المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال الإرادة و القدر



اسم
11-25-2012, 09:45 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الأخوة أعضاء مُنتدى التوحيد ، أنا مُسلم مُوحّد بالرب جلّ و علا ، لكن عندي الكثير من الشُبه في رأسي. أطرح إحداهن علّي أجد لها حلاًّ.
يقول الله تعالى/

إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
القصص 56

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
(النحل، 16)

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ
(الرعد، 13)

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا
(النساء، 88)

مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا
(النساء، 143)

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
(الأعراف، 178)

مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
(الأعراف، 186)

وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ
(الشورى، 46)

{ وَكُلّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين } فاطر 45

قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
(التوبة 51)

--

و في الصحيحين :

- حديثٌ في بدءِ الخلقِ : كان اللهُ عزَّ وجلَّ على العرشِ وكان قبلَ كلِّ شيءٍ ، وكتب في اللَّوحِ المحفوظِ كلَّ شيءٍ يكونُ.
الراوي: عمران بن الحصين المحدث: الحكمي - المصدر: معارج القبول - الصفحة أو الرقم: 154/1
خلاصة حكم المحدث: صحيح أصله في البخاري

- كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة . قال وعرشه على الماء . وفي رواية : مثله . غير أنهما لم يذكرا : وعرشه على الماء .
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2653
خلاصة حكم المحدث: صحيح


- سألت الوليدَ بنَ عبادةَ بنِ الصامتِ : كيفَ كانت وصيةُ أبيك حينَ حضرَه الموتُ ؟ قال : دعاني فقال : أي بُنَيَّ ، اتقِ اللهَ واعلمْ أنكَ لن تتقِيَ اللهَ ، ولن تبلغَ العلمَ حتى تؤمنَ باللهِ وحدَه ، والقدرِ خيرِه وشرِّه ، إني سمعت رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : إن أولَ ما خلق اللهُ عزَّ وجلَّ خلق القلمَ ، فقال له : اكتبْ ، قال : يا ربِّ وما أكتبُ ؟ قال : اكتبِ القدرَ ، قال : فجرَى القلمُ في تلك الساعةِ بما كان وبما هو كائنٌ إلى الأبدِ
الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: ابن جرير الطبري - المصدر: تاريخ الطبري - الصفحة أو الرقم: 1/32
خلاصة حكم المحدث: صحيح

---

قبل أن أبدأ .. أن قرأت العديد من المواضيع بالإنترنت حول هذا الموضوع ، و قرأت بمنتدى التوحيد عدة مواضيع ، و نسخت بعض الآيات من (هُنا) (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?1045-%ED%F5%D6%F6%E1%F5%F8-%E3%F3%E4%FA-%ED%F3%D4%F3%C7%C1%F5-%E6%F3%ED%F3%E5%FA%CF%F6%ED-%E3%F3%E4%FA-%ED%F3%D4%F3%C7%C1%F5/page3). قرأت الموضوع مرتين أو أكثر ، لكن للأسف لم أقتنع.


خلال أعوام دراستي للدين ، لم أنظر أبداً للآيات بهذه النظرة التي أنظر إليهن بها الآن. بتّ أنظر نظرة تفكّر و دراسة. لي ما يُقارب الستّة أشهر أو تزيد أبحث فيهن ، و أتمنّى كل التمنّي لو وجدت من هو أهل للسُؤال لأسأله ، لكن بُعد المسافة يمنع. قرأت التفاسير (الجلالين - الطبري - ابن كثير - القرطبي) حول تلكم الآيات ، لكن لم أجد الإجابة التي تُطفئ شُبهتي! كل ما فهمته أن الله خلقنا و قد قدّر المقادير لنا ، فكلّ عمل نعمله قد قُدّر من الله من قبل أن نُولد! و في ذات الوقت لنا خيار ، لكنه لا يخرج عن ما كتبه الله في اللوح قبل خلق السماوات و الأرض بخمسين ألف سنة. فكيف يكون لي الخيار ؟ نعم أنا أختار ما أعمل ، لكن هل يعني أن الله أثر بإرادتي؟


أن عمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه سئل عن هذه الآية: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } الآية فقال عُمَرُ رضي اللهُ عنه:
سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سئل عنها فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ اللهَ خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه واستخرج منه ذرية فقال: خلقت
هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل:يا رسولَ اللهِ ففيم العمل
فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة
وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار
الراوي: مسلم بن يسار الجهني المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 1/158
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

طبقاً لفهمي للحديث .. فإن الله قد قرّر و قدّر مُسبقاً من سيدخل الجنّة و من يدخل النار! ماذا إن كان قد خلقني للنار؟ أو للجنّة؟ أليس هذا تحديد مصير؟ أين إرادتي من هذا؟

-


قلبي ينبض و يخفق بسرعة شديدة ، أطرافي باردة ، مُتوتر للغاية.
أنتظر منكم إجابة تُطفئ النار بداخلي

إلى حب الله
11-25-2012, 10:06 AM
أخي الكريم ...
أرجو مطالعة الموضوع التالي .. ففيه التعرض لكثير مما سألت عنه بإذن الله ..
ثم أخبرنا بالنتيجة وماذا فهمت واستفدت :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?49185-%C7%E1%D1%CF-%DA%E1%EC-%C5%D4%DF%C7%E1%C7%CA-%E3%E1%CD%CF-!

وفقك الله ...

اسم
11-25-2012, 10:55 AM
الأخ أبو حب الله ..
قرأت الموضوع المُرفق ، لكن للأسف لم يُطفئ نار جوفي.
أتمنّى لو فصّلت لي -والإخوة- ردّاً على شُبهتي.

إلى حب الله
11-25-2012, 11:08 AM
ما الذي لم تفهمه من نقطة القدر فيه أخي الكريم وعلاقته بعملك ؟؟؟..
فذلك سيسهل علينا كثيرا ًنقاشك فيه إن شاء الله ...

اسم
11-25-2012, 11:16 AM
كل ما فهمته أن الله خلقنا و قد قدّر المقادير لنا ، فكلّ عمل نعمله قد قُدّر من الله من قبل أن نُولد! و في ذات الوقت لنا خيار ، لكنه لا يخرج عن ما كتبه الله في اللوح قبل خلق السماوات و الأرض بخمسين ألف سنة. فكيف يكون لي الخيار ؟ نعم أنا أختار ما أعمل ، لكن هل يعني أن الله أثر بإرادتي؟


أن عمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه سئل عن هذه الآية: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } الآية فقال عُمَرُ رضي اللهُ عنه:
سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سئل عنها فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ اللهَ خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه واستخرج منه ذرية فقال: خلقت
هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل:يا رسولَ اللهِ ففيم العمل
فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة
وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار
الراوي: مسلم بن يسار الجهني المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 1/158
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

طبقاً لفهمي للحديث .. فإن الله قد قرّر و قدّر مُسبقاً من سيدخل الجنّة و من يدخل النار! ماذا إن كان قد خلقني للنار؟ أو للجنّة؟ أليس هذا تحديد مصير؟ أين إرادتي من هذا؟

هذا ما أبحث عن إجابته.
بإيجاز .. قد كتب الله قدري و مسيرة حياتي قبل أن أخلق ، أي قد قرّر إذا ما كنت سأموت مُسلماً و أذهب للجنّة ، أو كافراً و أذهب للنار. أين إرادتي من هذا؟ يُمكن القول أن الله يُؤثر على إرادتي فيجعلني أختار طريق الكُفر أو الإيمان ، فأشعر و كأنما قد اخترته أنا ، لكنه هو من اختاره!

بن حيان
11-25-2012, 11:58 AM
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ
(الرعد، 13)

هذه الآية تكفيني وتريحني من عناء التفكير فيما قدره الله لأنها تدل على أن من أناب وأراد الهداية وبحث عنها بكل تجرد فسيهديه الله سبحانه وتعالى ، وأن هذه الهداية مكتوبة في سابق علم الله وما علينا إلا أن نخلص العمل لله سبحانه وتعالى فيتحقق قول الله في آخر الآية
ويهدي إليه من أناب
أما علم الله بمصيرنا فهو خاص بالله سبحانه وتعالى ولا يلزمنا العلم به إذ ليس على العبد إلا الإجتهاد في تحصيل الحق وإخلاص النية في ذلك ليتحقق له وعد الله بالهداية كما هو في آخر الآية
أتمنى لك الطمأنينة وإحسان الظن بالله

إلى حب الله
11-25-2012, 01:03 PM
هذا ما أبحث عن إجابته.
بإيجاز .. قد كتب الله قدري و مسيرة حياتي قبل أن أخلق ،

نعم .. كتابة علم لا جبر فيه عليك بشيء ...
وما دام علم الله تعالى تام وكامل : فما علمه وقدره شبحانه : هو في حكم الواقع يقينا وتأكيدا ً..


أي قد قرّر إذا ما كنت سأموت مُسلماً و أذهب للجنّة ، أو كافراً و أذهب للنار.

بعلمه : قد كتب سبحانه ما سيكون منك وبقدره ..


أين إرادتي من هذا؟

لو سلبك الله إرادتك على الكفر أو الإيمان ثم حاسبك : لكان ظالما ًوحاشاه !!..
وهذه من أبسط بديهيات العقل والمنطق السوي !!!..
إذا ً:
إرادتك معك ولم تفارقك أخي .. وإلا :
هل تشعر أن أحدا ًيمنعك الآن عن صلاة الظهر أو العصر أو عمل الخير إلخ ؟؟..
هل تشعر أن هناك مَن يجبرك على قول الكفر أو الإيمان ؟؟؟..


يُمكن القول أن الله يُؤثر على إرادتي فيجعلني أختار طريق الكُفر أو الإيمان ، فأشعر و كأنما قد اخترته أنا ، لكنه هو من اختاره!

الله تعالى يجازي كل مَن اختار طريقا ًمؤمنا به : بأن ييسره له ويمد له فيه !!!..
والجزاء من جنس العمل !!.. ولا يغير الله ما بقوم : حتى يغيروا ما بأنفسهم ..
يقول عز وجل :

" وأما مَن أعطى واتقى .. وصدق بالحسنى : فسنيسره لليسرى " ..
" وأما مَن بخل واستغنى : وكذب بالحسنى : فسنيسره للعسرى " ..

" قل مَن كان في الضلالة : فليمدد له الرحمن مدا ً" ..

" في قلوبهم مرض : فزادهم الله مرضا ً" ..

" نسوا الله : فأنساهم أنفسهم " ..

" والذين اهتدوا : زادهم هدى ً.. وآتاهم تقواهم " ..

" كيف يهدي الله قوما : كفروا بعد إيمانهم ؟!!.. وشهدوا أن الرسول حق ؟!!.. وجاءهم البينات ؟!!.. والله لا يهدي القوم الظالمين " ..

" سأصرف عن آياتي الذين : يتكبرون في الأرض بغير الحق .. وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها .. وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا .. وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا : ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا : وكانوا عنها غافلين " !!..

والحمد لله على نعمة الإسلام ...

إدريسي
11-25-2012, 01:38 PM
أخي الكريم .. هناك بعض الأمور في القضاء والقدر إذا فهمناها تزول مثل هذه الشبهات .. وسأحاول تلخيصها فيما يلي :

- يجب عدم الخوض في القضاء والقدر بفلسفات ومحاولات لتفسيره إلا بما دلت عليه الأدلة الشرعية ووقف عنده العلماء لأن القضاء والقدر من علم الله جل وعلا الذي لا يحيط به كله أحد من خلقه ..


- يجب التفريق بين الإرادة الكونية القدرية والإرادة الدينية الشرعية ..

قال الله تعالى : { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا }{المرسلات:30}

الفرق بينهما أن الإرادة الكونية القدرية قد تكون مما يحبه الله عز وجل كالطاعات وقد تكون مما يبغضه عز وجل ويجلب سخطه كالمعاصي .. أما الإرادة الدينية الشرعية فلا تكون إلا مما يحبه ويرضاه الله عز وجل ..


- القدر لا يكون في الذنوب والمعاصي ولكن في المصائب التي ليست من فعل واختيار الإنسان ..

قال الله تعالى : { سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا ءَابَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ }{الأنعام:39}

وقال صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى فقال له موسى : أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة ؟ فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، ثم تلومني على أمر قد قدّر علي قبل أن أخلق ؟ فحج آدمُ موسى" ( أي : غلبه في الحجة ) رواه مسلم ( 2652 ).

وفي هذا الحديث آدم عليه السلام لم يحتج بالقدر على الذنب .. وموسى عليه السلام لم يلم آدم على الذنب .. لأن موسى يعلم أن آدم استغفر ربه وتاب فغفر عز وجل له وتاب عليه .. والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .. ولو أن موسى لام آدم على الذنب لاحتج عليه آدم أيضا فقال له : أنت أيضا قتلت نفسا يا موسى وألقيت الألواح .. وإنما احتج موسى بالمصيبة فحجه آدم بالقدر .


- الله عز وجل قد يعجل عقاب إنسان على معاصيه بأن يزيده إقبالا على العصيان والكفر وبعدا عن الحق والطاعة وذلك بوضع حاجز بينه وبين الحق يكبر ويقوى هذا الحاجز كلما تمادى هذا الإنسان في غيه وضلاله إلى ألا يكون هناك أي أمل ليرجع إلى الحق والعياذ بالله :

قال الله تعالى : { خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }{البقرة:7}

وقال تعالى : { وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ }{الأنفال:23}

فهؤلاء يستحقون ذلك وهم من جلبوه لأنفسهم .. يضلهم الله سبحانه وتعالى ولا يهديهم .. عقوبة معجلة على أفعالهم ..


- هناك جزء من حياتنا لسنا مخيرين فيه .. فكل إنسان وظروفه المختلفة التي قدرها له الله عز وجل لكنه عز وجل يحاسب ويجازي كل إنسان بحسب ظروفه ولا يظلم أحدا .. قال عز وجل :

{ ... وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا }{الكهف:49}

وقال تعالى : {... لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }{الحديد:10}

"وإنما كان المنفقون قبل الفتح والمجاهدون قبله أعظم درجة في إنفاقهم وجهادهم لأن الزمان الذي قبل فتح مكة كان زمان ضعف المسلمين لأن أهل الكفر كانوا أكثر العرب فلما فتحت مكة دخلت سائر قريش والعرب في الإسلام فكان الإنفاق والجهاد فيما قبل الفتح أشق على نفوس المسلمين لقلة ذات أيديهم وقلة جمعهم قبالة جمع العدو ، ألا ترى أنه كان عليهم أن يثبتوا أمام العدو إذا كان عدد العدو عشرة أضعاف عدد المسلمين في القتال قال الله عالى إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ."اهـ من "التحرير والتنوير" ص: 374 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما يُصيب المؤمن من وصبٍ ولا نصب ولا همٍ ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه " رواه البخاري (5210) ومسلم (4670) .