المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقد منهج النفي المفصّل للصفات -لدى أهل التحريف والتشبيه والتعطيل-



مستفيد..
12-31-2012, 10:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

جميع طوائف المسلمين -وغير المسليمن- يقرون بأن باب الأسماء والصفات بني على الإثبات والنفي..ولكن الخلاف وقع في المنهج المتبع سواء في الإثبات أو في النفي..مع التفاوت في الدرجات..فمنهم من نفى الصفات دون الأسماء كالمعتزلة ومنهم من نفى بعض الصفات كالأشاعرة ومنهم من نفى الأسماء والصفات جميعا كالجهمية..أي أن طريقتهم ومنهجهم العام هي النفي المفصل المجرد وفي المقابل لا يُثبتون إلا وجودا في الأذهان يمتنع تحققه في الأعيان أي لا يثبتون إلا عدما وهو مقتضى نفي الصفات الذي لازمه نفي الذات وذلك لأن الشيء يكون موجودا بصفاته وإذا ما جُرِّد عن الصفات فإنه يبقى شيئا ذهنيا وجوده ممتنع في الواقع ..وفي المقابل نجد منهج أهل السنة والجماعة المتمثل في النفي المجمل والإثبات المفصل..
فأي المنهجين هو منهج القرآن وأي المنهجين هو منهج العقل ؟
عقلا
لو أن رجلا دخل على ملك من الملوك وقال -تعظيما له- : أنت ملك لست بزبال ولا كناس..أنت لست كذابا أنت لست منافقا أنت لست جبانا أنت لست حقيرا..فهل سيُكافئه الملك وسيعتبر كلامه مدحا أم سيعتبره قدحا ؟..العقل يقول أن سيعتبره قدحا يستوجب العقوبة فالنفي المفصل أسلوب ذم وقدح لا يصلح للتنزيه..ولكن لو دخل عليه وقال "أنت ملك عادل.. أنت ملك قوي..أنت تأمر بالمعروف ..أنت شديد على الكفار رحيم بالمؤمنين..ثم نفى عنه صفات النقص مجملةً بقوله: أنت ملك تنهى عن كل منكر أو فاحشة..لكانت هذه الصفات مدحا يفخر بها الملك..فالإثبات المفصل لصفات الكمال والنفي المجمل لصفات النقص هو منهج العقل في التنزيه..وقد خالفه نفاة الصفات فهم قالوا الله لا فوق ولا تحت..لا يمين لا شمال..لا متصل بالعالم ولا منفصل عنه..لا يد..لا ساق..لا عين..لا يستوي على العرش..لا موجود ولا معدوم لا يأتي ولا يذهب..ولا ولا ولا ولا..إلى غير ذلك من النفي السلبي على وجه التفصيل..فروا من تشبيهه سبحانه بالموجودات فشبهوه بالمعدومات -تعالى الله علوا كبيرا- وغيرهم فروا من تشبيهه بالموجودات والمعدومات فسقطوا في التشبيه بالممتنعات بنفي النقيضين..يقول شيخ الإسلام رحمه الله " فيقولون : لا موجود ولا معدوم ولا حي ولا ميت ولا عالم ولا جاهل لانهم يزعمون أنهم إذا وصفوه بالاثبات شبهوه بالموجودات واذا وصفوه بالنفي شبهوه بالمعدومات فسلبوا النقيضين وهذا ممتنع فى بداهة العقول وحرفوا ما أنزل الله من الكتاب وما جاء به الرسول فوقعوا فى شر مما فروا منه فانهم شبهون بالممتنعات اذ سلب النقيضين كجمع النقيضين كلاهما من الممتنعات"
شرعا
منهج القرآن في هذا الباب واضحا بينا..يتلخص في قوله تعالى "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"..وفي قوله تعالى " ولم يكن له كفوا أحد"
فقد جاء نفي صفات النقص مجملا "ليس كمثله شيء"..وجاء الإثبات مفصلا "وهو السميع البصير"..وكذا باقي الصفات والأسماء وكل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله على وجه التفصيل وإن استُشكل على أحد صفة ما تُرد إلى النفي المجمل المذكور في القرآن أي "ليس كمثله شيء"..ولا ينفيها نفيا مفصلا كما فعل نفاة الصفات..فهذا ليس من منهج القرآن في شيء..وأدعياء التنزيه هؤلاء هم في الأصل ممثلة مشبهة وغلاتهم معطلة..فجاء رد القرآن في {ليس كمثله شيء} نفي لكل تشبيه وتمثيل..{وهو السميع البصير} نفي لكل تعطيل وتأويل..فكان ذلك قطعا للسبيل على أهل التعطيل والتحريف وذلك بذكرها مفصلة وأن مراده حقيقتها..

ملاحظة : قد نجد بعض القضايا التي ينفيها القرآن نفيا تفصيليا والتي قد تلتبس على القارئ..لذا وجب التنبيه على أن المنهج العام للقرآن يبقى النفي المجمل والإثبات المفصل وما وقع نفيه تفصيليا لا يُقارن بمنهج أهل الضلال لأن نفي القوم هو منهج عام ونفي مجرد لا يتضمن أمرا ثبوتيا ولا يوجد في القرآن نفي مجرد..بمعنى أنهم يقصدون النفي لتحقيق النفي والسلب بينما أسلوب القرآن هو النفي غير المجرد المتضمن لأمر ثبوتي في قضية معينة اقتضت أن يكون نفيها مفصلا تحقيقا للكمال كأن تكون ردا على فرية افتراها المفترون كقوله تعالى "وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا"..فكان الرد "وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا".."ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله"..
أو أن يكون النفي مفصلا في قضية قد يُتوهم منها نقصا..فيأتي النفي مفصلا دفعا للتوهم وبيانا للكمال..كقوله تعالى " وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ"..فنفى الله صفة الإعياء والتعب عن نفسه لئلا يتوهم متوهم بأن الله تعب لما خلق هذه المخلوقات العظيمة في هذه المدة...أو كقوله تعالى " قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى"..نفس الشيء لئلا يتوهم متوهم أن الكتاب جاء لعلَّة النسيان. وإن تُوهم نقصا في السمع والبصر والعلو والإستواء وغيرها رُدت إلى قوله تعالى "ليس كمثله شيء"..دفعا للتوهم.

والله أعلم

أبو القـاسم
12-31-2012, 10:14 PM
أحسنت أحسن الله إليك وجزاك خيرا ..

صلوا على رسول الله
12-31-2012, 11:21 PM
جزاك الله كل خير

مستفيد..
02-20-2014, 07:28 PM
رفع..

سـلطان
02-20-2014, 11:43 PM
.

أحسنت، جعله الله في ميزان حسناتك..


.

مستفيد..
02-21-2014, 01:12 PM
أحسن الله إليك أخي سلطان وجميع الإخوة...
سقطتُ سهوا في خطأ عند ذكري لآية: (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ))..والخطأ أني قلت (( وهو السميع العليم ))

## تم التعديل ## متابعة إشرافية

حامل المسك
02-22-2014, 11:22 PM
وإن استُشكل على أحد صفة ما تُرد إلى النفي المجمل المذكور في القرآن أي "ليس كمثله شيء"..
[/SIZE]

شيخنا المبارك أليس من استشكل صفة لم ترد لا في الكتاب ولا في السنة , أن يستفصل عن معنها فإن كان حقا أثبت المعنى الحق ويوصف الله تعالى به من باب الإخبار ؟
قلتم شيخنا :

.وأدعياء التنزيه هؤلاء هم في الأصل ممثلة مشبهة وغلاتهم معطلة.
الذي أعرفه شيخنا المبارك , أن أدعياء التنزيه كلهم معطلة وليس غلاتهم فقط !

مستفيد..
02-23-2014, 02:25 AM
أسعدني مرورك أخي حامل المسك..
قلتم:

من استشكل صفة لم ترد لا في الكتاب ولا في السنة , أن يستفصل عن معنها فإن كان حقا أثبت المعنى الحق ويوصف الله تعالى به من باب الإخبار ؟
ما لم يرد في الكتاب والسنة إثباته ولا نفيه..نتوقف فيه..فلا نثبت ولا ننفي إلا بعد ان نسأل ونستفسر عن المعنى والمقصد..فإن كان المعنى باطلا رددنا لفظه ومعناه وما كان حقا قبلنا معناه ورددنا لفظه..لأن الأصل في الأسماء والصفات أنها توقيفية..ليس للعباد أن يخترعوا أسماء وصفات من عند أنفسهم..بل يجب الوقوف عند النصوص..

.وأدعياء التنزيه هؤلاء هم في الأصل ممثلة مشبهة وغلاتهم معطلة.
الذي أعرفه شيخنا المبارك , أن أدعياء التنزيه كلهم معطلة وليس غلاتهم فقط !
صحيح بارك الله فيك..ملاحظة في محها..فجميعهم معطلة ولكن على طبقات..كما أن جميعهم مشبهة وأيضا على طبقات فمنهم من شبهه سبحانه بالموجودات ومن فر من ذلك شببه بالمعدومات..ومن فر من الفريقين شببهه سبحانه بالممتنعات..
جزاك الله خيرا أخي الحبيب وما أخوك بالشيخ..

أمَة الرحمن
02-23-2014, 03:06 AM
تغريدة جديدة في تويتر للأستاذ عبد الله الشهري لها علاقة بالموضوع:


موقف الفيزيائي (جون بارو) من وصف الله بالسلوب = موافق لما قرره أئمة السلف.

عاب الفيزيائي John D. Barrow على الفلاسفة تمسكهم بلاهوت السلب، أي وصف الخالق بالسلوب: ليس الخالق بكذا، ولا كذا، ولا كذا، وليس بداخل العالم ولا خارجه، وليس ..الخ. واعتبر هذا المنهج ضرباً من الموازنة الخرقاء. وهو ملحظ يصدّق كلام المحققين من أئمة السلف وتصرفات الصحابة حيال هذه المسألة.