل ذلك في العالم الذي نعيش فيه اليوم .. الذي هو رغم عيوبه ومشاكله ، افضل بكثير من عالم القرون الوسطى أو العصور السحيقة ...

ارى بعض الأخطاء في عالمنا المعاصر ، مثل الرأسمالية المتوحشة والإحتكارات ، الإسراف الإستهلاكي ، السماح بزواج الشواذ .. وغير ذلك من الأشياء ... ولكن أرى التصحيح الذاتي لهذه المشاكل يسير بشكل جيد ... فعالم اليوم 2012 هو أفضل بكثير من عالم 1912



•كان العمال يضربوا بالرصاص إذا تظاهروا وكانوا يعملون بدون أي حقوق أو إمتيازات في اوضاع مزرية ، الآن اصبحت أوضاعهم افضل بشكل كبير لا ينكره منصف
•الجوع والمجاعات أسوأ ما يمكن أن تجابهه الإنسانية ، تقلصت بنسبة تفوق ال90% مقارنة بمائة عام مضت
•متوسط العمر والذي يعكس مدى الرخاء الصحي للإنسان ... زاد بحولي 20 عام في المتوسط مقارنة بمائة عام مضت
•معدل المشاركة في الحكم ، زاد بنسبة ملحوظة ... فلم يكن من المتصور أن يحكم شخص من الطبقة المتوسطة أو ما دون المتوسطة أي دولة في العالم القديم وكان الحكم والثروة والسلطة محصور في أسر معينة
•الطبقة الوسطى ... لم تظهر إلا حديثاً
•معدل الجريمة إنخفض كثيراً مقارنة بالعصر القديم ... إسأل عن حال المملكة السعودية في القرن التاسع عشر أو ما قبله ... عندما كان المرأ لا يأمن على نفسه حتى ولو كان مسافراً للحج
•أنظر للعبودية ، قد إختفت وتحرر ملايين العبيد ... هل تم ذلك بفضل الإسلام ؟؟


كل هذا التقدم في أوضاع الإنسان (والذي يعمى عنه تماماً المدافعين عن الأديان) لم يكن الفضل فيه للأديان ... فما الذي قدمته الاديان للإنسانية ... الأديان أخرت التقدم العلمي ولعبت دور في إزكاء الصراعات والحروب ... المطبعة (أحد أهم إكتشافات العصر الحديث) عندما ظهرت في الغرب حاربتها الكنسية وعندما وصلت للشرق عبر حملة نابليون حاربها الأزهر ... وقس على ذلك الكثير من الحالات المشابهة .... الحضارة الإسلامية قامت على أكتاف علماء تم تكفيرهم بواسطة الشيوخ ... وهي على كل حال حصيلة قيام إمبراطورية ضخمة ذات إمكانات مهولة قبل أن تكون نتيجة دين .... لو كان الدين هو باعث التقدم العلمي والحضارة الإسلامية لرأينا تلك الحضارة تبزغ في عصر الصحابة والتابعين ... لكن الواقع لم تبزغ الحضارة إلا في عصر الخليفة المأمون (المعتزلي وليس السلفي) .... لمجرد أن الحضارة المسماة إسلامية قامت في إطار الدولة الإسلامية لا يعني أنها قامت على أكتاف الدين

يا عزيزي لسنا في حاجة للأديان ، فهي لم تقدم شئ للبشرية ... ولن تقدم شئ ... صحيح ان هناك بعض المشاكل التي تعاني منها البشرية في العصر الراهن ... ولكن الأديان هي آخر من يمكن ان يساهم في حل هذه المشاكل

-------------------------------------------------------

10) أخيراً ، بخصوص سؤالك .. هل معنى أن أفعالى بإرادتى الحرة أن الله ليس له سلطان عليها أم أن معنى أن الله خالق كل شيء أننى ليس لى إرادة حرة أم أمر غير ذاك وذاك؟

هذا السؤال مطلوب منك أنت إجابته ، فهي إحدى تناقضات الإسلام التي إجتهد الشيوخ لتبريرها ، وأحسبهم فشلوا في ذلك ...

المنطق البسيط يقول بان تقدير الله لشئ (مثل تقدير الكفر على الكافر) يتناقض مع حرية الإختيار ،، والمفارقة أن هذا المنطق البسيط والواضح قد جاء به حديث شريف روي عن الرسول ،، فقد ورد عن الرسول أنه قال : (احتجَّ آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيَّبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخطَّ لك بيده، أتلومني على أمر قدَّره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحجَّ آدم موسى، فحجَّ آدم موسى)،، الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري
__________________________________________________ _________________________
أبو ذر:


1) هل يليق وصف الله بالغضب ، والغضب هو ردة فعل على حدث غير متوقع

خلاصة ردك هو أن معنى الكلمة معروف ولكن كيفيتها غير معروفة ... لأن الصفات فرع عن الذات ومادمنا لا نعرف كيفية ذات الله فلا يمكن معرفة كيفية صفاته ....

وأكتفي بردك هذا ، خصوصاً أنك أشرت إلى أن هذا خارج موضوعنا ...
عذرا لا أدرى بما اكتفيت فى ردى فقد كتبته كله لكى تعلم أن غضب الله ليس كغضبنا وأنه لو كانت كيفية غضبنا عبارة عن ردة فعل على حدث غير متوقع فغضب الله ليس كذلك ولا نعلم كيفيته واذا كان غضبى قد يختلف فى كيفيته عن غضبك ونحن بنى جنس واحد فاختلاف كيفية غضب الله أظهر وأبين فقد يكون غضبى انتفاخ بالأوداج وغضبك ابتسامة حزينة هذا ما أردت بيانه وضربت مثل الحب عليه فى المداخلة السابقة وقلت أننا نجهل الكيفية ونعرف معنى الصفة

2) هل يكره الله الأشخاص أم أنه يكره أفعالهم ...

هذا هو التساؤل الذي طرحته ... وكان ردك هو ...

[B]
وقلت ايضاً


وأنا أتفهم وجهة نظرك وأقبلها ... (مع بعض التحفظات البسيطة التي لن أخوض فيها حيث أنها تتعلق بنقطة أخرى ، ألا وهي مسألة أن الإنسان مخير أم مسير)
أنت هنا تقول انك قبلت وجهة نظرى التى هى (أن العقل يوجب أن الخالق سيرسل الرسل )
لأن الله العليم العظيم يجب أن يعلم ما يجرى على الأرض من أفعالنا فهذا اللائق به
ويجب أن تكون نتيجة هذا العلم بكل فعل وقع مهما كبر أو صغر أن يكون له حكم عند الله فلا تكون الافعال عنده سواء فهذا اللائق بالعليم الحكيم (حتى لو استوت الأشياء فى نظرنا بسبب جهلنا بدقائق الأمور وحقائقها ودرجاتها فى الخير والشر)
ويجب أن تنقسم الأمور فى أغلبها إلى أمور يحبها الله وأمور يكرهها
ونحن كمكلفين مسؤلون عن أفعالنا يجب أن تصيبنا كأشحاص محبة الله أو كرهه نتيجة أفعالنا
فنحتاج إلى قبل كل اختيار فى حياتنا صفر أم كبر أن نعلم هل سنحصل محبة الله بهذا أم سنحصل كراهته ولم يهدينا الله إلى كل تلك التفاصيل بالفطرة ولا بالعقل هذه واحدة
ولا يمكن أن يمكنا الله من ما يحبه وما يكرهه من الأفعال بدون حساب
ولا يمكن الحساب بدون بلاغ فها هم المشركين يعبدون الأصنام تقربا لله وها هم البشر اختلفوا الى أديان شتى كل يظن أنه يرضى الله بفعله

من هذا نعلم أن العقل والفطرة يوجبان العلم بأن الله سوف يرسل الرسل وينزل الكتب وانت وافقت هنا على هذا ثم نسيت هذا بعد عدة أسطر فتنصلت من ذك فى النقطة الرابعة والخامسة


3) مسألة هل الغير مؤمن يعيش كالبهيمة وليس له هدف في الحياة سوى المتع المادية ...

وخلاصة وجهة نظرك هنا هو أن أهداف الكافر بغض النظر عن تلك الأهداف ليس لها قيمة ، حيث أنها مرتبطة فقط بفترة حياته القصيرة على الأرض ... (فالموت فضح حقيقة الحياة وأنها بلا قيمة ولا يمكن أن يكون هناك هدف حقيقى ويكون فى نفس الوقت بلا قيمة)

وهذا يقودنا لمسألة عبثية الحياة أو ما يسميها الزميل إبن عبد البر (العدمية) ... وخلال ردي في شريط المناظرة قد أسهبت في نقد وجهة النظر تلك ... وسيتتابع نقاشي مع الزميل إبن عبد البر حول هذه النقطة ، لذا لا أريد الخوض في ذلك خشية إغضاب المشرفين .لا أطلب منك الخوض ولا الاسترسال فى الأهداف لكن فى الحقيقة أتحدى أن تذكر هدف واحد





4) مسألة هل العقل قادر على تمييز القبيح والحسن ....

أنت تقول بأن الإنسان البالغ يجد نفسه محتاج إلى نور اضافى فوق نور الفطرة يبين له حكم التفاصيل التى يواجهها فى حياته

وهنا أراك تناقض كلامك الاول وتنكر قدرة العقل على تمييز الخبيث والحسن ... متذرعاً بان العقل لا يدرك قبح وحسن التفاصيل ويحتاج الشرع في ذلك .... وقد قلت لك فيما سبق بأن تلك التفاصيل إن لم يدرك العقل حسنها أو قبحها وقال لنا الشرع بأنها قبيحة أو حسنة فكيف لنا أن نطمئن لصحة ما يقوله الشرع ... تذكر أننا نناقش فكرة إرسال الرسل كفكرة مجردة وعليه فنحن نفترض جدلاً بأننا غير متييقنين من صحة أو خطأ الرسالات السماوية أو أننا لم نخوض في فحصها بعد ..
هذا الكلام صحيح لو اننى أقول لك أن الأكل فى نهار رمضان قبيح والعقل لا يعلم ذلك فيحتاج الى ارسال الرسل لذلك
فتقول لى وما الدليل على أن ذلك قبيح فأقول لك الشرع فهذا استدلال لا يصح
لكنى لم أستند إلى دليل شرعى فى بيان قبح أو حسن الأفعال الصادرة منا والتى لا يدرك قبحها أو حسنها العقل
ولكنى استندت الى دليل عقلى أنها يجب أن تقع عند الله على وجه قبيح أو وجه حسن لكمال علمه وحكمته

5) أنت تقول بأننا بحاجة للوحي والتوجيه الإلهي في أمور كثيرة لمعرفة ما يحب الله وما يكره

وضربت مثالاً بأن الله لا بد أنه إما يحب أن نعبده أو أنه يكره ذلك وفي كل الحالتين فإن المتوقع هو أن يقوم بإبلاغنا بما يحب أو يكره لكي نلتزم به ....

وردي على ذلك هو أن ليس كل الأفعال إما مكروه أو محبوبة من الله ... هناك أفعال كثيرة الله غير معني بفعلنا لها أو عدم فعلنا لها ... الله أعطانا نوره (العقل والضمير والمنطق) وتركنا لنخوض غمار الحياة بحرية ... مثلاً أكل اللحم بكثرة هو مضر ... فهل يحب الله ذلك أم يكرهه ... ربما تقول لي لو ثبت ضرره يكون مكروه شرعاً ... وأنا أقول لك كذلك الشئ الذي يثبت ضرره (مثل إهدار الوقت في عبادات لا طائل منها) يكون مكروه عقلاً .
ما معنى أفعال نعتنى بها والله غير معنى بها ؟
هل هذا لأنه لا يعلمها ؟بالتأكيد لا فهو العليم بكل شيء
هل هذا لأنه لم يحصل منفعة ذاتية منها فلا يعتنى بها كثيرا؟بالتأكيد لا فهو الغنى عن كل شيء
هل لأننا علمنا الفرق بين فعلها وبين عدم فعلها والله لم يعلم ذلك الفرق ؟ بالتأكيد لا
هل لأنه لا يعتنى بنا ولا يبالى بفسادنا فى الأرض أو اصلاحنا فيها لا بحصول النعمة لنا ولا بحصول النقمة ؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا

6) مسألة : هل تليق صفة المن وطلب الحمد بذات الله العلية ...

وكان ردك على تلك المسألة بمثال قلت فيه ... لو أن رجلا كريما يتصدق على فقير عاجز فيجد وفاء ومحبة من هذا الفقير العاجز ، ثم نفس الرجل يتصدق على فقير عاجز آخر فيجده لئما يجحد ويتنكر تلك الصدقة ، فهذا الرجل الكريم الذى لا يحتاج شيء من هذا ولا من ذاك لا يمكن ان يتساوى عنده الوفى واللئيم

وردي على كلامك بسيط ... فهذا الرجل الكريم لن يقوم بعقاب اللئم الذي جحد نعمته ... وإلا فلتتفضل بالتوضيح ... كيف يسئ الإنسان لله عندما يكفر به ويجحد نعمته أو لا يعبده كما يستحق ...
هذه عدة مسائل
أولا : كلامى لم يكون عن العقاب أو عدم العقاب كلامى كان عن عدم استواء هذا مع ذاك عند هذا الرجل الكريم بالرغم من أنه لا يحتاج إلى كليهما ولكنه يعلم الفرق بين الوفاء واللؤم فالحب والكره ليس له علاقة بالمنفعة الذاتية المتحصلة وهذا هو المطلوب إثباته
ثانيا : إذا كان الرجل الكريم لن يعاقب اللئيم فذلك لأنه ليس ملك عليه وإلا فلو كان يجمع بين الكرم والملك لوجب عليه معاقبة المفسد لقبح صفاته حتى لو لم يتعدى ضرره إلا نفسه لو كان هذا الملك يملك نفس هذا اللئيم وكان كامل الملك والسلطان
ثالثا :وهو جواب سريع على سؤالك كيف يسيء الإنسان لله بكفره
فيكفى اساءة الظن بالله واعتقاد أنه لا يبالى بنا و قولنا أننا لا نحتاج منه شيء و أنه لم يعطينا شيء اللهم غيرأنه خلقنا لنلاقى الويلات فى هذه الدنيا أليس هذا معتقد اللالدينين؟
قال تعالى ( وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ 23 فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ 24

7) مسألة : هل يجيب الله الدعاء ...

ومرة أخرى كان ردك لإثبات هذه المسألة هو عبر مثال قلت فيه : (لو أنك رجلا قوى شجاع كريم وامامك طفل ضعيف معاق عاجز جاء ثعبان ليلدغه فأخذ يستغيث بك (أرجوك أنقذنى ويبكى ) هل يمكن أن تتركه؟)

ولا أخالك تجهل بأن هناك ملايين الأطفال يموتون جوعاً ... وكثير منهم مسلمون يدعون الله الغوث فلا يغوثهم ... أما أن تقول لي بأن الله سيؤجل دعاءهم للحياة الأخرى وينصفهم فيها ، فهنا أقول لك بأن ذلك غير ثابت ... (أنا أميل للإعتقاد بأن الله سيعوض هؤلاء وينصفهم بالطبع ، إلا أن الغير ثابت لدي هو أن الله سنصفهم ويعوضهم فقط لأنهم دعوه)
دليلك على أن الله سوف ينصفهم ويعوضهم وأنت لم ترى ذلك هو نفس دليلنا على أن الله لا يرد يدى السائل صفرا خائبتين فهذا هو اللائق بالله من الرحمة ولكن كيفية هذه الاجابة تتدخل فيها الحكمة فتغيب عنا أحيانا كثيرة لأن حكمة الله لا يحيط بها أحد غيره

8) مسألة أن الله قد أمرنا بترجيح الأخلاق على مصلحتنا ، وبدون توجيه الله (عبر الرسل) لما قمنا بهذا الترجيح ... فغير المؤمن يقيس الأخلاق فقط بميزان المصلحة ...

وأقول لك إختصاراً أن كلامك هذا غير صحيح ... أما الخوض في ذلك فسيحتاج لشريط مستقل يمكننا فتحه ، فالموضوع شائك ومتشعب .
لك هذا ولن أناقشك

9) مسألة أن الفطرة تتغير وتتبدل ، فيقبل الناس على إستحسان أفعال قبيحة بالفطرة أو العكس .

وهي شئ أنا أقره ... وقد علقت أنت على ذلك بالقول بأن ذلك يثبت الحاجة للشرع لرد الناس لفطرتهم السليمة .

ولكن يا عزيزي ... أنا رأيت الفطرة تتغير وتتبدل ، ورأيت بعض الحكماء أو الحركات الإصلاحية تعمل على إصلاح الخلل ... رأيت الثورة الفرنسية تنادي بالحرية والعدالة ، ورأيت ثورات كثيرة تدعو لإنصاف الضعفاء والمظلومين ... رأيت العالم الحر يتدخل ليصحح وضعاً شاذاً في جنوب أفريقيا العنصرية بالتضامن مع مجاهدين مخلصين لقضيتهم ، فعادت الأوضاع لنصابها .... رأيت إبراهام لينكولن يلغي العبودية وسبقه في هذا الصدد الكثيرين ممن مهدوا لهذه القرارات التي قضت على ظلم إمتد لآلاف الأعوام ... رأيت مصطلحين إجتماعيين كثيرين وحركات إجتماعية وسياسية ... ورأيت ثمار كل ذلك في العالم الذي نعيش فيه اليوم .. الذي هو رغم عيوبه ومشاكله ، افضل بكثير من عالم القرون الوسطى أو العصور السحيقة ...

ارى بعض الأخطاء في عالمنا المعاصر ، مثل الرأسمالية المتوحشة والإحتكارات ، الإسراف الإستهلاكي ، السماح بزواج الشواذ .. وغير ذلك من الأشياء ... ولكن أرى التصحيح الذاتي لهذه المشاكل يسير بشكل جيد ... فعالم اليوم 2012 هو أفضل بكثير من عالم 1912



•كان العمال يضربوا بالرصاص إذا تظاهروا وكانوا يعملون بدون أي حقوق أو إمتيازات في اوضاع مزرية ، الآن اصبحت أوضاعهم افضل بشكل كبير لا ينكره منصف
•الجوع والمجاعات أسوأ ما يمكن أن تجابهه الإنسانية ، تقلصت بنسبة تفوق ال90% مقارنة بمائة عام مضت
•متوسط العمر والذي يعكس مدى الرخاء الصحي للإنسان ... زاد بحولي 20 عام في المتوسط مقارنة بمائة عام مضت
•معدل المشاركة في الحكم ، زاد بنسبة ملحوظة ... فلم يكن من المتصور أن يحكم شخص من الطبقة المتوسطة أو ما دون المتوسطة أي دولة في العالم القديم وكان الحكم والثروة والسلطة محصور في أسر معينة
•الطبقة الوسطى ... لم تظهر إلا حديثاً
•معدل الجريمة إنخفض كثيراً مقارنة بالعصر القديم ... إسأل عن حال المملكة السعودية في القرن التاسع عشر أو ما قبله ... عندما كان المرأ لا يأمن على نفسه حتى ولو كان مسافراً للحج
•أنظر للعبودية ، قد إختفت وتحرر ملايين العبيد ... هل تم ذلك بفضل الإسلام ؟؟


كل هذا التقدم في أوضاع الإنسان (والذي يعمى عنه تماماً المدافعين عن الأديان) لم يكن الفضل فيه للأديان ... فما الذي قدمته الاديان للإنسانية ... الأديان أخرت التقدم العلمي ولعبت دور في إزكاء الصراعات والحروب ... المطبعة (أحد أهم إكتشافات العصر الحديث) عندما ظهرت في الغرب حاربتها الكنسية وعندما وصلت للشرق عبر حملة نابليون حاربها الأزهر ... وقس على ذلك الكثير من الحالات المشابهة .... الحضارة الإسلامية قامت على أكتاف علماء تم تكفيرهم بواسطة الشيوخ ... وهي على كل حال حصيلة قيام إمبراطورية ضخمة ذات إمكانات مهولة قبل أن تكون نتيجة دين .... لو كان الدين هو باعث التقدم العلمي والحضارة الإسلامية لرأينا تلك الحضارة تبزغ في عصر الصحابة والتابعين ... لكن الواقع لم تبزغ الحضارة إلا في عصر الخليفة المأمون (المعتزلي وليس السلفي) .... لمجرد أن الحضارة المسماة إسلامية قامت في إطار الدولة الإسلامية لا يعني أنها قامت على أكتاف الدين

يا عزيزي لسنا في حاجة للأديان ، فهي لم تقدم شئ للبشرية ... ولن تقدم شئ ... صحيح ان هناك بعض المشاكل التي تعاني منها البشرية في العصر الراهن ... ولكن الأديان هي آخر من يمكن ان يساهم في حل هذه المشاكل
هذا الذى ذكرته فيه مغالطات كثيرة منها
أنك بعد أن تقر بأن الجنس البشر كجنس يحتاج عقله إلى مرجع آخر فوق الفطرة تعود لتجعل هذا المرجع هو عقل الجنس البشر ولكن بعد تسمية هذا بأسماء كبيرة بعض الشيء وأنها نهضات وحركات إصلاحية وما إلى ذلك والسؤال إلى أى شيء يستند هؤلاء المصلحون أم أنهم جنس غير بشرى أوجدهم الله ليعوضوا الجنس البشرى ما يحتاجه من الهداية ؟
ومنها التغافل عن جيل الصحابة والتابعين وأعلام الإسلام
ومنها الخلط فى معنى الحضارة التى لو كانت الرقى الأخلاقى لكانت للإسلام والمسلمين بجدارة
ولو كانت بالرقى المعرفى فالعلم يشرف بالمعلوم وليس هناك معلوم أعظم من العلم بالله الرب الخالق وأسمائه وصفاته وهذا فى الإسلام وحده فليس هناك عقيدة تعظم الله وتصفه بما يليق به غير الإسلام
ولو كانت بتوفير الحاجات فليس هناك حاجة أعظم من معرفة الله وتحصيل رضوانه وهذا فى الإسلام وحده

10) أخيراً ، بخصوص سؤالك .. هل معنى أن أفعالى بإرادتى الحرة أن الله ليس له سلطان عليها أم أن معنى أن الله خالق كل شيء أننى ليس لى إرادة حرة أم أمر غير ذاك وذاك؟

هذا السؤال مطلوب منك أنت إجابته ، فهي إحدى تناقضات الإسلام التي إجتهد الشيوخ لتبريرها ، وأحسبهم فشلوا في ذلك ...

المنطق البسيط يقول بان تقدير الله لشئ (مثل تقدير الكفر على الكافر) يتناقض مع حرية الإختيار ،، والمفارقة أن هذا المنطق البسيط والواضح قد جاء به حديث شريف روي عن الرسول ،، فقد ورد عن الرسول أنه قال : (احتجَّ آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيَّبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخطَّ لك بيده، أتلومني على أمر قدَّره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحجَّ آدم موسى، فحجَّ آدم موسى)،، الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري

ألححت فى طلب الاجابة على هذا السؤال لأنه من المسائل التى تحار فيها العقول وتطلبها بشدة ولم تصل عقول البشر إلى حل يريحها فهى من حاجات البشر للهداية من الرب العليم بوحى هدى العقول المجهدة المتخبطة ولذلك كان الإيمان بالقدر من أركان الإيمان التى هى مسائل غيبية غابت كيفياتها عن البشر وعلموا الأدلة على صحتها
أما توجيهك السؤال لى فالجواب مفصل عند علماء المسلمين و لى والحمد لله كلام هنا بالمنتدى في هذا الموضوع لكنى أود سماع إجابتك أنت وأنا الذى وجهت السؤال أولا
واما إستدلالك بالحديث على أن الإسلام يقول بالجبر فهذا فهمك انت وهو باطل قطعا فالإسلام وسط بين القدرية النفاة والجبرية ولو كان الإسلام يقول أن الإنسان مجبر على فعله فكيف يكلفه اللشرع بالتكاليف ويحاسبه عليها و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
واما معنى الحديث فهو بيان جواز احتجاج التائب بالقدر بعد توبته وعدم جواز التعير بالذنب بعد التوبة لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له
والله المستعان
وإلى هنا انتهى الحوار ولم يرد الربوبى والحمد لله رب العالمين

د. هشام عزمي
10-03-2012, 01:51 AM
جزاك الله خيرًا أخي أبا ذر ..
وأقول للزميل الربوبي :
ألا يكفي ما فيه أمم الأرض من الاختلاف والنزاع والتفرق ليكون دليلاً على أن الإنسان لا يستطيع وحده أن يحدد بشكل صحيح ما ينفعه ويصلح شأنه ؟!