المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على القائلين بالصرفة..من دلائل الإعجاز للجرجانى



أميرة الجلباب
12-17-2004, 02:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


إن القول بالصرفة هو من جنس ما لا يعذر العاقل في اعتقاده.. وذلك لما يلى..


1) لو لم يكن عجز العرب عن معارضة القرآن إلا لأنهم صرفوا عن ذلك، لكان فى ذلك وحده آية وبرهان على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، ودليل على أنه مؤيد من ربه.

يقول الإمام " أبى بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجانىِِِ"[المتوفى سنة471ه]:

(..لو لم يكن عجزهم عن معارضة القرآن وعن أن يأتوا بمثله، لأنه معجِز فى نفسه إلا أن أدخل عليهم العجز عنه، وصرفت هممهم وخواطرهم عن تأليف كلام مثله، وكان حالهم حال من أُعدم العلم بشيء قد كان يعلمه، وحيل بينه وبين أمر قد كان يتسع له، لكان ينبغي أن لا يتعاظَمَهم؛ ولا يكون منهم ما يدل على إكبارهم أمره، وتعجبهم منه، وعلى أنه قد بهرهم، وعظم كل العِظَم عندهم، بل كان ينبغي أن يكون الإكبار منهم والتعجب للذي دخل من العجز عليهم، ورأوه من تغير حالهم، ومن أن حيل بينهم وبين شيء قد كان عليهم سهلاً، وأن سُدََ دونهم باب كان لهم مفتوحاً، أرأيت لو أن نبيا قال لقومه: ( إن آ يتى أن أضع يدي على رأسي هذه الساعة، وتمنعون كلكم من أن تستطيعوا وضع أيديكم على رؤوسكم)، وكان الأمر كما قال ، ممََ يكون تعجب القوم، أمِن وضعه يده على رأسه، أم من عجزهم أن يضعوا أيديهم على رؤوسهم؟)."دلائل الإعجاز، ص390"

2) يلزم القائلين بالصرفة إثبات أن العرب كانت أشعارهم وخطبهم بعد البعثة قاصرة عما كانت قبلها.

( .. يلزم_القائلين بذلك_أن تكون العرب قد تراجعت حالها فى البلاغة والبيان، وفى جودة النظم وشرف اللفظ، وأن يكونوا قد نقصوا فى قرائحهم وأذهانهم، وعدموا الكثير مما كانوا يستطيعون، وأن تكون أشعارهم التى قالوها، والخطب التى قاموا بها، وكل كلام احتفلوا فيه، من بعد أن أوحى إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وتحدوا إلى معارضة القرآن؛ قاصرةً عما سمع منهم من قبل ذلك القصور الشديد، وأن يكون قد ضاق عليهم فى الجملة مجال قد كان يتسع لهم، ونضبت عنهم موادُُ قد كانت تغزُر، وخذلتهم قوًى قد كانوا يصولون بها، وأن تكون أشعار شعراء النبى صلى الله عليه وسلم التى قالوها فى مدحه عليه السلام وفى الرد على المشركين، ناقصة متقاصرة عن شعرهم فى الجاهلية)."دلائل الإعجاز، ص611"

3) يلزم القائلين بالصرفة أن يقضوا فى النبى صلى الله عليه وسلم بما قضوا فى العرب.

(..واعلم أنه يلزمهم أن يقضوا فى النبى صلى الله عليه وسلم بما قضوا فى العرب، من دخول النقص على فصاحتهم، وتراجع الحال بهم فى البيان، وأن تكون النبوة قد أوجبت أن يُمنع شطراً من بيانه وكثيرا مما عُرف له قبلها من شرف اللفظ وحُسن النظم. ذاك لأنهم إذا لم يقولوا ذلك، حصل منه أن يكون عليه السلام قد تلا عليهم:
{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }
"سورة الإسراء:88" فى حال هو يستطيعُ فيها أن يجىء بمثل القرآن ويقدر عليه، ويتكلم ببعض ما يوازيه فى شرف اللفظ وعُلُو النظم. ولم يشك أحد أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن منقوصاً فى الفصاحة، بل الذى أتت به الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب)."دلائل الإعجاز، ص613".


4) العرب لم يقروا بالصرفة، ولم يتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سحرهم فى هذا الجانب.

(لو أن العرب كانت منعت منزلة من الفصاحة قد كانوا عليها؛ لكان ينبغى لهم أن يعرفوا ذلك من أنفسهم، ولو عرفوه لجاء عنهم ذكر ذلك، ولكانوا قد قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: ( إنا كنا نستطيع قبل هذا الذى جئتنا به، ولكنك قد سحرتنا، واحتَلتَ فى شىء حال بيننا وبينه)، فقد نسبوه إلى السحر فى كثير من الأمور كما لا يخفى، وكان أقل ما يجب فى ذلك أن يتذاكروه فيما بينهم، ويشكوه البعض إلى البعض ويقولوا: ( ما لنا قد نقصنا فى قرائحنا، وقد حدث كلول فى أذهاننا)، ففى أن لم يُرو ولم يُذكر أنه كان منهم قولٌ فى هذا المعنى، لا ما قل ولا ما كثُر، دليل على أنه قول فاسد)."دلائل الإعجاز، ص614" .


5) لو كان هناك صرفة كما زعموا، لكان سياق التحدى غير الذى جاء به.

( هذا، وفى سياق آية التحدى ما يدل على فساد هذا القول. وذلك أنه لا يقال عن الشىء يُمنَعُهُ الإنسان بعد القدرة عليه، وبعد أن كان يكثُر مثلُه: ( إنى قد جئتكم بما لا تقدرون على مثله ولو احتشدتم له، ودعوتم الإنس والجن إلى نُصرتكم فيه)، وإنما يقال: ( إنى أُعطيتُ أن أحول بينكم وبين كلام كنتم تستطيعونه وأمنعُكم إياه، وأن أُفحِمكم عن القول البليغ، وأعدمكم اللفظ الشريف)، وما شاكل هذا..)."دلائل الإعجاز، ص615".

ظهر مما تقدم أن القول بالصرفة، قول فى غاية البعد والتهافت، وأنه من جنس ما لا يُعذر العاقل فى اعتقاده.

والحمد لله رب العالمين.



HTTP://WWW.ALAZHR.COM/QURAN/IMAGE/17_088.GIF

د. هشام عزمي
12-17-2004, 06:13 PM
بارك الله فيكي يا أختاه و لكن باستثناء الاقتباس الأول فباقي النقولات من (( الرسالة الشافية )) للجرجاني و هي ملحقة بكتاب (( دلائل الإعجاز )) في النسخة التي حققها الشيخ محمود شاكر رحمه الله .

و لنا عودة لهذا الموضوع الهام جدا إن شاء الله .

أميرة الجلباب
12-18-2004, 10:52 AM
هى فعلا فى الرسالة الشافية الملحقة فى النسخة التى حققها الشيخ محمود شاكر رحمه الله..لكن إلتبس على الأمر.

د. هشام عزمي
12-18-2004, 12:16 PM
من كتاب
إعجاز القرآن الكريم بالصرفة
دراسة ناقدة
إعداد
محمود توفيق محمد سعد
الأستاذ ورئيس قسم البلاغة والنقد
في جامعة الأزهر الشريف
شبين الكوم



وفي معرض ردّه على " الرماني" في الكتاب نفسه ماذهب إليه من تقسيمه التأليف ثلاثة أقسام يقرر "ابن سنان" أن القرآن الكريم ليس من المتلائم في الطبقة العليا ، وغيره في الوسطى بل أنه ليرى أنّه لافرق بين القرآن وبين فصيح الكلام المختار في هذه القضية (1)
ولا يكتفي بهذا بل يرى أن الرجوع إلى الحق والاعتماد على حسن الفقه لبيان العربية قاضٍ بأن في كلام العرب ما يضاهي القرآن الكريم في تأليفه وأن القول بعلو القرآن الكريم بلاغة وتأليفا ينفر عنه من له بالأدب ونقده صلة ، يقول: " ومتى رجع الإنسان إلى نفسه وكان معه أدنى معلرفة بالتأليف المختار وجد في كلام العرب ما يضاهي القرآن في تأليفه " و إن ادعاء أن تأليف القرآن الكريم في الطبقة العليا التى لاتطاول دعوى فاسدة, فإنَّّ " الأمر بحمد الله أظهر من أن يعضده بمثل هذا القول الذي ينفر عنه كلّ من شدا من الأدب شيئا أو عرف من نقد الكلام طرفا " (2)

وهذا دالٌ عنده على أنّ من يقول بعلو تأليف القرآن وبلاغته على بلاغة العرب إنما هو مجرد من أدنى المعرفة بالأدب ونقده , وهذه دعوى عريضة ليست بالمردودة فحسب بل هي المنقوضة بشاهد الحال والواقع الذي لايكاذب ، وأقرب شيءٍ إليه حال شيخه "أبي العلاء المعري" وهو من هو عنده ، وقد جلس بين يديه يتلقى عنه العلم، فشيخه يقول في "رسالة الغفران" رادًا على الزنديق "ابن الراوندي" (ت:245) : " وأجمع ملحد ومهتدٍ وناكب عن المحجة ومقتد أنّ هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى اله عليه وسلم كتاب بهر بالإعجاز ولقي عدوه بالإرجاز ما حذي على مثال ولا أشبه غريب الأمثال ما هو من القصيد الموزون ولا الرجز من سهل وحزون ولا شاكل خطابة العرب ولا سجع الكهنة دوي الأدب، وجاء كالشمس اللائحة نورًا للمسرة والبائحة...وأنّ الآية منه أو بعض الآية لتعترض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون ، فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق...."(3)

أيبقى متوقف في أنّ "أبا العلاء" شيخ "ابن سنان" جاهر بقولٍ قاهرٍ قالطعٍ إنَّه المؤمن بإعجاز بلاغة القرآن الكريم ؟
وهل أبو العلاء وهو شيخ "ابن سنان" أدنى معرفة بالتأليف المختار عند تلميذه "ابن سنان" ، ولايعرف من نقد الكلام طرفا ؟
وكيف يطوي "ابن سنان" أعلام العلماء في أربعة قرون مضت لقوا ربهم على أنّ بلاغة القرآن الكريم وتأليفه هو وجه إعجازه الأعظم ؟ أكلّ أولئك ليس لهم من الأدب ونقده أدنى نصيب، فلم يبق إلا "ابن سنان" وإمامه" النظام" وشيعته هم فرسان نقد الأدب ؟!!

ويقرر "ابن سنان" أنّ العودة إلى التحقيق تنتهي به إلى أن " وجه إعجاز القرآن صرف العرب عن معارضته بأن سلبوا العلوم التي بها كانوا يتمكنون من المعارضة وقت مرامهم ذلك "(4)
هذا بيّنٌ في أنّ الصرف عن المعارضة عنده إنما هو بسلب العلوم التي كانوا بها يتمكنون من المعارضة فهم أصحاب علوم ، وهم سلاطينها المتمكنون منها ، وأن هذه العلوم كانت قائمة فيهم قبل نزول القرآن الكريم, بل هي قائمة فيهم يستخدمونها في نظم أشعارهمِ ونسج نثرهم حين لا يرومون معارضة حتى إذا ما نزعت نفوسهم إلى المعارضة سلبت هذه العلوم منهم ، فلا يجدون منها شيئًا
هذا إذا ما جعلنا قوله: (في وقت مرامهم ذلك) متعلقا بقوله: (سلبوا) أي سلبوا العلوم في وقت مرامهم المعارضة ، فهو سلب مقيد بظرف روم المعارضة ، وإن جعلنا قوله: (في وقت مرامهم ذلك) متعلقا بقوله: ( يتمكنون) ,أو قوله: (المعارضة) فإن هذا لا يكون صريحا بأن السلب مقيد بزمن الإرادة ، بل هو ظرف للتمكن أو المعارضة 0
وهذا الوجه الثاني في التعلق ضعيف ؛ لأنه غير متلاحم النسج ، فلا معنى لقولنا : يتمكنون في وقت مرامهم المعارضة ، ولا قولنا يتمكنون من المعارضة حين يريدون المعارضة ؛ لأنّ التمكن ليس متوقفًا على الإرادة ،بل التمكن صفة بالقوة ، كما يقول المناطقة أي صفة قائمة بالنفس غير مقيدة بقيد زمني ،لهذا كان تعلق قوله:(في وقت مرامهم ذلك ) آنس بأن يتعلق بقوله:( سلبوا) فهذا أقرب إلى انتظام العبارة 0
فإذا صحّ هذا – ولعله هو الصحيح – يكون " ابن سنان " لم يقلد ما نسب إلى "الشريف المرتضى" وهو مثيله في التشيع والاعتزال من أن الصرف كان بسلب العلوم التي يحتاج إليها في المعارضة (5) مجرد تقليد بل أضاف إلى ذلك قيدًا دالاً هو أنّ السلب لهذه العلوم ليس قائما فيهم دائما مما يجعلهم مجردين من تلك العلوم ، فلا يملكون إبانة عما في نفوسهم ببديع الشعر والنثر الفنىّ ، بل تلك العلوم في قبضتهم وتحت إمرتهم مسخرة لهم إذا لم تنزع نفوسهم إلى المعارضة ، فما إن تنزع إليها إلا صاحبها ذلك السلب ، فإن رجعوا عن تلك الإرادة عادت إليهم مسخرة صاغرة 0

كأنّي بـ"ابن سنان" يرد بهذا القيد على الوجه الأول من وجهي النقد الذي ألقاه "القاضي عبد الجبار" في وجه قائله بأن الصرف كان بسلب العلوم التي نعها يمكن الكلام الفصيح ، فيقول له :
" لست تخلو فيما ادعيت من وجهين :
إما أن تقول : قد كان القدر من العلم حاصلا من قبل ، فمنعوا منه عند ظهور القرآن .........."(6) فـ"ابن سنان" بقوله "في وقت مرامهم" بيّن أن القدر من العلم كان حاصلا منهم قبل نزول القرآن الكريم ، بل هو حاصل فيهم من بعد نزوله حين لا يريدون معارضة ، ولكنه المرفوع من صدورهم إذا ما تحركت الرغبة فيها إلى المعارضة ، فإن الله يرفع تلك العلوم من تلك الصدور حينئذٍ 0

وقد كان لـ "الإمام عبد القاهر" عصري " ابن سنان" دفع بليغ لمثل تلك المقالة الخفاجية يقول فيه الإمام:
" ومما يلزمهم على أصل المقالة أنّه كان ينبغي لهم لو أنّ العرب كانت منعت منزلة من الفصاحة قد كانوا عليها أن يعرفوا ذلك من أنفسهم......ولو عرفوه لكان يكون قد جاء عنهم ذكر ذلك ، ولكانوا قد قالوا للنبي – صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - :" إنا كنا نستطيع قبل هذا الذي جئتنا به، ولكنك قد سحرتنا ، واحتلت في شيءٍ حال بيننا وبينه " فقد نسبوه إلى السحر في كثير من الأمور كما لا يخفى ،وكان أقل ما يجبُ في ذلك أن يتذاكره فيما بينهم ،ويشْكُوَه البعضُ إلى البعضِ ،ويقولوا:" مالنا قد نقصنا في قرائحنا ،وقد حدث كلول في أذهاننا " ففي أن لم يروا ،ولم يذكر أنّه كان منهم قولٌ في هذا المعنى ، لاما قلّ ولا ما كثر ، دليلٌ على أنّه قول فاسد ورأي ليس من آراء ذوي التحصيل " (7)

ما جاء به " عبد القاهر" من نقض ليس خاصًا بالذي ذهب إليه " ابن سنان" من تقييد السلب بزمن إرادة المعارضة بل يحيط بكلّ ذاهبٍ إلى أنّ الصرف كان بسلب العلوم التي كانت لهم 0
والإمام "عبد القاهر" يكتفي بهذا النقض المستند إلى شهادة الحال والواقع الذي لا يكاذب ، بل عمد إلى ما هو أنكى ، إذ بيّن أنّ القائل بهذا الوجه من الصرف لا يفقه بيان آية التحدي ( الإسراء:88) فإنّ في سياقها ما يدل على فساد هذا القول :
" وذلك أنّه لا يقال عن الشيء يمنعه الإنسان بعد القدرة عليه ، وبعد أن كان يكثر مثله منه : " إني قد جئتكم بما لا تقدرون علي مثله ، ولو احتشدتم له ،ودعوتم الإنس والجن إلى نصرتكم فيه" وإنما يقال :" إني أعطيتُ أن أحول بينكم وبين كلام كنتم تستطيعونه ، وأمنعكم إياه ،وأن أفحمكم عن القول البليغ ، وأعدمكم اللفظ الشريف " وما شاكل هذا ،ونظيره أن يقال للأشداء وذوي الأيد :" إنّ الآية أن تعجزوا عن رفع ما كان يسهلُ عليكم رفعه ، وما كان لا يتكَاءَ دُكم ولا يثقل عليكم "(8)

دلّ هذا على أنّ القول بالصرفة بسلب العلوم إنما هو قول من لم يفقه بيان آية التحدي ولو تدبرها لعلم عوار ما يذهب إليه وشناعته ، وكأنّي بـ"عبد القاهر" يرمي إلى وسم " ابن سنان" ومن سبقه من القائلين بهذا على خرطومه حين ادعى أن من قال بإعجاز القرآن بنظمه لا يعرف من الأدب ونقده شيئًا ، فوسمه بأن الذي يقول بما اعتقده "ابن سنان" هو الذي لا يملك من فقه البيان ما يحجزه عن معرّة الدهر وسبته ؛ لأنه يقول بما يجاهر بجهالته ما هو ظاهر البيان في آية التحدي(الإسراء: 88)
ويزيد الإمام "عبد القاهر" الأمر بيانًا ، فيقول:
" ثُم إنّه ليس في العرف ولا في المعقول أن يقال :" لو تعاضدتم واجتمعتم جميعكم لم تقدروا عليه " في شيءٍ قد كان الواحد منهم يقدر على مثله ، ويسهلُ عليه ويستقلّ به ثُم يمنعون منه ، إنما يقال ذلك حيث يرادُ أن يقالَ : " إنكم لم تستطيعوا مثله قطَّ ،ولا تستطيعونه البتة ، وعلى وجه من الوجوه حتّى إنكم لو استضفتم إلى قواكم وقُدَرِكُم التي لكم قوىً وقُدُرًا ، وقد استمددتم من غيركم لم تستطيعوا أيضًا " من حيث إنّه لامعنى للمعاضدة والمظافرة والمعاندة إلا أن تضمّ قدرتَكَ إلى قدرةِ صاحبك حتى يحصل باجتماع قدرتكما ما لم يكن يحصل " (9)

فـ "ابن سنان " فيما ذهب إليه من أنّ القرآن الكريم معجز بصرف العرب عن معارضته وهم قادرون عليها صرفا متحققا بسلب علومهم التي يمتلكونها من قبل نزول القرآن الكريم ، ومن بعد نزوله حين لا يريدون معارضتها ، فإن أرادوا المعارضـة تسلطت عليهم القدرة الإلهية فسلبتهم ما كانوا متمكنين فيه – "ابن سنان" كأنّه فيما جاهر به كان قد سلب عقله الذي به يبصر عوار ما يلفظه لسانه ،ولو أنّه راجع نفسه لرجع ،
وهو كما يقول عنه شيخنا : " لم أرَ واحدًا ممن احتفلَ بدراسة الفصاحة وأسرار الكلام أنكر الإعجاز البلاغي ورضي مذهب الصرفة إلا "ابن سنان" ، وهذا الرأي عنده يعدّ غميزة في أساس فقهه في هذا الباب ؛ لأنّه ليس من الخطأ الذي يصدر عن غفلة أو عدم استيعاب الآراء في المسألة ، وإنما هو قادح في الإحساس والطبع ، وفرق بين "أبي إسحاق النّظّام" وهو في حومة الصراع يرمي بما يحسم الشبهة وبين" ابن سنان" وهو يكتب في أسرار البيان " (10)

______________________________________

1 - سر الفصاحة :ص89 –ت: عبد المتعال الصعيدي.ط:1389-محمد صبيح بالقاهرة .
2 - الموضع السابق
3 - رسالة الغفران لأبي العلاء المعري ص 472-473- ـك بنت الشاطئ – دار المعارف بمصر
4 - سر الفصاحة ص:89(م.س)
5 - إعجاز القرآن والبلاغة النبوية للرافعي : 162(م.س)
6 - المغني لعبد الجبار :ج16ص218(م.س)
7 - رسالة الشافية لعبد القاهر :614-615(م.س)
8 - الموضع السابق :
9 - المرجع السابق :615-616
10-الإعجاز البلاغي لشيخنا أبي موسى :ص 373

أميرة الجلباب
12-21-2004, 02:04 PM
أردت بيان أنى تصرفت تصرف يسير فى بعض كلمات الجرجانى..

القلم الحر
12-31-2004, 10:37 AM
اثراءا للموضوع هذا راى ابن حزم و هو من انصار القول بالصرفة :

"ما وجه إعجاز القرآن؛ كونه في أعلى مراتب البلاغة أم عدم قدرة الناس على معارضته؟:.
ما وجه إعجازه؟
فقالت طائفة: وجه إعجازه كونه في أعلى مراتب البلاغة.
وقالت طوائف: إنما وجه إعجازه أن الله منع الخلق من القدرة على معارضته فقط.
فأما الطائفة التي قالت إنما إعجازه لأنه في أعلى درج البلاغة فإنهم شغبوا في ذلك بأن ذكروا آيات منه، مثل قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة) ونحو هذا.
وموه بعضهم بأن قال: لو كان كما تقولون من أن الله تعالى منع من معارضته فقط؛ لوجب أن يكون أغث ما يمكن أن يكون من الكلام، فكانت تكون الحجة بذلك أبلغ.
قال أبو محمد: ما نعلم لهم شغبا غير هذين، وكلاهما لا حجة لهم فيه.
أما قولهم: لو كان كما قلنا لوجب أن يكون أغث ما يمكن أن يكون من الكلام، فكانت تكون الحجة أبلغ، فهذا هو الكلام الغث حقا لوجوه:
أحدها: أنه قول بلا برهان؛ لأنه يعكس عليه قوله بنفسه، فيقال له: بل لو كان إعجازه لكونه في أعلى درج البلاغة لكان لا حجة فيه؛ لأن هذا يكون في كل من كان في أعلى طبقة، وأما آيات الأنبياء فخارجة عن المعهود، فهذا أقوى من شغبهم.
وثانيها: أنه لا يسأل الله تعالى عما يفعل، ولا يقال له: لم عجزت بهذا النظم دون غيره، ولم أرسلت هذا الرسول دون غيره، ولم قلبت عصا موسى حية دون أن تقلبها أسدا، وهذا كله حمق ممن جاء به، لم يوجبه قط عقل، وحسب الآية أن تكون خارجة عن المعهود فقط.
وثالثها: أنهم حين طردوا سؤالهم ربهم بهذا السؤال الفاسد لزمهم أن يقولوا: هلا كان هذا الإعجاز في كلام بجمع اللغات، فيستوي في معرفة إعجازه العرب والعجم؛ لأن العجم لا يعرفون إعجاز القرآن إلا بأخبار العرب فقط، فبطل هذا الشغب الغث، والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد: وأما ذكرهم: (ولكم في القصاص حياة) وما كان نحوها من الآيات فلا حجة لهم فيها، ويقال لهم: إن كان كما تقولون - ومعاذ الله من ذلك - فإنما المعجز منه على قولكم هذه الآيات خاصة، وأما سائره فلا، وهذا كفر لا يقوله مسلم.
فإن قالوا: جميع القرآن مثل هذا الآيات في الإعجاز.
قيل لهم: فلم خصصتم بالذكر هذه الآيات دون غيرها إذاً؟ وهل هذا منكم إلا إيهام لأهل الجهل أن من القرآن معجزا وغير معجز؟

ثم نقول لهم:
قول الله تعالى: (وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا)
أمعجز هو على شروطكم في كونه في أعلى درج البلاغة أم ليس معجزا؟

فإن قالوا: ليس معجزا، كفروا.
وإن قالوا: إنه معجز؛ صدقوا، وسئلوا: هل على شـروطكم في أعلى درج البلاغة؟
فإن قالوا: نعم؛ كابروا وكفوا مؤنتهم؛ لأنها أسماء رجال فقط ليس على شروطهم في البلاغة.

وأيضا فلو كان إعجاز القرآن لأنه في أعلى درج البلاغة لكان بمنزلة كلام الحسن، وسهل بن هارون، والجاحظ، وشعر امرئ القيس - ومعاذ الله من هذا - لأن كل ما يسبق في طبقته لم يؤمن أن يأتي من يماثله ضرورة، فلا بد لهم من هذه الخطة، أو من المصير إلى قولنا: إن الله تعالى منع من معارضته فقط.
وأيضا فلو كان إعجازه من أنه في أعلى درج البلاغة المعهودة؛ لوجب أن يكون ذلك الآية، ولما هو أقل من آية، وهذا ينقض قولهم أن المعجز منه ثلاث آيات لا أقل.
فإن قالوا: فقولوا أنتم هل القرآن موصوف بأنه في أعلى درج البلاغة أم لا؟
قلنا - وبالله تعالى التوفيق -: إن كنتم تريدون أن الله قد بلغ به ما أراد فنعم، هو في هذا المعنى في الغاية التي لا شيء أبلغ منها.
وإن كنتم تريدون هل هو في أعلى درج البلاغة في كلام المخلوقين فلا؛ لأنه ليس من نوع كلام المخلوقين، لا من أعلاه ولا من أدناه ولا من أوسطه.
وبرهان هذا: أن إنسانا لو أدخل في رسالة له، أو خطبة، أو تأليف، أو موعظة، حروف الهجاء المقطعة لكان خارجا عن البلاغة المعهودة جملة بلا شك، فصح أنه ليس من نوع بلاغة الناس أصلا.
وأن الله تعالى منع الخلق من مثله، وكساه الإعجاز، وسلبه جميع كلام الخلق.
برهان ذلك: أن الله حكى عن قوم من أهل النار أنهم يقولون إذا سئلوا عن سبب دخولهم النار: (لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين، حتى آتانا اليقين)، وحكى تعالى عن كافر قال: (إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر)، وحكى عن آخرين أنهم قالوا: (لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب، فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا، أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، أو تأتي بالله والملائكة قبيلا، أو يكون لك بيت من زخرف، أو ترقى في السماء، ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه)، فكان هذا كله إذ قاله غير الله عز وجل غير معجز بلا خلاف، إذ لم يقل أحد من أهل الإسلام أن كلام غير الله تعالى معجز، لكن لما قاله الله تعالى وجعله كلاما له أصاره معجزا، ومنع من مماثلته، وهذا برهان كاف لا يحتاج إلى غيره، والحمد لله.‏ "انتهى

د. هشام عزمي
01-01-2005, 07:39 AM
يجب أن يكون واضحا أن معظم من قالوا بالصرفة ، يقولون بها على أنها وجه إضافي من وجوه الإعجاز و ليس بديلا للإعجاز البلاغي و البياني ، و هذا هو ما عليه جماهير علماء المعتزلة و من قال بذلك من اهل السنة كالغزالي مثلا .. فوق هذا فحد الصرفة نفسه مختلف عليه بين القوم ، و كل منهم يضع لها تعريفا مختلفا عن الآخر ، فيجب تحديد مفهوم الصرفة لكل عالم يقول بها قبل أن ننسبه لهذا المذهب حتى لا نسقط في ورطة التعميم .

أبو مريم
01-01-2005, 07:58 AM
أحسنت يا دكتور هشام فنظرية الصرفة ليست منافية للإعجاز بل هى محاولة لتفسيره والخلاف بين المذاهب حول الصرفة لا يعنى أن هناك خلاف على أصل الإعجاز وللقائلين بالصرفة نظرتهم وحججهم القوية ومن الممكن لنا أن نؤيدها بالدليل العقلى .

القلم الحر
01-01-2005, 09:34 PM
اعتقد انه ليس صحيحا ان معظم القائلين بالصرفة لا يعتبرونها بديلا للاعجاز البلاغى ,بل هم ما لجأوا الى القول بالصرفة الا لاقتناعهم بان بلاغة القران ليست معجزة ,و هذا واضح جدا من نفس قولهم بالصرفة فمعناها ان الناس قادرون على الاتيان بمثل القران لولا ان الله صرفهم عن ذلك و منعهم منه .
و كلام ابن حزم واضح فى الرد على من يقولون ان القران فى اعلى درجات البلاغة و رد عليهم
1- بان هذا غير متحقق فى جميع ايات القران فليست كلها فى قمة البلاغة
2-ان كون الكلام فى قمة البلاغة ليس اعجازا و كما قال :لو كان إعجازه لكونه في أعلى درج البلاغة لكان لا حجة فيه؛ لأن هذا يكون في كل من كان في أعلى طبقة، طبقة، وأما آيات الأنبياء فخارجة عن المعهود.

3- و قال ايضا :هلا كان هذا الإعجاز في كلام بجمع اللغات، فيستوي في معرفة إعجازه العرب والعجم؛ لأن العجم لا يعرفون إعجاز القرآن إلا بأخبار العرب فقط، فبطل هذا الشغب الغث.

د. هشام عزمي
01-01-2005, 10:17 PM
اعتقد انه ليس صحيحا ان معظم القائلين بالصرفة لا يعتبرونها بديلا للاعجاز البلاغى ,بل هم ما لجأوا الى القول بالصرفة الا لاقتناعهم بان بلاغة القران ليست معجزة ,و هذا واضح جدا من نفس قولهم بالصرفة فمعناها ان الناس قادرون على الاتيان بمثل القران لولا ان الله صرفهم عن ذلك و منعهم منه .
هذا الكلام الذي قلته عن "معظم" القائلين بالصرفة ، هل هو شيء بلغته باستقراء كلام كل من قال بالصرفة ؟ أم هو كلام على عواهنه ؟

سأخبرك أنا : هذا كلام النظام بالنص تقريبا و ربما أنت لم يبلغك بعد أن جماهير القائلين بالصرفة يعتقدون فيها كنوع إضافي من الاعجاز و ليس بديلا للإعجاز في النظم .. و ها هي مؤلفات المعتزلة من الجاحظ إلى الرماني و الواسطي إلى القاضي عبد الجبار و الزمخشري تهتف بالإعجاز البلاغي و البياني للقرآن الكريم رغم قولهم بالصرفة .

مثال على ذلك قول الجاحظ في كتاب الحيوان ج4 ص89 : (( ومثلُ ذلك ما وقع من أوهام العرب وصرف نفوسهم عن المعارضة للقرآن بعد أن تحداهم بنظمه ، ولذلك لم نجد أحدًا طمع فيه ، ولو طمع فيه لتكلفه ، ولو تكلف بعضهم ذلك ، فجاء بأمر فيه أدنى شبهة لعظمت القصة على الأعراب وأشباه الأعراب والنساء وأشباه النساء ،ولألقى ذلك للمسلمين عملاً ، ولطلبوا المحاكمة والتراضي ببعض العرب ، ولكثر القيل والقال ، فقد رأيت أصحاب " مسيلمة " واصحاب ابن النواحة إنما تعَّلقوا بما ألّف لهم مسيلمة من ذلك الكلام ، الذي يعلم كلّ من سمعه أنَّه إنما عدا على القرآن فسلبه ، وأخذ بعضه وتعاطى أن يقارنه ، فكان لله تعالى ذلك التدبير الذي لا يبلغه العباد ، ولو اجتمعوا له )).

فها هو يقول بأن الله صرف العرب عن الاتيان بمثل القرآن لأنه كان سيغبش على الاعجاز و سيجعل هناك مجال للقيل و القال و تحكيم و جدال ، و هو ما لا داعي له في بداية الدعوة .

والرماني يبدأ رسالته "النكت" بأنَّ (( وجوه إعجاز القرآن تظهر من سبع جهات )) ، ويرتب ذكرها كالتالي:
(( ترك المعارضة مع توفر الدواعي وشدة الحاجة .
= التحدي للكافة
= الصـرفـة
= البلاغة
=الأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة
= نقض العادة
= قياسه بكل معجزة )) الرماني ، النكت في إعجاز القرآن ص75 .

فها هو الرماني المعتزلي يجعل كل من الصرفة و البلاغة من وجوه الإعجاز القرآني .

و يقول الراغب الأصفهاني - و هو من اهل السنة - في التفسير : (( إنّ الإعجاز في القرآن على وجهين : أحدهما : إعجاز متعلق بفصاحته ، والثاني : بصرف الناس عن معارضته )) الراغب الأصفهاني ، مقدمة جامع التفاسير ص104 .

... و غيرهم كثيرون ، و أنا لو أخذت على عاتقي تتبع و استقراء كتب من تكلم في هذا الموضوع لطال البحث جدا ، و لكن فيما أوردته الكفاية إن شاء الله .

د. هشام عزمي
01-01-2005, 10:46 PM
أما بالنسبة لكلام ابن حزم رحمه الله ، فإنه لا يغيب عن أحد أن ابن حزم من أئمة العلم الذين نتبعهم و نجلهم و نحترمهم و لكن الحق أحق أن يتبع .. و هذا هو عين ما علمنا إياه ابن حزم رحمه الله تعالى .

سرد ابن حزم رحمه الله حجتين للقائلين بالإعجاز البلاغي و المعارضين للقول بالصرفة ثم قال : (( ما نعلم لهم شغبا غير هذين، وكلاهما لا حجة لهم فيه )) ، فاخبرنا بقله معلوماته في ذلك و أنها تنحصر في حجتين فقط ، و نحن لن ندافع عن هاتين الحجتين اللتين نقلهما الامام رحمه الله بشكل غير دقيق ، بل يكفينا أن هناك ادلة عديدة للقائلين بالإعجاز البلاغي لم يتناولها ابن حزم بالاعتراض .. و لن اتعرض لسردها هنا ، بل يكفيني ما نقلته الاخت أميرة عن الجرجاني و لم يتعرض له ابن حزم بأدنى اعتراض ، بل ذهب لاعتراضات بعيدة ليرد عليها .

أما بالنسبة لاعتراضات ابن حزم رحمه الله تعالى فتناولها كما سردتها ايها القلم الحر . . .

بان هذا غير متحقق فى جميع ايات القران فليست كلها فى قمة البلاغة
بل كله في قمة الفصاحة ، و ابن حزم في الواقع لم يأت بدليل على دعواه ، و إلا فهي مردودة بإجماع أهل العلم باللغة بأنه كله في أعلى درجات الفصاحة .

ان كون الكلام فى قمة البلاغة ليس اعجازا و كما قال :لو كان إعجازه لكونه في أعلى درج البلاغة لكان لا حجة فيه؛ لأن هذا يكون في كل من كان في أعلى طبقة، طبقة، وأما آيات الأنبياء فخارجة عن المعهود.
بل العكس هو الصحيح ، فكون الكلام في أعلى درجات الفصاحة يعني أنه ليس هناك ما يعلوه و بالتالي فيتحقق الإعجاز و هو الاتيان بما هو فوقه في الفصاحة .. و بصراحة لا أدري كيف تفوت هذه الهنات على الامام ابن حزم و هو المعروف بحدة ذكائه و اتقاد ذهنه .

هلا كان هذا الإعجاز في كلام بجمع اللغات، فيستوي في معرفة إعجازه العرب والعجم؛ لأن العجم لا يعرفون إعجاز القرآن إلا بأخبار العرب فقط، فبطل هذا الشغب الغث.
كان الإعجاز للعرب فقط لأنهم كانوا قد بلغوا الذروة في الفصاحة التي لا يدانيهم فيها أحد ، فلما جاء القرآن الكريم بأعلى درجات الفصاحة و بما يعجزون عن التفوق عليه و هم ما هم في الفصاحة و البيان علمنا أن هذا القرآن لا سبيل لتقليده و تحديه .

و الحمد لله رب العالمين .

د. هشام عزمي
01-01-2005, 10:59 PM
بقيت كلمة أخيرة أود أن أضيفها : أن القول بأن القائلين بالصرفة - خاصة من المعتزلة - معارضون لإعجاز البلاغي للقرآن الكريم هو من منتجات المستشرقين و هذا التعميم منتشر بينهم جدا و موجود في كتبهم و الموسوعات الاستشراقية التي يصدرونها .. و هو يدل على مدى تسرع هؤلاء القوم في التشكيك بالقرآن و طعنهم في بلاغته التي لا يفهمون وجوهها أصلا .
و الحمد لله على نعمة الإسلام ... و القرآن .

القلم الحر
01-01-2005, 11:14 PM
الدكتور الفاضل

كتبت :

هذا الكلام الذي قلته عن "معظم" القائلين بالصرفة ، هل هو شيء بلغته باستقراء كلام كل من قال بالصرفة ؟ أم هو كلام على عواهنه ؟

بل هو الموقف المعلوم لاغلب و اشهر القائلين بالصرفة
فها هو ابن حزم يرد على من يقولون بان اعجاز القران يتمثل فى كونه فى اعلى درجات البلاغة .
و كلام ابن سنان الخفاجى واضح ايضا فى ذلك :«إنّ الصحيح أنّ إعجاز القرآن هو صرف العرب عن معارضته، وأنّ فصاحته كانت في مقدورهم لولا الصرف».

و قال الشريف المرتضى و هو من اشهر القائلين بالصرفة : «إنّ الله تعالى سلب العرب العلوم الّتي كانت تتأتّى منهم بها الفصاحة الّتي هي مثل القرآن متى راموا المعارضة، ولو لم يسلبهم ذلك لكان يتأتى منهم»الإقتصاد، ص 172


و قال النظام: «الآية والأُعجوبة في القرآن ما فيه من الإخبار عن الغيوب، فأمّا التأليف والنَّظم، فقد كان يجوز أن يقدر عليه العباد لولا أنّ الله منعهم بمنع وعجز أَحدثهما فيهم». «مقالات الإسلاميين» للاشعرى ج 1، ص 225.


اما من اشرت اليهم من المعتزلة فليسوا جميعا قائلين بالصرفة, اما الجاحظ فله قولان فى المسالة و قد اشار الى ذلك مصطفى صادق الرافعى فى كتابه" اعجاز القران " و للجاحظ رد على النظام فى قوله بالصرفة

و اما القاضى عبدالجبار و الزمخشرى فليسا من القائلين بالصرفة اصلا ,و كذلك الواسطى .


و على الجملة فما ذكرناه هو المفهوم المشهور للقول بالصرفة .

قال الخطابي : «وذهب قوم إلى أنّ العلّة في إعجازه الصرفة أي صرف الهِمَم عن المعارضة،وإن كانت مقدوراً عليها، غير معجوز عنها، إلاّ أنّ العائق من حيث كان أمراً خارجاً عن مجاري العادات، صار كسائر المعجزات ».بيان إعجاز القرآن، للخطابي، ص 21.


و تقبل تحياتى

د. هشام عزمي
01-01-2005, 11:55 PM
و نظل نلف و ندور : من معه الاغلبية ؟ و من معه الاقلية ؟ هل القائلون بالصرفة و الفصاحة معا هم الاغلبية ؟ أم هم القائلون بالصرفة و المعارضون للفصاحة ؟
و رغم انك تأتي بالنقول من مصدر - انا أعرفه جيدا - بدون تحقيق ، و أنا و الحمد لله مطلع على ما لم تطلع عليه أنت .. و لكن الوقت أثمن من أن يضيعه المرء في مباراة للنقولات و لإثبات أن فلانا أخطأ هنا او هناك .

القضية باختصار أن من يتحدث عن الصرفة هو شخص قد ثبت له بالبراهين القاطعة عجز الناس عن الاتيان بمثل القرآن و بان له إعجازه ، و بالتالي نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .. و لكن الخلاف فقط في وجه هذا الاعجاز ، انا شخصيا لا امانع من وجود الصرفة كوجه إضافي للإعجاز و حتى من يقول بها منفردة فقد ثبت له إعجاز الكتاب و عجز الغير عن الاتيان بمثله .

فهل أنت تقول بالصرفة يا أيها القلم الحر ؟

قبل أن تجيب ، لاحظ أن من قال بالصرفة وحدها هم قوم ثبت لهم عجز العرب عن الاتيان بمثل القرآن و لم يتدبروا وجوه بلاغته و فصاحته لعجمة أو غيرها من الاسباب فقالوا بالصرفة .

و المصدر الذي تنقل منه نفسه يقول : (( لا يخفى أن القول بالصرفة إنما يكون مع من أثبت النبوة وآمن أنّ القرآن الكريم كلمة الله تعالى التى أنزلها آية على صدق النبي في ادعائه النبوة ، آمن بإعجاز القرآن الكريم ، لكنه الطالب لبيان وجه إعجازه، المنازع في أن يكون نظمه معجزًا غير مقدور عليه . هذا ما أراه محرِّرًا مناط النظر في القضية )).

القلم الحر
01-02-2005, 03:58 AM
و نظل نلف و ندور : من معه الاغلبية ؟ و من معه الاقلية ؟ هل القائلون بالصرفة و الفصاحة معا هم الاغلبية ؟ أم هم القائلون بالصرفة و المعارضون للفصاحة ؟
و رغم انك تأتي بالنقول من مصدر - انا أعرفه جيدا - بدون تحقيق ، و أنا و الحمد لله مطلع على ما لم تطلع عليه أنت .. و لكن الوقت أثمن من أن يضيعه المرء في مباراة للنقولات و لإثبات أن فلانا أخطأ هنا او هناك .

القضية باختصار أن من يتحدث عن الصرفة هو شخص قد ثبت له بالبراهين القاطعة عجز الناس عن الاتيان بمثل القرآن و بان له إعجازه ، و بالتالي نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .. و لكن الخلاف فقط في وجه هذا الاعجاز ، انا شخصيا لا امانع من وجود الصرفة كوجه إضافي للإعجاز و حتى من يقول بها منفردة فقد ثبت له إعجاز الكتاب و عجز الغير عن الاتيان بمثله .

فهل أنت تقول بالصرفة يا أيها القلم الحر ؟

قبل أن تجيب ، لاحظ أن من قال بالصرفة وحدها هم قوم ثبت لهم عجز العرب عن الاتيان بمثل القرآن و لم يتدبروا وجوه بلاغته و فصاحته لعجمة أو غيرها من الاسباب فقالوا بالصرفة .

و المصدر الذي تنقل منه نفسه يقول : (( لا يخفى أن القول بالصرفة إنما يكون مع من أثبت النبوة وآمن أنّ القرآن الكريم كلمة الله تعالى التى أنزلها آية على صدق النبي في ادعائه النبوة ، آمن بإعجاز القرآن الكريم ، لكنه الطالب لبيان وجه إعجازه، المنازع في أن يكون نظمه معجزًا غير مقدور عليه . هذا ما أراه محرِّرًا مناط النظر في القضية )).
كنت اقول بالصرفة عندما كنت مسلما و كنت بالطبع اعتقد عجز العرب عن معارضة القران و اعتبر التفسير الصحيح لعجزهم الصرفة ,و حاليا اعتقد انه لا قيمة للقول بالصرفة لانه لا يثبت اصلا عجز العرب عن معارضة القران و هى المسالة التى اناقشها مع الاخ حاتم ,و الاهم من ذلك انه على فرض ان العرب عجزوا فهذا لا يعنى ان القران معجزة او ان الله صرف العرب عن معارضته , بل يدل ذلك فحسب على نبوغ ابى الزهراء و تفوقه على اهل عصره فى البلاغة

و لكن احببت هنا طرح راى القائلين بالصرفة لبيان ان رايهم له ادلة قد تكون قوية , فليس القول بالصرفة مما لا يعذر العاقل باعتقاده كما قالت الاخت صاحبة الموضوع .

و بالمناسبة المصدر الذى نقلت عنه كلام المرتضى و النظام و الخطابى هو كتاب "الالهيات" للعلامة الشيعى جعفر السبحانى الموجود فى موقعه على الشبكة ,و قد تحققت من قبل من صحة ما نقله

و دمتم سالمين

أبو مريم
01-02-2005, 06:22 AM
الزميل القلم الحر هل كنت تعتقد عجز العرب عن معارضة القرآن بالدليل العقلى النظرى أم لكونه واقعا ملموسا إذا كان المعنى الأول هو مفهوم الصرفة عندك فلا تؤخذنى لو قلت لك إنك لم تفهم معنى الصرفة ..
الزميل القلم الحر أخشى ان تكون بنيت موقفك من الإسلام إن صح ادعاؤك بتركه على مثل هذه المغالطات .

القلم الحر
01-02-2005, 06:52 AM
الزميل القلم الحر هل كنت تعتقد عجز العرب عن معارضة القرآن بالدليل العقلى النظرى أم لكونه واقعا ملموسا إذا كان المعنى الأول هو مفهوم الصرفة عندك فلا تؤخذنى لو قلت لك إنك لم تفهم معنى الصرفة ..
الزميل القلم الحر أخشى ان تكون بنيت موقفك من الإسلام إن صح ادعاؤك بتركه على مثل هذه المغالطات .
كنت اعتقد عجزهم لكونه واقعا تاريخيا يتمثل فى عدم وجود اى اثر لمعارضتهم مع ما كنت اتصوره وقتها من ضرورة اشتهار هذه المعارضة لو حصلت , لكن شككت فى الامر بعد ذلك فقد شككت فى بلوغ التحدى القرانى لقريش اصلا قبل انتصار الاسلام عليهم , و فى كونهم قد فهموا ان المطلوب معارضة النظم , و شككت ايضا فى ان المسلمين ربما لم ينقلوا المعارضة لو حصلت لقوتها , و قد ذكرت تلك النقاط فى الحوار مع الاخ حاتم

الاهم من ذلك اننى اقتنعت انه على فرض عجز العرب عن معارضة القران فليس التفسير الوحيد لعجزهم ان الله صرفهم ,فهناك تفسير منطقى اخر هو نبوغ ابى القاسم و تفوقه على كافة العرب فى البلاغة الى الحد الذى يعجزون عن مضاهاته , و هذا التفوق فى البلاغة ليس معجزة .

أبو مريم
01-02-2005, 07:14 AM
لقد حُفِظت لنا مقالات الفرق وأشعار فى غاية الإتقان تعارض الإسلام وتقدح فى شخص النبى صلى الله عليه وسلم وهناك مقالات كثيرة للشعوبيين واليهود ممن يجيدون العربية فى قدح الإسلام والنيل منه كل ذلك منقولا ولا يوجد أى أثر لمعارضة ولو وجدت لنقلت لنا مع ما نقل وهذا هو عين الإعجاز حتى لو قلنا بالصرفة وإلا فبم تسم مثل هذا هل هناك سبب آخر يمكن أن يفسر لنا ذلك مع وجود الدوافع القوية وتمكنهم من آلة اللغة ..
أما قولك بنبوغ محمد صلى الله عليه وسلم وبراعته بحيث فاق جميع العرب كما فاقهم فى قوته البدنية والنفسية وفاقهم فى خلقه وخلقه ..فهى معجزة أخرى لأنها أتت فى معرض التحدى .

القلم الحر
01-02-2005, 07:31 AM
لقد حُفِظت لنا مقالات الفرق وأشعار فى غاية الإتقان تعارض الإسلام وتقدح فى شخص النبى صلى الله عليه وسلم وهناك مقالات كثيرة للشعوبيين واليهود ممن يجيدون العربية فى قدح الإسلام والنيل منه كل ذلك منقولا ولا يوجد أى أثر لمعارضة ولو وجدت لنقلت لنا مع ما نقل وهذا هو عين الإعجاز حتى لو قلنا بالصرفة وإلا فبم تسم مثل هذا هل هناك سبب آخر يمكن أن يفسر لنا ذلك مع وجود الدوافع القوية وتمكنهم من آلة اللغة ..
أما قولك بنبوغ محمد صلى الله عليه وسلم وبراعته بحيث فاق جميع العرب كما فاقهم فى قوته البدنية والنفسية وفاقهم فى خلقه وخلقه ..فهى معجزة أخرى لأنها أتت فى معرض التحدى .
يبقى احتمال ان المسلمين لم ينقلوا المعارضة لقوتها قائما , فربما وجدوا حرمة فى نقلها كما لم ينقلوا اغلب الاشعار التى هجى بها النبى , لكن انا مقتنع حاليا بان التحدى لم يبلغ قريش اصلا قبل انتصار الاسلام او بلغهم و لم يفهموا منه ان المقصود معارضة النظم ,و ما يؤكد هذا الاحتمال اننا وجدنا النصارى يقدمون عشرات المحاولات لمعارضة القران فكيف لم يقدم بلغاء قريش و انصار قريش و لو محاولة واحدة ؟!!
اما اعتبارك نبوغ انسان اعجازا فاختلف معك فيه بالطبع , فالمعجزة هى ما يخرق ناموسا طبيعيا و يستحيل صدوره من بشر ,و النبوغ فى البلاغة و غيرها ليس خرقا لناموسا بل هو فى مقدور بعض البشر ,و كم من نابغة فاق اهل عصره فى جانب من الجوانب و لا يعنى ذلك بحال انه نبى .
و التحدى فى نظرى ليس شرطا اصلا للمعجزة ,و قد بسط القول فى ذلك الاستاذ محمود شاكر فى كتابه " مداخل اعجاز القران " .

و تقبل تحياتى

أبو مريم
01-02-2005, 07:43 AM
احتمال ضعيف ألا تنقل إلينا تلك المعارضات فلو لم ينقلها المسلمون لنقلها غيرهم وأنت تعلم أن ليس كل العرب مسلمين بل هناك من الشعوبيين واليهود وأتباع المذاهب الثانوية والغنوصيات من تفوق على أغلب العرب فى عصره فصاحة ومعرفة باللغة ..
ولا أظنك تغفل عن أن احتمال عدم فهم قريش وغيرها من القبائل لمعنى التحدى وفهمنا نحن يعد ضربا من الإيغال فى الأوهام وحتى لو سلمنا لك بذلك فلم تقتصر البلاغة على قريس وعصر النبوة وصدر الإسلام بدليل أنك تستند إلى تلك المحاولات الحديثة ..
على أننى لا أراك تقر بأنها ترقى حتى إلى مستوى أن يرد عليها ولا يعتبر مثل تلك المحاولا ت الرعناء التافهة معارضة من له أدنى دراية باللغة .
وأما عن نبوغ محمد صلى الله عليه وسلم فلم يكن باعترافك نبوغا عاديا بل وصل لدرجة تفترض معها أن أحدا لا يقدر حتى على معارضته على مدار تلك الحقب رغم توافر العلة الغائية والفاعلة فضلا عن عدم اقتصار نبوغه على لون واحد بل لقد تعدد ذلك وفى كل المجالات وبلا أى استثناء .
أما كون التحدى ليس شرطا فى المعجزة فليس بشىء ولا يقدح فى الإعجاز بالصرفة لو قلنا به ولا بالنبوغ المطلق بل يجعل إثباته أيسر ونفيه أصعب وهذا واضح جلى .
وتقبل تحياتى

القلم الحر
01-02-2005, 08:02 AM
احتمال ضعيف ألا تنقل إلينا تلك المعارضات فلو لم ينقلها المسلمون لنقلها غيرهم وأنت تعلم أن ليس كل العرب مسلمين بل هناك من الشعوبيون واليهود وأتباع المذاهب الثانوية والغنوصيات من تفوق على أغلب العرب فى عصره فصاحة ومعرفة باللغة ..ولا أظنك تغفل عن أن احتمال عدم فهم قريش وغيرها من القبائل لمعنى التحدى وفهمنا نحن يعد ضربا من الإيغال فى الأوهام

من هم غيرهم الذين كانوا سينقلونها ؟ فكل العرب المشركين الذين وجه اليهم التحدى اصبحوا مسلمين طوعا او كرها و لم يكن احد منهم ليجرؤ ان ينقل للناس مثل هذه المعارضة خوفا من ان يقام عليه حد الردة .

لكن كما سبق انا مقتنع بان التحدى لم يبلغ قريشا اصلا قبل انتصار الاسلام او بلغهم و لم يفهموا ان المراد معارضة النظم, و كون المسلمين بعد ذلك فهموا من الايات هذا المعنى لا يعنى ان قريشا يجب ان تفهم التحدى بنفس المعنى, بل يحتمل جدا انهم فهموا ان المقصود الاتيان بمثله فى الهدى لا النظم و هو ما تحداهم به القران صراحة :"قل فأتوا بكتاب من عند الله هوأهدى منهما أتّبعْه إن كنتم صادقين .فإن لم يستجيبوا لك ، فاعلمْ أنّما يتّبعون أهواءَهم "
و الواقع ان القول بان المقصود بالتحدى التحدى بالنظم هو قول ابتدعه المعتزلة فى القرن الثالث الهجرى و لم يقل به احد من الصحابة او التابعين او تابعيهم و لم يكن احد يحتج قبل ذلك باعجاز القران بنظمه .



وحتى لو سلمنا لك بذلك فلم تقتصر البلاغة على قريس وعصر النبوة وصدر الإسلام بدليل أنك تستند إلى تلك المحاولات الحديثة والتى لا أراك تقر بأنها ترقى حتى إلى مستوى أن يرد عليها ولا مثل تلك المحاولا ت الرعناء التافهة معارضة من له أدنى دراية باللغة .
الغالبية الساحقة من الادباء الموهوبين مسلمون لن يقدم احد منهم على معارضة القران , بل لا اعلم اديبا بليغا فى زماننا غير مسلم , اما فى القرون الماضية فمن كان يجرؤ ان يعارض القران ؟

اما النبوغ و تفوق محمد على اهل زمانه فلا زلت مقتنعا انه ليس اعجازا و كما سبق هناك كثيرون نبغوا و تفوقوا على اهل زمانهم و لا يعنى ذلك انهم انبياء , و يحتمل جدا ان هناك من البلغاء فى القرون الماضية من لو حاول معارضة القران لاتى باروع و ابلغ منه لكن من كان يجرؤ ؟!, و كما قلت فى موضع اخر هناك نصوص لا اراها تقل بلاغة عن القران كنهج البلاغة و الصحيفة السجادية .

أبو مريم
01-02-2005, 08:16 AM
فى الحقيقة يبدو لى أن هناك خلل ما فى التصور فالقضية لا تتعلق ببضعة مئات يعيشون فى مكة لفترة محددة بل الأمر أعقد من ذلك بكثير ، كما لا أدرى فى الحقيقة ما تقصده بأن قريشا لم تفهم التحدى بينما فهمه بعض الجهال من النصارى فى هذا العصر هذه كلها احتمالات واهية جدا ولا يصح اعتبارها فروضا علمية وأما قولك بأن أغلب الأدباء من المسلمين فلا يمنع أن يكون من بينهم ومن بين الرواه من هم من غير المسلمين ولا يخفى عليك الحالة العلمية التى كانت عليها الدولة الإسلامية فى العصر العباسى وانتشار الدعاوى والاتجاهات المختلفة وتناقل كل الأفكار والمصنفات بلا أى ضابط وكثير منها موجود إلى يومنا كطواسين الحلاج ورسائل إخوان الصفا فضلا عن مصنفات الشيعة الغالية والدروز وهى من الناحية الأدبية لا غبار عليها وكلها طعن فى الإسلام وتكذيب للنبى صلى الله عليه وسلم .
وأما أنك ما زلت معتقدا فى احتمالات ضعيفة لا ترقى إلى مستوى الفرض العلمى فماذا يضيرنا ذلك لك أن تعتقد ما تشاء .
وتقبل تحياتى

حسام الدين حامد
01-12-2005, 11:37 PM
قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله :
( كما نقول من الحجة علي إعجاز القرآن أن العرب لم يأتوا بمثله مع تحديه لهم ، و توفر الدواعي أن يفعلوا لو أمكنهم ، ففي هذا القول إن فرض الخرق - أي خرق العادة - بأن يقال : لعلهم كانوا قادرين و لكن صرفهم الله عز و جل .
فهذا الصرف حجة أخري علي الإعجاز . ){ القائد إلي تصحيح العقائد : 52 } .
ففي كلتا الحالتين الإعجاز ثابت ، و الأستاذ القلم الحر يناقش كملحد فبالتالي ثبوت الإعجاز بأي طريق حجة عليه ، أما إن كان يناقش كمسلم يقول بالصرفة فهذا له أسلوبه - و لكن ليس هذا أوانه ، عندما يسلم الأستاذ يأتي الأوان !

بحب دينى
02-21-2014, 04:47 PM
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح السفارينية معلقات على هذا البيت - وليس في طوق الورى من أصله ... أن يستطيعوا سورة من مثله- من الناظم :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح

قوله: (وليس في طوق) بمعنى طاقة الورى، و (الورى) الخلق.
وقوله (ليس في طوق الورى من أصله) فيه إشارة إلى رد قول من يقول: إن الورى لا يستطيعون مثله بالصرفة، يعني أن الله صرفهم عن أن يأتوا بمثله، أما في الأصل فإنهم قادرون على أن يأتوا بمثله.
ولا شك أن هذا القول قول باطل؛ وذلك لأن القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته، وإذا كانت جميع صفات الله لا يمكن أن يتصف بمثلها المخلوق فكذلك الكلام لا يمكن أن يأتي بمثله المخلوق، وليس ذلك لان الله صرفهم عن معارضته، بل لأنهم عاجزون من أصله لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذا القرآن.
وعلى فرض أن الله صرفهم فإن صرف الله عن معارضته دليل على أن القرآن حق، وإلا لسلط الله عليه من يعارضه، لكن هذا القول كما مر ضعيف، والذين أنكروه وقالوا: إن إعجاز القرآن ليس بالصرفة، قالوا: لأنه لو كان بالصرفة لكان في استطاعة الخلق أن يأتوا بمثله، فلا يكون آية، ولكن يرد عليهم في ذلك بأن القرآن لو كان آية بالصرفة كان آية من وجه آخر، وهو أن الله لم يسلطهم على معارضته بل منعهم.
لكننا قلنا من الأصل: إن هذا القول ضعيف، والصحيح الذي لا شك فيه أن الخلق عاجزون عن معارض القرآن، وان يأتوا بمثله، لا لأنهم صرفوا عن ذلك ومنعوا منه قدرا، ولكن لأنهم عاجزون من الأصل، لأن القرآن كلام الله صفته، وصفات الله لا يمكن أن يشابهها صفات.