المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصّبر لله .. والصّبر بالله !



مالك مناع
12-18-2012, 10:36 PM
قَالَ الإمامُ ابنُ القَيّم - رحمه الله- في كِتابِهِ الجَلِيل: "مَدَارِجُ السَّالِكين":

(إنّ) الصّبر لله فوق الصّبر بالله، وأعلى درجةً منه وأجلّ.
فإنّ الصّبر لله مُتعلّق بإلهّيته. والصّبر به: مُتعلّق بربوبّيته. وما تعلّق بإلهيّته أكملُ وأعلى مِمّا تَعلّق بربوبيّته.
ولأنّ الصّبر له: عبادة. والصبر به استعانة؛ والعبادةُ غاية. والاستعانةُ وسيلة. والغاية مُرادةٌ لنفسها، والوسيلةُ مُرادةٌ لغيرها.
ولأنّ الصّبر به مُشتركٌ بين المؤمن والكافر، والبَرّ والفاجر. فَكُلّ من شَهِدَ الحقيقة الكونيّة صَبَر بِه.
وأما الصّبر له: فمنزلة الرّسل والأنبياء والصّديقين، وأصحاب مشهد إياك نعبد وإياك نستعين.
ولأنّ الصّبر له: صبرٌ فيما هو حقٌ له، محبوبٌ له، مَرضيٌّ له. والصّبر به: قد يكون في ذلك؛ وقد يكون فيما هو مَسخوطٌ له . وقد يكون في مكروهٍ أو مباح.
فأين هذا من هذا ؟
.........
فإن قلت: الصبر بالله أقوى من الصبر لله. فإنّ ما كان بالله كان بحوله وقوته. وما كان به لم يقاومه شيء. ولم يقم له شيء. وهو صبر أرباب الأحوال والتأثير. والصبر لله صبر أهل العبادة والزهد. ولهذا هم - مع إخلاصهم وزهدهم وصبرهم لله - أضعف من الصابرين به ، فلهذا قال : وأضعف الصبر : الصبر لله .

قيل : المراتب أربعة .
إحداها : مرتبة الكمال . وهي مرتبة أولي العزائم . وهي الصبر لله وبالله . فيكون في صبره مُبتغياً وجه الله ، صابراً به ، مُتبرئاً من حوله وقوته . فهذا أقوى المراتب وأرفعها وأفضلها .
الثانية : أن لا يكون فيه لا هذا ولا هذا . فهو أخسّ المراتب ، وأردأ الخلق . وهو جدير بكل خذلان ، وبكل حرمان .
الثالثة : مرتبةُ من فيه صبرٌ بالله . وهو مُستعينٌ مُتوكلٌ على حوله وقوته . مُتبرئٌ من حوله هو وقوته . ولكن صبره ليس لله ، إذ ليس صبره فيما هو مراد الله الديني منه . فهذا ينال مطلوبه ، ويظفر به . ولكن لا عاقبة له . وربما كانت عاقبته شر العواقب . وفي هذا المقام خفراء الكفار وأرباب الأحوال الشيطانية . فإن صبرهم بالله لا لله ، ولا في الله . ولهم من الكشف والتأثير بحسب قوة أحوالهم . وهم من جنس الملوك الظلمة . فإن الحال كالملك يعطاه البر والفاجر ، والمؤمن ، والكافر .
الرابع: من فيه صبر لله ، لكنه ضعيف النصيب من الصبر به ، والتوكل عليه ، والثقة به ، والاعتماد عليه . فهذا له عاقبة حميدة ، ولكنه ضعيف عاجز ، مخذول في كثير من مطالبه . لضعف نصيبه من إياك نعبد وإياك نستعين فنصيبه من الله : أقوى من نصيبه بالله . فهذا حال المؤمن الضعيف .

وصابر بالله ، لا لله : حال الفاجر القوي .
وصابر لله وبالله : حال المؤمن القوي . والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . فصابر لله وبالله عزيز حميد .
ومن ليس لله ولا بالله مذموم مخذول .
ومن هو بالله لا لله قادر مذموم .
ومن هو لله لا بالله عاجز محمود .

فبهذا التفصيل يزول الاشتباه في هذا الباب . ويتبين فيه الخطأ من الصواب . والله سبحانه وتعالى أعلم .

قلب معلق بالله
12-19-2012, 03:24 PM
مثال أكثر للتوضيح أخانا الكريم بارك الله فيك؟

ابنة الاسلام2
12-19-2012, 06:12 PM
مثال أكثر للتوضيح أخانا الكريم بارك الله فيك؟

نعم , نريد التوضيح بمثال ,جزاكم الله خيراً