المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنت لا تشعر بحاجة لشيء غير موجود!



واسطة العقد
11-10-2012, 10:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كان حفلاً انفقت فيه ملايين من الاموال في اقل من ساعة لإبهاج اثرياء حمقى.. و وسط معمة التبذير و الهرج وصلتني رسالة تقول بما معناه:... "و الأموال تحرق حرقًا لامتاع هؤلاء بينما الافُ الناس يموتون جوعًا و "هو" يشاهد.. يقولون يمهل و لا يهمل، ربما" و كان مُرسل الرسالة لاأدريًا، بقية المقال تلخيص لجانبي من الحوار الذي حصل و انتهى دون نتيجة:
نحن لا نملك حاجةً لا نستطيع اشباعها بغض النظر عن التحقق الفعلي للاشباع، الجوع دليلٌ وجود ما يؤكل و العطش دليلُ وجود ما يشرب، حاجة الفرد للحب و التقدير و الانتماء دليلُ وجود جماعةٍ من البشر يإمكانها تقديم استجابات تشبع هذه الحاجة، فلو ولد احدنا بجزيرة وحده كحي بن يقظان لربما استنتج وجود غيره من البشر و عيشهم بجماعات لا يفترقون من احساس الوحدة الذي سيعانيه.. و هكذا، حاجتك للشيء دليلُ وجود ما يمكنه اشباع هذا النقص فيك و الحاجة هي حالة من الافتقار - او النقص - لشيء ما اذا ما تواجد تحقق الاشباع و الرضا كما يعرفها علم النفس.
فأقول: حاجتك و تلمسك غياب العدل في هذا العالم، صراخٌ مظلوم اخذ بجريرة غيره في محكمة: "اين العدل؟؟" دليلُ وجود عدلٌ مطلق و واجب، و دليلٌ ان هذا الوضع ليس الوضع السليم و انه يمكن تصحيحه، و معنى العدل .... هذا الذي ندركه كلنا بالفطرة لم نتعلمه بكليات القانون او بالكتب بل ندركه بوجداننا من غير تعليم و ان كان العدل المطلق غائبًا بهذا العالم كما ترى و ان كان الحكم الاخلاقي السليم غائبًا بكثير من القضايا... فكيف ادركنا نحن مفهوم العدل؟ حتى صرنا نعرف الفرق و الحد بين ماهو عادل و غير عادل و حتى صار الظالم يظلم و هو يدرك انه ظالم؟ من اين اتى هذا الادراك لمعنى العدل الموافق لحاجتنا للعدل الكامل و تلمسنا لمن يحققه؟ كيف نميز بين ماهو عادل و ماهو غير عادل؟1 تمسك بهذا السؤال.
و "الانسان حيوان متدين" كما يقول كثر، و معلومٌ ان الاحساس بالقداسة هو من اغرس المفاهيم بالنفس الانسانية بغض النظر عن تجلياتها و تطبيقاتها و كبتها - كما في حالة الالحاد -... حاجة الانسان لإله يعبده هي امر يتفق عليه المؤمنون و الملحدون معًا، اعني يتفقون على وجود هذه الحاجة و يفترقون في تفسيرها فبينما يرى المؤمنون انها فطرة من الاله يرى الملاحدة انها نتيجة خوف الانسان و نقصه الخ و ايًا كان تفسيرهم فلسنا نناقش التفسير و النظرة لهذه الحاجة بقدر ما نناقش وجودها من نعدمه و نبني على قضية الوجود وحدها ما يلي، فكما اتفقنا ان الاحساس بالقداسة لكيان يحمل صفات لا تتغير بكل الديانات من الديانات التوحيدية الى الديانات الوثنية2 هو حاجة اصيلة بالنفس الانسانية، و اتفقنا انك لا تشعر بالعطش لمشروب خيالي او بالحاجة لشيء غير موجود بهذا الكون فكل حاجة بالنفس هي دليلٌ على وجود ما يشبعها، فاذًا وجود هذه الرغبة بالعبادة و الاتصال بكيان أعلى دليلٌ على امكانية اشباع هذه الحاجة، و هذه الحاجة لا تٌشبع الا بالاتصال بذاك الكيان ثم نيل رضاه 3 فدلتك ما تحمله نفسك على وجود ما تنكره...و قد يقول قائل4 ان اي حاجة من الحاجات السابقة يمكن تفسيرها و ردها لاسس بيلوجية فالعطش نقص بيلوجي و الحب و الميل هرمونات بعقل الانسان فكلها امور بيولجية؟ فأقول ان كونها بيلوجية لا ينفي ما تقدم و ليس علة لهدم ما قيل هذه واحدة، و الثانية انني لا اوافق و لا اقر اصلاً ان الحب و الميل مجرد هرمونات بجسم الانسان! نعم هناك جانب هرموني فالانسان مخلوق ذو طبيعة ثنائية يتداخل فيه الجسد مع الروح لكن هذا ليس الا جزءًا من الصورة بل و جزءًا صغيرًا يعجز عن تفسير القضية كلها، و اقرب مثالٍ هي قضية الوعي الانساني و مظاهره مثل التفكير و اللغة فلو رددته لاسباب بيولجية فهو خلايا و نبضات كهربية لكن هذا التفسير ليس كافيًا لتفسير اي شيء و لذا عجز كبار الملاحدة عن تفسير الوعي الانساني 5و وصفوه بانه اصعب سؤال يُطرح.. فنحن نعجز عن رد التفكير و الوعي لاسباب مادية بحتة و حتى اللغة و هي مظهر من مظاهر الوعي عجز الفكر المادي عجزًا مطلقًا عن ردها لاسباب تطورية او مادية او حتى تفسير تعلم اللغة الاولى بتفسير مادي فقط، و ان سايرتك و قلت ان الوعي و اللغة و الشعور ماهي الا تجليات بيولجية، فهلا رجعنا خطوة للوراء و رأينا هي تجليات مادية لأي شي؟ للمادة التي تشكل جسد الانسان و التي تنتمي لجنس المادة التي خُلق منها الكون6 ؟ و هل تشعر المادة او تحس او تعقل؟ و اياك ان تلوح لي بمغالطة الجهل هنا فلستُ استدل بالجهل على شيء و انما اقدم ادلة ايجابية تناقض ما تقول و ان كان الاحتجاج بالجهل نسبيًا و ليس مذمة في كل حال.
فإنظر الى تلمسك العدل المطلق و ادراكك لمعناه و هو غائب، و انظر لاحساس القداسة الاصيل بنفسك ثم انظر لعجز المذهب المادي عن تفسير اي شيء وحده، مثله كمثل اعور يرى نصف الصورة و لا يراها كاملة.. و ستعرف بنفسك جواب هذه المعضلات و ماهو الا كلمةُ واحدة... الله.

_
1: و بعالم المادة، عالم الجبر.. لا يوجد معنى حقيقي لكلمة عدل او ظلم، و لا تفسير لوجودهما بالمعاجم او ادراكنا لها.
2: و هي انه:
أ- متسامي عن هذا الكون ليس من جنسه، و قد يقول قائل ان الوثنين عبدوا الاشجار و الصور فيقال انهم عبدوها لاعتقادهم بحلول الإله بها لا لانهم يؤمنون ان الههم هو ذاك التمثال الذي قطعوا خشبه من شجرة ثم نحتوها.
ب- له اتصال او نوع من الاتصال بالبشر.
جـ - له تأثير و تحكم و تدخل مباشر بعالمنا و لهذا يصلون له و يدعونه، و صنف افلاطون الملاحدة الى صنفين: نصف لا يؤمن بوجود الله و نصف يؤمن بأن الله ترك العالم و اهمله، منهم ابيقور.
3: و حالة الاضطراب التي يعانيها الملحد انما هي دليل افتقاره لتحقيق هذه الحاجة الاصيلة بنفسه.
4: و هذه هي الاعتراضات التي وردتني من اللاادري.
5: http://www.youtube.com/watch?v=m0I4pmTvdiw المذيع: ماهو السؤال الذي تريد معرفته بشده؟ دوكنز: معرفة الوعي الانساني الخ
6: مسايرة مني فقط للمذهب المادي، روحُ الانسان من روح الله و جسده من طين الارض.


و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اخت مسلمة
11-10-2012, 11:11 PM
نعم هي الفطرة , الفطرة داخل النفس أصل وبوصلة التوجيه الرباني لكل مستحسن .. بارك الله فيك يامميزة